| افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس ذي ماركر 17/12/2025
للمرة الاولى منذ سنوات، اسرائيل في وضع ميزان هجرة سلبي للاكاديميين
بقلم: ليئور ديتل
اسرائيل تكاد تفرغ من الباحثين والعلماء: حسب معطيات المكتب المركزي للاحصاء، التي نشرت أمس الثلاثاء، فانه في 2024 سجلت زيادة في عدد الاسرائيليين الذين يحملون اللقب الثالث، والذين انتقلوا للسكن في الخارج لفترة تزيد على ثلاث سنوات. المعطيات تشير الى زيادة عدد الذين يعيشون في الخارج ايضا في اوساط الباحثين الشباب وفي اوساط كل الباحثين. هكذا فان الباحثين الذين استثمرت الدولة الكثير في تعليمهم، والذين يمكنهم تقديم مساعدة حاسمة للاقتصاد والابحاث في اسرائيل، يعملون ويعيشون الآن خارج الدولة.
المكتب المركزي للاحصاء يقول بانه في 2024 انتقلت اسرائيل الى ميزان هجرة سلبي للاكاديميين – عدد الاكاديميين الحاصلين على اللقب الاول فما فوق، الذين انتقلوا للسكن في الخارج، اكبر من عدد الاكاديميين الذين عادوا اليها. حسب المعطيات فان الادمغة الهاربة تتميز بانها من الشباب والمثقفين ومن البلدات الغنية في اسرائيل، بالاساس من منطقة الشارون وتل ابيب. الاعداد تتناول فترة الحرب والانقلاب النظامي. ولكنها تعكس توجه زيادة، الآخذ في الازدياد. حسب الارقام فان اكثر من ربع الاسرائيليين الحاصلين على اللقب الثالث في الرياضيات (25.4 في المئة) يعيشون الان في الخارج، و 21.7 في المئة من الحاصلين على اللقب الثالث في علوم الحاسوب، و19.4 في المئة من الحاصلين على اللقب الثالث في علم الجينات، و17.3 في المئة من الحاصلين على اللقب الثالث في الاحياء الدقيقة، و17 في المئة من الحاصلين على اللقب الثالث في الفيزياء، و14 في المئة من الحاصلين على اللقب الثالث في الكيمياء، ونسبة مشابهة من الحاصلين على اللقب الثالث في هندسة الكهرباء والاحياء.
اضافة الى ذلك حسب معطيات المكتب المركزي للاحصاء فان 23 في المئة من الحاصلين على اللقب الثالث في معهد وايزمن يعيشون الان في الخارج، و18.2 في المئة من الحاصلين على اللقب الثالث في التخنيون، و15 في المئة من الحاصلين على اللقب الثالث في مجال العلوم في جامعة تل ابيب. 10 في المئة ايضا من الحاصلين على اللقب الثالث في العلوم في جامعة اريئيل، و7 في المئة من الحاصلين على اللقب الثالث من خريجي جامعة بار ايلان، يعيشون الآن خارج اسرائيل. وحتى العام 2024 فان 11.9 في المئة من الاسرائيليين الحاصلين على اللقب الثالث، و8.1 في المئة من الحاصلين على اللقب الثاني، يعيشون في الخارج.
المعطيات تتناول الحاصلين على لقب اكاديمي حصلوا عليه في الاعوام 1990 – 2018. وهكذا فانه لا يمكن نسبتهم فقط الى الاسرائيليين الذين يقومون بابحاث ما بعد الدكتوراة بعد الحصول على شهادة الدكتوراة في الخارج – بل نسبتهم للاسرائيليين المثقفين الحاصلين على شهادة الدكتوراة، والذين انتقلوا الى الخارج بشكل دائم.
حسب معطيات المكتب المركزي للاحصاء فانه في العام 2024 ارتفع عدد المغادرين للبلاد، وانخفض عدد العائدين اليها بعد اقامة طويلة في الخارج. المكتب المركزي للاحصاء يعرف العائدين من الخارج بانهم الذين عاشوا في الخارج مدة ثلاث سنوات وعادوا الى البلاد قبل سنتين أو اكثر. في بداية 2022 بدأ هناك توجه تنازلي في عدد الاسرائيليين العائدين الى البلاد، وفي عام 2023 كان توجه تصاعدي في عدد الاسرائيليين الذين انتقلوا الى الخارج واقاموا هناك لفترة طويلة.
ايضا تشير المعطيات الى زيادة في نسبة الباحثين الشباب (الذين انهوا التعليم في الاعوام 2014 – 2018) الحاصلين على اللقب الثالث وانتقلوا الى الخارج. مثلا، نسبة الباحثين الشباب الحاصلين على اللقب الثالث في علوم محددة والهندسة، والذين يعيشون في الخارج هي 14.9 في المئة حتى العام 2024، مقابل 13.4 في المئة من الباحثين الحاصلين على اللقب الثالث في الاعوام 2011 – 2013.
اضافة الى ذلك فان مجمل الحاصلين على اللقب الثالث (الذين انهوا التعليم في 2015 – 2018)، والذين عاشوا في الخارج في 2024، ارتفع الى 11.7 في المئة مقابل 11.4 في المئة في العام 2020 (من بين الحاصلين على اللقب في 2011 – 2014)، مقارنة بـ 10.7 في المئة في 2026 (الذين حصلوا على اللقب الثالث في 2007 – 2010). هذه زيادة 9.3 في المئة خلال عقد.
في المكتب المركزي للاحصاء فحصوا ايضا التوزيع الجغرافي للبلدات التي جاء منها الاكاديميون الذين يعيشون الان خارج اسرائيل. من المعطيات يتبين ان 11 في المئة من الاكاديميين الذين عاشوا في رماته شارون (حتى جيل 18 سنة) يعيشون الان في الخارج، نسبة مرتفعة وجدت ايضا في اوساط سكان تل ابيب، هرتسليا، عومر، ايفن يهودا، زخرون يعقوب، رعنانا، كفار سابا، كوخاف يئير وهود هشارون.
الحكومة تدفع الاكاديميين الى الخارج
بعيدا عن الحرب والانقلاب النظامي فانه يحتمل ان يكون سبب الهجرة الى الخارج وتراجع رغبة الحاصلين على شهادة الدكتوراة في العودة الى اسرائيل، ينبع من ظروف البحث العلمي وموقف الحكومة الحالية من الاكاديميين. فمنذ توليها للحكم تشن حكومة نتنياهو هجوم على المؤسسات الاكاديمية والبحثية بقيادة وزير التعليم يوآف كيش، الذي يسعى بدوره الى السيطرة على منظومة التعليم العالي.
اضافة الى ذلك فان ميزانية التعليم العالي في اسرائيل آخذة في التآكل. فقد تم تخفيض الميزانية عدة مرات منذ تشكيل الحكومة، اثناء توزيعها لاموال الائتلاف. ونتيجة لذلك فانه تتضاءل الموارد المخصصة للابحاث وانشاء بنى تحتية بحثية متطورة، الامر الذي يدفع الباحثين الى تفضيل الهجرة أو البقاء في الخارج حيث تقدم لهم رواتب وميزانيات وبنى تحتية بحثية افضل.
ميزانية التعليم العالي في 2025 بلغت 14 مليار شيكل، ويتوقع ان تكون مشابهة في 2026، رغم انخفاض المداخيل من منح الابحاث الخارجية نتيجة ازدياد المقاطعة الاكاديمية لاسرائيل. وفي السنوات الخمسة الاخيرة تم خفض ميزانية التعليم العالي 700 مليون شيكل، وذلك بسبب تخفيض بنود اخرى.
فقط مؤخرا عند افتتاح السنة التعليمية الاكاديمية في تشرين الاول، صادقت الحكومة على خفض 40 مليون شيكل في ميزانية التعليم العالي لتمويل زيادة لوزارة الامن القومي. قبل ذلك بشهر ميزانية التعليم العالي تم خفضها 150 مليون شيكل لغرض تمويل نفقات الدعاية لوزارة الخارجية.
في موازاة ذلك في الجامعات في اسرائيل يتحدثون عن انخفاض حجم المنح التي يقدمها صندوق الابحاث الاوروبي، الجهة الرئيسية التي تمول الابحاث في البلاد. سبب ذلك كما يبدو هو تفاقم المقاطعة الاكاديمية لاسرائيل، وهذا عامل آخر يدفع الباحثين الاسرائيليين الى ترك البلاد، لانه يصعب عليهم الحصول على مصادر التمويل والعمل بتعاون مع اصدقائهم البارزين في ارجاء العالم. النتيجة هي هجرة الباحثين الاسرائيليين الى الخارج وانقطاعهم عن الاكاديميا الاسرائيلية.
نقطة ضوء في اللقب الاول والثاني
منذ بداية الالفية الثانية، شهد عدد الاكاديميين الاسرائيليين المقيمين في الخارج استقرار ومنحى تراجع، بما في ذلك الحاصلين على اللقب الاول واللقب الثاني. يمكن عزو هذا التراجع الى انشاء الكليات الاكاديمية في فترة حكومة رابين، التي ساعدت الباحثين على البقاء في البلاد وتوسيع نطاق التعليم العالي.
خلال الـ 15 سنة الاخيرة قاد مجلس التعليم العالي عدة برامج لاستقطاب الكفاءات، لا سيما الباحثين الكبار الذين يعملون في الخارج. ولكن نتائج هذه الجهود تعثرت بسبب التغييرات الاخيرة. اليوم، حسب المكتب المركزي للاحصاء، فانه يعيش تقريبا 55 ألف اكاديمي اسرائيلي (من الحاصلين على اللقب الاول وحتى اللقب الثالث) في الخارج.
مع ذلك المعطيات تشير الى انخفاض معتدل في نسبة الاسرائيليين الحاصلين على اللقب الاول واللقب الثاني والذين يعيشون في الخارج. مثلا، في اوساط الاكاديميين الحاصلين على اللقب في الاعوام القريبة من موعد الاختبار، نسبة الحاصلين على اللقب الثاني في الطب والذين يعيشون في الخارج انخفضت من 5.2 في المئة في 2020 الى 3.8 في المئة في 2024. نسبة الحاصلين على اللقب الثاني والذين يعيشون في الخارج حتى العام 2024 انخفضت الى 3.2 في المئة مقابل 3.9 في المئة في 2016. ونسبة الحاصلين على اللقب الاول والذين يعيشون في الخارج انخفضت الى 3.5 في المئة مقارنة مع 5.1 في المئة في 2016.
من بين الحاصلين على اللقب الثاني في الموسيقى من مؤسسات اسرائيلي يعيش 21 في المئة في الخارج الان، و16.7 في المئة من الحاصلين على اللقب الثاني في علوم الحاسوب، و13.6 في المئة من الحاصلين على اللقب الثاني في الرياضيات، و15 في المئة من الحاصلين على اللقب الثاني في العلاقات الدولية، و13.1 في المئة من الحاصلين على اللقب الثاني في الفيزياء، و12 في المئة من الحاصلين على اللقب الثاني في الكيمياء.
من بين الحاصلين على اللقب الاول في الموسيقى، 25.8 في المئة يعيشون في الخارج، يعيشون في الخارج، و20 في المئة من الحاصلين على اللقب الاول في اللغة والادب الانجليزي، و20 في المئة من الحاصلين على اللقب الاول في العلاقات الدولية.
——————————————
هآرتس 17/12/2025
يجب على المعارضة التوقف عن الاعتذار عن التعاون مع العرب
بقلم: يوعنا غونين
في يوم السبت اجرى غادي ايزنكوت مقابلة مع برنامج “واجه الصحافة”، والقى قنبلة، حسب تعريف كل المحللين السياسيين. أي انه ببساطة قال بتلعثم الامر الذي هو مفهوم ضمنا: الكتلة التي تسمى “معارضي نتنياهو” ستجد صعوبة في تشكيل حكومة بدون التعاون مع الأحزاب العربية (التي هي بالفعل تعارض نتنياهو بدرجة لا تقل عن معارضة أحزاب المعارضة الاخرى، اذا لم يكن اكثر). وأضاف: “اذا كانت النتيجة 57 – 58 مقعد فانه يمكن إيجاد حل سياسي لذلك”، قال ايزنكوت وتملص من تفصيل ما وراء ذلك.
في الائتلاف بالطبع انقضوا على هذه الفرصة واتهموا معارضي الحكومة بخيانة يسارية متطورة. “المعارضة مرة أخرى تنضم الى الاخوان المسلمين”، هددوا في الليكود. “لقد كنا في هذا الفيلم الخطير لليسار”، كتب الوزير والناقد السينمائي بتسلئيل سموتريتش. في حين ان عيديت سلمان قالت ان “ايزنكوت كشف السر الذي يعرفه الجميع، هو وبينيت يخططان مرة أخرى لتشكيل حكومة مع الأحزاب العربية”. وعن ذلك قيل: هذا جيد. وماذا بعد؟.
الرد – المجهول كالعادة – لمعسكر “فقط ليس بيبي” لم يتاخر، والذي أساسه: نتنياهو هو الذي بدأ. أو حسب اقوال المستشار الإعلامي براك ساري في اليوم التالي في القناة 12: “نحن نتذكر بان نتنياهو هو الذي توسل لمنصور عباس في 2021 من اجل الانضمام الى حكومته وائتلافه، وهو الذي فعل كل ما في استطاعته لاقناعه بالانضمام”. وقد امتلات الشبكات الاجتماعية بصور قديمة ليمينيين أيدوا في السابق انضمام راعم للائتلاف، بمثابة “شاركوا حتى يشاهد الجميع النفاق”. وفي البرنامج المشترك لهما في الراديو، بن كسبيت استهزأ أمس من دعم يانون مغيل لتعيين منصور عباس في منصب وزير، عندما يكون نتنياهو بحاجة اليه. مغيل قال في حينه: “يجب ان أقول لكم بان اليمين يؤيد التعاون مع العرب، وأنا بشكل شخصي متحمس لهذا التعاون”.
يؤلمني حقا ان اثني على مغيل، لكن رده هو الرد الأمثل على هذه الهراءات. خلافا للتخبطات المخجلة للمعارضة الآن. فبدلا من التعاون مع ممثلي خمس مواطني الدولة المنتخبين، هم يتعاونون مع الخطاب العنصري الذي يصنف العرب كشركاء غير شرعيين. وتتواصل ردود ساري وكسبيت وامثالهم الساخرة بنفس النهج. فهم يصورون دعم انضمام راعم للحكومة بانه وصمة عار مخجلة يجب ذكرها مرارا وتكرارا. فبدلا من معارضة المفهوم المشوه، ان العرب لا مكان لهم في الائتلاف، هم يدافعون عنه ويرسخونه. ميغل قال: هذا يثيرني. ساري قال: هذا امر اشكالي، ولكن نتنياهو فعل ذلك أولا، لذلك فان هذا الامر مباح. أي رواية من الروايتين هي افضل بالنسبة لكم؟.
في هذا الاطار يصبح المواطنون العرب شركاء حقيقيين في تاجيج الصراع بين اليهود، ويتم النظر الى اشراكهم في الحكومة بانه حيلة رخيصة، وليس الخيار الديمقراطي الوحيد. إضافة الى ذلك الادعاء بان نتنياهو هو الذي “شرعن” راعم، لا يضره، بل هو يصب في مصلحته. مرة تلو الأخرى المعارضة الخائفة وعديمة المباديء تسمح له بوضع قواعد اللعب وحدود الخطاب، بدلا من تقديم بديل حقيقي وواعد. ليس من قبيل الصدفة ان نتنياهو سارع الى تكرار كلمات ايزنكوت: هدفه هو نزع الشرعية عن التعاون بين خصومه اليهود والعرب، لان هذا هو الطريقة الوحيدة لهزيمته.
اذا كان هناك شيء يجب “تذكير” نتنياهو به فهو ليس الاحتضان الذي منحه لعباس، بل تعاونه مع الكهانيين الذين يؤيدون الإبادة الجماعية، ومع أكلة الموتى الذين يتزينون بحبل المشنقة، ومع المتملقين وعديمي المؤهلات، ومع سادة مقطوعين عن الواقع وينهبون الأموال العامة. وطالما ان هؤلاء شركاء شرعيين والأحزاب العربية ليست كذلك، فان نتنياهو سيبقى هو المنتصر.
——————————————
معاريف 17/12/2025
مناورة الجيش الإسرائيلي في الضفة تخنق قرى فلسطينية
بقلم: ران ادليست
الاندفاع منفلت العقال في قطار الشياطين الذي اسمه دولة إسرائيل يستدعي لمسافريه شيطانا مناوبا على أساس يومي، وفي الأيام الأخيرة على أساس ساعتي. من خلف النافذة يظهر مشهد طبيعي مميز وليس واضحا اذا كان هذا رعبا، فظاعة، جنونا او مجرد ترهات شياطين شاؤول. بل ويوجد لها حتى رمز، صورة تتناسب ونزاع موت الديمقراطية الإسرائيلية.
منذ رؤوس الثوار المعلقة على الرماح في طرق الإمبراطورية الرومانية، منذ بلطة علم وحدات موسوليني لم يكن رمزا يتناسب بهذا القدر مع سياسة وطبيعة جزء هام من المجتمع مثل حبل المشنقة الخاص لبن غفير. المرحلة التالية ستأتي حين تصبح ربطة العنق الخانقة قانونا ويافطات شوارع. اهلا وسهلا الى احد اقبية التعذيب في الشرق الأوسط. 100 طبيب هاتفوا بن غفير على عجل وعرضوا أنفسهم كمنفذي عقوبة الموت. الهزء سهل. التجاهل ترف. وعندها الاصطدام بالواقع وبالاحباط كمدخل لليأس.
بن غفير ليس وحيدا. حتى لو كان هذا سيرك الهوامش المجنونة، عمليا تنفذ سياسة تنشأ عن تلك الأجواء التي حبل المشنقة هو رمزها.
المستوطنون سيعذبوننا بالسياط والبن غفيريون بالكرابيج، والان، برعاية الجيش الإسرائيلي، تنفذ في الضفة مناورة برية تخنق قرى فلسطينية. هذه المناورة مبنية على اختلاق عدو (نصف الشعب الديمقراطي في إسرائيل، هو أيضا عدو). في الخطوة الأولى يقتلع الجيش الإسرائيلي بؤر استيطانية عشوائية مفتعلة لأغراض عرض الحوكمة على المشاهدين في البلاد وفي العالم. سموتريتش يسكت وهو يعرف لماذا: عمليا ينفذ قائد المنطقة آفي بلوط حملات تشخيص، تحديد وتهيئة مناطق واسعة في المناطق ب في صالح المزارع. هذه مناطق يوجد عليها اجماع إسرائيلي – فلسطيني لسيادة مشتركة، وقع عليه في اوسولو وبقاؤها مقبول من كل حكومات إسرائيل بما في ذلك 40 سنة حكومات يمين و 20 سنة حكومات نتنياهو – حتى اليوم.
لقد كانت خروقات “مدنية”، لكن الجيش الإسرائيلي لم يكن شريكا فيها عمليا. منظمة “بتسيلم” تبلغ هذه الأيام بان المناورة البرية للجيش الإسرائيلي في الضفة تهيىء مناطق لغرض إقامة “المزارع” إياها بحكم مرسوم “اتخاذ وسائل امن”، أصدرها اللواء بلوط. مساحة الاقتلاع المحددة في المرسوم هي 80 دونم، وفقط كدونم ونصف منها محددة كاراضي دولة. وعلى حد قول المجلس القروي المحلي، خرج الجيش الإسرائيلي عن المساحة التي ينطبق عليها المرسوم، وعمليا اقتلع مئات أشجار الزيتون و “الاعمال وصلت الى حدود المنازل وتنفذ في داخل القريبة أيضا. هم يدمرون أيضا آبار مياه وليس فقط الأشجار.
ان تفكك المنظومة المدنية الى عزب زراعية مستقلة يتسلل أيضا الى الجيش الإسرائيلي وكفيل بان يؤدي الى رد مضاد. رد يرى في الاستيلاء العنيف للأراضي أمرا يرفرف فوقه علم أسود.
——————————————-
إسرائيل اليوم 17/12/2025
فلنكافح لنزع سلاح حزب الله وحماس
بقلم: يوسي كوبرفاسر
الحرب المستمرة بين إسرائيل وخصومها في المنطقة توجد الان على “نار هادئة” نسبيا، رغم أن قوتها آخذة في التصاعد حين تتطلع عيون الجميع الى زيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الى الولايات المتحدة والتي في اثنائها سيحسم كيف سنتقدم من هنا.
في كل الساحات حققت إسرائيل، بعد الضربة التي تعرضت لها في 7 أكتوبر، إنجازات ذات مغزى. فقد ضربت بشدة اعداءها، وبمساعدة الولايات المتحدة نجحت في أن تفرض على حماس وحزب الله خطوات رفضوا اتخاذها (تحرير المخطوفين في ظل استمرار تواجد الجيش الإسرائيلي في القطاع ووقف النار من لبنان كتعبير عن التضامن مع حماس، رغم استمرار حرية عمل إسرائيل في لبنان والتواجد البري في خمس نقاط على طول الحدود).
لكن بقدر ما هي هذه الإنجازات ذات مغزى، ليس فيها ما يضمن تغييرا متواصلا وذا مغزى استراتيجيا ودائما في صورة الوضع في المنطقة. لاجل تحقيق هذا الهدف، الذي معناه النصر في الحرب يجب العمل على أن ينزع سلاح حماس على الأقل بالفعل، وكذا حزب الله ينزع سلاحه او للأسف لا يتمكن من تعاظم القوة والعودة الى جنوب لبنان.
ان تحقيق هذه الأهداف اصعب بكثير من تحقيق الأهداف التي تحققت حتى الان لانه من ناحية حماس وحزب الله لا يدور الحديث عن دفع ثمن باهظ آخر لضمان البقاء وحماية الذخائر الاستراتيجية بل عن تنازلات ذات مغزى وجودي. وذلك سواء لانها تلزم حماس وحزب الله على التنازل عن عنصر مركزي في هويتهما وعن السيطرة في الميدان، ام لان مثل هذه الخطوة ستكون مثابة اعتراف من حماس بان هجوم 7 أكتوبر كان خطأ وتسليما بان يسجل الهجوم الذي اثار حماسة الجمهور الفلسطيني في الذاكرة الوطنية الفلسطينية ككارثة وكخطأ جسيم.
الانطباع هو ان الإدارة الامريكية لم تقرر بعد اذا كانت ستساند خطوات قوة عظيمة تقوم بها إسرائيل تسمح لها باستكمال تقويض حماس ام تفضل، كما تميل في هذه اللحظة البدء بتنفيذ المرحلة الثانية في الخطة (ربما حتى دون الانتظار لاعادة جثمان ران غوئيلي)، على الأقل في المنطقة التي بسيطرة الجيش الإسرائيلي، دون نزع سلاح حماس. في الطريق الى تحقيق كل واحدة من هذه الإمكانيات توجد عوائق كثيرة عقب غموض الخطة التي يفترض تنفيذها توافقات على التفاصيل الصغيرة، التفسير المختلف للأطراف حول نية الخطة، كثرة الجهات التي يفترض أن تشارك وفوق كل هذا – حماسة الرئيس ترامب لان يشير الى تقدم وتعزيز الرسالة بان الحرب انتهت، حتى عندما يدل الوضع على الأرض بالذات على الصعوبة في تقدم الخطة.
لاجل الامتناع عن الحاجة لاتخاذ قرار استراتيجي يحسم بين استكمال الإيفاء باهداف الحرب واستغلال النجاحات حتى الان لتصميم واقع امني افضل للسنوات القادمة وبين الامتناع عن المواجهة غير المرغوب فيها مع رئيس امريكي ودي على نحو خاص لكن يعمل بدوافعه – على إسرائيل أن تبذل جهدا اعلى لاقناع ترامب بان إعطاء اسناد لإسرائيل لاستكمال المهمة هو أيضا مصلحته. ضمن أمور أخرى لانه كفيل بان يؤدي الى توسيع اتفاقات إبراهيم. احد السبل لعمل ذلك هو خلق جبهة إسرائيلية داخلية واسعة في هذا الشأن يتجاوز الحكومة. بالاجمال فان الخلاف في موضوع المخطوفين بات خلفنا.
——————————————-
يديعوت احرونوت 17/12/2025
ساعة الرمل قبيل العملية في لبنان
بقلم: يوآف زيتون
المدينة التحتية في الضاحية غير متفرعة وعميقة مثلما في غزة، واساسا بسبب نوع الأرض التي تصعب على حزب الله أكثر ولكن واضح منذ الان في شعبة الاستخبارات في الجيش ان حزب الله سيحاول إخفاء معظم مقدراته في انفاق وخنادق تحت المباني السكنية في الحي الشيعي جنوب بيروت. ومؤخرا فوجئوا في شعبة الاستخبارات “أمان” بان يكتشفوا بان المواطنين في بيروت يرفضون طلبات متكررة من جانب حزب الله استئجار شقق خارج الضاحية خشية أن يقصفها الجيش الإسرائيلي.
المقدمة للحملة التي يخطط لها الجيش الإسرائيلي في الشمال، ويضغط على المستوى السياسي لاخراجها الى حيز التنفيذ جاءت قبل نحو شهر مع تصفية رئيس اركان حزب الله علي طبطبائي، غير أن حزب الله قرر مواصلة سياسة التجلد والاحتواء، التي كانت بالذات من نصيب إسرائيل في السنوات التي سبقت الحرب، ولم يطلق حتى ولا قذيفة هاون واحدة ردا على تصفية القائد الأعلى. ليس هكذا ستكون جولة التصعيد: في الجيش الإسرائيلي يقدرون بان حزب الله سيعمل وفقا لخطة نار مرتبة مع اطلاق مئات الصواريخ والمقذوفات الصاروخية، الحوامات والمُسيرات المتفجرة على مدى عدة أيام.
غير أنه بخلاف الجولات مع غزة على مدى السنين وكذا مع حزب الله بين الحين والآخر، هذه المرة سينتظر مسبقا جهاز اغلاق على العودة الى وقف النار – غرفة العمليات الناجعة والخبيرة إياها من السنة الأخيرة التي تضم ضباط أمريكيين ولبنانيين، وتقسم اعمالها بين بيروت وقيادة المنطقة الشمالية في صفد. مهما يكن من أمر تقدر محافل امنية بان إسرائيل لن تخرج الى هذه العملية دون موافقة ترامب وبالتالي فمشكوك أن تنفذ الخطوة قبل زيارة نتنياهو الى البيت الأبيض في نهاية الشهر.
في “امان” يقدرون بان حزب الله يفضل في هذه الاثناء مواصلة امتصاص الهجمات الإسرائيلية شبه اليوميه ويدير صراعاته الداخلية في لبنان التي يرى أنه يمكن التحكم بها اكثر. فهيمنة حزب الله كحركة سياسية – مدنية تضررت في السنة الأخيرة، كما يشخص الجيش الإسرائيلي والحزب يجد صعوبة في دفع ايجار الشقق لعشرات الاف اللبنانيين النازحين في بلادهم ممن لم يعودوا بعد الى بيوتهم المهدمة في جنوب لبنان، في اعقاب العملية البرية الإسرائيلية. وتقول مصادر استخبارات إسرائيلية “اننا نرى مزيدا من المؤيدين الشيعة ممن يفضلوا الانتقال الى أمل، الحركة الموازية لحزب الله الذي لا ينجح في دعم الاف العائلات الثكلى والجرحى الكثيرين. ولا يزال حزب الله اقوى من ناحية عسكرية من الجيش اللبناني وفي اللحظة التي ينقلب فيها هذا سنعرف انه يوجد تغيير في صالحنا.
في حزب الله يحاولون توزيع البيض في سلة أوسع، ولكن حتى هذا لا ينجح. ففي الجيش يشخصون ظاهرة جديدة تتمثل بصعوبة استئجار الشقق. فنشطاء التنظيم يحاولون استئجار شقق كي يسكنوا فيها عائلاتهم او حتى ان يقيموا فيها غرفة عمليات. ويصف الجيش ذلك فيقول: “أولئك الذين نجحوا يصطدمون بمعارضة الجيران الذين حتى أحيانا يطردونهم دون خوف. هذه ظواهر لم نشهد لها مثيلا في الماضي، لان أولئك المواطنين يعرفون ان أحدا لن يعوضعهم عن الدمار الجانبي الذي سيكون على بيوتهم عندما يقصف الجيش الإسرائيلي شقة الإرهاب تلك”.
نقطة ضغط أخرى تؤثر على قرارات حزب الله هي سياسية: في شهر أيار القادم ستجرى انتخابات في لبنان وفي الجيش يقدرون بان ما يهم الأمير العام الحالي نعيم القاسم هو رص الصفوف الداخلية واستعادة شرعية التنظيم داخل الدولة اكثر من مواجهة دموية مع إسرائيل. “ليس لقاسم الكاريزما التي كانت لنصرالله وبالتالي لا يوجد أمل كبير لمئات الاف الشيعة في لبنان، وبناء على ذلك الانتقال الى تأييد أمل بالذات. يجدر بالذكر ان هاتين الحركتين ليستا فقط إرهابا وذراعا عسكريا بل وأيضا رفاه وتعليم للجماهير.
المقدم “ش”، رئيس فرع الأهداف في دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات والمقدم “أ” رئيس فرع “السياسي والاستراتيجي”، بلورا خريطة الطريق للخارطة ما قبل وبعد تصفية الأمين العام الأسطوري حسن نصرالله. والان، تحليلاتهما لما سيأتي يستخدمها أصحاب القرار في قيادة الجيش وفي المستوى السياسي بما في ذلك معاضل ثقيلة الوزن. فمثلا، هل جولة اضعاف إضافية لحزب الله تستحق شللا متكررا للجليل المنتعش، سقوط صواريخ في حيفا وصافرات انذار في تل ابيب التي لتوها تعود لتستضيف العاب رياضة أوروبية.
الضابطان كانا من حسا على تصفية نصرالله في أيلول العام الماضي. “لحزب الله توجد عشرات الخنادق والمقدرات الحساسة في ارجاء بيروت، وتابعنا كي نفهم باي منها كان يوجد نصرالله. هذا عمل نمل تواصل لسنوات”، يصف المقدم “ش” مع حديث مع “يديعوت احرونوت”، “هذه متاهة حقيقية لان الخنادق تمتد في انفاق واروقة تحت مباني السكن، مع ارتباطات يجب التعرف عليها بتفاصيل التفاصيل. حبذا لو كان هذا فقط معرفة اين يختبيء نصرالله. العريف أول “ن”، احدى العرفاء عندنا التي تدربت على المتابعة الدائمة لخنادق نصرالله طلبت بعد حملة البيجر أن ندقق الملاحقة على “ذخرها”، لاجل ان نعمق تحقيقها عن المكان وهذا ما حصل”.
العريف الشابة “ن” لم تنتظر أن يختار نصرالله الذخر الذي هي مسؤولة عنه كي يختبيء فيه في ظل الامر الإسرائيلي لتصفيته. على مدى عدة أسابيع حللت المنشأة التي توجد في عمق 20 – 30 مترا تحت الأرض. وكان الهدف التدقيق قدر الإمكان لسلاح ا لجو “بوابات الدخول” لـ 83 قذيفة اسقطت على الذخر التحت ارضي لاجل ضمان النتيجة – تصفية نصرالله ورفاقه في القيادة العسكرية. “ن”، كانت تعرف تماما الخندق، وبالطبع كان علينا أن نعرف بان نصرالله سيكون بالذات في ذاك المساء وليس في عشرات الخيارات الأخرى. هي اختارت نقاط الاستهداف الصحيحة للهجوم”.
المقدم “ش” يتذكر كيف اخذ الخلاصة التي أعدتها العريف “ن” للبحث مع رئيس أمان وقائد سلاح الجو: “كنت مستعدا لان اضع رتبي على الطاولة لو لم يكن هذا سينجح، وهذا ما قلته قبل العملية للالوية عندما اقتبست استنتاجات العريف “ن”. كما أن نظيري من سلاح الجو قال انه مستعد لان يضع رتبته على الطاولة اذا ما فشل هذا. وعليه فلم نكتفي فقط بقصف منسق بالغرف التي اعتقدنا ان نصرالله سيكون فيها، بل وأيضا في مفترقات الانفاق المجاورة منعا للهرب”.
مع هذه الثقة بالنفس والتجربة التي تراكمت مع حزب الله يسيرون في شعبة الاستخبارات، في قيادة الشمال وفي سلاح الجو بعيون مفتوحة لمواجهة أخرى مع حزب الله، الذي ردع ولكنه لم يهزم. الفهم هناك هو أن هذه المرة هذا تنظيم إرهابي آخر، يستعد أيضا لسيناريو مختلف مع قادة اقل تجربة لكن لا يزال مع ترسانة ثقيلة من وسائل قتالية وصواريخ وعشرات الاف النشطاء المسلحين. التحدي لن يكون سهلا في تدمير مصانع السلاح بل وأيضا في مطاردة القادة في المستويات الوسطى التي تدير العمليات. تحت تصرفهم لا تزال وحدة الدفاع في حزب الله التي قامت بواجباتها البيتية بعد خريف العام الماضي. وتشرح المقدم “أ”: “حزب الله يستثمر الكثير في الدفاع عن مقدراته. نحن نقدر بان ميزانيات إعادة البناء من ايران ستزداد في السنوات القادمة الى اكثر من 700 مليون دولار في السنة كانت خصصتها طهران لحزب الله. الإيرانيون لا يزالون يرون في حزب الله مشروع امتداد مركزي ويعملون على الا يخسر النفوذ في لبنان. اليوم في حزب الله تبقى أساسا مستوى ثانٍ وما دون بعد ان صفينا معظم هيئة الأركان في التنظيم. هذا يغير الآليات”.
——————————————
يديعوت 18/12/2025
كتب التعليم الفلسطينية تحرض على الجهاد، والتمديد للاونروا يشجع عدم الاستقرار
بقلم: آفي كالو
قبل نحو شهر نشرت في “يديعوت احرونوت” معطيات تقرير معهد البحوث والسياسة الدولية الاعتباري IMPACT-se الذي يستعرض مضامين كتب التعليم في العالم بما في ذلك السلطة الفلسطينية. وحسب التقرير بقيت كتب التعليم الفلسطينية محملة برسائل لاسامية وبالتحريض رغم الوعد الصريح من رئيس السلطة أبو مازن للولايات المتحدة، للاتحاد الأوروبي وللرئيس الفرنسي ماكرون بإزالة مضامين عنيفة من المناهج التعليمية في كل المواضيع (بما في ذلك المواضيع الواقعية) وفي كل الأطر.
يشدد التقرير على “الاستمرارية المطلقة” للمضامين التي تقدس العنف، الجهاد والموت في كل مستويات العمر، فيما يمجد المنهاج التعليمي العنف كواجب ديني ووطني. وحسب التقرير فان جهاز التعليم الفلسطيني يعرف الجهاد كـ “واجب عين لتحرير فلسطين وكقمة الإسلام”، مع توصيفات ثواب رباني و 72 حورية في الجنة لمن يضحون بحياتهم في “القتال مع العدو”. كل هذا بخلاف تام مع روح خطة ترامب للسلام، قرار مجلس الامن واتفاقات الإصلاح التي وقعتها السلطة مع الاتحاد الأوروبي في صيف 2024.
هذا التعليم العنيف والهدام في لب جهاز التعليم الفلسطيني يعود ليثبت القطيعة التامة بين وابل الاعتراف الوهمي بدولة فلسطينية من دول مثل بريطانيا وفرنسا – وما يجري على الأرض. وكما زعم هنا قبل بضعة اشهر، رغم المحبة الكاذبة من الاسرة الدولية بحلول سريعة لازمات معقدة، فان العجلة في هذه الحالة أيضا هي من الشيطان. “استقلال”، مهما كان ضحلا، للفلسطينيين يستوجب مبنى المجتمع الفلسطيني السير في مسيرة أجيال (من تحت الى فوق) وليس العكس. وها هو يأتي: الجمعية العمومية للأمم ا لمتحدة قررت مؤخرا تمديد تفويض وكالة الغوث “الاونروا” حتى العام 2029 رغم المعارضة الامريكية والإسرائيلية الحادة للخطوة في ضوء حقيقة ان رجال الوكالة شاركوا في فظائع أكتوبر. منذ إقامة الوكالة في العام 1948 ولاحقا، أصبحت جهة مركزية في تصميم وعي اللجوء والثأر في الهوية الفلسطينية، وعمليا خلدت الرواية الفلسطينية للضحية ليس فقط في مناطق الضفة وغزة بل وأيضا في ارجاء الشرق الأوسط وفي السنوات الأخيرة في أوروبا وأستراليا أيضا.
في تمديد إضافي للتفويض، فان الأمم المتحدة بوكالاتها لا تعود فقط لتعكس انعدام قدرتها، حتى وان كانت الأكثر أساسية لتكييف نفسها مع الواقع المتغير – بل مرة أخرى تعرض التحيز البنيوي والحاد ضد إسرائيل والذي في نهاية المطاف يغذي انعدام الاستقرار بسبب تشجيع وتأييد رواية اللجوء الفلسطينية. هذه الرواية السامة تغذي ضمن أمور أخرى الظل الإسلامي الذي ينتشر على قارة أوروبا ويهدد بتغييرها من الأساس (مثلما عرضت إدارة ترامب مؤخرا).
ان من يتوقعون صحوة أوروبية في مسألة النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني من شأنهم أن يخيب أملهم. فقوى السوق التي تجذب المشاعر المناهضة لإسرائيل آخذة في التعزز، وكذا الصورة في الولايات المتحدة التي بعد ترامب لا تشجع في هذا السياق. معنى الامر هو أن القيادة الإسرائيلية التالية ستكون ملزمة بمعالجة عمق الموضوع الفلسطيني وعرض رؤيا حذرة، بعيدة السنين لمسيرة انفصال واعية في ظل ربط اللاعبين ذوي الصلة في الساحة الدولية – وكبح سيناريو كابوس الدولة الواحدة. كل هذا في ظل إبقاء مصيرنا في أيدينا، القيمة التي توجد في قلب الفكرة الصهيونية. وعلى حد قول بن غوريون فان “مصيرنا ليس متعلقا بما يقوله الاغيار – بل بما يفعله اليهود.
——————————————
هآرتس 18/12/2025
الجمهور لم يعد يعارض الإعدام، ووسائل الاعلام متعاونة
بقلم: يوسي كلاين
هذا الأسبوع امتدت هوامش الموت الى استراليا. في عناقنا الجماعي للدب رسخنا الادعاء المعادي للسامية، ان اليهود هم أولا وقبل أي شيء آخر يهود، ثم بعد ذلك هم مواطنون مخلصون للبلاد التي يعيشون فيها. ان خطر الموت يوحد كل اليهود في العالم من اجلنا. لقد اصبحنا آكلي موت، والبعض يعتقدون ان هذا مديح. لدينا مبررات من هنا وحتى القدس، ولكن في نهاية المطاف سنكون مشابهين للالمان الذين قتلوا اجدادنا.
نحن هكذا قريبون.
في الـ اس.اس (قوات الامن الخاصة النازية) علقوا على بدلاتهم شعار الجمجمة، اما نحن فنعلق شعار حبل المشنقة. الصورة مختلفة ولكن المعنى واحد: نحن آكلي موت، ونتفاخر بذلك. لقد سمعت أصوات تكسير العظام عندما نقلت القناة 14 انباء الوفيات في فيضانات غزة. لقد تحول الإعدام من ضرورية عملياتية الى روتين. ما زال التعامل معه صعب بعض الشيء بالنسبة لنا. ان استخدام مصطلح “الإبادة” بدلا من الإعدام يخفف هذه الصعوبة. الإعدام ينتقل الى عالم مبيدات الصراصير.
الخاطفون في خط 300 لم “تتم تصفيتهم”. لقد تم اعدامهم.
اليوم مشكوك فيه اذا كانوا سينشرون تقريرهم النهائي. ومشكوك فيه اذا كان احد سيسمع بالامر، واذا سمع فمشكوك فيه اذا كان سيتحمس له. بعد النشر في صحيفة حداشوت خشيت الحكومة من الضغط الشعبي وشكلت لجنة للتحقيق في الامر. عندما قتل الجندي اليئور ازاريا إرهابي مصاب الحكومة لم تخف لان اغلبية الشعب طالبت باغلاق القضية. وعندما قتل الجندي افيعاد فريجة المواطن يوفال كستلمان قبل سنتين لم يعد الشعب يهتم، وتم تأجيل محاكمته والجمهور نسي الامر.
الإعدام في المناطق هو اليوم حدث لا يوجد فيه اهتمام جماهيري. روتين. الجمهور يعرف ويصمت وينسى. هو لا يرى انه لا يوجد مراسل لشؤون المناطق في قنوات التلفزيون، وشؤون المناطق يتم أحيانا الإبلاغ عنها واحيانا لا. اذا وجد نير دبوري نفسه الان في وضع الخط 300 فهل كان سينشر عن ذلك أم لا؟ من المؤكد أن لا.
من المرجح ان دبوري اليوم سيعرف ما لم يعرفه العاملون في “حداشوت” في حينه وهو ان الجمهور لا يهتم بمعرفة الحقيقة. لو كان مراسلو حداشوت اكثر نضجا وادراكا للراي العام لكانوا اخفوا صورة اليكس ليبيك. ولما كانوا تساءلوا اذا كان نشر عملية الإعدام هو صحيح، الا اذا حصلت على استحسان القراء.
القراء لم يحبوا ذلك، لكن المراسلين في حينه كانوا فخورين بالنجاح المهني. الآن هم كانوا سيدركون ان الجمهور غير شريك في السرور، الذي من ناحيته لا يوجد أي فرق بين تكسير جمجمة اثنين من الخاطفين في خط 300 بالحجارة وبين قتل 100 طفل بصاروخ من طائرة. اليوم القتل بدون محاكمة هو امر مشروع. ليس قتل واحد او اثنين، بل مئات وآلاف. في الحرب كل شيء مباح، وهي لن تنتهي أبدا. قتل فلسطيني هو بمثابة كلب قام بعض انسان. والذي لا يجب النشر عنه.
المراسلون أصحاب الخبرة يدركون ان غياب التغطية الإعلامية يعزز الثقة ويخفف وطأة تانيب الضمير (الجيش يعرف ما يفعله!). كم مرة قتلنا فيها مسؤولين كبار بدون ان يسال مراسل واحد: ما الهدف؟ هل هو الانتقام، او جزء من خطة محكمة أو مجرد فرصة تم استغلالها؟.
عندما لا يسال الجمهور فان المراسلين لا يبحثون عن أجوبة.
الجمهور لا يعارض الإعدام، لكن شريطة عدم إبلاغه عنها. وسائل الاعلام تتلاءم مع شروطه لانها تكسب الرزق من خلال ملاءمة مضمونها مع المزاج العام. لقد ادركت ان إسرائيل 1984 وخط 300 ليست هي نفس إسرائيل بعد 7 أكتوبر. لقد اصبح القتل ضرورة عملية للانتقام. يريد الجمهور ان يعرف انهم يقتلون، لكنه يطالب بعد إبلاغه بالتفاصيل. لن تجذب احتفالات مقصلة بن غفير في ميدان رابين جمهور واسع. ان مقصلة بن غفير هي قمة الوحشية.
الوحشية هي أيضا تجاهل أي عامل انساني. ووفقا لنظرية المراحل ليشعياهو لايفوفيتش فقد اكملنا بالفعل “مرحلة الحيونة قبيل لحظة من نهاية الصهيونية”. ان دعم تاييد مليون شخص (حسب الاستطلاعات) لنتنياهو رغم المعرفة التامة بهذا الشخص وعن ماذا هو مسؤول، هو حيونة قطيع. اما المليون الذين يعارضون نتنياهو فهم يعيشون في ياس كبير لانهم لايعرفون ماذا يفعلون. والخوف يكمن في ان الحيونة هي امر متاصل فينا الى درجة انها ستبقى حتى بعد رحيل نتنياهو.
——————————————
يديعوت 18/12/2025
تعزز الشيكل دليل على قوة الاقتصاد لكنه يؤثر على المصدرين
بقلم: شموئيل سلفين وادام رويتر
تدخل بنك إسرائيل مرات عديدة في الماضي كي يؤثر على سعر الدولار من أن يهبط أكثر وذلك كي يحمي التصدير الإسرائيلي. وقد فعل ذلك غير قليل من المرات حول مستوى 3.20 شيكل للدولار.
فلماذا يفعل هذا الان. لماذا يراهن؟ لانه تتعاظم كل الوقت المؤشرات على أن ميل الشيكل هو مواصلة التعزز. مستشار قضائي كبير يرافق شركات استحداث كثيرة روى عن تيار استثمار هائل جدا من مستثمرين أجانب لا يذكر مثيل له منذ ذرى العام 2021. مصادر في فرع صناديق رأس المال المخاطر تعزز هذه الاقوال، ناهيك عن انها جندت في الأشهر الأخيرة 1.3 مليار دولار، اكثر بأربعة اضعاف من كل من جندته قبل ذلك من بداية السنة. حتى مصدر في وزارة الخارجية عزز هذا القول.
عمليا، ما يحصل هو أن الكثير من المال الأجنبي الذي كان “ينتظر على الخطوط” لانهاء الحرب يدخل الان والكثير من المستثمرين الأجانب يقفون في الطابور لان يحتلوا ويستثمروا في شركات ومشاريع إسرائيلية. يدور الحديث عن استثمارات بالأساس في المجال الأمني – السايبر لكن أيضا في مجالات الذكاء الاصطناعي، الكوانتوم وحتى في شركات ليست تكنولوجيا عليا مثل موقع يد 2 (وبثمن مليار دولار تقريبا). لقد فهم الجميع بان منظومة التهديدات على إسرائيل في المجال هبطت بشكل عجيب وقوتها الجغرافية الاستراتيجية تعاظمت جدا عقب اعمالها العنيفة جدا في ارجاء الشرق الأوسط. استثمارات في شركات امنية لا تحتاج الى تفسير. لكن ما يحصل هو ان من الواضح لمستثمري العالم بان ثورة الذكاء الاصطناعي تحتاج الى الادمغة الإسرائيلية أيضا لان في إسرائيل يوجد نظام اقتصادي للتكنولوجيا العليا هو الثالث في حجمه في العالم الغربي (بعد الولايات المتحدة وبريطانيا). هذه هي ذات الادمغة التي سبق أن انتجت مئات شركات التكنولوجيا العليا الناجحة جدا منذ بداية القرن، ويحتمل أن هذه الادمغة إياها التي حاكت حملة البيجر، التي بنت منظومة حيتس 3 التي تحمي الان المانيا من صواريخ روسية، التي بنت منظومة الليزر التي نجحت في غضون 12 يوما لتصفية معظم منظومة التهديدات الإيرانية. كل هذا بمساعدة أمريكية تؤشر للعالم بان الحلف الاستراتيجي اقوى من أي وقت مضى.
اذا اضفنا لهذا التحليل الامكانية الكامنة لتوسيع اتفاقات إبراهيم فان التداعيات واضحة – استمرار تعزز الشيكل. معظم البنوك الأجنبية تقدر الان بان الشيكل يقترب بسرعة من 3 شيكل مقابل الدولار. للسائح الإسرائيلي هذه انباء رائعة وهي أيضا انباء جيدة للتضخم المالي الذي يمكن أن يواصل الانخفاض. لكن كما يذكر توجد مشكلة واحدة: هذه انباء صعبة جدا للمصدرين الذين يتالقون المداخيل بالدولار، ويدور الحديث عن نحو 90 في المئة من مصدري إسرائيل.
حتى قبل نحو 15 سنة ما كان بنك إسرائيل يتدخل في سوق العملة الصعبة. مسؤولو البنك المركزي كانوا على مدى سنوات طويلة يتبنون نظريات وتفسيرات مختلفة لماذا لا يجب عمل ذلك الى أن غيروا رأيهم. فقد فهموا بانه توجد نظرية وتوجد ممارسة. يوجد نماذج اقتصادية وتوجد حياة حقيقية.
سعر 3.20 شيكل للدولار هو سعر متدن جدا تاريخيا وهو ينطوي ليس على مشكلة موضعية بل مستمرة. كلما اعتاد السوق على مستوى أسعار معينة يصبح اصعب اشفاؤه من الجمود. في مثل هذا الوضع، فان المضاربين الأجانب والمحليين سيسحبون في المستقبل ايضا الأسعار الى هذه المستويات. وهذا منحدر سلس!
حان الوقت لان يصحو بنك إسرائيل ويعود للعمل. من ناحية ميزان البنك أيضا سيكون هذا رائعا. بنك إسرائيل باع دولارات بحجم نحو 8.5 مليار دولار في بداية الحرب. بالشواكل التي حصل عليها في حينه بمبلغ 34 مليار شيكل يمكنه أن يشتري في السوق الدولارات فيربح 2.1 مليار دولار بالخطوة. بالطبع فيما يكون الهدف الأساس هو مساعدة المصدرين لكن “على الطريق” سيتمتع بارباح تمويل كبيرة جدا.
ولكل من هو قلق، هاكم حقيقة: بنك إسرائيل هو احد البنوك المركزية الاغنى في العالم. ارصدة العملة الصعبة التي توجد تحت تصرفه هي بحجم نحو 230 مليار دولار، المعطى الذي هو بين الأعلى في العالم سواء بالنسبة للإنتاج (41 في المئة) أم باحتياطات العملة الصعبة للفرد.
——————————————
معاريف 18/12/2025،
سوريا ولبنان هما مرآة للشرق الأوسط الجديد: أيديولوجيا اقل، مصالح اكثر
بقلم: يئير مرتون
سوريا ولبنان هما اليوم ساحتان اساسيتان لفهم مستقبل الشرق الأوسط. كلتاهما دولتان مصابتان، مدمرتان اقتصاديا واجتماعيا مع سيادة جزئية فقط، وكلتاهما تشكلان لوحة لعب لقوى عظمى إقليمية ودولية. السؤال هو الى أي اتجاه تسيران: فوضى وانهيار مطلق ام مسيرة بطيئة من التطبيع المفروض.
في سوريا، نجت الدولة لكنها فقدت نفسها. وهي منقسمة الى مناطق نفوذ – روسي، إيراني، تركي، كردي وامريكي – فيما أن دمشق تسيطر عمليا على قسم من الأراضي فقط. الاقتصاد خرب، الجيش متهالك والسكان يعيشون في فقر مدقع. ايران حاولت جعل سوريا جبهة استراتيجية داخلية تجاه إسرائيل، لكنها تعرضت لاصابات قاسية في البنى التحتية، في القيادات وفي مسارات التهريب. إسرائيل، بثبات وبرباطة جأش قلصت الرؤيا الإيرانية دون الانجرار الى حرب شاملة. المحور الشيعي مصاب، لكنه ليس مصفيا.
تركيا، من جهتها، ترى في شمال سوريا منطقة فصل حيوية، أساسا حيال الاكراد، وتعمل انطلاقا من اعتباراتها الأمنية. الولايات المتحدة تحافظ على تواجد بالحد الأدنى في سوريا واساسا لاجل منع تعزز قوة داعش وعودة ايران. أوروبا تعبة تركز على اللاجئين الذين يشكلون تهديدا حقيقيا وفوريا على القارة ولا تسارع الى الاستثمار في اعمار سوريا دون إصلاحات عميقة. في المستقبل القريب ستبقى سوريا دولة ضعيفة تدار من الخارج. في المدى البعيد، وحده دمج تسوية إقليمية، انسحاب إيراني تدريجي وفتح بوابات اقتصادية، أساسا عبر دول عربية معتدلة، كفيل بان يخلق استقرارا جزئيا. اذا كانت سوريا فقدت السيادة في الحرب، فان لبنان فقدها من الداخل. حزب الله ليس “دولة داخل دولة” – هو الدولة. الساحة السياسية في لبنان مشلولة، الاقتصاد انهار والجمهور فقد الثقة بالقيادة. ايران ترى في لبنان ذخرا استراتيجيا لكن عبئا أيضا. حزب الله مردوع من إسرائيل، يفهم بان حربا شاملة من شأنها أن تؤدي الى خرابه المطلق. وإسرائيل تبث رسالة واضحة: كل تصعيد يؤدي الى ضربة قاضية للبنى التحتية للبنان وليس فقط للتنظيم.
تحاول الولايات المتحدة وأوروبا إبقاء لبنان فوق خط الانهيار، لكنهما ترفضان ضخ الأموال له دون إصلاحات. هي غير ممكنة طالما كان حزب الله يسيطر. السعودية، التي في الماضي كانت سيدا مركزيا، ابتعدت لكنها كفيلة بان تعود اذا ما شخصت ضعفا إيرانيا ونافذة فرص. في المستقبل القريب من المتوقع للبنان أن يواصل المراوحة في المكان: لا حرب، لا اعمار. فوضى مدارة. في المدى الابعد، تغيير حقيقي يحتمل فقط اذا نشأ ضغط إقليمي ودولي منسق يستقر فيه بديل لحزب الله.
سوريا ولبنان هما مرآة للشرق الأوسط الجديد: أيديولوجيا اقل، مصالح اكثر. دول قوية اقل، لاعبون خارجيون اكثر. الاستقرار، اذا ما جاء فانه لن يبدو كالسلام – بل كنظام جديد، بارد، محسوب وهش يتطلب اختبارات غير بسيطة. السؤال ليس اذا كانت ايران ستنسحب بل اذا كان العالم يعرف كيف يستغل اللحظة التي تتصدع فيها قوتها قبل أن تسيطر الفوضى من جديد.
——————————————
هآرتس 18/12/2025
بدون تفويض واضح لقوة الاستقرار، من شان حماس ان تعرض نفسها كحل
بقلم: تسفي برئيل
يوجد لدى خالد مشعل، المسؤول عن العلاقات الخارجية لحماس، اقتراح: “حماس مستعدة للدخول الى وقف اطلاق نار بعيد المدى، مدعوم بتعهد لتخزين السلاح والتوقف عن أي نشاط عسكري ضد إسرائيل”، قال في مقابلة مع موقع امريكي. “هو مستعد للعمل الى جانب الولايات المتحدة والمجتمع الدولي من اجل ان يخلق في غزة مناخ استقرار يمكن من إعادة الاعمار، وتمهيد الأرض للانتخابات وخلق الشروط السياسية لاجراء مفاوضات حول مستقبل الدولة الفلسطينية”.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تقترح فيها شخصية رفيعة في حماس “تخزين” أو “تجميد” السلاح. لقد سبقه عضو المكتب السياسي موسى أبو مرزوق، الذي قدم اقتراح مشابه لم يحصل على موافقة الولايات المتحدة، فضلا عن إسرائيل. بل ان أبو مرزوق اقترح ان تنقل حماس السلاح الثقيل، بما في ذلك الصواريخ، الى طرف ثالث متفق عليه، مع الاحتفاظ بالسلاح الخفيف. داخل حماس تجري منذ أسابيع نقاشات بين من يوصفون بـ “الحمائم” بقيادة مشعل وبين “الصقور” بقيادة رئيس فريق التفاوض خليل الحية، الذي يتخذ موقف حازم رافض لتسليم السلاح. مع ذلك، حسب مصدر اردني مطلع على النقاشات مع حماس فان “هذه النقاشات نظرية، لا يمكن لاحد ان يضمن بان القوات الموجودة على الأرض والتي تقوم بإعادة ترميم قوتها العسكرية، ستوافق على أي قرار من المستوى السياسي في حماس”. ولكن هذا المصدر استدرك وقال: “في صفقة الرهائن اظهر المستوى السياسي قدرة ملحوظة على السيطرة”.
مصدر اردني قدر ان احد الطرفين، حماس أو الولايات المتحدة، سيتعين عليه التنازل في نهاية المطاف. وحسب اقوال هذا المصدر يجب تحديد مراحل اختبار التي فيها “سيسلم السلاح الثقيل في بداية المرحلة الثانية، وبعد ذلك سيسلم السلاح مقابل انسحاب آخر لإسرائيل، والبدء في اعمال إعادة الاعمار وربما إيداع السلاح في مصر”. ولكن طالما انه لا يوجد اتفاق في داخل حماس على مجرد تسليم السلاح، قال المصدر الأردني، “مشكوك فيه ان يكون بالإمكان تشكيل القوة متعددة الجنسيات. أي دولة لن توافق على ارسال قوات، التي تحديد مهمتها سيكون نزع سلاح حماس، وعلى ذلك تعول حماس الان وتبني استراتيجيتها السياسية”.
لم تجد قضية تحديد مهمة القوة متعددة الجنسيات حلها في المؤتمر الدولي الذي عقد في الدوحة في يوم الثلاثاء الماضي. وتغيب نحو 15 دولة من الدول المدعوة، من بينها دولتان اعتبرتا مضمونتين، تركيا التي كانت قد اعدت قوة مهمات، لن تتم دعوتها بسبب ضغوط إسرائيل. وأذربيجان التي عبرت في تشرين الثاني عن استعدادها لارسال قوة مهمات لـ “حفظ السلام”، وليس لـ “فرض السلام”، وهو المصطلح الذي يوحي بمواجهة عنيفة مع حماس وغيرها من التنظيمات.
باكستان توجد الان تحت الضغط. فقد طلب ترامب من رئيس أركانها، الجنرال القوي عاصم منير، ارسال قوة الى غزة. ولكن منير الذي من المقرر ان يلتقي مع ترامب في الفترة القريبة القادمة للمرة الثالثة خلال ستة اشهر، يواجه معضلة سياسية صعبة. فجيشه ودولته يعتمدان على التعاون العسكري الوثيق مع الولايات المتحدة. ومن جهة أخرى، قد تعارض قوى سياسية إسلامية نافذة أي تدخل لباكستان، قد يدخل جيشها الى صراع مع حماس.
لا تقتصر المخاوف بشأن امتداد “تاثير غزة” الى أراضيها وتداعيات ذلك على سياستها الداخلية، على باكستان وحدها، بل هذه هي معضلة تشترك فيها جميع الدول الإسلامية المدعوة للمشاركة في القوة متعددة الجنسيات، التي تتمثل في الخوف من ان تفتح قوات إسلامية اجنبية النار على القوات الفلسطينية، الامر الذي سيجعلها تظهر كقوة احتلال عنيفة، لا تختلف عن الاحتلال الإسرائيلي. وقد أوضح مشعل بوضوح الخطر الكامن في هذه المواجهة العسكرية، مؤكدا: “الفلسطينيون سيعتبرون أي سلطة غير فلسطينية، أي سلطة اجنبية أو قوات اجنبية داخل غزة، سلطة احتلال، وهذا سيخلق على الفور حالة من الصراع لان الفلسطينيين لن يوافقوا على ذلك. فما هو الدافع الذي يدفع الفلسطينيين الى معارضة الاحتلال الإسرائيلي ومن ثم قبول شكل آخر من اشكال الاحتلال الأجنبي؟”.
المشكلة تكمن في ان خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقرار مجلس الامن الذي اقرها تتطلب من القوة متعددة الجنسيات اكثر بكثير مما ترغب الدول المشاركة فيها في تقديمه. وبالتالي، في ظل غياب تعريف اكثر دقة لطبيعة المهمات ونطاقها، فان فرصة انشاء قوة متعددة الجنسيات ضئيلة. قد تستغل حماس هذه الصعوبة، كما يقترح مشعل، في محاولة لاقناع واشنطن بالتفاوض مع حماس بشكل مباشر أو غير مباشر، وبهذه الطريقة ستتمكن حماس من الظهور من جديد كقوة سياسية قادرة وحدها على انقاذ خطة ترامب من المازق الذي وصلت اليه، بدون اللجوء الى استئناف الحرب في غزة.
ولكن هنا يكمن خلاف آخر يشغل حماس ويتعلق بالطابع الأيديولوجي للسلاح. هل يعتبر السلاح وسيلة أساسية لمواصلة الكفاح المسلح ضد إسرائيل والحفاظ على مكانة حماس كقوة المقاومة الفلسطينية الوحيدة، أو يمكن للسلاح في ظل الظروف الجديدة ان يستخدم كورقة مساومة سياسية تمكن حماس من الحفاظ على مكانتها ككيان سياسي، حتى لو لم تشارك علنا في الإدارة المدنية لغزة.
خيار استخدام السلاح كورقة ضغط تمت مناقشته مؤخرا بين حماس وتركيا وقطر ومصر. وقد صرح وزير خارجية تركيا، هاكان فيدان، قبل أسبوعين تقريبا بان “قضية نزع السلاح ليست من الأولويات القصوى”. في المقابل، استخدم وزير خارجية مصر، بدر عبد العاطي، لغة غامضة اكثر، اذ قال في مقابلة مع قناة “العربية”: “ستناقش هذه القضايا في اطار فلسطيني – عربي. وهناك الكثير من الأفكار حول كيفية التعامل مع هذا الامر بهدوء وحكمة”. واكد عبد العاطي على ضرورة ان تتولى الشرطة الفلسطينية مسؤولية الامن في قطاع غزة. ويشير هذا التصريح الى ان مصر، التي تربطها علاقات شراكة مع تركيا وقطر، ترى ان القوة متعددة الجنسيات ستعمل فقط على طول خطوط الفصل بين الجيش الإسرائيلي وقطاع غزة، وليس داخل المراكز السكانية أو كقوة لنزع سلاح حماس.
هذا الموقف يتعارض مع قرار مجلس الامن، ويتناقض تماما مع موقف إسرائيل ورؤية ترامب في الوقت الراهن. مع ذلك، سيتعين على الرئيس الأمريكي الذي يطمح الى بدء تنفيذ خطته في منتصف كانون الثاني ويراهن على مكانته فيها، ان يحسم مسالة نزع السلاح. أي هل هو شرط أساسي يجب تحقيقه “سواء كان ذلك بالحسنى أو بالقوة” قبل أي خطوة تتعلق بتنفيذ المرحلة الثانية، أو ان هناك مجال للمرونة على غرار المواقف التي قدمتها تركيا ومصر؟. كلتاهما الى جانب قطر هما الدولتان اللتان تضمنان تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار. مع ذلك فان أي بادرة مرونة بشان مسالة السلاح ستفسر على انها تنازل، بل وإنجاز لحماس، حتى لو كان ذلك كافيا لدفع تنفيذ المرحلة الثانية وإزالة العائق الذي يقف امام تشكيل القوة متعددة الجنسيات.
——————————————
معهد بحوث الأمن القومي (INSS) 18/12/2025
الطريق من سيطرة حماس إلى قيام الدولة الفلسطينية
بقلم: اودي ديكل
تُفصّل هذه المقالة “خارطة طريق” متكاملة – أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية – لإعادة تشكيل الواقع في قطاع غزة والساحة الفلسطينية عمومًا. تنطلق هذه الخارطة من إدراك استحالة العودة إلى الوضع الذي كان سائدًا قبل أكتوبر2023، وضرورة إرساء نظام جديد. وتجمع الفكرة المطروحة بين: (1) الاستجابة لمصالح إسرائيل الأمنية الأساسية، المتفق عليها دوليًا؛ (2) استجابة تدريجية لتطلعات الفلسطينيين إلى تعريف سياسي، المدعومة من المجتمع الدولي والمنظومة الإقليمية؛ (3) البناء على خطة الرئيس ترامب ذات النقاط العشرين وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2803؛ (4) عملية انتقالية في غزة باستخدام نهج نزع السلاح والتسريح وإعادة التأهيل وإعادة الإدماج (DDDR) كوسيلة لبناء كيان فلسطيني منزوع السلاح ومعتدل وفاعل، وفقًا لمبدأ “سلطة واحدة، قانون واحد، سلاح واحد”.
خطة لإعادة بناء النظام الفلسطيني
الخطة المعروضة هي عملية متكاملة وليست حلاً سحرياً أو إجراءً فوريً. تقوم على مبدأ “الأمن أولاً” – أي تفكيك القدرات الإرهابية، وإعادة التأهيل – المادي والمؤسسي والاجتماعي – المشروط بتسريح القوات الفلسطينية وإقامة حكم فلسطيني مسؤول، مع احتكار السلطة، وإصلاح مؤسسات السلطة الفلسطينية، والإزالة المنهجية للتنظيمات المسلحة من الساحة، فضلاً عن تنفيذ برامج مكافحة التطرف. سيتم تطبيق الخطة أولاً في قطاع غزة، ثم سيتم توسيع نطاقها لاحقاً، إذا كانت النتائج إيجابية، لتشمل أراضي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
المبادئ:
أ. قطاع غزة منزوع السلاح وخالٍ من الإرهاب، على أن تكون إعادة تأهيله مشروطة بنزع سلاح المنطقة وحل جميع التنظيمات المسلحة.
ب. سيُدار قطاع غزة من قِبل إدارة انتقالية تكنوقراطية، تحت إشراف مجلس السلام الدولي، وبالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، مع وجود قوة شرطة فلسطينية خاصة بقطاع غزة، خالية من حماس، تعمل بتوجيه ودعم وإشراف قوة الاستقرار الدولية.
ج. ستُنفذ السلطة الفلسطينية إصلاحات شاملة تُمكّنها من استعادة السيطرة على قطاع غزة. ويتطلب ذلك حكماً فلسطينياً فعالاً ومعتدلاً، واحتكار السلطة الفلسطينية للسلطة وفقاً لرؤية الرئيس عباس: “قيادة واحدة، قانون واحد، سلاح واحد”، دون وجود ميليشيات ذات قدرات عسكرية.
د. نزع السلاح المالي: إنشاء نظام مالي رقمي خاضع للإشراف يمنع تسرب الأموال إلى حماس والمنظمات الإرهابية.
هـ. سيتم تقديم مجموعة من الشروط، يُمهد تحقيقها الطريق أمام إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح ذات سيادة محدودة. دولة فلسطينية منزوعة السلاح ذات سيادة محدودة.
هيكلية آليات التحكم في العملية
في الوقت الراهن، تتبلور هيكلية تتألف من عدة آليات تهدف إلى توجيه العملية والتحكم بها:
- مجلس السلام (BoP): بمشاركة قادة العالم (وربما برئاسة الرئيس ترامب)، يحدد الإطار السياسي العام، ومراحل التنفيذ، ومعايير الانتقال بين المراحل؛ ويدير أموال إعادة إعمار قطاع غزة؛ ويشرف، من خلال مركز التنسيق المدني العسكري (CMCC)، على لجنة تكنوقراطية فلسطينية معنية بالسيطرة على قطاع غزة، وعلى قوة الاستقرار الدولية (ISF)، ويرفع تقاريره إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
- الإدارة التكنوقراطية الفلسطينية لغزة (مجلس شؤون غزة GAC): إدارة مدنية تكنوقراطية غير سياسية تُعنى بالسيطرة المدنية على قطاع غزة خلال فترة انتقالية، وترتبط بالسلطة الفلسطينية. ستكون هذه الإدارة مسؤولة عن تقديم الخدمات المدنية، وتنفيذ المكونات المدنية لخطة التعافي وإعادة الإعمار والتسريح وإعادة التأهيل، وتدابير التعافي والتأهيل الأولية، وإرساء النظام العام، كما ستتولى إدارة الشرطة الفلسطينية في قطاع غزة.
- قوة الاستقرار الدولية (ISF) – قوة دولية مؤقتة بقيادة الولايات المتحدة وبالتعاون مع مصر، ومع دول عربية رائدة أيضًا. تهدف هذه القوة إلى فرض، أو على الأقل ضمان، تسريح القوات في قطاع غزة؛ ومساعدة الشرطة الفلسطينية في بناء قواتها وقدراتها لتنفيذ مهام نزع السلاح والحفاظ على النظام العام؛ وإجراء عمليات تفتيش أمنية وتفتيش على المعابر الحدودية لمنع تهريب الأسلحة؛ وضمان خلو المناطق التي ستنسحب منها قوات الجيش الإسرائيلي من حماس والإرهاب.
- مركز التنسيق المدني العسكري (CMCC) – المركز الوحيد النشط حاليًا. يتبع المركز القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM). وتتمثل مهمته في الإشراف على وقف إطلاق النار، ومراقبة الأوضاع في قطاع غزة، وتنسيق دخول المساعدات الإنسانية، ومتابعة التقدم المحرز في عمليات إعادة التأهيل الأولية.
- مركز التنسيق المدني العسكري يتعين على السلطة الفلسطينية، لكي تندمج كفاعلٍ فاعلٍ في عملية إعادة الإعمار، تنفيذ إصلاحاتٍ حكوميةٍ وأمنيةٍ وقانونيةٍ واقتصاديةٍ، وفقًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2803 الصادر في تشرين الثاني 2025. والهدف هو سيطرة السلطة الفلسطينية المدنية والأمنية الحصرية على قطاع غزة، استنادًا إلى المبدأ الذي يقوده محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية: “سلطة واحدة، قانون واحد، سلاح واحد”.
- الصندوق الدولي لإعادة الإعمار: صندوق استئماني لإعادة إعمار غزة، تابع للبنك الدولي وميزان المدفوعات، يتميز بشفافيةٍ عاليةٍ وآليات رقابةٍ فعّالة. ويشرف على الانتقال إلى الاقتصاد الرقمي، والمحافظ الرقمية، والعملات المستقرة، لمنع تسرب الأموال إلى حماس وغيرها من العناصر الإرهابية.
لضمان فعالية التنفيذ، لا بد من التنسيق بين عدة محاور عمل:
- المحور الأمني: نزع السلاح؛ حلّ الميليشيات؛ تسجيل الأسلحة ومراقبتها؛ إنشاء وحدات لتفكيك البنية التحتية الإرهابية، والأنفاق، ومجمعات الإنتاج، وتجميع الأسلحة وتخزينها؛ سنّ تشريعات فلسطينية تفرض عقوبات رادعة على من يحوز أسلحة دون ترخيص أو يقوّض إدارة اللجنة التكنوقراطية.
- المحور الإداري: في المرحلة الأولى، من خلال إدارة تكنوقراطية، ثم نقل السيطرة إلى سلطة فلسطينية مُصلحة بعد تنفيذ الإصلاحات. إجراء انتخابات محلية، ثم انتخابات لرئاسة السلطة الفلسطينية والمجلس التشريعي.
- محور إعادة التأهيل والتنمية الاقتصادية: إعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية وتقديم المساعدة اللازمة لسكان قطاع غزة؛ التسريح المالي؛ تنمية القطاع الخاص؛ إنشاء منطقة تجارة حرة ووضع خطة للتنمية الاقتصادية.
- محور مكافحة التطرف وتعزيز الصمود الاجتماعي: الاستثمار في نظام تعليمي مُصلح يركز على قيم الاعتدال والتسامح. الإصلاح الديني – وقف التحريض والتحريض الديني؛ دعم ضحايا الصدمات النفسية؛ دمج النساء والشباب في سوق العمل والخدمة المدنية. يجمع هذا المحور بين “أربعة أركان” – نزع السلاح، ومكافحة التطرف، والديمقراطية، والتنمية الاقتصادية والشخصية.
- المحور السياسي الإقليمي – في حال إحراز تقدم حقيقي وملموس في هذه العملية الصعبة – تحقيق الاستقرار وخفض التصعيد الأمني، ونزع السلاح، والحكم الرشيد للسلطة الفلسطينية – سيتم توسيع نطاق هذا المحور ليشمل أراضي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، ومن ثم إطلاق عملية سياسية لإقامة دولة فلسطينية بمشاركة الولايات المتحدة والدول العربية والاتحاد الأوروبي.
مراحل التنفيذ
المرحلة الأولى – الاستقرار الأمني
وقف كامل لإطلاق النار واستعادة آخر مساحة محتلة من قبل إسرائيل من قبضة حماس؛ التزام مبدئي من جميع الأطراف بنزع السلاح الكامل من غزة؛ إنشاء مجلس السلام كهيئة انتقالية دولية ذات ولاية واضحة لإعادة إعمار غزة ومواكبة الإصلاحات في السلطة الفلسطينية، وإنشاء قوة الاستقرار التابعة لقوات الأمن الإسرائيلية، والشرطة الفلسطينية، وتشكيل حكومة تكنوقراطية كأساس لإنهاء الحرب (وفقًا للقرار 2803)؛ وتكثيف الجهود الإنسانية وتقديم مساعدات واسعة النطاق لإنعاش سكان غزة.
المرحلة الثانية – التركيز على نزع السلاح والتعافي
- الأمن: تفعيل عناصر خطة نزع السلاح وإعادة الإعمار والتعافي التي تركز على نزع السلاح – “الأسلحة مقابل مكافأة”؛ وبرنامج إعادة شراء الأسلحة – ممول من صندوق دولي تديره هيئة السلام، وبدء عمل الشرطة الفلسطينية بمساعدة قوات الأمن الإسرائيلية؛ والتركيز على جمع الأسلحة الثقيلة والهجومية، وهدم البنية التحتية للأنفاق ومنشآت إنتاج وتخزين الأسلحة في قطاع غزة.
- البنية التحتية: إعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية: المياه، والكهرباء، والصرف الصحي، والمستشفيات، والمدارس المؤقتة.
- اقتصاديًا: إنشاء صندوق استئماني لقطاع غزة تديره البنك الدولي وبنك فلسطين كقناة واحدة خاضعة للإشراف لجميع أموال إعادة التأهيل. الانتقال التدريجي إلى المدفوعات الرقمية (المساعدات، والرواتب، والقسائم) عبر محافظ رقمية خاضعة للإشراف، والحد من التعامل النقدي، وقطع العلاقات مع البنوك ومكاتب الصرافة التي تسيطر عليها حماس.
- اجتماعيًا – مكافحة التطرف: إضفاء الطابع المؤسسي على علاج الصدمات النفسية، لا سيما للأطفال وذوي الإعاقة، كجزء من مفهوم إعادة التأهيل؛ إنشاء بنية تحتية للمدارس بمناهج دراسية تُعنى بالتسامح ومكافحة التطرف.
المرحلة الثالثة – مواصلة عملية الانتقال إلى نزع السلاح، والحكم الفلسطيني المعتدل والفعال، وبدء إعادة الإعمار.
- أمنيًا: الانتقال من جمع الأسلحة الثقيلة إلى جمع الأسلحة الخفيفة، وتفكيك ما تبقى من الأجنحة العسكرية لحماس والجهاد الإسلامي والفصائل الأخرى، ودمج آلية “التسليم الطوعي + الإنفاذ الموجه” من قبل الشرطة الفلسطينية وقوات الأمن الداخلي.
- إعادة الإدماج: “أسلحة من أجل مستقبل أفضل” – برامج توظيف لمن ينبذون الإرهاب، ويسلمون أسلحتهم، ويتعهدون بعدم الانخراط فيه (الإدماج في الأشغال العامة، وإعادة الإعمار، والهدم، والبناء)؛ التدريب المهني، ومسارات العفو المشروطة بعدم العودة إلى العنف.
- الاقتصاد وإعادة الإعمار: الانتقال من البقاء إلى النمو – بدء خطة التنمية الاقتصادية التي ستُصاغ في ميزان المدفوعات. تخطيط وبدء تنفيذ مشاريع بنية تحتية ضخمة (الإسكان، والنقل، والطاقة)؛ إنشاء منطقة تجارة حرة/منطقة اقتصادية خاصة؛ تطبيق نموذج التسريح المالي الكامل – المدفوعات الرقمية فقط لمشاريع إعادة التأهيل ومراقبة كل دولار.
- مكافحة التطرف والديمقراطية: منع التحريض والتحريض على شبكات الاتصال وشبكات التواصل الاجتماعي؛ الإشراف على أنشطة المساجد والخطابة؛ مشاركة السكان في العمل السياسي؛ دمج دولة الإمارات العربية المتحدة في تنفيذ عمليات مكافحة التطرف في المجتمع الفلسطيني.
- الاقتصاد وإعادة الإعمار: منع التحريض والتحريض على شبكات الاتصال وشبكات التواصل الاجتماعي؛ الإشراف على أنشطة المساجد والخطابة؛ مشاركة السكان في العمل السياسي؛ دمج دولة الإمارات العربية المتحدة في تنفيذ عمليات مكافحة التطرف في المجتمع الفلسطيني.
- الاقتصاد وإعادة الإعمار سياسياً: تقديم تحديثات دورية لمجلس الأمن بشأن التقدم المحرز في الإصلاحات وإعادة التأهيل، وذلك كأساس لدمج السلطة الفلسطينية في إدارة القطاع، بل وتشجيعها على الوفاء بالتزاماتها من خلال التعهد بالانضمام إلى “اتفاقيات إبراهيم”.
المرحلة الرابعة: الانتقال التدريجي إلى سلطة فلسطينية مُصلحة وفتح المسار السياسي.
الشروط الأساسية: إنجاز جزء رئيسي من إصلاحات السلطة الفلسطينية (سيادة القانون، والشفافية، والأمن الداخلي، والتشريع الخاص بـ”سلاح واحد”)؛ حلّ الميليشيات والهيئات المسلحة باستثناء الشرطة الفلسطينية؛ إصلاح أجهزة الأمن الفلسطينية وتقليصها إلى جهاز استخبارات وقوة شرطة فلسطينية فعّالة في تنفيذ عمليات التسريح وفي إرساء القانون والنظام.
- على الصعيد المؤسسي: يدمج مجلس الشؤون العامة في السلطة الفلسطينية، التي أصبحت السلطة المدنية السيادية المباشرة في قطاع غزة. ويستمر مجلس السلام في الإشراف على تنفيذ عملية التسريح، وإدارة وتمويل عملية إعادة الإعمار.
- على الصعيد الأمني: تتقلّص قوات الأمن الإسرائيلية وجودها، وتنتقل بشكل رئيسي إلى مهمة مراقبة وتحقق، مع الحفاظ على قدرتها على التدخل السريع. وينسحب الجيش الإسرائيلي وفقًا لمراحل متفق عليها، مع الحفاظ على محيط أمني.
- على الصعيد الاقتصادي وإعادة الإعمار: الانتقال من إعادة الإعمار الأساسية إلى التنمية الاقتصادية – تمكين القطاع الخاص الفلسطيني؛ والربط بالأسواق الإقليمية؛ حيث يعمل ميناء العريش في شبه جزيرة سيناء كطريق إمداد مباشر إلى القطاع؛ وتعديل الاتفاقيات الاقتصادية مع إسرائيل (تعديل اتفاقية باريس) لزيادة الاستقلال الاقتصادي الفلسطيني.
- على الصعيد السياسي: بدءًا من دراسة نتائج وتداعيات تنفيذ الخطوط العريضة في قطاع غزة، وصولًا إلى وضع خطة لتنفيذها في أراضي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، بقيادة الولايات المتحدة وبمشاركة إسرائيل والدول العربية – الأردن ومصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة.
المرحلة الخامسة – الاستقرار طويل الأمد
- الأمن: استكمال عملية التسريح – لا وجود لأي تنظيمات مسلحة في قطاع غزة، والأسلحة محصورة في أيدي قوات الشرطة الفلسطينية، مع وجود آلية فعّالة للمراقبة والتحقق.
- البنية التحتية وإعادة التأهيل الشامل: إعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية (السكن، النقل، الطاقة، المياه) واستكمال المباني العامة. تتحول غزة من دولة تعتمد على المساعدات إلى دولة تنموية مانعة للصراع: توفير فرص العمل، وزيادة الصادرات، وتعزيز الابتكار.
- مكافحة التطرف بشكل جذري: بناء مجتمع مدني قوي، وتعزيز قيادات بديلة معتدلة، وتطهير النظام التعليمي وإصلاح المناهج الدراسية ومحتوى الكتب المدرسية، وترسيخ الشرعية الدينية في مواجهة التطرف، وتفكيك مخيمات اللاجئين، وبدء حوار مدني إسرائيلي فلسطيني.
- المسار السياسي: الولايات المتحدة تفتح رسمياً حواراً سياسياً إسرائيلياً فلسطينياً على “أفق سياسي”.
ملخص: الطريق إلى قيام الدولة الفلسطينية
تتضمن “خارطة الطريق” الموضحة في هذه المقالة خطوات واضحة، بدءًا من تحقيق الاستقرار الأمني الأولي، مرورًا بالتسريح العميق وإعادة تأهيل البنية التحتية، وصولًا إلى تشكيل كيان فلسطيني فاعل ومنزوع السلاح يتمتع بسيادة محدودة. وهي ترسم مسارًا تدريجيًا، لا خطوة واحدة، لمعالجة جميع المعضلات والتحديات المتعلقة بالوضع الراهن على الساحة الإسرائيلية الفلسطينية. في كل مرحلة، سيتم تحديد الأهداف وآليات الرقابة والشروط الأساسية للانتقال إلى المرحلة التالية، استنادًا إلى إثبات الأداء، دون تحديد جدول زمني مسبق.
علاوة على ذلك، لا تلتزم هذه الخارطة بنتيجة نهائية محددة مسبقًا، بل تُنشئ “مجموعة من الشروط” التي من شأنها تمهيد الطريق نحو قيام الدولة الفلسطينية. وتشمل هذه الشروط: التفكيك الكامل للمنظمات الإرهابية والفصائل المسلحة في الساحة الفلسطينية؛ وسحب معظم الأسلحة الثقيلة من قطاع غزة، ووضع معظم الأسلحة الخفيفة في أيدي الشرطة الفلسطينية؛ ووجود شرطة فلسطينية محترفة تعمل تحت حكم مدني فعال، مع احتكارها لاستخدام القوة. الإصلاحات المُطبقة في السلطة الفلسطينية: فصل السلطات، بما في ذلك قضاء مستقل، تشريعات لمكافحة الميليشيات والتحريض، انتخابات رئاسية وتشريعية حرة، حكومة فعّالة ومستقرة؛ نظام مالي رقمي شفاف، خالٍ من تمويل الإرهاب؛ نمو اقتصادي مستدام؛ خفض كبير في اعتماد إسرائيل على المساعدات الخارجية والرسوم الجمركية؛ صون حقوق الإنسان الأساسية، وحرية التعبير، ومجتمع مدني فاعل. إن استيفاء هذه الشروط سيمكن الولايات المتحدة من التوصية لمجلس الأمن بالاعتراف بكيان فلسطيني مستقل ذي سيادة محدودة.
* * *
يوصى بأن تقدم إسرائيل المخطط المقترح مع إبداء استعدادها لتنفيذه، شريطة استيفاء الشروط اللازمة لإتمامه ونجاحه. قد تنهار العملية بسبب الشروط الأساسية، ولا سيما القيود المفروضة على الجانب الفلسطيني والمتعلقة بمحدودية القدرة على تحييد قوة حماس التخريبية، وإقامة فضاء فلسطيني منزوع السلاح من القدرات العسكرية والإرهابية، مع حكم مستقر وفعّال ومعتدل وفقًا لرؤية “سلطة واحدة، قانون واحد، سلاح واحد”. ومع ذلك، حتى في حالة انهيار العملية هذه، فإن مجرد وضع الخطوط العريضة على جدول الأعمال سيساعد إسرائيل على استعادة شرعيتها الإقليمية والدولية، وعلى هذا الأساس، المطالبة، بدعم من إدارة ترامب، بتوسيع وتعميق “اتفاقيات أبراهام” والتعاون الإقليمي متعدد التخصصات.
——————————————
هآرتس 18/12/2025
للإسرائيليين: احذروا جعل الليكود الانتخابات استفتاء شعبياً على الدولة الفلسطينية
بقلم: أسرة التحرير
شرع الائتلاف أمس بوابل تشريعي إضافي يستهدف المضي بالانقلاب النظامي؛ فقد أقرت الهيئة العامة للكنيست بالقراءة العاجلة سلسلة من القوانين التي قد تؤثر في حياة الجمهور كله في المستقبل القريب. هذا التشريع يسمح بإزالة ولو جزئية، مقاطعة الائتلاف من قبل الأحزاب الحريدية، عقب موافقتها على صيغة قانون التملص من الخدمة. وهذه القوانين تتخذ على ظهر المقاتلين والخادمين.
بين القوانين التي سبق أن أقر بعضها بقراءة عاجلة: سحب شروط اعتزال ضباط متقاعدين بسبب تصريحات سياسية (“قانون يئير غولان”)، وزيادة التدين في الحيز العام (“مشروع قانون تجسيد الهوية اليهودية في الحيز العام”)، وتخفيف حدة المعايير لتعيين أعضاء مجالس إدارة في شركات عامة (إلغاء الحظر على الصلة السياسية) وتقليص صلاحيات رئيس المحكمة العليا (مصادرة صلاحياته في تقرير الهيئات القضائية لمحكمة العدل العليا).
حتى لو لم تجتز كل هذه القوانين عائق محكمة العدل العليا، وحتى لو كان بعضها يستهدف صرف الانتباه الجماهيري وإثارة الغضب، فإن رؤيا الحكومة واضحة: دولة فاسدة وضعيفة، حرة أقل وطاغية أكثر، تخدم حكم التوراة والخاوة. دولة يعاقب فيها المواطنون على التعبير عن رأيهم، وجهاز القضاء لا يحمي المواطن بل المقربين من الحكم. هذه هي الدولة التي يحلم بها نتنياهو وشركاؤه في الائتلاف، وهم يستخدمون كل قوتهم لتحقيق حلمهم.
لقد كشفت هجمة حماس في أكتوبر 2023 عفناً عميقاً في كل هيئات الدولة تقريباً. بعد سنتين من الحرب، تحتاج إسرائيل إلى معالجة جذرية وإشفاء. للائتلاف إمكانية لربط المقدرات للترميم والإشفاء، لكن هذا لا يعنيه.
هذا التشريع لا يعطي جواباً لأي من مشاكل إسرائيل الملحة. الحكومة لا توجه جهوداً لازدهار الشمال المصاب، لإعادة ترميم مستشفى سوروكا ومعهد وايزمن، لمساعدة الجرحى والمصابين بالصدمة اللاحقة، ولمساعدة المخطوفين المحررين، وإعادة بناء النقب الغربي. القوانين التي يجيزها الائتلاف لا تستهدف إعادة بناء الدولة أو خدمة المواطن بل تعميق سيطرته والتأكد من أن تكون الدولة على شاكلته: أكثر تديناً وفساداً، وأقل ديمقراطية.
إذا فازت أحزاب الائتلاف في الانتخابات التالية فهكذا ستكون دولة إسرائيل في المستقبل. قبيل الانتخابات، سيحاول حزب الليكود وشركاؤه حرف النقاش إلى مواضيع مثل السلطة الفلسطينية، ومشاركة العرب في الحكومة و”رفض” الطيارين عشية الحرب. سيقولون للجمهور إن الانتخابات استفتاء شعبي على دولة فلسطينية. سيكون هذا كذباً. ستكون الانتخابات التالية استفتاء شعبياً على دولة إسرائيل.
—————–انتهت النشرة—————–

