
المسار الاخباري: تركز الاهتمام في بيروت، الثلاثاء، على جلسة مناقشة البيان الوزاري التي انطلقت في مجلس النواب بهدوء لافت تظهّر في جولتها الأولى على الرغم من أهمية من تعاقبوا على الكلام على المستويين السياسي والتمثيلي، وهم رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، الذي كان يطلب الكلام عادة في نهاية المداخلات النيابية، عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائبة ستريدا جعجع ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل.
وغابت السجالات والمشادات، التي شهدتها جلسة انتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، على الرغم من وصف نواب جبهة إسناد غزة بـ”الحرب العبثية” وتطرقهم إلى احتكار الدولة السلاح وانتقاد موافقة “حزب الله” على تسليم سلاحه جنوب الليطاني والاحتفاظ به شماله. وجل ما شهدته الجلسة رد النائب رعد على رئيس كتلة “تجدد” النائب ميشال معوض ودعوته إلى التواضع، مبدياً “جهوزية للحوار حول مصير السلاح ولكن ليس بهذه الطريقة الاستعراضية”.
وقد بدأت الجلسة العامة التي تبثها القنوات التلفزيونية مباشرة بتلاوة رئيس الحكومة نواف سلام البيان الوزاري لحكومة “الإصلاح والإنقاذ”، استهله بالقول “نمثل أمامكم حكومة مُتضامنة، ومُلتزمة الدفاع عن سيادة لبنان ووحدة أرضه وشعبه والعمل الجاد من أجل إخراجه من المِحن والأزمات”، معاهداً “تَضافر الجهود في سبيل تَضميد الجراح وبناء ما تَهدّم وحَشد الدعم العربي والدولي من أجل تَحقيق ذلك، والالتزام بالإسراع في إعادة إعمار ما دمّره العدوان الإسرائيلي وإزالة الأضرار وتمويل كل ذلك بواسطة صندوقٍ مُخصصٍ لهذه الحاجة المُلّحة يمتاز بالشفافية ويُسهم في إقناع المواطنين أن الدولة تَقف إلى جانبهم ولا تُميّز بينهم”.
وشدد البيان على أن “الدولة التي نريد هي التي تلتزم بالكامل مسؤولية أمن البلاد، والدفاع عن حدودها وثغورها، دولة تردع المُعتدي، تحمي مواطنيها وتُحصّن الاستقلال وتعبئ الأسرة العربية وعموم الدول لحماية لبنان. لذلك تُشدّد الحكومة على التزامها بتَعهداتها، لاسيّما لجهة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 كاملاً، من دون اجتزاء ولا انتقاء، مع الالتزام بالترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية كما وافقت عليه الحكومة السابقة بتاريخ 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024”.
التزام الطائف واحتكار السلاح
وأضاف “تلتزم الحكومة، وفقاً لوثيقة الوفاق الوطني المُقرّة في الطائف، باتخاذ الإجراءات اللازمة كافة لتحرير جميع الأراضي اللبنانيّة من الاحتلال الإسرائيلي وبسط سيادة الدولة على جميع أراضيها، بقواها الذاتيّة حصراً، ونشر الجيش في مناطق الحدود اللبنانية المُعترف بها دوليّاً. وتؤكد حق لبنان في الدفاع عن النفس في حال حصول أي اعتداء، وذلك وفق ميثاق الأمم المتحدة. وتعمل على تنفيذ ما ورد في خطاب القسم للسيد رئيس الجمهوريّة حول واجب الدولة في احتكار حمل السلاح. وإننا نريد دولةً تملك قرار الحرب والسلم. نريد دولةً جيشُها صاحب عقيدةٍ قتاليةٍ دفاعية يَحمي الشعب ويَخوض أي حرب وفقاً لأحكام الدستور. إن الدفاع عن لبنان يستدعي إقرار استراتيجية أمن وطني على المستويات العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية. ويترتب على الحكومة أن تُمكِّن القوات المسلحة الشرعية من خلال زيادة عديدها وتجهيزها وتدريبها وتحسين أوضاعها مما يعزّز قُدراتها على التصدّي لأي عدوان وضبط الحدود وتثبيتها جنوباً وشرقاً وشمالاً وبحراً، وعلى منع التهريب ومحاربة الإرهاب”.
بعد ذلك، طلب رئيس المجلس نبيه بري اختصار كلمات النواب، مقترحاً “أن تكون للكتلة التي تضم 10 نواب وما فوق نصف ساعة وللكتلة التي تضم أقل من 10 نواب ربع ساعة، أما الزملاء النواب في 5 إلى 10 دقائق”، قائلاً “أمامي 75 نائباً طلبوا الكلام وبهذا الشكل الجلسة ستمتد لأسبوع”.
رعد: الخيار المقاوم
وأكد رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد: “أن أداء المقاومة الإسلامية وتطوّره منذ عام 1982 وإلى يومنا هذا، وما حقّقه من إنجازات وانتصارات متتالية ضد إسرائيل في الأعوام 1993 و1996 و2000 و2006.. أثبت جدوى الخيار المقاوم وأكد فعاليته التراكمية ضد الاحتلال الصهيوني.. إلا أن ذلك لم يوهمنا مطلقاً بأن مسار المقاومة المتصاعد في إنجازاته دخل دائرة الأمان ضد المخاطر أو صار بمنأى عن كيد الأعداء وجبروتهم، رغم أن طبيعة البنية المرنة للعمل المقاوم، ومنهجيته المرسومة الأولويات، والعنقودية المهام والإمكانات، إضافةً إلى قوة الاحتضان الشعبي وصدق وفاء الناس واقتناعهم وثقتهم بالمقاومة وقيادتها ورجالها وخيارها، تجعله عصيّاً على السحق والإنهاء رغم قسوة الاستهداف الذي يتعرض له أحياناً نتيجة مبالغة العدو بحشد وتنسيق خبراته وقدراته مع شركائه وحلفائه، وتوفُّر ظروف أخرى خاصة واستثنائية”.
وأضاف: “للتاريخ نسجّل: إن الحرب الأخيرة ضد لبنان تحديداً وأيّاً تكن الذرائع التي ساقها الصهاينة لتبرير دوافعها إنما كانت خياراً عدوانيّاً مدروساً ومُجهَّزاً قرر العدو الصهيوني وضعه موضع التنفيذ حين أُغرِقَ برعايةٍ ومساندةٍ وشراكةٍ أمريكيّةٍ غير مسبوقة وفَّرَت له فرصة المحاولة للتخلص من “حزب الله” وسحقه وإنهاء وجوده المقاوم، لما يشكّله من عقبة أمام تمدد احتلاله التوسعي في لبنان وأمام تسويق مشروعه لإخضاع كل المنطقة من حولنا. ولقد فشلت تلك المحاولة ولم يتمكن العدو رغم كل الدعم الذي توفّر له، من أن يسحق حزبنا أو أن يهزم إرادتنا أو أن يكسر عزيمة شعبنا واحتضانه لخيار المقاومة، ولئن أصابنا في حربه العدوانية بمواجع عدة سواءً عبر سلسلة الاغتيالات أو عبر مجزرة البايجر الإرهابية اللئيمة أو عبر غيرهما فإننا ولله الحمد نتعافى تباعاً وبسرعة، باستثناء وجعٍ واحدٍ سيبقى يلازمنا وسيلازم أجيالنا الآتية لتحفيزهم على الصمود والتضحية حتى زوال الاحتلال، إنّه وجعُ مصابنا بشهادة أميننا العام السيد حسن نصر الله وكل شهدائنا الأبرار رضوان الله عليهم جميعاً”.
وأردف “نعم، لقد قاومنا العدو الصهيوني وحربه المجنونة، وأوقعنا فيه خسائر كبيرةً مباشرة وغير مباشرة، استراتيجية وتكتيكية، وثبتنا في مواجهته ثباتاً بطولياً مذهلاً أحبط خطة توغله البري المقررة نحو مجرى نهر الليطاني وما بعده، وألزمه المراوحة ثم التراجع في القطاع الغربي والأوسط والشرقي حيث سطر المقاومون أروع صور الصمود والمقاومة في كل قرى الحافّة الأماميّة من الناقورة إلى شبعا وكفرشوبا مروراً بالخيام الأسطورة التي شهدت بطولات وملاحم استشهاد مذهلة فرضت على العدو الانكفاء نحو خيار التفاوض غير المباشر الذي تصدّى له وخاض غمار جولاته مشكوراً ومفوَّضاً دولةُ الرئيس الأخ الاستاذ نبيه بري مع المبعوث الرئاسي الأمريكي وصولاً إلى إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في 27/11/2024. ومنذ ذاك التاريخ يشهد العالم مراوغة العدو الصهيوني وخروقاته اليومية التي دأب عليها جواً وبراً وصولاً إلى رفضه الانسحاب الكامل وإصراره على مواصلة احتلاله لبعض النقاط مع مساحاتٍ من أرضنا اللبنانية، الأمر الذي يتطلب موقفاً وطنيّاً حازماً يترجم مضمون بيان الرؤساء الذي صدر في حينه من بعبدا كما يتطلب متابعةً جديةً من الحكومة اللبنانية لمسؤولياتها إزاء استكمال تحرير تلك النقاط والمساحات وإنجاز هذا الأمر السيادي، وإننا نُعرب هنا عن سرورنا التام لإعلان هذه الحكومة عن استعدادها الكامل لتحمّل ذلك وفقاً لما جاء في بيانها الوزاري، وستجدنا بطبيعة الحال مؤيدين وداعمين لجهودها”.
واعتبر رعد “أن مقتضى النبل والشرف الوطني أن نترجم جميعاً كلبنانيين وحدة موقفنا الرافض لاحتلال العدو وتهديداته وأن نتدارس معاً بجدية سُبُل حماية وصيانة بَلَدَنا باستمرار وخيارات التصدي للتحديات وللتهديدات والمخاطر، وذلك في إطار مسؤول واستراتيجيةِ أمن ودفاع وطني شامل دعا إلى مقاربتها فخامة رئيس الجمهورية في خطاب القسم. إن اعتراض بعضنا على أداء بعضنا الآخر، لا يجوز أن يمنح عدونا الوجودي فرصة لإضعاف موقفنا ضد احتلاله وتهديده لبلدنا”. وختم “إننا نجد أن الفرصة لم تزل متاحةً لنتوافق معاً على مقاربة وطنية واقعية موحدة لموضوعي الحماية والدفاع ووقف التدخلات الخارجية في شؤوننا”.
وتوجّه “بالشكر إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية قائداً ودولةً وشعباً على ما قدمته وما ستواصل تقديمه للبنان ولشعبه ولدولته من مساعداتٍ ودعمٍ لقضاياه ومقاومته رغم كل التحامل ضدها واستمرار محاصرتها بالعقوبات الكيدية”، مؤكداً “على الحكومة اللبنانية وجوب إلغاء قرار إيقاف الرحلات الجوية ومنع هبوط الطائرات الإيرانية وذلك تداركاً لخطأ الانصياع الذي يتعارض مع السيادة الوطنية وتلافياً للضرر وللإساءة لمصلحة جمهورٍ كبيرٍ من اللبنانيين ولعلاقة الصداقة اللبنانية القائمة مع إيران”.
وتكلم رعد عن إعادة الإعمار التي “تتطلب سرعة في الإعداد والتحضير والمعالجة وتأمين التمويل اللازم ومباشرة التنفيذ بروحية وطنية تضامنية ترفض الابتزاز أو الارتهان لأي شروط سياسية”، ناصحاً “الحكومة ألا تركن إلى وعودٍ من البعض تُطلق فقط لتعطيل وصول مساعدات آخرين”.
وقال عن الإصلاحات:”خلافاً لكل الادعاءات والافتراءات لم تكن المقاومة في يومٍ من الأيام سبباً معوقاً أو مُعطلاً لتلك العملية على الإطلاق”. وختم “ثقتنا نمنحها للحكومة احتراماً لمبدأ المشاركة على أمل أن تتجمل بالحكمة وحسن الأداء لتنجح في فتح أبواب الإنقاذ الجدي للبلاد”.
لقطات
– لم يلتفت رئيس الحكومة نواف سلام إلى النائب محمد رعد خلال إلقاء كلمته إلا مرة واحدة.
– أبدى رئيس الحكومة امتعاضاً ضمنياً من انتقادات رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل حول “الحياد عن معايير تشكيل الحكومة” لكنه لم يقاطعه ولم يرد عليه.
– خلال إلقاء النائب باسيل كلمته كانت معظم مقاعد نواب “القوات اللبنانية” خالية.
– لدى طلب الرئيس نبيه بري من الكتل اختصار وقت الكلام، قال له عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب مروان حمادة “صار الأفضل للنواب أن يستقلوا عن كتلهم حتى يصبح لهم الحق في الكلام، وأعرف حرصك على الحريات ولكن أتمنى عليك التنوع داخل كل كتلة”. وانتقد “حصر الكتلة من 10 وما فوق بواحد وحصرها من 10 وما دون بنص واحد”. عندها علّق عليه بري “أنا نص واحد ما عنديش”.
– لوحظ أن النائبة ستريدا جعجع وزعت مغلفات على معظم وزراء الحكومة وعلى بعض النواب، وشوهدت تتبادل القبلات مع غالبية نواب “اللقاء الديموقراطي” ورئيسهم تيمور جنبلاط.