المسار : اختار وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش مستوطنة “معاليه أدوميم” ليعلن، بطريقة استعراضية واحتفالية، اليوم الخميس، المصادقة على كامل مخططات مشروع “E1”. وتقع المنطقة المستهدفة على السفوح الشرقية للقدس المحتلة، وتغطي نحو 12 كيلومترا مربعا من أراضي العيزرية وأبو ديس والزعيم والعيساوية.
وقال سموتريتش، خلال فعالية مشتركة جمعت “مجلس يشع” وبلدية معاليه أدوميم، “من يحاول اليوم في العالم الاعتراف بدولة فلسطينية، سيحصل منا على الرد على الأرض، ليس بالوثائق ولا بالقرارات أو التصريحات، بل بالحقائق. حقائق البيوت والأحياء والطرق والعائلات اليهودية التي تبني حياة. هم سيتحدثون عن الحلم الفلسطيني، ونحن سنواصل بناء الواقع اليهودي. هذا الواقع يدفن نهائيا فكرة الدولة الفلسطينية، لأنه لا يوجد ما يُعترف به ولا من يُعترف به”.
وتابع: “أدعو من هنا، في هذا اليوم المهم، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لقد حان الوقت لفرض السيادة الإسرائيلية على يهودا والسامرة، وشطب فكرة تقسيم البلاد إلى الأبد، وضمان أنه بحلول سبتمبر لن يكون لدى القادة المنافقين في أوروبا ما يعترفون به”.
ويشمل إعلان البناء، وفق سموتريتش، 6,916 وحدة سكنية جديدة ستضاعف عدد سكان مدينة القدس، وهي الخطوة التي تربط معاليه أدوميم بالقدس وتمنع قيام دولة فلسطينية.
وأوضح سموتريتش أن المخطط يتضمن بناء 3,401 وحدة سكنية جديدة بعد أكثر من عشرين عاما من الجمود، بالإضافة إلى توسيع حيّ “طائر الصحراء” عبر 3,515 وحدة سكنية إضافية. وبالمجمل، سيضاف نحو 35 ألف مستوطن جديد خلال السنوات المقبلة.
وقال إن المصادقة على مخططات البناء في E1 تقبر فكرة الدولة الفلسطينية و”تواصل خطوات عديدة نقودها على الأرض ضمن خطة السيادة بحكم الأمر الواقع التي بدأنا تنفيذها مع تشكيل الحكومة. بعد عقود من الضغوط الدولية والتجميد، نحن نكسر المسلّمات ونربط معاليه أدوميم بالقدس. هذه هي الصهيونية في أفضل صورها – بناء، استيطان، وتعزيز سيادتنا على أرض إسرائيل”.
سموتريتش: نصادر آلاف الدونمات ونستثمر المليارات لإدخال مليون مستوطن للضفة الغربية، وسنواصل البناء اليهودي للقضاء على حلم الدولة الفلسطينية#حرب_غزة #الأخبار
وفي تصريحات صحافية، قال رئيس مجلس مستوطنات الضفة الغربية (يشع) ورئيس مجلس بنيامين الإقليمي، إسرائيل غانتس، إن المشروع يعتبر “إنجازا هائلا وتاريخيا للاستيطان على طريق فرض السيادة”.
“جبل البابا” بين الخرائط الإسرائيلية وخطط التهجير
على شاشة هاتفه المحمول، يحاول المواطن المقدسي عطا جهالين، ممثل تجمع “جبل البابا البدوي”، الاطلاع على خرائط إسرائيلية تظهر المنطقة التي يقيم فيها وعائلته وما يُحاك لها من خطط تهجير. وتكشف الخريطة، التي يقرّبها بأصابعه ليتضح له مسارها، عن مشاريع استيطانية تتمدد رويدا رويدا في محيط التجمع الفقير الواقع بين بلدتي العيزرية وأبو ديس شرق القدس، والذي يواجه اليوم خطر الإخلاء القسري لصالح مشاريع استيطانية رغم الاعتراضات القانونية التي قدمها السكان إلى الجهات الإسرائيلية الرسمية.
وفي المقابل، تلقت عشرات العائلات والمواطنين مجموعة كبيرة من أوامر الإخلاء والهدم بهدف تهجير سكان تجمع “جبل البابا” جنوب شرق القدس المحتلة. وشملت الحملة الأمنية الإسرائيلية منازل وممتلكات لعائلات عدة، في خطوة تهدد بتهجير قسري للتجمع بأكمله، وهو ما يفاقم معاناة السكان ويعمّق سياسة تفريغ المنطقة من أهلها.
وتعيش في “جبل البابا” عشرات العائلات البدوية التي تتعرض منذ سنوات لمحاولات تهجير قسري ضمن مشاريع استيطانية تهدف إلى توسيع المستوطنات وربطها بمخطط E1، الرامي إلى عزل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، وقطع التواصل الجغرافي بين القدس وباقي مناطق الضفة الغربية، وتوسيع حدود بلدية القدس الكبرى.
وتأتي أوامر الإخلاء الأخيرة، والتي تزيد عن 40 أمرا، بهدف إخلاء منشآت سكنية وزراعية في منطقة العيزرية، تمهيدا لخطة استيطانية تهدف لربط مشروع “نسيج الحياة” بمشروعي “E1” و”القدس الكبرى”، سعياً لعزل القدس عن الضفة الغربية وقطع الاتصال الجغرافي بينهما وفرض واقع استيطاني جديد يقضي على الوجود الفلسطيني.
يقول جهالين في حديث لـ”القدس العربي” إن ما تتعرض له المنطقة هو استكمال مخططات الاحتلال منذ عشرات السنين، وصولا إلى اليوم حيث تتضاعف سياسات التنفيذ على الأرض. وبوضوح يمكن معاينة المنطقة التي يعيش فيها المواطنون المقدسيون والبدو وما يقابلها من بنايات ضخمة وشوارع وبنية تحتية لمستوطنين ومستوطنات، وهي أصبحت اليوم جزءًا من حلم مشروع “القدس الكبرى”، بحسب جهالين.
وتابع: “اليوم نتحدث عن أهم مشروع في المنطقة، ما يسمى شق طريق ‘نسيج الحياة’ لفصل الفلسطينيين عن طرق المستوطنات، وهو مشروع يحمل أبعادًا سياسية كثيرة على مدينة القدس”.
ويكمل ممثل التجمع جهالين أن الاحتلال يهدف إلى تغيير الديمغرافيا وربط المستوطنات وزيادة أعداد المستوطنين فيها. وأضاف: “القضية أكبر من الحديث عن تجمع أو بلدة، إنها قضية القضاء على حلم الدولة الفلسطينية، ووضع الفلسطينيين داخل بوابات ومدن معزولة”.
أما أبو عماد الجهالين، رئيس مجلس قروي الجهالين، فيشدد على أن المشروع يستهدف المنطقة الممتدة على طول مشروع شارع “نسيج الحياة”، والذي يبدأ من مدخل العيزرية الشرقي، ومن منطقة المشتل حيث دوار عدي التميمي، مرورًا بتجمع “وادي جيم” وفصله عن بلدة العيزرية، ومرورًا بتجمع “جبل البابا” وفصله عن العيزرية على منطقة وادي الحوض وصولًا إلى حاجز زعيم.
ورأى جهالين أن مخططات الهدم والترحيل تهدف إلى تهجير عشرات العائلات البدوية وغير البدوية التي تسكن في مسار الشارع، ووقف أرزاق المئات من العائلات والأسر الفلسطينية المستفيدة من المنشآت الصناعية والزراعية والتجارية على مدخل العيزرية الشرقي، وتحديدا في منطقة وادي الحوض حيث هناك مصانع للأسمنت وكراجات سيارات سيتم مصادرة الأراضي التي أقيمت عليها هذه المنشآت.
ووفق تقديرات سابقة للأمم المتحدة، يقع 26 تجمعا بدويا بمحافظة القدس، يسكنها قرابة 4856 بدويا يواجهون ظروفا معيشية قاسية على صعيد الخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء، بالإضافة إلى صعوبة الوصول للمراكز التعليمية والصحية.
وتقع منطقة “E1” في السفوح الشرقية لمدينة القدس المحتلة، على أراضي العيزرية والعيساوية والزعيم وأبو ديس، على مساحة تقارب 12 كلم. وبدأ طرح المشروع منذ حكومة إسحاق رابين في التسعينيات، أي خلال الفترة التي كانت دولة الاحتلال تتفاوض مع منظمة التحرير والسلطة على قيام دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967.
ويطمح الاحتلال من خلال المشروع إلى تضخيم مستوطنة “معاليه أدوميم”، التي تعتبر من أكبر التجمعات الاستيطانية في الضفة والقدس المحتلتين، وربطها بمدينة القدس، وقطع اتصال رام الله عن المناطق الشرقية من القدس المحتلة والمنطقة الجنوبية من الضفة (بيت لحم والخليل).
وخلال السنوات الماضية، عمل الاحتلال على بناء شبكة طرقات وبنية تحتية بشكل واسع في المنطقة، ونقل مركزا لشرطة الاحتلال إليها لتحقيق إقامة مشروع E1، ولكن تم تجميد المشروع بسبب “ضغوط أمريكية- أوروبية”. وشكلت المرحلة الحالية، التي تحظى بدعم مطلق من إدارة الرئيس دونالد ترامب لتحقيق أحلام المستوطنين التوراتية، فرصة هامة لتحقيق المشروع الذي عنوانه الرئيسي جلب مليون مستوطن إلى الضفة المحتلة.
وبحسب الباحث أمير داوود، فإن ما حدث في السادس من الشهر الجاري هو أن مجلس التخطيط الأعلى، الذي يتبع الإدارة المدنية لإدارة شؤون الضفة الغربية، لم ينظر في الاعتراضات التي كانت تقدمها بلدات فلسطينية ومؤسسات قانونية ويسارية وحقوقية إسرائيلية، والتي كانت ترى أن المخطط خطير ويضرب حل الدولتين في مقتل.
وتابع داوود: “في جلسة الأربعاء الماضي، قال مجلس التخطيط إن هذه آخر مرة يمكن تقديم الاعتراضات، أما يوم أمس (الأربعاء) فأعلن عن إغلاق ملف الاعتراضات رسميا، بالتوازي مع إعلان سموتريتش عن المصادقة على المشروع”.
وتقدم المشروع منذ أكثر من ثلاثين عاما، حيث يتم الحديث عنه ثم تقديمه للنقاش ومن ثم سحبه وتجميده بفعل الضغط الدولي، وتحديدًا من الولايات المتحدة التي كانت تدرك خطورة المخطط على الدولة الفلسطينية.
وبحسب رأي الباحث داوود، فإن أخطر ما في هذا المشروع مرتبط بقضيتين: الأولى تتعلق بعملية الفصل التام بين الفلسطينيين والمستوطنين، حيث كان هناك تاريخيا فصل بين الشمال والجنوب، لكن ومع كثافة البناء الاستيطاني الحالي، أصبح الحديث عن عمليات بناء غير مسبوقة. وفي آخر تحديث منذ مطلع العام الجاري، تم إقرار 35 مخططا هيكليا قدمت لمستوطنات حول القدس ووسط الضفة الغربية.
أما النقطة الثانية، فهي أن المشروع يعتبر جزءا من مشروع “القدس الكبرى”، حيث سيتم إدماج مستوطنة معاليه أدوميم كجزء من منطقة نفوذ بلدية القدس في عملية ضم حقيقية لمساحات شاسعة، لتصبح أراضي تتبع بلدية القدس، وهي جزء من ثلاث تكتلات استيطانية كبرى. التكتل الثاني يضم تجمع غوش عتصيون القريب من بيت لحم والخليل، إضافة إلى تجمع كفعات زئيف القريب من رام الله.
وتبلغ مساحة مستوطنة “معاليه أدوميم”، التي أقيمت على أراضي بلدات في المنطقة الشرقية من القدس المحتلة عام 1975، نحو 48 ألف دونم، وتشير الإحصاءات الحديثة إلى أن ما يقارب 40 ألف مستوطن يعيشون فيها ويستولون على آلاف الدونمات من أراضي الفلسطينيين، التي كانت تشكل لهم فرصًا اقتصادية وزراعية. وتسعى حكومة الاحتلال إلى ضم مستوطنة “معاليه أدوميم”، مع مجموعة من الكتل الاستيطانية الأخرى، إلى ما تسميها “السيادة الإسرائيلية”.
المسار الزمني لخطط مشروع E1:
1990 – عرض وزير الإسكان أريئيل شارون لأول مرة خطة لبناء 2,500 وحدة سكنية.
1991 – ضم وزير الدفاع موشيه آرنس جزءا من المنطقة لمجلس معاليه أدوميم.
1990s (حكومة رابين) – استمرار الدعم للخطة، ثم تجميدها بسبب العملية السياسية.
2004 – أعادت حكومة شارون الخطة مع مخطط لحي “مبسرات أدوميم” (حوالي 4,000 وحدة سكنية + منطقة عمل، حديقة، سياحة، تجارة، ومقبرة)، ثم توقف المشروع لاحقا تحت ضغط دولي.
2009 – أوامر مصادرة لتمهيد طريق جديد، وحفل رمزي لوضع حجر أساس الحي.
2012 – صادقت الحكومة على الخطة ردا على قرار الأمم المتحدة، ثم تم تجميدها لاحقا.
2013 – طرح مناقصة لتصميم المشروع، جُمّدت بأمر نتنياهو.
2014 – تطوير مفرق “الزيتون” وتحويل أموال للتخطيط المفصل لـ 3,200 وحدة سكنية.
2020 – إعلان نتنياهو عن خطة لبناء 3,500 وحدة سكنية، لم تُنفذ.
2025 – إقرار تنفيذ طريق يربط E1 بالقدس، والموافقة على خطط لـ 3,000 وحدة سكنية.