نتنياهو يريد حرب اقليمية شاملة، يجب على رؤساء جهاز الامن الاستقالة … بقلم: اهود اولمرت

 

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لا يريد عودة المخطوفين. لا توجد أي احتمالية للتوصل الى تفاهمات في المفاوضات التي تجري في الفترة الاخيرة والتي يتوقع أن تستمر في الاسبوع القادم وربما في الاسابيع التالية. من المرجح أن المفاوضات ستستمر بدون تقييد في الوقت، أو أنها ستنفجر في مرحلة معينة وتنتهي بجولة اخرى من العمليات العسكرية في الجنوب، وربما ايضا في الشمال.

في ظل غياب اتفاق لتحرير كامل للمخطوفين لا توجد احتمالية حقيقية لوقف العملية العسكرية في القطاع. فهي ستستمر لايام كثيرة اخرى. في نفس الوقت ستستمر المواجهات العنيفة في الشمال وفي نهاية المطاف يتعين عليها أن تتطور الى حرب واسعة، اطلاق صواريخ بعيدة المدى من قبل حزب الله، رد اسرائيلي بحجم لم نشاهده بعد، والتدهور الى حرب شاملة.

هذا التطور هو الوحيد الذي يخدم سلم اولويات نتنياهو، ويبدو ايضا احتياجات يحيى السنوار. السنوار، كما يبدو لي (لا اعرف ما الذي يريده حقا وأنا احاول فهم ما من شأنه أن يفيد من وجهة نظره من اجل احتياجات حماس وايضا يتساوق مع خطوات نتنياهو)، يفضل اطالة الحرب، حيث ذخره الاهم، المخطوفين، يوجد في يده. استمرار الحرب وتوسعها في الشمال سيزيد الفرصة لحرب شاملة ايضا مع منظمات اخرى، اضافة الى حماس وحزب الله، مثل الحوثيين والمليشيات الايرانية في العراق وفي سوريا. أمل السنوار وأمل نتنياهو ايضا هو أنه في نهاية المطاف ايران ستتورط في مواجهة مباشرة وواسعة مع اسرائيل.

هذا السيناريو هو بالطبع تهديد حقيقي لاسرائيل، ليس تهديدا وجوديا فوريا، لكنه عملية ستؤدي الى ضحايا كثيرين في اوساط المدنيين وقتلى كثيرين في اوساط الجنود وضرر دراماتيكي للبنى التحتية المادية لاسرائيل في مناطق كثيرة، بما في ذلك المراكز الصناعية والتجارية، وتدهور حقيقي في مكانتها الدولية، وامكانية فرض عقوبات عليها في المحاكم الدولية التي تناقش جرائم الحرب، وربما ايضا فرض عقوبات في مجلس الامن.

هذا هو السيناريو الاسوأ الذي يوجد على الاجندة: استمرار الحرب وتتعقد وتتسع، ومصير المخطوفين يتم حسمه.

لا يوجد للسنوار أي سبب للتنازل عن مثل هذا التطور. فهو يخدم حاجاته. كلما تعقد الوضع اكثر والمزيد من الاطراف تتواجد في قتال ضد اسرائيل، هكذا فان مبادرة تشرين الاول للسنوار تصبح اكثر فأكثر انعطافة تاريخية حسب رؤية من يعملون على اضعاف اسرائيل على أمل تدميرها. نتنياهو يقود دولة اسرائيل الى هذه الهاوية مع شركائه مجرمي الارهاب، ايتمار بن غفير و”مُجوع غزة” بتسلئيل سموتريتش.

السيناريو النهائي الوحيد الذي يمكن أن يقف على الاجندة في الاتصالات بين دول الوساطة وبين الطرفين المتقاتلين هو وقف القتال على الفور، وعقد اتفاق لاعادة جميع المخطوفين في فترة قصيرة، ادخال قوة مقاتلة فلسطينية – عربية تكون مسؤولة عن بناء بنية تحتية حكومية قوية في القطاع بمشاركة السلطة الفلسطينية (بالطبع مع مقاتلة هذه القوة ضد بقايا حماس). وفي موازاة ذلك خروج كل القوات الاسرائيلية من غزة الى نقطة الحدود التي كنا فيها قبل بداية العملية البرية.

من منظار المصالح الحقيقية لاسرائيل فان وقف الحرب هو نقطة الانطلاق لتغيير الاتجاه. اعادة المخطوفين وتهدئة الحدود الشمالية وفترة زمنية طويلة تمكن الدولة من النهوض، للبدء في تطبيب الجراح وترميم المنظومات الامنية والعسكرية واعادة الجنوب الى روتين الحياة الطبيعية وترميم البلدات هناك واعادة سكانها الى بيوتهم. في نفس الوقت نستطيع التوصل الى اتفاق مع حكومة لبنان بوساطة امريكية وفرنسية، يمكن من اعادة سكان الشمال الى بيوتهم وابعاد حزب الله عن الحدود، أي أن وقف الحرب سيمكن من تحقيق ما كان يجب أن يكون اهداف الحرب الحقيقية.

من ناحية نتنياهو هذا ليس “نصر مطلق” أو تدمير لحماس وهو لا يمكن من طمس الهزيمة الفظيعة في تشرين الاول 2023، هذا مختلف عن كل ما يعلن عنه بأنه الهدف الرئيسي الذي لا مناص منه.

باختصار، بيبي سيضطر الى الاختيار بين التنازل عن النصر المطلق وبين استمرار الحرب وتوسيعها الى مواجهة شاملة متعددة الساحات بدون جدول زمني معقول لانهائها. الاختيار بين ما هو جيد لاسرائيل وما هو جيد لبيبي، نتيجته معروفة. بناء على ذلك فانه لا مناص من الاستنتاج بأن دولة اسرائيل تقترب بخطى كبيرة من الحرب الشاملة.

هذا ما يريده بيبي وبن غفير وسموتريتش.

الميل الى حل لغز خطوات نتنياهو وكأنه لا يوجد لديه خيار لأنه لا يريد المواجهة مع بن غفير وسموتريتش، وهو مرتبط بهما من اجل بقاء الحكومة، هو وصف سطحي وبسيط للواقع السياسي الحالي. نتنياهو منذ فترة طويلة يحب وضعية ونستون تشرتشل (هو على استعداد بدون مناص الاكتفاء بفلودمير زيلينسكي)، مع سترة واقية وخوذة من الفولاذ على رأسه. استمرار القتال ليس خيار اجباري بالنسبة له، بل هو عملية تاريخية لا مناص منها، يمكن أن تستمر لاشهر كثيرة اخرى، وستمكنه من سحب جزء كبير من المجتمع الدولي الى الفوضى التي يؤمن بأنها مرحلة حيوية في المواجهة بين من يحبون الحرية وتقدم العالم الغربي، بما في ذلك امريكا واوروبا، وبين ممثلي التطرف الاسلامي الاصولي المتعصب، الذي يمكنه هزيمتهم.

على خلفية ذلك يجب التخلص من الوهم الذي يقول بأن المفاوضات حول صفقة لتحرير المخطوفين بتوجيه من نتنياهو تجري بحسن نية (هي ايضا ليست “اعطاء واعطاء”، كما اتهم نتنياهو ممثلي اسرائيل). هذه اللقاءات، في قطر وفي القاهرة أو في أي مكان، هي لعبة من ورائها لا تختفي أي نية للتوصل الى اتفاق أو تفاهمات أو نتيجة تعيد المخطوفين الى بيوتهم.

نحن ننجر بوتيرة كبيرة جدا الى السيناريو الاسوأ الذي يمكن أن يخطر بالبال.

العالم يفقد الصير ازاء الخداع والتضليل والنفاق الاسرائيلي. عندما هددت ايران بمهاجمة اسرائيل في نفس الوقت مع حزب الله، بعد تصفية القادة في بيروت وفي طهران، فعل جو بايدن ما لم يفعله أي رئيس امريكي منذ اقامة دولة اسرائيل. فقد ارسل الى هنا قوات عسكرية، التي مجرد قربها من المنطقة يشكل تهديد دراماتيكي على أمن ايران واستقرارها وقوة ردعها. الايرانيون يكرهوننا جدا، لكنهم ليسوا اغبياء. الخوف من أنه اذا شنوا حرب فسيجدون انفسهم يحاربون الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا مع بعض الدول العربية واسرائيل، اضعف على الاقل في هذه المرحلة رغبتهم في الانقضاض علينا في المدى الزمني الآني.

لكن تفجر المفاوضات بسبب مناورات خداع نتنياهو يمكن أن يسرع اندلاع المواجهة الشاملة التي يسعى اليها. عندما ستحدث هذه المواجهة فان اسرائيل يمكن أن تكتشف بأن الجيش الامريكي غير مستعد للدخول في مواجهة عسكرية معقدة وحساسة في الشرق الاوسط فقط بسبب أن المخادع النرجسي الذي لا يوجد له عمود فقري اخلاقي، الذي يقودها، معني بذلك. نحن يمكن أن نجد انفسنا بدون امريكا وبدون قوة الردع والرد التي يمكن للتواجد العسكري الامريكي أن يعطيها لنا.

في حرب شاملة بيننا وبين ايران وحزب الله وكل الاطراف الاخرى يمكن أن ندفع ثمن لم نرغب في دفعه، وربما لن نستطيع تحمله.

حتى الآن يوجد مخرج. في السنة الاخيرة التي فيها عبرت كثيرا عن رأيي ونشرته في وسائل الاعلام الاسرائيلية، لا سيما في هذه الصحيفة، وعدد غير قليل من المرات في العالم، لم اوصي بالعملية التي سأفسرها لاحقا. ولكن الآن لا مناص من القيام بها. أنا سأبكر واقول بأنني اعارض بشدة وبكل قوة وبكل ذرة في نفسي عملية تستهدف محاولة اسقاط نظام ديمقراطي بطريقة غير مناسبة، وأنا اوصي بعدم فحصها ولا اقترح ذلك.

أنا اطالب وزير الدفاع يوآف غالنت ورئيس الاركان هرتسي هليفي ورئيس الشباك رونين بار ورئيس الموساد دادي برنياع بأن يعلنوا معا عن استقالاتهم، فورا عندما يفشل نتنياهو المفاوضات حول الصفقة في الايام القريبة القادمة. يجب عليهم عقد مؤتمر صحفي مشترك يقولون فيه للجمهور بأنهم توصلوا الى الاستنتاج بأنه لا يمكنهم خدمة المصالح الاخلاقية والامنية والعسكرية والسياسية لدولة اسرائيل ازاء ما يشاهدونه ويسمعونه ويعيشونه كل يوم في الجلسات المغلقة من رئيس الحكومة ووزرائه المخلصين، وفي وسائل الاعلام من الذين يشغلهم ويوجههم ويحرضهم.

الاختيار بين الاستمرار في الخدمة في وظائفهم، مع معرفة أنه يقف على رأس الدولة شخص يعرض للخطر سلامها وامنها واستقرارها يوميا، وشركاءه هم مجرمون ليست لديهم مسؤولية ويحرضون على ارتكاب جرائم الحرب ويؤيدون من ينفذونها في الضفة الغربية، مع المس والاستخفاف والتشويه للقيادة الامنية المقاتلة في الدولة، وبين تغيير الاتجاه وانقاذ الدولة من رئيس الحكومة الذي يعرض وجودها للخطر، سيختارون اشراك الجمهور في الحقيقة ويمكنونه من العمل وفقا للقيود والامكانيات التي توجد في النظام الديمقراطي.

عند فعلهم ذلك فان غالنت وليفي وبرنياع يقومون بالواجب الاسمى تجاه شعب اسرائيل ودولة اسرائيل.

ليس أكثر ولا أقل.