| افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
إسرائيل اليوم 24/12/2025
آلة صياغة الوعي من جحر قيادة مفزوعة
بقلم: اللواء عاموس مالكا
إطلعنا هذا الأسبوع على جملة استثنائية من الانباء عن نشاط مكتب رئيس الوزراء و “آلة الوعي” لديه، وكل هذا في الاسبوع الذي تقرر فيه الحكومة إقامة لجنة طمس سياسية للتحقيق في احداث 7 أكتوبر، ما سبقها وما جاء في اعقابها.
وكشف رونين بيرغمان في “يديعوت احرونوت” طريقة عمل “الالة”؛ وكشف افيشاي غرينسايغ في i24 مراسلات ايلي فيلدشتاين مع يونتان اوريخ وإسرائيل آينهورن والتي تشهد على الطريقة والمشاركين؛ وكانت الذروة في مقابلة عُمري اسنهايم مع فيلدشتاين في “كان 11”. والى هذا اضيف قول نفتالي بينيت بان هذه خيانة.
يفترض بهذا ان يقض مضاجع كل مواطن في الدولة؛ لكن مفزعة أكثر هي الحاجة لاستئناف تحقيق امني جنائي ثاقب من الشرطة والشباك الذين لم يجتهدوا حتى الان للتحقيق في كل “سلسلة القيمة” في قضية قطر غيت والتسريبات لصحيفة “بيلد”. لعله الان بات مفهوما اكثر لماذا سارع نتنياهو لان ينحي روني بار. فهل خاف من أن يصل الشباك في تحقيقاته اليه؟
في مقابلة مع فيلدشتاين سمعنا قولا صادما عن “اللقاء السري” في الكريا. وظاهرا اطلع تساحي بريفرمان، رئيس طاقم نتنياهو على معلومات داخلية عن تحقيق سري في دائرة امن المعلومات في الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك أسماء الخاضعين للتحقيق. فكيف؟ هل تسلل مكتب نتنياهو الى غرف التحقيقات السرية في الجيش أيضا.
وفي سياق ذلك سمعنا ان بريفرمان خاف من أن يصل الفحص الى مكتب رئيس الوزراء وراجع فيلدشتاين متسائلا “هل هذا يرتبط بك؟ بنا؟”. هذه الجملة بحد ذاتها تستوجب تحقيقا فوريا، إذ انه كان لبريفرمان اغلب الظن سببا لهذا التخوف والا لماذا هو قلق لدرجة لقاء عاجل في موقف السيارات بلا أجهزة هاتف. هل يحتمل ان يكون هو نفسه عرف بـ “طريقة التفعيل” لفيلدشتاين التي من شأنها أن تخلق مشكلة للمكتب؟
التركيز: كيف يفلت من المسؤولية
وبخصوص نتنياهو نفسه سمعنا قولا واضحا عن كونه “مفزوعا” وعن “المهمة العليا التي كلف بها فيلدشتاين ظاهرا: “ابعاد موضوع المسؤولية عن الإخفاق عن جدول الاعمال الجماهيري”.
كل مواطن يحلل سلسلة اعمال رئيس الوزراء ومبعوثيه يفهم اليوم على ماذا يفكر رئيس الوزراء – ليس على إدارة معركة استراتيجية، استغلال فرص سياسية منذ مراحل الحرب الأولى، او كيف يحرر المخطوفين بسرعة. تركيزه هو على كيف التهرب من المسؤولية، والقائها على كل المستويات الأمنية، تشويه صورة الوضع الحقيقية وتبييض عمل مستشاريه مع قطر، المؤيدة والممولة لحماس، بفعل يقترب من الخيانة.
فقط لجنة تحقيق رسمية الى جانب تحقيق من الشرطة والشباك يمكنها ان تصل الى الحقيقة التي يحاول نتنياهو اخفاءها. تحقيق جنائي يفترض أن يكمل التحقيق مع مستشاريه بل ومعه، بريفرمان و “الشخص الثالث” الذي بزعم فيلدشتاين كان في موقف سيارات الكريا، تسريب التحقيق لبريفرمان والاشتباه بتشويشه.
لجنة تحقيق رسمية وليس أي مسخ هاذٍ ستحقق بكل ما أدى الى 7 أكتوبر وما تلاها، لكن أيضا آلة الرسائل القطرية التي عملت ظاهرا من مكتب رئيس الوزراء. عمليا، “النصر المطلق” هنا هو البقاء والهروب من المسؤولية – وكل الوسائل مشروعه لهذا الغرض.
——————————————
هآرتس 24/12/2025
يتطور في الضفة الغربية واقع ينبع من سياسة هدفها تثبيت حقائق الضم على الأرض
بقلم: جاكي خوري
ما يتطور في هذه الأيام في الضفة الغربية ليس مجرد “جولة احتكاك” أخرى: ليس حدث موسمي يرتبط بقطف الزيتون في الخريف، أو اندلاع معين لعنف يمكن استيعابه او تصنيفه كمشكلة محلية. هذا واقع آخر، اخطر بكثير: واقع ينبع من سياسة. هذه السياسة واضحة ومستمرة. هدفها تثبيت حقائق على الأرض، بحيث ان الضم في الضفة لن يبقى بمثابة تصريح سياسي مستقبلي، بل فعل يومي في الحاضر.
الحجة القديمة للمؤسسة الامنية الإسرائيلية، التي تقول بان أي موجة عنف كهذه هي مسالة مؤقتة تنشأ أساسا في فترات “حساسة” مثل موسم قطف الزيتون، فقدت مصداقيتها. فقد انتهى موسم قطف الزيتون منذ فترة ولم يزد العنف الا حدة منذ ذلك الحين. الهجمات على الرعاة الفلسطينيين والمزارعين والعائلات في القرى والمدنيين العزل، لا هوادة فيها. فالمهاجمون لا يكتفون باستخدام الهراوات والحجارة فقط، بل هو يستخدمون أيضا السلاح وغاز الفلفل وأدوات تدمير الممتلكات واشعار النار. الناس يصابون، والاغنام تذبح والأشجار تقتلع. يسمح الحاق الأذى بكل ما يعتبر فلسطيني.
احداث الأيام الأخيرة تجسد جيدا خطر العنف: في ليلة الاثنين – الثلاثاء اقتحم خمسة إسرائيليين بيت عائلة في قرية السموع في جنوب جبل الخليل، واصابوا أم وأولادها الثلاثة وحتى انهم قاموا بالاعتداء على اغنام العائلة. المس بحيوانات الفلسطينيين هو أيضا منذ فترة طويلة لم يعد استثناء، بل هو نموذج متكرر. أيضا اطلاق النار من قبل مستوطن على الفلسطينيين قرب مستوطنة عناتوت في مساء يوم الاثنين، الذي انتهى بإصابة عدة اشخاص بإصابة بالغة، يعكس واقع متسع اكثر – سلاح عسكري يستخدم ضد مدنيين فلسطينيين بسهولة كبيرة، واحيانا في يد مستوطنين وليس جنود. الرواية الإسرائيلية الرسمية دائما تعتبر ذلك “مواجهة” و”رشق حجارة”، الامر الذي يبرر النتيجة.
هنا بالضبط تكمن المشكلة: المحاولة الدائمة في المؤسسة الأمنية والمستوى السياسي لتصنيف اعمال العنف كاعمال صادرة عن “حفنة صغيرة” و”شباب التلال” و”شباب متعصبون”، الذين لا يمثلون المستوطنين، هو تضليل، ليس لانه لا يوجد متطرفون، بل لان هذا التطرف يعمل في داخل غلاف من السياسة. هو يحظى بغض نظر ممنهج من المؤسسة السياسية – الأمنية، واحيانا حتى بدعم خفي.
اذا كان هناك ردع في الضفة الغربية فانه يستخدم فقط ضد الفلسطينيين. المستوطنون العنيفون لا يشعرون انه يمثل تهديد حقيقي لهم. يتواجد الجيش والشرطة وأجهزة الامن على الأرض، لكن وجودهم لا يحمي الفلسطينيين. بل العكس، ففي أحيان كثيرة يعطي المهاجمين الشعور بالحصانة. عندما يحمل فلسطيني سلاح فانه يصبح هدف مباشر، وعندما يهاجم مستوطن مسلح الفلسطينيين فانه يتم تجاهل الحادث أو التحقيق فيه بشكل سطحي أو اغلاقه بدون توجيه اتهامات. هذه ليست فوضى، بل تمييز واضح بين الذين يحميهم النظام وبين الذين يتم تركهم مكشوفين تماما.
في ظل هذا الواقع فان السلطة الفلسطينية أصبحت عامل هامشي. فشرطتها وقوات امنها عاجزة، بل خائفة أحيانا، من الاقتراب من مناطق النزاع. وتفشل المحاولات المحلية في تشكيل لجان مراقبة قروية بسبب الاعتقالات والعنف العسكري، وبشكل رئيسي لعدم وجود آلية فعالة للتعامل مع المستوطنين المسلحين الذين يتمتعون بالحصانة. والرسالة الموجهة للفلسطينيين واضحة: لا احد يحميكم.
الى جانب العنف تتقدم أيضا سياسة الحكومة الرسمية. مصادقة الكابنت على تسوية 19 بؤرة استيطانية جديدة – بعد شرعنة عشرات البؤر الاستيطانية في السنوات الأخيرة – واستثمار عشرات مليارات الشواقل في البنى التحتية في الضفة الغربية ليست خطوات تقنية، بل هي جوانب أخرى من نفس العملية. هكذا ينفذون الضم الفعلي بدون الإعلان عن ذلك رسميا، وبالحجة الثابتة التي تصعب مواجهتها، “الأمن”.
هنا يدخل البعد الدولي الى الصورة. في السابق كان يتم الاعتقاد ان هذا سيكون مفيد وسيوفر الحماية للفلسطينيين، لكن هو الاخر فشل في تحقيق النتائج المامولة. فليس الأمم المتحدة (بمؤسساتها) أو محكمة العدل الدولية أو أوروبا المتنورة، وليس حتى الصين القوية، تساعد سكان الضفة الغربية. ولا فائدة من الوثوق بالدول العربية. هل لا تصدقون؟ اسألوا الفلسطينيين في غزة.
بقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. فاذا كان مصمم على اقناع نفسه بعدم وجود ضم في الضفة الغربية، وانه حقق السلام في الشرق الأوسط، الذي لم يشهده العالم منذ ثلاثة آلاف سنة، فيجب عليه النظر الى ما يحدث على ارض الواقع. ليشاهد الأفعال وليس التصريحات. صحيح ان الحرب في غزة توقفت، ولكن سكانها سيبقون يعانون من تبعاتها المدمرة لسنوات طويلة قادمة. لكن حرب أخرى تندلع في الضفة الغربية، اقل شدة ولكنها لا تقل تدميرا. لن يستطيع دعاة السلام تجاهل هذه الحقيقة، ولن يتمكنوا من وصف الضفة الغربية بانها منطقة مستقرة.
السلام لا يبنى على أساس العنف اليومي، الطرد التدريجي وحرمان مجموعة سكانية كاملة من الحماية. هذه هي الحقيقة. وفي الضفة الغربية هذه الحقيقة، منذ فترة طويلة، لا يمكن اخفاءها.
——————————————
معاريف 24/12/2025
المصلحة تستوجب أن تخضع اسرائيل للاملاء الدولي وتنسحب من لبنان وسوريا
بقلم: ران ادليست
كفاح حركات الاحتجاج والمعارضة البرلمانية ضد الحكومة يتركز اليوم على تقديم موعد الانتخابات. والحافز تمنحه لها حكومة تنقض كمصابة بالصرع على كل منظومة لا تزال تؤدي مهامها. كل يوم توجد فيه هذه الحكومة يلحق اضرارا عظيمة، لكن في المدى القصير يمكن إصلاحها، اذا ما قدم موعد الانتخابات وقامت حكومة تغيير فانها ستضطر الى الخضوع في غضون بضعة اشهر لاملاء العالم، للانسحاب من لبنان ومن سوريا ولفتح شق لمحادثات على مستقبل الضفة. المصلحة السياسية القومية تستوجب ان تأكل حكومة نتنياهو ما طبخته. محظور السماح لها بان تدير من الخارج كفاحا معارضا مجنونا وخطيرا. فقدر اكثر مما ينبغي من البن غفيريين الصغار يتسكعون هناك في الخارج، والضربة يفترض أن يتلقوها من حكومتهم.
لمواصلة ولاية حكومة نتنياهو يوجد معنى واهمية في كونها حكومة الاستسلام والانسحاب من لبنان، من سوريا ومن القطاع، والمسؤولة عن الانتفاضة بسبب ما تفعله في الضفة. نتنياهو وشركاؤه يخوضون حروب استنزاف من خلال كل أنواع الهجمات البطولية خلف خطوط العدو والاحداث المحلية. والحيلة هذه يفترض أن تبقي الجمهور على اطراف أصابعه وتعزز وضعا قتاليا تحت رعايته تمرر قوانين الانقلاب القضائي والنظامي.
الحقيقة، حتى حكومة التغيير هي مرحلة انتقالية. تغيير الحكومة اليوم ليس تغيير بطارية، بل كل المحرك. في هذه الاثناء نحن نُدار من قبل أناس اشرار يحولون محيطهم اليميني الى شراني أكثر. كثير من الناس العاديين، أي الاخيار، يميلون يمينا بسبب ضعف العقل وليس بسبب شرانية القلب التي يتميز بها قسم كبير من المتفرغين اليمينيين الصارخين. حملات تأثير بأسلوب “تهديد وجودي” تستغل في صالح القبول لافعال شريرة، تلاعبات كهذه او تلك. يدور الحديث عن معركة كاملة 24/7، بمعونة صفحات رسائل، صحف مجندة، مؤثرين وتسويق سياسة وفقا لمزايا الطرائد. طريقة العمل تتوقع ليس فقط تأييدا لخطوة معينة بل احاطة الطرائد بالشبكات تمهيدا للانتخابات.
بالتوازي، يجري صيد نفوس تائهة في القطاع الليبرالي، ضمن أمور أخرى بواسطة مناورة “الرسمي” العتيقة للقومجيين المسيحانيين منذ عهد الحاخام كوك الاب: حية “معا” مصطنعة لغرض إخفاء نوايا السيطرة. نتنياهو وسموتريتش يقتطعان من ميزانية اعمار الغلاف ويضخان المال الى المستوطنات ذاك المال الذي في قسم منه يمول المستوطنين الذين يأتون “للمساعدة” و “للانخراط” في الجهد لاعمار الغلاف. وفي واقع الامر، للسيطرة. مثابة معركة لـ “اخوة السلاح”، الذين يأتون لمجرد المساعدة ويشهر بهم كخونة من قبل حكومة المستوطنين. في الشمال وفي الجنوب على حد سواء يحتاج السكان الى كل فتات دعم يمكنهم أن يضعوا أيديهم عليه كي يعودوا الى الحياة. اما الموافقة على مساعدة استيطانية لانعدام البديل – نعم، لكن فقط في اطار احترمه وشك فيه واطرده في أول فرصة.
لا يوجد سبيل في العالم يرتبط فيه الوسط الليبرالي – الديمقراطي ذهنيا وايديولوجيا بالوسط اليميني عامة وبالحريدي القومي خاصة. توجد نقاط اتصال رابطة بمفاهيم صيانة الدولة لأغراض إعطاء خدمات لمواطنيها، لكن لا توجد إمكانية للشراكة في إدارة الدولة حين يكون الائتلاف الحالي يمص ضرع الوسط الليبرالي – الديمقراطي.
——————————————-
هآرتس 24/12/2025
حكم فلسطيني في غزة قبل القوة الدولية
بقلم: ليزا روزوفسكي
قطر تضغط على الولايات المتحدة من اجل انشاء في اسرع وقت آلية حكم فلسطينية في قطاع غزة، حتى قبل تشكيل قوة الاستقرار الدولية. في إدارة ترامب يميلون الى إقامة سلطة كهذه من خلال الادراك بان هذه مرحلة ضرورية لترسيخ حل لقطاع غزة. في الأسبوع الماضي، بعد لقاء مع رئيس حكومة قطر محمد آل ثاني، ووزير الخارجية التركي هاكان فيدان، نشر المبعوث الخاص لترامب، ستيف ويتكوف، بيان جرى فيه التحدث عن ضرورة وجود جسم حكومي فلسطيني في غزة.
ويتكوف أكد في بيان صادر باسم جميع المشاركين على ضرورة السماح بانشاء هيئة حكم في غزة، تحت سلطة غزية موحدة، لحماية المدنيين والحفاظ على النظام العام. قطر تحث الامريكيين على تشكيل لجنة تكنوقراط فلسطينية في اسرع وقت ممكن – ويفضل ذلك قبل وصول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الى ميامي في الأسبوع القادم، وذلك لتولي الإدارة في القطاع فعليا.
كلمات “قوة الاستقرار الدولية” غابت عن البيان الذي نشره ويتكوف. تعبيرات أخرى لوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في هذا الشأن توضح انهم في الولايات المتحدة ادركوا ان قوة الاستقرار يمكن تشكيلها فقط في مرحلة لاحقة. في موازاة بيان ويتكوف نشر أيضا بيان منفصل، تركي، الذي فيه تم التأكيد على انه في اللقاء في ميامي “تمت مناقشة ترتيبات ستضمن ان غزة سيتم حكمها على يد الغزيين”. الامريكيون في الواقع ما زالوا لا يتحدثون بهذه الصيغة، لكن يبدو انهم هم أيضا يفهمون انه لن يكون حل لغزة بدون مشاركة مباشرة وكثيفة من جهات حكم غزية.
بالنسبة لقطر، التي يبدو انها تتفق مع تركيا ومصر، فان انشاء حكومة فلسطينية لادارة القطاع ونشر آلاف ضباط الشرطة التابعين للسلطة الفلسطينية في القطاع، الذين سيتم تدريبهم في مصر والأردن، هي الخطوات العاجلة واللازمة لضمان عدم انهيار وقف اطلاق النار. اما انشاء قوة حفظ الاستقرار الذي يعتمد كما هو معروف على وجود آلية واضحة لنزع سلاح حماس، فان قطر تقترح تاجيله الى مرحلة لاحقة.
مصدر إقليمي رسمي مطلع على محادثات المرحلة الثانية قال لـ “هآرتس” في الأسبوع الماضي بأن تشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية هي الطريقة الوحيدة لتمكين حماس من التخلي عن الحكم في قطاع غزة ونقله الى جهة فلسطينية. وأضاف هذا المصدر بان هذه الاقوال تاتي حتى قبل البدء في الحوار الطويل والمعقد حول نزاع سلاح حماس. وذكر المصدر في سياق الحديث بأن “قوة الاستقرار الدولية يجب ان تعمل كآلية اشراف (على نزع سلاح حماس)، بينما يجب ان تعمل الحكومة (حكومة التكنوقراط) والشرطة في غزة كوسيط بين قوة الاستقرار وبين ما يحدث على الأرض في غزة.
حسب نفس المصدر فان مصرح حولت لإسرائيل قبل شهر بضع عشرات الأسماء لمرشحين فلسطينيين من اجل اشغال لجنة التكنوقراط. قائمة أخرى مقلصة اكثر للاسماء، كما يقول المصدر، حولت من قبل الولايات المتحدة مؤخرا. على الأقل حتى نهاية الأسبوع الماضي فان إسرائيل حسب هذا المصدر، لم ترد. وفي ميامي تمت مناقشة السبل لحث إسرائيل على المصادقة على قائمة الأسماء.
روبيو تطرق لهذه المسالة في مؤتمر صحفي عقد في ذلك اليوم وقال: “حتى أمس احرزنا تقدم في إضافة أسماء أخرى الى أعضاء لجنة التكنوقراط. وشدد على “ضرورة” انجاز المرحلة الأولى في خطة ترامب التي تتضمن حسب قوله، انشاء مجلس السلام الفلسطيني ولجنة التكنوقراط. وأضاف روبيو بانه “بعد ذلك بفترة قصيرة سيتم انشاء قوة الاستقرار الدولية”. وفيما يبدو انه استسلام للموقف الثابت لدول كثيرة وللواقع نفسه أضاف بان الولايات المتحدة مدينة للدول التي أظهرت استعدادها للنظر في الانضمام الى قوة الاستقرار ببعض “الإجابات الإضافية”، بما في ذلك فيما يتعلق بولاية هذه القوة وآلية تمويلها.
فكرة لجنة التكنوقراط الفلسطينية المستقلة عن السلطة الفلسطينية وحماس طرحتها من البداية مصر في خطة وضعتها كبديل لخطة ترامب للترحيل وبرنامج الريفييرا في بداية هذه السنة. مصر أيضا تروج امام الأمريكيين لنهج “العمليات المتوازية” في غزة، وهو ما يتعارض تماما مع المصالح الإسرائيلية كما ترى ذلك الحكومة في إسرائيل. فبينما يحاول نتنياهو ربط أي تقدم في القطاع بانهاء المرحلة الأولى في خطة ترامب، أي إعادة جثة المخطوف ران غوئيلي، ونزع سلاح حماس، فان مصر تصمم على احراز تقدم على عدة مسارات متوازية: البدء في إعادة الاعمار بشكل مبكر غرب الخط الأصفر، حتى لو كانت حماس ما تزال في الحكم، وإدخال قوات فلسطينية بديلة الى القطاع حتى قبل موافقة واضحة من قبل حماس على نزع سلاحها وما شابه.
حسب مصدر إقليمي آخر تحدث مع “هآرتس” في الفترة الأخيرة: “المطالبة بنزع سلاح حماس باعتباره الامر الأول الذي يجب فعله، ليست عملية. يجب النظر الى نزع السلاح كعملية. الإسرائيليون يريدون ان يكونوا غير عمليين لانهم يريدون انهيار كل هذا الامر (وقف اطلاق النار) لاسباب سياسية داخلية”.
لقد اظهر السفير الفرنسي في إسرائيل فريدريك غورنس، الذي أجريت معه مقابلة في بودكاست صحيفة “هآرتس” باللغة الإنجليزية، وجهة نظر مشابهة. فقد قال: “في عام 2007 خلعت شرطة السلطة الفلسطينية (في غزة) الزي الرسمي وارتدت زي حماس. والحقيقة هي اننا بحاجة الى فعل الشيء نفسه الآن، ولكن في الاتجاه المعاكس. نحتاج الى تزويد عناصر حماس بسلاح اقل خطورة، وتحويلهم الى شرطة شوارع”. غورنس واصل حديثه وقارن هذا الوضع بإعادة دمج المقاتلين في المنظمات الإسلامية في الجزائر وفي لبنان: “يجب إيجاد وظائف لهم في الشرطة المحلية واعادتهم. لقد تخلصتم بالفعل من القيادة ولم يبق منها الا القليل، لكن الان لا بد من العمل الميداني، وهو عمل ليس بطولي ومليء بالتنازلات”. وفيما يتعلق بالسلاح الثقيل الذي يشمل، حسب غورنس، صواريخ آر.بي.جي التي يجب التخلص منها، قال: “المصريون يعملون على ذلك بجدية كبيرة”. ومشكوك فيه أن ينظر نتنياهو الى غزة بهذه النظرة المتفائلة. والسؤال الأهم هو الى أي مدى سيحاول – والى أي مدى سينجح – وقف هذا القطار الدولي السريع بقيادة قطر في لقائه مع ترامب.
——————————————
معاريف 24/12/2025
مسافة خطوة الى الدكتاتورية
بقلم: افرايم غانور
كل يوم يمر ويقربنا من موعد الانتخابات يرفع درجة الحرارة السياسية والاجتماعية الى مستوى لم نشهد مثيلا له، فيما أن من جلب علينا هذا الكرب هي هذه الحكومة. حكومة غيرت بشكل متطرف ومقلق المناخ في دولة إسرائيل في غضون ثلاث سنوات، وتدوس بقدم فظة كل قطعة طيبة في الدولة اليهودية – الديمقراطية – الصهيونية التي قامت على اساسات وثيقة الاستقلال.
من ينظر بعيون مفتوحة الى ما يجري هنا في السنوات الثلاثة الأخيرة لن يصعب عليه ان يلاحظ ان دولة إسرائيل المتنورة توجد على مسافة خطوة عن دكتاتورية بشعة ومقلقة. المحكمة العليا أصبحت القلعة الأخيرة للديمقراطية، خط الدفاع الأخير. وهي تقف في هذه الساعات كالسور المنيع كي تحمي الدولة من قرارات وقوانين هاذية تعمل هذه الحكومة على تمريرها بكل ثمن، واساسا من اجل بقائها وحوكمتها المشكوك فيها التي تقوم على أساس القوة، المال والكبرياء.
ان قائمة المبادرات التشريعية المدوية طويلة: قانون الاعفاء من التجنيد للحريديم، لجنة تحقيق سياسية لـ 7 أكتوبر. محاولة اقالة المستشارة القانونية وتقسيم منصبها، التشريع ضد وسائل الاعلام الحرة وغيرها وغيرها.
واكثر من كل شيء، تتميز هذه الحكومة بقدرتها على القاء المسؤولية عن الإخفاقات على كل شيء، ان تتنكر بشكل مطلق لاي مسؤولية وان تجد بسهولة المسؤولين عن كل مشاكل شعب إسرائيل. وغير مرة يترافق هذا ووابل من الأكاذيب والادعاءات المتهالكة. من شاهد المقابلة الصحفية المشوقة لعمري اسنهايم، مع الناطق بلسان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ايلي فيلدشتاين تعرف على فصل إضافي وبشع لسلوك هذه الحكومة واساسا من يقوم على رأسها. واضح تماما انه في كل دولة سوية العقل، كانت مثل هذه الحكومة ستنهي طريقها منذ زمن بعيد.
في هذه الأيام، فيما أن الانقلاب النظامي الذي اعلن عنه يريف لفين يتلقى طابعا واضحا من الدكتاتورية التي لا تتوقف، اخترت أن افحص كيف نشأت الدكتاتوريات والأنظمة الظلامية على مدى السنين. ولاسفي، وجدت غير قليل من الخطوط المتلاصقة بين تلك الأنظمة وسلوك حكومة إسرائيل اليوم. هكذا مثلا النظام في الاتحاد السوفياتي في عهد ستالين – لينين: الانقلاب بدأ باسم المساواة والعدل، مع وعد بحكم الشعب، وعلى الفور تحول الى سيطرة كاملة على وسائل الاعلام مع شرطة سرية (كي.جي.بي)، محاكمات استعراضية، تطهيرات ومعسكرات عمل.
مثال آخر هو النظام الظلامي لموسوليني في إيطاليا الفاشية. فقد ولد على خلفية فوضى سياسية واقتصادية خلقت خوفا من الشيوعية، التي اقلقت جمهورا واسعا. السياق كان الغاء برلمان فاعل، ملاحقة خصوم سياسيين، عبادة الزعيم وتشريع تدريجي مناهض للديمقراطية.
هكذا أيضا النظام الظلامي في فنزويلا، الذي بدأ في شافيز وانتقل الى مدورو. صحيح أن هذا بدأ بانتخابات ديمقراطية مع وعد بالعدالة الاجتماعية، لكن سرعان ما تدهور الى اضعاف المحاكم، تركيز القوة في يد الرئاسة وملاحقة المعارضة – ما دهور فنزويلا الى العنف والانهيار الاقتصادي.
وعليه، فان الاستناج هو ان الخطر على الديمقراطية لا يعني بالضرورة دبابات في الشوارع، بل قوانين وقرارات تمس باستقلالية جهاز القضاء، تشريع يردع وسائل الاعلام النقدية والدفع قدما بقنوات دعاية تخدم الحكومة.
وبالطبع، عبادة الزعيم، إذ انه في الدكتاتورية يعد النقد كخيانة.
كل واحد يمكنه أن يشخص المؤشرات المقلقة هذه في دولة إسرائيل هذه الأيام. ويجدر التشديد على ان الديمقراطيات لا تسقط عندما يسكت الجمهور – بل تسقط عندما يعتاد الجمهور.
——————————————
هآرتس 24/12/2025
قاعدة نتنياهو تشخص العفن في قضية قطر
بقلم: رفيت هيخت
الائتلاف يبث ان “قضية قطر”، كما تسمى بالمعنى الضيق الذي يشوه جديتها الأخلاقية والسياسية، لا تقلق رئيس الوزراء على الاطلاق. ليس من حيث الاتهامات، بل من حيث تاثيرها على دعم القاعدة الشعبية المخلصة. وبحسب مصادر في الائتلاف يعتبر من يؤيدون الحكومة في هذه القضية محاولة أخرى لتشويه سمعة نتنياهو. لذلك فانهم يقولون: “هي لا تثير اهتمام مكتب رئيس الحكومة”.
لكن هذه ليست الحقيقة. فوجود علاقات مشبوهة بين مكتب نتنياهو، قبل وبعد مذبحة 7 أكتوبر، وبين قطر التي تمول حماس، يؤثر بالفعل على مصوتي اليمين. وياتي هذا التاثير السلبي في المرتبة الثانية بعد تجاهل نتنياهو لتهرب الحريديين الذي يسعى لدعمه قدما من اجل تعزيز بقاءه السياسي. وحسب مصادر في المعارضة تظهر الاستطلاعات بان علاقات مكتب رئيس الحكومة بقطر تعتبر جزء مما يصفه مصوتو الليكود بـ “ثقافة الانحلال” التي تتغلغل في الحكومة. ويقولون: “ان نطاق الانحلال الذي يتحدث عنه بعض أعضاء الليكود يمتد من قطر الى شخصية ماي غولان، وهم أيضا يقرون بانه ثقافة فساد”.
ان الهجمة التشريعية الفاشية ومحاولة ياريف لفين المستمرة عرقلة النظام القضائي والجرأة على تشكيل لجنة تحقيق مع تجاهل صرخات العائلات المنكوبة التي تضررت في 7 أكتوبر، والقاء اللوم على اتفاق أوسلو ورؤساء وزراء سابقين (احدهم كان ضحية جريمة قتل مدبرة) والتحريض السافر ضد الاحتجاج – كل ذلك مهما ظهر قاسيا ومزعجا، فانه ليس الا قنابل دخان. قنابل سوداء ولها رائحة كريهة، لكنها تبقى مجرد أدوات. هدفها حرف الانتباه لفترة طويلة عن نقطة ضعف نتنياهو في اليمين، النقطة التي لا يمكن اخفاءها أو التغطية عليها.
جزء من نقطة الضعف هذه يكمن في شرعنة التهرب الحريدي. ولكن، بنفس القدر تقريبا، أيضا تعاون مستشاري نتنياهو المقربين مع دولة مثل قطر مقابل الأموال، في قضية صادمة تثير التساؤل حول سلوك رئيس الحكومة. ما الذي يفترض ان يفكر فيه شخص عاقل بشان رئيس حكومة لا يعرف بان مساعديه المقربين يعملون لدى دولة تمول حماس ويحصلون على رواتب مقابل تلميعها حتى في زمن الحرب؟ لماذا يدعم نتنياهو مساعديه ويقلل من خطورة القضية ويصفها بانها “مفبركة”؟.
في المعارضة يدركون جيدا نقاط ضعف نتنياهو، وبالاساس في أوساط اليمين من المعارضة. وبينما لا يزال افيغدور ليبرمان يرى في قضية التهرب من الخدمة محرك رئيسي أساسي، فقد هاجم نفتالي بينيت بقوة قضية قطر ويسعى بجهد لاستغلالها ويضرب الحديد وهو ساخن. كلاهما يلاحظان الأمور بشكل صحيح.
نتنياهو الذي قال في البداية عن ايلي فيلدشتاين بانه “وطني إسرائيلي وصهيوني متحمس” يصف الان تصريحات المستشار العلنية بانها “سلسلة أكاذيب وافتراءات”. ابواقه التي كانت تحتضن فيلدشتاين الآن هي تندد به تماشيا مع توجهات الرئيس. صحيح ان فيلدشتاين الذي غير أقواله، ليس المرشح الأمثل لنيل شهادة النزاهة المطلقة. مع ذلك فان دخول شخص كهذا الى مكتب رئيس الحكومة يعكس بيئة المكتب وصورة مشغله اكثر من أي شيء آخر.
——————————————
يديعوت احرونوت 24/12/2025
وعد كاتس بإقامة مستوطنة في قطاع غزة
بقلم: ارئيلا رينغل هوفمن
في تشرين الثاني 2024، بعد 72 ساعة من صعودة الى الطابق الـ 14 في الكريا، اعلن إسرائيل كاتس، وزير الدفاع الجديد الذي دخل لتوه الى مكتبه، اننا انتصرنا. “الضربات التي وجهناها الى لبنان”، قال في حينه، “لا بد ستدرس”. بل وأضاف باننا “حسمنا المعركة مع حماس تنظيميا وعسكريا”. حقيقة أنه بعد يوم من “انتصرنا” سقطت على الشمال 200 رشقة اطلقها المهزومون، قتلت، جرحت وزرعت دمارا كبيرا، اختفت عن عينيه حين اجمل حديثه بالقول “الان دورنا ان نجني ثمار النصر”. و “الان” هذا لكاتس حان، هكذا يبدو، امس في ساعات الصباح في مناسبة احتفالية خاصة جرت في بيت ايل مع التوقيع على الاتفاق على نقل المقر الرئيس في بنيامين من المستوطنة وإقامة 1.200 وحدة سكن مكانها. معتدا ومتفكها، صعد كاتس للتهنئة، وعاد، بتأخير قصير من سنة وشهر، الى ثمار النصر: “خذوا كل ابتكارات مباي، مع أنوية الناحل”، سخر، “التي قام بها غليلي وأولئك”. وإذا بقي شيء ما غير واضح، أوضح كاتس بان هذا سيحصل “بمعونة الرب”، والانوية التي ستقام هناك ستأتي “بدلا من البلدات التي اقتلعت”. والمقصود بالطبع هي البلدات التي اقتلعت في اثناء فك الارتباط، والتي نسي كاتس ان يطلع الاخرين على انه صوت له.
مع فارق فقط بين “انتصرنا” في حينه وفرحة الجني الان، هو أن هذه الفجوة استغرقت بضع ساعات فقط الى أن شرح مكتبه بان الوزير لم يتحدث عن الاستيطان بل عن “انوية ناحل في اطار التواجد العسكري”. إيضاح لا يوضح حقا، بل يدل على أن وزير الدفاع نفسه هو الذي تلقى نوعا من الايضاح ما الذي ينبغي له أن يفعله بعد لحظة من اطلاقه الى الفضاء الوعد منفلت العقال، والذي تلقى هتافات الحاضرين، دون أن يأخذ بالحسبان ان وزير الدفاع لدولة إسرائيل هو ليس دانييلا فايس وليس كل ما يمكن لدانييلا فايس ان تفعله هو يمكنه أن يفعله افضل.
هذا ليس الفرق الوحيد. ليس متعذرا ان فايس، مع تجربة لا بأس بها في تحقيق الاحلال، تؤمن بان هذا سيحصل. من الصعب قول هذا عن كاتس. بعد سنة من توليه المنصب، عضو في الكابنت السياسي الأمني، من مثله يعرف او يجب أن يعرف بانه لا توجد أي نواة ناحل في البسطانة. وما يقلق هو حقيقة أن جمهور الوزير الذي يتولى احد المناصب الأكثر حساسية في دولة إسرائيل هو مركز الليكود. والذي حتى في الأيام التي يعود فيها التهديد الإيراني الى العناوين لدرجة ان ثمة من يحذر من مواجهة قريبة، يوجد 3 الاف عضو ينظر اليهم المسؤول عن امننا جميعنا في العيون. غير أنه لا يفوق أي فرصة لان يحتفل معهم في حفلات البلوغ، الاعراس والميمونه كي يضمن بانهم يفهمون بانه يسير على الخط معهم. في الانتخابات القريبة القادمة جدا للمناصب المركزية في الحزب، يأمل كاتس بان منصب رئيس سكرتاريا الليكود سيكون من نصيبه. هكذا يحصل في مركز الليكود. 3 الاف شخص كما اسلفنا، يملون سلوك من هو مسؤول عن أمننا، او اذا كنا سنكون حذرين، يؤثرون على الأقل عميقا عليه.
يعرف كاتس بانه لن تقوم مستوطنات في قطاع غزة ولا حتى بؤر للناحل. هو يعرف بان هذا النوع لا يستوي باي شكل مع خطة ترامب. يعرف جيدا بان رئيس الوزراء أوضح بضع مرات بانه يمكن للوزراء او النواب أن تكون لهم اراء مختلفة لكن هذا لا يلزم حكومة إسرائيل. وزير الدفاع، الذي يؤيد قانون التملص من الخدمة يعرف أيضا بانه لا يوجد من سيقيم ما يسميه أنوية ناحل وبالتأكيد لا يوجد من يحميها. وكل ما يتبقى من فرحة بيت ايل هو إحساس عسير من رُخص المنصب، الاستخفاف بالالتزام، في ضوء وزير فاشل، لا ينجح، حتى بعد سنة وشهر في ان يفهم ما الذي يوجد على كاهله.
——————————————
معاريف 24/12/2025
بدون تجريد حماس لا “قوة استقرار”
بقلم: آنا برسكي
قبيل اللقاء القريب بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إسرائيل يرسمون خطا أحمر: الانتقال الى المرحلة الثانية في الخطة الامريكية لاعمار غزة – بما في ذلك إقامة قوة استقرار وحكومة تكنوقراط – يحتمل من ناحية إسرائيل فقط بعد تجريد حماس من سلاحها. هكذا حسب مصادر إسرائيلية مطلعة على التفاصيل.
في إسرائيل يعتقدون أنه بدون تجريد حماس بالفعل، فان فكرة قوة الاستقرار لا يمكنها أن تنطلق على الدرب. “لا يمكن، بالتعريف، إقامة قوة استقرار في منطقة تسيطر فيها حماس. لن توافق أي دولة على ارسال جنودها لقتال مخربي حماس والقيام بالعمل الأمني الأسود”.
وحسب مصدر إسرائيلي فان “كل من يتخيل قوة يمكنها أن “تجرد حماس بالقوة” يعيش في اضغاث أحلام”.
تعكس صورة الوضع فجوة واضحة بين موقف إسرائيل وموقف واشنطن. فبينما يدفع الامريكيون وحلفاؤهم الاقليميون نحو التقدم “المتزامن” – أي البدء بإقامة أجهزة حكم واعمار وبالتوازي معالجة مسألة تجريد حماس – في إسرائيل يصرون على أن المفتاح هو التجريد. هذا، حسب التقديرات، ما من المتوقع لنتنياهو ان يقوله لترامب في لقائهما في مار آلاغو في الأسبوع القادم.
ومع ذلك، في إسرائيل يميزون بين سيناريوهين. اذا وافقت حماس على تسليم السلاح والتجريد – تحتمل خطوة موازية تقام فيها قوة دولية وفي نفس الوقت ينفذ جمع السلاح. لكن اذا رفضت حماس – “لا مجال لان تأتي قوة استقرار”، وإسرائيل لن توافق على خطوة في اطارها تدخل قوة اجنبية بدلا من الجيش الإسرائيلي – ما من شأنه عمليا ان يخلق حصانة لحماس.
نقطة خلاف أخرى ستطرح في اللقاء في سياق المرحلة الثانية هي إمكانية ان تدخل قوة الاستقرار الدولية – اذا ما وعندما تتشكل – الى المناطق التي يسيطر فيها الجيش الإسرائيلي في القطاع اليوم.
وحسب مصادر إسرائيلية، فان إسرائيل غير مستعدة لان توافق على ذلك طالما تواصل حماس كونها مسلحة في مناطق غزة. وحسب المصادر، لا تؤمن إسرائيل بان قوة دولية يمكنها “ان تنفذ العمل” حيال حماس او تمنع سيطرتها من جديد وبالتالي لن توافق على ان ينسحب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي يسيطر عليها مقابل الوعد بان تدخل مثل هذه القوة اليها.
بكلمات أخرى: حتى لو توفر نموذج “مهندس” لقوة استقرار – فان إسرائيل لن ترى فيها بديلا لسيطرتها الأمنية في المنطقة التي توجد فيها اليوم، خشية أن “تتسلل” حماس وتسيطر أيضا على مناطق تعرف كمستقرة.
في حالة الطريق المسدود – أي لا يوجد توافق على تجريد حماس ولا يوجد نموذج قابل للتنفيذ لقوة استقرار – في إسرائيل يتحدثون عن بديل يتمثل بالبدء بخطوات الاعمال فقط في المناطق التي تحت سيطرة إسرائيل داخل الخط الأصفر.
الفرضية هي ان مثل هذا الاعمار سيخلق “جودة حياة محسنة من اللحظة الأولى” في المنطقة التي تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية، ويجعلها “قوة جذب” للسكان المدنيين غير المتماثلين مع حماس.
في مثل هذا السيناريو كفيل بان تنشأ فجوة حادة داخل القطاع: منطقة تبدأ فيها خطوات الاعمار والبنى التحتية – مقابل مناطق تحت سيطرة حماس تبقى مدمرة. في إسرائيل يقدرون بانه في مثل هذا الوضع يحتمل ضغط اقل على إسرائيل لضخ المساعدات الى المناطق التي تحت سيطرة حماس.
وحسب الرسالة التي من المفترض برئيس الوزراء ان ينقلها الى ترامب، فان إسرائيل ستعرض استعدادا للالتصاق بالخطة والانشغال بالمرحلة الثانية – لكنها لن تقبل واقعا تبقى فيه حماس “شرعية مع سلاح”، ولن توافق على وضع يمنع فيه جنود أجانب في المنطقة الجيش الإسرائيلي من العمل ضد حماس عند الحاجة.
——————————————
هآرتس 24/12/2025
هل لا يريد نفتالي بينيت الفوز؟
بقلم: ديمتري شومسكي
هل من المعقول ان نفتالي بينيت لا يهتم بهزيمة نتنياهو في الانتخابات، والعودة الى منصب رئيس الوزراء وقيادة عملية إعادة بناء إسرائيل التي طال انتظارها بعد الكارثة غير المسبوقة التي حلت بها في مذبحة 7 أكتوبر؟. الحقيقة هي انه في حين انه من الواضح ان معسكر معارضة نتنياهو عاجز عن تشكيل حكومة بدون دعم الأحزاب العربية، فان بينيت وكل المعارضة (باستثناء التلميحات الغامضة لغادي ايزنكوت) لا يكتفون بعدم اظهار أي رغبة في تشكيل تحالف مدني ديمقراطي مع ممثلي المواطنين العرب، بل بالعكس، يتهربون مرارا وتكرارا من هذا السيناريو.
في الواقع، ليس من غير المعقول افتراض ان بينيت متردد في مواجهة نتنياهو. فهو بصفته يميني متطرف يتبنى معظم مواقفه الأيديولوجية. لذلك، امام معضلة الاختيار بين “خيانة” قيم اليمين واقصاء نتنياهو سياسيا مع الاعتماد على أصوات العرب، أو الخسارة بشرف ومحاولة الانضمام لحكومة نتنياهو رغبة في “اصلاح الوضع من الداخل”، من المحتمل أيضا ان يختار بينيت الخيار الثاني.
ولكن هنا بالضبط يكمن التحدي الأيديولوجي السياسي الكبير الذي وصل الآن الى عتبة بينيت. بالفعل، لا يوجد أي شيء “يميني” في التطلع العنصري والمشين لمنع المواطنين العرب في إسرائيل من المشاركة في تحديد مستقبل دولتهم من خلال ممثليهم في الكنيست، وهو المعنى الحقيقي الوحيد لشعار “التحالف الصهيوني” الذي تتجمع حوله أحزاب المعارضة الآن. واذا كان بينيت ينوي بالفعل صياغة بديل يميني مناهض للكهانية فانه من الواضح ان احد المباديء الأساسية له يجب ان يكون المصادقة على المساواة المدنية الكاملة للمواطنين العرب في إسرائيل، والرفض القاطع لاستبعادهم من الائتلاف الحاكم.
صحيح انه لا يجب الاستخفاف بحقيقة ان حرمان الشعب الفلسطيني من حقه بدولة خاصة به بين البحر والنهر، الرأي اليميني بامتياز – قد يرتبط بموقف ضد المساواة المدنية الكاملة للمواطنين العرب الفلسطينيين في إسرائيل. مع ذلك، يشير استعراض تاريخ اليمين الصهيوني الى ان هذا الربط غير ضروري، اذ برزت شخصيات محورية وبارزة قبل إقامة الدولة وبعدها، التي دافعت وبحزم عن فكرة ارض إسرائيل الكاملة، ودعمت في نفس الوقت المساواة المطلقة في الحقوق بين اليهود والعرب.
هكذا، انجاز زئيف جابوتنسكي باستمرار الى نماذج مستوعبة في الدولة اليهودية، تجمع بين المساواة في الحقوق الفردية والاعتراف بالحقوق الجماعية للاقلية العربية. كما عارض مناحيم بيغن الحكم العسكري في بداية قيام الدولة. واقترح موشيه آرنس ضم أراضي يهودا والسامرة مع إعطاء الجنسية الإسرائيلية للفلسطينيين. في ضوء كل ذلك اذا قرر بينيت دعم فكرة اشراك الأحزاب العربية في الائتلاف علنا وبصراحة فان ذلك لن يكون تحول “يساري”، بل عودة الى نهج اليمين الإسرائيلي الليبرالي القديم – وهكذا سيتعين عليه تقديم هذه الخطوة.
الصعوبة الثانية التي يجب عدم تجاهلها، التي تقف في طريق بينيت اذا أراد تسويق للجمهور اليهودي التعاون الائتلافي مع ممثلي الجمهور العربي، ترتبط بزيادة مشاعر العداء تجاه العرب في أوساط اليهود الإسرائيليين على خلفية مذبحة 7 أكتوبر. مع ذلك، رغم غرابة الامر، يمكن بالتأكيد إعادة النظر في المذبحة بطريقة تتيح فرصة غير متوقعة لبناء رواية إسرائيلية – عربية مشتركة. في الواقع لم يميز قتلة حماس بين اليهود والعرب في المذبحة، ولسبب وجيه – بالنسبة اليهم يعتبر المواطنون العرب في إسرائيل الذين يرغبون في معظهم في التعايش بسلام ومساواة مع الجمهور اليهودي الإسرائيلي، متعاونون مع الكيان الصهيوني. في الحقيقة لم يكن الهجوم القومي الإسلامي الدموي موجهة لليهود الإسرائيليين فقط، بل للهوية الإسرائيلية مع كل مركباتها المختلفة، وبالتالي، فان الاستجابة المناسبة من حيث الهوية التي يجب صياغتها بعد المذبحة هي تعزيز الروابط المدنية التي تجمعهم.
لا احد يتوقع ان يتنازل بينيت عن موقف الأيديولوجي الأساسي الذي يدعو الى فكرة ارض إسرائيل الكاملة، بل العكس، ومثلما قال يئير اسولين مؤخرا (“هآرتس”، 28/11)، فانه من الأفضل ان يتميز البديل للبيبية في المقام الأول بالاصالة، ولا شك ان بينيت هو شخص اصيل، حيث انه يميني قومي ومتدين، يؤمن بالحق القومي الحصري لليهود في ارض إسرائيل.
مع ذلك، اذا اعرب بينيت في نفس الوقت وبصدق عن دعمه الصريح للتعاون السياسي مع ممثلي العرب في الكنيست فلن تتاثر مصداقية موقفه قيد انملة. بل على العكس، يتذكر الجميع استعداده لتاسيس حكومة التغيير على دعم الحركة القومية العربية، ويتذكر أيضا بان هذه لم تكن خطوة انتهازية من جانبه، بل رغبة صادقة في الحفاظ على حوار سياسي مدني مع حزب عربي معتدل.
في ضوء ذلك فان تردده الحالي في السماح لحزب عربي بالمشاركة في الائتلاف في المستقبل، هو الذي يضر بمصداقيته. ففي الوعي العام في إسرائيل ينظر الى بينيت بوضوح على انه اول يميني سمح لممثلي الشعب العربي ان يكونوا احد قادة ائتلافه، والان بقدر ما يشير الى انه لا ينوي إعادة هذا التحالف، بدأ ينظر اليه على انه شخص يخشى اتخاذ هذه الخطوة المدنية الشجاعة والاصيلة مرة أخرى خشية من اليمين الكهاني. مع ذلك يجب على من يريد الفوز ان لا يظهر علامات الخوف، وهذا سبب آخر، وربما الأهم، يدفع بينيت الى السعي بشجاعة الى تأسيس تحالف صهيوني مدني يشمل أيضا المكون العربي.
——————————————
هآرتس ذي ماركر 24/12/2025
صفقة كبرى في مجال التكنولوجيا العليا
بقلم: ساغي كوهين
في سنة أخرى كان الاستحواذ على شركة آرمس مقابل 7.75 مليار دولار نقدا سيسجل كحدث تاريخي في مجال الهايتيك الإسرائيلي. ولكن في 2025 هذا الحدث سيتضاءل عند استحواذ غوغل على الوزير مقابل 32 مليار دولار (الذي اعلن عنه، لكنه لم يتم إنجازه بعد)، واستحواذ بالو التو نيت وورك على ساير آرك مقابل 25 مليار دولار. مع ذلك، يبقى استحواذ سيرفس ناو على آرمس، الحدث الاستثنائي والنادر بكل المقاييس، سواء على الصعيد الإسرائيلي أو الدولي.
أولا، هذه الصفقة تعتبر العملية الثانية الأكبر للتخارج لشركة ناشئة مدعومة برأس مال استثماري أقيمت في إسرائيل، بعد شركة الويز بالطبع. واذا اضفنا اليها عملية الاستحواذ على شركات إسرائيلية مدرجة في البورصة فان شراء آرمس يتحول الى الرابع في إسرائيل بعد الويز وسايبر آرك وموبي لاي، التي استحوذت عليها انتل (15.3 مليار دولار)، وتتفوق آرمس الان على استحواذ انفيديا على ميلانوكس(6.9 مليار دولار). هذا يعني ان ثلاث من اكبر خمس عمليات استحواذ في تاريخ إسرائيل حدثت كلها في 2025.
إضافة الى ذلك يمكن ملاحظة كيف يعكس احدث تصنيف لـ “الخمسة الكبار” التحول الجيلي في مجال الهايتيك. قبل سنة كانت معظم عمليات الاستحواذ الكبيرة في إسرائيل من نصيب شركات تصنيع الرقائق الالكترونية والاتصالات، اما الان فتسيطر شركات الامن السيبراني على القائمة.
حتى على الصعيد الدولي يعتبر الاستحواذ على شركة آرمس صفقة مهمة جدا، اذ تصبح اكبر صفقة استحواذ في تاريخ صناعة الامن السيبراني. أيضا تعزز هذه الصفقة مكانة إسرائيل في سوق الامن السيبراني. ففي اعقاب شركة ويز وسايبر آرك وآرمس، التي تعتبر من بين اكبر عشر صفقات استحواذ في العالم في مجال الامن السيبراني، هي شركات إسرائيلية.
الان يمكن أيضا التاثر من النمو الكبير في قيمة شركة آرمس على مر السنين. الشركة تاسست في 2015، وفي كانون الثاني 2020 استحوذ عليها صندوق رأس المال الاستثماري “انسايت” مقابل 1.1 مليار دولار في صفقة أبقت الشركة تعمل كشركة ناشئة مستقلة تحت إدارة مؤسسيها، واستمرت في تجنيد الأموال من مستثمرين في الخارج. بالفعل، استمرت قيمتها بالارتفاع من 1.1 مليار دولار الى 6.1 مليار دولار في تشرين الثاني الماضي، ووصلت الى استحواذ تبلغ قيمته 7.75 مليار دولار الآن.
——————————————
هآرتس 24/12/2025
كل بيت في إسرائيل خسر 120 ألف دولار وبينيت سيعمق الخسارة الاستيطان في الضفة المشروع الأكبر فشلاً في إسرائيل
بقلم: اوري بار – يوسيف
ماذا ستفعل عائلة إسرائيلية متوسطة بمبلغ 87 – 152 الف دولار؟ يقول المنطق إنها ستستثمره في تسديد أقساط رهن العقار الباهظة او تحسين الشقة او إجراء تجديدات شاملة أو التوفير لمواجهة الظروف الطارئة. أيضا يمكنها تنظيم رحلة فاخرة حول العالم لجميع أبنائها. هذا المبلغ يمكن للمرء أن يحلم به. من المؤكد أن هذا المال لم يتم استثماره في مشروع الاستيطان في “المناطق”، ومن المرجح أن من يؤيدون هذا المشروع لن يتنازلوا عن أحلامهم الخاصة لصالح هذا الحلم.
في الواقع استثمرت كل عائلة إسرائيلية تقريبا 120 ألف دولار في “المناطق” حتى الآن. هل لا تصدقون ذلك؟ هاكم الحساب: منذ العام 1967 استثمرت دولة إسرائيل 200 – 350 مليار دولار في الضفة الغربية وفي قطاع غزة، ويشمل هذا المبلغ نفقات الأمن، لكنه لا يشمل نفقات الحرب الأخيرة التي تقدر بـ 80 مليار دولار، والتي كان يمكن توفيرها لو ان إسرائيل توصلت الى حل للصراع. يوجد حاليا حوالي 2.3 مليون عائلة تعيش في إسرائيل. لذلك، فان تقسيم استثمارات الدولة في “المناطق” المحتلة على عدد العائلات يعطي النتيجة المتوسطة المذكورة أعلاه: 120 الف دولار.
منذ إقامتها استثمرت إسرائيل أموالاً ضخمة في مشاريع مختلفة: الهجرة الكبرى، التي ضاعفت عدد السكان اليهود خلال ثلاث سنوات، وبناء الجيش الإسرائيلي، وإنشاء منظومات تعليم، صحة، رفاه، بنى تحتية، مصانع تحلية وديمونة وما شابه. في معظم الحالات كانت هذه الاستثمارات مبررة. حتى لو ظهر لنا الآن أن كل شيء أسود فان المشروع الصهيوني ما زال يشكل قصة نجاح كبيرة. ليس هكذا الاستثمار المتواصل في تخليد سيطرة إسرائيل على “المناطق” التي احتلت في حرب “الأيام الستة”. في تشرين الثاني 1967، بعد بضعة أشهر على انتهاء تلك الحرب اتخذ في مجلس الامن القرار 242، الذي حدد الصيغة الأساسية لتسوية النزاع: الأرض مقابل السلام. منذ ذلك الحين فان كل محاولة للدفع قدما بحل النزاع ترتكز إلى هذه الصيغة، وكل الجهود التي بذلتها إسرائيل في ترسيخ حقائق على الأرض من أجل الوصول إلى إلغائها لم تغيرها.
انظروا مثلا الى شبه جزيرة سيناء. طوال عشر سنوات أقامت إسرائيل هناك مستوطنات، وشنت حروباً قاسية هدفت الى منع الانسحاب، وأعلنت أنها لن تتنازل عن شرم الشيخ حتى مقابل السلام. قُتل الكثيرون واستُثمرت المليارات، وفي نهاية الامر قمنا بإعادة سيناء حتى الشبر الأخير. عملية مشابهة كانت توشك ان تحدث مع سورية. هناك أيضا لم يكن السؤال هل إسرائيل ستنسحب، بل أين ستمر الحدود الدولية التي ستنسحب إليها، ومن الواضح ان كل الاستثمارات الكبيرة في ترسيخ مكانتنا في هضبة الجولان كانت ستذهب هباء. عن الانسحاب من قطاع غزة لا فائدة من التحدث كثيراً. رغم أحلام اوريت ستروك إلا ان إسرائيل ستضطر إلى تدبر أمرها بدون إعادة الاستيطان هناك.
بقيت أمامنا الضفة الغربية. للحظة ظهر أن الاجتماع بين دونالد ترامب، الرئيس الأميركي، الذي يفتقر جدا الى فهم سياسة الشرق الأوسط بالتحديد والسياسة الدولية بشكل عام، ودافيد فريدمان، السفير الذي كان يمثل كتلة “غوش ايمونيم” في الإدارة الأميركية، وجارد كوشنر، الوسيط الذي لم يظهر أي اهتمام بالقضية الفلسطينية، سيؤدي الى اعتراف اميركي بحق إسرائيل في ضم أجزاء من “المناطق”. كان هذا في ولاية ترامب الأولى. في الولاية الثانية أوضح بالفعل أنه وعد الدول العربية بان إسرائيل لن تقوم بضم الضفة الغربية، وحطم بذلك أمل عدد كبير من الإسرائيليين وكابوسا لكثيرين آخرين؛ لأنه اذا قال أكبر حليف لليمين الإسرائيلي في البيت الأبيض بانه لن يحدث ضم فلن يحدث ضم.
النتيجة واضحة. حتى بعد 60 سنة تقريباً من الجهود فانه لا توجد أي دولة في العالم تؤيد الضم. بهذا المعنى فانه من الواضح أن الجهود الكبيرة التي استثمرت في ذلك هي سيزيفية. أيضا فشلت محاولة تثبيت حقائق على الأرض : 85 في المئة من سكان الضفة الآن فلسطينيون، و99 في المئة من الأراضي الخاصة تعود إليهم، وعدد المغادرين اليهود من “المناطق”، الآن، هو أكبر من عدد المنضمين اليها. حوالي 40 في المئة من اليهود في الضفة هم من الحريديين، الذين وصلوا الى هناك بسبب الضائقة الاقتصادية، ويصنفون في العنقود الاقتصادي – الاجتماعي الأكثر تدنيا. المدن الثلاث، التي يتركزون فيها، يتم تمويلها جميعا تقريبا من أموال دافعي الضرائب الذين يعيشون وراء الخط الأخضر. تكفي هذه الأرقام كي نفهم ان المستوطنات هي وبحق المشروع العقاري الفاشل لإسرائيل.
كل رجل اعمال جيد يعرف ما يفعلونه مع استثمار فاشل، لكن للمستوطنين والسياسيين الذين يؤيدونهم حسابات أخرى. لذلك فان ما نراه، خاصة تحت صولجان بتسلئيل سموتريتش، الذي يشغل منصب وزير المالية والوزير المسؤول عن إدارة الاستيطان في وزارة الدفاع، هو ازدياد الاستثمار في المشروع الفاشل والمفشل في تاريخ إسرائيل. كل ذلك دون أخذ البعد الأخلاقي، والدعم أو على الأقل التغاضي عن الزعران الذين يرتكبون اعمال عنف ضد السكان الفلسطينيين، والثمن الباهظ الذي تدفعه إسرائيل في الساحة الدولية نتيجة لذلك، في الحسبان.
في الانتخابات القادمة سيطرح كثيرون سؤالاً جوهرياً: كيف سيساهم صوتي في إزاحة نتنياهو عن الحكم؟ عدد غير قليل من الناخبين سيعتبرون التصويت لهذا السبب “تصويتا استراتيجيا”، وسيفحصون التصويت لصالح نفتالي بينيت. قد يكون بينيت رجل اعمال ناجحا فيما يتعلق بأمواله، لكنه ملزم بمواصلة تبذير أموالنا الجيدة وراء الأموال التي استثمرت حتى الآن في الضفة الغربية. من المهم استيعاب هذه الحقيقة، الآن، لأن التصويت له لن يحل المشكلة الرئيسية لدولة إسرائيل.
—————–انتهت النشرة—————–

