– جراء الحرب وقيود إسرائيلية، بات سكان غزة ولا سيما محافظتي غزة والشمال يعانون مجاعة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود
– لدى إسرائيل على البحر المتوسط، 5 حقول للغاز، هي: حقل ليفياثان وهو الأكبر، وحقل تمار، وحقل دليت، وحقل كاريش، وحقل نميم.
– السيناريو الاقتصادي الآخر للوجود الأمريكي في شرق المتوسط، يتمثل في تأمين أحد أبرز الممرات التجارية المرتقبة، والذي أعلن عنه في قمة مجموعة العشرين بالهند العام الماضي.
لا يهدأ الحديث عن أهداف أمريكية خفية وراء قرارها إنشاء ميناء بحري عائم على سواحل غزة، رغم ادعاء واشنطن أن الميناء سيكون مؤقتا ويهدف لإدخال المساعدات إلى القطاع الذي يعاني المجاعة نتيجة حرب إسرائيلية مدمرة غير مسبوقة.
مردّ ذلك يعود إلى وجود أكثر من 8 معابر مع قطاع غزة، واحد مع مصر وآخر مباشر للقطاع من البحر المتوسط (ميناء غزة)، والبقية مع إسرائيل، وبإمكانها مجتمعة إيصال المساعدات إلى سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من 2.3 مليون نسمة.
وحتى اليوم لا يمكن استيعاب فكرة إيصال المساعدات عبر إسقاطها جوا من الطائرات العسكرية، مع وجود هذه المعابر البرية والبحرية، فإن الميناء العائم يذكي تساؤلات أكثر حول أهداف أخرى بعيدة عن إيصال المساعدات.
وفي خطاب “حالة الاتحاد” في 8 مارس/ آذار الجاري، أعلن الرئيس جو بايدن، أنه أصدر تعليماته للجيش بإنشاء ميناء مؤقت قرب ساحل غزة، مبينًا أن المزيد من المساعدات ستدخل إلى غزة بحرا عبر الميناء دون أن تطأ أقدام الجنود الأمريكيين أرض القطاع.
وفي نفس اليوم، أعلن رئيس قبرص الرومية نيكوس خريستودوليدس، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، اقتراب فتح ممر بحري لنقل المساعدات الإنسانية إلى غزة.
والأربعاء، أعلن الجيش الأمريكي، توجّه عدد من سفنه إلى غزة لإنشاء ميناء “مؤقت” يسمح بتسلم مساعدات إنسانية للقطاع الذي تحاصره إسرائيل.
وجراء الحرب وقيود إسرائيلية، بات سكان غزة ولا سيما محافظتي غزة والشمال يعانون مجاعة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو مليوني فلسطيني من سكان القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ 17 عاما.
وبعيدا عن الأهداف السياسية، توجد نقاط اقتصادية يُعتقد أنها قد تكون ضمن الأهداف التي دفعت واشنطن للانخراط في فكرة إنشاء هذا الممر البحري والرصيف البحري في غزة، أهمها موارد الغاز الطبيعي وطرق التجارة الدولية بالمنطقة.
** هل هو الغاز؟
منذ 2012، ازداد الاهتمام في منطقة شرق المتوسط، باكتشافات كبيرة للغاز الطبيعي من قبل إسرائيل، التي وصلت مرحلة اكتفاء بسبب حقول الغاز في البحر المتوسط.
لدى إسرائيل على البحر المتوسط، 5 حقول للغاز، هي: حقل ليفياثان وهو الأكبر، وحقل تمار، وحقل دليت، وحقل كاريش، وحقل نميم.
بينما تملك مصر عدة حقول للغاز جعلتها تكتفي ذاتيا حتى منتصف 2023، أكبرها حقل ظهر الذي ينتج يوميا 2.4 مليار قدم مكعبة يوميا وأكثر من 3700 برميل من المكثفات.
بينما يملك الفلسطينيون حقل غزة مارين (بدون صلاحية استخدام) المكتشف نهاية تسعينات القرن الماضي؛ ويقدر الاحتياطي في الحقل بـ1.1 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، أي 32 مليار متر مكعب.
في يونيو/حزيران 2023، وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بتنفيذ مشروع تطوير حقل غزة مارين “في إطار الخطوات الجارية بين إسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية، والخاصة بالتركيز على تنمية الاقتصاد الفلسطيني”، بحسب بيان حينها لمكتب نتنياهو.
أمام كل هذه الثروات، يكون الوجود الأمريكي من وجهة نظهرها مبررا في شرق المتوسط، خاصة مع دخول لبنان على الخط، بعد اتفاق ترسيم حدود مع إسرائيل.
والولايات المتحدة اليوم، تتنافس مع قطر وأستراليا على لقب أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، فبحسب بيانات شركة مجموعة بورصات لندن (إل إس إي جي) بلغت صادرات الولايات المتحدة من الغاز المسال 88.9 مليون طن متري في 2023.
ويعد ملف الطاقة، والغاز الطبيعي تحديدا، أحد أبرز عناصر القوة للاقتصادات المتقدمة والنامية، وظهر أهميته أكثر مع الحرب الروسية الأوكرانية ومعاناة دول الاتحاد الأوروبي من أزمة إمدادات للغاز.
** الممرات التجارية
السيناريو الاقتصادي الآخر للوجود الأمريكي في شرق المتوسط، يتمثل في تأمين أحد أبرز الممرات التجارية المرتقبة، والذي أعلن عنه في قمة مجموعة العشرين بالهند العام الماضي.
وفي 10 سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت السعودية، والولايات المتحدة، والهند، والإمارات، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، والاتحاد الأوروبي، توقيع مذكرة تفاهم بشأن مشروع إنشاء ممر اقتصادي جديد يربط الهند والشرق الأوسط وأوروبا.
الممر المرتقب والذي يعبر إسرائيل، سيكون منافسا لطريق الحزام والطريق الصيني، وهو هدف أمريكي لإضعافه عبر إيجاد طرق تجارية بين أسواق الشرق والغرب.
وستكون منطقة البحر المتوسط، نقطة النقل البحري للسلع من الشرق إلى الغرب، ما يعني أن الوجود الأمريكي سيكون مبررا لها، ضمن صراعها مع الصين.