تحقيق “إسرائيليّ” بتسريب وثائق مزورة ومزعومة لـ”حماس” لتشكيل الرأي العامّ في “إسرائيل” بما يتماشى مع نتنياهو

يحقّق جيش الاحتلال في تسريب وثائق مزوّرة يُزعم أنها لحركة حماس، نُشرت في وسائل إعلام أجنبيّة، مؤخّرا، بما يتوافق مع ما يدّعيه ويروجّ له رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، وبخاصّة في ما يتعلق بمحور “فيلادلفيا”، وإحجام حماس عن التوصّل لاتفاق تبادل أسرى.

جاء ذلك بحسب ما أفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عبر موقعها الإلكترونيّ (“واينت”)، الأحد، مشيرة إلى أن التسريبات التي أكّدت أنها “تثير قلقا وغضبا كبيرا في المنظومة الأمنية” الإسرائيلية، قد نُشرت في صحيفتين أوروبيتين، وأنها تسعى إلى “تشكيل الرأي العامّ في إسرائيل”، بشأن القضايا المذكورة.

والصحيفتان اللتان نشرتا مؤخرا، الوثائق المزعومة، هما صحيفة “بيلد” الألمانية، التي شدّد التقرير على أنها شديدة التأثير في ألمانيا، وصحيفة “جويش كرونيكل (The Jewish Chronicle)” البريطانية.

وذكر التقرير أنه تمّ فتح “تحقيق داخليّ” في جيش الاحتلال ، “في نهاية الأسبوع، (الجمعة – السبت)، لمحاولة معرفة من الذي يستخدم بشكل تلاعبيّ، وثائق حماس السريّة التي تم الاستيلاء عليها في غزة، أو في تلك التي يُزعم أنها أُخذت من حماس فقط، ويمرّرها إلى وسائل الإعلام الدوليّة”.

وأشار التقرير إلى أن هذه القضيّة “ستزيد من حدّة التوتّر بين رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو ومقرّبيه ومحيطه، وهو التوتّر الذي وصل بالفعل إلى ذروة جديدة في أعقاب الخلاف العميق بين الأطراف المحيطة به، بشأن الصفقة”.

وزُعم في كلا الصحيفتين، أنهما تكشفان عن وثائق داخلية وسريّة للغاية لحماس، يُفترض أنها مباشرة من كتابة زعيم حركة حماس، يحيى السنوار، أو من حاسوبه.

وفي كلتاهما، “فإن عقلية وتعليمات وإستراتيجية زعيم (حماس، السنوار) تعكس بالضبط ما زعمه نتنياهو في خطابه ومقابلاته الأسبوع الماضي، والذي بموجبه يحاول السنوار زرع الانقسام، لدى الجمهور الإسرائيليّ”.

كما زُعم أنه “ليس مهتما حقا بالصفقة، ويخطّط لتهريب المحتجزين عبر الأنفاق تحت محور فيلادلفيا إلى مصر، ومنها إلى إيران”، وهي ادعاءات كرّرها نتنياهو، وبخاصّة مؤخرا.

وبحسب التقرير فقد تبيّن من فحص الوثيقة التي نشرتها صحيفة “بيلد”، “أنها ليست وثيقة السنوار على الإطلاق أو أنها مأخوذة من ذهنه، بل هي اقتراح من مسؤول متوسّط ​​الرتبة في حماس”.

وشدّد التقرير على أنه “الأهم من ذلك، أن الجزء الرئيسيّ الذي يفترض أن الصحيفة تقتبسه من تلك الوثيقة، والذي بموجبه أن حماس غير مهتمة بالصفقة، لم يرد فيه على الإطلاق”.

“حملة تأثير”

ونقل “واينت” عن مسؤول أمنيّ ذكر أنه مطّلع على تفاصيل التحقيق الذي يتم إجراؤه، القول: “هذا أمر خطير للغاية”.

وأضاف المسؤول ذاته: “لدى الجيش الإسرائيلي ووكالات الاستخبارات الأخرى، أنظمة وظيفتها التأثير على العدوّ، ولكن بموجب القانون يُحظر محاولة تشغيل نظام التأثير هذا، بالتأكيد ليس مع استخدام مواد سريّة، لم يُسمح بنشرها على الجمهور على الإطلاق”.

وقال إن “هذه حملة تأثير على الجمهور الإسرائيليّ”، مضيفا: “نحن لا نخوض في السياسة، بل مع خطوة خاطئة تماما، ونحن مصمّمون على العثور على الشخص، أو الطرف الذي يقف وراءها”.

ادعاءات نتنياهو عن وثيقة السنوار…. “الحال في حماس ليس كذلك”

وأشار التقرير إلى أن نشر الوثيقتين في الصحيفتين، سبقه ذكر وثيقة ثالثة كان نتنياهو قد ضمّنها في خطاب له، الأسبوع الماضي، وقال فيها متوجّها للإسرائيليين، إن “حماس تمارس تكتيك تقسيمنا، وإضعافنا، وإخضاعنا في النهاية”.

وفيما تساءل حينها “كيف تفعل ذلك؟”، عرض مذكرة مكتوبة بخط اليد باللغة العربية، وقال إن “هذه وثيقة تعليمات عثر عليها جنودنا في نفق كبار مسؤولي حماس؛ بالمناسبة، وسائل الإعلام قالت إنه السنوار، لا أستطيع أن أضمن أنه السنوار، لكنني أضمن أنها لمسؤولون رفيعي المستوى في حماس”.

وأكّد التقرير أن “المذكرة التي قرأ منها نتنياهو لا تخصّ السنوار”، مشدّدا على أن “خط زعيم حماس معروف ويعرفون في إسرائيل ما كتب، وما لم يكتب”.

وأشار التقرير إلى أن نتنياهو “لم يكن دقيقا تماما عندما ادعى أنه كان مسؤولا آخر في حماس. والحقيقة هي أن إسرائيل ليس لديها أدنى فكرة عمّن كتب هذه المذكرة”.

وفي حين لفت التقرير إلى أنها “قد تكون من جهة أعلى، وقد لا تكون”، شدّد على أنها “في كل الأحوال ليست إستراتيجية نزلت كأمر من جهة، واعتمدتها ونفذتها جهة أخرى”.

وفي هذا الصّدد نقل التقرير عن المسؤول الأمنيّ ذاته القول إن “حماس منظمة توثيق تكتب وفهرسة دون توقف”، مضيفا: “نحن نعرف كيف يبدو الأمر في حماس. هذا ليس هو الحال”.

مزاعم تهريب الأسرى إلى إيران

وأما في ما يتعلّق بمزاعم تهريب الأسرى إلى إيران، مثلما يدّعي نتنياهو، فقد نشرت صحيفة “جويش كرونيكل”، بعد ثلاثة أيام من خطاب نتنياهو، تقريرا تحت عنوان: “خطة السنوار السريّة لتهريب الرهائن إلى إيران”، فيما كان العنوان الفرعيّ؛ “الوثائق التي استولى عليها الجيش الإسرائيلي والمعلومات التي تم الحصول عليها في التحقيق قد تشهد على الكيفية التي يخطط بها قائد حماس للخروج من ضائقته الصعبة”.

ضباط إسرائيليون: المستوى السياسي يتسبب بتصعيد كبير بالضفة الغربية

وقد كتب التقرير مراسل الصحيفة، إيلون بيري، الذي يعتمد على مصادر استخباراتية إسرائيلية، بحسب ما أفاد تقرير “واينت”.

ونقل بيري في تقريره عن أحد مصادره هذه، أن السبب الحقيقي وراء عدم قدرة حماس على إطلاق سراح الرهائن، هو أنه “بقي 20 منهم فقط على قيد الحياة في غزة”، والعديد منهم محتجزون حول السنوار، “ليكونوا بمثابة درع بشريّ له”.

وشدّد التقرير على أن هذا الادعاء يعني أنه “ليس هناك فرصة للتوصل إلى صفقة، لأن السنوار لن يتخلى عنهم”، وهو ما يتماشى مع الادعاءات التي يكرّرها نتنياهو.

وأوضح تقرير “واينت” أن ما نُشر في تقرير “جويش كرونيكل”، “يتناقض بشكل صارخ مع كل ما تعرفه المنظومة الأمنية في إسرائيل، إذ لا يزال هناك أكثر من 20 شخصًا على قيد الحياة”.

ولفت إلى أنه “على الأقلّ، فإن الغالبية العُظمى منهم، ليسوا محتجزين بالقرب من زعيم حماس، أو حتى بالقرب منه ليكونوا بمثابة درع بشريّ”.

ونقل التقرير عن مسؤول يتعامل مع قضية الأسرى والمفقودين في جيش الاحتلال : “كان واضحا لنا منذ البداية أن هذا هراء”، مضيفا: “للأسف يجب أن يكون الأمر واضحا للجميع الآن مع مقتل الستة الذين كانوا في النفق، ولا علاقة لهم بالسنوار، ولا بمحيطه”.

وزعم تقرير بيري أن مصادر استخباراتية إسرائيلية أخبرت صحيفته، بأن “خطة السنوار كانت تتمثل في تهريب نفسه، وقيادات حماس الأخرى مع أسرى إسرائيليين عبر فيلادلفيا، إلى سيناء، ومن هناك إلى إيران”.

وبحسب التقارير، تم الكشف عن ذلك أثناء استجواب مسؤول رفيع المستوى في حركة حماس تم أسره، وكذلك من المعلومات التي تم الحصول عليها، ومن الوثائق التي تم الاستيلاء عليها في 29 آب/ أغسطس، والتي تم فيها استعادة جثث القتلى الإسرائيليين الستة، الذين وسّع مقتلهم رقعة الاحتجاجات ضدّ نهج نتنياهو في إدارة الحرب، وبخاصّة في ما يتعلّق بالرهائن.

المصدر: عرب 48