اغتصاب في الزنازين: شهادات حية عن انتهاكات سجون الاحتلال

المسار : أبرز موقع ميدل إيست آي البريطاني، شهادات حية لأسيرين محررين من سجون الاحتلال الإسرائيلي تكشف عن تفاصيل اعتداءات جنسية عنيفة تعرضا لها أثناء احتجازهما، في سياق تصفه منظمات حقوقية بأنه نمط ممنهج من التعذيب داخل منظومة السجون الإسرائيلية.

وقال الصحفي سامي الساعي، الذي اعتُقل في فبراير/شباط 2024، إنه كان يسمع صرخات تعذيب من غرف مجاورة أثناء اقتياده إلى عيادة داخل أحد السجون الإسرائيلية. ورغم معرفته السابقة بروايات عن سوء المعاملة، أكد أن ما تعرض له تجاوز كل ما سمعه أو تخيله.

وبعد فحص طبي موجز، قال الطبيب للحراس: “كل شيء على ما يرام. خذه”. بعدها، اقتيد الساعي إلى غرفة منفصلة، حيث أفاد بتعرضه لنحو ساعة من الضرب المبرح، والدوس، والإهانة، والاغتصاب بأداة صلبة، بينما كان معصوب العينين.

وأضاف أن الحراس كانوا يشاهدون ويضحكون، ويرجح أنهم قاموا بتصوير الاعتداء.

وقد ظل الساعي صامتًا لأكثر من عام. وبعد أشهر من الإفراج عنه في يونيو/حزيران، قرر التحدث علنًا، قائلًا: “من الصعب التحدث عن هذا، لكن الصمت أسوأ”. وأكد أن ما تعرض له لا يمثل حالة فردية، مضيفًا: “ما عانيته لا يمثل سوى قطرة في محيط… هذا لا شيء مقارنة بما سمعته من زملائي السجناء”.

اعتقال إداري ظالم

في 23 فبراير/شباط 2024، داهمت القوات الإسرائيلية منزل الساعي في طولكرم خلال حملة اعتقالات واسعة عقب بدء حرب الإبادة الإسرائيلية في أكتوبر/تشرين الأول 2023 على غزة.

وقد خضع بعدها للاعتقال الإداري لمدة 16 شهرًا دون توجيه تهمة أو محاكمة، استنادًا إلى ملفات سرية لا يُسمح للمحتجز بالاطلاع عليها.

وبعد 19 يومًا من احتجازه لدى الجيش، نُقل الساعي إلى سجن مجدو، حيث قُيّدت يداه وعُصبت عيناه. وفي طريقه إلى عيادة السجن، سمع حارسًا يصرخ بالعربية: “قولوا عاش العلم الإسرائيلي. نريد قتلك”.

وداخل العيادة، اتهمه الحراس والطاقم الطبي بالانتماء إلى حركة حماس وهددوه مرارًا، قبل أن يخضع لفحص تخطيط القلب. بعد ذلك، أُعيد تعصيب عينيه واقتاده أربعة إلى ستة حراس عبر ممرات السجن، قبل أن يُلقى أرضًا.

قال الساعي إن ملابسه نُزعت وأُمر بالركوع، ثم بدأ الضرب العنيف. وأضاف: “كنت أشعر أنني على وشك الموت… لماذا خلعوا سروالي؟”.

وأوضح أن جسمًا صلبًا أُدخل قسرًا في مستقيمه، مع تعمد اللف والضغط، بينما ضغط أحد الحراس على خصيتيه وسحب قضيبه.

وقال “صرخت بصوت عالٍ لدرجة أنني ظننت أن صوتي سيخرج من جدران السجن”، مضيفًا أن أحد الحراس خاطبه قائلًا: “أنت صحفي… سنفعل هذا بكل الصحفيين. سنحضر زوجتك وأمك وابنك”.

“حفل الاستقبال”

أشار الساعي إلى أنه سمع لاحقًا أحد الحراس يقول: “أحضر لي جزرة”، قبل إدخال جسم آخر. وبيّن أن هذا النوع من الاعتداء يُعرف بين السجناء باسم “حفل الاستقبال”، ويُمارس بحق العديد من المحتجزين عند وصولهم إلى السجن.

وفي شهادة منفصلة، روى سجين سابق آخر، عُرف باسم حليم سالم (اسم مستعار)، كيف استخدم حراس السجن كلبًا لاغتصابه. وقال إن الحادثة وقعت فجرًا، عندما اقتحم الحراس الزنزانة وألقوا قنابل صوتية، ثم قيدوا السجناء وأجبروهم على الاستلقاء ووجوههم إلى الأرض.

وقد اقتيد سالم إلى المرحاض، وهي منطقة قال إنها خالية من كاميرات المراقبة، حيث تعرض للضرب وأُجبر على التجرد والركوع. وأضاف: “اعتلى الكلب جسدي واغتصبني… توسلت وصرخت”. وبعد الاعتداء، تُرك مكبلًا في فناء السجن لساعات في درجات حرارة متجمدة.

وقال سالم إنه تعرض طوال فترة احتجازه لتعذيب يومي شمل التجويع، والإهمال الطبي، والتفتيش العاري، والعنف الجنسي. وفي 9 يوليو/تموز 2024، زار وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتامار بن غفير سجن عوفر، حيث اقتحمت قوات الحراسة الزنازين واعتدت على السجناء.

وأضاف سالم: “رأيت بن غفير بأم عيني… كان يضحك ويشير بيده كالمخرج”.

أسلوب حرب

اتهم تحقيق للأمم المتحدة دولة الاحتلال الإسرائيلي باستخدام العنف الجنسي كـ“أسلوب حرب”، فيما وصفت منظمة بتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان السجون الإسرائيلية بأنها “شبكة من معسكرات التعذيب”. ف

وقال الساعي وسالم إن الخوف، والوصمة الاجتماعية، والصدمات النفسية تمنع كثيرين من الحديث علنًا.

وأضاف سالم: “نحن أناس حقيقيون… يجب محاسبتهم”.

ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، اعتقلت القوات الإسرائيلية أكثر من 20 ألف فلسطيني، ولقي ما لا يقل عن 110 سجناء حتفهم في الحجز، فيما لا يزال نحو 9300 فلسطيني رهن الاعتقال.

وقال الساعي في ختام شهادته: “هذه هي الحقيقة… ولا يمكن دفنها بالصمت”.

Share This Article