الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 الصحافة الاسرائيلية – الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

يديعوت احرونوت 7/10/2024

هذه حرب غريبة من كل جانب افلا يجدر بنا ان نتعلم حدود القوة؟

بقلم: ناحوم برنياع

في ختام السنة الأولى، القاسية، للحرب العالمية الثانية، القى ونستون تشرتشل خطابا تاريخيا. كرس الخطاب لطياري سلاح الجو الذين صدوا باجسادهم الهجمة على بريطانيا. الجملة الأخيرة مذكورة على نحو خاص: “لم يسبق أبدا ان كان كثيرون جدا مدينين كثيرا جدا لقلائل كثيرين جدا”. كم سخيا ومثنيا، كم موجزا ومركزا. ليس في مدرستنا. 

السنة الأولى لحربنا تنتهي اليوم. خطابات ستلقى. شعارات ستطلق. انتصارات ستضمن، لكن مشكوك ان تترك جملة واحدة جديرة بان نتذكرها، وعدا واحدا يطرح للايفاء. لم يسبق أبدا ان اعفى قليلون جدا انفسهم من دين كبير جدا لكثيرين جدا. 

هذه السنة تنتهي بنبرة متفائلة. ما بدأ بمذبحة وبتبطل زعامي وعسكري ليس هناك اخطر منه ينتهي بانجازات عسكرية في الميدان وبفرصة للتغيير. يحتمل ان تكون السنة الثانية للحرب سنة تحقق، سنة بشرى، سنة النظام الجديد في الشرق الأوسط، وربما العكس تكون سنة التفويت، سنة الانكسار. الكثير منوط برئيس وزراء إسرائيل. مثل إسرائيليين كثيرين آمل من كل قلبي ان ينجح لكني لا اعول عليه وعلى عصبة وزرائه، لا بنواياهم ولا بتفكرهم. 

لكل واحدة من حروب إسرائيل يوجد مزايا خاصة بها: حرب 7 أكتوبر تختلف عنها جميعها. ظاهرا كل شيء كان هنا: مفاجأة وقصور كانا في بداية حرب يوم الغفران؛ احتجاج ضد الحكومة كان عشية حرب لبنان الأولى، حيال حكومة بيغن؛ احتقار للسياسيين، اغراقهم في التمتع، الفساد، تأييدهم للتملص من الخدمة، الاحتقار للحكم كله تعاظمت في ختام حرب الاستقلال. برز بينهم خريجو البلماخ من اليسار وخريجو ليحي من اليمين. 

لكن الضربة التي اوقعتها حماس على الجبهة الداخلية المدنية وعلى المشروع الصهيوني كله كانت اشد من كل تحد عسكري. يخيل لي انه غني عن البيان الاستطراد في حجوم الضرر من اقصى العالم وحتى أقصاه: فقد بحثت على مدى السنة بتوسع. لم يسبق ابدا ان كان وضعنا في العالم – بما في ذلك في العالم اليهودي – أسوأ. في غضون أسبوع تحولنا من أمة الاستحداث، العلامة التجارية التي تمثل التقدم والتنور، الى جنوب افريقيا عهد الابرتهاد. 

الاحتجاج ضد الانقلاب النظامي للفين وروتمان كان مختلفا في المدى وفي الجوهر عن المعارضة لحرب الخيار لبيغن وشارون في لبنان. لكن في اللحظة التي بدأ فيها الحرب انقلبت الخواطر: في 1982 قامت حركة احتجاج ضد الحرب؛ في السنة الحالية قيلت أمور كثيرة مع وضد الحكومة لكن لم يسمع في إسرائيل حتى ولا شبه تغريدة ضد مجرد الحرب واستمرارها، لا في جبهة غزة، لا في جبهة لبنان ولا في جبهة ايران. نقد شديد على الحرب في الغرب؛ اجماع في الوطن. 

النتيجة هي تجند كامل، بما في ذلك بجولة خدمة احتياط ثانية وثالثة؛ معنويات عالية؛ تمسك بالمهمة. بين أمر عسكري وآخر، على كأس قهوة، بين الرفاق، يمكنهم أن ينتقدوا بشدة الحكومة وخطواتها، لكن هذا لن يقلل في شيء من الاستعداد للقتال. لعل اجنبي لن يفهم هذا – نصرالله، مثلا، لم يفهم – لكن في نظري هذا جزء من قوة المجتمع الإسرائيلي. 

الحرب الحالية وجدت قيادة حكومية منقسمة. بين رئيس وزراء انهار في الساعات الأولى وحرص على بقائه في الأشهر التالية ووزير دفاع لا يثق به وهيئة اركان فقدت السيطرة. الترميم الذي اجتازه الجيش الإسرائيلي في الأشهر التالية مبهر، لكن اضرار الساعات الأولى لا يمكن إصلاحها. نتنياهو، في خطابه في الأسبوع الماضي وصف مسيرة مرتبة، عاقلة، بدايتها في القتال في غزة وتواصلها في لبنان. وعد فأوفى، لا صلة بين الوصف وبين الواقع. 

هذه حرب غريبة: فهي تجري بين منظمات إرهاب يوجد لهم او لا توجد لهم سيطرة على أرض إقليمية وهم متعلقون برقابهم بأرباب البيت في طهران. الوضع معقد: لا يمكن اجراء مفاوضات مع جهة ليس لها مطالب تجاهنا، باستثناء الرغبة في محونا عن وجه البسيطة. فعلى ماذا بالضبط نتفاوض مع الحوثيين؟ ماذا فعلنا لهم؟ على ماذا نتفاوض مع خلفاء خلفاء قادة حزب الله؟ كيف نواجه نظاما إيرانيا تبنى الكراهية لإسرائيل ليس كخطوة استراتيجية بل كفكرة منظمة للامبراطورية التي أقامها؟ ماذا سيفعل النظام الإيراني بدون إسرائيل؟ هذه حرب غريبة، لان العنصر المسيحاني في حكومة نتنياهو يحتفل بها. الدولة كلها في حداد، المخطوفون يذوون في الانفاق وهم يحتفلون. من تحت جسر القطار، قرب طريق الوصول الى ايرز توجد النواة الأولى التي تسعى لاستيطان غزة. ايلي عزة، هذا اسمها. ويوجد منذ الان أعضاء ائتلاف يطلبون ويؤيدون ويهتمون بالمال وبالكرافانات.

هذه حرب غريبة لان القيادة الإسرائيلية تمتنع عن قصد عن أن تحدد لها نهاية مطاف، استراتيجية خروج. الجيش الإسرائيلي دخل هذا الأسبوع الى سلسلة من قرى الحدود اللبنانية. القصد هو تدمير المنشآت العسكرية التي بناها حزب الله في الشريط بين نهر الليطاني وخط الحدود، تدمير وجمع السلاح وقتل كل مقاتل حزب الله يوجد في الميدان. يوجد في هذا منطق: 60 الف إسرائيلي نزحوا من بيوتهم سيعودون اليها عندما يقتنعون بان في الطرف الاخر من الحدود لا يوجد نشاط لحزب الله. عندما يضاف الى ذلك النجاح الكبير للحملات في الضاحية يمكن الحديث عن حزب الله ضعيف. 

قيادة الشمال تريد أكثر: هي تريد ان تعيد دولة لبنان الى اللبنانيين، ان تضعف حزب الله أكثر فأكثر، ان تسمح لحكومة لبنان، لجيش لبنان ان يحكم الدولة او على الأقل أن يحكم جنوب الدولة.

خير أن قيادة المنطقة الشمالية تسارع الى المعركة: هذه وظيفتها. فهل لبنان يمكنه أن يعود 50 و 60 سنة الى الوراء ليكون دولة ككل الدول؟ مشكوك جدا. عندما اجتزنا الحدود في حرب لبنان الأولى غمرنا السكان بالارز. استغرق وقت الى أن فهمنا بان هذا ليس حبا بل مجرد انتقال من رعاية الى رعاية. كل حزب، كل طائفة، وسيدها الأجنبي. كلهم وكلاء. لن يكون نظام جديد في لبنان طالما كانت ايران تمسك بمفاتيحه. 

هذه حرب غريبة لانها كشفت التعلق المقلق لإسرائيل في الولايات المتحدة. منذ حرب 1956 لم تكن إسرائيل متعلقة بهذا القدر بامنها بدولة اجنبية. الأبواب في الائتلاف تهاجم بانفلات بايدن، لكن قادة جهاز الامن يهاتفون واشنطن ويستجدون الذخيرة. هو الحكم في تبادل النار مع ايران: الدجاجة الإسرائيلية لا يمكنها أن تطير الا حتى ارتفاع الجدار الذي تقرره الإدارة الامريكية. توجد لنا حرب قاسية ومركبة: خير ان نعرف حدود القوة. 

 ——————————————–

معاريف 7/10/2024

الى أن يعاد الاسرى الاسرائيليين الى بيوتهم لن يكون ممكنا تنفس الصعداء

بقلم: بن كسبيت

السنة المنصرمة منذ السبت اللعين إياه اكبر منا جميعا. القصور، الكارثة. التسييد، المذبحة. الهزيمة. البطولة. العبور من الدرك الأسفل في كل الأزمنة الى النهوض الحالي. تحويل الكارثة الأكثر رعبا في تاريخنا الى رافعة وفرصة لتحول عظيم. تجند دولة كاملة، مجتمع مدني، مواطنات ومواطنين، ضباط ومقاتلين، قوات احتياط، اسرائيليات وإسرائيليين في منتصف الطريق، او في نهايته ممن تركوا كل شيء وهرعوا لإنقاذ دولتهم. 

اليوم أيضا، بعد سنة، نحن نواصل اكتشاف الابطال. القصص المنسية. الأفعال الرائعة. وحتى القصورات الصادمة. العمى الرهيب. الغرور. غرور العظمة. السياسة الكارثية لتربية الوحوش الذين احطنا بهم. الإدمان للهدوء المؤقت. للسكينة الخادعة. التكرار العضال للدين المتراكم الى جانب النخب والرضوان على حدودنا الى ان تفجر علينا.

كل هذا سيجمله التاريخ. كل هذا يفترض أن تفحصه لجنة التحقيق الرسمية التي ببساطة لا يمكن الا تتشكل. ما ينبغي ان نقوله اليوم، بصوت مرتفع، صاف وعالٍ هو المفهوم من تلقاء ذاته: الى أن يعاد الى بيوتهم او الى قبر إسرائيل الـ 101 إسرائيلية واسرائيلي، اخواتنا واخواننا، لن يكون ممكنا تنفس الصعداء. لن يكون ممكنا الانتصار. لن يكون ممكنا العودة الى جدول الاعمال. لن يكون ممكنا النظر في المرآة. 

هذا ليس موضوع يمين ويسار. لا يوجد هنا رأي سياسي. هذا موضوع المبدأ التأسيسي لدولة اليهود. العقد الأكثر أساسية الذي ابرم بين الدولة التي أقيمت من رماد الكارثة السابقة التي وقعت لنا وبين مواطنيها. هذا العقد اخل به. بقدم فظة. اخلال لا يوجد اكثر جوهرية منه. اخلال هو نتيجة اهمال اجرامي، فظ، لا يعقل. 

الى ان نفعل كل شيء، بما في ذلك كل شيء، كي نعيدهم الى الديار، لن نتمكن من تهدئة الروح العاصفة.  لن نتمكن من انهاء الامر في هذا الفصل. لن نتمكن من أن نقيم هنا منظومة علاقات صحية بين الدولة ومواطنيها. منظومة واجبات وحقوق انهارت على رؤوسنا في 7 أكتوبر. 

هذه الأيام، أيام ما قبل يوم الذكرى للكارثة، تجلب معها مرة أخرى موجة هائلة، غير معقولة، عسيرة على الاحتواء، للقصص الصادمة والمحطمة للروح. الابطال الذين قاتلوا وانقذوا الحياة حتى نفسهم الأخير. المقتولون. العائلات التي شطبت. الحياة الضائعة، الأطفال الذين قتلوا امام عيون ابائهم وامهاتهم او الإباء والامهات الذين قتلوا امام أطفالهم. 

الان اغمضوا عيونكم. اشعروا بقصة واحدة من مئات القصص هذه. قصة تدخل لكم الى الروح. بطل او بطلة حُفروا لكم في الروح. تصوروا ان يكون ممكنا الضغط على زر واعادتهم الى الحياة. تصفير الساعة. تحديث برنامج. العودة الى 6 أكتوبر وإعادة البطل/ة هذا الى الحياة السابقة، الى حضن عائلته، الى محبيه واحبابه. 

يمكن ان تفتحوا عيونكم – توجد لنا هذه الامكانية. يوجد لنا على الأقل خمسين اخت واخ يمكنهم أن يعودوا احياء. هم احياء الان. هم يتنفسون. هم يحلمون، هم يشتاقون، هم يعانون. هم في خطر موت فوري. هم لم يخطئوا ولم يجرموا ولم يفعلوا شرا لاحد. هم مواطنون تركتهم دولتهم، مرتين. نحن يمكننا أن نعيدهم الى الحياة. كلهم. علينا أن نرغب في أن يحصل هذا وعلينا أن نكون مستعدين لان ندفع الثمن حتى كان عاليا. 

كمن عارض بكل قوته، في حينه، صفقة شاليط، ويفهم المنطق الذي بموجبه محظور الاستسلام للارهاب ومحظور اطعام الوحش ومحظور تربية حماس. اعتقد ان الوقع الحالي مختلف تماما. لقد تعرضت حماس للضربة الاقسى في تاريخها. نحو 20 الف من مقاتليها قتلوا. كل القيادة العليا والصغرى لديها اختفت. قطاع غزة كله اصبح جزر خراب. عشرات الاف الفلسطينيين قتلوا. الخطر المحدق منهم في هذه اللحظة لاغ وملغى. هذه المهمة يجب استكمالها في السنوات القريبة بتصميم، دون التنازل عن أي صاروخ، أي نفق، أي إرهابي. 

انتهت المعاذير. لا فيلادلفيا ولا “النصر المطلق”. يجب إعادة المخطوفين. اذا لم يكن السنوار معنيا بصفقة فيجب عمل كل شيء كي يغير رأيه بما في ذلك طرح اغراءات عليه. لا يوجد في العالم شركة تأمين مستعدة لان تؤمن على حياة هذه الحشرة، وعن حق. لا يوجد أي احتمال في أن نتنازل في أي وقت من الأوقات عن التصميم في ان نرسله الى المكان الذي ارسل اليه كل زملاؤه القتلة. 

لكل هذا سيكون وقت لاحقا. إسرائيل خانت مواطنيها. على إسرائيل أن تعيدهم الى الديار وان تدفع الثمن الكامل لقاء ذلك. كل نتيجة أخرى ليست مقبولة وستشكل انتهاكا أساسيا للعهد الإسرائيلي، الميثاق غير المكتوب بيننا وبين دولتنا الحبيبة.

——————————————–

هآرتس 7/10/2024

الإصلاح القضائي مزق المجتمع الإسرائيلي، والحكومة تواصل حملة الهدم

بقلم: يوسي فيرتر

يوجد خط ممتد بين ليل 4 كانون الثاني 2023 وصباح 7 أكتوبر من تلك السنة. في المساء الذي ظهر فيه على شاشة التلفزيون وزير العدل، حاقد ومنتقم، واعلن عن ولادة “الإصلاح القضائي” زرعت بذور الاضطرابات التي أدت في غضون تسعة اشهر الى هجمة حماس. يريف لفين، بإذن وبتخويل من رئيس الوزراء، نفذ عملية ضد الأساسات الديمقراطية لإسرائيل، وعلى رأسها المحكمة العليا وجهاز القضاء كله. على مدى تسعة اشهر هو والسانشوبنسا خاصته سمحا روتمان، الذي تفوق عليه أحيانا، عملا بشغف وبكد على سحق الدولة والمجتمع الإسرائيلي طولا وعرضا. في اللغة العسكرية المتبعة اليوم قاما بعملية “تمهيد” او “تسطيح” في خدمة العدو من الجنوب.

الشعب تمزق بين مؤيدي الإصلاح ومعارضي الانقلاب ضد الديمقراطية. وحدة الجيش وضعت لأول مرة قيد الشك. جنود وضباط احتياط اعلنوا بانهم لن يخدموا نظاما دكتاتوريا (لكن الأغلبية وعدت دوما بانه اذا ما تعرضت إسرائيل للهجوم فانهم سيمتثلون للخدمة). الردع المجيد تضرر. الاقتصاد ومرافقه اهتزت. فجوة عميقة فتحت فاها بين إسرائيل والولايات المتحدة الامر الذي بحد ذاته يشكل خطرا على أمن إسرائيل.

التحذيرات والاخطارات تدفقت من كل صوب: من أمان، من الشباك، من “أصدقائنا الأمريكيين”. نتنياهو الغى واستخف. فقط وزير واحد، يوآف غالنت، كان شجاعا بما يكفي ليحذر علنا من “خطر واضح وفوري على امن الدولة”، قبل أكثر من نصف سنة من المذبحة. وقد عقوب بالاقالة، التي الغيت، ومنذئذ اصبح العدو رقم 1 لعائلة نتنياهو. اليوم أيضا سيف الإقالة يحوم من فوق رأسه. 

غالنت، ربما بسبب مسؤوليته عن القصور، يبدي التزاما حقيقيا لاعادة الـ 101 مخطوفا من غزة. حتى بثمن وقف الحرب. يشاركه في ذلك قادة جهاز الامن. لكن مثلما في أيام الانقلاب، للرجل الذي يقرر يوجد جدول أعمال آخر تماما. بين 4/1 و 7/10 سعى لان ينتقم من جهاز القضاء الذي “حاك له ملفا” واخصاء استقلاليته، كي لا يتجرأ احد في المستقبل على أن يلمسه. 

منذئذ وهو يركز على بقائه السياسي والشخصي. كان هذا دوما هو الفريضة العليا، او الفكرة التأسيسية التي يستقيم معها كل شيء. وعليه، فمنذ تشرين الثاني من العام الماضي رد واحبط وعرقل بمنهاجية كل مبادرة لصفقة مخطوفين. في كل مفترض كان مطالبا فيه أن يحسم بين إعادة المخطوفين وتعميق المناورة العسكرية، او احتلال مدينة ما، فعل خياره. اليوم الامريكيون يقدرون بان يحيى السنوار حي وان لا مصلحة له في الصفقة. فلماذا يبدي نتنياهو مصلحة فيما هو يتنازع مع الرئيس جو بايدن غير القادر على أن يرفع له هاتفا دون أن يبتلع قرصا ضد الغثيان، وعشية تدهور محتمل بلا حرب إقليمية شاملة؟ وهل لنتنياهو مصلحة في صفقة تهديء المنطقة وتساعد كمالا هاريس في الانتخابات للرئاسة ام أنه غارق حتى الرقبة في حملة دونالد ترامب؟

هذه ليست المرة الأولى التي تتقاطع فيه مصالح نتنياهو والجار من غزة. الفرق بينهما هو ان الأول يخدم الثاني. في العقد الأخير كان نتنياهو هو أبو المفهوم الذي لاجل اضعاف السلطة الفلسطينية يجب تعزيز حماس. هو اعطى والسنوار أخذ. يئير لبيد قال ذات مرة عن نتنياهو انه لن يقام على اسمه مكب في إسرائيل. ربما نعم وربما لا، لكن اذا ما بنيت ذات يوم ديزني لاند في غزة يجدر بها أن تسمى على اسم رئيس وزراء إسرائيل. الرجل والخيال. 

بعد سنة، الحرب لم تنتهي بل تتسع. المعاناة لا تنتهي و 101 مخطوفا لا يزالون في غزة. كان يمكننا أن نواجهة بسهولة اكبر الوضع لو كانت هنا حكومة طبيعية تهتم بمواطنيها وليس بنفسها. لو كان رئيس وزراء والوزراء يتصرفون بما يتناسب مع ذلك. لو كان نتنياهو يبدي ذرة من عطف بايدن وكبار ادارته لعائلات المخطوفين. لو كان الوزراء ما كانوا يبصقون لنا في الوجوه كل يوم. لو لم تكن ميري ريغف تمزق المعمورة في رحلات فساد تكلف الملايين فيما لا يستطيع رجال الاحتياط الوصول الى وحداتهم بسبب السبت. لو لم يكن يريف لفين يواصل حملته في التدمير. لو كان بتسلئيل سموتريتش يتصرف كوزير مالية دولة في ازمة وليس كوزير مالية المستوطنات. لو لم يكن دودي إمسلم يستفز عن قصد حين يتساءل “ما الذي حصل”. لو ان اسحق غولدكنوف وآريه درعي ما كانا يقدسان تلاميذ المدارس الدينية المتملصين من الخدمة ويذرفان دموع التماسيح على الشهداء. لو كان ايتمار بن غفير يعالج الجريمة ومشكلة الفلسطينيين بدون تحريض ضد المصلين في المسجد في يافا. لا يهم أي منصب يحتله الرجل فانه يصل دوما الى الساحة ليصرخ، ليشهر ويفتري. 

هذا المساء سيجرى الواحد تلو الاخر احتفالا الذكرى. الاحتفال العائلي سيبث بالبث الحي والمباشر من حديقة اليركون في تل أبيب وبعده الحكومي المسجل مسبقا لوزير الاحتفالات ريغف. هي بالمناسبة امسك امس متلبسة بالكذب حين حاولت بحرج ان تخفي موعد وجودها في خارج البلاد على حساب مشاركتها في جلسات الكابنت السياسي – الأمني. 

ننتظر لنرى كيف دللت ريغف، الارنبة المخلصة لمحب الاستمتاعات، زعيمها وزوجته. بخطاب؟ بفيلم يعظم اعمال السيدة الشهيرة؟ الرأس يمتنع عن ان يستوعب كيف أنه حتى بعد سنة، رئيس حكومة القصور والمذبحة سيحصل على زمن هواء كي ينثر شعاراته الهزيلة. غولدا مائير، التي قصورها يشحب امام قصوره، ازاحت نفسها حتى يومها الأخير، حتى بعد الانتصار العسكري اللامع في الحرب التي استمرت ثلاثة أسابيع فقط. اما نتنياهو فلا يبدي أي ذرة ندم أو ألم، احساب بالذنب او تعذيب ضمير. ببساطة لانه لا ضمير له. 

هو لم يعترف بالمسؤولية ولن يعترف ابدا. هو لم يشكل لجنة تحقيق رسمية ولن يشكلها أيضا. حكمه مضمون حتى أكتوبر 2026. فما الذي حصل؟ 

——————————————–

إسرائيل اليوم 7/10/2024

سنة، كانت إسرائيل فيها قوية عسكريا لكنها ضعيفة اقتصاديا ومعزولة سياسيا وعلامات الاستفهام اكثر من الأجوبة

بقلم: يوآف ليمور

سنة، اليوم. سنة لليوم الأسود في تاريخ الدولة. سنة لليوم الذي وقع فيه القصور غير المعقول، والتسيب الذي لا مغفرة له. سنة لليوم الذي كل من عاش هنا لن ينساه حتى نفسه الأخير. سنة على اليوم الذي تغيرت فيه حياتنا بحيث لم نعد نعرفها – شرا، وينبغي الامل ان خيرا أيضا. سنة، اليوم، ولا يزال لا يمكن هضم ما حصل. الاف المخربين الذين تسللوا بلا عراقيل الى البلاد. القتل الجماعي في الكيبوتسات، في مدن الغلاف وفي حفلة نوبا. البيوت التي احترقت على ساكنيها. الاغتصاب، والتنكيل، والسلب والنهب، وقوافل المخطوفين. إحساس الإهانة، والمذلة. حين صور كل هذا أيضا وبث في الزمن الحقيقي حين كانت دولة إسرائيل الكبرى، كلية القدرة، تقف جانبا عديمة الوسيلة. 

سنة، اليوم، ولا يزال لا يمكن هضم عظمة الفشل. المفهوم الذي قرر بان حماس ضعيفة، مردوعة وبعيدة عن الحرب، وعليه سمح لها بان تتعاظم وتتسلح. العمى الاستخباري الذي رأى كل شيء – ولم يرَ شيئا. الوهن العملياتي، في القيادات وفي الميدان. القرارات المغلوطة، مسبقا وفي الزمن الحقيقي، في القيادة العسكرية وفي القيادة السياسية. 

سنة، اليوم، ولا يوجد ما يكفي من الكلمات لتصف البطولة. قبل كل شيء البطولة المدنية لمن كانوا محاصرين في الغرف الآمنة وفي البيوت. لمن فروا للنجاة بارواحهم ولمن انطلقوا لإنقاذ الاخرين – عائلتهم، جيرانهم بل واحيانا أجانب مطلقين. والى جانبها البطولة في البزات، للجنود والشرطة. لرجال الشباك وقوات النجدة الذين هرعوا الى اللظى وفي حالات عديدة دفعوا على ذلك الثمن بحياتهم – فقط كي ينقذوا حياة الاخرين. 

سنة، اليوم، ولا يوجد طريق لشطب مشاهد الغلاف بعد اللظى الذي خبا. اكوام الجثث التي وصلت الى المنشأة المعدة على عجل في محاولة لمواجهة الكارثة التي لم يشهد لها مثيل. البيوت المحترقة، طوابير السيارات التي اخترقت بالرصاص. كمية ذخيرة المخربين التي تبقت متناثرة على الطريق والموت الذي زرع في كل زاوية.

سنة، اليوم، على الفهم في أن المكان الأكثر امنا أيضا، البيت، اصبح شرك موت. سنة على الهجر الجماعي لسكان الجنوب، والشمال، الذين خافوا ان يكونوا التالين في الدور لان ما نفذته حماس – حزب الله خطط وطور واستعد لتنفيذه. وسنة لجموع الإسرائيليين في كل مكان آخر في البلاد ممن حصنوا بيوتهم وبدأوا يتصرفوا وفقا للجدول الزمني لاطلاق الصواريخ، الهجمات والمخاوف. 

سنة، اليوم، على اللحظة الي بدأنا فيها نعرف الأسماء، وبعدها الوجوه. أسماء المخطوفين وبعدها أبناء عائلاتهم ممن خرجوا للمعركة في سبيل حياتهم – التي هي المعركة في سبيل حياتنا. أسماء الشهداء الذين ارتفع عددهم بانتظام، كل يوم تقريبا، فيما أن كل اسم يزعج الروح من جديد وكأنه هو الأول. وأسماء البلدات والتجمعات السكانية التي خربت وأسماء المنظمات والمواطنين الذين تجندوا للمساعدة. 

سنة، اليوم، على الخروج الى الهجوم. بداية لاجل صد المخربين الذين غزوا البلاد وبعد ذلك لاقتلاعهم من الجذور. في غزة ولاحقا في لبنان أيضا، في يهودا والسامرة، في سوريا وفي اليمن – ويمكن ان قريبا في ايران وفي العراق أيضا. حرب اللاخيار التي لا يوجد ما هو اكثر مبررا منها، حرب بدايتها الكارثة وينبغي الامل ان بعدها يكون انبعاث، لكن أيضا بحكمة.

سنة، اليوم، على الوحدة الكبرى التي نشأت من الشعب الذي استقطب بثبات واثبت بانه افضل من زعمائه. سنة على التجند غير المسبوق في الحياة المدنية والعسكرية. سنة على بطولة رجال الاحتياط وزوجاتهم/ازواجهم. سنة على عظمة القوة الروحية التي اثبتت بانها جدير وقادرة ولا تحتاج الفضائل – لانها هي الفضلى ببساطة. سنة على عظمة المزارعين والمتطوعين. سنة على المساعدة المادية والاقتصادية السخية من يهود العالم واصدقائنا الكثيرين وعلى رأسهم الولايات المتحدة. 

سنة، كانت إسرائيل فيها قوية عسكريا لكنها ضعيفة اقتصاديا ومعزولة سياسيا. سنة في نهايتها لم ينتهِ حقا أي شيء لان المخطوفين لم يعودوا والنازحين لم يعودوا وكل الجبهات لا تزال مفتوحة وعلامات الاستفهام اكثر من الأجوبة.

سنة، اليوم، والدرس، الذي ليس واضحا اذا كنا تعلمناه هو أن كل شيء في أيدينا، واننا فقط اذا كنا اكثر تواضعا واكثر تراصا، عندها فقط سننتصر.

——————————————–

هآرتس 7/10/2024

رغم الانجازات في غزة وفي لبنان، النهاية لا تبدو في الأفق

بقلم: عاموس هرئيلِ

هآرتس 7/10/2024، عاموس هرئيل: رغم الانجازات في غزة وفي لبنان، النهاية لا تبدو في الأفق

في يوم السنة الاولى للمذبحة في بلدات غلاف غزة، الحرب التي غرقت فيها اسرائيل آخذة في الاتساع ونهايتها لا تبدو في الافق. في غزة، الجيش الاسرائيلي يجتاح مرة اخرى شمال القطاع ويستعد لدحر عشرات آلاف السكان الفلسطينيين جنوبا بهدف تشديد الضغط على قيادة حماس. في لبنان، طواقم القتال اللوائية تمشط القرى والمناطق الحرشية بهدف تدمير المجالات القتالية لحزب الله. وفي ايران، تهدد اسرائيل بالرد على الهجمة المكثفة بالصواريخ البالستية التي تعرضت لها في الاسبوع الماضي. كدنا نعتاد على البشائر اليومية في اخبار الصباح: صواريخ الى الجليل، صواريخ الى منطقة حيفا والسهول، جنازات قتلى المعارك الاخيرة، صفر تقدم في المفاوضات على صفقة مخطوفين.

لقد كانت هذه سنة رهيبة بدأت بفشل رهيب، القصور الاكبر في تاريخ الدولة. مع نهايتها كان يخيل أن ميل الامور بدأ ينقلب، على الاقل في الساحة الشمالية. سلسلة نجاحات مدوية للجيش الاسرائيلي وأسرة الاستخبارات رجحت الكفة في لبنان، الحقت بحزب الله هزيمة نكراء وحسنت الوضع الاستراتيجي لاسرائيل حيال ايران ووكلائها. لكن القصة بعيدة عن النهاية. الحرب ستستمر عميقا الى سنتها الثانية، والواقع الاقليمي الجديد والعاصف سيؤثر على كل الشرق الاوسط في السنوات القادمة. 

اسرائيل ليس فقط لم تحل المشاكل التي طلت عليها في اعقاب هجمة حماس – أولا وقبل كل شيء، مصير الـ 101 مخطوفا في القطاع – بل تنشأ الآن مخاطر وتعقيدات اخرى. النجاحات حيال حزب الله لا تعد بعد باستقرار الوضع الامني، بشكل يسمح باعادة السكان على طول حدود لبنان الى بيوتهم. المواجهة المباشرة، الاولى من نوعها مع ايران، من شأنها أن تسرع قرار النظام للاندفاع الى الامام مع مشروع النووي وتعريفها على الاقل كدولة حافة نووية. والمنطقة كلها كفيلة بأن تقف امام هزات لم تشهد لها مثيلا منذ اندثار احداث الربيع العربي، في نهاية العقد السابق.

بخلاف تام مع ترهات النصر المطلق، التي يطلقها احيانا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المسؤول الرئيس عن الكارثة التي وقعت في اثناء سنوات حكمه الطويل جدا، اسرائيل لا تقترب من حسم المواجهة مع اعدائها. معقول اكثر الافتراض بأن هذه حرب ستدار على التوالي وبقوة متغيرة، على مدى السنوات التالية. الضربة التي تلقيناها في 7 اكتوبر العام الماضي فتحت المواجهة بفشل مدو من شأن الانتعاش منه أن يستغرق عقودا عديدة. ومع ذلك، من الافضل أن نذكر بأن حتى خطط الطرف الخصم تشوشت، بالذات بعد نجاح هجمة حماس. زعماء المنظمة في القطاع، يحيى السنوار ومحمد ضيف، أوقعا على الفلسطينيين كارثة كفيلة بأن تتبين بأنها اخطر من نكبة 1948.

أما ايران التي بدأت في السنوات الاخيرة تستعد بجدية لـ “خطة الابادة” التي هدفها انهيار اسرائيل حتى العام 2040، فتكتشف أن التحدي اكثر تعقيدا مما اعتقدت. “طوق النار” الذي بناه الجنرال قاسم سليماني بكد حول اسرائيل، من خلال تسليح حزب الله وحماس، تضرر بشدة كنتيجة لاجراءات الجيش في غزة وفي لبنان. ترسانة الصواريخ الهائلة كانت معدة لردع اسرائيل عن الهجوم على مواقع النووي الايرانية. أما الآن فان ايران تجد نفسها بدون قسم هام من بوليصة التأمين التي خلقتها لنفسها وبعد أن اعطت هجمتا الصواريخ والمسيرات اللتين بادرت اليهما من اراضيها نحو اسرائيل، في نيسان وفي الاسبوع الماضي، نتائج هزيلة. فايران لم تتورط فقط بشكل مباشر في مواجهة فضلت أن تخوضها ضد اسرائيل من بعيد من خلال وكلاء، لم يعد يمكنها أن تستبعد امكانية هجوم اسرائيلي ضد مواقعها النووية، وبخاصة اذا ما انتخب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة في الشهر القادم.

انهيار الفكرة التأسيسية

الانجازات في القتال في غزة واساسا في لبنان لا يمكنها أن تمحو الانطباع الرهيب لـ 7 اكتوبر الذي سيشعر به هذا الصباح كل مواطن اسرائيلي. لكن لا توجد هنا فقط مسألة المشاعر، مهما كانت قاسية. ففي حفلة “نوفا”، في كيبوتسات الغلاف، في سدروت وفي اوفكيم، انهارت مسلمات اساسية للحياة في البلاد. أسرة الاستخبارات التي تباهت على مدى السنين بقدرتها على أن تقتحم وتتنصت لاجهزة العدو وتجمع عنه كميات هائلة من المعلومات، امسك بها بعدم اكتراث مطلق (ولاحقا تبين أن خطة هجوم حماس، “سور اريحا”، كانت لدى شعبة الاستخبارات على مدى اكثر من سنة). قيادة المنطقة الجنوبية وفرقة غزة احتفظتا بقوة قتالية بالحد الادنى على مقربة من الجدار بحكم ذاك الاستخفاف بالفلسطينيين.

عندما حل التسونامي، على شكل آلاف المخربين وبعدهم الرعاع الغزي، انهارت المنظومة العسكرية الاسرائيلية في غضون دقائق. الجدار اقتحم، الاستحكامات احرقت بموجات اثر موجات والقوات انشغلت بدفاع يائس عن نفسها بدلا من الانطلاق لنجدة المواطنين. في البلدات قاتلت ببطولة ثلل التأهب، من شرطة ومتطوعين، لكنهم اضطروا الى أن ينتظروا على مدى ساعات طويلة حتى وصول قوات التعزيز والانقاذ من الجيش الاسرائيلي. لم ينهار خط الدفاع فقط، بل انهارت الفكرة التأسيسية للدولة؛ تلك التي اعتقدت بأن كل مواطن يعلق في ضائقة امنية يمكنه التعويل على الانتظام السريع لانقاذه حتى لو كان يوجد في عنتيبة. هنا الامور حصلت في داخل اراضي اسرائيل، على مسافة كيلومترات قليلة من قيادة الفرقة، لكن الجيش الاسرائيلي لم يظهر.

المناورة البرية التي بدأت بعد ثلاثة اسابيع من المذبحة غيرت صورة الحرب. حماس لم تنجح في وقف فرق المدرعات والمشاة ورجالها انسحبوا في كل مكان تقدمت فيه قوة اسرائيلية. لكن المنظمة لم تستسلم، بل غيرت صورة عملها وقتالها. اكثر من 40 ألف من سكان القطاع قتلوا (الجيش يقدر بأن 15 ألف منهم على الاقل هم نشطاء حماس) ونحو 90 في المئة منهم نزحوا من بيوتهم، توجد عائلات اضطرت الى أن تنزح من مأوى الى مأوى عشر مرات حتى الآن. معظم المباني في القطاع تضررت ودمرت، في قصف سلاح الجو وفي العمليات البرية.

د. ميخائيل ميلشتاين، خبير في الشؤون الفلسطينية من جامعة تل ابيب، يقول إن “الديمغرافيا والطبوغرافيا في القطاع تغيرتا كنتيجة للحرب. نحو 8 في المئة من السكان، الكثيرون منهم متعلمون وميسورون اقتصاديا، غادروا القطاع الى أن سيطرت اسرائيل على محور فيلادلفيا في أيار. معظمهم يوجدون في مصر”. على حد قوله، تركوا خلفهم اقليما دمرت فيه اسرائيل معظم البنى التحتية المدنية، الجامعات والمباني العامة.

ومع ذلك، حماس تنجح في الابقاء على حوكمة فاعلة جدا في معظم ارجاء القطاع، فيما أن قوات الجيش تسيطر في فلادلفيا، في محور نيتساريم وفي قاطع عرضي بمسافة نحو كيلومتر على الجدار الحدودي. وبالذات دخول القوات أمس الى شمال القطاع يشدد على أن الحرب لم تحسم. الجيش الاسرائيلي يهاجم هناك، على أمل أن لعل الضغط يشجع السنوار على العودة الى المحادثات على صفقة المخطوفين. أما عمليا، فلا تقدم في المفاوضات. المخطوفون الذين تركوا لمصيرهم في 7 اكتوبر يتركون لمصيرهم مرة اخرى في هذه الاشهر والحكومة لا تكترث.

في يوم السنة على المذبحة يستعد الجيش والشباك لمحاولات تسلل الى الغلاف والجهود لاختطاف جنود الى داخل القطاع. العملية الاجرامية في بئر السبع أمس تقدم اشارة مقلقة اخرى. شدة الارهاب من الضفة الغربية هي الاخطر منذ الانتفاضة الثانية. السنوار الحق بالاسرائيليين ضررا اكبر؛ سواء في انعدام الثقة الواضحة الناشئة بقدرة سلطات الدولة على مساعدتهم أو في تكيفنا مع التدهور في انماط قتال الجيش الاسرائيلي، على خلفية فظائع المذبحة والحرب المتواصلة في غزة.

بدون ذرة مسؤولية

نشرت “واشنطن بوست” أمس تحقيقا شاملا عن هجمة اجهزة البيجر واجهزة الاتصال في لبنان، في 17 و18 ايلول. وحسب الصحيفة هذه حملة من الموساد استغرقت قرابة عقد، تحققها تسارع بعد أن قرر حزب الله أن ينقل بعضا من الاجهزة للفحص في ايران، وثار تخوف من أن ينكشف الذخر الاستخباري ويضيع هباء اذا لم يستغل بسرعة.

اذا كانت رواية الصحيفة صحيحة فان الشكل الذي عرضت فيه الامور على الجمهور في البلاد وكأنه اتخذ قرار عاقل بتغيير سلم الاولويات الاستراتيجي وتفضيل ساحة لبنان على غزة، بعيد عن أن يكون دقيقا. لقد كان تفعيل اجهزة البيجر اضطرارا ومثله تفجير اجهزة الاتصال التي كان من شأنها أن تنكشف بعد موجة التفجيرات الاولى. امين عام حزب الله، حسن نصر الله، وجد صعوبة في تنسيق الخطوات دون شبكات اتصال آمنة واجرى لقاء مع مسؤولين كبار في منظمته. هذا هو اللقاء الذي كشفته الاستخبارات الاسرائيلية، بشكل سمح باغتياله في 27 ايلول. 

بكلمات اخرى، فان سلسلة الاحداث هنا ظرفية جدا – ونهايتها تصعيد، حتى نار صواريخ حزب الله الى حيفا وغوش دان (التي فشلت في معظمها) ودخول عسكري بري الى جنوب لبنان. النتيجة هي أن اسرائيل تخرج في الشمال الى حرب عادلة وصحيحة، لكنها لا تفعل هذا انطلاقا من فهم استراتيجي واضح، ومرة اخرى لم تتكبد عناء أن تحدد لنفسها صورة النهاية السياسية.

مثل السنوار في غزة، نصر الله هو المذنب الاساس في الوضع الصعب الذي علق فيه لبنان. فالمنظومة المهددة التي بناها ضد اسرائيل تضررت، والمواطنون اللبنانيون بقوا بلا حماية في ضوء الهجمات الاسرائيلية، التي تخلف دمارا واسعا اكثر بكثير مما خلفته كارثة ميناء بيروت في 2020. قراره الانضمام الى هجمة حماس من خلال اطلاق الصواريخ ومضادات الدروع الى الجليل ادى في النهاية الى تصعيد فقد فيه حياته ايضا. بالتعريف، ايران والولايات المتحدة ايضا تورطتا في مواجهة انزلقت الى حرب اقليمية، رغم أن هذه تجري بهدن وبقوة محدودة.

رد الايرانيون بالنار على اسرائيل بعد اغتيال نصر الله، وحسب منشورات اجنبية ضد مسؤول حماس اسماعيل هنية وقبلهما الجنرال الايراني حسن مهداوي. ووجدت الولايات المتحدة نفسها ترسل قوات مهمة كبرى، في الجو وفي البحر، كي تحمي سرائيل. ومؤخرا فقط بدأوا في البنتاغون يشتبهون بتأخر بما كان واضحا جدا لدول المنطقة: فقد اعتقد الامريكيون بأنهم يلجمون سرائيل من خلال اطلاق قواتهم، أما عمليا فقد وفروا لنتنياهو ريح اسناد، تتيح له اخذ مخاطر اعلى. بعد الصواريخ التي طلقتها طهران الاسبوع الماضي، توجه الى الشعب الايراني بدعوة لاسقاط النظام، وصحافيون – مقربون – هددوا بالهجوم على مواقع النووي وصناعة النفط التي يعتمد عليها الاقتصاد المتعثر للنظام.

هذا لا يعني أن اقتصاد اسرائيل في وضع لامع. فالتصنيف الائتماني ينخفض المرة تلو الاخرى، الاقتصاديون في فزع وحركة الطائرات الى اسرائيل محصورة الآن بالشركات المحلية اساسا. تجاه الخارج، رئيس الوزراء يبث ثقة بالذات وغرور، بينما ينثر التهديدات تجاه السنوار من حماس، الزعيم الاعلى الايراني علي خامنئي وكل من سيكون امين عام حزب الله في الاسبوع القادم. عمليا، يمكن الافتراض بأن نتنياهو القديم والمجرب يفهم بأنه تورط هنا الى اكثر مما قدر في البداية.

الرجل الذي في محاولته الافلات من القانون ادخل اسرائيل الى الازمة الدستورية والسياسية الاكبر في تاريخها، الذي قاد حملة تحريض سامة ضد رجال الاحتياط الذين تجرأوا على الاحتجاج، الذي تجاهل مرة تلو الاخرى تحذيرات كبار رجال الجيش عن المس الخطير بأهلية الجيش الاسرائيلي – زرع الريح وحصد العاصفة. لقد فوتت الاستخبارات تماما معنى استعدادات حماس للهجمة، لكنها شخصت جيدا تفسير ايران، حزب الله وحماس، للشرخ الداخلي في اسرائيل. نتنياهو تجاهل والتقطت له الصور مع زوجته في الصيف ما قبل سنة وهو يضع نظارات وردية ويدعو المواطنين الى الاستمتاع بالحياة تحت قيادته.

في رفضه المتواصل أن يأخذ على نفسه منذ سنة حتى ولا ذرة مسؤولية، يواصل نتنياهو فيضيف الخطيئة الى الجريمة. فلا يمكن الاستخفاف بمسؤولية كبار رجالات جهاز الامن – رئيس الاركان هرتسي هليفي، رئيس الشباك رونين بار، وزير الدفاع يوآف غالنت (الذي بشكل ما يتلقى اعفاء جارفا من وسائل الاعلام بسبب عدائه لنتنياهو) وجنرالات الجيش. الحقيقة هي أن المستويات المهنية قللت من خطورة التهديد المحدق من حماس، وبالتالي فشلت بشكل مأساوي في تحليل اشارات الاستخبارات التي وصلت من القطاع في الليلة بين 6 و7 اكتوبر (غالنت مثل نتنياهو، لم يتم اشراكه في المشاورات؛ هذا ايضا جزء من فشل الاشخاص تحتهما).

توجد تعليلات جيدة لابقاء بعض من الاشخاص في مناصبهم، في ضوء انتشار المعركة الى لبنان والى ايران ونوايا نتنياهو أن يعين بدلا منهم أناس من جماعته. ولا يزال لا يمكن ألا نتساءل كيف أنه بمرور سنة، الحرب لا تنتهي، اكثر من ثلث المخطوفين يذوون في الانفاق ومعظم المسؤولين عن القصور لا يزالون باقين في اماكنهم. لعله مدهش اكثر من أي شيء آخر عدم الاكتراث الجماهيري. فالمواطنون لم يعتادوا هذا فقط، بل بعضهم اقتنع بالحملة السلطوية وكأن الامور بعامة تجري كما يجب. هذا وضع امور خطير من شأنه أن يؤدي باسرائيل الى اخفاقات اخرى.

——————————————–

إسرائيل اليوم 7/10/2024

تحديات مستقبلية امام اسرائيل: المشروع النووي، الحوثيين، والميليشيات الشيعية في العراق

بقلم: شاحر كلايمن

في 6 أيلول 1970 نشبت مواجهة حاسمة في تاريخ الشرق الأوسط. معاقل م.ت.ف أصبحت ملحقا سرطانيا في المملكة الأردنية في بداية ذاك الشهر حاول مسلحون قتل الملك حسين. وانتهى هذا بحمام دماء. رغم تدخل سوريا في صالح م.ت.ف، في غضون 315 يوما هربت القوات الأردنية رجال ياسر عرفات وهو نفسه اضطر لان ينتقل الى لبنان. 

هجمة 7 أكتوبر أدت الى مواجهة فتاكة اكثر بكثير. بعد سنة من ذلك تكاد حماس تفقد جيش الإرهاب الذي اقامته. نحو 17 الف مخرب صفوا او اعتقلوا. الكثيرون أصيبوا او هربوا. معظم القيادة صفيت، وعلى رأسها محمد ضيف. زعيم المنظمة، إسماعيل هنية قتل في طهران. مئات الاف الغزيين فقدوا بيوتهم، عشرات الالاف قتلوا واكثر من مئة الف غادروا القطاع. يوجد بينهم منذ الان من يسمون هذه “نكبة ثانية”. 

اذا كان محمد ضيف في صباح الهجمة تحدث عن تحرير المسجد الأقصى الان يطلبون في حماس العودة الى “حدود 8 أكتوبر”. القطاع بتر والجيش الإسرائيلي قضم نحو 30 في المئة من أراضيه. حتى الان هذه هي الضربة الأشد للمنظمة التي تريد أن تعيد الدولاب الى الوراء. وبناء على ذلك، تشهد الاستطلاعات على انهيار مكانتها. وعلى الرغم من ذلك تبدو واضحة جهود إعادة التنظيم حين يلقي مخربوها الرعب على الغزيين في محاكمات الشوارع. عيونها تتطلع الى السجناء الأمنيين الذين لعلهم يتحررون ليملأوا الثغرة في القيادة. 

في المستوى السياسي – أبعدت الحرب التطبيع مع السعودية، لكن للجمود بين الرياض والقدس توجد أسباب أخرى. فالملك سلمان يعارض تطبيع العلاقات بدون حل المسألة الفلسطينية، في حكومة إسرائيل الحالية يعارضون البوادر الطيبة تجاه السلطة الفلسطينية، وولي العهد محمد بن سلمان يسعى لان يرفع الى الحد الأقصى المردودات عليه من الولايات المتحدة. ولا يزال، رؤيا الأمير في ان يصبح زعيم العالم العربي يبقى على ما هو ولهذا الغرب يتعين عليه أن يعقد حلفا مع إسرائيل. 

النظام في طهران لم يخرج كاسبا من الحرب عندما تكون تصفيات نصرالله، هنية وكبار رجالات فيلق القدس قد مست بصورته. الهجمات في نيسان وفي أيلول لم ترمم الردع، وعرضت في العالم العربي كــ “استعراض” نسق مع الولايات المتحدة. لكن اكثر من كل شيء، مست حماس بالتهديد العسكري على إسرائيل. السنوار عطل عنصر المفاجأة من سلاح يوم الدين للايرانيين. اجتياح للجليل من قوة الرضوان في حالة هجوم على المنشآت النووي.

سنة على الجبهة الشمالية، رغم مئات الهجمات من حزب الله وعشرات الاف النازحين. نصرالله لم ينجح في انقاذ حماس. الثمن الذي دفعه لا يوصف: هو وتقريبا كل القيادة السياسية والعسكرية صفوا. اكثر من الف مخرب وقائد قتلوا. وقسم كبير من القدرات الاستراتيجية بمنظومة الصواريخ والخنادق في جنوب لبنان دمرت. في هذه الاثناء، ضاحية بيروت أصبحت ساحة صيد. بعد سنوات عديدة، المعادلات والخطوط الحمراء التي وضعها نصرالله في خطابات لا حصر لها شطبت وكأنها لم تكن. 

مثل “أيلول الأسود” هجمة أكتوبر يجب أن تكي الذاكرة كخطأ استراتيجي. العجلة من الشيطان هي التي أدت الى انهيار حكم حماس في غزة وهزيمة المحور الإيراني. اخافة تجعل حماس جهة لا يؤبه لها في الساحة الفلسطينية. لاجل تحقيق هذه الأهداف تحتاج إسرائيل الى دهاء سياسي. عليها ان تعقد تحالفات جديدة، تسعى الى نظام جديد في لبنان وادراج بديل سلطوي في غزة. هكذا فقط يمكنها أن تواجه في المستقبل التحديات التالية في الشرق الأوسط: مشروع النووي، الحوثيين في اليمن والميليشيات الشيعية في العراق. 

——————————————–

هآرتس 7/10/2024

فرصة لتخريب الشرق الاوسط

بقلم: عودة بشارات

الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، قال في نهاية الاسبوع الماضي: “اسرائيل لن تتوقف في غزة. بعد احتلال رام الله سترغب في اراضي سوريا ولبنان”، واضاف: “هم سيضربون عيونهم نحو وطننا، بين دجلة والفرات. هم يصرحون بهذا علنا في كل خريطة يظهرونها”. في الماضي ايضا حذر زعيم ليبيا الاسبق، معمر القذافي، العرب وقال إن الاسرائيليين يتطلعون الى احتلال العالم العربي كله. اذا ما بحثنا يمكن أن نجد تصريحات اخرى لاشخاص في بلدان عربية وفي العالم بعامة، بما في ذلك في مواقع اساسية، ممن يعتقدون ذلك ويحذرون من التطلعات التوسعية لاسرائيل.

وكدليل يأتون بحقيقة أن دولة اسرائيل لم ترسم ابدا حدودها. وهنا، في هذا الموضوع، كان ميلان تداخلا الواحد في الآخر: النهج المسيحاني ونهج التوسع العلماني. نهج التوسع وجد تعبيره في التيار السائد في الحركة الصهيونية.

رئيس الوزراء الاول، دافيد بن غوريون، اكثر من استخدام نصوصا من “التناخ” (الكتب المقدسة) لتأكيد سياسة التوسع التي تبناها. في زمننا، في الأمر العسكري اليومي الذي اصدره بصفته وزير الدفاع في حرب سيناء في 1956 كتب: “فلتسمع الشعوب الغضب، والجيش سيحتل سكان اليشت، وأرباب موآف سيتملكهم الرعد وسيذوي كل سكان كنعان وسيقع عليهم الرعب والخوف. ايلات ستكون مرة اخرى الميناء العبري الرئيس في الجنوب، ويودفات، التي تسمى تيران، ستعود لتكون جزءا من مملكة اسرائيل الثالثة”. وفي الكنيست قال: “موقف جبل سيناء تجدد في ايامنا هذه”. في الماضي تعاطيت باستخفاف مع تحذيرات التوسع الاسرائيلي التي اطلقها الزعماء العرب، وفي الاقوال المسيحانية لبن غوريون رأيت ما يبعث على الشفقة لما يقال في الايام العاصفة. كنت مقتنعا بأنه توجد في اسرائيل قيادة علمانية، وحتى مع ارادتها القوية لاحتلال المزيد فالمزيد – “في المكان الذي ينغرس فيه المحراث اليهودي في التلم الاخير، هناك تمر حدودنا”، قال يوسف ترامبلدور – فانها تحركها اساسا مصالح سياسية حزبية وليس مسيحانية. أما اليوم، حين تكون في رأس الهرم السلطوي في اسرائيل احزاب كلها بكليلها مغروسة بالمسيحانية وتحفظ لهذه القوى المكانة العليا في الجيش ايضا، من الصعب أن تُعد تحذيرات الزعماء العرب اقوالا لا سندا لها.

لا يمكن لنا اليوم ألا نلاحظ أنه مثلما قررت اسرائيل ألا ترسم حدودا للدولة، ففي هذه الحرب الدامية ايضا لا توجد اهداف للحرب، فما يأتي أهلا وسهلا به. في هذه اللحظة الحماسة في ذروتها. بعد حملة تفجير اجهزة البيجر واجهزة الاتصال والاغتيالات لزعماء حزب الله وعلى رأسهم حسن نصر الله واغلب الظن خليفته ايضا هاشم صفي الدين، فان السؤال الاكثر انتشارا بين الجمهور هو لماذا لا نستغل الزخم لمزيد من “الانجازات”، كون نافذة الفرص لا تكون مفتوحة الى الأبد.

كل واحد وفرصته. ثمة من يطلب ايضا رأس الزعيم الاعلى في ايران، علي خامنئي، وآخر يطلب قصف منشآت النفط في ايران، وآخر يطلب سحق منشآت النووي هناك. وثمة من يطلبون استغلال الفرصة لاهداف اقل طموحا، مثل تظليم هنا، قطع مياه هناك، وفي هذه الاثناء الطريق الى التجويع قصيرة جدا. وحتى دونالد ترامب، القوة الجاذبة لليمين الاسرائيلي، لا يمد يده الى الصحن وهو يطلب أن تكون اسرائيل، وليس امريكا البعيدة والآمنة، هي التي تقصف منشآت النووي في ايران. وهكذا، رويدا رويدا يتبين بأنه حتى لو كان جزءا فقط من هذه الاماني ستتحقق، فلن يتبقى عالم عربي أو شرق اوسط. وحتى اصدقاء اسرائيل العرب سيطحنون في خلاطة هذا الصراع. ها هي ايران تهدد، عبر مؤيديها في الشبكات الاجتماعية، ليس فقط اسرائيل، بل وايضا السعودية والامارات وغيرهما. العالم في الطريق للعودة الى البدء. في بيروت وفي قطاع غزة وفي غلاف غزة تذوقوا منذ الآن بوادر الفوضى المتحققة.

——————————————–

القناة 12 العبرية 7/10/2024

عام على الحرب: نجاحات عسكرية وإخفاقات سياسية

بقلم: الجنرال احتياط اودي افينتال

سرعان ما تعافت إسرائيل من صدمة الفشل، وتوجهت إلى الهجوم، وسجلت سلسلة من الإنجازات العسكرية التي أعادت الردع جزئياً، لكنها لم تترجم نجاحات الجيش الإسرائيلي إلى تغيير استراتيجي إيجابي، وانجرفت إلى الإرهاق.

‏6 مفاجآت و 9 ساحات وإنجازات عملياتية وثغرات استراتيجية والاتجاهات المنشودة في المستقبل.

‏1. هجوم حماس.

المفاجأة الأساسية التي شهدتها إسرائيل في 7 تشرين الأول (أكتوبر) أفقدتها توازنها، وأثقلت كاهل فرقة غزة وفككت قدرة الجيش الإسرائيلي على القيادة والسيطرة في الجنوب. هذه هي الخلفية للتأخير الذي لا يمكن تصوره في وصول قوات الجيش الإسرائيلي إلى المستوطنات المحتلة القواعد، التي سمحت لحماس بقتل 1200 مدني وجندي واختطاف 250.

‏2. تحت الأرض وصمود العدو. لقد فوجئت قوات الجيش الإسرائيلي بالنطاق الواسع والمتشعب لنظام الأنفاق في قطاع غزة، وقد سمح هذا النظام لحماس بالبقاء والتنفس أكثر مما تستحق، حتى في مواجهة التفوق الواضح لقوات الجيش الإسرائيلي التي قضت على هذه الأنفاق. عدة آلاف من القادة والناشطين، أي ما بين ثلث ونصف القوة المقاتلة.

‏3. دخل حزب الله إلى الحدث. لقد فوجئت إسرائيل بتصميم نصر الله على الارتباط بغزة، حتى ولو بثمن باهظ.

‏4. التدخل العسكري الإيراني. وخلافاً لسياستها التقليدية في القتال عن طريق الرسل، فاجأت إيران مرتين في 13 نيسان/أبريل، في الواقع بقرارها إطلاق النار مباشرة من أراضيها، وبنطاق غير مسبوق من مئات الصواريخ والطائرات بدون طيار.

‏5. الحوثيون والجبهة العراقية. وحتى لو كانت إسرائيل تتوقع إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار من اليمن، فقد فوجئت بالتحرك الحوثي الذي عطل خطوط الملاحة من وإلى البحر الأحمر ومن العراق، وتطلق الميليشيات الشيعية طائرات بدون طيار وصواريخ كروز بشكل يومي زيادة التنسيق مع حماس وإيران والحوثيين، خارج سيطرة الحكومة في بغداد.

  1. الاحتجاجات والمقاطعة في أوروبا والولايات المتحدة، وعلى الرغم من أهوال 7 أكتوبر وحربها العادلة، فقدت إسرائيل في وقت قصير التعاطف الذي كانت تتمتع به في الرأي العام العالمي، وذلك على خلفية مزيج من ضعف المعلومات وضعف المعلومات. المشاهد القاسية في غزة، والعداء الأساسي من قبل المسلمين ومنظمات المقاطعة، ومعاداة السامية، والدعاية على شبكات التمويل القطرية والإيرانية.

‏ليس 7، الساحات 9

‏السمة الأساسية للحرب هي توسعها من ساحة واحدة محصورة في قطاع غزة، إلى حملة متعددة الساحات على سبع جبهات: غزة، لبنان، إسرائيل، إيران، اليمن، العراق وسوريا.

‏كانت سياسة إسرائيل هي ترك غزة كساحة قتال رئيسية لاستنزاف المجهود الحربي هناك، وترك الجبهات الأخرى ساحات ثانوية.

ولكن على خلفية استنفاد الإنجازات التي تحققت في غزة، والضغوط الشعبية الشديدة والفرصة/الضرورة العملياتية، لجأت إسرائيل إلى شن هجوم ضد حزب الله في لبنان، الذي أصبح في الشهر الماضي ساحة القتال الرئيسية.

‏الساحة الأخرى التي قد تعطل خطط إسرائيل وجهودها العملياتية، خاصة في لبنان، هي دائرة الرقابة الداخلية، التي تجتذب قوات الجيش الإسرائيلي بشكل متزايد.

الحرب المستمرة في غزة تثير الضفة الغربية التي تعج بالإرهاب، فيما تصب إيران الذخائر والمتفجرات عبر الأردن، ومما يزيد من تفاقمها سياسة إسرائيل التي تصب الزيت على النار، خلافا لتحذيرات إسرائيل. قادة الأجهزة الأمنية: إضعاف السلطة ومنع العمال الفلسطينيين من العمل في إسرائيل، وحوادث إرهاب يهودي في وضح النهار واستفزازات في الحرم القدسي.

وتنضم إلى الساحات السبع ساحتان لم يتم الحديث عنهما كثيرًا، لكنهما يعكسان سلبًا، بطريقة انتقادية، على المجهود الحربي الشامل والوضع الاستراتيجي لدولة إسرائيل. الساحة الدولية والساحة الداخلية.

‏إن تراجع شرعية إسرائيل الدولية والإقليمية، وتعزيز صورتها كدولة “مجذومة” ترتكب جرائم حرب، يشكل فشلاً فادحاً.

في الواقع، فإن التهديد الخطير لقدرة إسرائيل والجيش الإسرائيلي وحرية العمل ينشأ من اتجاه غير متوقع، ليس من صواريخ العدو وطائراته بدون طيار، بل من العقوبات السياسية الأمنية التي يفرضها أصدقاؤه وحلفاؤه (بما في ذلك مصر والأردن، اللتان تتعاونان مع إسرائيل). أضرت بالعلاقات الحرجة).

‏وفي ظل التهديد القانوني المتنامي أيضاً من المحاكم في لاهاي، فقد نتدهور إلى حد الحظر العسكري والقيود على الواردات الدفاعية، وهو الأمر الذي بدأت براعمه تظهر بالفعل. وهذا تحد خطير لبناء القوة العسكرية والقدرة على تجديد المخزون والحفاظ على الاستعداد في مواجهة التهديدات التي طورناها والتي تحجب أيضا قوتنا العلمية والاقتصادية والتكنولوجية.

‏وأخيرًا، الجبهة الأكثر أهمية على الإطلاق هي الجبهة الداخلية. من الضروري وقف هجوم الحكومة على الجيش الإسرائيلي خلال حرب مصيرية؛ ووقف استمرار الانقلاب تحت رعايتها ومضايقة المستشار القانوني الذين يدافعون عن سيادة القانون وجنود الجيش الإسرائيلي في وجههم. التهديدات القانونية؛ وتعزيز المساواة في تحمل العبء دون أي تنازلات، وهو الأمر الذي أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى.

الإنجازات التشغيلية

‏في غزة، حقق الجيش الإسرائيلي إلى حد كبير الأهداف العسكرية للحرب، في واحدة من أكثر ساحات القتال تعقيدًا في العالم، وقد هُزمت حماس كإطار عسكري منظم، وتم تقليص قدراتها العسكرية إلى الإرهاب وحرب العصابات. وحكمها في القطاع معطل تماماً، ووظيفتها في حدها الأدنى وتقتصر على الاستيلاء على المساعدات الإنسانية وترويع المواطنين.

‏في ظل هذه الظروف، تم بالفعل إزالة التهديد المتمثل في تكرار حماس لهجوم 7 أكتوبر. الدفاع القوي في المستوطنات، فرض “المحيط” المقام على طول القطاع، حرية العمل والعمليات لإحباط التكثيف والتهريب، ستعزز هذا الإنجاز.

‏إن القدرة المذهلة على إغلاق دائرة النيران الاستخبارية حولت الردع المستهدف إلى عنصر يغير قواعد اللعبة، وتم القضاء على الآلاف من الإرهابيين في معارك في المناطق المبنية ولكن أيضًا عن طريق الخداع، وانخفضت القدرة على الرد في إسرائيل بشكل كبير. كما تعرضت أهداف بعيدة مثل الحديدة للهجوم بطريقة تردد صداها في جميع أنحاء المنطقة. وأخيرا، برزت قدرات غير مسبوقة في مجال الدفاع الصاروخي.

‏إن النجاحات العسكرية ضد حزب الله في وقت قصير هي نجاحات غير عادية، وتغير ميزان القوى الإقليمي، على حدود لبنان وداخله. إن القضاء على قيادة حزب الله بأكملها، وتحييد جزء كبير من المجموعة الضخمة من الصواريخ والقذائف والطائرات بدون طيار التي بنتها إيران لها منذ نحو عقدين من الزمن، ألحق أضرارا بالغة بالحلقة المركزية في “حلقة النار” التي كانت تسيطر عليها. حاول أن يخلق من حولنا.

‏الفجوات الاستراتيجية

‏لكن… النصر في الحرب ليس عبارة عن مجموعة من الأعمال العسكرية، مهما كانت مثيرة للإعجاب، ولكنه القدرة على الاستفادة منها لإحداث تغيير إيجابي في الوضع الاستراتيجي لإسرائيل مع مرور الوقت. وهذا التغيير لم يتحقق حتى الآن، خاصة بسبب عدم قدرة الحكومة على دفع التحركات السياسية المكملة للعمل العسكري، من بين أمور أخرى، لاعتبارات سياسية خارجية.

‏وبعد مرور عام، فشلت إسرائيل في إعادة 101 مختطف، نصفهم تقريباً على قيد الحياة، وبالتالي فشلت في التزام الدولة الأسمى تجاه مواطنيها.

‏وفي غزة، لم تُهزم حماس، وهي تستعيد قدراتها تدريجياً في ظل غياب بديل لحكمها، الذي لم تعرف إسرائيل كيف تبنيه في الوقت الذي تعرضت فيه قوتها العسكرية لأضرار جسيمة، بسبب الإصرار السياسي على عدم مهاجمتها. الانخراط في “اليوم التالي” في قطاع غزة.

‏ومن دون تغيير في السياسة، فإن إسرائيل ستنجرف إلى قطاع غزة إلى حد وجود حكومة عسكرية، الأمر الذي سيشكل عبئا ثقيلا إضافيا على الاقتصاد، الذي يرزح هو الآخر تحت وطأة نفقات الحرب.

‏وفي لبنان ستواصل إسرائيل تعميق إنجازاتها العسكرية، لكنها تواجه اختبار ترجمتها إلى مخطط سياسي يؤدي إلى ترتيبات مستقرة تعيد سكان الشمال إلى ديارهم سالمين.

‏كما أن “داعش” تنظيم الدولة الإسلامية “يتدفق” من العراق واليمن إلى أراضينا بشكل يومي، وهاجمت إيران إسرائيل بالصواريخ الباليستية للمرة الثانية، وعلى جدول الأعمال هناك رد فعل مضاد مؤلم ومحبط من جانبنا، واحتمال كبير وسط تبادل مستمر للضربات، تواصل إيران تقدمها في برنامجها النووي وتدرس تغييرا في سياستها النووية

‏في ظل هذه الظروف، تغرق إسرائيل في حرب استنزاف طويلة، مما يسعد أعدائها وعلى رأسهم إيران، ولكن ليس أقله بسبب اختياراتها. إن مثل هذه الحرب تتعارض مع مصلحة إسرائيل الأساسية ومفهومها الأمني، الذي يدعو دائما إلى حروب قصيرة حاسمة، تسمح للبلاد بالعودة إلى طريق الازدهار الاقتصادي والاجتماعي والتكنولوجي.

السنة الثانية: الطريق إلى الأمام

‏ويجب على إسرائيل أن تترجم نجاحاتها في ساحة المعركة إلى إنجازات سياسية. حرب لبنان والتخبط في غزة يجب ألا تتحولا إلى استنزاف متعدد المجالات «يلتهم» موارد الدولة، ويبعدها عن المهمة الأسمى المتمثلة في إعادة المخطوفين. المختطفون هم «جذر» فشل 7 تشرين، ولا يمكن الخروج منتصرين إلا بإطلاق سراحهم.

‏إن إنهاء الحروب وإعادة الاقتصاد والاقتصاد إلى العمل وإعادة التأهيل التدريجي، بعد التخفيض المزدوج الأخير للتصنيف الائتماني، يشكل مهمة ملحة. وتشكل المرونة الاقتصادية عنصراً حاسماً في الاستعداد لحرب إقليمية كبرى (والقدرة على تمويلها).

‏إن أقصر طريق للخروج من المضيق الذي وجدت إسرائيل نفسها فيه في 7 تشرين الأول/أكتوبر، يظل صفقة الرهائن.

فقط على أساس الصفقة سوف تتمكن إسرائيل من الوقوف بين الساحات، والبدء في بناء بديل لحكم حماس، والتوصل إلى اتفاقيات مع الولايات المتحدة (ومصر) بشأن “إعادة التأهيل مقابل التسريح” وإغلاق طرق التهريب إلى غزة وإسرائيل. لبنان، يعالج الأزمة مع أميركا ويتلقى منها الضمانات والسلاح، ويعود إلى التطبيع الحاسم للتنظيم ضد إيران.

——————————————–

هآرتس 7/10/2024

أصوات عربية “معتدلة”: هل تريد إسرائيل احتلال الشرق الأوسط بحجة 7 أكتوبر2؟

بقلم: أسرة التحرير

تجرى أحداث ذكرى 7 أكتوبر بينما يقود دولة إسرائيل الحكومة السائبة إياها، التي وقعت تحت مسؤوليتها كارثة 7 أكتوبر، وعلى رأسها شخص وجه دفتها على التوالي في الـ 15 سنة الأخيرة (باستثناء سنة) وهو المذنب الرئيس فيما حدث لها ولمواطنيها. قيادة ليس على لسانها حتى ولا رسالة أمل واحدة، وهي غير قادرة على تخيل رؤية دائمة للحياة في الدولة تعيش بسلام إلى جانب جيرانها.

لا إمكانية لإنهاء الحرب بدون رؤية سياسية. وبدون حل للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، ستعلق إسرائيل في ورطات أمنية، نهايتها الدم والموت وأيام ذكرى.

لكن وبينما لا بشرى تخرج من القدس، ففي العالم العربي من يصر على التحدث عن المستقبل. وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، كتب مقالاً نشره في صحيفة “فايننشال تايمز” بأن “الأمن الحقيقي لإسرائيل لن يأتي إلا بالاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني الشرعية. فتبني حل يسمح للشعبين بالعيش بسلام سيكسر دائرة العنف التي علق في شباكها الطرفان سنين طويلة”. شدد ابن فرحان على أن “مسؤوليتها المشتركة هي سماع الأصوات المعتدلة”.

أقوال بن فرحان تضاف إلى أقوال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي. في مؤتمر صحافي في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في ختام تصريح لمندوبي الدول العربية، أعلن: “كلنا مستعدون لضمان أمن إسرائيل في سياق إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية”. وسأل الصفدي سؤالاً لا يوجد في إسرائيل من يجيب عليه: “ما هي رواية إسرائيل باستثناء مواصلة القتال والقتل والتدمير؟”.

على الأصوات المعتدلة في إسرائيل الانضمام إلى الأصوات المعتدلة في العالم العربي؛ بأن الطريق إلى السلام في الشرق الأوسط وإلى تعزيز المحور المناهض لإيران، يمر عبر إقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل. إن إسرائيل ملزمة بالعمل كتفاً بكتف مع حلفائها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، في الحرب مثلما في الدبلوماسية. كما أنه الطريق الوحيد لضمان ألا تتكرر كارثة مثل 7 أكتوبر.

——————انتهت النشرة——————