واشنطن بوست: نتنياهو أساء تقدير علاقة ترامب بالقطريين.. وضربته ساهمت بمستوى ضمانات أمنية غير مسبوق

المسار : نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا أعدته سوزانا جورج، قالت فيه إن إسرائيل ربما أساءت تقدير علاقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدولة قطر.

وأشارت إلى أن العلاقة مع قطر دخلت منطقة جديدة هذا الأسبوع، وبتعهدات أمنية من الرئيس الأمريكي. وأضافت أن علاقة الولايات المتحدة مع الإمارة الخليجية الصغيرة انتقلت إلى مستوى الضمانات الأمنية بعد توقيع ترامب أمرا تنفيذيا، بما في ذلك الرد السريع على أي “عدوان خارجي”، وهو دعم من الولايات المتحدة تخصصه عادة لحلفائها الأقرب. وكان الأمر صريحا وواضحا: “ستعتبر الولايات المتحدة أي هجوم عسكري على أراضي وسيادة قطر وبنيتها التحتية تهديدا لأمن وسلامة أمريكا” و”في حال وقوع مثل هذا الهجوم، ستتخذ الولايات المتحدة جميع التدابير القانونية والمناسبة، بما في ذلك التدابير الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية عند الضرورة، للدفاع عن مصالح الولايات المتحدة ودولة قطر ولإعادة السلام والاستقرار”.

وجاءت هذه الخطوة بعد غارة إسرائيلية غير متوقعة على الدوحة في 9 أيلول/ سبتمبر أصابت حيا سكنيا وأودت بحياة ستة أشخاص، بينهم مواطن قطري، رغم أنها أخطأت أهدافها المقصودة: مسؤولو حماس المقيمون في قطر.

وربما افترض حلفاء الولايات المتحدة الإقليميون أن وجود قواعد أمريكية على أراضيهم من شأنه ردع التهديدات. والآن، تتغير هذه الحسابات، مدفوعةً باستعداد إسرائيل الواضح لشن ضربات غير متوقعة. ويكتب جورجيو كافيرو، الأستاذ المساعد في جامعة جورج تاون، للمجلس الأطلنطي: “مع سعي كل من الأنظمة الملكية الست إلى تحقيق أجندات طموحة للتنمية الاقتصادية والتنويع، أصبح الاستقرار الإقليمي ضرورة استراتيجية مشتركة”، مضيفا أن “جذب المستثمرين وقادة الأعمال والسياح يعتمد على وجود بيئة آمنة، ليس فقط داخل حدودهم، بل في جميع أنحاء المنطقة الأوسع، ومن وجهة نظر الخليج، تلقي أفعال إسرائيل بظلالها الطويلة على جدوى هذه الرؤى للتحول الاقتصادي”.

ويقول الخبراء إن ترامب الطموح وصانع الصفقات الفعلي في الشرق الأوسط، قد يواجه تداعيات الضربة الإسرائيلية لفترة من الوقت.

ويرى باتريك ثيرو، الذي شغل منصب السفير الأمريكي في قطر من عام 1995 إلى 1998: “لا أعتقد أن ترامب أدرك مدى خطورة الأمر، ومدى الضرر الذي ألحقه به الإسرائيليون”. وأضاف: “لقد وضع هذا ترامب في موقف صعب للغاية”.

وتعلق الصحيفة أن الأمر التنفيذي لا يرقى إلى مستوى اتفاقية دفاع مشترك على غرار اتفاقية حلف شمال الأطلسي. ولأنه لم يصادق عليه مم مجلس الشيوخ، فهو غير ملزم، ولن يطلب من الرؤساء المستقبليين الالتزام به. ومع ذلك، وعلى الرغم من قيوده، يمنح الأمر قطر ضمانات لطالما ضغطت دول الخليج العربي من أجلها. ولعبت قطر خلال السنوات الماضية دورا محوريا في السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط. واستضافت المكتب السياسي لحركة حماس منذ عام 2012، وهي خطوة يقول مسؤولون محليون إنهم اتخذوها بناء على طلب صريح من الولايات المتحدة، حتى يمكن استخدام المكتب كخط اتصال للمفاوضات.

وحتى قبل أن تتوسط قطر في وقف إطلاق النار بغزة، كانت بمثابة جسر مهم بين الولايات المتحدة وحركة طالبان خلال محادثات السلام بشأن أفغانستان، وأثناء الانسحاب الأمريكي في عام 2021. كما ساعدت قطر في تأمين تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا. وفي عام 2023، كانت قطر هي التي توسطت في تبادل الأسرى بين الولايات المتحدة وإيران. ولم يحظ الدور الضخم للدولة الصغيرة دائمًا بالثناء، بما في ذلك بين المحافظين الأمريكيين.

وقد علقت صحيفة “وول ستريت جورنال” المحافظة في افتتاحية لها قائلة: “من الإنصاف القول إن قطر تلعب على كلا الجانبين”. وجادلت بأن البلاد “بعيدة كل البعد عن الصورة النمطية للدولة التي تتلقى ضمانات أمريكية”. تقليديا، يتم توزيع هذه الأنواع من الضمانات على أقرب الحلفاء التاريخيين.

وواصلت الصحيفة المحافظة القول: “في عصر التنافس بين القوى العظمى، قد تحتاج الولايات المتحدة إلى تسوية خلافاتها مع الدول غير المرغوب فيها. لكن هذه خطوة كبيرة”، و”نتساءل إن كان الانعزاليون على الإنترنت، الذين يشعرون بالذعر من دعم الولايات المتحدة لإسرائيل ضد خصوم مشتركين، سيلتزمون بالدفاع عن قطر، بل وحتى خوض حرب من أجلها؟”.

وكانت قطر قد أهدت ترامب طائرة بوينغ 747-8 فاخرة، مما أثار عاصفة سياسية. وندد المنتقدون بالطائرة ووصفوها بأنها رشوة. وحذر آخرون من أنها قد تنتهك الدستور، حتى الجمهوريون أبدوا مخاوفهم.

كما خيمت قطر على الصفقات المربحة التي تفاوض عليها بعض المقربين من ترامب. وكشفت صحيفة “نيويورك تايمز” أن نجل مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، سعى للحصول على أموال من دول الخليج، بما فيها قطر، أثناء لقائه بالوسطاء القطريين بشأن وقف إطلاق النار في غزة. وقال ريتشارد بينتر، الذي شغل منصب محامي الأخلاقيات في البيت الأبيض للرئيس جورج دبليو بوش: “في قانون الهدايا والأوسمة الأجنبية، وافق الكونغرس على بعض الهدايا، بما في ذلك هدايا تصل قيمتها إلى 480 دولارا، وبعض الهدايا الاحتفالية، لكن هذا بالتأكيد لا يشمل طائرة 747”.

لكن ترامب لم يكن قط من النوع الذي يتجنب تضارب المصالح. ويقول بعض المحللين إن الصفقات المشكوك فيها بين ترامب والقطريين ربما تكون قد دفعت الرئيس نحو تقديم الضمانات الأمنية، بالإضافة إلى دور قطر التاريخي كوسيط.

وكتب المحلل العسكري الإسرائيلي رون بن يشاي: “عشرات المليارات من الدولارات من الصفقات التجارية الموعودة خلال زيارته الأخيرة إلى الدوحة وجهود الوساطة القطرية بين الولايات المتحدة وإسرائيل وحماس، وتعهد الدوحة بدعم خطة من 20 نقطة لإنهاء حرب غزة وتعزيز الاستقرار الإقليمي، كل ذلك كان له ثقله الكبير”.

وأضاف: “هذه الخطة، إن تحققت، قد تجعل ترامب مرشحًا لجائزة نوبل للسلام”. في ضوء ذلك، يبدو أن قرار إسرائيل بضرب الدوحة قد قلل من شأن الروابط الوثيقة بين الولايات المتحدة وقطر. يوم الاثنين، وبناء على طلب ترامب الواضح، اتصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي بدا عليه الانزعاج، بنظيره القطري للاعتذار عن الضربة.

وبينما كان ترامب يحمل سماعة الهاتف في حجره، طمأن نتنياهو رئيس الوزراء القطري قائلا: “إسرائيل لا تنوي انتهاك سيادتكم مرة أخرى في المستقبل، وقد قطعت هذا الالتزام للرئيس”.

وقد كان من الممكن تجنب هذا التقليد المهين. فقد امتنع جهاز المخابرات الإسرائيلي “الموساد” عن الضربة خوفا من أن يؤدي الهجوم إلى قطع علاقة الجهاز بالقطريين. وشكك إسرائيلي مطلع على معارضة الموساد في اختيار نتنياهو للتوقيت. وقال لزملائه في إشارة إلى إمكانية اغتيال قادة حماس سرا في أي مكان بالعالم: “يمكننا اغتيالهم خلال عام أو عامين أو أربعة أعوام من الآن، والموساد يعرف كيف يفعل ذلك. لماذا نفعل ذلك الآن؟”.

Share This Article