وزير إسرائيلي أسبق
إليكم بعض الحقائق الصعبة التي لا يجرؤ المستويان السياسي والعسكري على قولها. بعد 11 شهراً على الحرب، لم نحقق هدفاً واحداً. صحيح أننا ضربنا «حماس» بقوة، لكننا لم ندمّر سلطتها المدنية، ولم نقضِ على قدرتها العسكرية، ولم نحرر كلّ المخطوفين، ولم نُرجع الأمن إلى الجنوب. يجب الإشارة إلى عضو الكنيست، غادي آيزنكوت، الذي كانت لديه الشجاعة للاعتراف بذلك أمام الجمهور، وكونه كان مراقباً في «كابينيت الحرب»، فهو أيضاً يتحمل المسؤولية عن الوضع الذي وصلنا إليه.
نحن الآن لسنا على بُعد خطوة واحدة من النصر، بل على بُعد خطوة واحدة من هزيمة إستراتيجية. لكن السياسيين في الائتلاف، وفي المعارضة، غير مستعدين لتقديم خطة إستراتيجية جديدة، لأن هذا يتطلب منهم شرح أثمانها الحقيقية للجمهور.
الطريقة الوحيدة لتحقيق أهداف الحرب، أي القضاء على حُكم «حماس»، وعلى قدرتها العسكرية، كانت بوساطة احتلال عسكري شامل، وحُكم عسكري مؤقت، وسيطرة أمنية دائمة على القطاع. هذا ما كان يجب أن نفعله منذ بداية الحرب، وهذا ما كان يجب أن نفعله منذ عدة أشهر عندما عرفنا أنه من المؤكد أن الخطة التي وضعتها رئاسة هيئة الأركان العامة لن تحقق أهداف الحرب، والآن يبدو أن الوقت تأخر، بينما الجيش منهك، ووضعنا الدولي سيئ جداً.
مخطط صفقة المخطوفين المقترح حالياً هو بمثابة كارثة. لكن ليس لدى السياسيين على طرفَي المتراس الجرأة على القول للجمهور: إن السبيل الوحيد لإعادة المخطوفين هو إبرام صفقة من «مرحلة واحدة»، تُنهي فيها إسرائيل الحرب بصورة رسمية، وتعيد «حماس» كل المخطوفين دفعة واحدة (طبعاً، ليس لديهم الجرأة على ذِكر الثمن الباهظ الذي سندفعه في مقابل هذه الصفقة). استناداً إلى آيزنكوت، فإن الأغلبية الساحقة في مجلس الحرب المصغر والعام تدفع باتجاه صفقة من «مرحلة واحدة»ـ لكن بدلاً من النضال من أجل ذلك، فإنهم خضعوا لنتنياهو الذي يريد عقد صفقة على مراحل.
يتعين على نتنياهو أن يعلن اقتراح صفقة، تنهي فيها إسرائيل الحرب بصورة رسمية، وتحرّر «حماس» كل المخطوفين دفعة واحدة خلال وقت قصير. وإذا لم يوافق السنوار عليها، فإن هذا الاقتراح سيعيد الوحدة الداخلية على الأقل، وسيُظهر لعائلات المخطوفين، وحتى لمعارضي نتنياهو، أن «حماس» هي المتهمة بإفشال الصفقة. ومثل هذا الاقتراح سيحسّن شرعية إسرائيل على الساحة الدولية، وكذلك، فإن رفض «حماس» سيمنح إسرائيل اعتماداً مفتوحاً لمواصلة القتال في غزة.
صحيح أن هذه الحقائق صعبة ومخيفة. فالوضع الأمني لدولة إسرائيل هو الآن في أدنى مستوياته. وأمامنا أيام صعبة، ويبدو أننا سنتورط في حروب أُخرى في الأعوام المقبلة. لكن كذب السياسيين والضباط الكبار علينا، يمنعنا من النظر إلى الواقع بصورة صحيحة، واستخلاص النتائج المطلوبة من الإخفاق الكبير في 7 تشرين الأول، والإدارة الفاشلة للحرب. حان الوقت الذي يجب على كل الذين يكذبون علينا، لاعتبارات سياسية وشخصية، إخلاء الساحة وتركها لزعماء يقولون الحقيقة للشعب.