
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس 18/6/2025
الانجاز العسكري نادر، لكنه لا يكفي، نحن بحاجة، الى انجاز سياسي بعيد المدى
بقلم: يائير غولان
توجد لحظات يجب فيها على الدولة التصميم على ما تريده. الهجوم الوقائي لاسرائيل على البنى التحتية النووية الايرانية هو لحظة كهذه. القرار صحيح، عملية معقدة، تنسيق استخباري من افضل ما عرفناه، قوة تكنولوجية توجد لدى دول قليلة في العالم. هذا انجاز عسكري نادر يجب تقديره، لكن هنا بالذات النقطة المهمة: هذا انجاز عسكري وليس سياسي. الآن عندما نافذة الفرص لضرب ايران واذرعها ما زالت مفتوحة فانه يجب علينا تمكين المنظومة الامنية بكل اجهزتها من مواصلة الضرب بقوة وبشكل مؤلم في ايران وتحقيق معظم الانجازات العسكرية. في موازاة ذلك هذا يحتاج من القيادة الاجابة على سؤال الجمهور الاسرائيلي الرئيسي: ما هو الهدف السياسي الذي نريد تحقيقه.
تعالوا نضع الحقيقة على الطاولة: اسرائيل لن تحتل ايران، لن تصفي نظام آيات الله، لن تحقق اتفاق استسلام. من يسعى الى ذلك سيجد نفسه بعد بضع سنوات امام ايران مهانة ولكنها مصممة، دولة سترمم البنى التحتية الموجودة في الحصون غير القابلة للاختراق، وتبني مشروع نووي ناجح ومحمي أكثر. المعرفة موجودة والتكنولوجيا معروفة والموارد متاحة – فقط التصميم والدافعية هي المطلوبة، وهي ستأتي.
مبادرة سياسية هي استمرار القتال بوسائل اخرى. في لحظة القوة، بالضبط في حينه، يجب فتح ثغرة لانجاز سياسي – امني بعيد المدى يجسد فيه مصالحنا. اسرائيل، في الوقت الذي تكون فيه متفوقة عسكريا، يمكنها ويجب عليها أن تكون هي التي تقود من وراء الكواليس آلية انهاء متفق عليها: اتفاق نووي جديد، افضل من الاتفاق الاصلي في 2015، لكنه يرتكز اليه. اتفاق يضمن رقابة متشددة اكثر وفترة زمنية اطول. ليس اتفاق اهانة، بل اتفاق ردع، شفافية وتفاهمات متبادلة.
تجربة الحرب بين ايران والعراق، وهي الحرب الدموية التي استمرت لثماني سنوات وكلفت الطرفين تقريبا مليون قتيل، تعلمنا أن نظام آيات الله لا يستسلم تحت الضغط، بل هو ينتظر الفرصة القادمة. ايران تضررت جدا، لكن النظام لم يسقط. بالعكس، هو ترسخ اكثر. الحرب اصبحت رمز لصمود الشعب الايراني. صدام حسين توقع انهيار سريع، لكنه حصل على مواجهة استنزاف اصابت بلاده بالفقر.
ايضا تاريخنا يجبرنا على التعلم. في 1967 سجلت اسرائيل انتصار عسكري مدهش، لكنها لم تترجمه الى عملية سياسية. وفي 1973 دفعنا ثمن تفويت الفرصة. فقط بعد حرب يوم الغفران جاء الاتفاق مع مصر، الذي اصبح المرساة الامنية الاكثر اهمية بالنسبة لاسرائيل منذ ذلك الحين. دروس الماضي واضحة: أي انتصار لا تتم ترجمته الى اتفاق فانه محكوم عليه بالتفكك في الحرب القادمة. لذلك وبالضبط الآن، حيث توجد لدينا قوة عسكرية مؤكدة، سنحت لنا فرصة تاريخية، مواصلة الضربة العسكرية وفي موازاة ذلك يجب علينا بلورة جبهة اقليمية من الدول المعتدلة – اسرائيل، امريكا، مصر، الاردن، السعودية والامارات – امام محور الشر الايراني. في هذا الواقع يوجد لاسرائيل دور رئيسي لاعادة تنظيم الشرق الاوسط، حيث لا تقوم فقط بالرد، بل ايضا تقود. هذه هي اللحظة التي فيها القوة العسكرية يجب ان تخلي مكانها لرؤية استراتيجية، لأنه فقط الرؤية الواضحة هي التي ستضمن أمننا، ليس لاسابيع قريبة قادمة، بل لسنوات قادمة.
من طهران الى رفح. بالتحديد الآن على خلفية النجاح يجب علينا طرح السؤال المؤلم اكثر: اذا كانت هذه هي قواتنا واذا كانت هذه هي قدراتنا الضخمة، فكيف يمكن أننا حتى الآن لم نحرر جميع المخطوفين، وحماس تستمر في الوجود في غزة. الجواب واضح: هذا ليس سؤال بشأن القوة العسكرية، بل سؤال يتعلق بقرار سياسي. ليست الاستراتيجية الامنية هي التي توجه العملية في غزة، بل سياسة الائتلاف. في الوقت الذي تشوش فيه الاعتبارات السياسية على الاولويات الامنية فان الانجازات العسكرية تتقلص، وتفوقنا يتلاشى.
الزعامة المسؤولة تعرف ان القوة العسكرية هي وسيلة وليس هدف. مهمة الزعامة ليست استخدام الانجازات من اجل موقف سياسي، بل تحويل القوة الى أمن واستقرار وانجاز عملياتي لتسوية اقليمية. فقط بهذه الطريقة يمكن ان نضمن مستقبلنا. ليس انتصار مؤقت بل انجاز بعيد المدى نكون فيه الدولة العظمى الاقوى في الشرق الاوسط.
——————————————
هآرتس 18/6/2025
مفهوم محور الشر
بقلم: جاكي خوري
خلال سنوات طورت اسرائيل، بواسطة الاعلام والامن، مفهوم “محور الشر”. تحدثوا عنه وكأنه وحش اقليمي موحد: ايران، سوريا، حزب الله، حماس، الحوثيون في اليمن، مليشيات شيعية في العراق، الذي جميعهم اعتبروا كتلة واحدة تحت مظلة “محور المقاومة”. بدون صلة بالتعريف والمصطلحات فان ذكر المحور تم عرضه دائما بتوتر، يبدأ بالردع الامني وينتهي بتحقيق مكاسب سياسية، كل طرف حسب مصالحه.
الآن، عند اندلاع الحرب الاولى غير المباشرة بين اسرائيل وايران، تفكك المحور امام أنظارنا في الوقت الحقيقي. اسرائيل قامت بمهاجمة طهران بشكل مباشر وعلني، ليس حسب اقوال مصادر اجنبية أو حسب تقارير. ايران، بتعليمات الزعيم الروحي علي خامنئي، ردت باطلاق الصواريخ والتصريحات والوعد بالانتقام. ولكن عندما نظرت حولها اكتشفت انها وحيدة.
الحوثيون في اليمن اكتفوا باطلاق رمزي. حزب الله بعد الضربات التي تعرض لها كانت له اعتبارات داخلية وحذر من فتح جبهة في لبنان. سوريا في ظل الشرع توجد تحت رعاية اردوغان وابن سلمان. العراق ممزق، وعن قطاع غزة لا يجب التحدث كثيرا. لا أحد من الشركاء في المحور سارع الى المشاركة في تحمل العبء الايراني.
هل تفاجأت ايران؟ يشك في ذلك. ربما أنها فهمت منذ زمن قواعد اللعب، وأن أي مفاوضات تحتاج الى ورقة قوية على الطاولة. روسيا، وبالتاكيد الصين، ليسوا حلفاء بالمعنى الامريكي – الاسرائيلي. فسلوكهم هناك بطيء ومحسوب اكثر، وهو يشمل ايضا مصالح يمكن ان تتصادم. يمكن الافتراض ان النظام عرف انه في لحظة الحقيقة هي لن تقف الى جانبه، وايضا الحلفاء الاقليميين. حزب الله في لبنان وحماس والجهاد الاسلامي في غزة شكلا في نظرها سوط يمكن بين حين وآخر ان تضرب به، ولكن عمليا، لا يشكل عامل ردع استراتيجي على المدى البعيد امام دولة لديها تفوق عسكري مثل اسرائيل والداعم الرئيسي لها الولايات المتحدة.
ربما هذا هو السبب الذي جعل ايران تعمل بشكل حثيث على تطوير المشروع النووي، ليس بالضرورة لـ “القضاء على اسرائيل”، مثلما تزعم دعاية اسرائيل مرارا وتكرارا، بل لضمان وجود النظام. بنظرة الى الوراء لن يكون من الخطأ القول إنه لم يكن هناك محور أو تحالف. كل الموضوع ظهر اكثر كوهم جيوسياسي استخدمته جميع الاطراف. النظام في ايران استخدمه لترسيخ مكانته وتمسكه بالسلطة، مع اختراع تعريفات مثل “الشيطان الاكبر” و”الشيطان الاصغر”. الولايات المتحدة واسرائيل ودول الخليج تمسكت به للتحذير من العملاق الشيعي. لقد قاموا بطرح رؤية تقول بانه يجب محاربة هذا المحور قبل أي شيء آخر، وبعد ذلك فقط التحدث عن كل ما تبقى. الدمقرطة في العالم العربي وحقوق الانسان والمواطن، الاصلاحات ومحاربة الفساد، وايضا التسوية السياسية مع الفلسطينيين، كل ذلك عانى من الاقصاء لأنه في المقام الاول يجب محاربة شر ايران. هذه الحرب جردت المفاهيم ومزقت القناع. هذا ليس حلف الناتو امام حلف وارسو، وليس الحرب الباردة. يبدو أن المحور كان بالاساس التقاء مصالح.
اوروبا بعد الحربين العالميتين ادركت ذلك وهي تحارب بكل طريقة، كي لا تعود الى هناك. الشرق الاوسط الان يوجد في مفترق تاريخي، ليس اقل من ذلك. وعند انتهاء المواجهة مع ايران فان الفلسطينيين سيبقون مرة اخرى المشكلة الاساسية في المنطقة. فقط الايام ستخبرنا اذا كان العالم سيعمل على حلها، ومحاولة ليس فقط ادارة النزاع، بل التوصل الى تسوية لحلها، أو أنه سيخترع مرة اخرى محور شر جديد يرافقنا لاجيال من اجل ضمان بقاء الزعماء والانظمة، ولتذهب الشعوب الى الجحيم.
——————————————
معاريف 18/6/2025
الهدف الحالي هزيمة ايران، نزع خيارها النووي واضعاف قدراتها على اشعال المنطقة
بقلم: نحمان شاي
كان نتنياهو في حالة نشوى في الـ 48 ساعة الأولى. الان حين جاء الى بات يام، إكفهر وجهه. فهو والجمهور كله رأوا الوجه الاخر للحرب. الحملة العسكرية، التي استعدت اليها إسرائيل على مدى نحو 30 سنة، خرجت الى حيز التنفيذ.
الساعات الأولى، الأيام الأولى تشير الى نجاح كبير والى إنجازات نادرة. ضمن أمور أخرى ضرب مواقع النووي، تصفية قادة كبار للجيش والحرس الثوري وبالطبع تحييد الدفاع الجوي وتدمير مخزونات الصواريخ، المُسيرات ومصانع انتاجها.
حتى هنا كل شيء طيب، والقلب يخفق لمن هم في البزات وفي غير البزات، ممن اظهروا التزاما، تمسكا بالهدف وابداعية. الرأس اليهودي اخترع لنا بالفعل ابتكارات، والمهم هو أن يسمحوا له بان يخلقها.
لكن أيام القتال حققت منذ الان نتائج مختلفة وفي اساسها الضربة في البيت، في جبهتنا الداخلية. وحتى عندما يكون كل شيء متوقعا ظاهرا والرد الإيراني يأتي بالفعل، تتراكم الإصابات في المعركة على البيت، والمفاجأة كبيرة وقاسية. “هذه ستكون حربا طويلة”، قال عن حق رئيس الوزراء فور بدئها، ورئيس الأركان زمير أضاف مساندا له: “هذه حرب تستند الى أسباب موضوعية ومهنية”، قال.
خلفية اقوال الرجلين واضحة ومفهومة. كلاهما، وليس فقط هما توقعا من الجمهور الإسرائيلي الممزق والمنقسم ان يتحد، حتى وان كان لزمن قصير، كما هو دارج في بداية الحرب، لكن بعد ذلك ينبغي الافتراض بانه سرعان ما تثور الأسئلة التي تطرح دوما. هل هذه بالفعل حرب خيار او حرب اللاخيار؟
هل يحاول نتنياهو انقاذ نفسه من ضائقة 7 أكتوبر ام ربما حقا كان الإيرانيون يوشكون على اختراق نووي وإسرائيل تدخلت في اللحظة الأخيرة، مثلما فعل في حينه في العراق وفي سوريا.
هذه أسئلة ذات صلة ولا يمكن تفاديها. بالعكس، يجب ذكرها ومواجهتها. الطريق الصحيح هو ليس فقط الإجابة بل والمواجهة أيضا. يجدر بنا مرة أخرى أن نذكر السنتين الأخيرتين اللتين مرتا على المجتمع في إسرائيل، بعضها في صراع جماهيري لم يكن له مثيل، وبعضها في حرب في غزة وفي جبهات أخرى الى جانب مواجهة اجتماعية – سياسية قاسية.
في ضوء الحماسة للابتكارات، الإبداعية والخيال لمن يقومون بالمهمة ينبغي فحص كم من الطاقة وظفها المجتمع الإسرائيلي في هاتين السنتين في شؤونه الداخلية وكم هو أهمل الامن ومن يحملونه على ظهرهم – الجيش، الشباك وحتى الموساد.
الى أن نزلت علينا 7 أكتوبر، وكشفت كيف اهملت إسرائيل شؤونها الأمنية. بدلا من رفع مستوى قدراتنا، تلك التي نالت الان الثناء من الكثيرين غرقنا في حروب أهلية مليئة بالكراهية والعداء. من جهة حكومة تحاول تحييد احدى سلطات الحكم ومن جهة أخرى مئات الاف الإسرائيليين الذين احتجوا على ذلك تظاهروا في عدد لا يحصى من المظاهرات وانطلقوا للدفاع عن إسرائيل الديمقراطية، دولة القانون والنظام.
هذه المواجهة لم تنتهي الان. هي فقط ازيحت للحظة صغيرة عن جدول الاعمال، وانتقل الاهتمام الجماهيري الى حرب ايران – إسرائيل الأولى. هكذا بالضبط حصل في أكتوبر – لزمن قصير هدأ الاحتجاج، وبالتوازي ابطأت الحكومة وتيرة التشريع. في إسرائيل ساد فهم بان “هذا ليس الوقت” لتشريع كدي يقسم الجمهور وبالتأكيد ليس في ذروة ضائقة وطنية على هذا القدر من الشدة.
الان، مع نشوب الحرب، يطرح السؤال ماذا سيكون في “اليوم التالي”، حين يعود الهدوء – وهو سيعود. هل مرة أخرى سنسمع عن المستشارة القانونية، مرة أخرى ستعود الى جدول الاعمال “الدولة العميقة”، مرة أخرى سيسعى رئيس الوزراء بان يتهم “الكابلانيين”؟ ام ربما، على سبيل التغيير نضع من خلفنا هذه الخلافات ونفهم انها ضارة ولا داعٍ لها؟ ليس فقط لزمن قصير بل بشكل عام.
هل سنتمكن، بعد أصوات الحرب، ان نعيد الى حياتنا بعضا من سواء العقل الذي نريده جميعنا ونؤمن به جميعنا؟ جميعنا (ليس بالضبط لكن كثيرين جدا).
كل شيء يعود الى رئيس الوزراء. الان، بينما هو يعيش لحظاته العظمى، هو ملزم بان يعلن من طرف واحد بان من ناحيته “انتهى الانقلاب النظامي”، استنفد نفسه.
في هذه اللحظة لا يوجد الا هدف واحد، هدف اعلى: هزيمة ايران، نزع الخيار النووي منها واضعاف قدراتها على اشعال الحرائق في الشرق الاوسط وفي إسرائيل. هكذا فقط تتحد الجبهة الداخلية ويبدأ المجتمع الإسرائيلي مسيرة الشفاء.
لهذا الغرض يتعين على رئيس الوزراء ان يعود ليراجع كتابات تشرشل الذي درج على ان يقرأها في ساعات فراغه. هو سيتعلم كيف اتحدت بريطانيا في صراعها ضد العدو النازي وكيف تحقق بالفعل وعد تشرشل بـ “الدم، العرق والدموع”.
——————————————
إسرائيل اليوم 18/6/2025
التحدي: الإبقاء على التفوق الاسرائيلي
بقلم: يوسي كوبرفاسر
حملة شعب كاللبؤة تؤدي مرة أخرى الى استنتاج عظيم الأهمية لمفهوم الامن الإسرائيلي – في كل ما يتعلق بالاعمال الهجومية عليها ان تعتمد على نفسها فقط.
صحيح ان بينها وبين الولايات المتحدة علاقات خاصة، حيوية للدفاع عن أمنها، لكنها لا يمكنها أن تفترض بان تأخذ الولايات المتحدة على عاتقها، فضلا عن المساعدة المباركة في الدفاع وفي توريد السلاح والمعلومات الاستخبارية ان تعالج هجوميا أيضا تهديدات على إسرائيل، حتى عندما يدور الحديث عن تهديدات استراتيجية، معقدة وبعيدة. هكذا كانت الأمور في احباط المفاعلين في العراق (1981) وفي سوريا (2007) ويبدو أن الوضع مشابه أيضا عند الحديث عن منشأة التخصيب التي بنتها ايران في باطن الأرض في فوردو، وبقي موقعا يمكن لإيران فيه أن تخصب اليورانيوم الى مستوي يسمح بإنتاج سلاح نووي.
ما هو مفعم بالمفارقة على نحو خاص في الحالة الراهنة هي ان القنبلة الثقيلة الخارقة للتحصينات التي طورتها الولايات المتحدة في 2012 وخصيصا كي تدمر فوردو والتي لا يمكن ان تحملها الا طائرة القصف الامريكية “بي 2” انتجت أيضا كي تقنع إسرائيل بالامتناع عن الهجوم عشية الانتخابات التي ضمنت للرئيس في حينه باراك أوباما ولاية إضافية.
لماذا امتنعت الولايات المتحدة وهي القوة العظمى الكبرى عن مواجهة مع ايران بينما إسرائيل، ذات القدرات المحدودة نسبيا، مصممة على أن تعمل حتى في ظل دفع ثمن اليم بل وتفعل هذا بنجاح مبهر، فيما تستخدم الكثير من السلاح الأمريكي؟
هذا السؤال يحتدم في ضوء فهم الإدارة الامريكية بان منع التزود الإيراني بسلاح نووي هو مصلحة أمريكية تكاد تكون بالقدر ذاته الذي هو فيه مصلحة إسرائيلية. لقد عاد الرئيس ترامب وقرر بان الولايات المتحدة ملتزمة في الا يكون لإيران سلاح نووي، وضمنا الا تكون لها القدرة على تخصيب اليورانيوم. يبدو ان الأسباب المركزية لذلك هي الجدال الداخلي في الولايات المتحدة بين معارضي التدخل والمؤيدين له، التخوف من اتساع الحرب الى حقول النفط في الخليج، مما من شأنه أن يؤدي الى ارتفاع أسعار ومس بحلفاء الولايات المتحدة والتفضيل الواضح للرئيس الأمريكي لانهاء الحرب من خلال الحل الدبلوماسي. ولهذا فان الرئيس ترامب يواصل التردد، يبقي كل الإمكانيات مفتوحة ويعد القوة سواء لحالة أن يقرر العمل ام كي يشدد الضغط على آيات الله لقبول الصفقة المعروضة.
في الماضي، اعتقدت إسرائيل بانها يمكنها أن تعتمد على الولايات المتحدة لتحييد تهديدات بعيدة. كان يفترض بإسرائيل ان تتصدى لتهديدات من الدائرة الأولى (أساسا مصر وسوريا) فيما أن معالجة التهديدات من الدائرة الثانية (العراق) والثالثة (ايران) كان يفترض ان تكون بمسؤولية الولايات المتحدة. هذه الفكرة لم تنجح في الماضي وبلغت منتهاها في المعركة الحالية (الحوثيين مثلا)، حتى وان هاجمت الولايات المتحدة ايران في نهاية الامر. عمليا، اقامت إسرائيل في ايران واقعا يشبه ذاك الذي اضطرت لان تقيمه في لبنان، أي خلقت تفوقا جويا يسمح لها بان تمنع بقواها الذاتية نشوء تهديدات على امنها في ظل اغلاق دوائر استخبارية هجومية في الزمن الحقيقي. التحدي الجديد هو كيف تبقي هذا الواقع على مدى الزمن.
——————————————-
هآرتس 18/6/2025
في الطريق الى قصف فوردو، اعتماد اسرائيل على الولايات المتحدة يصل ذروة جديدة
بقلم: ألوف بن
حرب 7 اكتوبر عمقت اعتماد اسرائيل على الدعم الامريكي، الدبلوماسي، الاقتصادي والامني. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يمكنه مواصلة هذه الحرب للاسبوع الواحد وعشرين، ويواصل قتل عشرات آلاف الفلسطينيين، وتدمير غزة وتهديد سكانها بالطرد، واحتلال اراضي من سوريا ولبنان اعتمادا على الفيتو الامريكي في مجلس الامن، الذي يمنع مسبقا أي محاولة للامم المتحدة لفرض على اسرائيل وقف اطلاق النار أو الانسحاب. الجيش الاسرائيلي يمكنه المحاربة ومخازنه مليئة بمنظومات السلاح من انتاج امريكي، بتمويل ميزانيات المساعدات التي تعاظمت. الدفاع عن سماء اسرائيل من الصواريخ والمسيرات يعتمد على منظومات الكشف والانذار والتنسيق العملياتي الذي تديره قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الامريكي (السنتكوم).
حتى يوم الجمعة الماضي، الدعم الامريكي كان فقط دفاعيا. شن الحرب ضد ايران يشكل ذروة جديدة في اعتماد اسرائيل على الولايات المتحدة. للمرة الاولى في تاريخها فان اسرائيل تطلب أن تشارك قوات امريكية الى جانبها حتى في القتال الهجومي ومساعدتها على قصف منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم. حسب اقوال الخبراء فان تدمير هذه المنشأة بواسطة القصف يتجاوز القدرة التكنولوجية لسلاح الجو الاسرائيلي، لأن ذلك يحتاج الى استخدام قنبلة ثقيلة “تخترق الحصون”. هذه القنبلة يمكن القاءها فقط بواسطة قاذفة النخبة المتملصة بي2 الموجودة في الاستخدام الحصري لسلاح الجو الامريكي. ايضا هم ايضا بحاجة الى عدة طلعات لتدمير المنشأة المحصنة المخبأة تحت سلسلة جبلية.
الرئيس الامريكي دونالد ترامب سيبت في الايام القريبة القادمة اذا كان سيرسل القاذفات الى فوردو. في ظل غياب دفاعات جوية ايرانية فان المهمة غير معقدة بشكل خاص. وحسب ما نشر في وسائل الاعلام الامريكية فان هذه العملية تم التدرب عليها في السابق. المنشأة في الاصل لا يمكن أن تهرب، ومشغلوها حصلوا على ما يكفي من الانذار من اجل اطفاء الاجهزة وتهريب العاملين. تردد ترامب ينبع من الخطر السياسي وليس العسكري. فاعلان الحرب على دولة عظمى اقليمية، التي يمكن أن تشوش تزويد النفط العالمي، وجر امريكا الى تورط ثالث في الشرق الاوسط بعد الحرب في افغانستان والعراق، جيران ايران.
ترامب تم انتخابه مرتين في ظل وعده بعدم الانجرار الى حروب زائدة، وهذا هو ايضا موقف الجناح الايديولوجي في حزبه. في المقابل، الجمهوريون الذين يؤيدون نتنياهو والذين يعبرون في صحيفة “وول ستريت جورنال” عن رأيهم وفي الموقع المحافظ “بري بريس” يقفون ويطلبون من الرئيس انهاء العمل الذي بدأ فيه الجيش الاسرائيلي وارسال بي2 الى فوردو.
الرسالة المفهومة ضمنا في الاعلام الاسرائيلي واضحة. فالرئيس الامريكي فرنكلين روزفلت رفض قصف القطار الذاهب الى اوشفيتس في 1944، وترامب يمكنه تشغيل “اوشفيتس جديدة” في فوردو اذا لم يعمل بكل القوة الآن. نتنياهو يصف ويشبه منذ سنوات المشروع النووي الايراني بأنه نسخة حديثة لمعسكرات الموت النازية. في الفترة الاخيرة هو يحذر من مثل هذه التصريحات، لكن يمكن التقدير بأن خطة حرب نتنياهو ورئيس الاركان ايال زمير تعتمد على “قدم تقوم بالانهاء”، التي ستقلع من امريكا وتدمر المنشأة النووية الموجودة على سفح الجبل. اذا بقيت فوردو سليمة فان ايران يمكنها ترميم المشروع النووي بسرعة كبيرة جدا.
في عملية “كديش” في 1956 وضعت فرنسا اسراب حربية في اسرائيل من اجل الدفاع عن سمائها من سلاح الجو المصري. الولايات المتحدة كررت هذا النموذج في نشر بطاريات الباتريوت في حرب الخليج في 1991 امام صواريخ السكاد العراقية، وفي كل الازمات التي اندلعت منذ ذلك الحين. الآن يوجد في جبل كيرن الموجود في النقب رادار بعيد المدى للجيش الامريكي، الذي يكشف الصواريخ التي تهاجم من ايران. وفي مواقع اخرى في اسرائيل تنتشر بطاريات ثائد. عندما هاجمت ايران بالصواريخ والمسيرات اسرائيل مرتين في السنة الماضية، ومرة اخرى في الحرب الحالية، فان الطائرات والسفن التابعة للولايات المتحدة وحلفاء آخرين شاركت في الاعتراض. هذا التعاون سجل ايضا امام الحوثيين في اليمن.
لكن حتى الآن امتنعت اسرائيل عن الطلب من الامريكيين المحاربة الى جانبها ومن اجلها. بناء على ذلك فان زعماءها وقادة جيشها عادوا وقالوا انهم لن يعرضوا للخطر الجنود الامريكيين، خلافا لحلفاء آخرين للولايات المتحدة. المساعدات الامنية الضخمة لاسرائيل تم تبريرها بذريعة ان الجيش الاسرائيلي هو “حاملة الطائرات البرية” للولايات المتحدة في الشرق الاوسط، وهي البديل لانتشار دائم للقوات الامريكية مثلما في المانيا، كوريا الجنوبية، اليابان والسعودية.
هذا المبدأ تم تحطيمه الآن، وللمرة الاولى تم تثبيت السابقة التي تقول بأن اسرائيل تطالب بأن يحارب الطيارون الامريكيون جنبا الى جنب مع رجال تومر بار، قائد سلاح الجو. وحتى لو لم يتم قصف المنشأة في فوردو في نهاية المطاف فان ايران ستخضع وتفككها بنفسها، أو أن الجيش الاسرائيلي سيجد طريقة اخرى لقصفها – الطابو على طلب المساعدة الامنية تحطم، الطلب بأن تقوم امريكا بقصف فوردو يدل على ان هناك مهمات اكبر من مقاس الجيش الاسرائيلي.
——————————————
هآرتس 18/6/2025
الرهان ينجح حاليا وعلينا الان أن ننسحب في الوقت المناسب
بقلم: رفيت هيخت
في الواقع من السابق لاوانه تحديد ذلك، لكن يمكن بالفعل التقدير بحذر كبير ان رهان بنيامين نتنياهو الكبير قد نجح. علامات استفهام كثيرة ما زالت موجودة في الهواء، على رأسها درجة استعداد دونالد ترامب للانضمام الى الهجوم ضد ايران، “ووضع القدم التي تنهي”، الضرورية للمس الشديد بالمشروع النووي الايراني، الهدف الاصلي للعملية. لكن سواء بالدبلوماسية أو بعملية عسكرية امريكية، فان فرصة اضعاف المشروع النووي الايراني، والاكثر اهمية قمع مستوى العدوان الاقليمي لنظام آيات الله، ازدادت بدرجة كبيرة.
مهما كانت مبررات نتنياهو، سواء القذرة أو الدفاع على البقاء أو كلاهما معا، فان الضربة المؤلمة التي تعرضت لها الجمهورية الاسلامية الايرانية، الكيان الذي ينشر الشر والعنف والقمع والفتنة، تعتبر حدث تاريخي قد يزيل عبء ثقيل عن اسرائيل. هذا حدث يجب على كل اسرائيلي، مهما كان توجهه، مباركته. صحيح أن الاخطار كانت كبيرة، وكان هناك مجال للانتقاد، لكن عدالة هذه الخطوة لا تقل عن ذلك. عالم مع ايران خمينية ضعيفة وخاضعة هو عالم اكثر أمنا، أو على الاقل مع امكانية كامنة اكبر ليكون هكذا.
صحيح انه حتى كتابة هذه السطور فانهم في الحكومة يقدرون أنه يحتمل جدا انضمام ترامب للحرب. بالنسبة لهم من المنطقي أن يرغب في الانضمام الى جانب المنتصر بشروط فاخرة – الانضمام بعد ان قام شخص بانجاز العمل من اجله. بالنسبة لترامب ونتنياهو فان الحديث يدور عن اغلاق دائرة بعد ان غضب الرئيس الامريكي من رئيس الحكومة الذي لم يذهب معه الى عملية تصفية قاسم سليماني في 2020. ولكن سلوك ترامب لا يمكن أن يتنبأ به أحد، سواء نتنياهو أو المحللين. ربما مجرد نشر هذا التقدير هو اداة ضغط اخرى على الايرانيين قبل التفاوض معهم، مع صياغة تسوية تلطف اهانتهم.
اضافة الى الاعتراف بالانجاز الكبير في ايران، يجب التحذير من تدهور خطير نحو الغطرسة والادمان على النشوة الذي اصبح موجود الآن. محظور الذهاب بعيدا عن الهدف الاصلي والتورط في محاولة تحقيق اهداف عبثية مثل استبدال النظام بضغط من الخارج، وهو السيناريو الذي تاريخيا، بالضبط مثل اخضاع منظمة ارهابية ومنظمة عصابات على اراضيها، ستكون احتماليته ضعيفة. محظور مواصلة هذه الحرب اكثر من بضعة ايام كي لا نتورط في اخطاء هناك وفي كارثة ثقيلة هنا. محظور اهانة ودفع الايرانيين اكثر من اللازم الى عمليات يائسة انتحارية. من المهم التأكيد على هذه الامور على خلفية النشوة السائدة في اليمين، وايضا على خلفية ميل نتنياهو للقيام بامور غبية، بالذات عندما يشعر بالقوة بشكل شخصي.
يوجد خطر داخلي آخر من اليوم التالي. فنتنياهو وحكومته سيشعرون أنهم محصنين وأقوى من أي وقت مضى، وأنه يمكنهم الاندفاع الى الامام مع استمرار الانقلاب النظامي.
نتنياهو يعرف جيدا انه بدون الطيارين الذين ارسلهم بعض الوزراء الى الجحيم، وبدون جهاز الامن الذي يتهمه دائما بمؤامرة انقلابية ضده، وبدون رئيس الاركان الذي وبحق قبل العملية تعرض لانتقاد الكهانيين، وبدون رئيس الاركان السابق الذي اراد القاء عليه المسؤولية عن المذبحة، ووزير الدفاع الذي اقاله، لم يكن نتنياهو لينجح في اخراج نفسه من البئر العميقة التي تتمثل بـ 7 اكتوبر، وتسجيل الانجازات التي سجلها امام حزب الله وحماس. حتى لو ظهر أن ما نقوله ساذج، فانه من اجل الحفاظ على النجاح الذي يلوح في الافق وتثبيته فقد حان الوقت للاعتراف بالاعتماد المتبادل، ووقف المبادرة الى العداء والتشاجر.
الموضوع السائد في الساحة السياسية هو أن نتنياهو سيحقق مكاسب سياسية كثيرة. البعض يستهزئون من قادة المعارضة ويقولون بأنهم مسرورون من عجزهم عن حل الكنيست وتبكير موعد الانتخابات. في ظل الوضع المضطرب في السنوات الاخيرة من يتذكر أننا قبل ستة ايام كنا نتعامل مع الحاخام مغور والحاخامات الليطائيين ويولي ادلشتاين؟. يصعب التكهن كيف سيصل نتنياهو الى الانتخابات. وربما ايضا لا توجد حاجة الى ذلك. في هذه الاثناء يجب التركيز على الخروج الآمن.
——————————————
معاريف 18/6/2025
إسرائيل التي بدأت الحرب هي المسؤولة عن انهائها
بقلم: ران ادليست
السؤال هو كيف وصلنا الى وضع يقدم فيه الجيش الإسرائيلي الى المستوى السياسي نصرا يمكنه أن يصل به الى تسوية، والمستوى السياسي، أي الحزبي، يواصل نحو “نصر مطلق” بمستوى توراتي، وضمن أمور أخرى يدعو سكان طهران الى الرحيل عن المدينة. لماذا؟ لانه يخيل لنا أننا قادرون.
وصلنا الى هذا الوضع بسهولة. في البداية طبعنا الفساد، بعد ذلك طبعنا الحرب. اليوم، في اعقاب ضعضعة النظام في ايران في إثر اعمال الجيش الإسرائيلي ارتبط جامع الحظوات نتنياهو بجامع الحظوات من البيت الأبيض ويلعب هذان دور المفكرين الاستراتيجيين اللذين يعملان على تغيير النظام من خلال قصف مؤسسات حكم تستولي عليها “قواتنا”. ليس لدي أي فكرة اذا كان لهذه الخطة أي احتمال. الواضح هو أن الحديث يدور عن وصفة لحرب أهلية هي نتيجة بشعة لحملة عسكرية ناجحة بحد ذاتها. إسرائيل لم يسبق ان نجحت ابدا في أن تغرس حكما خاصا بها في أراضي عدو وفي دول عدو.
هذه الخطوة المنفلتة تتحرك بالتوازي مع رشقات ثابتة من الصواريخ الباليستية. ليس لدي أي فكرة كيف رد سلاح الجو ويرد على هذا التحدي. لكن الوضع على الأرض رهيب. فلا تساوي أي قنبلة على مسافة 2300 كيلو متر في طيز النبي يوما من الصواريخ الفتاكة. وماذا تفعل الحكومة امام مشاهد الشارع والتفكك لطهران؟ تلقي للجمهور المنفعل بجماجم “الكبار”. وعندها، حين تكون تصفية الكبار هي هدف الحرب، يتحول القتال نفسه من حرب على أمن إسرائيل الى حرب عصابات يدنا فيها هي العليا. كم اعمى وغبي للمرء أن يكون كي يفرح بـ رواق عمل حر” لسلاح الجو في سماء طهران، دون تعاون قتالي مع الولايات المتحدة او تسويتهم مع الإيرانيين.
في 13 حزيران، بعد أن رتب سلاح الجو لنفسه رخصة لان يتحول بحرية في سماء ايران، وبعد ان تبين بان نظام آيات الله، ككل نظام دكتاتوري مقيت، ينهار في داخل نفسه، نشرت تغريدة بهذا النص: “اذا خرجنا “بثمن زهيد” من ناحية الاضرار بالارواح والممتلكات، سيكون ممكنا ان نحزن أيضا عليهم وعلى الدولة الليبرالية الديمقراطية أيضا. كهانا وبيبي انتصرا. حتى لو كانت الاثمان لا تطاق، والديمقراطية ستدحر بسبب حالة الطوارئ، ليس لطيفا، لكن هذا هو الموجود”.
هذا هو الوضع في هذه الأيام وبانتظار الخطوة الامريكية – الإيرانية التالية. فرضية عمل الحكومة هي ان رشقتنا وبعدها رشقتهم هما قدر سيتواصل “لاسابيع”. يجدر بنا أن نتذكر بان من بدأ الحرب في ايران بمستوى حرب شاملة هي حكومة إسرائيل. ومثلما يبدو هذا اليوم، فانها هي المسؤولة عن انهائها حتى من طرف واحد. ولما كان حقا لا توجد لنا حكومة بل عصبة أصفار، ينبغي أن نطالب بوقف القتال من واحد يقف امام الاصفار. ليس فقط بسبب التورط بصواريخ إشكالية بل بسبب أن هذه الدولة ببساطة تتفكك.
——————————————
هآرتس 18/6/2025.
“وتترفهون بأموالنا”.. إسرائيليون لقادتهم: لم نولد لنعيش في الملاجئ
بقلم: أفنر برنهايمر
سقط صاروخ قرب بيتنا ودمر مباني سكنية ومحلات تجارية ومقاهي وممتلكات. المبنى الذي نعيش فيه لم يتضرر. لأن هذا حي مختلط، وفي أوساط السكان أشخاص يرددون المزامير، إضافة إلى مغني الأوبرا، أو كلاهما معاً، سنوفر عليكم النقاش الممتع حول ما إذا كانت هذه معجزة أم مجرد حظ. كان هناك أمر واحد مؤكد مشترك بيننا جميعاً، وهو الخوف في الملجأ المشترك عندما سمعنا الاعتراضات، وسمعنا الصاروخ وهو يقترب منا، وسمعنا صداه وهو يزيل الغطاء الحديدي عن مخرج الطوارئ فقط وضربه مرة أخرى على بئر الإسمنت بضجة كبيرة. قلوبنا سقطت. البعض بكوا وآخرون احتضنوا الأطفال، وآخرون ارتجفوا وصرخوا خوفاً، كان هناك خمسة أشخاص كالأسود في هذا الحدث. كان هناك أمر واحد مؤكد، وهو أن لا أحد منا، بما في ذلك الشباب الذين يحملون السلاح، شعر في تلك اللحظة بالخوف لأننا “شعب كالأسد”.
اسم العملية الحالية لم يتم اختياره بالصدفة. كلما كان الجمهور أكثر تعباً ويأساً، تتسع موضة القبعة المنسوجة والأهداب. منصات وضع الوشاح الديني تزداد، وأسماء العمليات أصبح مبالغاً فيها. في العمليات المستقبلية، من يعرف، ربما حتى حرب ضد كل العالم غير اليهودي، أتوقع أن نرتفع درجة في الاسم إلى “شعب كالفولاذ” و”شعب من الأبطال”، وحتى العملية الأخيرة التي ستسمى “شعب إسرائيل حي”، حيث أصبحنا في الحقيقة أمواتاً. أسماء العمليات تريد رسم الوعي الذي يدوي في الأستوديوهات من قبل المتحدثين الحكوميين والعسكريين الذين يخرجون عن أطوارهم في الإشادة بنا، نحن الجمهور، بسبب الصمود في الحرب الخالدة ضد الأعداء، على أمل أننا سنصدق ذلك في نهاية المطاف.
لا أصدق ذلك. أنا محسوب على هذا الجزء من الجمهور الذي يريد التوقف للتحدث معه بلسان لين، ومستوعب ومتعال، ويفترض أننا نقبل بهذا الوضع السيئ ونقف خلفه، لأننا لسنا كذلك. أنا جزء من جمهور واسع لا يصاب بالنشوة من الانتصاب الوطني، بل شموخه شخصي جداً. أنا جزء من جمهور واسع لا يصاب بالنشوة من الحرب ولا يرقص على الدماء، سواء دماء التضحية الذاتية أو دماء الضحايا. أنا جزء من الجمهور الذي لا يزرع في نفسه شعارات دونية عن الحيوانات، ما العيب في “شعب كالأسد”؟ أليس هذا مبتذلاً بما فيه الكفاية؟ أليس هذا توراتياً بما فيه الكفاية؟ بالمناسبة، أنا من الذين يتذكرون ما حدث لطائرة “هلافي” (الأسد)، الفخر الوطني المبالغ فيه بطائرة قتالية إسرائيلية، ويتذكرون انهيار المشروع المتهور. آمل ألا يندفع “شعب كالأسد” نحو المصير نفسه.
الجمهور الذي أشعر معه وكأنني في البيت يمقت الغطرسة اليهودية والشعور بتفوق اليهود وكل ما يحدث هنا الآن. هذا الجمهور لم يختر الحياة التي يحاول أعضاء الحكومة الحالية تطبيعها كوضع وجودي مقبول ومسلم به. هذا الجمهور لا يريد تربية أولاده في أجواء الكراهية والتحريض، سواء تجاه الداخل أو الخارج. هذا الجمهور لا يريد تقبل واقع ومستقبل حرب أبدية. هذا الجمهور لا يريد أن يتم قصف وإحراق بيوته وبيوت عائلته وأصدقائه وجيرانه، أو حتى أن تهتز قليلاً. هذا الجمهور لا يريد قتلى أو جرحى أو عالقين ومصابين بالخوف. وهو لا يريد بكاء الأطفال في الملاجئ، لا يريدهم بعد ذلك كجنود مصابين بالصدمة. لا يريد الثناء من أي ضابط أو سياسي على “صمود الجبهة الداخلية”. بشكل عام، سنكون مسرورين لو أنهم لا يسموننا “الجبهة الداخلية”. اعملوا لنا معروفاً ولا تشيدوا بنا على أي شيء. ببساطة، قوموا بعملكم كأشخاص يكسبون رزقهم من أموال الضرائب المجنونة التي ندفعها.
لا نريد أي شيء باستثناء المفهوم ضمناً، نحن نريد المقاهي مفتوحة، والبارات تعمل، والمطاعم والنوادي والمناسبات والمتاحف تعمل أيضاً. نريد مواصلات عامة تعمل. ونريد سماء مفتوحة، نريد كل شركات الطيران أن تطير إلى هنا. نريد أن يتعلم أولادنا في جهاز تعليم يحصل فيه معلمون على رواتب معقولة. نريد حرية أكاديمية في الجامعات ومعاهد الأبحاث مع ميزانيات كبيرة وعلاقات دولية. نريد وسائل إعلام حرة، وجهاز صحة يعمل. نريد كسب الرزق بكرامة. نريد العيش بدون غلاء. نريد أسبوع الفخر، أسبوع الكتاب، نريد أن يكون النادي مفتوحاً مع غرفة التمارين والبركة والدورات الغريبة جداً مثل التطبيل على اليقطين.
أعتقد أن الجمهور الذي أنا جزء منه، لا يختلف عن جمهور واسع في إيران الذين يريد بالتأكيد نفس الشيء، ترك مجموعة الجهاديين، المسلمين واليهود، التي سيطرت على الحكم في الدولتين (في الحالتين بفضل الطريقة الديمقراطية التي ترفض الدفاع عن نفسها)، ترك الحياة العامة وتركنا بهدوء. نريد سياسيين يعرفون أنهم “يخدمون الجمهور” لا نريد أشخاصاً يخدمهم الجمهور. نريد وقف إطلاق النار. نريد اتفاقات سلام نزيهة تصمد لسنوات. نريد عودة المخطوفين وعودة حياتنا ثانية. شكراً.
——————————————
يديعوت أحرونوت 18/6/2025
“ستدخل التاريخ من فوردو”.. سيدي الرئيس ترامب: فرصتك لتكون مع روزفلت
بقلم: شمعون شيفر
من النهاية: بدون تدخل الولايات المتحدة، لن تصل الحرب مع إيران إلى خط النهاية الذي يبرر انقضاضنا على نظام آية الله والأثمان التي يدفعها مواطنو إسرائيل بحياتهم وبممتلكاتهم.
أمس، تزايدت المؤشرات على أن ترامب يساند بتغريداته، التي تبدو أحياناً هاذية بعض الشيء. أما الآن، بصفته القائد الأعلى للجيش الأمريكي، يبدو أنه يتحدث بجدية. طائرات الشحن بالوقود وطائرات “بي “2 الجبارة التي تشق طريقها إلى منطقتنا قد تغير وجه الشرق الأوسط إذا ما استخدمت ضد منشأة فوردو النووية التي تخبئ في باطن أرض الجبل الأجزاء الأهم من البرنامج النووي الإيراني. حتى الآن، كان ثلاثة رؤساء أمريكيين – بوش الابن، أوباما وبايدن – رفضوا تسليم إسرائيل القنابل القادرة على الاختراق إلى عمق مئات الأمتار في الأرض. لعل ترامب يصنع التاريخ ويغير اتجاه التاريخ.
هذا ممكن: نتعلم من الماضي بأن أمريكا تعرف كيف تنضم إلى حروب تبدو عديمة الاحتمال حيال خصوم لا يهزمون. هكذا كان في 7 كانون الأول 1941. كان وينستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا في حينه، في غرفة الطعام في منزله القروي شيكرز، حين دخل إليه مساعده الشخصي وهمس في أذنه: نشرت الـ “بي.بي.سي” نبأ عن هجوم ياباني ضد قاعدة الأسطول الأمريكي في بيرل هاربر. استمع تشرشل إلى الإذاعة، ثم قفز من مكانه. هذه هي اللحظة التي انتظرها الزعيم البريطاني، بعد تلبث استمر سنتين من جانب الولايات المتحدة، التي رفضت الانضمام إلى الحرب ضد ألمانيا النازية. تحدث هاتفياً مع الرئيس الأمريكي فرانكلين ديلانو روزفلت، الذي قال له: “كلنا في القارب ذاته. غداً سأتوجه إلى الكونغرس وأعلن الحرب على اليابان”. ابتسم تشرشل، والتتمة معروفة.
سيدي الرئيس ترامب، هذه فرصتك للدخول إلى كتب التاريخ، إلى جانب روزفلت. صحيح أنك وصلت إلى البيت الأبيض بنية إنهاء الحروب وعدم المشاركة في حروب آخرين لا تخدم المصالح الأمريكية، وصحيح أن سلوكك في الأشهر الأولى من ولايتك مليئة بالتغريدات الحماسية التي لا تسندها أفعال، لكن بقدر ما تتعلق الأمور بنا، بدولة إسرائيل، فإنك تمنحنا وسائل الدفاع التي تتعاظم. الآن، هذا زمنك، سيدي الرئيس، لإصدار أمر الهجوم على فوردو، وتساعدنا في عملنا القذر من أجل باقي العالم، مثلما قال المستشار الألماني ميرتس. هذا زمنك لقيادة التحالف، فيما تقف من خلفك دول أوروبا لتنهي المشروع النووي الإيراني، وتجبر آية الله على التوصل إلى اتفاق لا يسمح باستئنافه.
لن نتوقع أن يقود ترامب تغيير النظام في إيران، وهنا أيضاً قد نتعلم درساً من التاريخ: عندما تدخلت الولايات المتحدة وبريطانيا في 1953 وساعدتا في إسقاط رئيس وزراء إيران المنتخب محمد مُصدق، بدأتا بدحرجة كرة ثلج أطيح في نهايتها بالشاه في 1979 وصعد الخميني إلى الحكم. المعركة الحالية ينبغي أن ينهيها لترامب. عليه أن يمسك بالخيوط ويساعدنا بعدم الانجرار إلى حرب استنزاف لن نصمد فيها.
سيدي الرئيس، هيا لإنقاذ العالم، هيا لإنقاذنا من إيران، هيا لإنقاذنا من أنفسنا.
——————————————
هآرتس 18/6/2025
إسرائيليون لنتنياهو: تركتنا لمصيرها.. نواجه الباليستي مكشوفين
بقلم: أسرة التحرير
ثمة فشل ذريع يختبئ من خلف الهجوم العسكري المبهر في إيران، وهو ترك الجبهة الداخلية في إسرائيل لمصيرها. يدور الحديث عن إخفاق معروف مسبقاً، ويتواصل منذ سنين. واضح أن عنصر المفاجأة قبع في أساس عملية الجيش الإسرائيلي العسكرية فجر الجمعة. وبالفعل، لا جدال في أنها لأجل لم تصدر للجمهور تعليمات مسبقة ولم يجرِ إعداد في الجبهة الداخلية خشية أن كشف أمر الحملة.
لكن عنصر المفاجأة في توقيت الهجوم لن يبرر غياب الاستعداد لتحصين الجبهة الداخلية وانعدام استعداد عموم المنظومات للحظة ضرب العدو للجبهة الداخلية. نتنياهو الذي على حد قوله يستعد لهذا الهجوم منذ الثمانينيات، لم يحرص على إعداد الجبهة الداخلية لرد إيراني، لا لأنه لم يفكر بضرر قد يلحق الجبهة الداخلية، ولكن السيناريو الذي أقره الكابنيت قبل الحملة نمّ عن استعداد لاحتمال 800 – 4000 قتيل إسرائيلي في الجبهة الداخلية.
إن الفجوة بين دقة الهجوم على إيران، بما في ذلك التركيز على الاغتيالات، وبين مواصلة الإهمال في العناية بالمدنيين في الجبهة الداخلية – تصرخ إلى الشمال. 23 مواطناً قتلوا حتى الآن، ومئات أصيبوا، وبيوت هدمت، وقائمة المخلين تتسع يوماً بعد يوم. لا يوجد شرح مرضٍ لحقيقة أن أكثر من مليوني إسرائيلي يعيشون بلا تحصين وفير، وأنه رغم أعداد الإخطارات والتوصيات المهنية على مدى السنين، لم تعمل حكومات إسرائيل وعلى رأسها نتنياهو على إصلاح الخلل.
ليس هناك ملاجئ عامة، وبخاصة ليس في بلدات عربية، والحديث يدور عن إهمال مؤسساتي ممنهج ومجرم. لكن حتى في تل أبيب لم يتكبدوا العناء حتى اللحظة الأخيرة في إعداد الملاجئ القائمة للاستخدام. وحتى المحطات التحت أرضية للقطار الخفيف لم تفتح في الوقت المناسب لأغراض التحصين. عنصر المفاجأة يشرح حقيقة أن 100 – 150 ألف إسرائيلي علقوا في الخارج عقب إغلاق مفاجئ للمجال الجوي، لكن لا عذر لانعدام الاستعداد لآثار إغلاق السماء. لم تتبلور أي خطط لإعادة المواطنين عبر البحر إلا بعد الفعل، في الوقت الذي تتراكم فيه الشحنات في أزمة آخذة في الاحتدام.
وليس هناك استعداد لدفع تعويضات عن الإضرار بالممتلكات والأعمال التجارية والحياة الخاصة لملايين المواطنين. لقد استعدت إسرائيل طوال سنين لضرب إيران من جمع معلومات وتدريبات وتطوير وسائل، منها في المستوى المدني؛ أي في كل ما يتعلق بتحصين الجبهة الداخلية، فإنها لم تستعد لنتائج الهجوم المضاد رغم أن حدوثه كان حتمياً.
في السطر الأخير، أمسك بإيران غير مستعدة، ولكن الجبهة الإسرائيلية الداخلية أمسك بها غير مستعدة أيضاً.
كان على حكومة إسرائيل إلى جانب عنصر المفاجأة ضد إيران، أن تتحمل مسؤولية لحماية مواطنيها من خلال تحصين مناسب للجميع وتعويضهم إذا ما لحق ضرر بممتلكاتهم.
إن دولة تعرف كيف تهاجم في طهران، ملزمة بأن تعرف كيف تحمي “تل أبيب”، وحيفا، وأم الفحم، و”سديروت”.
——————————————
هآرتس
نتنياهو يقامر بمستقبل إسرائيل
الخروج إلى الحرب مع إيران دون التزام أميركي:
بقلم: رفيف دروكر
صحيح أن الإنجاز كان مذهلاً، وكان الإيرانيون مقتنعين برواية خاطئة، وكانت الضربات التي نفّذها الجيش و»الموساد» فعلاً صعبة، لكن المقارنة بمفاجآت استراتيجية سابقة في التاريخ تُغفل تفاصيل مهمة.
فاجأ هتلر ستالين باجتياحه روسيا، وندم، وفاجأت اليابان أميركا في بيرل هاربر، ونذكر جميعاً كيف انتهى الأمر، وفاجأتنا «حماس» يوم 7 تشرين الأول، ويمكن أن نقدّر باحتمالات عالية أن هذا كان خطأً كبيراً.
تاريخياً، كان هناك أيضاً بعض المفاجآت التي انتهت بشكل أفضل، لكن في أكثر من حالة، عندما تقوم بإذلال قوة كبيرة، مثل الولايات المتحدة، أو روسيا، أو إسرائيل، أو إيران، فإنك تخلق لدى الطرف الآخر دافعاً قوياً جداً إلى إنهاء المسـألة بانتقام.
قام رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، برِهان غير عقلاني، إذ لا يُعقل أن يراهن رئيس حكومة على مصير دولته.
ولا تستطيع إسرائيل منع الإصابات الصعبة التي تُحققها الصواريخ الباليستية الإيرانية. وحالياً، لا ننجح في اعتراضها، كما تحاول رسائل الدعاية الادّعاء.
إن اقتصاد الصواريخ الاعتراضية يفرض علينا سلّم أولويات متوحشاً، وإيران تنجح في تحقيق إصابات دقيقة لم نشهدها سابقاً من أيّ عدو.
وفي المقابل، وبسبب ذلك، لا يفهم الجمهور الإسرائيلي الأثمان التي يدفعها وسيدفعها. نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» خبراً يشير إلى إصابة وزارة الدفاع الإسرائيلية «الكرياه»، وكان هناك أخبار تشير أيضاً إلى إصابة مصافي النفط ومعهد «وايزمان».
ينشر الجيش كثيراً من البيانات بشأن إصابة منصات إطلاق الصواريخ وقدرات إيران الصاروخية.
ويشكك الخبراء في قدرتنا على تنفيذ هذه المهمة في دولة تبلغ مساحتها 1,6 مليون كيلومتر مربع.
يمكن أن يستمر هذا الوضع أسابيع، وربما أكثر. والثمن الذي سندفعه من الأرواح والضرر بالاقتصاد والردع كبير جداً.
يمكن أن يكون دفع هذا الثمن لمصلحتنا من أجل التوصل إلى النتيجة التي عرضها نتنياهو في بدء الحملة: مسح البرنامج النووي الإيراني.
المشكلة أن هذه النتيجة مستحيلة، بحسب جميع الخبراء. ويعرف نتنياهو ذلك، وأيضاً مستشاره تساحي هنغبي اعترف بذلك.
يعرف نتنياهو أيضاً أن الهدف الثاني الذي عرضه غير واقعي. كنا نتمنى لو كان من الممكن سلب إيران قدرتها على صناعة الصواريخ وإطلاق الصواريخ الباليستية تجاه إسرائيل، لكن لا توجد طريقة عسكرية للقيام بذلك.
إن الهدف الحقيقي للحرب يتم إنكاره في الإحاطات الإعلامية التي يجريها المتحدثون باسم رئيس الحكومة: إسقاط النظام. هذا الهدف، من مصلحتنا أن ندفع الأثمان من أجله في هذه الحرب، وإذا استطاع نتنياهو تحقيقه فيستحق جميع الألقاب التي يُطلقها عليه أنصاره. لكن، بحسب المتخصصين بالشأن الإيراني، لا يوجد تقريباً أيّ احتمال لحدوث ذلك بسبب هجوم إسرائيلي. حتى إن أحد المتخصصين قال إنه يمكن أن نرى في إيران الآن «التفافاً حول العلم»، وستتوحد مراكز القوة التي لا تحب النظام حول الحاجة إلى كبح الهجوم الإسرائيلي.
هناك درجة أقل من هذه الأوهام، وهي أن تخرج إيران مضروبة، وأن يتخوف زعيمها من سقوط النظام، ويتوجه إلى توقيع اتفاق مع الولايات المتحدة ويوافق على عدم تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية، ويمكن أيضاً أن يوافق على وضع قيود على تصنيع الصواريخ الباليستية.
وعلى غرار أيّ اتفاق، فالمدة الزمنية التي يمكن أن يستغرقها ضبطه غير واضحة، لكن هذه النتيجة أيضاً لا تبرر الخروج إلى الحرب.
ومن أجل أن يتحقق هذا السيناريو، يجب أن تتدخل الولايات المتحدة بشكل فعال في الهجوم. لكن يبدو كأن الرئيس دونالد ترامب يبتعد عن تدخُّل كهذا.
إن خوض حرب دامية دون التزام أميركي هو دليل على عدم مسؤولية، ويمكن أن يقال عنه أيضاً إنه رهان خطِر على مصيرنا جميعاً.
حقيقة أن نتنياهو نجح في جرّ دولة كاملة إلى رهان خطِر إلى هذا الحد، من دون أن يكون هناك معارض واحد في أوساط متّخذي القرار، يوضح فقط إلى أيّ درجة سيطر حُكمه على رأس الهرم في إسرائيل خلال الأعوام الماضية.
—————–انتهت النشرة—————–