جدعون ليفي : تقرير ” بتسيلم ” هو عن إسرائيل وليس عن ” سدي تيمان “

تقرير “بتسيلم” الذي نشر أول أمس بعنوان “أهلا وسهلا بالقادمين الى جهنم”، ليس فقط هو تقرير عما يحدث في منشآت الاعتقال في اسرائيل، بل هو تقرير عن اسرائيل. من يريد معرفة ما هي اسرائيل فليقرأ هذا التقرير قبل أي وثيقة اخرى عن الديمقراطية في اسرائيل.

من يريد معرفة روح العصر في البلاد يجب عليه الانتباه الى أنه كيف أن معظم وسائل الاعلام تجاهلت هذا التقرير، الذي كان يجب أن يهز اسرائيل ويصدمها. ايضا توثيق الاغتصاب الجماعي الذي نشره أول أمس غاي بيلغ في “اخبار 12” لم يظهر فقط “سديه تيمان”، بل اظهر وجه الدولة.

اذا كان تقرير مثل تقرير “بتسيلم” مر هنا بتجاهل مطلق، واذا كان حتى بعد توثيق بيلغ استمر هنا النقاش اذا كان مسموح اعتقال الجنود الاوباش الذين تم توثيقهم فيه – في برنامج الصباح في القناة 12 جرى أمس نقاش حول من هو مع الاغتصاب ومن هو ضده. إذاً فان توثيق بيلغ هو توثيق لوجه اسرائيل 2024 وروحها وصورتها. ايضا بيلغ واصل للاسف الشديد تسمية ضحية الاغتصاب البربري بـ “مخرب” (مع ذلك هو يعمل في “اخبار 12”). رغم أنه قبل ذلك بلحظة كشف أن هذا الشخص ليس من النخبة وليس قائد فصيل، بل ضحية الاغتصاب هو شرطي عادي في قسم مكافحة المخدرات في جباليا. هو ايضا تم انتزاعه من بين عشرات المعتقلين الذين كانوا على الارض وهم مقيدين، ربما بشكل عرضي لأنه كان في آخر الطابور. لم يكن هناك أي عنف أو فوضى كما حاول الادعاء المحامين. ما الذي فعله بالضبط هذا “المخرب”؟ لماذا أصلا هو في السجن؟ هل لأن راتبه دفعته السلطة في قطاع غزة؟ هذه اسئلة لا يجب سؤالها. ولكن صورة جسده الذي كان يهتز بسبب الألم، التي ظهرت للحظة من خلف سواتر الحماية التي اختبأ وراءها المغتصبون، كان يجب أن تؤلم كل ضمير.

يتبين أنها لم تؤلم ضمائر معظم الاسرائيليين. أمس مرة اخرى تم وقف جلسة المحكمة العليا التي ناقشت الالتماس الذي تم تقديمه من اجل اغلاق منشأة التعذيب “سديه تيمان” بسبب صراخ الجمهور. “الشعب هو السيد”، صرخ الجمهور على قضاة المحكمة العليا. في القريب ستتم مشاهدة عمليات الفتك في ميادين المدن. بتنفيذ السيد وبدعم من وسائل الاعلام. في برامج الصباح سيتم اجراء نقاشات حول شرعية الفتك. سيكون هناك متحدث مع ومتحدث ضد، في وسائل الاعلام المتزنة لدينا. شخص يقوم بالضرب يمكن أن يكون ساحر ومثير للاعجاب ومحبوب من قبل كل من يعرفونه؛ اذا قام بضرب زوجته أو أولاده فانه يعتبر شخص عنيف. هذا التعريف يتغلب على كل التعريفات الاخرى، العنف هو الذي يحدد هويته. كل صفاته الاخرى يتم نسيانها بسبب عنفه. “سديه تيمان” يعرّف اسرائيل اكثر من أي صفة اخرى لها. اسرائيل هي سديه تيمان، وسديه تيمان هي اسرائيل. هذه ايضا هي الطريقة التي تعاملوا فيها مع المشتبه فيه بالتحرش الجنسي في حركة “مي تو” الاسرائيلية، التي دمرت حياة الاشخاص المشتبه فيهم فقط، لكن المغتصبين في سديه تيمان ماذا عنهم؟ الامر غير مهم بالنسبة لـ “مي.تو”، لأنهم قاموا باغتصاب “مخرب”.

عندما نقرأ تقرير بتسيلم الذي يتكون من 94 صفحة، قراءة تقض المضاجع، سندرك أن ذلك لم يكن حادث استثنائي، بل هي روتين تعذيب اصبحت سياسة خلافا لتعذيب الشباك الذي كان بالنسبة لهم كما يبدو هدف أمني من اجل انتزاع المعلومات. هنا الامر يتعلق فقط باشباع اسوأ الرغبات السادية. انظروا الى أي مدى يقترب الجنود من رباطة الجأش لتنفيذ خططهم. وهناك عشرات الجنود الآخرين الذين شاهدوا وصمتوا. يحتمل أنهم ايضا شاركوا في طقوس عربدة مشابهة. وفقا للشهادات التي قدمها تقرير بتسيلم فان هذا هو الروتين.

هذه اللامبالاة هي التي تعرف وتحدد اسرائيل. الشرعية العامة هي التي تحدد اسرائيل. في غوانتنامو قتل تسعة سجناء خلال20 سنة، عندنا قتل 60 معتقل في عشرة اشهر. هل نحن بحاجة الى اضافة أي شيء آخر؟.