بقلم: يحيعام فايس// قتلانا في 7 أكتوبر هم ضحايا الاحتلال

هآرتس 28/5/2024

منذ كنت شاباً فإن يوم الذكرى لشهداء الجيش الإسرائيلي يثير بي مشاعر خاصة؛ لأنني ابن عائلة ثكلى قُتل عدد من أبنائها في حروب وعمليات عسكرية. وقد تمّت تسميتي على اسم عمّي يحيعام فايس الذي قُتل على جسر “أخزيف” بالجليل الغربي في “ليلة الجسور” في حزيران 1946. أيضاً كيبوتس يحيعام سمّي على اسمه، وقد سمّيت ابني جدعون (جيدي) على اسم صديقي الحميم جدعون ديبورتسكي الذي قتل في المعركة البطولية بالمزرعة الصينية في سيناء بحرب يوم الغفران، وحصل على وسام الشجاعة؛ ابنة عمتي ياعيل سُمّيت على اسم عمها عيلي بن تسفي الذي قتل في بيت كيشت بحرب الاستقلال في آذار 1948.

يوم الذكرى دائماً أثار مشاعر مختلطة في عائلتي. من جهة حزن على أبناء العائلة الذين سقطوا في الحروب والمعارك، خلال سنوات كثيرة سافر عشرات من أبناء العائلة إلى الاحتفال قرب نصب “يد ليد” (ذكرى الـ 14 مقاتلاً من البلماخ الذين قتلوا في انفجار جسر أخزيف) من أجل تعظيم ذكرى يحيعام، رغم أنه دفن في جبل الزيتون بالقدس. الحداد كانت ترافقه مشاعر التفاخر على إسهام الكثير من أبناء العائلة في إقامة الدولة وتعزيز أمنها وتطوير الاقتصاد والاستيطان في إسرائيل.

في السنوات الأخيرة تغيرت مشاعري في يوم الذكرى. فبدلاً من الحزن والتفاخر أنا أشعر بالأساس بالغضب وخيبة الأمل، التي مصدرها تجاهل الكثيرين لحقيقة أن إسرائيل دولة محتلة. في يوم الاستقلال الأخير احتفلوا في إسرائيل كدولة سيادية منذ 76 سنة، لكنهم لم يشيروا إلى أنها قبل 57 سنة أصبحت دولة احتلال. منذ حرب الأيام الستة وإسرائيل تسيطر على ملايين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. دون حقوق إنسانية أو حقوق مواطنة، الحديث يدور عن مواطنين من الدرجة الثالثة وحتى أقل من ذلك. إضافة إلى ذلك، فإن آلاف المستوطنين يعيشون في عشرات المستوطنات بالضفة، في مناطق مكتظة بالسكان الفلسطينيين، الذين يعانون من عنصرية المستوطنين الذين يعتبرونهم نوعاً من دون البشر، وهو المفهوم الذي تم صكّه بأوروبا في الأيام الظلامية بالحرب العالمية الثانية. هكذا فإن المستوطنين الذين يعتبرون أنفسهم رأس الحربة لمشروع الصهيونية، عملياً يخلقون عالماً مشوهاً. فهم يمسون بالسكان وممتلكاتهم وحقولهم. رمز للعالم المشوه الذي يحاول المستوطنون خلقه هو المس المستمر منذ سنوات أثناء قطف الفلسطينيين لأشجار الزيتون.

في الحكومة الحالية، حكومة العار والخجل، فإن هناك وزراء قريبين في روحهم من “شبيبة التلال”، يمثلونهم ويدافعون عنهم بوقاحة كبيرة. وهم مستعدون لشرح وتبرير كل الأفعال الحقيرة للمستوطنين ويستخدمون قوتهم الوزارية لمساعدتهم، وفي الوقت نفسه التغطية على أفعالهم. كثيرون منا يفضلون تجاهل ما يحدث في الضفة الغربية؛ لأنه يصعب علينا الصمود أمام هذا الوضع غير المحتمل.

الغالبية الساحقة من قادة الدولة ورؤساء الأحزاب الآن يفضلون عدم التطرق لدولة إسرائيل كدولة احتلال، التي مصير ملايين الأشخاص المحتلين فيها يوجد في يدها. في السابق كان هناك حزبان صهيونيان، العمل وميرتس، حاولا مواجهة الاحتلال وتأثيراته القاسية. كلاهما تم إبعاده على هامش عالم السياسة. سياسيون رفيعون مستعدون للخروج إلى نضال عنيف ضد نتنياهو وسلوكه البائس، لكنهم يتجاهلون الاحتلال كلياً. المثال على ذلك يمكن رؤيته في رئيس المعارضة يائير لابيد، الذي مفهوم “الاحتلال” لا يوجد في قاموسه. رئيسا الأركان المتقاعدان، بيني غانتس وغادي آيزنكوت، انضما للحكومة في تشرين الأول، وعملياً منحا الوزراء العنصريين شرعية كبيرة. وجودهما على طاولة الحكومة يحوّل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش من أزعرَين مشاغبَين إلى أشخاص مقدرين يمثلون التيار العام. غانتس وآيزنكوت لا يدركان الضرر الكبير الذي تسبب به مجرد جلوسهما إلى جانب هؤلاء الوزراء. والسياسي الوحيد الذي يتطرق إلى الاحتلال هو يائير غولان، الجدير بأن يكون رئيس اليسار الصهيوني.

بسبب وزراء مثل غانتس وآيزنكوت، فإنه تجري الآن عملية أخرى، وهي أن زعرنة عدد من المستوطنين أصبحت جزءاً من الإجماع. فقد اقتربوا من الهامش إلى منطقة الاتفاق العام، وهكذا فإنه يصعب النضال ضدهم وضد أفعالهم. تجدر الإشارة إلى نقطة رئيسة، التي يفضل كثيرون تجاهلها، وهي أن قتلى 7 أكتوبر والكثير من المصابين والمخطوفين في أنفاق غزة هم ضحايا الاحتلال. “حماس” تمّت إقامتها وتطويرها في غزة كمنظمة فلسطينية انضمت للنضال ضد الاحتلال في القطاع، وهي المنطقة التي كانت خاضعة للاحتلال لعشرات السنين. “حماس” تقوّت أيضاً لأن نتنياهو كان يطمح إلى المس بقوة السلطة الفلسطينية، وعمل بشكل واضح على تحقيق هذا الطموح، ومنع الشعب الفلسطيني من القدرة على تطوير كيان وطني مستقل.

الغضب أصابني في يوم الذكرى في هذه السنة؛ لأن رؤساء الحكومة ومنتخبي الجمهور الواسع لا يستطيعون الاستيعاب أن مذبحة 7 أكتوبر لم تكن كارثة نزلت علينا من السماء، بل كانت إشارة واضحة على الشرخ الذي أوجده الاحتلال. نحن ندفع ثمن الاحتلال منذ خمسين سنة وأكثر، وهذا ثمن غير محتمل. ورعب 7 أكتوبر جزء من هذا الثمن الفظيع.

——————————————–

يديعوت أحرونوت 28/5/2024

“جيش إسرائيل الصغير والذكي هو خطأٌ يجب تصحيحه”

بقلم: يوسي يهوشع

“الجيش” الإسرائيلي يواجه نقصاً في القوات اللازمة للحفاظ على الخطوط الحدودية، ويجب اتخاذ إجراءات عاجلة، من دونها لا يمكننا الانتصار – لا في هذه الحرب ولا في الحرب المقبلة.

3601 جندي أُصيبوا وقُتل 636 منذ بداية الحرب، و”الجيش” الإسرائيلي يواجه نقصاً في القوات اللازمة للحفاظ على الخطوط الحدودية.

وإلى جانب الإخفاقات والتسيّب في إدارة القوة البشرية واستنفاد التجنيد، وصلت المستويات العسكرية والسياسية إلى حالة تتطلّب اتخاذ إجراءات دراماتيكية وفورية تتمثّل في سبع مهام عاجلة من دونها لا يمكننا الانتصار – لا في هذه الحرب ولا في الحرب المقبلة.

التقرير في صحيفة “يديعوت أحرونوت” بأن 145 جندياً إسرائيلياً أصيبوا بجروح في أقل من أسبوعين تردّدت أصداؤه في وسائل الإعلام الفلسطينية. إنّهم يفهمون منه أنّه حتى القتال المحدود إلى حد ما، ينجح في جباية ثمن من “الجيش”.

لكن القصة الكبيرة هي العدد الإجمالي للإصابات، الذي تجاوز 3600، ومن المفترض أن يقفز أكثر مع احتساب إصابات ما بعد الصدمة. في الواقع، فقد “الجيش” الإسرائيلي جنوداً بحجم لواء، وهو بحاجة إلى الكثير من الجنود الإضافيين للحفاظ على خطوطه.

“الجيش” بحاجة ملّحة للجنود، وبدلاً من الكتائب الأربع التي تسيطر على الخط في فرقة غزة، يحتاج إلى 8 كتائب على الأقل لتوفير الأمن للإسرائيليين. وينطبق الشيء نفسه على الحدود الشمالية، وبالطبع على الضفة الغربية، حيث تم نشر 20 كتيبة احتياط منذ بداية الحرب. كل من يتابع ما يحدث على طول خط التماس ويسمع مطالب الإسرائيليين في أعقاب التهديدات من طولكرم وقلقيلية يعرف أنّ “الجيش” الإسرائيلي سيضطر إلى تحويل قوات كبيرة إلى هناك أيضاً.

ويجب أن نفهم إلى أيّ مدى أثّر عدد القتلى والجرحى المرتفع على “إسرائيل”، إلى جانب الإخفاقات في بناء القوات وتسيّب الإسرائيليين من التجنيد.

إنّ سلسلة الإجراءات التي يجب القيام بها، هي في جزء منها مسؤولية المستوى السياسي، الذي يؤخّرها، وجزئياً مسؤولية المستوى العسكري، الذي لا يمكنه التهرّب من المسؤولية. فـ “الجيش” الإسرائيلي، الذي دفع باتجاه “جيش صغير وذكي”، والحكومة التي وافقت عليه، يفهمان أن هذا كان خطأ فادحاً.

وعليه، يجب تمديد الخدمة الإلزامية من 32 شهراً إلى 36 شهراً كما كان الحال في الماضي. وتمديد الخدمة ينتظر التشريع إلى جانب البند الثاني والأهم، وهو تجنيد الحريديم. اليوم، يُجنّد نحو 1200 جندي حريدي سنوياً، من أصل 12 ألف جندي سنوياً.

الإجراء الثالث الذي يجب اتخاذه هو تقليل عدد الحاصلين على إعفاء من الخدمة، إذ إنّ نحو 33% من الرجال الملزمين بالتجنيد لا يتجنّدون، نصفهم معفيون بسبب انشغالهم المرتبط بدراسة التوراة. ضمن نسبة الـ 17% المتبقية تقريباً، هناك زيادة كبيرة بين المستفيدين من الإعفاء النفسي، وهنا يجب على “الجيش” أن يعمل على كشف ومنع المحتالين الذين يشترون الإعفاء.

شيء آخر يجب معالجته هو التسرّب من الخدمة العسكرية. ووفقاً لبيانات شعبة القوة البشرية الإسرائيلية، فإنّ التسيّب يمثّل نحو 15% في متوسط متعدد السنوات، مع تسريح الغالبية – الثلثين – في السنة الأولى من الخدمة، ومعظمهم بسبب مشكلة تتعلق ببندٍ نفسي. في الواقع، ما يقرب من 50% من الرجال الملزمين بالتجنيد لا يأتون إلى قاعدة التجنيد من أجل تسريحهم ويصبحون جزءاً من خزّان الاحتياط.

ومن هنا إلى الإناث: 45% لا يتجنّدن، وهذا رقم كبير. معظم المستفيدات من الإعفاء يفعلن ذلك عن طريق إعلان التديّن (35% من المجموع)، لكن في الواقع لا يصل عدد النساء الحريدية ومن الصهيونية الدينية إلى هذا الرقم معاً.

——————————————–

هآرتس 28/5/2024