يديعوت أحرونوت: لا حياة لإسرائيل إلا بقبولها “المبادرة العربية”

 هجمة 7 أكتوبر والحرب المتواصلة منذئذ، وضعتا إسرائيل أمام مفترق طرق من ثلاث إمكانيات:

 الأولى، لليمين المسيحاني، وتدعو لفرض سيادة إسرائيل على الأرض الإقليمية التي بين النهر والبحر دون إيلاء الانتباه للمشكلة الديمغرافية ولتحديات الأمن الأساسية التي تفرضها مثل هذه الخطوة. يجدر بكل من يؤيدها أن يزور “متسادا” كي يفهم إلى أين تؤدي بنا.

الثانية هي استمرار الوضع القائم ومسيرة تعاظم قوة مكثفة تسمح لإسرائيل بالتصدي للتهديد الوجودي الكامن في سياسة إيران ووكلائها. آري شافيت في كتابه “حرب وجودية” هو من حاملي علم هذا الخط: خدمة إلزامية لثلاث سنوات ونصف، وخدمة احتياط حتى سن 65، وتحويل كل الصناعة إلى صناعة سلاح وغيرها. باختصار، إسرائيل مثل إسبرطة. ليس واضحاً عدد من سيكونون مستعدين لمواصلة العيش في مثل هذه الدولة. ليس واضحاً أيضاً كيف سيساعد هذا إسرائيل في التصدي للقنبلة الإيرانية، فسواء كان للجيش الإسرائيلي أربع فرق أو عشرون، فسيبقى التهديد الوجودي على حاله.

وثمة طريق ثالث، أقترحه أنا في كتابي “خلف الحائط الحديدي”. يقبع في أساس هذا النهج فهم بوجود تطورات إيجابية إلى جانب التهديدات المتعاظمة، لكن إذا لم نستغلها فستعلق دولة إسرائيل بالفعل في ضائقة وجودية. في أساسها مبادرة السلام من الجامعة العربية المطروحة على جدول الأعمال منذ 2002، وفي إطارها كل الدول العربية ومعظم دول العالم الإسلامي أعربت عن استعدادها لإنهاء النزاع مع إسرائيل، والاعتراف بها وتطبيع العلاقات معها. وذلك مقابل استعداد إسرائيل للموافقة على إقامة دولة فلسطينية مجردة من السلاح على أساس حدود الخط الأخضر، في ظل تبادل للأراضي. مثل هذه الخطوة ستشكل ضربة قاسية لليمين الإسرائيلي. ومع ذلك، حسب الاستطلاعات العميقة، نحو ثلثي الجمهور يؤيدون بقدر كبير أو متوسط صيغة هذا الحل. قد نفهم لماذا.

ما الذي تعطيه مسيرة سياسية؟ أولاً، استعداد إسرائيلي لبدء مفاوضات هو كابوس لإيران وحزب الله؛ فهو لن يضعف مكانتهما الإقليمية فحسب، بل ويسحب البساط من تحت أقدام مطلب تصفية إسرائيل. فبعد كل شيء ثمة حد لقدرتهما على أن يكونوا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين. ثانياً، الاستعداد لبدء مسيرة سياسية سيسمح للدول العربية، وأولاً وقبل كل شيء للسعودية أن تدفع قدماً بتعاون أمني علني مع إسرائيل والتعزيز الكبير للمحور الذي سيتمكن من التصدي للتهديد المشترك من جانب إيران. إقامة مثل هذا المحور هو المدماك المركزي في سياسة الولايات المتحدة الإقليمية. وبرأي الخبراء، سيمنع انتشار إيران ويرجعه إلى الوراء. ثالثاً، إن استعداد إسرائيلي للتقدم نحو الصيغة التي يقبلها العالم لحل النزاع سيعزز الدعم الدولي لها ويضع حداً لمسيرة العزلة التي نحن في ذروتها.

وماذا عن الشريك الفلسطيني؟ ستنفذ الخطوة مع السلطة التي تقبل الآن مبادئ مبادرات السلام العربية. فلا شك أنها ستكون مطالبة بتعزيز قوتها، وتكون أكثر نجاعة، وتوقف الفساد، وتصبح أكثر قبولاً لدى شعبها. لكن منذ عشرين سنة، تثبت السلطة استعدادها للعمل ضد الإرهاب بشهادة قادة جهاز الأمن. السلطة ليست حماس. بل شريك.

في الأجواء العامة القائمة اليوم، من الصعب الحديث عن هذا الطريق. لكن إذا كنا نحب الحياة، فلا مفر. هناك حاجة لتغيير استراتيجي، وهذا هو التغيير المطلوب. حان الوقت للحديث عن ذلك.

أوري بار – يوسيف

 يديعوت أحرونوت 8/8/2024