
المسار …
يوضح المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار) أن إسرائيل اختارت في حربها ضد إيران، التي بدأت فجر 13 حزيران/ يونيو 2025، اسم “شعب كالأسد”، وهي عبارة مقتبسة من سفر العدد في التوراة.
وطبقا لـ”مدار” تكشف هذه التسمية عن توظيف إسرائيل للرموز الدينية التوراتية في الحروب الحديثة، وذلك بهدف إضفاء طابع مقدس على حروبها وعملياتها العسكرية، مثلما يُسهِم هذا التوظيف في تُعزز مشروعيتها في المخيال الجماعي، مما يمنحها قبولاً سياسياً وأخلاقياً داخل المجتمع الإسرائيلي.
ويتابع “مدار” أنه في السرد التوراتي، يظهر الملك بلاق، حاكم موآب، معبراً عن قلقه من الزحف المتقدم لبني إسرائيل خلال تجوالهم في الصحراء بعد الخروج من مصر. ولمواجهة هذا التهديد، يلجأ بلاق إلى محاولة تسخير بلعام -الموصوف في النص كوسيط روحي قادر على اللعن أو البركة- ليُصدر لعنة ضد شعب إسرائيل.
إلا أن بلعام، وبعد أن يظهر له الإله في حلم، يُمنع من تنفيذ هذه المهمة بدعوى أن إسرائيل “شعب مبارك”. وعلى الرغم من تكرار المساعي عبر إرسال وفد أكثر مكانة، لا يُمنح بلعام الإذن بالمضي إلا ضمن قيد صارم: ألّا ينطق إلا بما يُوحى إليه من السماء.
وتتوج هذه القصة بسلسلة من العبارات المبارِكة لبني إسرائيل، أبرزها القول: “هو ذا شعب كالأسد يقوم، وكأسد ينتصب، لا يضطجع حتى يأكل فريسة ويشرب دم القتلى”. وهي العبارة التي تم استدعاؤها لتسمية الحرب الإسرائيلية الحالية ضد إيران.
وترى صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن اختيار الآية التوراتية عنواناً للعملية العسكرية الهجومية ضد إيران لم يأتِ من قبيل المصادفة، بل انطوى على دلالة رمزية مقصودة تُحيل بوضوح إلى مفاهيم القوة، واليقظة، والمبادرة الهجومية. وهذا ما تسعى إسرائيل إلى تصويره في سياق الحرب مع إيران، وهو تصوير يتماشى مع الاستراتيجيا الإسرائيلية المستندة إلى الردع والضربة الاستباقية، وإن كانت منهكة من الحرب في غزة ولبنان.
وفيما تتواصل الهجمات الإسرائيلية في إيران لليوم الحادي عشر، فإنه تبعاً لهذا المنظور، ترى إسرائيل أن مهمتها لن تكتمل ما لم تُنهِ التهديد الإيراني بشكل شامل وجذري.
أما موقع القناة السابعة، فقد أعاد التذكير بتفسير للحاخام دافيد موشيه والي، الذي عاش قبل نحو 250 عاماً في إيطاليا، وقد عُرف هذا التفسير في أوساط دينية وعسكرية خلال فترات الحرب ويُعاد اليوم استحضاره من زاوية رمزية جديدة.
ويمضي “مدار” في استذكار العلاقة بين المصادر الدينية اليهودية وبين الحروب الإسرائيلية، “لأن هذه الأمة هي أمة من الأسود، جميع أفرادها شجعان، سواء بطبيعتهم أو لأن السكينة الإلهية تحلّ عليهم. وما هي طبيعة الأسود؟ أنها أحياناً تركع وتستلقي وتبدو كأنها ضعيفة، لكنها في النهاية تنهض فجأة، وتنقضّ لتفترس وتقتل وتأكل من يتجرأ على صيدها. لم يتم الاكتفاء بالرمزية التوراتية لمجرد اختيار تسمية للحرب، بل تعزز ذلك بطقس توراتي واضح، تجلّى في ما أعلنه ديوان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عن قيامه، عشية تنفيذ الضربة الاستباقية، بوضع ورقة في شقوق حائط البراق (حائط المبكى وفق التقاليد والمزاعم اليهودية) كُتب عليها النص التوراتي ذاته، وقد عاد وفعلها ثانية أمس الأحد، معللا ذلك بالقول إنه قدم مجددا لحائط البراق من أجل أداء صلاة شكر وأمنية بالنجاح.