أول تحرك قضائي لمحاكمة الجنود المرتزقة في جيش الاحتلال

المسار الاخباري: شهدت بريطانيا إطلاق أول تحرك قضائي لمحاكمة الجنود المرتزقة في جيش الاحتلال الإسرائيلي في خضم حرب الإبادة الجماعية المستمرة على قطاع غزة منذ أكثر من عام.

ويأتي ذلك في وقت تظل الحكومة البريطانية مصرة على إخفاء عدد الرعايا البريطانيين والمواطنين الإسرائيليين المزدوجي الجنسية الذين التحقوا بجيش الاحتلال الإسرائيلي.

وبعد سلسلة من المحادثات مع وزارة الخارجية، أُبلغت منظمة ديكلاسيفايد يو كيه أنه في سبتمبر/أيلول 2023، كان 80 مواطنًا بريطانيًا يخدمون كـ “جنود منفردين” في القوات الإسرائيلية، لكن العدد كان على الأرجح أعلى بكثير بسبب المواطنين المزدوجين الذين يخدمون في جيش الاحتلال.

بحسب ما كشفت الخارجية البريطانية: “لدينا سجلات تشير إلى وجود ما يقرب من 20 إلى 30 مواطنًا بريطانيًا يقيمون في مستوطنات غير قانونية في الضفة الغربية”.

ومع ذلك، قال سام سانك، وهو جندي احتياطي إسرائيلي من شمال لندن لصحيفة التايمز إنه يعتقد أن هناك مئات إن لم يكن الآلاف من البريطانيين يقاتلون من أجل دولة الاحتلال.

وكما هي الحال مع خطة “الجندي المنفرد” الإسرائيلية، فإن بريطانيا تسمح أيضاً بتنفيذ برنامج “ماهال”، الذي يسمح للمواطنين الأجانب بالخدمة في الجيش الإسرائيلي والحصول على الجنسية الإسرائيلية الدائمة.

ولابد أن العديد من هؤلاء الأفراد كانوا من بين 360 ألف جندي احتياطي استدعتهم دولة الاحتلال من مختلف أنحاء العالم لدعمها.

حماية مسبقة من الملاحقة

بدلاً من اتخاذ إجراءات صارمة ضد المواطنين البريطانيين الذين يسافرون إلى إسرائيل ويصبحون متطرفين بسبب الإيديولوجية الصهيونية العنيفة، قامت الحكومة البريطانية بشكل منهجي بحمايتهم من الملاحقة القضائية على الرغم من أن النظام الإسرائيلي مذنب بتسهيل نظام الفصل العنصري، والتطهير العرقي للفلسطينيين، والمستوطنات غير القانونية، والاعتقالات التعسفية، والتعذيب، والجرائم الأكثر شناعة ضد الإنسانية.

ولم يُمنَح المواطنون الذين سافروا إلى أوكرانيا أو سوريا نفس الحصانة والحماية. والواقع أن عمال الإغاثة الذين سافروا إلى سوريا لتقديم المساعدات الإنسانية الطارئة جُرِّدوا من جنسيتهم وحُرِموا من العودة إلى بريطانيا.

ومن الواضح أن القوانين والتشريعات تتعرض للخطر عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، وتظل تل أبيب المكان الوحيد في العالم المعفي من عواقب انتهاك القانون الدولي.

ومع ذلك، فإن المملكة المتحدة لديها التزام قانوني وأخلاقي بملاحقة مواطنيها الذين يسافرون إلى الخارج للمشاركة في جرائم الحرب هذه أو دعمها أو الاستفادة منها.

وكما هو الحال مع جرائم الحرب الأخرى، فإن مبدأ الولاية القضائية العالمية يسمح للدول بملاحقة الأفراد عن الجرائم الشنيعة المرتكبة خارج حدودها. ومن خلال الفشل في التحقيق مع المتورطين وملاحقتهم قضائيا، تصبح المملكة المتحدة متواطئة في هذه الانتهاكات.

تحرك حقوقي مضاد

وجد المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين أنه في حين قامت شرطة العاصمة بالتحقيق بشكل نشط مع المواطنين البريطانيين الذين سافروا للقتال في جيوش أخرى في الخارج، إلا أنها لا علم لها بأي بريطاني انضم إلى جيش الاحتلال يجري التحقيق معه.

وفي يونيو/حزيران 2022، قدمت اللجنة الدولية للعدالة والسلام ملفًا إلى “قيادة مكافحة الإرهاب” التابعة لشرطة العاصمة لندن، يتضمن تفاصيل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، فضلاً عن انتهاكات اتفاقية جنيف الرابعة التي يُزعم أنها ارتُكبت في أوقات كان يخدم فيها البريطانيون في جيش الاحتلال.

ومن غير المستغرب أن تفشل السلطات في التحقيق مع المواطنين البريطانيين الذين عادوا من القتال في دولة الاحتلال في ظل التحالف الرسمي بين تل أبيب ولندن.

وانتشرت خلال الأشهر القليلة الماضية صوراً ومقاطع فيديو لجنود بريطانيين يخدمون في جيش الاحتلال الإسرائيلي وهم يتجولون في غزة المدمرة، ويشيدون بأعمال التطهير العرقي والإبادة الجماعية التي يرتكبها الإسرائيليون.

ومن بين الحالات العديدة المزعجة تلك التي تم تصويرها للجندي ليفي سيمون وهو يفتش في ملابس النساء الفلسطينيات ويلوح بالعلم الإسرائيلي في مدرسة هدمت في غزة وهو يعلن: ” نحن هنا، نحن هنا لنبقى، وسوف يبدأون قريباً في تدريس اللغة العبرية في هذه المدرسة”.

من جهته أعرب أرييه كينج، المواطن البريطاني الذي يشغل منصب نائب رئيس بلدية القدس المحتلة، عن سعادته بصور الرجال الفلسطينيين الذين يتعرضون للإذلال والإساءة علناً.

وأكدت منظمات حقوقية أنه يجب أن تكون هذه الأفعال والتصريحات الشنيعة دليلاً كافياً لفتح تحقيقات في تورطهم في الإبادة الجماعية وجرائم الحرب الإسرائيلية.

لهذا السبب، أطلقت منظمة Human Aid & Advocacy حملة #ProsecuteGenocide، والتي تهدف إلى الضغط على شرطة العاصمة لندن لفتح تحقيقات ومقاضاة المواطنين البريطانيين الذين سافروا إلى دولة الاحتلال للانضمام إلى الجيش الإسرائيلي.

ونظرًا لأن المملكة المتحدة قد أُبلغت بأن “إسرائيل” تنتهك القانون الدولي، فإن لديها واجبًا أكبر لمنع المزيد من الاستفزازات لجرائم الحرب والإبادة الجماعية الإسرائيلية.