المسار الإخباري : قرار وزير الدفاع إسرائيل كاتس لوقف أوامر الاعتقال الإدارية ضد مستوطنين يسكنون في الضفة الغربية هو أبرتهايد بكل معنى الكلمة: قانون لليهود، وآخر للفلسطينيين.
الاعتقال الإداري أداة تعسفية لا مكان لها في دولة ديمقراطية، فهو يمس بحق أساسي ويمنع المعتقل من إجراء نزيه بالحد الأدنى، استناداً إلى بينات سرية بل وأحياناً دون أن يعرف المعتقل ما هو الاشتباه المنسوب له. في دولة ديمقراطية، لا ينبغي اعتقال الناس وتقديمهم إلى المحاكمة إلا استناداً إلى بينات كافية وتقليص الاستخدام للاعتقالات الإدارية لأوضاع طوارئ محددة.
غير أن وزير الدفاع كاتس أبقى على استخدام الاعتقال الإداري ضد الفلسطينيين (أكثر من 3 آلاف)، ولكنه أوقف استخدامه ضد اليهود في “المناطق” [الضفة الغربية] (8 حتى اليوم). يبقي كاتس هذه الأداة التعسفية في صندوق أدوات سلطات القانون تجاه الفلسطينيين. ويعمل لتكييف الإنفاذ في “المناطق” مع معتقد سائد لدى معسكر اليمين، الذي يقضي بأنه لا شيء يسمى إرهاباً يهودياً.
بقراره، يطلق كاتس رسالة واضحة للمشاغبين اليهود في “المناطق” [الضفة الغربية] بصفتهم هذه: افعلوا ما تشاؤون، أنتم خارج القانون. دماء الفلسطينيين مباحة. هذا ضوء أخضر للإرهاب اليهودي وحقنة تحفيز للفتك التالي.
والقرار رسالة للجيش الإسرائيلي أيضاً. فليس صدفة أن سارع النائب آيزنكوت للتحذير من تداعيات قرار كاتس الخطيرة. “قرار وزير الدفاع خطأ جسيم وخطير، خطوة أخرى في الطريق إلى تصعيد جسيم في “يهودا والسامرة”، سندفع جميعاً الثمن لقاءه”. وعلى حد قوله، فإن القرار “سيمس قبل كل شيء بمهمة الجيش الإسرائيلي بصفته صاحب السيادة الذي يوفر الأمن وإنفاذ القانون والنظام في المناطق”.
بكلمات أقل رسمية، رسالة كاتس للجيش الإسرائيلي على النحو التالي: لا ترفعوا أيديكم على “فتيان التلال” [المستوطنون]؛ لأنهم أصحاب السيادة في “المناطق” [الضفة الغربية]، أما الجيش الإسرائيلي فهو شركة الحراسة لهم تجاه الفلسطينيين المتروكين لمصيرهم. وبالفعل، التقطت الرسالة على الفور. عشرات من المشاغبين اليهود حاولوا يوم الجمعة الاعتداء على قائد المنطقة الوسطى، آفي بلوط، في سبت “حياة سارة” في الخليل. لاحقه المشاغبون ولاحقوا الضباط الذين كانوا معه، وهتفوا نحوه “خائن” و”مقتلع إسرائيل”.
لقد جاء تعيين كاتس لإضعاف الجيش الإسرائيلي، وتعزيز اليمين المتطرف والمستوطنين، وإظهار اللامبالاة للعالم كله، وعلى رأسه المحكمة الدولية. لم يمر شهر منذ تعيينه في منصبه، حتى أثبت كاتس بأنه أحلى مقاول هدم. إذا لم تتخلص إسرائيل من الحكومة، فستكتشف دركاً أسفل جديداً ينتظرها تحت كرسي الاتهام في “لاهاي”.