افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
معهد بحوث الأمن القومي (INSS) – 11/8/2025
حماس والمقاومة المسلحة بعد 7 أكتوبر – إلى أين؟
بقلم: يوحنان تسوريف
الانطباع السائد من النقاشات الواسعة في وسائل الإعلام والقنوات الفضائية العربية غير المحسوبة على التيار الإسلامي هو أن حماس، بشنها الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قد حفرت حفرةً لنفسها ولحركات المقاومة الأخرى في الشرق الأوسط. وقد دفع الغضب المتزايد تجاه حماس – بالنظر إلى المعاناة الإنسانية الهائلة في قطاع غزة، والدمار الذي أحدثته، وفشلها في تحقيق الأهداف التي زعمت أنها تسعى إليها – معظم النقاد، بمن فيهم المقربون من الحركة، إلى استنتاج أن عصر الكفاح المسلح يجب أن ينتهي، وأن على الميليشيات المسلحة في جميع أنحاء الشرق الأوسط نزع سلاحها وتبني أشكال المقاومة السلمية. وكما هو الحال دائمًا، تمتلك إسرائيل أكبر الإمكانات للتأثير على اتجاه هذا الخطاب، سواء داخل الساحة الفلسطينية، أو إلى حد كبير، حتى خارجها، لو أنها عادت وتعاملت كشركاء مع أولئك الذين اعترفوا بشرعيتها بالفعل والمستعدين للتعايش معها وإلى جانبها. بينما تستمر الحرب في غزة، إلى جانب المخاوف بشأن مصير الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس، يتطور نقاش فلسطيني وعربي واسع النطاق حول نتائج وتداعيات الحرب التي شنتها حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول. إلى جانب تزايد الاعتراف بالقوة الإسرائيلية وتنامي المخاوف بشأن الهيمنة الإسرائيلية الأمريكية في المنطقة، يُطرح سؤالٌ بارز حول مستقبل المقاومة المسلحة، أو، بتعبير المحللين، مستقبل الميليشيات، في ظل الضربة الموجعة التي تلقاها “محور المقاومة” الإيراني والخيارات الجديدة الناشئة في الشرق الأوسط. يُدرس مصير حركات مثل حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني والمنظمات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى الميليشيات الشيعية في العراق والتنظيمات السرية الكردية، ليس فقط من الناحية التنظيمية، بل أيضًا من الناحية الأيديولوجية والبراغماتية. ما جدوى استمرار المقاومة المسلحة إذا كانت تُسبب الضرر فقط ولا تخدم غرضها التأسيسي؟ نشر أحمد يوسف، القيادي في حماس والمستشار السابق لإسماعيل هنية، مؤخرًا سلسلة مقالات يدعو فيها جماعة الإخوان المسلمين إلى مراجعة عميقة للذات، مجادلًا بأنه بعد قرابة مئة عام من تأسيسها، لا تزال إخفاقات الحركة تفوق نجاحاتها. وبما أن الأنظمة العربية تعتبر حماس جزءًا من الإخوان، فإنها تجد مبررًا لتجاهل “الدمار الشامل” الذي يحدث في غزة، بل وحتى التآمر على حركات المقاومة الإسلامية أينما وجدت، وتصويرها على أنها عدوها المعلن. يقترح يوسف أن تنظر حماس والإخوان إلى الماضي وتعتمدا مسارات عمل جديدة، من خلال إدراك حدود القوة والواقع بشكل أفضل، وتغيير الرسالة التي ينقلونها إلى الجمهور. ويقترح التخلي عن جميع أشكال العنف، والتركيز بدلًا من ذلك على الاحتجاج السلمي، و”التنديد الصريح بالعنف المسلح في الداخل وفي جميع المجالات الأخرى التي تُستخدم فيها الأسلحة باسم الإسلام”، حتى لا يُوصف الإسلام بأنه دين إرهاب، ولمنع التدخل الأجنبي. ويقترح يوسف أيضاً تعزيز العلاقات مع الأنظمة العربية، وتجنب أي تصعيد معها، وتشكيل شراكات حماية مع الدولة.
يؤكد المفكرون المسلمون، الذين استشهد يوسف ببعضهم، على رسائل مماثلة. من بينهم سعد الدين العثماني، رئيس الوزراء المغربي السابق والمنتمي للحزب الإسلامي، الذي يرى أن كل إصلاح يجب أن يتم بالشراكة مع الدولة لا بمعارضتها. ويرى أحمد الريسوني، وهو مغربي أيضًا والرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أن إصدار الأحكام الشرعية دون مراعاة الواقع يُبطلها. ويؤكد محمد سليم العوا، الأكاديمي المصري والباحث المرموق، الذي ترأس الاتحاد نفسه، أن المجتمعات لا تُقاد من منابر المساجد، بل من خلال التفاعل الميداني المستمر. وفي الأردن، حيث ظهرت مظاهر تعاطف علنية مع حماس عقب هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، يرى المفكرون المسلمون أن التعاون مع النظام يُعزز الرسالة الإسلامية، لا يُضعفها. يمكن اعتبار هذا التوجه الفكري ردًا على بدء الدول العربية، بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول بقليل، باتخاذ تدابير تهدف إلى تقييد أنشطة الحركات والجمعيات الإسلامية، مثل:
في مصر، حيث تشهد جماعة الإخوان المسلمين تراجعًا منذ الإطاحة بالرئيس مرسي عام 2013، اتُخذت عدة إجراءات ضد مؤسسات الحركة ونشطائها، بما في ذلك تجفيف مصادر تمويلها والتغلغل الاستخباراتي العميق فيها.
في الأردن، حُظرت جماعة الإخوان المسلمين في أبريل/نيسان 2025، وحُظرت جميع أنشطة الجمعيات والهيئات التابعة لها.
في تونس، ازدادت مراقبة جماعة الإخوان منذ عام 2021، ووصلت مؤخرًا إلى مستويات غير مسبوقة. حُكم على راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة التونسية، التابعة لجماعة الإخوان، بالسجن 14 عامًا بتهمة الإضرار بأمن الدولة، إلى جانب مسؤولين كبار آخرين في الحركة.
في المغرب، يشهد حزب العدالة والتنمية الإسلامي تراجعًا منذ عام 2016، ويعاني من تراجع شعبيته.
وفي سوريا، رفض الرئيس الجديد أحمد الشرع ـ العضو السابق في تنظيم القاعدة والذي يعاني من حالة عدم استقرار شديدة ـ طلب الإخوان المسلمين إعادة فتح مكاتبهم في البلاد.
في لبنان، أصبحت قضية نزع سلاح حزب الله محورًا للنقاش العام والرسمي، عقب الضربة الموجعة التي تلقاها، والدعوات الواسعة لمنع الجهات الفاعلة غير الحكومية من امتلاك السلاح.
كما انضمت الدول الأوروبية إلى الحرب ضد جماعة الإخوان المسلمين. وعلى وجه الخصوص، يُقدم الرئيس إيمانويل ماكرون تشريعات تهدف إلى منع تسلل الإخوان إلى المؤسسات الحكومية.
وهذا يعني أن الشرعية التي كانت تتمتع بها حماس سابقًا، بفضل مقاومتها للاحتلال الإسرائيلي، والتي تشاركها فيها حركات إسلامية أخرى، قد تراجعت بشكل ملحوظ منذ مجزرة 7 أكتوبر/تشرين الأول. فقد تجاوزت حدود ما كان يُعتبر عملاً مشروعًا من أعمال “المقاومة”، ويُنظر إليها الآن على أنها تُقدم أجندة خارجية في العالم العربي. حتى التعاطف الشعبي الذي حظيت به حماس في الأيام والأسابيع التي تلت المجزرة مباشرةً آخذ في التضاؤل، نظرًا للعواقب الوخيمة للحرب، والتي لم تُخفف من حدة مواقف الدول المختلفة تجاه الإخوان المسلمين.
في هذه المرحلة من معالجة هذه النتائج، يُركز الخطاب العام بشدة على مستقبل الحركات والجمعيات الإسلامية، وسط إدانة لاذعة لحماس من الداخل، وكذلك من جهات غير إسلامية أكثر انسجامًا مع مؤسسات الدولة، مثل السلطة الفلسطينية في السياق الفلسطيني. يرى النقاد أن جماعة الإخوان المسلمين مسؤولة بشكل مباشر عن النكسة الجديدة التي حلت بغزة والقضية الفلسطينية بسبب دعمها الطويل لحماس. كان الاعتقاد بأن هجوم 7 أكتوبر سيساعد فصائل الإخوان على استعادة قوتها المتآكلة مخيبًا للآمال، حيث كانت نتائج الهجوم، في الواقع، عكس ذلك. علاوة على ذلك، فإن رفض حماس إطلاق سراح الرهائن منذ 7 أكتوبر وإصرارها خلال المفاوضات على ضمان بقائها كحركة مقاومة، على حساب معاناة هائلة لسكان غزة، هما، وفقًا للمنتقدين، دليل على الانتهازية و”النفاق” اللذين يميزان حماس ونظيراتها الإسلامية.
إلا أن هذا الغضب يتضاءل مقارنةً بحالة الساحة الفلسطينية، ومعاناتها وخسائرها ومخاوفها منذ أن شنت حماس الحرب. ترى السلطة الفلسطينية أنها حرب حماس – لا حرب الفلسطينيين – وترفض مساعدتها، بل وتتمنى القضاء عليها ككيان عسكري. أصدر رئيس السلطة الفلسطينية، أبو مازن، قرارًا في قمة جامعة الدول العربية ببغداد في مايو/أيار 2025 يدعو فيه حماس إلى تسليم الرهائن لإسرائيل، ونزع سلاحها، ونقل السيطرة على قطاع غزة إلى السلطة الفلسطينية. ويعبر معلقون عرب بارزون متخصصون في العلاقات العربية الإسرائيلية عن مواقف مماثلة تهدف إلى إقصاء حماس عن الحكم. ويرون أن على الفلسطينيين الآن التركيز على الحفاظ على ما تبقى، وتثبيت الشعب الفلسطيني في أرضه، وتذكر أنهم سيضطرون في النهاية إلى التعايش مع إسرائيل (“ليس الجميع بنيامين نتنياهو”، كما يشيرون). علاوة على ذلك، يجادل النقاد بأن هناك حاجة إلى كيان فلسطيني – كيان يستمد سلطته من منظمة التحرير الفلسطينية، ويدفع حماس خارج الإطار، ويعيد بناء الوطن الفلسطيني، ويضع أسس الدولة. يسود القلق البالغ أيضًا كلام مؤيدي حماس والمتعاطفين معها، الذين راقبوا التطورات في غزة والمنطقة، وتوصلوا إلى استنتاجات بعيدة المدى. خالد الحروب، الباحث البارز في شؤون حماس والحركات الإسلامية، وهو فلسطيني الأصل، مقرب من قادة حماس ويحظى باحترامهم، يُجادل بأن المقاومة المسلحة يجب أن تتغير، ولا يمكن أن تستمر بعد أحداث السابع من أكتوبر. وتختلف “الإمبريالية الاستيطانية” (التي تُشير إلى أنها ليست صهيونية قطعًا) عن الإمبريالية البريطانية والفرنسية. فهي لا تغادر، بل تبقى، وتدّعي ملكيتها للأرض، وتطالب بتهجير السكان المحليين. إنها إمبريالية تُراقب كل ما بين البحر والنهر. ويضيف الحروب، مع الأسف، أن إسرائيل تحظى بـ”ضوء أخضر” من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، مما يسمح لها بفعل ما تشاء. لذلك، على الفلسطينيين الاختيار بين اليأس وتطوير أساليب مقاومة جديدة لمنع تفكك الشعب الفلسطيني. ويذكر، على سبيل المثال، كفاح غاندي ضد البريطانيين. يعتقد أن الاختبار الحقيقي للتماسك الفلسطيني سيأتي بعد الحرب، عندما تُفتح الحدود والمطارات، ويتوقع أن يغادر الكثيرون القطاع لأنه لم يعد صالحًا للعيش. لذا، لا بد من وضع آلية لإبقاء السكان في أماكنهم.
قد يوحي هذا التمييز بين الوجود الإسرائيلي وإمبريالية القوى السابقة بقبول متزايد بأن إسرائيل ليست واقعًا مؤقتًا بين من أنكروها سابقًا. ويتماشى هذا التصريح مع تحذيرات الحروب المتكررة من مساعي إسرائيل لتفتيت الشعب الفلسطيني إلى عشائر ومجموعات فرعية.
إن الواقع الذي تخوض فيه إسرائيل حربًا ضد جهات معادية في الشرق الأوسط منذ سنوات، رافضة لوجودها، يُمثل تجربةً عمليةً تشهد تحولاتٍ في مواقفها. وقد عبّرت الدول العربية عن هذه التحولات منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، حين بدأت بالتخلي عن طموحها في إزالة إسرائيل من المنطقة ووقعت معها اتفاقيات سلام. ومن أبرز محطات هذه العملية تبني منظمة التحرير الفلسطينية لمبدأ التسوية الإقليمية وحل الدولتين في أواخر ثمانينيات القرن الماضي. وفي أوائل الألفية الثانية، أعربت جامعة الدول العربية عن استعدادها للاعتراف بإسرائيل والتعايش معها مقابل حلٍّ متفق عليه للقضية الفلسطينية. ومع اتضاح أن الاحتكاك بإسرائيل ومقاومتها لا يزعزعان استقرارها، بل يُعززانها ونفوذها، يضطر خصوم إسرائيل إلى إعادة تقييم مواقفهم. والآن، تدعو أصواتٌ مؤثرةٌ عديدةٌ في العالم العربي، بما في ذلك أصواتٌ مقربةٌ من حماس، الحركةَ والميليشيات المتحالفة معها أيديولوجيًا إلى إلقاء السلاح ووقف المقاومة المسلحة. يمكن لإسرائيل أن تُسهم إسهامًا كبيرًا في هذه العملية إذا اختارت أن تنظر كشريك في العملية السياسية إلى أولئك الذين يعترفون بوجودها، والذين تخلوا عن الكفاح المسلح، ويدعمون المفاوضات، والمستعدون للتعايش معها. ويُقصد بذلك السلطة الفلسطينية، التي يعتبرها العالم العربي والمجتمع الدولي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني. إلا أن الحكومة الإسرائيلية الحالية ترفض الاعتراف بذلك، على الرغم من اعتراف الحكومات السابقة بالسلطة الفلسطينية مبدئيًا كشريك في جهود التوصل إلى تسوية.
——————————————
هآرتس 11/8/2025
هذا وقت طواريء، مطلوب الآن انشاء على الفور “جبهة لانقاذ الوطن”
بقلم: يوسي ميلمان
ازمة اقتصادية، فساد، صعود القوى الدينية، فاشية عنصرية، ازدياد اعمال عنف اليمين حيث توجد في الخلفية حرب على الحدود وتهديد بتوسيعها، كل ذلك ادى في نهاية المطاف الى انشاء جبهة موحدة لوقف هذه الظواهر. هذا حدث في فرنسا في أيار 1936 عندما توحدت احزاب الوسط واليسار، بما في ذلك الشيوعيين الذين آمنوا بقيم الديمقراطية والليبرالية، وشكلت الجبهة الشعبية برئاسة رئيس الحكومة ليئون بلوم. وقد نجحت مدة سنتين في التسامي على الاعتبارات الشخصية، الخصومات السياسية الصغيرة والخلافات الايديولوجية الصعبة، من اجل وقف الخطر الاكبر الذي يهددهم، وهو صعود الفاشية والنازية، التي ترسخت في المانيا، ايطاليا واسبانيا، وانزلقت ايضا الى وسط وشرق اوروبا.
الامر الملح الآن في اسرائيل هو جبهة شعبية مشابهة، مناسبة للواقع هنا. جبهة تتشكل من كل القوى التي تحب الديمقراطية والليبرالية وتعارض القومية المتطرفة المتصاعدة والعنصرية والمسيحانية والتحريض والفساد وتعفن الاخلاق، التي تقود اسرائيل الى ضياع هويتها. جبهة ربما ستنجح في وقف العزلة الدولية المتزايدة والخطر من ان تصبح اسرائيل دولة منبوذة تشبه جنوب افريقيا في فترة الفصل العنصري، ايران الاسلامية، كوريا الشمالية، روسيا وبعض الدول التي تحكم على يد الديكتاتورية.
هذا وقت طواريء، دعوة للنهوض، ساعة المنبه وجرس الانذار دق. الاحتجاجات والمظاهرات بالاسلوب السابق تم استنفادها. لم يعد يوجد مكان لصوت العويل والبكاء على مصير الدولة المر كما عرفناها واحببناها الى أن صعد الى السلطة قبل سنتين ونصف بنيامين نتنياهو جديد. شخص لم نعرفه في سنوات حكمه السابقة. نتنياهو الذي تربى في احضان والده، الذي كان سكرتير زئيف جابوتنسكي، وتربى على عقيدته، عقد تحالف بعد الانتخابات الاخيرة مع الكهانية واصبح جزء لا يتجزأ منها. مطلوب الآن عمل مختلف لتوحيد الصفوف. يجب على كل جهات الاحتجاج المدنية والامنية التوحد تحت سقف واحد ومعجزة واحدة. لماذا من تخرجوا من جهاز الامن، الذين يطالبون بوقف الحرب في غزة ويعتبرونها حرب خداع وغير اخلاقية، لا يتوحدون في جسم واحد؟. مثلهم ايضا منتدى الطيارين “555”، “قادة من اجل امن اسرائيل”، وكل مجموعة رؤساء الاجهزة السابقين، رؤساء الاركان، رؤساء الموساد، رؤساء الشباك، المدراء العامون والمفتشون في شرطة اسرائيل.
الشعار يجب ان يكون واحد ومشترك للجميع، “فقط ليس بيبي”. اليمين نجح في ترسيخ هذا الشعار كنوع من الشتيمة، ونتيجة لذلك فان عدد غير قليل من الذين يريدون اسقاط نتنياهو، يخشون القول ببساطة “فقط ليس بيبي”. ولكن هناك بالتحديد ما يدعو الى التفاخر بهذا الشعار، وحمله عاليا ورفعه كوسيلة توحد وتُجمع.
جميع رؤساء الاحزاب الذين يعارضون نتنياهو وحكومته الخبيثة مجبرون على التوحد والعمل كجبهة واحدة، نفتالي بينيت، يئير لبيد، افيغدور ليبرمان، بني غانتس، غادي ايزنكوت ويئير غولان. يجب عليهم ضم ايضا الاحزاب العربية أو زعماء عرب مدنيين الذين هم جزء من المجتمع الاسرائيلي والديمقراطية في اسرائيل. يجب وقف المقاطعة، الوقت ليس وقت الصغائر، الجميع يجب عليهم التسامي مع عظم الساعة، التوحد رغم الخلافات هو الذي احدث الثورات والتغييرات الكبيرة على مدى التاريخ. سيكون امامهم الوقت للتشاجر والتخاصم ومحاولة تمييز انفسهم. الآن مطلوب العمل بشكل فوري. محظور الانتظار حتى انتهاء العطلة الصيفية.
مطلوب عمل كبير، خروج مئات الآلاف، حتى مليون شخص، الى القدس والبقاء قرب المؤسسات الوطنية مثل الكنيست، مقر الحكومة والمحكمة العليا، ليس لبضع ساعات وبعد ذلك يشربون القهوة ويتفرقون. هذه المظاهرة يجب ان تستمر طالما هناك حاجة الى ذلك، اسبوع أو اكثر، يجب أن تكون مظاهرة غير عنيفة وان تحافظ على كل اجزاء القانون. اهميتها تكمن في كونها اضراب كبير للاقتصاد، حتى بدون مصادقة الهستدروت التي هناك عدد غير قليل من رؤساء اللجان الكبيرة فيها، يؤيدون الحكومة وحتى مخلصين لبيبي، لذلك، هي غير قادرة على اعطاء الامر للقيام بذلك. أن أرى كل رؤساء المعارضة يسيرون في مقدمة صف واحد وهم يشبكون أيديهم، تحت لافتة واحدة، موحدة ومجمعة، على شاكلة مسيرات من حاربوا في الولايات المتحدة من اجل الحقوق المدنية، أو في دول اخرى من اجل انقاذ الديمقراطية.
الاسم المناسب حسب رأيي لهذه الحركة الشعبية هو “جبهة انقاذ الوطن”، وهو اسم له رائحة يمينية، لكن لا يوجد ما هو اكثر وطنية منه.
——————————————-
هآرتس 11/8/2025
سيطرة الجيش الإسرائيلي على غزة ستجعل إسرائيل مسؤولة عن ادارتها المدنية
بقلم: ينيف كوفوفيش
النائبة العامة العسكرية، يفعات تومر – يروشالمي، حذرت في لقاءات مغلقة بان توسيع الحرب في قطاع غزة توجد له تداعيات بعيدة المدى من ناحية القانون الدولي، وأنه يجب ملاءمة الخطط العملية مع قوانين الحرب. وهي تعتقد ان احتلال مناطق اخرى ونقل مئات آلاف الفلسطينيين الذين يعيشون فيها الى منطقة ضيقة سيؤدي الى ضغط سياسي وقانوني دوليين متزايدين على اسرائيل، والاضرار بالشرعية التي منحتها دول مختلفة حتى الآن لمواصلة الحرب. حسب اقوالها فان احتلال مناطق ماهولة – 75 في المئة من اراضي القطاع التي يسيطر الآن الجيش الاسرائيلي عليها – سيلقي المسؤولية عن ادارتها المدنية على اكتاف اسرائيل. بناء على ذلك هي ستضطر الى الاهتمام برفاه السكان الموجودين تحت سيطرتها في مجال المساعدات الانسانية، الغذاء، المياه، التعليم والصحة والبنى التحتية وما شابه.
اضافة الى ذلك جهات رفيعة باسبقة وحالية في النيابة العسكرية تحذر من تاثير المواجهات بين الوزراء والمستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، على القتال. حسب قول هذه الجهات فان التجاهل المتعمد لمواقفها المهنية في قضية قوانين الحرب يمكن أن يشكك في قانونية قرارات الحكومة فيما يتعلق بالحرب، وستكون في اعقابه تداعيات سياسية وقانونية بعيدة المدى. “لا يمكن وصف الاضرار بجهاز القضاء العسكري في الجيش الاسرائيلي اذا قامت الحكومة بالمس باستقلالية النائبة العسكرية والمستشارة القانونية للحكومة”، قال للصحيفة مصدر عسكري – قانوني يشغل منصب رفيع، وهو مطلع على ما يحدث في هذا المجال ايضا اثناء الحرب. حسب قوله فانه “في العالم يعرفون منظومة القضاء العسكري في الجيش الاسرائيلي كمنظومة قوية وموثوقة جدا. اسرائيل هي مختبر العالم في قوانين الحرب، وقد كان لمواقف المدعين العسكريين على مر اجيالهم وزن في المحافل القانونية الدولية”.
نفس المصدر الرفيع يلاحظ المس بالنائبة العسكرية، والخوف هو من أن احتلال غزة سيكون خلافا للقانون الدولي والقانون الاسرائيلي. “اذا وصلنا الى المرحلة التي سيقررون فيها استبدال المستشارة القانونية للحكومة بمحام من منتدى كهيلت، أو مستشار قانوني يكون خاتم مطاطي للكابنت، فان ذلك سيؤدي بالضرورة الى مغادرة مراكز المعرفة في النيابة العسكرية، الذين على مدى السنين تمت معرفتهم في الجامعات الرائدة في العالم وبذلت جهود كبيرة لتجنيدهم، بالاساس من لديه رتبة رائد وحتى مقدم”، قال. ونفس المصدر يشهد على ترك جزء ممن يخدمون في الاحتياط في النيابة العسكرية، لكن بالنسبة له فان الخوف هو من انه ايضا في منظومة الخدمة النظامية ستبدأ اعداد كبيرة بالمغادرة، بصورة تؤثر على المستوى المهني للمدعين العامين. “نحن اصبحنا في مرحلة خطيرة من ناحية فقدان مراكز المعرفة هذه المس بالمستوى المهني وجودة المدعين العامين. في نهاية المطاف نحن نريد ان يكون افضل الاشخاص هم الذين سيهتمون بتبرئة قادة ومقاتلي الجيش الاسرائيلي من الدعاوى القضائية والاعتقالات في الدول الاجنبية حتى بعد فترة طويلة على انهاء الحرب”.
مصدر رفيع سابق في جهاز القضاء العسكري اوضح ان الموقف الذي يجب تبنيه فيما يتعلق بقوانين الحرب هو موقف المستشارة القانونية للحكومة. وقد اشار الى انه من صلاحية رئيس الاركان ايال زمير التقرير بان التوجيه الذي حصل عليه من المستوى السياسي غير قانوني، وأن يبلغ الحكومة بانه غير مستعد لتنفيذه واعطاء للمقاتلين أمر غير قانوني. في مثل هذه الحالة، حسب قول المصدر، فان الحكومة يمكنها اقالة رئيس الاركان واستبداله. واضاف نفس المصدر بانه اذا قرر رئيس الاركان مع ذلك تنفيذ أمر، الذي حسب جميع الجهات القانونية المخولة هو امر غير قانوني، فانه سيكون مكشوف للقانون الدولي، وفي حالات متطرفة حتى في اسرائيل.
مصدر رفيع في جهاز القضاء العسكري، الذي يخدم في وظيفة رفيعة في الاحتياط وله دور كبير فيما يحدث في النيابة العسكرية في فترة الحرب، قال انه اذا تجاهل رئيس الاركان تعليمات المستشارة القانونية للحكومة والنائبة العامة العسكرية بناء على طلب الحكومة أو رئيس الحكومة فانه يعرض للخطر القادة والجنود بتقديمهم للمحاكمة في دول اجنبية أو على يد مؤسسات القانون الدولي.
نفس هذا المصدر الرفيع قال “اذا قام الطيارون بتنفيذ عمليات متواصلة وقتل فيها اشخاص غير مشاركين، حتى لو كان ذلك بتوجيه من المستوى السياسي وبمصادقة الكابنت ولكن بدون دعم قانوني، فسيكون من الصعب الدفاع عنهم. هذا لان الحديث لا يدور عن نشاط عملياتي واحد، بل عن استخدام القوة لفترة طويلة مع المعرفة بان العمليات تؤدي الى قتل غير المشاركين بصورة غير معقولة حتى في ساحة الحرب”. هذا خلافا للوضع الموجود الآن الذي فيه الطيارون والجنود يحصلون على الدعم القانوني.
مصدر قانوني رفيع آخر تحدث مع “هآرتس”، قال ان الرؤية السائدة في اوساط الخبراء في القانون الدولي في العالم هي انه لا يمكن اتخاذ قرارات مهمة مثل توسيع القتال بدون استشارة قانونية. لذلك، حسب قوله، اذا تم ابعاد بهراف ميارا عن نقاشات الكابنت، كما طالب وزير العدل ياريف لفين، ستكون لذلك تاثيرات بعيدة المدى على القرارات التي سيتم اتخاذها. واشار نفس المصدر الى ان رئيس الاركان يمكنه مواصلة التشاور مع النائبة العامة العسكرية، التي هي مستشارة الجيش، وهي بدورها يمكنها التشاور مع بهراف ميارا، وان رأي الاخيرة هو رأي ملزم، ويمكن فقط الاستئناف ضده في المحكمة العليا.
في الجيش رفضوا التطرق بشكل رسمي الى الوضع الحالي ومحاولة المس بمكانة واستقلالية النيابة العسكرية، واكتفوا بالتطرق الى الموضوع من قبل تومر يروشالمي في مناسبات مختلفة، من بين ذلك التحذير من الهجمات الشخصية على منظومة انفاذ القانون في الجيش الاسرائيلي مع التاكيد على النيابة العسكرية والعاملين فيها. جهات رفيعة في الجيش اكدت لـ “هآرتس” بانه يتم استخدام الضغط على النائبة العامة العسكرية والضباط الذي يعملون تحتها كمدعين عامين من اجل الامتناع عن فتح ملفات تحقيق في الحالات التي يثور حولها الشك حول تنفيذ افعال مخالفة لقوانين الحرب.
مصادر رفيعة في الجيش قالت للصحيفة بان بهراف ميارا تعارض الفكرة التي طرحها وزير الدفاع اسرائيل كاتس، اقامة “المدينة الانسانية” في جنوب القطاع، لأن الامر يتعلق باخلاء سكان ليس لاغراض عسكرية، الامر الذي لا يتساوق مع قوانين الحرب والقانون الدولي. المصادر اضافت ايضا بان هذا الرأي تم نقله الى رئيس الاركان وهيئة الاركان، التي وافقت على موقف المستشارة القانونية للحكومة.
نفس المصادر اوضحت ايضا بان معظم المناطق التي يسيطر عليها الجيش الآن لا يوجد فيها سكان، لذلك فان هناك امكانية للدفاع عن نشاطات الجيش الاسرائيلي هناك. مع ذلك، قرار الكابنت مواصلة الحرب في غزة، سيؤدي الى السيطرة الكاملة على السكان، والنائبة العامة العسكرية ستكشف لرئيس الاركان تداعيات هذه العملية. هذه المصادر اضافت ايضا ان الهجوم على حراس العتبة “اصبح روتين”، وأن الهجوم على النيابة العسكرية هو جزء من نفس التوجه. وأنهم في النيابة العسكرية لا يخافون من الهجوم والتحريض ضد النائبة العسكرية، وأنها تحصل بالدعم من رئيس الاركان زمير. واشارت المصادر الى انه خلال الحرب تم تجنيد عشرات الاشخاص للنيابة العسكرية، وقالت بأنها لا تعرف ظاهرة عدم الامتثال في هذه المرحلة، لكنها لا تستبعد ادعاء وجود مشاعر قاسية في اعقاب محاولة مناكفة حراس العتبة.
——————————————-
هآرتس 11/8/2025
نتنياهو عاد ليسوق “النصر المطلق” لكنه يكتشف انه لم يعد من يشتري
بقلم: عاموس هرئيلِ
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يجد صعوبة في تسويق حيلته المعتادة. هو يحاول تسويق قرار الكابنت بشان عملية احتلال مدينة غزة كعملية جديدة ستؤدي اخيرا الى هزيمة حماس، لكن قلائل مستعدين لتصديق هذا الوعد المبتذل. ريس الاركان ايال زمير على قناعة بان الخطة العملية المقلصة التي عرضها افضل، احزاب اليمين المتطرف التي طالبت بهذه العملية تعتقد انها غير واسعة بما فيه الكفاية، ويبدو ان الجمهور الواسع في اسرائيل كان يفضل بشكل عام انهاء الحرب مع استكمال صفقة التبادل حتى بثمن باهظ.
وزير المالية بتسلئيل سموتريتش نشر في منتهى السبت فيلم قصير اعلن فيه بانه لا يثق بقدرة نتنياهو على قيادة اسرائيل الى الحسم والنصر في الحرب. هذا الوضع لم يكن لدينا في السابق: الصورة التي تستقبل بشكل ما من الطبيعية، سموتريتش لا يستنتج من ذلك في هذه الاثناء الاستنتاج المطلوب، الاستقالة من الحكومة. ماذا حدث فجأة؟ بقيت مهمات هامة اخرى – ضم الضفة الغربية، مواصلة نهب الخزينة العامة لصالح مصالح قطاعية للمستوطنين والحريديين، تدمير الاقتصاد، اجازة قانون الاعفاء من الخدمة. ربما هذا غير غريب تماما. فسموتريتش نفسه ونتنياهو نفسه يرفضان بشدة الاعتراف حتى الآن بالدور الذي لعباه في المسؤولية عن الاخفاقات التي مكنت من حدوث المذبحة في 7 اكتوبر.
نتنياهو الذي هوجم من كل الجهات منذ نشر قرار الكابنت عقد امس بشكل استثنائي مؤتمران صحفية، باللغة الانجليزية وباللغة العبرية. مشاهدة الحدث الثاني كانت تجربة غير سهلة. رئيس الحكومة بقي المقدم الموهوب، لكن مضمون اقواله ببساطة يثير الغضب: بدءا بالحفاظ على حق السؤال الاول، كالعادة، ومرورا بمشهد استخذاء مندوب القناة 14، وانتهاء بمجموعة التملص المشوشة، المتناقضة والكاذبة، بخصوص جهود الائتلاف لتمرير قانون اعفاء الحريديين من التجنيد. نتنياهو الذي تظاهر وكانه لم يسمع اقوال عضو الكنيست آريه درعي (شاس) بخصوص الاعفاء عاد الى التضليل وكأنه اعيدت بسلام اغلبية المخطوفين الساحقة (في جزء غير قليل يدور الحديث عن قتلى)، وطمس الحقائق بخصوص تجنيد الاحتياط المتوقع، ومرة اخرى وعد بالنصر الذي سيتم تحقيقه في وقت ما حسب قوله في القطاع. هو لم ينجح في شرح لماذا يحدث ذلك في هذه المرة بعد ان لم يتحقق ذلك في اعقاب جميع قرارات الكابنت السابقة.
في غضون ذلك، بصورة غير مفاجئة، ظهرت مبادرة لقطر ومصر جديدة للدفع قدما بصفقة تبادل. العملية موجهة كما يبدو لصفقة جزئية، رغم ان ستيف ويتكوف، المبعوث الامريكي الخاص، غير رايه مؤخرا واصبح يعمل على صفقة شاملة. يبدو ان بعثة حماس ستزور في هذا الاسبوع القاهرة لاستئناف المحادثات. وبعد ذلك ربما ستكون مفاوضات ايضا في الدوحة – بمشاركة وفد اسرائيلي. بعد ان حصلت حماس على ما ارادته – فتح باب المساعدات على مصراعيه الذي سيحقق لها فائدة مادية كالعادة – لن تبقى لها أي ذريعة للامتناع عن اجراء المفاوضات الا اذا قامت اسرائيل باحتلال غزة حقا. في هذه الاثناء نتنياهو يمكنه الادعاء بان استئناف المحادثات، اذا حدث ذلك، هو انجاز اولي للمصادقة على خطته.
مقدمو البرامج في القناة 14 يطالبون علنا بالتضحية بالمخطوفين والجنود بذريعة ان هزيمة حماس اكثر اهمية. في الكابنت ضغطت الوزيرة اوريت ستروك (الصهيونية الدينية) من اجل ازاحة تحرير المخطوفين الى اسفل قائمة اهداف الحرب. ومن غير المؤكد ان ذلك ما يريده نتنياهو. فالهدف الاسمى له هو كسب الوقت – الامتناع عن انهاء الحرب وتاجيل صفقة التسوية التي يمكن ان تقوده الى مواجهة مع احزاب اليمين المسيحاني. الضغط الامريكي عليه محدود في هذه المرحلة باستثناء طلب الالتزام بالمعايير الانسانية في حالة الاخلاء القسري للسكان من مدينة غزة. كما يبدو هذه مسألة مهمة. فترامب وويتكوف ينشغلان الان في محاولة التوصل الى سلام في جبهات اخرى مثل اذربيجان – ارمينيا وروسيا – اوكرانيا. اذا جاءت منهما جائزة نوبل للسلام للرئيس فان اهتمامه بما يحدث في غزة سيتقلص.
زمير مر مرة اخرى بتجربة قاسية ومخيبة للامل في جلسة الكابنت الاخيرة. رئيس الاركان لا يعتبر لاعب ساذج وبدون تجربة في الساحة السياسية. فتقريبا الثلاث سنوات في منصب السكرتير العسكري لنتنياهو عملت على اعداده لمعظم السيناريوهات المحتملة. مع ذلك، تم توبيخه واتهامه وتعرض للاهانة والسخرية من قبل بعض الوزراء، بتشجيع مخفي من نتنياهو. زمير ما زال على قناعة بان الحل الذي اقترحه في الجلسة افضل من الحل الذي قرره الكابنت. فقد اوصى بفرض الحصار والضغط على الجيوب الثلاثة التي ما زالت حماس تسيطر عليها التي يتركز فيها معظم السكان المدنيين في القطاع وهي مدينة غزة ومخيمات الوسط ومنطقة المواصي على الشاطيء الجنوبي.
زمير لا يوصي باحتلالها، بل بدمج الاستنزاف والاقتحامات. وحسب رايه الجيش الاسرائيلي يمكنه استغلال الوقت للسماح بالراحة لجزء من الوحدات النظامية وعدم تكليف الاحتياط بشكل فوري بمهمات غير محتملة. ايضا الخطر على حياة المخطوفين سيتضاءل، وفي هذه الاثناء ربما يتحرك شيء في المفاوضات. زمير لا يؤمن بالخطة العسكرية لرئيس الحكومة وقد حذر من تاثيراتها، لكن خلافا لبعض التوقعات المسبقة هو ايضا لا يحطم الادوات. رئيس الاركان يعرف جيدا امرين. الاول هو أنه في عالم نتنياهو أي اعلان هو مدخل لمفاوضات اخرى، ضغط وربما تغيير. والثاني هو أنه من ناحية ابناء عائلات الجنود والمخطوفين هو الشخص الوحيد في القيادة العليا الذي مصير ابناءها حقا يهمه وما زال يمكنه التاثير عليه.
——————————————-
معاريف 11/8/2025
دروس غزة
بقلم: افرايم غانور
الضغوط، الجدالات، المعاضل والتهديدات حول متلازمة غزة هذه الأيام يذكر شيوخ الجيل بانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة في 1956، بعد حرب سيناء. في الخمسينيات عندما كان قطاع غزة تحت حكم مصري، تجند الكثير من اللاجئين الفلسطينيين ممن هربوا الى مخيمات اللاجئين التي أقيمت في القطاع للفدائيين، منظمة جماعات إرهاب عملت ضد دولة إسرائيل. خرج الجيش الإسرائيلي الى حملة لاحتلال القطاع بهدف تقويض الإرهاب الغزي بعد أن فشلت الاعمال المضادة له التي نفذتها في غزة في تغيير الواقع. النصر في حرب سيناء كان النصر العسكري الأول لإسرائيل منذ حرب التحرير وقد اثار نشوة ما في شعب إسرائيل. رئيس الوزراء دافيد بن غوريون القى في الكنيست خطاب نصر متبجح لم يكن لطيفا على اذان العالم. وكان الرد الفوري طلب الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي من إسرائيل الانسحاب بلا ابطاء الى خطوط الهدنة التي وقعت في 1949. ونشرت وكالة الانباء السوفياتية نبأ يقول انه في الاتحاد السوفياتي يتجند متطوعون سيخدمون في الجيش المصري، بل ان وحدة بحرية سوفياتية توجد في طريقها الى ميناء الإسكندرية. بالتوازي، في مجلس الامن في الأمم المتحدة اتخذ قرار بأغلبية ساحقة بانسحاب فوري لإسرائيل من قطاع غزة.
بن غوريون الذي يتطلع لان يبقي قطاع غزة في ايدي إسرائيل عمل لدى الإدارة الأمريكية كي يقبل طلب إسرائيل ضم غزة الى أراضيها. أخر خروج الجيش الإسرائيلي من غزة رغم الضغط الشديد الذي مورس على إسرائيل من جانب قوات الأمم المتحدة التي كانت مسؤولة عن تطبيق القرار. في هذه الاثناء، في إسرائيل أثار موضوع الانسحاب احتجاجا كبيرا وثار جدال سياسي وجماهيري في هذا الشأن.
رغم المعارضة في الجمهور والمعارضة في الحكومة وفي الكنيست، نفذ بن غوريون الانسحاب، الذي أعاد قطاع غزة الى ايدي المصريين. بعد عقد تبين ان للاتفاقات والوعود التي قطعتها لإسرائيل الولايات المتحدة، الاتحاد السوفياتي والأمم المتحدة لا يوجد غطاء – في أيار 1967 اغلق الرئيس المصري ناصر مضائق تيران في وجه الملاحة الإسرائيلية وهكذا منع الحركة البحرية الى ميناء ايلات. بالتوازي، قوات كبيرة جدا من الجيش المصري انتشرت في سيناء بخلاف الاتفاقات. قوات الأمم المتحدة التي رابطت للحفاظ على الهدوء بين قطاع غزة وإسرائيل وفقا للاتفاقات التي تقررت في 1956 انصرفت برمشة عين، وجيوش مصر، سوريا والأردن بمساعدة العراق احتشدت للحرب كي تبيد إسرائيل.
كل هذا بعلمنا، لعله يوجد حق في اقوال أولئك الذي يدعون اليوم بانه محظور على دولة إسرائيل أن تترك قطاع غزة بلا سيطرة إسرائيلية، على أساس وعود واتفاقات تصبح مع الزمن وعودا عابثة. على مدى سنوات عديدة دفعت إسرائيل ثمنا دمويا باهظا على حلول وسط أجرتها في كل ما يتعلق بإدارة قطاع غزة. وعليه، فالموضوع يستوجب الان تفكيرا آخر، غير مساوم. إذ مع قطاع غزة لا توجد مساومات.
——————————————
يديعوت احرونوت 11/8/2025
ماذا يريد نتنياهو حقا
بقلم: ناحوم برنياع
في أيار 1999 أجريت انتخابات للكنيست ولرئاسة الوزراء. في حملة الانتخابات تعهد المرشحان، بنيامين نتنياهو واهود باراك بإخراج قوات الجيش الإسرائيلي من لبنان. مثل هذا النوع من الاجماع نادر جدا في حملات الانتخابات في إسرائيل: كل مرشح لرئاسة الوزراء يعد بالسلام والامن، النمو والازدهار، لكن على تعهد مسبق بانسحاب يوجد بشكل عام محظور شبه ديني، في اليمين وحتى في الوسط – اليسار. في إسرائيل الامعات وحدهم ينسحبون. 17 سنة تمسكت إسرائيل بلبنان ثلاثة منهم تحت حكم نتنياهو.
ما حسم الامر لدى نتنياهو كان الضغط الجماهيري: الإسرائيليون تعبوا من لبنان. اذا لم يتعهد بالخروج فانهم لن يصوتوا له. فهل من الصواب ان نستنتج من نتنياهو في حينه عن نتنياهو اليوم؟ ليس مؤكدا. غزة مختلفة، الإسرائيليون مختلفون، سياسة اليمين مختلفة. واساسا، نتنياهو مختلف. هو اقل انصاتا للاصوات من الخارج واكثر بكثير للاصوات من الداخل – من الزوجة، من الابن، من احساسه الداخلي. هو الضحية الأولى لعبادة الشخصية التي تطورت حوله. الكثير جدا من القوة توجد الان تحت تصرفه. حكمة اقل بكثير. امس، ارتفع مرة أخرى مستوى التفاؤل في طاقم المفاوضات: اردوغان انضم الى الضغوط على حماس. اذا كانت صفقة والإسرائيليون العشرون المتبقون على قيد الحياة عادوا الى الديار فستنشأ مسابقة كبرى لادعاء الإنجاز. القطريون سيطالبون بنصيبهم؛ المصريون سيصرون على ما لهم؛ اردوغان سيلوح بحقه؛ ترامب سيعزو الإنجاز لنفسه ولنفسه فقط؛ نتنياهو سيقول فقط تهديدي بالسيطرة على غزة لين مواقف حماس؛ الجيش وضع ارجلا، الاعلام وسخ، العائلات اضرت، لكن أنا، فقط أنا فرضت عليهم التوقيع على الاتفاق.
لا يهم، بل فليوزعوا الحظوة على الإنجاز على الجميع. فالصفقة ليس فقط ستنقذ الحياة وتسمح لعائلات الضحايا باغلاق دائرة، بل ستسمح لإسرائيل بالبدء في مسيرة إعادة التأهيل اللازمة والوداع لحرب لم تعرف كيف تنتهي. صحيح، نهاية الحرب لا تستجيب للتوقعات التي زرعتها الحكومة في قلب الجمهور. لكن فكروا بالبديل لانهاء الحرب: هل هذا ما تريدونه؟
نتنياهو، في ظهوره امام الصحافيين امس، اتهم منتقدي خطة الاحتلال بانهم يضعفون الشعب. سمعت وصعب علي التصديق: مثل كثيرين آخرين، انا امقت حماس وغيرها من منظمات الإرهاب، اكثر من نتنياهو. صدمت حين مول حماس. حين بعث بقائد المنطقة الجنوبية الى قطر باستجداء حكامها لان يبعثوا المال الى غزة. الخروج الى الحرب بعد مذبحة 7 أكتوبر كان مبررا. فقد كانت هذه حرب اللامفر. لكننا استنفدنا: حسم حماس بات خلفنا. حملة “عربات جدعون” اثبتت باننا وصلنا الى نقطة الفائدة فيها اقل من الثمن، اقل على نحو ظاهر.
من يدعي بان حسم حماس سيتحقق فقط بالنفق الأخير، بالكلانش الأخير، بالمخرب الأخير، لم يتعلم كثيرا عن قيود الحرب ضد قوات عصابات. الا اذا كانت له مصلحة أخرى، اجندة أخرى.
حتى الخريطة التي عاد نتنياهو وعرضها بعيدة عن الدقة: كان يمكن التوقع من رئيس الوزراء ان يعرض على الجمهور خريطة اكثر توثيقا من رسم صبياني. مليون نسمة يوجدون في هذه اللحظة في كتلة غزة وفي داخلهم بعض من المخطوفين. 600 الف في المواصي؛ 400 الف في مخيمات الوسط. مساحة الكتل اكبر مما يعرض في الخريطة. غزة محفورة كلها. احد لا يعرف ماذا سيحصل في عملية الطرد والاحتلال. كم مخطوفا سيقتل؛ كم جنديا سيسقط؛ ماذا سيحصل للسكان، من بينهم مئات الاف الأطفال، النساء، الشيوخ؛ كيف ستستقبل المشاهد في العالم.
شيء واحد نحن نعرفه: انه في كل ما يتعلق بمكانة إسرائيل في العالم نحن في السحب الزائد. الدول الثلاثة المقررة في أوروبا، بريطانيا، فرنسا وألمانيا لم تعد مستعدة لان تترك لترامب تحديد سياسة الغرب تجاه إسرائيل. نعم، توجد هناك لاسامية أيضا، عميقا في الوعي، ذاكرة المحرقة منعتها من التفجر. لكن الصور من غزة أخرجت الجني من القمقم. الحكومات كفيلة بان تغير نهجها لكن الجني الذي خرج لن يسارع الى العودة. إسرائيل من شأنها ان يلقى بها من النادي الوحيد الذي يمكنها أن تعيش فيه.
ماذا يريد نتنياهو، هل يريد صفقة مخطوفين ام احتلال؟ جلسة الكابنت يوم الخميس انتهت بقرار ليس بقرار. لا نحتل غزة، “نسيطر” عليها. انا لا افهم المعنى العسكري لـ “السيطرة”. لست واثقا ان أحدا ما في الجيش يفهمه. في الماضي، عندما لم يريدوا بسبب الثمن بالخسائر احتلال ارض ما، مثل بلدة بن جبيل في حرب 2006، استولوا على ارض عالية وتمترسوا فيها. هذا ليس المقصود في قرار الكابنت. القرار يضمن لسموتريتش احتلال ولترامب تواجد مؤقت. الاصطلاح ذو معنيين، ذو وجهين: مثل المناطق المحتجزة؛ مثل الإدارة المدنية؛ مثل الإصلاح القضائي. تترافق معه سلسلة من المطالب، كلها جيدة لكن بعضها متعذر على نحو مقصود. ويوجد أيضا وجه إيجابي: اختفى مطلب النصر المطلق؛ اختفى مطلب التهجير؛ اختفى الترحيل؛ خطاب امس هو ممحاة اليوم.
رئيس الأركان ايال زمير أوضح لوزراء الكابنت ما يقفون امامه. في داخل عصبة وزراء بعضهم يتخيلون حربا ابدية وبعضهم يسيرون عميانا وراء الزعيم برز صوته، صوت مهني، مقنون، مسؤول. هو يمثل اذرع الامن كلها، بما في ذلك هيئة الامن القومي. في مؤتمره الصحفي امس رفض نتنياهو خطة الجيش بنصف جملة غير معللة. وعلى الطريق اته الجيش، دون ان يذكر اسمه، بالانبطاح وبالتنازل مسبقا عن المخطوفين. الرجل الذي احبط المرة تلو الأخرى صفقات مخطوفين، لم يدخل المخطوفين الى اهداف الحرب، يأخذ لنفسه الحظوة على أولئك الذين تحرروا ويتهم الجيش باولئك الذين تبقوا. من رجل فشل غير قليل كان ممكنا توقع ذرة تواضع.
——————————————
يديعوت أحرونوت 11/8/2025
لزامير: ستكون شريكاً في “مصيدة الموت” التي حذرت رئيسك منها
بقلم: عيناب شيف
قول رئيس الأركان في جلسة الكابنت بأن رئيس الوزراء “يدخل الجنود في مصيدة موت” إذا ما تقرر احتلال غزة، يذكر باللحظة التأسيسية لحملة “الجرف الصامد” في 2014: في حينه، كان هذا هو العرض الذي قدم للوزراء عن تداعيات احتلال غزة وسرب لأودي سيغال. نتنياهو الذي يكثر من المطالبة بتشريع عقب تسريبات أقل حساسية بكثير، لم يطالب به هذه المرة. في حينه، صدمة السيناريوهات المعروضة كانت شاملة، وحتى الوزراء الذين أيدوا الخطوة التي كانت تستهدف “تقويض حكم حماس” تراجعوا عنها. ومنذ كانون الأول 2023 كتب الموقع أعلاه بأن المعطيات في العرض الإلكتروني تجسد قسم منها، وتوشك على أن تتجسد بكاملها: مئات القتلى للقوات، وأشهر لاحتلال الأرض، وسنوات لتطهيرها، وضرر دولي هائل، وكلفة فلكية.
وها هو الفريق أيال زامير أيضاً الذي عين فقط وحصرياً لتحقيق وعود عظمى، يعترف بأن الحديث يدور عن “مصيدة موت”. وكان يعرف بأن أقواله ستسرب، ومعقول الافتراض أن تتسرب معانيها العظيمة أيضاً، حين تخرج عن فم قائد الجيش. وبالفعل، فقد نال تعبير “حملة مصيدة الموت” زخماً في أوساط معسكر الاحتجاج وعائلات المخطوفين، وكذا في أوساط جماهير أقل مشاركة، بينهم جمهور عزيز من رجال الاحتياط، وأهالي الأبناء المقاتلين في النظامي، وكذا بعض من جنود الإلزامي أنفسهم. وسيُثار التساؤل: إذا رأى قائدي بأنها “مصيدة موت”، فهل ألتزم بالدخول إليها؟
وهذا ليس قولاً بالنسبة لمضمون الحملة، فقد ألقى رئيس الأركان ولاعة نار على أرض مشبعة بالوقود. وبعد سنتين قاسيتين وداميتين، لا ينقص من هم العبء لديهم يحسم كل ما هو عزيز عليهم (العائلة، العمل، سواء العقل) فيما هم يفهمون بأن أحداً لن يتطوع أو يضطر للدخول تحت حمالة الجرحى. هم يرون زعيماً يهتم بأن يعلن في “فوكس نيوز” وفي الإعلام الهندي (!) عن خططه، وبعد ثلاثة أيام يتوجه إلى الجمهور الذي تعهد بخدمة مصلحته. وفي إطار هذا كله، تعرب المرجعية المهنية العليا عن عدم ثقة مطلقة بالعملية التي من شأنها (وليس باحتمالات متدنية) أن تنتهي لا سمح الله بإصابة في الجسد والروح دون أن تحقق حتى ولا واحداً من أهداف الحرب، كما تقررت في الكابنت وليس في خيالات الوزراء سموتريتش، وبن غفير، وستروك.
لا يمكن التقليل من أهمية الخطوة، فلا عريضة فنانين أو طيارين ومسؤولية كبار سابقين في المنظومة أن تقترب من هناك. كما لا يهم إذا سار نتنياهو نصف/ربع/ ثلث الطريق باتجاه رئيس الأركان: يبقى بوسع الخادمين والخادمات أن يقولوا “ساهمت، وأنا مستعد لأساهم أكثر، لكن رئيس الأركان قال إن هذه مصيدة موت، وهذا خيار أقل بي. وبالتأكيد، لن تجدي نفعاً إحاطات الإقناع التي تدعي السذاجة، والتي قال فيها “مصدر أمني” إننا “لن ننفذ أمراً يلوح فوقه علم أسود” و”حتى لو لم نوافق على كل شيء مهنياً، فلن نأخذ الناس إلى مغامرة ونعرضهم عبثاً للخطر”.
لكن رئيس الأركان قال “مصيدة موت”: بالنسبة لكثيرين والكثيرات، يبدو هذا كعلم أسود ومخاطرة عابثة. فليتفضل الفريق زامير ويقرر: إما “مصيدة موت” أو “لن نخاطر بهم عبثاً”. وإذا كانت هذه بالفعل “مصيدة موت”، فليست له صلاحية أخلاقية لقيادتها، وعلى أي حال لا يمكنه أن يتهرب من المسؤولية عن تداعياتها. عندما توجه زامير إلى نتنياهو، حسب التقرير، استخدام “أنتَ”. هذا خطأ جسيم في الفكرة: لا يوجد “أنتَ” في حدث دراماتيكي بهذا القدر. إذا نفذ الخطة، فسيكون زامير شريكاً كاملاً في “مصيدة الموت”.
——————————————
هآرتس 11/8/2025
ما معنى أن تكون محامياً عن أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية؟
بقلم: أسرة التحرير
لم يسبق أن كان سهلاً على المرء أن يكون محامياً يمثل سجناء ومعتقلين فلسطينيين. أما من بداية الحرب، فقد باتت الوظيفة مهمة على نحو خاص سواء بسبب التدهور في الظروف الاعتقالية في السجون أم لأن السجون باتت معزولة، وإسرائيل تحظر على “الصليب الأحمر” وعلى أبناء العائلة زيارة ابنها. أصبح المحامون هم قناة الاتصال الوحيدة للسجناء مع العالم الخارجي، بل وإحدى الوسائل المركزية للرقابة ولكشف الظروف القائمة في السجون. وعليه، فلا غرو أن مصلحة السجون التي لا يقل تأثير وزير الأمن القومي بن غفير عليها عن تأثيره على الشرطة – تنكل بهم.
إحدى الطرق الدارجة، منع دخول المحامين إلى السجون لفترات زمنية تمتد من أسابيع وحتى أشهر. وتستند القرارات إلى معلومات استخبارية لا قدرة للمحامي على الوصول إليها، لذا فإن قدرته أيضاً على الدفاع عن نفسه أو شرحها تكاد لا تكون قائمة.
في حالة واحدة قرر قائد سجن عوفر العميد سجون فاديم غولدشتاين، منع دخول محامية بعد تراشق كلام قاسٍ بينهما. فجأة، طلت في شأنها معلومات استخبارية تقضي بأنها تنقل رسائل إلى السجناء. في حالة أخرى، قرر العميد غولدشتاين منع دخول محامٍ لمدة نصف سنة وذلك بعد أن سأل هذا مجندة إذا كان بوسعه أن يدخل صور أطفال المعتقل أثناء الزيارة. في هذه الحالة، لم تكتفي مصلحة السجون بالعقاب، الحاد بحد ذاته، بل أصدرت إلى الإعلام بيان تشهير يقول إن المحامي حاول “نقل رسائل إلى المخربين”. والتقط الإعلام القضية كغنيمة كبرى رغم أن مصلحة السجون تراجعت في الحالتين في بعد التماس إلى المحكمة وألغت العقوبات.
غير مرة تتهم مصلحة السجون المحامين عن قصد بتسليم السجين تحية سلام من أبناء عائلته. يتبين أن هذا القليل من الإنسانية اجتاز إدانة. في حالات أخرى، يعمد السجانون ببساطة إلى تأخير المحامين و”يجففونهم” وهم بانتظار السجناء، ويخصصون دقائق قليلة للقاء، ويحددون زيارات في مديات زمنية غير معقولة، ويطالبون بقراءة وثائقهم، بما في ذلك التصريحات المشفوعة بالقسم كشرط للسماح لهم بالقيام بعملهم.
مخطور الموافقة على هذا السلوك الذي غايته التخويف. يجب دعم المحامين الذين يختارون الانشغال بحقوق الإنسان والحرص على ظروف اعتقالية مناسبة للسجناء، مهما كانت هويتهم. على رابطة المحامين أن تعبر عن موقف لا لبس فيه في دعم المحامين. إلى جانب ذلك، على مصلحة السجون أن تتذكر بأن من واجبها ليس المحافظة فقط على صحة السجناء وسلامة أجسادهم، بل السماح للمحامين أيضاً بأن يقوموا بعملهم.
—————–انتهت النشرة—————–