بقلم: أسرة التحرير
المسار : لم يسبق أن كان سهلاً على المرء أن يكون محامياً يمثل سجناء ومعتقلين فلسطينيين. أما من بداية الحرب، فقد باتت الوظيفة مهمة على نحو خاص سواء بسبب التدهور في الظروف الاعتقالية في السجون أم لأن السجون باتت معزولة، وإسرائيل تحظر على “الصليب الأحمر” وعلى أبناء العائلة زيارة ابنها. أصبح المحامون هم قناة الاتصال الوحيدة للسجناء مع العالم الخارجي، بل وإحدى الوسائل المركزية للرقابة ولكشف الظروف القائمة في السجون. وعليه، فلا غرو أن مصلحة السجون التي لا يقل تأثير وزير الأمن القومي بن غفير عليها عن تأثيره على الشرطة – تنكل بهم.
إحدى الطرق الدارجة، منع دخول المحامين إلى السجون لفترات زمنية تمتد من أسابيع وحتى أشهر. وتستند القرارات إلى معلومات استخبارية لا قدرة للمحامي على الوصول إليها، لذا فإن قدرته أيضاً على الدفاع عن نفسه أو شرحها تكاد لا تكون قائمة.
في حالة واحدة قرر قائد سجن عوفر العميد سجون فاديم غولدشتاين، منع دخول محامية بعد تراشق كلام قاسٍ بينهما. فجأة، طلت في شأنها معلومات استخبارية تقضي بأنها تنقل رسائل إلى السجناء. في حالة أخرى، قرر العميد غولدشتاين منع دخول محامٍ لمدة نصف سنة وذلك بعد أن سأل هذا مجندة إذا كان بوسعه أن يدخل صور أطفال المعتقل أثناء الزيارة. في هذه الحالة، لم تكتفي مصلحة السجون بالعقاب، الحاد بحد ذاته، بل أصدرت إلى الإعلام بيان تشهير يقول إن المحامي حاول “نقل رسائل إلى المخربين”. والتقط الإعلام القضية كغنيمة كبرى رغم أن مصلحة السجون تراجعت في الحالتين في بعد التماس إلى المحكمة وألغت العقوبات.
غير مرة تتهم مصلحة السجون المحامين عن قصد بتسليم السجين تحية سلام من أبناء عائلته. يتبين أن هذا القليل من الإنسانية اجتاز إدانة. في حالات أخرى، يعمد السجانون ببساطة إلى تأخير المحامين و”يجففونهم” وهم بانتظار السجناء، ويخصصون دقائق قليلة للقاء، ويحددون زيارات في مديات زمنية غير معقولة، ويطالبون بقراءة وثائقهم، بما في ذلك التصريحات المشفوعة بالقسم كشرط للسماح لهم بالقيام بعملهم.
مخطور الموافقة على هذا السلوك الذي غايته التخويف. يجب دعم المحامين الذين يختارون الانشغال بحقوق الإنسان والحرص على ظروف اعتقالية مناسبة للسجناء، مهما كانت هويتهم. على رابطة المحامين أن تعبر عن موقف لا لبس فيه في دعم المحامين. إلى جانب ذلك، على مصلحة السجون أن تتذكر بأن من واجبها ليس المحافظة فقط على صحة السجناء وسلامة أجسادهم، بل السماح للمحامين أيضاً بأن يقوموا بعملهم.