أهم الاخبارانتهاكات الاحتلال

جدعون ليفي : يجب علينا في ذكرى الكارثة أن نتذكر ما يحدث الآن في قطاع غزة من جرائم

المسار: إسرائيل ترتكب كارثة ضد الشعب الفلسطيني، في الـ 19 شهرا الأخيرة إسرائيل تقترب من ذلك بسرعة مدهشة. يجب قول ذلك وبصورة اقوى في هذا اليوم.

أنا اليوم ساقف عند سماع الصفارة مثلما في كل سنة، وافكاري ستتجول بين ذكرى جدتي وجدي، صوفي وهوغو، اللذين شاهدت اسماءهما محفورة على جدار الذكرى في المقبرة اليهودية القديمة في براغ، وبين مشاهد غزة التي لا تتركني. منذ كنت طفلا تخيلت دائما عند سماع السفارة نار كبيرة تلتهم كل شيء. حتى حرب غزة رأيت يهود يحرقون فيها. هذه السنة سأرى أيضا أطفال رضع احترقوا وهم احياء في الأسبوع الماضي في خيمة اللجوء في خانيونس، ومعهم آلاف الأطفال والنساء والرجال الذين قتلتهم إسرائيل بدون رحمة.

كيف يمكن أن نقف صامتين الآن بدون أن نفكر في التحقيق المخيف لينيف كوفوفيتش في “هآرتس” أمس عن اعدام عاملي الإغاثة الـ 15 على يد جنود الجيش الإسرائيلي، الذين اطلقوا عليهم النار بدم بارد، وبعد ذلك قاموا بتحطيم سيارات الإسعاف التي سافروا فيها ودفنوا جثثهم في الرمال. التفكير بالمواطن من سنجل في الضفة الغربية، الذي احرق المستوطنون بيته وبعد ذلك جاء الجنود واطلقوا عليه الغاز المسيل للدموع الى أن أصيب بنوبة قلبية ومات، مثلما كتبت عن ذلك أمس هاجر شيزاف. التفكير بتجمع الرعاة في أم الخير في جنوب جبل الخليل، الذي زرته في هذا الأسبوع، والتفكير بالمذابح اللانهائية والتي يشاهدها أعضاء السلام هؤلاء في القرى على يد الجيش والمستوطنين الذين يعملون معا على طردهم من أراضيهم.

أن تقرأ المقال الشجاع والصادم لاوريت كمير (“هآرتس”، 21/4) عن وقوف الإسرائيليين ضد هذه الحرب، الامر الذي ينفي حسب رأيها حقهم في التذمر من الالمان الذين فعلوا ذلك – والموافقة على كل كلمة كتبتها. أن تقرأ المقال الصادم بدرجة لا تقل عن ذلك لدانييل بيلتمان عن أطفال غزة وأطفال الكارثة (“هآرتس”، 22/4). يوم استئناف الحرب في غزة، قال بيلتمان، سيتم تذكره الى الأبد في التاريخ اليهودي. يمكن فقط الأمل بأن يكون الامر هكذا. “منذ أربعين سنة أنا انشغل في تحقيقات الكارثة”، كتب بيلتمان. “وقد قرأت عدد لا يحصى من الشهادات حول الإبادة الجماعية الأكثر فظاعة ضد الشعب اليهودي وضحايا آخرين. باختصار، الواقع الذي فيه ساقرأ الشهادات عن القتل الجماعي الذي تنفذه دولة اليهود، والذي يذكرني بشهادات من أرشيف “يد واسم”، لا استطيع تخيله حتى في كوابيسي الفظيعة.

هذه ليست مقارنة مع الكارثة، بل تحذير فظيع الى اين تتدهور الأمور. ان عدم التفكير بذلك الآن هو بمثابة خيانة لذكرى الكارثة وضحاياها. وعدم التفكير بغزة الآن هذا بمثابة فقدان الصورة الإنسانية وتدنيس ذكرى الكارثة. هذه إشارة “قف” امام الآتي.

في إسرائيل يميلون الى الادعاء بأن 7 أكتوبر هو “الكارثة الأكثر فظاعة التي حدثت للشعب اليهودي منذ الكارثة”. هذه بالطبع مقارنة مبتذلة، تسيء لذكرى الكارثة. لا يوجد أي تشابه بين الهجوم القاتل الذي حدث لمرة واحدة في 7 أكتوبر وبين الكارثة، لكن ما جاء في اعقابها بالذات يثير ذكرى الكارثة.

لا توجد اوشفيتس ولا حتى ترابلنكا في قطاع غزة، لكن توجد فيها مخيمات تجميع. ويوجد فيها أيضا تجويع وتعطيش ونقل اشخاص من مكان الى آخر مثل البهائم، وحصار دوائي. هذا ما زال ليس كارثة، لكن احد حجارتها الأساسية موجود هنا منذ فترة: عملية نزع الإنسانية عن الضحايا التي بدأت لدى النازيين أصبحت الآن تحدث بكامل القوة في إسرائيل. منذ استئناف الحرب قتل في القطاع 1600 فلسطيني تقريبا. هذا حمام دماء وليس قتال. هذا يحدث ليس بعيدا عن بيوتنا على يد افضل أبنائنا. هذا يحدث امام صمت معظم الإسرائيليين ولامبالاتهم المرضية.

الحاصل على جائزة إسرائيل، اريئيل روبنشتاين، نشر في هذا الأسبوع مقال لاذع ولكنه مثير للتقدير (“هآرتس”، 22/4) شرح فيه لماذا لن يقف في هذه السنة عند اطلاق الصافرة. أنا اليوم ساقف ولكني سافكر بجدي وجدتي، لكن بالأساس سافكر بغزة.