تطهير عرقي ممنهج: حقوقيان يحذران من خطة الاحتلال الإسرائيلي في غزة

حذر حقوقيان فلسطينيان من أن خطة الاحتلال الإسرائيلي الحالية في شمال قطاع غزة تعكس استراتيجية تطهير عرقي ممنهجة تهدف إلى طرد السكان الفلسطينيين من القطاع، وأوضحا أن الاحتلال يسعى لإحلال معسكرات جيشه مكانهم، مما يشير إلى نوايا إعادة استيطان المنطقة وتهديد الوجود الفلسطيني.

وأكد مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار دويك في تصريحٍ له، أن خطة الاحتلال الإسرائيلي الحالية تمثل عملية تطهير عرقي ومحاولة لإعادة استيطان قطاع غزة، حيث يسعى الاحتلال لطرد السكان بشكل دائم وإحلال معسكرات جيش الاحتلال مكانهم.

واعتبر “دويك” أن هذه الخطة خطيرة جدًا، مشيرًا إلى أن ما يجري في شمال قطاع غزة يأتي في هذا السياق، وهو سياق طرد السكان، وتهجيرهم، وارتكاب أعمال تطهير عرقي، وتدمير المنطقة بشكل كامل، وإحلال معسكرات جيش إسرائيلي مكانها على الأقل في الوقت الحالي، مع عدم وضوح ما سيحدث لاحقًا.

وأضاف “دويك” أن الأحداث الجارية في شمال قطاع غزة تتسم بالتعتيم الكبير، نتيجة صعوبة الوصول إلى هناك وأيضًا صعوبة وصول المنظمات الإغاثية.

وبيّن أن الأمم المتحدة ووكالاتها المختلفة لا تستطيع الوصول إلى المناطق المتأثرة، إلا أن المعلومات المتوفرة من بعض الناجين والاتصالات الهاتفية مع بعض المؤسسات تشير إلى أن هناك عمليات تجويع وتعطيش وقصف مستمر، بالإضافة إلى استهداف مراكز الإيواء في المدارس، واستهداف من يتحرك من قبل القناصة أو الطائرات المسيرة.

وأوضح ضيفنا أن الوضع في شمال قطاع غزة حاليًا يعدّ من الأصعب منذ بداية الحرب، حيث تتجلى أعمال الإبادة الجماعية في عمليات التجويع والتعطيش واستهداف المدنيين وتدمير البنية التحتية، ومنع دخول المساعدات، ومنع وصول عمال الإغاثة، خصوصًا الدوليين.

واعتبر “دويك” أن هذه الأفعال تمثل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتندرج ضمن جريمة الإبادة الجماعية الموثقة.

وأفاد دويك بأن المصادر الحكومية قدّرت قبل يومين عدد الشهداء بنحو ثلاثمائة، مؤكدًا أن العدد ارتفع منذ ذلك الحين، لكن تحديد الرقم الدقيق سيتكشف لاحقًا، مع وضوح وجود جرائم ومجازر خطيرة.

وأشار إلى أن المؤسسات الحقوقية تتابع الوضع بقدر الإمكان، لكنه أكد صعوبة الحصول على أرقام دقيقة حول أعداد الشهداء والتطورات في بعض المناطق نتيجة الحصار المحكم الذي يفرضه الاحتلال على شمال قطاع غزة، بما في ذلك جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا.

وأكد “دويك” أن جميع المدنيين يجب أن يتمتعوا بالحماية وفق اتفاقيات جنيف، لا سيما اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على حماية المدنيين في أوقات النزاعات المسلحة، وتفرض ضرورة إدخال المساعدات وعدم استخدام التجويع والحصار كأداة حرب.

ولفت إلى أن إسرائيل تخرق هذه الاتفاقيات بشكل متكرر، حتى أن القانون الدولي أصبح بلا معنى في السياق الفلسطيني، وهذا ما يترتب عليه تبعات خطيرة، ليس فقط على فلسطين، بل على النظام العالمي بأسره. ورأى دويك أن تقويض أسس القانون الدولي وعمل المنظمات الدولية والإغاثية بدعم من الولايات المتحدة ستكون له عواقب وخيمة.

واختتم “دويك” حديثه بالإشارة إلى أن منع إدخال الغذاء واستخدام الجوع كسلاح حرب يعدّ جريمة حرب بموجب ميثاق روما، وأن هذه الجريمة كانت من القضايا التي أشار إليها المدعي العام الدولي في طلب اعتقال مسؤولين إسرائيليين، مشيرًا إلى تورط نتنياهو وغانتس في ارتكاب هذه الجرائم، بما في ذلك استخدام التجويع كوسيلة حرب.

” القانون لم يعد يُطبق وأصبح مشلولًا”..

بدوره، قال الحقوقي فريد الأطرش إن المؤسسات الدولية والمنظمات التي تنادي بحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني قد خذلت غزة بالفعل، رغم كل الجرائم المخالفة للقانون الدولي الإنساني.

وأشار “الأطرش إلى أن هذه الجرائم تنتهك ميثاق روما المؤسس لنظام المحكمة الجنائية الدولية واتفاقيات جنيف.

وأضاف “الأطرش” أن كل هذه الجرائم تُرتكب دون أن تصاحبها مواقف جدية لوقف المجازر والإبادة. واعتبر أن الوضع صعب للغاية، وأن الحاجة الآن ليست فقط لمواقف قانونية، بل لمواقف أخلاقية، لأن القانون لم يعد يُطبق وأصبح مشلولًا.

أن توثيق الجرائم ليس هو المشكلة الآن، فهذه الجرائم موثقة بشكل مباشر وعلى الهواء، بما في ذلك قتل وحرق المدنيين، وهو أمر غير مسبوق.

ودعا إلى ضرورة وجود موقف أخلاقي لوقف الجرائم التي تُرتكب ضد البشر، متسائلًا عن القيمة الإنسانية للبشر في غزة ولبنان إذا استمرت هذه الجرائم دون رادع.

وأشار “الأطرش” إلى أن هذه الإشكالية لها تداعيات كبيرة على المستوى الإنساني والأخلاقي والقانوني، وكذلك على مستوى الحروب القادمة.

وشدد على أن الانتصار للأخلاق والقيم الإنسانية أصبح ضروريًا من أجل وقف الإبادة والمجازر الجارية، وكذلك وقف التجويع والحصار والتهجير والتطهير العرقي.

وأكد “الأطرش” على ضرورة التحرك الفوري لوقف ما يحدث لأهل قطاع غزة، لأن التأخير سيكون على حساب حياة الناس وسفك المزيد من الدماء.

وعلى مدار أشهر الحرب المستمرة منذ أكثر من عام، أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي أوامر إخلاء لسكان شمال القطاع، إلا أن المواطنين الذين يتجاوز يقدر عددهم بـ 700 ألف يرفضون النزوح للجنوب وترك منازلهم وأماكن سكنهم.

وتشن “إسرائيل” منذ عشرة أيام، عدوانًا واسعًا على مخيم جباليا وشمال قطاع غزة، وترتكب المجازر بحق المدنيين وتستهدف المنازل المأهولة، في محاولة لإجبار المواطنين على النزوح.

وكشفت وكالة أسوشيتد برس، أن خطة الجنرالات التي اقترحها مجموعة من الجنرالات المتقاعدين، تدعو نتنياهو والكنيست الإسرائيلي إلى تصعيد الضغط، من خلال إعطاء الفلسطينيين مهلة أسبوع واحد لمغادرة الثلث الشمالي من قطاع غزة، بما في ذلك مدينة غزة، قبل إعلانها منطقة عسكرية مغلقة.

وتدعو الخطة إسرائيل إلى الإبقاء على سيطرتها على شمال غزة لفترة غير محددة في محاولة لإنشاء إدارة جديدة بدون حماس، مما يقسم قطاع غزة إلى قسمين.