
المسار …
بطلب من إيران ورعاية من أعضاء المجلس الجزائر، والصين، وباكستان، بدأ مجلس الأمن الدولي الساعة الثالثة من بعد ظهر الأحد جلسة طارئة تحت بند “التهديدات التي تواجه السلم والأمن الدوليين” لبحث مسألة الإعتداءات الأمريكية على منشآت إيران النووية في فوردو وأصفهان ونطنز.
وقد كان أول المتحدثين الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الذي كان قد دعا قبل يومين، وفي هذه القاعة تحديدًا، نداءً مباشرًا قائلا: “امنحوا السلام فرصة”، لكن هذا النداء لم يُلتفت إليه وبدلًا من ذلك، “يمثل قصف الولايات المتحدة للمنشآت النووية الإيرانية منعطفًا خطيرًا في منطقةٍ تُعاني بالفعل منذ بداية الأزمة، أدنتُ مرارًا وتكرارًا أي تصعيد عسكري في الشرق الأوسط لا يُمكن لشعوب المنطقة تحمّل دوامة دمار أخرى ومع ذلك، نُخاطر الآن بالانزلاق إلى دوامةٍ من الانتقام تلو الآخر ولتجنب ذلك، يجب أن تنتصر الدبلوماسية. يجب حماية المدنيين. ويجب ضمان سلامة الملاحة البحرية ويجب أن نتحرك – فورًا وبحزم – لوقف القتال والعودة إلى مفاوضاتٍ جادةٍ ومستدامةٍ بشأن البرنامج النووي الإيراني”.
وقال الأمين العام: “نحن بحاجةٍ إلى حلٍّ موثوقٍ وشاملٍ وقابلٍ للتحقق – حلٍّ يُعيد الثقة – بما في ذلك إتاحة الوصول الكامل لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بصفتها السلطة الفنية للأمم المتحدة في هذا المجال. معاهدة حظر الانتشار النووي حجر الزاوية في السلام والأمن الدوليين يجب على إيران احترامه بالكامل”. وثال الأمين العام على جميع الدول الأعضاء التصرف وفقًا لالتزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي الأخرى، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي. وتقف الأمم المتحدة على أهبة الاستعداد لدعم أي جهدٍ، مهما كان، نحو حلٍّ سلمي. ولكن السلام لا يُفرض، بل يجب اختياره. وقال: “نحن نواجه خيارًا صعبًا أحد المسارين يؤدي إلى حربٍ أوسع، ومعاناةٍ إنسانيةٍ أعمق، وضررٍ جسيمٍ بالنظام الدولي. والآخر يؤدي إلى خفض التصعيد، والدبلوماسية، والحوار. نحن نعرف أيُّ المسارين هو الصحيح. أحثُّ هذا المجلس – وجميع الدول الأعضاء – على التصرُّف بعقلانيةٍ وضبطٍ للنفس، وبسرعةٍ مُلِحّة. لا يُمكننا – ويجب ألا – نتخلى عن السلام”.
ميروسلاف يانتشا، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لأوروبا وآسيا الوسطى والأمريكتين، خاطب المجلس قائلا إن الأحداث الأخيرة يجب أن يُنظر إليها بأقصى درجات الجدية، وهي تمثل “تصعيدا خطيرا في صراعٍ دمر بالفعل العديد من الأرواح في كل من إسرائيل وإيران”. وقال وفقا لوزارة الصحة الإيرانية، قتل 430 شخصا وجرح أكثر من 3,500 آخرين جراء الضربات الإسرائيلية بحلول يوم أمس السبت، معظمهم من المدنيين، في جميع أنحاء إيران. فيما أشارت السلطات الإسرائيلية إلى مقتل 25 إسرائيليا وإصابة 1300 آخرين منذ بدء الاشتباكات مع إيران.
وحذر السيد يانتشا من أن الصراع يخاطر بإغراق المنطقة في مزيد من عدم الاستقرار والتقلب حيث حذرت بعض الجماعات المسلحة غير الحكومية المتحالفة مع إيران من التدخل الأمريكي، وعبر البرلمان الإيراني عن دعمه لإغلاق مضيق هرمز.
وقال لا يمكن للشرق الأوسط أن يتحمل صراعا عنيفا آخر يدفع فيه المدنيون ثمن المواجهات العسكرية، ولن ينجو العالم أيضا من تداعيات هذا الصراع الخطير. ودعا جميع الدول إلى الوفاء بالتزاماتها بتسوية نزاعاتها الدولية بالوسائل السلمية، والوفاء بالتزاماتها النووية. وأضاف لا حل عسكريا لهذا الصراع. نحن بحاجة إلى الدبلوماسية، وتهدئة التصعيد، وبناء الثقة الآن.
بدوره، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل ماريانو غروسي إن نظام منع الانتشار النووي – الذي شكّل أساس الأمن الدولي لأكثر من نصف قرن – على المحك. وأضاف أن هناك فرصة سانحة للدبلوماسية، محذرا من أنه في حال إغلاق هذه النافذة، قد يصل العنف والدمار إلى مستويات لا تُصدّق”. وأكد أن أي اتفاق سيتم التوصل إليه سيشترط إثبات الحقائق على الأرض، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا من خلال عمليات تفتيش الوكالة..
وقال السيد غروسي إن مفتشي الوكالة موجودون في إيران، ويتطلبون وقف الأعمال العدائية حتى تتمكن إيران من السماح للفرق بالدخول المواقع في ظل ظروف السلامة والأمن اللازمة وأكد إنه يمكن لإيران اتخاذ تدابير خاصة لحماية موادها ومعداتها النووية وفقا لالتزاماتها مع الوكالة. وتعليقا على الوضع على الأرض، قال السيد غروسي إن الحفر مرئية في موقع فوردو، وهو الموقع الرئيسي الذي تخصب فيه إيران اليورانيوم بنسبة 60%. وأضاف في الوقت الحالي، لا أحد، بما في ذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في وضع يسمح له بتقييم الأضرار تحت الأرض في فوردو. وأشار يانتشا إلى أن إيران أبلغت الوكالة بعدم وجود زيادة في مستويات الإشعاع خارج المواقع الثلاثة التي تعرضت للقصف. وأضاف أن الوكالة تواصل مراقبة الوضع وتشجع الجهة التنظيمية الإيرانية على الحفاظ على اتصالها الذي لا غنى عنه مع مركز الحوادث والطوارئ التابع للوكالة. وأكد مجددا موقفه بأنه لا ينبغي أبدا وقوع هجمات مسلحة على المنشآت النووية، والتي قد تؤدي إلى انبعاثات إشعاعية ذات عواقب وخيمة داخل حدود الدولة التي تعرضت للهجوم وخارجها. وأكد مساعد الأمين العام أن الوكالة يمكنها نشر خبراء في السلامة والأمن النوويين إلى إيران على الفور بدعم من مجلس الأمن بالإضافة إلى مفتشي الضمانات الموجودين بالفعل على الأرض، مضيفا أنها مستعدة للقيام بدورها لإنهاء هذه المواجهة العسكرية.