المسار : لاقت تصريحات رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، حول تفاؤله تجاه تنفيذ اتفاقه مع قائد «قوات سوريا الديمقراطية ـ قسد» مظلوم عبدي، الموقع عليه في العاشر من آذار/ مارس الماضي، صدى إيجابيا بين مكونات شمال شرق سوريا.
فقد رحبت مصادر من الإدارة الذاتية بكلامه، وأيضا مصادر من العشائر العربية في الرقة، وإن رأت الأولى بأن التصريحات قطعت الطريق على من يريد التجييش والشحن الطائفي، إلا أن المصادر العشائرية تمنت تنفيذ تلك التصريحات على أرض الواقع، معبرة عن عدم ثقتها بمن سمتهم «عصابة قسد».
واستقبل الشرع، الأربعاء الماضي، وفدا من الفعاليات المجتمعية في محافظة إدلب، ضمّ عددا من الوزراء، إلى جانب أكاديميين وسياسيين وأعضاء في النقابات المهنية. وأمس الأحد، انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي فقرات من حديث الشرع خلال اللقاء كان أبرزها ما تعلق بالعلاقة مع «قسد» أو بملف السويداء.
وتناقل العديد من الصفحات والمواقع الإلكترونية أمس الأحد، خبرا عن قيام مظلوم عبدي قائد « قسد» بزيارة إلى مدينة الرقة والتباحث مع وجهائها حول إمكانية تسليم السيطرة على المدينة لقوات وزارة الدفاع السورية في إطار تنفيذ اتفاق الشرع ـ عبدي، لكن الناطق الرسمي باسم وفد الإدارة الذاتية المفاوض مع الإدارة الجديدة في دمشق ياسر سليمان، نفى في تصريح لـ«القدس العربي» ذلك.
وقال «لم يحصل أي لقاء جديد بين عبدي ووجهاء مدينة الرقة وما يتم ترويجيه يأتي من صفحات غير منضبطة تدعو لإثارة الزوابع والغبار».
سليمان الذي قال إن مقر عمله حالياً في مدينة الرقة، أكد أن «تصريحات الشرع قطعت كل الطرق أمام كل هذه الصفحات التي تدعو لإثارة الفتنة والقلاقل وتدعم عدم الاستقرار» مشيراً إلى أن «الحديث اليوم عن اجتماع عبدي مع وجهاء الرقة يعتمد على صورة له معهم، التقطت خلال اجتماع قديم مرّ عليه أكثر من شهر».
ورأى أن «الخبر لا يفيد إلا في التجييش على اعتبار أن الكثيرين مستاؤون من تصريحات الشرع التي تدعو إلى لمّ الشمل، وتشيد بالاتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية، والكثير ممن يبحثون عن الفتنة مستاؤون من هذه التصريحات والله المستعان عليهم».
وإن كانت تصريحات الشرع الإيجابية تؤشر للتجهيز إلى عقد جولة ثانية من المحادثات بين الإدارة الذاتية لمناطق شمال شرق سوريا والحكومة في دمشق، قال سليمان «لا يمكن أن ندلي بتصريحات عن مثل هذه الأمور قبل حصول الاجتماع، وهو ما لم يتم حتى الآن».
وفي تصريحات لـ«القدس العربي» رحب الشيخ فرج الحمود الفرج السلامة، بما جاء به الشرع خلال لقائه مع وجهاء مدينة إدلب. وقال: «نتمنى أن يتم تطبيق هذه التصريحات على أرض الواقع ونحن متفائلون من التزام الولايات المتحدة وتركيا في إنجاز اتفاق العاشر من آذار/ مارس».
السلامة، وهو أحد شيوخ قبيلة «البوشعبان» أضاف: «في المقابل فإننا تعودنا من هذه العصابة (قسد) المماطلة والكذب، وهم يتحججون لعدم تنفيذ اتفاق آذار/ مارس بما حصل من توتر في السويداء ودخول إسرائيل على الخط».
قيادي في «الإدارة الذاتية» ينفي زيارة مظلوم عبدي للرقة
وأرجع التحشيد الكبير الذي يتم حاليا ضد «قسد» إلى «وصول المواطنين الذين يعيشون تحت سيطرتها إلى مرحلة الانفجار على خلفية تنفيذها لاعتقالات تعسفية ومنع للحريات وعدم التزامهم بتنفيذ أي اتفاق يوقعون عليه».
وأضاف: «نحن لم نر مبدأ «خطوة مقابل خطوة» يطبق على أرض الواقع، وهم وقعوا اتفاق آذار/ مارس لكننا لم نشهد حتى اللحظة تسليم أي منطقة من مناطق محافظة الرقة، ما يجعلنا، نحن أبناء المنطقة، في حالة توتر وعصبية من وراء سياسات المماطلة لدى «قسد» وأيضا لممارسة الحكومة في دمشق سياسة الغموض وعدم توضيحها لنا مراحل إنجاز الاتفاق وخط سيره وآلياته».
السلامة الذي قدم نفسه بأنه أحد مؤسسي الثورة السورية ضد النظام البائد، تطرق إلى الحملات ضد الوجهاء والزعامات العشائرية المنخرطة ضمن الإدارة الذاتية لمناطق شمال وشرق سوريا، وقال: «إن هؤلاء ومن ضمنهم بعض شيوخ العشائر، للأسف لم يتركوا أي قيمة لأنفسهم بعد ارتهانهم لعصابة «قسد» على حساب كرامتهم وتاريخ عائلاتهم وانتمائهم الوطني، وباتت «قسد» هي التي تتحدث عنهم، حتى يمكن تشبيههم بأنهم طلاب مدرسة تقودهم الإدارة الذاتية» حسب قوله.
وتابع: «منذ بداية الثورة وخلال فترة قتال تنظيم «داعش» الإرهابي ودخول القوات الأمريكية، طلبنا من أهالي المنطقة من العرب، أصحاب الأرض، أن يكون تواصلهم مع القوات الأمريكية والدولية مباشرة، وليس من تحت مظلة ورحمة «قسد» حتى لا يكونوا تابعين لها، وأن يحموا مدنكم وبلداتكم في حربهم ضد التنظيم المتطرف، والتشارك مع تلك الإدارة إلى أن يتم تحرير الدولة لتكون لهم كلمة مفصلية في اتخاذ القرارات، لكنهم وللأسف ارتهنوا لقيادة «قسد» وبات من المعيب أن تتفاوض «قسد» نيابة عن المكون العربي».
وأكد الشيخ الحمود أن «المنخرطين حاليا مع «قسد» هم شخصيات هامشية ولا يمثلون أهلهم بشكل رسمي، وخصوصا بعد أن تحررت سوريا» معتبراً أن «غالبية أبناء عشائر مناطقنا منتمون لوطننا ويثقون بحكومتهم الجديدة في مقابل شخصيات رهنت قرارها لـ«قسد» يدعون أنهم يمثلون المكون العشائري الذي يشكل غالبية سكان المنطقة».
التركمان يعلنون النفير
وأمس أيضا انتشر فيديو مصور تم خلاله إعلان عشائر التركمان في مدينة الرقة النفير ضد «قسد».
وجاء في الإعلان أن العشائر «تلتزم بالوقوف خلف القيادة السورية والعمل بأوامرها وتوجيهاتها حفاظا على وحدة البلاد وأمنها».
واعتبر المتحدث في الفيديو من دون التعريف به، وكان يقف ضمن عشرات المقاتلين بالزي المدني وخلفهم العلم السوري، أن «عصابات حزب العمال الكردستاني «بي كي كي» هي عدو مباشر لشعبنا ووطنا ولن يكون لها موطئ قدم في أرضنا، ونعلن النفير العام في صفوف عشائر التركمان لمواجهة هذه العصابات الإجرامية وملاحقتها بكل الوسائل حتى يتم اجتثاثها من أرضنا تحت راية الدولة السورية وبالتنسيق مع مؤسساتها الشرعية».
وتابع المتحدث: «نمهل أبناء عشائرنا الذين التحقوا بصفوف عصابات «بي كي كي» مهلة تنتهي مع نهاية هذا الأسبوع للعودة إلى صفوف أهلهم وعشيرتهم ووطنهم، وإلا فإن دماءهم مهدورة ومصيرهم محتوم وكل من يصر على البقاء في صفوف هذه العصابات، سيعامل معاملة العدو تماما ولن يكون له أي مجال للعفو والرحمة».
وأكد المتحدث أن «عشائر التركمان كانت ولا تزال جزءاً اصيلاً من النسيج السوري وستبقى سنداً للوطن في مواجهة كل المشاريع التخريبية والانفصالية التي تسعى لها هذه الأحزاب الإرهابية وفلول النظام البائد مستهدفة وحدة وطننا».
اعتقالات لـ«قسد»
وفي دير الزور، أعلن المكتب الإعلامي لـ«قسد» على صفحته الرسمية، أن مجلس دير الزور العسكري أنهى حملة تمشيط لملاحقة خلايا «الدولة الإسلامية» في ريف دير الزور الشرقي انتهت باعتقال العديد منهم.
وذكر بيان «قسد» أن «قوات مجلس دير الزور العسكري وبمشاركة «وحدات حماية المرأة ـ واي بي جي» أنهت حملة تمشيط واسعة في بلدة «غرانيج» وألقت القبض على 12 مطلوباً ومشتبهاً بالانتماء لخلايا تنظيم «داعش» الإرهابي، كما حررت 4 مقاتلين لمجلس دير الزور العسكري، كان قد تم اختطافهم في وقت سابق أثناء وجودهم في مركز صحي خارج مهامهم الرسمية».
وأكدت «قسد» أنّ الحملة «جاءت في إطار الجهود المستمرة لتعزيز الأمن والاستقرار في ريف دير الزور الشرقي، ولاقت دعماً ومساندة كبيرة من عشائر وأهالي المنطقة».