
الصحافة الاسرائيل– الملف اليوميافتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
معاريف 1/4/2024
“اليوم التالي” إسرائيلياً: من ينقذنا من ائتلاف نتنياهو؟
بقلم: رون تيرا
الصهيوني في ضوء مس متعمق من جانب نتنياهو لذخائر الدولة الجوهرية. اختياره لمصلحته الشخصية يدفعه للسير على الخط مع متطرفي الائتلاف وسيتراكم الثمن إلى ضرر استراتيجي يمس بالوحدة والشرعية والعلاقات الخارجية والتوجه الدولي والاقتصاد والتصدير والاستثمارات الأجنبية، ويمس أيضاً بميزان الهجرة والهجرة المضادة من وإلى البلاد. هذا ضرر للأجيال يصعب الانتعاش منه.
بينما يلعب أعداء إسرائيل الشطرنج، بمعنى لعبة استراتيجية لتصميم السنوات والعقود التالية، نجد أن نتنياهو، لاعتباراته، والمردوع من بن غفير وسموترتيش، يلعب لعبة “سنتّجه”؛ أي يتدحرج من حي إلى آخر في غزة دون أي اتجاه استراتيجي. فهل تبقى الحقيقة التي كانت قبل الحرب (بحاجة نتنياهو لحماس كي يحافظ على الائتلاف الذي يعتمد على سموتريتش) موجودة في الحرب أيضاً؟ فقد مرت نصف سنة ولم يقترح نتنياهو بعدُ حكماً بديلاً لحكم حماس.
لقد منح مواطنو إسرائيل لنتنياهو إسناداً كبيراً. 320 ألف رجل احتياط امتثلوا للخدمة بينما هم مفعمون بالدافعية، والجمهور مستعد للتضحية اقتصادياً لتمويل الحرب، و150 ألف مواطن أخلوا من بيوتهم. الحلفاء منحوه نصف سنة، ونشر قوات غفيرة للدفاع من إمكانية فتح جبهة ثانية وللسماح لنتنياهو بحشد جهد عسكري في غزة، وحماية ضد الصواريخ، والحلول محل إسرائيل في مهمة القتال في باب المندب، وعشرات آلاف القذائف، والموافقة على إخلاء 1.5 مليون غزي من بيوتهم، و14 مليون دولار، وشبكة أمان دولية.
لكن نتنياهو يحرق المقدرات، الشرعية والزمن، ويوجه إسرائيل إلى نقطة لا يمكن الانتصار منها. مواجهة المساعدات الإنسانية والاستخفاف بالقانون الدولي تسحق القدرات الوطنية. لم يتبقَ لنتنياهو وقت وخطوات مهمة أخرى.
والأخطر من هذا، أمام عيون أعداء إسرائيل المندهشة، يتبرع نتنياهو بتفكيك إسرائيل من ذخائرها. الشرخ المقصود مع الولايات المتحدة والغرب والمس بالشرعية يقوضان بث عظمة وقدرات إسرائيل العسكرية والسياسية والاقتصادية. ليس لإسرائيل قدرة على الوقوف وحدها أمام جملة تحدياتها، ومن يعتقد خلاف ذلك لا يفهم العالم.
إن تفوق إسرائيل النسبي، العسكري الاقتصادي والبحثي، متعلق بالاندماج الدولي. وأي مس بها قد يخلق ضرراً نحتاج لسنوات لإصلاحه. حتى عندما تستبدل الحكومة، فسترافقنا الأضرار، هذا إذا كان ممكناً إصلاحها أصلاً. يعرض نتنياهو إسرائيل لخطر العزلة والفقر والضعف والهشاشة، وعلى مدى سنوات بعد رحيله.
بالتوازي، يواصل نتنياهو تقويض إسرائيل من الداخل لتسييس الشرطة والمنظومة العامة؛ في حرب الميزانيات عن النمو، إلى تشجيع عدم عمل الحريديم، وتقويض الأكاديميا والبحوث. تستثمر دول أخرى في الذكاء الصناعي، أما نتنياهو فيستثمر في الحكم الذاتي الحريدي. لأول مرة في تاريخ إسرائيل انخفضت تصنيفات الائتمان والديمقراطية. فقد خفضت إلى “ديمقراطية انتخابية” في مقياس V-Dem، أي توجد انتخابات، لكن مع ضعف في الكوابح والتوازنات وحكم القانون.
“اليوم التالي” لم يعد يعنى بمسألة من يحكم في غزة، بل بضعف إسرائيل، وإيران لا يمكنها أن تصلي لأكثر من هذا. يبدو وكأن ائتلاف نتنياهو يعاني من “أمنية موت” استراتيجية، ويسعى لـ “لحظة متسادا” خاصته. الموضوع الملح تغير من الحرب إلى مسألة كيف تنجو إسرائيل من ائتلاف نتنياهو.
———————————————
هآرتس 1/4/2024
أي “قوة عربية” تلك التي تقبل بإدارة قطاع غزة.. وتتلقى الأمر من إسرائيل؟
بقلم: تسفي برئيل
“خطاب زعماء الاحتلال حول إقامة قوة دولية أو عربية تدير قطاع غزة ضرب من وهم وسراب. أي قوة ستدخل إلى القطاع فهي غير مرغوب فيها ولن تتم الموافقة عليها، بل ستكون قوة احتلال وسنتعامل معها بحسب ذلك. نقدر موقف الدول العربية التي ترفض المشاركة في هذه القوة أو التعاون مع اقتراح الاحتلال (إسرائيل) لإقامة مثل هذه القوة”. هذه لغة البيان الذي صدر عن “لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية”، الذي نشرته السبت حركة حماس في بيروت.
جاء البيان كرد على منشورات تناقش وزير الدفاع يوآف غالانت بحسبها مع نظيره الأمريكي لويد أوستن حول إمكانية تشكيل قوة عربية، وأن ثلاث دول عربية وافقت على المشاركة فيها، دون ذكر أسمائها. هذه فكرة غير جديدة؛ ففي تشرين الثاني جرت مناقشة هذه الاحتمالية أثناء زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في المنطقة، كان الرد مشابهاً في حينه أيضاً. وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، أوضح في حينه بأن الأردن لا ينوي إرسال قوات إلى غزة، وأعلنت مصر أنها لن تشارك في مثل هذه القوة العربية، ومثلهما السعودية أيضاً. مشكوك فيه إذا كان تغير شيء منذ ذلك الحين. على الأقل، حسب الردود التي وصلت مؤخراً من الأردن ومصر والسعودية، فإن هناك شكاً في هبوط أشخاص يرتدون الزي العسكري تابعين لجيوش عربية، ومسلحين بالسلاح الأمريكي، ويأخذون إدارة القطاع على مسؤوليتهم.
ما دامت هناك موافقة عربية على إدارة غزة، فهي تستند إلى رؤية لوجود السلطة الفلسطينية أو أي جسم فلسطيني آخر تتفق عليه القيادة الفلسطينية. هنا يكمن مركز الخلاف بين الموقف الأمريكي، الذي يحاول انتزاع موافقة من محمود عباس على إدارة القطاع وبين إسرائيل التي تضع عائقاً لا يمكن تجاوزه أمام إمكانية أن تكون السلطة الفلسطينية صاحبة البيت في قسمي فلسطين، لأن نتنياهو لا يرى فيها سوى جسم إرهابي آخر لا يختلف في جوهره عن حماس، ولأن أي سلطة فلسطينية توحد الضفة مع القطاع ستفتح ممراً آمناً وشرعياً لإقامة الدولة الفلسطينية. في نهاية المطاف، هذا هو التهديد الذي بنيت ضده الاستراتيجية بعيدة المدى التي رعتها سلطة حماس في القطاع بنجاح كعائق ناجع ضد موقف السلطة الفلسطينية وموقف م.ت.ف بشكل عام بصفتها الممثلة الحصرية لكل فلسطين. لكن إذا كانت النقاشات (حيث لم يتم تقدير أبعاد الكارثة الإنسانية في غزة كما ينبغي) بين واشنطن وإسرائيل في بداية الحرب حول اليوم التالي ظهرت أقل إلحاحية، وظهر حلم بايدن إزاء حل الدولتين مجرد شعار يستهدف إرضاء طلب الفلسطينيين والعرب في طرح موقف متوازن، فالوضع المخيف في غزة اليوم بات مختلفاً عما كان.
الجانب الإنساني الذي كان ثانوياً في حروب أخرى مثل سوريا أو السودان أو اليمن، إذا لم يكن هامشياً، أصبح اليوم في غزة حقل ألغام استراتيجياً يملي قواعد الحرب ويدمر مكانة إسرائيل الدولية، ويعرض مكانة الولايات المتحدة في المنطقة للخطر. لم تعد اليوم هناك إمكانية للفصل بين الجهود الضرورية والملحة لتوفير الغذاء والدواء بكميات مناسبة لحوالي 2.3 مليون شخص في القطاع، وبين حل بعيد المدى يستند إلى موافقة سياسية تحسم من سيحكم غزة.
ليس محمود عباس وحده من يربط استعداده لحكم غزة بعملية سياسية شاملة تحصل على تأييد ودعم دولي، لا سيما أمريكي، بل هو ربط تبنته أيضاً جميع الدول العربية ذات الصلة. هذا الموقف العربي غير منفصل عن الموقف الأمريكي القائل إن الولايات المتحدة ستواصل إرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة وإقامة ميناء مؤقت، والضغط على إسرائيل لفتح المعابر الحدودية لزيادة حجم المساعدات إلى القطاع، لكن القوات الأمريكية لن تدخل إلى القطاع. الجيد والصحيح لواشنطن هو أيضاً جيد للقاهرة والرياض وعمان.
على أي حال، حتى لو وافقت الدول العربية على إرسال قوات إلى القطاع، فإن مصدر صلاحية هذه الخطوة يجب أن يكون السلطة الفلسطينية، التي “تستدعي” تدخلها لتكون شرعية. لا يقين في أنه حتى لو طلب محمود عباس مساعدة هذه الدول فستهب لمساعدته على الفور؛ لأنه خلافاً للقوات الدولية التي عملت في أماكن أخرى في العالم، مثل البلقان وإفريقيا، فإن قوة عربية أجنبية تصل إلى القطاع في وقت تحتله إسرائيل “سيتم اتهامها” على الفور بمساعدة الاحتلال الإسرائيلي والتحيز لأمريكا ونية قتل المشكلة الفلسطينية وإقصاء الجسم الفلسطيني الشرعي. هذه القضايا توضح إلى أي درجة سيكون من غير الواقعي من جانب إسرائيل أو الولايات المتحدة أن تتحول هي نفسها إلى مصدر صلاحيات لاستدعاء القوات العربية.
المشكلة أنه رغم تصريحات حماس، التي تؤكد في معظم المقابلات التي أجرتها مؤخراً على أن السلطة تستطيع “القيام بالمهمة المطلوبة منها وإدارة القطاع”، فإن هذه القدرة تحتاج إلى إثبات. يواصل مجندون جدد التدرب على حفظ النظام واستخدام وسائل تفريق المظاهرات في مراكز التدريب العسكري التابع للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. ولكنهم منذ سنة تقريباً لا يحصلون على الذخيرة الحية للتدريب، والميزانية لهم ضئيلة، ورواتب المدربين تدفع بشكل جزئي. قائد مركز التدريب في أريحا، الذي أجرى مقابلة في هذا الشهر مع “واشنطن بوست” قال إن نحو 400 ألف رصاصة المخصصة للتدريب تنتظر مصادقة إسرائيل في الأردن، وأن وسائل قتالية أخرى تتأخر في الوصول.
حسب تقارير في “واشنطن بوست”، تشغل السلطة الفلسطينية حوالي 35 ألف مجند في وظائف شرطية وإدارية في الضفة. قبل سيطرة حماس على القطاع في 2007 شغلت السلطة 26 ألف رجل أمن في القطاع. مؤخراً، بتشجيع من أمريكا، فحصت السلطة مجدداً قوائم الأمن التابعة لها في غزة، وتوصلت إلى عدد يتراوح بين 2000 – 3000 شخص يناسبون الخدمة الأمنية، ومن غير الواضح كم عدد الذين ما زالوا على قيد الحياة منهم. “لو وجدت لدي الوسائل الكافية والترتيبات التقنية والقرارات السياسية واللوجستية، فعندها يمكن البدء في التحدث”، قال قائد مركز التدريب الفلسطيني في المقابلة. حتى الآن لا يوجد شيء من ذلك قائم أو مرتب، لأنه حتى لو تم اتخاذ قرار سياسي يمكن قوة فلسطينية مسلحة من الدخول إلى القطاع، فيجب تخيل منظومة التنسيق التي يحتاج قادتها إلى إجرائها مع الجيش الإسرائيلي – أوامر فتح النار، مسارات الحركة، حدود القطاع، قواعد المواجهة مع رجال حماس أو أعضاء عصابات تريد السيطرة على قوافل المساعدات – لفهم التعقيدات الكثيرة التي تنطوي على تفعيل قوة فلسطينية، التي قد تعمل تحت مظلة الجيش الإسرائيلي.
كل ذلك من أجل توزيع المساعدات، حتى قبل التحدث عن إعادة إعمار المباني وتأهيل المستشفيات والمدارس والبنى التحتية الحيوية. هذه المصفوفة تصبح أكثر تعقيداً، إلى درجة غير محتملة، إذا وصلت إلى القطاع قوات سعودية وأردنية ومصرية. في تحالفات عسكرية دولية، التي شكلتها أمريكا في العراق وأفغانستان، كان من الواضح من هو القائد الأعلى على الأرض. في غزة، في المقابل، يصعب تخيل قوات سعودية أو مصرية توافق على أخذ التعليمات من جنرال إسرائيلي. هذه الصعوبات تفيد إسرائيل، التي، كما أعلن نتنياهو، تنوي البقاء في غزة “ما دامت هناك حاجة لذلك”، أي بدون جدول زمني وبدون خريطة طريق لإنهاء الحرب.
———————————————
هآرتس 1/4/2024
“يعبر عن رأيه.. أقيلوه”: قانون يعدّه نائبا كنيست متطرفان لملاحقة المعلمين العرب
بقلم: أسرة التحرير
يستغل النائبان عميت هليفي من الليكود وتسفيكا بوغل من “عظمة يهودية” الحرب لتسلح قانوني بسلاح لملاحقة المعلمين سياسياً. يعملان في لجنة التعليم بالكنيست على إعداد مشروع قانون للقراءة الثانية والثالثة يمس بجهاز التعليم، ويخلق للسياسيين أدوات لملاحقة المعلمين والمس بحرية تعبيرهم وإزاء عاملي التعليم كافة. وحسب المشروع، يخول وزير التعليم ومدير عام الوزارة بفرض عقوبات إقالة ومنع الميزانيات عن المعلمين والمدارس إذا ما “ثبت برأيهم” أن المعلم “أبدى تضامناً” أو أيد أفعالاً إرهابية.
وهكذا يخضع القانون لمحافل سياسية ومستشارين سياسيين حسب تفسيرهم للتصريحات، سواء قيلت في المدارس أم خارجها، أم في الشبكات الاجتماعية وحتى في مجموعة “واتساب” عائلية، ثم يقرروا ما إذا كان هذا تأييداً للإرهاب. كما أن المشروع سيسمح بسحب ميزانيات من مدارس “يتاح” فيها للمعلمين “التضامن أو التأييد للإرهاب” زعماً، كعقاب جماعي.
يدور الحديث عن تجاوز تام لسلطات إنفاذ القانون – الشرطة، النيابة العامة، المستشارة القانوني للحكومة والمحكمة – التي تقرر متى تكون أساسات مخالفة التحريض والتضامن مع الإرهاب. المخالفات المرتبطة بمجال التعبير والترتيبات القانونية حساسة بطبيعتها. وعليه، فكل لائحة اتهام جنائية مشروطة بموافقة المستشارة القانونية للحكومة. أما جعل مخالفات كهذه مخالفات إدارية، فمعناه إعطاء صلاحيات لمحافل سياسية لفرض سلطة تخويف وخلق أثر على حرية المعلمين في التعليم على التفكير النقدي، والتعبير والاهتمام بمواضيع معقدة أو خارج الإجماع. كما أن الترتيب الذي يضعه القانون هو من ناحية جوهرية واسع وجارف أكثر مما ينص عليه قانون الإرهاب. في سياق التشريع، طرحت اقتراحات لإشراك محافل مهنية فيه، لكنها رُدت من مقترحي القانون.
كما أن القانون يطالب بإلزام “الشاباك” بملاحقة ومراقبة المعلمين دون طرح أي مبرر موضوعي ورغم معارضة “الشاباك” لذلك. إضافة إلى ذلك، سيتيح القانون إقالة المعلمين استناداً إلى معلومات استخبارية فقط. هذه خطوة تعود إلى النظام السياسي وفرض الرعب على المعلمين في إسرائيل وبخاصة على المعلمين العرب.
ثمة أدوات لمواجهة تصريحات المعلمين المتطرفة والتأثير الضار على التلاميذ في المجال الانضباطي، الإداري وكذا الجنائي. ينبغي إبقاء المعالجة في حالات التأييد والتضامن مع الإرهاب في أيدي المحافل المهنية المخولة في أجهزة إنفاذ القانون؛ محظور إيداعها في أيدي السياسيين. تتجاوز الكنيست حدوداً خطيرة إذا ما أجازت المشروع، وعلى منظمات المعلمين والجمهور أن يعارضوه بشدة.
——————————————–
يديعوت أحرونوت 1/4/2024
المتظاهرون لنتنياهو وحكومته: المخطوفون والصفقة “فوراً”.. لا تناور بـ “الفتاق”
بقلم: ناحوم برنياع
“الغضب والأمل يخرجان الناس إلى الشوارع”، هكذا أعلنت روتم بارلمان، واحدة من مديرتي المظاهرة أمس في القدس. “في منتهى السبت، في تل أبيب، كان الغضب…”.
غضب في القدس أيضاً، أصوات الجمهور تضج من فوق المنصة وأصوات من تحتها.
كانت المظاهرة مؤثرة بحجمها. في محيط الساعة 20:00 كان شارع كابلن في القدس مليئاً؛ من وزارة الخارجية حتى وزارة المالية. كان الاكتظاظ يقترب من خطر الأمان. حتى مقطورات القطار امتلأت بحيث اضطر المسافرون للانتظار على الرصيف للقطار التالي وما يأتي بعده، تماماً مثلما في الأيام الطيبة للاحتجاج، قبل أكتوبر.
لكنهم الناس أنفسهم: يخيل أنه لم يسقط أحد ولم يضف أحد منذ المظاهرات إياها. الحدث أمس كان لقاء دورياً لخريجي الاحتجاج من العام الماضي. وأقول هذا بكل الاحترام. اللقاءات المتكررة أمر جميل؛ فهي تعطي فرصاً لأناس طيبين لمبادلة الذكريات ويشعرون باتحادهم في هدف مشترك، والجمع يعطيهم قوة للتغيير.
أمس، في القدس، أطلقت صافرة بدء موسم جديد من الاحتجاج، ذي حجة أوسع ويقوم على أساس سلسلة إخفاقات تاريخية للحكومة قبل 7 أكتوبر، وفي 7 أكتوبر وبعده. مظاهرة أمس لم تتحدث عن الحرب، لكن كان واضحاً بأن فترة ضبط النفس بسبب الحرب انقضت من الوجود. التعابير ضد نتنياهو كانت فظة وحادة لدرجة أن المترجمة للغة الإشارات وجدت صعوبة في التعبير عنها ليفهمها الجمهور.
ومع ذلك، فإن الفرضية القائلة بأن إخفاق 7 أكتوبر وسلوك الحكومة السائب منذئذ سينبت أجنحة جديدة أوسع وأحدث للاحتجاج، لم تتحقق الآن. جنود الاحتياط الذين تسرحوا لم يخرجوا من غزة مع غضبهم، مع مطالبهم، مع يافطاتهم. ولم يأخذوا زمام القيادة.
ثمة توتر ما بين الشعارين اللذين جاء بهما المتظاهرون إلى القدس. “كلهم” صرخت إحدى المتظاهرات، فأجابها من انضموا إليها “الآن”. كلهم “المخطوفون”، أما “الآن” فهي الصفقة التي ستعيدهم إلى الديار. وهتف وراءها متظاهر آخر: “انتخابات”. “الآن”، أجابه المتظاهرون بالحماسة إياها. “أنت الرئيس”، هتفت اليافطة؛ “أنت المذنب”، أجاب المتظاهرون.
بدأت المظاهرة بأناشيد منتظمة، مليئة بالحيوية: وهكذا تدفق الأدرينالين إلى المتظاهرين قبل أكتوبر؛ رفعت المديرة الصوت في المكبر، بحيث ما كان ليخجل فريق تشجيع في بركة فندق في إيلات. وفور ذلك، صعد المنصة تمثيل واسع لعائلات المخطوفين، ممثلو نحو 80 عائلة (من أصل 120) اختاروا التوجه إلى كفاح أوسع وأعنف ضد سلوك نتنياهو في المفاوضات مع حماس. كرميت بلتي كتسير من “نير عوز”، التي قتل أبوها في 7 أكتوبر، ومكثت أمها قرابة 50 يوماً في الأسر وعادت محطمة، وما زال أخوها العاد هناك، تحدثت باسمهم. “لم أصدق أنني سأضطر لأقاتل على حق أخي في العودة حياً”، قالت. “ما الذي يفكر به العاد الآن في الأسر عن رئيس الوزراء؟”. وأنهت بدعوة نتنياهو: إذا كنت غير قادر على جلب صفقة، فأخلِ كرسيك لآخر.
أما بخصوص العائلات، كما لقسم كبير من المتظاهرين، فإن إعادة المخطوفين موضوع وجودي، شيء ما سيتفكك المجتمع الإسرائيلي بدونه. بالنسبة لآخرين، المخطوفون حجة أخرى ضد نتنياهو، مثل تملص الحريديم، مثل إجازة الكنيست، مثل مسيحانية سموتريتش، وشرطة بن غفير، ومثل تصريحات سارة نتنياهو وسلوك الابن.
إن الكفاح المتواصل ضد الحكومة فاقم شكوك المحتجين بكل سياسي في الحكم، وفي واقع الأمر، بكل سياسي. عندما سمعوا أمس بأن نتنياهو يوشك على أن يجتاز عملية “فتاق” رفضوا التصديق. “هذه مناورة”، قال لي متظاهر ما، رجل جدي جداً “ليس لديه شيء. فابتكر هذا كي يكم أفواهنا”؛ ومتظاهر آخر، لا يقل جدية، همس في أذني: “ليس فتقاً؛ بل مريض بشيء ما أسوأ بكثير. كلهم يكذبون”.
رئيس المعارضة يئير لبيد الذي دعي للخطابة، استقبل بعطف فاتر. لم يتوّجه الاحتجاج زعيماً له؛ لم يتوج أحداً. ألقى خطاب المظلومين خاصته: الجنود مظلومون بسبب هذه الحكومة؛ الإسرائيليون العاملون مظلومون؛ أنتم مظلومون. حجة لا بأس بها. لو قال أحد آخر هذه الجمل لهتف الجمهور “يا للعار!”.
ستتواصل المظاهرات اليوم وغداً. قسم صغير من الجمهور نزل في الخيام، أمام المحكمة العليا. وعاد آخرون في القطار، بازدحام كما جاؤوا.
———————————————
هآرتس 1/4/2024
حددوه عائقاً فظهر مشوشاً متلعثماً في “مؤتمر الفتاق”: نتنياهو “في الزاوية”
بقلم: عاموس هرئيل
موجة المظاهرات التي بدأت في أرجاء البلاد أيام السبت تعكس تقدماً متأخراً في نضال عائلات المخطوفين. في هذه الأثناء، حتى نشاطات منظمات الاحتجاج لإسقاط الحكومة وإحباط قانون إعفاء الحريديم من التجنيد، تحقق زخماً متجدداً. بعد أشهر من الركود في المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس، يبدو أن جزءاً كبيراً من عائلات المخطوفين أدركوا أنه إذا كان هناك احتمالية لتحقيق تقدم في هذه المفاوضات فهي بأيديهم بزيادة الضغط على رئيس الحكومة نتنياهو.
ستجري المراحل القادمة من المحادثات الآن تحت غطاء المظاهرات الداخلية، التي ستتحدى نتنياهو للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب. بقي أن نرى ما الذي ستستخلصه حماس منها، التي تتابع بعناية ما يحدث في الطرف الإسرائيلي.
بعد تسخين أجواء المظاهرات، التي ووجهت أول أمس مرة أخرى بسلوك متشدد من جانب شرطة لواء تل أبيب، بدأت الهجمات المتوقعة للأبواق. عائلات المخطوفين التي تختار التظاهر، كما تم الادعاء، تساعد العدو بشكل عام. لو سمحوا لنتنياهو بالتقدم كما يريد، فسيدخل الجيش الإسرائيلي إلى بوابات رفح وسيقودنا إلى النصر المطلق.
ولكن يبدو أنها ادعاءات لم تعد تقنع جزءاً واسعاً من الجمهور، الذي لم يدمن غسل الأدمغة الذي يجري في البث الذي يتم في القناة 14، وما زال يتساءل عن عدم تحمل نتنياهو ولو لجزء قليل من المسؤولية عن الإخفاقات التي مكنت من حدوث 7 أكتوبر.
يتعزز الشك بأن “النصر المطلق” الذي ينادي به نتنياهو، لا يلوح في الأفق. بل يتوجه نحو حرب أبدية، تطول كثيراً دون إجراء انتقاد ذاتي وطني في مسألة لماذا وصلنا إليها.
وتيرة المفاوضات البطيئة والتأخيرات المتواترة التي يتبعها نتنياهو، وفوق كل شيء عدم قدرته المتواصل على إظهار الرحمة ولو بالحد الأدنى مع معاناة المخطوفين، رجحت الكفة أخيراً في أوساط كثير من عائلات المخطوفين. عيناف غنغاوكر، والدة متان المخطوف، عبرت جيداً عن ذلك في المظاهرة التي جرت نهاية الأسبوع الماضي عندما قالت “بعد 176 يوماً أدركنا أنك أنت العائق”، وتوجهت إلى رئيس الحكومة وتعهدت بالعمل على إزاحته.
يجب عدم تجاهل أن حماس أيضاً، في محاولة للحصول على تنازلات أكثر من إسرائيل، تتسبب بتأخير التوصل إلى اتفاق. ولأن المفاوضات لا تجري في فضاء فارغ، فمن الواضح أن رئيس حماس في القطاع، يحيى السنوار، قد يعتبر المظاهرات المتزايدة في إسرائيل حقنة تشجيع لحربه.
لكن موضوع مصير المخطوفين حاضر على الكفة الأخرى للميزان، الذين يُحتضرون، كما أشارت مصادر سياسية وأمنية الأسبوع الماضي. العدد الرسمي للموتى بين المخطوفين حسب الجيش الإسرائيلي، هو 36 من بين الـ 134، لكن واضح للجميع أن العدد الحقيقي أعلى بكثير، وببساطة لم تتم مطابقته حتى الآن مع كمية كافية من الأدلة القاطعة.
ليس للمخطوفين وعائلاتهم وقت. صحيح أنها صفقة تحتاج إلى إطلاق سراح حوالي ألف سجين فلسطيني تقريباً في المرحلة الأولى مقابل 40 مخطوفاً في النبضة الأولى، ولكن رغم نجاح نتنياهو بإزالة ذلك من الذاكرة الجماعية، فقد عقد صفقة من قبل في قضية شاليط، حيث أطلق سراح 1027 مخرباً، نصفهم من ثقيلي الوزن، مقابل جندي واحد.
بعض المحررين في تلك الصفقة قتلوا في الأسبوع الماضي في عملية الجيش الإسرائيلي في مستشفى الشفاء في غزة بعد أن عملوا خلال هذه السنين وبشكل حثيث من بعيد على تشجيع وتمويل الإرهاب في الضفة الغربية (العملية في مستشفى الشفاء، بالمناسبة، تعطي نتائج تثير الانطباع؛ فكل يوم يتم قتل أو أسر نشطاء كبار في حماس هناك).
حدث في الأسابيع الأخيرة تغير في موقف رؤساء أجهزة الأمن، بينهم أعضاء في كابنت الحرب والكابنيت السياسي الأمني، بما في ذلك بعض وزراء الليكود. يسمع ادعاء أن الكرة انتقلت بشكل كبير إلى ملعب إسرائيل، وأن رفض نتنياهو (الذي يصفه كقدرة على إجراء مفاوضات بشكل متصلب) هو السبب الرئيسي لتأخير التوصل إلى اتفاق.
تحت الضغط المتزايد الذي يستخدم عليه، اضطر رئيس الحكومة إلى المصادقة على إبقاء طاقم مقلص من بعثة المفاوضات في قطر، والسماح بإرسال بعثة أخرى إلى مصر. جزء كبير من النقاش في الطرف الإسرائيلي يدور حول طلب حماس السماح بعودة غير مشروطة للفلسطينيين إلى شمال القطاع، دون مراقبة متشددة من الجيش الإسرائيلي. وهذه القضية تقف في مركز المفاوضات في هذه الفترة، أكثر من موضوع عدد الأسرى الذين سيطلق سراحهم في النبضة الأولى.
بينما تطغى مظاهرات متصاعدة وخلاف في مجلس الحرب والكابنيت السياسي – الأمني، يتركز الانتباه مرة أخرى في موقف وخطوات وزيري قائمة “المعسكر الرسمي” غانتس وآيزنكوت. قبل شهرين تقريباً في مقابلة مع أيلانا ديان في “أخبار 12” فهمنا من آيزنكوت أن أي تأخير لا ضرورة له يقف أمام تحقيق صفقة التبادل، سيدفعه إلى الانسحاب من الحكومة. إزاء الخوف المتزايد على حياة المخطوفين، لم يبق لديه المزيد من الوقت لحسم هذا الأمر. موقفه العلني هذا ربما يدفع نتنياهو إلى الزاوية أو إشعال النار في صفوف الاحتجاج.
على هامش هذه الأقوال، عقد رئيس الحكومة أمس مؤتمراً صحافياً استثنائياً وغريباً. قبل بضع ساعات من ذلك، أعلن مكتب نتنياهو بأنه في نهاية “فحص طبي عادي” جرى بشكل غريب في منتهى السبت، طلب منه إجراء عملية جراحية للفتاق. ربما بسبب عدم الهدوء الذي أثاره البيان أو بسبب رغبته في التعتيم على المظاهرات ضده، أعلن نتنياهو قبل فترة قصيرة عن عقد المؤتمر الصحافي.
كان ظهوره مؤثراً ومشوشاً بدرجة ما، وليس كعادته أيضاً؛ مليئاً بالتلعثم وهو يقرأ عن الورقة. يصعب الاستغراب من ذلك: رئيس الحكومة يخضع لضغط كبير، والآن أضيف إلى ذلك القلق الصحي أيضاً. إذا كان يقصد أن يبث للجمهور أو حماس تصميماً وثقة بالنفس، فهي حادثة لم تحقق الهدف. ولكن برزت أكثر من أي شيء آخر، مرة أخرى، الصعوبة التي يواجهها في التعبير عن مشاعره تجاه المخطوفين وأبناء عائلاتهم، حتى عندما حاول بث ذلك في أقواله.
———————————————
يديعوت أحرونوت 1/4/2024
لقادة إسرائيل: حماس عادت لكل القطاع.. ودخولكم رفح سيجلب الكارثة
بقلم: ميخائيل ميلشتاين
مسألة اجتياح رفح تلوح بالتدريج كموضوع آخر في الحرب الحالية التي تعكس فجوة عميقة بين عالم الشعارات والواقع الفعلي. بعض من أصحاب القرار، وعلى رأسهم نتنياهو، يصورون الحملة كخطوة وجودية تقرب نهاية الحرب وتتيح خلق واقع جديد في قطاع غزة. وهكذا، ينضم النقاش حول رفح إلى الإعلانات بشكل “النصر المطلق”، و”تفكيك كتائب حماس” ووعود بمحو أو هزيمة أو إسقاط المنظمة. أمور تطرح منذ نصف سنة، وهي فترة وإن كانت حماس ضُربت بشدة فيها، ولكن معظم قياداتها نجوا، بل وتدير الآن قتالاً في معظم القطاع وتشكل عنواناً للمفاوضات في مسألة المخطوفين.
إن إصرار أصحاب القرار في إسرائيل على عملية رفح يترافق وعلامات استفهام مقلقة أخرى. يُشرح في هذا الإطار بأن تفكيك أربع كتائب حماس العاملة في المدينة ضروري لإسقاطها، وأن الحملة المستقبلية ستتيح الحسم في الصراع ضد المنظمة. وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الذي شارك في مداولات الكابينت قبل نحو أسبوع، شعر بالحاجة لإبداء رأي ثاقب حين قال إن تحدي حماس سيبقى حتى بعد رفح، وإنه بدون نظام بديل، ستنشأ فوضى وستعلق إسرائيل في عزلة دولية حادة. مستشفى الشفاء يجسد في هذا السياق حقيقة أن لا “واقع جديد” ينشأ في المناطق التي سيطر عليها الجيش الإسرائيلي ثم أخلاها، بل تتحقق عودة زاحفة لحماس أو الفوضى.
إن الشعارات حول العملية في رفح مطلوب استبدالها بشرح واع يعرض للجمهور في إسرائيل وللأسرة الدولية. العملية في رفح مع وجود 1.5 مليون فلسطيني يكتظون في المنطقة أمر حيوي، لكن الأهم منها هو السيطرة على منطقة الحدود التي بين سيناء والقطاع (“محور فيلادلفيا”)، بوابة غزة على العالم، التي أتاح تهريب السلاح لحماس عبرها تحولاً من منظمة إرهاب وحرب عصابات إلى جيش يهدد إسرائيل. سيطرة كهذه ضرورية لتغيير الواقع في القطاع، لكن لا يحتمل أن تشبه أنماط العمل في المرحلة الثالثة من الحرب، أي الدخول والخروج دون بقاء دائم في المنطقة.
لأي عملية في منطقة الحدود شرطان واجبان: الأول، نقل السكان الموجودين في المنطقة، بما في ذلك السماح بعودة جزء منهم إلى الشمال (الأمر الذي يرتبط بالمفاوضات في موضوع المخطوفين)؛ والثاني تنسيق وثيق مع الولايات المتحدة ومصر. أي خطوة غير منسقة، إن لم نقل استفزازية، قد تسيء للعلاقات المتوترة على أي حال مع الإدارة الأمريكية، بل وقد تترجم إلى وهن في الإسناد العسكري والسياسي. وكل هذا وعلى جدول الأعمال إمكانية نشوب حرب في الشمال. خطوة كهذه ربما تضعضع استقرار العلاقات الاستراتيجية مع القاهرة، بخاصة إذا ما تحقق اجتياح جماهير غزة إلى سيناء.
الخطاب في موضوع رفح يشبه ثلاثة مداولات أخرى تجري بشكل شبه منفصل منذ بداية الحرب: مسألة المخطوفين، والوضع الإنساني في القطاع، واليوم التالي في المنطقة. القاسم المشترك شبه الوحيد في المواضيع هو غياب عمق استراتيجي. طاولة المداولات مفعمة بالخيالات (إقناع قيادة حماس بإخلاء غزة أو إقامة نظام عشائر)، فلماذا لا يتم حوار ما مع السلطة بدلاً من تحليل ثاقب للسيناريوهات، الذي قد يكون ممكناً العمل عليها في المدى البعيد، بما في ذلك تلك المشحونة سياسياً؟
لن تبقى مسألة رفح كبحث يجري بين سياسيين وجنرالات، بل على الجمهور أن يكون مشاركاً فيها ويعرب عن رأيه. في هذا الإطار، من الضروري التساؤل: هل حقاً ستكون خطوة تغير الواقع وتقرب هزيمة حماس، وما هي تلك الهزيمة، وكم يمكن تحقيقها دون السيطرة على كل قطاع غزة والبقاء هناك لزمن طويل؟ إضافة إلى ذلك، من الحيوي أن يطرح الجمهور أسئلة حول تداعيات خطوة عسكرية بدون تنسيق مع الولايات المتحدة ومصر. الحملة العسكرية المركزة قد تكون ناجحة، لكن نتائجها الاستراتيجية وبخاصة في المستوى السياسي – محملة بالكارثة.
———————————————
يديعوت أحرونوت 1/4/2024
نطلق النار على رؤوسنا “بالخطأ”!
بقلم: عيناب شيف
من الصور الصادمة التي خلدت إطلاق جندي احتياط النار على سامح زيتون يمكن أن نفهم كم هو تعبير “أصيب بالخطأ” فقد معناه. حتى لو قبلنا برواية الجندي بكاملها، لم يكن هناك أي “خطأ”: رجل فلسطيني ابن 63 اطلق النار عليه ممثل رسمي لدولة إسرائيل بعد أن عثر على سكين في حقيبته، بمعنى أن وسيلة الهجوم أحبطت وما تبقى لزيتون إذا ما أراد أن يؤذي أحدا ما هو أن يجد بروس لي الذي في داخله. إذا ما وصلت الحالة إلى المحكمة، فهو الذي سيتعين عليه أن يقرر ما هو “إحساس الخطر”، هذا إذا كان إحساس على الإطلاق يمكنه أن يؤثر على مطلق النار في مثل هذه الحالة. لكن حتى للمشاهد البسيط أيضا الذي اطلع على المعلومة مسموح له أن يتساءل: ما الذي بالضبط في هذه الحالة دفع مطلق النار لأن يقرر أن الطريقة الوحيدة لإنهاء الحدث هو استخدام القوة مع الإمكانية الكامنة الفتاكة التي تحققت أيضا لشدة الفظاعة. هل ما حصل هناك، حوار طرشان بين جنود مسلحين ورجل شائخ، برر حقيقة أن إنسانا ما اضطر لأن يودع حياته؟
لكن يخيل أن معظم الإسرائيليين والإسرائيليات توقفوا منذ زمن بعيد عن أن يشغلوا بالهم بمثل هذه الأسئلة. وحتى التفصيل المذهل وبموجبه اجتاز زيتون تهويدا واسمه تغير لأن يصبح دافيد بن ابراهام، المعلومة التي ليس لها أي صلة بالحالة نفسها (هذا بالتأكيد لم يجدِ زيتون نفعا)، تبقي الانشغال بموته قليلا. وما العجب؟ حتى الحالة الرهيبة ليوفال كاستلمان الراحل آخذة بالتلاشي. وقد كان بطل إسرائيل، انقذ حياة إنسان ودفع على ذلك الثمن بحياته. فماذا لو كان هناك فلسطيني آخر أزيح عن الطريق؟ لو لم يكن له من يوصي به مثل نوعام ارنون، الناطق بلسان الحاضرة اليهودية في الخليل، فإنه حتى القليل الذي يقال الآن سيصبح هدوء شاعريا. عمليا، حين كان الموضوع حديث العهد، كان عنوان زيتون في القناة 14 “شاب” ــ فنياــ صحيحا وبعد ذلك “مواطن” (كذبا). ماذا سيكتبون؟ “فلسطيني”؟ إذ لا يوجد مثلهم إلا مخربون وليس ضحايا.
وبعامة، ثماني سنوات تنقصها ثلاثة أيام تفصل بين النار على زيتون وآخر حالة أطلقت فيها النار على إنسان لم يشكل خطرا أثارت جلبة في إسرائيل. صحيح أن اليئور ازاريا لم يطلق النار ليقتل إنسانا بريئا بعامة بل مخربا منكرا لكنه كان أن قررت هيئتان قضائيتان بالإجماع انه لم يكن أي سبب لإطلاق النار عليه بعد أن حيد وبات مستلقيا وهو جريح. وفي حينه أيضا لم يكن حقا “صدع” في الموضوع: في كل استطلاع وجد أن أغلبية مطلقة من الجمهور اليهودي تقف من خلف ازاريا، ما دفع برئيس الوزراء في حينه واليوم لأن ينفذ التفافة حدوة حصان فزعة كي لا يكون ركل كرة القدم بعد أن تجاوز خطوط الدفاع. وإذا ما نظرنا إلى الأمور حسب التعاطف مع ازاريا في التقرير المعيب عنه في القناة 14 في آب الماضي، فقد بات درايفوس الحديث. وبهذه الوتيرة يمكنه أن يختار بين رئاسة لجنة الخارجية والأمن أو قيادة لواء الخليل.
وتوجد علاقة بين إطلاق النار على زيتون، الصور المهينة التي لا يزال المقاتلون يبثونها من غزة وترفيع ضابط كبير رغم أنه أمر في الماضي بإجراء تفتيش في العضو الجنسي لامرأة فلسطينية: كلهم يمثلون ليس فقط استعراضات لنزع الإنسانية في الجيش الإسرائيلي (مقابل عدد لا يحصى من المقاتلين والضباط الذين يبذلون جهدا عظيما لاحترام قواعد الحرب وقيم الأخلاق في أوضاع قاسية ومركبة)، بل وأيضا انعدام اهتمام الجمهور، الوهن المؤسساتي في إنفاذ القانون والعقاب، الغضب على من يتجرأ على التحذير من التداعيات الهدامة لفقدان الطابع الإنساني. في النهاية، عندما يتحطم السد تماما، وحتى التظاهر يختفي، ستكون إسرائيل منبوذة اكثر من الخارج وعفنة اكثر من الداخل. نحن نطلق النار على أنفسنا في الرأس وحتى لا نحاول أن نقول، إن هذا “بالخطأ”.
———————————————
موقع روسي: “إسرائيل” لم تتجاوز الخطوط فقط .. سيكتب التاريخ أنها انتحرت
أكد موقع “دزون” الروسي أنّ ردّ إيران على استهداف الاحتلال الإسرائيلي لمستشاريها في مبنى قنصليتها في العاصمة السورية دمشق سيكون مبتكراً وعملياً ومتوازناً، مشيراً إلى أنّ طهران ستستغلال ثغرات في “الدفاع” لدى الاحتلال ونقاط ضعف هذا الكيان التي يعرفها المسؤولون الإيرانيون.
ونقل الموقع تصريحات عن خبراء تفيد بأنّ “إسرائيل” تجاوزت “كلّ الخطوط” بل إنها “تنتحر”.
إيران، وفقاً للخبراء، سوف تتصرف بشكل انتقامي ولكن بشكل عملي بعد الهجوم الإسرائيلي على مبنى البعثة الدبلوماسية في دمشق.
وفي مساء الأول من نيسان/أبريل 2024، تم تدمير مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق. قُتل في الهجوم 6 أشخاص (8 بحسب بعض المصادر). وذكرت وكالة RIAMO أن من بين القتلى الجنرال محمد رضا زاهدي من الحرس الثوري الإسلامي.
ووفقاً للخبراء، فإن ما فعلته “إسرائيل” هو أكثر من مجرد تجاوز الخط، في الواقع، يتحدى الجانب الإسرائيلي طهران في المعركة.
“عليك أن تفهم شيئاً بسيطاً للغاية، الآن ستدمر إيران “إسرائيل” – بمجرد أن تكون واثقة من قدرتها على القيام بذلك. ولن يكون هناك أحد في العالم كله قادر على القول إن طهران ليست على حق.
“إسرائيل” لم “تتجاوز الخطوط” فحسب، لقد فعلت كل شيء حتى يكتب التاريخ في المستقبل أنها انتحرت. ليس أسوأ مما كان عليه خلال ثورة “بار كوخبا” (انتفاضة اليهود ضد الرومان في عهد الإمبراطور ادريان في 132-136. م. )، وفق ما أوضح المراقب السياسي في تسارغراد أندريه بيرلا.
وفي الوقت نفسه، يرى المستشرق سعيد جافوروف أن إيران ستتصرف في انتقامها بطريقة متوازنة وعملية، علاوة على ذلك، يدرك الممثلون الإيرانيون نقاط ضعف “إسرائيل”.
ومن الناحية القانونية، يشير الخبير إلى أن الضربة التي تلقتها البعثة الدبلوماسية في دمشق لا تغير من الناحية النظرية شدة العلاقات بين البلدين، لكن الانتقام من ضربة إيرانية يمكن أن يكون مبتكراً للغاية.
وأشار إلى أنه “أعتقد أن الضربات الانتقامية ستصبح أكثر شدة، هناك العديد من نقاط الضعف، وفي المقام الأول النقل البحري، ويمكن ضرب الشخصيات، ونحن نعلم أن المخططين الإيرانيين يعرفون نقاط الضعف في “إسرائيل”.
———————————————
هارتس 1/4/2024
العلمانيون لا يموتون، بل يُقتلون
بقلم: بابلو اسحق كيرشوك ليفي
دكتور في اللغويات، وكان محررًا ومراسلًا في “صوت إسرائيل“
يوجد فيل في منتصف الغرفة ولا أحد يتحدث عنه، ربما لأنه ليس أبيض بل أسود، الموت في سن مبكرة. الدماغ الذي يخرج من الأذنين، الدم الذي يشرب من الشريان الفخذي، الأمعاء المكشوفة، العمود الفقري الذي يتحطم ويترك صاحبه مشلولا مدى الحياة، الجسد الذي تكسوه الحروق، الأجساد التي تدفن في تابوتاً وليس في أكفان لأنه لم يبق منها ما يكفي، بكاء الأمهات الآباء الذين يموتون أو ينتحرون بسبب الحزن.
والحريديم المتطرفون معفون من ذلك، العلمانيون لا، لماذا؟ الأمر لا يتعلق بالضرائب التي يمكن زيادتها أو تخفيضها. الأمر لا يتعلق بميزانية يمكن منحها أو إلغاؤها، ولا يتعلق بمنطقة يمكن إعادتها أو ضمها والعياذ بالله. لا يتعلق الأمر بالدراسات الأساسية أو دراسات القبول، وهذا شيء لا رجعة فيه وأبدي. الموت في سن مبكرة بلا ذرية، أو مع الأيتام والأرامل. الحريديم المتطرفون معفون من هذا الموت. لماذا لا نتحدث عنها أكثر؟ لماذا لا يذكر القانون الموت؟
لقد سقط صديقي تساحي العزري في لبنان وهو في الخامسة والعشرين من عمره، قبل أن يتمكن من الزواج، وتوفي والده العميد بعد فترة وجيزة. وكان والدي، الذي أنجب ثلاثة أبناء في الجيش في حرب لبنان، مستغرقاً في القلق توفي بنوبة قلبية، إليعازر شيك، الحاخام عوفاديا يوسف، الحاخام أهارون شتاينمان، ماتوا محاطين بأحفادهم حول سن المائة.
في اللغة الإنجليزية هناك ارتباط نحوي بين كلمة الحزن وكلمة القبر. في الفرنسية هناك علاقة بين كلمة تومبي (قبر)، وكلمة تومبر – للسقوط. هل سترتبط الكلمتان القتلى والعلماني ببعضهما البعض إلى الأبد في رابطة لا تنكسر؟ فهل يحتكر العلمانيون الحزن والأسى الذي تنتجه الحروب؟
لها بالفعل في الكتاب المقدس، على سبيل المثال، يؤيد أرييه درعي وبنيامين نتنياهو الآية: “محب المال لا يشبع من الفضة” (كهلات 5: 9). إذا كان من الممكن المطالبة بميزانية عامة لتجديد حمام سباحة خاص في قيسارية بينما من أجل القتال ، فمن الواضح ما هي الأولويات. المشكلة هي أنه بين الناخبين اليمينيين وفي القطاع الحريدي المتطرف، انتشرت هذه التشوهات الشرعية. في التقليد اليهودي، من المقبول أن تعلم التوراة يمكن أن يتم من خلال وكيل. زبولون يعمل في التجارة، ويدعم يساكر الذي يدرس التوراة ويعد كليهما بالعالم الآخر. لذلك، في نظر المتطرفين – الحريديم من الممكن أيضًا تحويل الخدمة العسكرية إلى دراسة التوراة، لكن هذا احتيال: فالتداول (أو الخدمة الوطنية/توزيع الرسائل/الإشراف على الشريعة اليهودية، وما إلى ذلك) كبديل للدراسة يرتبط بقوانين السلطات. الخدمة العسكرية هي قوانين النفوس، ولا يوجد قانون مثل هذا القانون، ومع ذلك فإن الآية المفضلة لدى اليهود الحريديم هي: “الرب يقاتل عنكم وتكونون أصم” (سفر الخروج 14: 14).
فقط المصاصون لا يموتون. لقد قتلوا.
———————————————
المؤرخ آفي شلايم: آمل أن تبدأ إسرائيل بالتصرف بعقلانية
إبراهيم درويش
نشرت صحيفة “فايننشال تايمز”، اليوم الإثنين، مقابلة مع المؤرخ المولود لأبوين يهوديين في بغداد، آفي شلايم، قال فيها إن الرئيس الأمريكي جو بايدن يستطيع فرض التغيير في الحرب الجارية في غزة من خلال التهديد بإبطاء المساعدات العسكرية لإسرائيل.
وقال هنري مانس الذي أجرى المقابلة مع شلايم في أكسفورد إن “هناك ثلاثة مؤرخين إسرائيليين قاموا في عام 1988 بتقويض الرواية البطولية حول ولادة بلادهم. وقد وثق بيني موريس عدد الفلسطينيين الذين لم يغادروا منازلهم طوعا في عام 1948، ولكن تم طردهم بوحشية على يد القادة الإسرائيليين. وأشار إلى أن إيلان بابي أظهر أن بريطانيا لم تخرب الدولة اليهودية فقط، لكنها تجاهلت الفلسطينيين. وقال آفي شلايم إن إسرائيل، في حرب عام 1948، لم تقف بمفردها في مواجهة الجيوش العربية الأقوى، بل كان لتواطؤ الأردن والجيش اليد العليا”.
وباختصار يقول مانس “كان من يسمون بالمؤرخين الجدد يتناغمون مع مزاج النقد الذاتي في إسرائيل. ولكن مع تحول المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين على مدى العقدين الماضيين، أصبحت الرؤية التصحيحية غير مرحب بها مرة أخرى”. فقد غير موريس لهجته لتتناسب مع الزمن: حيث جادل في عام 2004 بأن “خطأ” إسرائيل لم يكن طرد جميع الفلسطينيين في عام 1948، فيما أصبح بابي وشلايم منبوذين أيديولوجيا.
يقول شلايم، وهو الآن أستاذ فخري في جامعة أكسفورد: “لم يستمر احتضان المؤسسة لفترة طويلة لأنني واصلت انتقاد إسرائيل”.
ومنذ هجمات حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، تقلص جمهور “نسخة شلايم من التاريخ” بشكل أكبر بين اليهود في الشتات. فقد كان من المقرر أن يلقي محاضرة حول مذكرات طفولته في جامعة ليفربول هوب بعد أسابيع من الهجمات. لكن الجامعة طلبت منه التأجيل بعد أن أثار اليهود المحليون والموظفون مخاوف تتعلق بالسلامة. وبسبب غضبه من “حرمانه من المنصة”، ألغى شلايم المحاضرة.
وقال: “ما يوضحه هذا هو الحساسية المفرطة لدى بعض اليهود البريطانيين في تفسير أي انتقادات لإسرائيل على أنه هجوم على اليهود، لا يمكنهم إسكاتي. ولكنني أشعر بقلق بالغ إزاء الأكاديميين الفلسطينيين الشباب في الجامعات البريطانية الذين يتعرضون للترهيب”.
وقال الكاتب إن شلايم شخص بارز ومثير للجدل في نفس الوقت. وهو رجل لطيف يبلغ من العمر 78 عاما، وله شعر مجعد يذكرنا بكريمر في المسلسل الكوميدي سينفيلد، وقد دعم زعيم حزب العمال السابق جيريمي كوربين عندما اتُهم بمعاداة السامية. فهو يتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتحويل البلاد إلى دولة “فصل عنصري”، وانضم مؤخرا إلى المتظاهرين البريطانيين الذين كانوا يهتفون “من النهر إلى البحر، فلسطين ستتحرر”، وهي عبارة يزعم العديد من اليهود أنها تعني الإبادة الجماعية لليهود.
مثل هذه المواقف تعني أن شلايم، الذي انتقل إلى بريطانيا عندما كان في السادسة عشرة من عمره، يجد هويته موضع تساؤل.
ويتساءل موريس: “لماذا يصر [شلايم] على استخدام هذا الاسم [آفي] الإسرائيلي الشائع، والذي عادة ما يكون اختصارا لاسم أبراهام؟”، جواب شلايم: هو ما سمي به منذ أن كان في الخامسة من عمره”.
ومع ذلك، حتى موريس يقبل أن بحث شلايم قيم وسهل القراءة. ويقدم جانبا مضيئا محتملا للصراع الحالي. فقد خلقت أحداث العنف التي وقعت في الماضي المجال للدبلوماسية. يقول شلايم: “أفضل مثال على ذلك هو حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973، لم تكن إسرائيل مستعدة لها على الإطلاق”. وقد مهدت الحرب، التي أعقبتها زيارة الرئيس المصري أنور السادات إلى القدس، الطريق لمعاهدة السلام الإسرائيلية المصرية عام 1979.
وعلى نحو مماثل، أدت الانتفاضة الأولى ــ التي بدأت في عام 1987 ــ إلى اتفاق أوسلو في عام 1993، والذي وفر إطارا لمحادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. “وكان العالم قد شاهد وحشية الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين”.
ويقول شلايم إن هجوم حماس على إسرائيل، وردة فعل إسرائيل، التي أدى حتى الآن إلى مقتل حوالي 32 ألف شخص في غزة، وفقا لمسؤولين فلسطينيين، هو “كارثة، ولكن قد تتكشف عن شيء جيد لاحقا”.
ويعلق أن وزير الخارجية الإسرائيلي السابق “أبا إيبان قال ذات مرة إن الدول قادرة على التصرف بعقلانية عندما تستنفد جميع البدائل. وما زلت آمل أنه بعد أن استنفدت إسرائيل كل البدائل العسكرية، فإنها ستبدأ في التصرف بعقلانية”.
ويقول شلايم إن الضغط الخارجي هو الشيء الوحيد الذي يمكنه دفع التغيير، “أمريكا هي المعقل الأخير [لإسرائيل]، وفي يوم من الأيام سوف تتغير السياسة الأمريكية”.
شلايم: لو قال بايدن لنتنياهو، يجب ألا تغزو رفح، وإذا فعلت ذلك، فسوف أقوم بإبطاء الإمدادات العسكرية، فإنه سيوقف نتنياهو.
وكثف الرئيس الأمريكي جو بايدن انتقاداته لنتنياهو. لكن رؤساء الولايات المتحدة الآخرين ذهبوا إلى أبعد من ذلك، كما يقول شلايم، “لو قال بايدن لنتنياهو، يجب ألا تغزو رفح، وإذا فعلت ذلك، فسوف أقوم بإبطاء الإمدادات العسكرية، فإنه سيوقف نتنياهو”.
ولد شلايم في بغداد لعائلة ثرية. وتصور مذكراته “العوالم الثلاثة” الوقت الذي كان يمكن فيه لليهود أن يعيشوا جنبا إلى جنب مع المسلمين في العراق دون عداء. وكتب أن هذا التعايش هو “أفضل نموذج لدينا لمستقبل أفضل”.
لقد أثبت إنشاء إسرائيل، الذي رحب به اليهود الأوروبيون بشدة، أنه أمر مرير بالنسبة للعديد من يهود الشرق الأوسط. لقد واجهوا رد فعل عنيف في بلدانهم الأصلية بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948. ويقول شلايم إن الكثيرين ممن انتقلوا إلى إسرائيل، وجدوا تراثهم موضع ازدراء. (تم رش بعض العائلات بمادة الـ دي.دي.تي لدى وصولها). “كنت أعاني من عقدة النقص التي شكلت علاقتي بالمجتمع الإسرائيلي”. ومع ذلك تشرّب “النسخة الصهيونية من التاريخ”، وأدى الخدمة العسكرية، وحاول الالتحاق بالجيش في حرب الشرق الأوسط عام 1967، عندما احتلت إسرائيل غزة والضفة الغربية. لكن عندما درس الصراع لاحقا، تغير موقفه.
وبينما ألقت الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى اللوم منذ فترة طويلة على القادة الفلسطينيين لعدم قبول السلام الذي عرضته إسرائيل، يقول شلايم إن إسرائيل “لم تقدم قط صيغة لحل الدولتين تكون مقبولة حتى للزعيم الفلسطيني الأكثر اعتدالا”.
شلايم: إسرائيل لم تقدم قط صيغة لحل الدولتين تكون مقبولة حتى للزعيم الفلسطيني الأكثر اعتدالا
ويقول إن “أفضل عرض” قدمته إسرائيل كان اقتراح إيهود أولمرت في عام 2008، والذي بموجبه كانت السلطة ستتنازل عن 94% من الضفة الغربية. لكن شلايم يقول إن أولمرت، الذي كان قد أعلن استقالته لمواجهة اتهامات بالفساد، كان “بطة عرجاء”، وربما كانت أي صفقة غير دستورية.
ويقول شلايم إن الدولة الفلسطينية أصبحت الآن غير قابلة للحياة، بسبب توسع المستوطنات الإسرائيلية، وأشار إلى أنه يفضل حل الدولة الواحدة.
ويقول منتقدو شلايم إنه يتجاهل تصرفات الدول العربية والفلسطينيين. وقد أيد العديد من الفلسطينيين التفجيرات الانتحارية وهجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر. فهل يتحملون نفس القدر من المسؤولية عن غياب السلام؟ “لا”، يصر شلايم. لكنه يقبل أن وجهات نظره تتشكل من خلال تجربته مع إسرائيل: “التاريخ لا يُكتب في الفراغ”.
شلايم: الدولة الفلسطينية أصبحت الآن غير قابلة للحياة، بسبب توسع المستوطنات الإسرائيلية
الأمر يتعلق أيضا بالمصادر: الدول العربية لا تفتح أرشيفاتها. شلايم، الذي يقرأ العبرية بطلاقة ولكن ليس العربية، يعمل من الأرشيف الإسرائيلي وبعض المصادر الأولية العربية.
ولعل الموقف الأكثر إثارة للجدل الذي اتخذه شلايم، وخاصة بعد هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وجهة نظره بشأن حماس، التي دعا ميثاقها لعام 1988 إلى تدمير دولة إسرائيل. ويقول إن الغرب عزل حماس بعد فوزها “بانتخابات نزيهة وحرة
” في عام 2006 وإن قادتها السياسيين قالوا إنهم قد يقبلون بدولة فلسطينية إذا كانت قائمة على الحدود قبل حرب عام 1967.
ويتابع “اليوم قادة حماس عنيفون للغاية وغير مستعدين للتنازل. لقد تحولت السلطة داخل حماس من القيادة السياسية [الأكثر] تطورا واعتدالا [مثل إسماعيل هنية] إلى القادة العسكريين [مثل يحيى السنوار]”.
ويضيف شلايم “لقد جربت القيادة السياسية الطريق الدبلوماسي ولم تصل إلى أي مكان. يقول القادة العسكريون إنه لا يمكنك التفاوض مع إسرائيل، بل عليك إلحاق الألم بإسرائيل. إنهم يستخدمون مثال حزب الله الذي أخرج إسرائيل من جنوب لبنان”.
في الوقت الراهن، يبدو شلايم “بمشاعر مختلطة” بشأن جنسيته الإسرائيلية. ومع اشتداد المزاج السياسي، فهو غير متأكد مما إذا كان سيتم استجوابه في المطار في زيارته القادمة. ولا يستطيع العودة إلى العراق، لأن الاتصال بأي شخص يروج للتطبيع مع إسرائيل أصبح الآن جريمة جنائية. لقد خدم في الجيش الإسرائيلي، لذا فإن أي عراقي يتعامل معه يمكن أن يكون مسؤولا. وفي أكسفورد على الأقل، يكون المؤرخ بين جماعته.
——————انتهت النشرة——————