الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 5/10/2025

في مواجهة إسرائيل توجد كتلة عربية تنافس إسرائيل على النفوذ

 بقلم: تسفي برئيل 

وقف اطلاق النار لم يدخل بعد الى حيز التنفيذ بشكل رسمي؛ خطة اعادة جميع المخطوفين والجدول الزمني الدقيق لتطبيقها والترتيبات التقنية المطلوبة لتنفيذ المرحلة الاولى – كل ذلك يحتاج الى مفاوضات اضافية، التي يصعب التقدير كيف سينتهي مسارها المليء بالالغام؛ المرحلة الاساسية في هذا المسار، نقل السيطرة في غزة الى جهة ادارية خارجية التي ربما ستعتمد على قوة متعددة الجنسيات، توجد الآن على طاولة الرسم فقط كمسودة، وهي ستحتاج الى مزيد من التفاهمات المعقدة قبل تحولها الى خطة عمل قابلة للتنفيذ.

خلافا للمفاوضات السابقة اثناء الحرب، التي تناولت فقط صفقة تحرير المخطوفين، فان خطة ترامب تسعى الى عملية تشمل كل الشرق الاوسط، التي فيها صفقة التبادل هي الدفعة الاولى، حجر الزاوية الذي يتطلع اليه ترامب من اجل اقامة مجمعه متعدد الطوابق في المنطقة، والذي في نهايته تلمع جائزة نوبل للسلام. حتى قبل ان يتضح هل الخطة المدهشة ستترجم الى احتفال موسيقي متناغم، فان ترامب قام بعدة حركات تكتونية شديدة القوة. حيث تبنى مواقف الدول العربية الرائدة، على رأسها السعودية وقطر ومصر، حيث منحها موقع مساوم غطى على مكانة اسرائيل. ان تفهم الاحتياجات الامنية لاسرائيل فقد اولويته لصالح مصالح الدول العربية وتبريرات اسرائيل لمواصلة الحرب بدأ يفسرها كحاجة سياسية لا يمكن أن تكون ملزمة، أو تثير اهتمام الادارة الامريكية. الذروة كانت تعليماته غير المسبوقة لاسرائيل، وقف القصف في غزة على الفور، بعد بضع ساعات هدد فيها حماس مرة اخرى بفتح باب جهنم.

بيان ترامب فاجأ ليس فقط اسرائيل. فهو فاجأ ايضا زعماء الدول العربية، ولا سيما حماس. على الاقل حسب الردود العلنية، هم لم يتوقعوا قرار حازم وسريع جدا. في الجانب العملي فان بيانه انقذ المفاوضات من عقبة معقدة واجهته، مطالبة حماس بضمانات امريكية. ترامب، بدلا من صياغة كتاب ضمانات أو نثر تصريحات فارغة عن انهاء الحرب في المستقبل، ببساطة اوقفها بنفسه ولذلك الضمانات اصبحت لا لزوم لها. حتى الآن من غير الواضح اذا كانت تعليمات ترامب لوقف اطلاق النار تم تنسيقها مسبقا مع الزعماء العرب ومع رجل طيب اردوغان، الذي دوره في المفاوضات ازداد في مراحلها الاخيرة، وحتى انه نسب لنفسه الفضل بهذا القرار. وهكذا، فقد تم تمهيد الطريق لتبنى الخطة من قبل حماس. ولكن نتيجتها السياسية اصبحت واضحة، وتأثيرهها يتجاوز بكثير حدود قطاع غزة.

حتى الآن تميزت مصفوفة الضغوط السياسية التي استهدفت تنفيذ صفقة المخطوفين بعدم التوازن الثابت والمفهوم. دول الوساطة، على رأسها مصر وقطر، كان يجب عليها استخدام ضغط كبير على حماس في حين ان اسرائيل تحظى بدعم ثابت ومستقر من الادارة الامريكية، التي تبنت رواية اسرائيل، التي بحسبها فقط الضغط العسكري هو الذي سيؤدي الى تحرير المخطوفين. ولكن الخطوات التي بادرت اليها الدول العربية في الساحة الدولية وادت الى الاعتراف الجارف بالدولة الفلسطينية وبناء “علاقة الاموال الضخمة” بينها وبين ترامب، التي شملت التعهد باستثمار تريليونات الدولارات، والصدمة العالمية الكبيرة التي اثارتها مشاهد القتل والدمار في غزة – كل ذلك أدى الى تآكل عميق في اسس النموذج الاستراتيجي الامريكي القديم – الذي منح اسرائيل افضلية سياسية ومفتاح حصري للبيت الابيض.

هكذا فانه في الوضع الذي فيه دولتان أو ثلاث دول عربية اعتبرت دول وساطة في صفقة محلية مهمة جدا ولكنها محدودة، حيث لم يكن من المفترض ان تؤثر على التوازن السياسي للقوى في المنطقة، برزت “جماعة” عربية على نحو نادر، قادرة على ان تنافس اسرائيل في استخدام النفوذ في البيت الابيض والحصول على مكانة صانع السياسة الاقليمية.

هذا ليس استعراض القوة الاول لهذا التجمع، الآخذ في التعاظم منذ دخول ترامب الى البيت الابيض. فهو الذي اعطى شرعية سريعة للرئيس السوري، احمد الشرع، وهو الذي اقنع ترامب برفع العقوبات عن سوريا. وهو كان من العوامل التي اثرت على الرئيس الامريكي في وقف الحرب بين اسرائيل وايران، التي اصبحت ضيف دائم في اجتماعات الجامعة العربية. الضغط العربي ليس فقط ازاح عن الطاولة خطة الريفييرا في غزة، بل ايضا نتج عنه التصريح المهم لترامب، الذي بحسبه لن يسمح لاسرائيل بضم الضفة الغربية. هكذا هو رسم حدودها كما يحاول فعل ذلك في غزة.

الحديث لا يدور عن كتلة صلبة لدول تتحدث بصوت واحد. فالخلافات بينها عميقة، والمصالح متناقضة ولا ينقصها ايضا العداء والاشمئزاز المتبادل. ولكن اسرائيل، التي تستند الى الافتراض بان فلسطين لم تعد المغناطيس الذي يربط الدول العربية بعد اتفاقات ابراهيم والتي كانت لا ترى التهديد الذي وضعته غزة امام كل المنطقة، مرة اخرى تفاجأت. السؤال الان هو كيف وهل تستطيع هذه الدول ان تستخدم نفوذها من اجل استكمال العملية الكبيرة لترامب. هنا مرة اخرى يتوقع ان تواجه هذه الدول الفجوة العميقة التي تفصل بين الخطط على الورق وبين التطورات على الارض، التي ستوضح بشكل فعلي ما هي نوايا حماس ونوايا اسرائيل.

للوهلة الاولى خطة ترامب تطرح مسار شامل، يربط تحرير المخطوفين والسجناء الفلسطينيين بخطة ادارة غزة وتحييد حماس ورسم مسار ضبابي لاقامة الدولة الفلسطينية. عمليا، الحديث يدور عن خطتين منفصلتين. تحرير المخطوفين وكل المرحلة الاولى غير مرتبطة بانشاء ادارة عربية أو فلسطينية في غزة وتطبيق خطة بلير، اقامة سلطة مؤقتة لادارة القطاع. هذان الاساسان توجد بينهما فجوة يصعب جسرها. الخطة تتحدث عن “سلطة سلام” دولية سيترأسها بشكل رمزي ترامب، وستدار عمليات على يد طوني بلير. وتحتها سيعمل مجلس ادارة مؤقت يتكون من “خبراء” برعاية غير محددة للسلطة الفلسطينية. حماس يوجد لها موقف مختلف. فهي توافق في الواقع على المبدأ الذي يقول بأنها لن تكون جزء من الادارة المدنية المؤقتة التي ستقام في غزة. وهذه الموافقة تم اعطاءها في السابق بعد نشر خطة مصر في شهر آذار الماضي. ولكن في كل ما يتعلق بدورها في ادارة غزة في المستقبل قالت: “(هذا الموضوع) مشروط بموقف وطني شامل، ومناقشته ستتم في اطار وطني فلسطيني، الذي ستكون حماس جزء منه”. أي ان حماس – التي تجاهلت في ردها موضوع نزع سلاحها – لا تتطرق الى البند الذي يضمن الانتقال الآمن لرجالها الذين سيسلمون سلاحهم، ولا توضح موقفها من نشر قوة متعددة الجنسيات في القطاع. وهي ترى في هذه الاثناء امام انظارها الحاجة الى ضمان الموقف السياسي والاداري الذي تطمح اليه في غزة، ولا تنوي التنازل عنه.

حماس يتوقع ان تحاول استغلال قرار ترامب وقف اطلاق النار و”وحدة الصف” العربي، واستغلال الشعور بالانجاز من اجل المطالبة بتعديلات تضمن مكانتها. اسرائيل في حينه يمكن ان تكتشف ان ترامب الكبير والثابت مصنوع من مادة مرنة تسمح له باظهار مرونة مدهشة.

——————————————

هآرتس 5/10/2025

السلام وفقا لترامب

بقلم: عاموس هرئيلِ 

اذا فكرت جيدا فان الامر سيكون على ما يرام. الرئيس الامريكي دونالد ترامب، لا يكتفي بفرض رغبته على القدس وعلى حماس في محاولته لانهاء الحرب في قطاع غزة. كعادته هو اعلن حرب ضروس على الوقائع نفسها. هو يقارن التفاهمات الجزئية، المليئة بالتحفظات، مع الخطة التي عرضها في بداية الاسبوع كبشرى جيدة، ويتقدم نحو تطبيق صفقة المخطوفين – ويفترض أن لا احد سيتجرأ على وقفه. في الخلفية هناك ايضا توقع قرار الموظفين النرويجيين الخمسة: ترامب متحمس للفوز بجائزة نوبل للسلام، التي هوية الفائز بها سيعلن عنها في يوم الجمعة.

لقد وجد هنا تشابه معين في الظروف في الطرفين. في الرأي العام الاسرائيلي ويبدو ايضا في اوساط الفلسطينيين في غزة. يبدو ان هناك تاييد جماهيري واسع للاتفاق الذي من شانه ان ينهي، على الاقل لفترة ما، سفك الدماء. ولكن فيهما القيادات تخاف من الصفقة لان انهاء الحرب يمكن ان يضر بمكانتهم الداخلية ويلزم بتقديم حساب على افعالهم. ايضا سيكشف الفجوة بين الوعود التي قاما بنثرها اثناء الحرب وبين الانجازات الحقيقية. هنا تدخل الى الصورة قوة الطبيعة التي اسمها ترامب. بعد احداث الاسبوع الماضي، فمن الواضح انه يريد انتهاء هذه القصة، ولتذهب التفاصيل الى الجحيم. هكذا عدنا الى لعبة الاتهامات المعروفة من المفاوضات حول صفقات سابقة خلال الحرب. سواء رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أو رؤساء حماس، يحذرون من ان لا يظهروا امام ترامب كمن افشلوا الاتفاق.

اول امس الجمعة بعد الظهر نشر الرئيس الامريكي انذار آخر لحماس، في اطاره طلب رد ايجابي على اقتراحه حتى مساء يوم الاحد حسب توقيت اسرائيل، وهدد مرة اخرى بفتح باب جهنم على غزة اذا تم رفضه. حماس لم تنتظر، بل سارعت الى الرد خلال بضع ساعات. وكما هو متوقع فان هذا كان “نعم ولكن” – بيان ايجابي لكنه مليء بالتحفظات التي تحمل دلالات على اقتراح ترامب. لقد ارسلت لحماس في هذه الاثناء رسالة امريكية بواسطة القطريين: صيغة بعض البنود في الخطة ما زالت مفتوحة للمفاوضات، شريطة التقدم. في الغد يتوقع استئناف المحادثات غير المباشرة بواسطة الوسطاء من مصر وقطر والولايات المتحدة في القاهرة.

ترامب رحب على الفور برد حماس واعلن انه فتحت الطريق لاتفاق ومنع نتنياهو من مواصلة الهجمات في غزة. ورئيس الاركان ايال زمير تلقى في ساعات المساء المتاخرة توجيه صريح من المستوى السياسي، وبالاساس من الامريكيين: نشاطات الجيش الاسرائيلي في القطاع ستقلص الى الحد الادنى وان القوات ستركز على الدفاع. لفترة ما يمكن أن تتطور هنا مشكلة عملية. فقوات الجيش الاسرائيلي توجد عميقا في احياء غزة ويمكن ان تكون مكشوفة للضرب.

هذه ليست نهاية القصة بالطبع. في رد حماس توجد ثقوب لا تقل عما هو موجود في الاقتراح الاصلي لادارة ترامب. حماس في الواقع اعلنت عن استعدادها لاطلاق سراح جميع المخطوفين، لكنها لم تتعهد بفعل ذلك في غضون 72 ساعة كما طلبت الولايات المتحدة، بل دعت الى اجراء مفاوضات حول التفاصيل. وهي ايضا لم تعلن عن موافقة صريحة لنزع سلاحها، وهي في الواقع مستعدة لنقل السلطة في القطاع الى جهة اخرى، لكنها تتحدث عن هيئة فلسطينية وليس عن جهاز سيطرة عربي – دولي، كما اقترح الامريكيون.

بعد الانتقاد الذي وجه لنتنياهو في الفترة الاخيرة ازاء اتفاق الدفاع بين الولايات المتحدة وقطر – نتيجة اخرى للقرار العبقري لقصف طاقم مفاوضات حماس في الدوحة –  بدأت كالعادة حملة مضادة من الابواق التي استهدفت توضيح ان كل شيء في الواقع يتقدم حسب الخطة. نتنياهو وترامب، كما قيل، ينسقان معا كل شيء وفي القريب ستتبين مرة اخرى عظمة رئيس الحكومة عندما سيصادق الامريكيون له على ارسال الجيش الاسرائيلي للهجوم الاخير على كتائب حماس في مدينة غزة.

سياسيا نتنياهو يفضل كما يبدو استمرار الحرب. ومن الافضل بالنسبة له ان ترتكب حماس خطأ والجيش الاسرائيلي يمكنه استئناف الحرب الخالدة في قطاع غزة بدون ان يطلب منه اطلاق سراح مئات القتلة الفلسطينيين من السجون وتعريض للخطر تحالفه مع احزاب اليمين المسيحاني. في كل مفترقات الطرق السابقة نجح نتنياهو في اقناع ترامب بالسير معه، لكن ربما في هذه المرة، رغم تهديد حماس، فان الرئيس بدأ يتشكك في احتمال ان اسرائيل يمكنها تحقيق نصر عسكري سريع في غزة.

اذا كان ترامب حقا يصمم على التوصل الى اتفاق، وسيواصل وبحق استخدام ضغط شديد، فان نتنياهو يمكن ان يجد نفسه للمرة الاولى داخل مأزق – التي في نهايتها توجد صفقة وعودة المخطوفين وانهاء الحرب. لاول مرة منذ كانون الثاني يوجد زخم ايجابي نحو اتفاق محتمل. والفضل في ذلك يعود بشكل كبير الى تصريحات الرئيس الحازم. وخروج مئات آلاف الاسرائيليين الى الشوارع مساء أمس سيعزز موقفه. ترامب كما تبين من تصريحاته في يوم الاثنين الماضي يتأثر جدا بأي بادرة كهذه.

——————————————

يديعوت 5/10/2025 

يُنصح بأن تعتمد الاستراتيجية الإسرائيلية في غزة على “النموذج اللبناني”

بقلم: ميخائيل ميلشتاين 

ربما يُمثل إعلان ترامب قبوله رد حماس على “خطة الـ 21 نقطة” بداية نهاية حرب “السيوف الحديدية”، التي ستُكمل عامها الثاني غدًا. لقد أعطى ترامب الضوء الأخضر لرد حماس، رغم أنه لا يتوافق مع المطالب التي طرحها مع نتنياهو الأسبوع الماضي، ولا سيما أنه يُثير غموضًا في سياق مطلب تجريد القطاع ونزع سلاح الحركة. وكما هو الحال مع وقف إطلاق النار الذي فرضه على نتنياهو قبل نحو عام، يُثبت ترامب هذه المرة أيضًا أنه صاحب القرار النهائي في مسألة حرب غزة، حتى لو لم يكن ذلك متوافقًا مع مواقف الحكومة الإسرائيلية.

لا تختلف خطة ترامب في صيغتها الحالية اختلافًا جوهريًا عن خطة بايدن (التي صاغها نتنياهو)، والمبادرة المصرية، ومخطط ويتكوف. بالطبع، رحّبت حماس بالسعي لإنهاء الحرب، ووافقت على إطلاق سراح جميع المخطوفين وتشكيل حكومة فلسطينية في القطاع لا تُشارك فيها، لكنها أعربت عن معارضتها لتدخل هيئة دولية في القطاع، وأوضحت أن مسألة نزع السلاح بحاجة إلى توضيح (مع الإشارة إلى موافقتها على التخلي عن “الأسلحة الهجومية”، في إشارة إلى منظومة الصواريخ التي كادت تُدمر على أي حال)، وطالبت بتوضيحات بشأن خطة الانسحاب الإسرائيلي ومواعيده، بالإضافة إلى ضمانات بعدم عودة إسرائيل إلى القتال كما فعلت في 18 آذار من هذا العام.

في ظل الظروف الجديدة، من المرجح أن تسعى حماس لأن تصبح بمثابة “حزب الله غزة”. رسميًا، لن تتولى منصبًا قياديًا ولن تشارك في الحكومة المحلية، لكنها ستسعى خلف الكواليس للحفاظ على نفوذها في القطاع: الاستمرار في الحفاظ على قوة عسكرية، حتى لو كانت محدودة (مجهزة أساسًا بأسلحة خفيفة)، وممارسة نشاط سياسي وتنظيم مدني متفرع. سيُشكّل هذا واقعًا صعبًا على إسرائيل، يتطلب ليس فقط مراقبة دقيقة، بل أيضًا تخطيطًا معمقًا لكيفية اقتلاع خطر حماس من جذوره في المستقبل، وهذه المرة بطريقة رصينة وبمبادرة إسرائيلية، والتي يُوصى بأن تكون مصحوبة بإجماع محلي وشرعية دولية – وهي غير موجودة حاليًا.

يبدو أن قطر لعبت دورًا محوريًا في إقناع ترامب بالاتفاق بشكل عام، وفي تلقي رد حماس بشكل خاص. يُضاف هذا إلى الإنجازات التي حققتها الدوحة عقب الهجوم الإسرائيلي على أراضيها، وأبرزها توقيع اتفاقية دفاع استراتيجي مع واشنطن، وانتزاع اعتذار من نتنياهو، مما يُظهر أن تأثيرها على الرئيس الأمريكي لا يقل عن تأثير نتنياهو. وهكذا، يُمثل الهجوم على الدوحة منعطفًا دراماتيكيًا في الحرب. بعد ذلك، ازداد الضغط العربي على واشنطن لإنهاء الصراع، وعززت قطر مكانتها في نظر الولايات المتحدة، على عكس ما كان يأمله نتنياهو. في مثل هذا الوضع، من غير المؤكد إلى أي مدى يُمكن تحقيق رغبة إسرائيل في عدم دمج الدوحة في غزة في اليوم التالي، على الأقل بشكل كامل.

إن الواقع الذي ظهر في اليومين الماضيين يوضح أن إسرائيل قد اتخذت منعطفًا كبيرًا ومؤلمًا وصعبًا لمدة ستة أشهر (منذ عودتها إلى القتال) لتكتشف أنها عادت إلى نفس المعضلة بين خيارين عند مفترق طرق استراتيجي، حيث يتعين عليها اختيار أهون الشرين: إما احتلال كامل للقطاع والبقاء في المنطقة دون حد زمني، مع دفع ثمن باهظ ودون إطلاق سراح الرهائن، أو صفقة ستكون مصحوبة أيضًا بثمن باهظ، وفي المقام الأول إنهاء الحرب والانسحاب من القطاع وإطلاق سراح الإرهابيين، ولكنها قد تكون أفضل من احتلال غير محدد المدة لغزة، والأهم من ذلك – ستسمح بعودة الرهائن. في تحركاته الأخيرة، يبدو أن ترامب يتخذ الخيار لإسرائيل: إعطاء الأولوية لصفقة، حتى لو تميزت بثغرات، ووقف مؤقت وربما طويل الأمد للجهد العسكري في القطاع.

 رغم المحادثات المقرر انطلاقها اليوم في القاهرة وتصريحات ترامب، لا يزال الطريق إلى اتفاقٍ مليء بالعقبات، وليس من المؤكد التوصل إليه في نهاية المطاف. أولًا، خفت حدة الاشتباكات على الأرض، لكنها لم تتوقف، وإذا وقعت هجمات خطيرة، وخاصةً محاولات اختطاف جنود، فمن المرجح أن يتطور تصعيدٌ سريع. ثانيًا، ليس من الواضح إطلاقًا ما إذا كان الطرفان سيتوصلان إلى اتفاقات، وخاصةً بشأن مسألة الأسلحة، الأمر الذي يتطلب تدخل ترامب، وربما حتى تطبيقًا حازمًا. ثالثًا، يكتنف الضباب آلية تنفيذ الاتفاق، لا سيما في سياق خطة إعادة الرهائن، وطبيعة الحكومة المستقبلية في غزة وقدرتها على التعامل مع حماس، بالإضافة إلى حرية عمل إسرائيل المستقبلية في القطاع. يُنصح بأن تعتمد الاستراتيجية الإسرائيلية في ظل الواقع الناشئ على مزيج من “النموذج اللبناني”، أي التصدي لأي تحدٍّ ناشئ رغم وقف إطلاق النار، وتطبيق رقابة دولية صارمة، بهدف تشكيل حكومة محلية جديدة في قطاع غزة ترتبط بالسلطة الفلسطينية. هذا الكيان، وإن كان سيواجه صعوبة في أن يكون عنوانًا فعالًا، إلا أنه أفضل من حكم عسكري إسرائيلي، أو حكم حماس، أو “الصوملة” التي قد تتطور في ظل الإصرار على تنمية الميليشيات والعصابات والعشائر كبديل ظاهري لحكومة حماس.

من منظور إسرائيلي داخلي، فإن نهاية الحرب سوف تسمح بالتعامل مع القضايا الحرجة التي تم تهميشها في العامين الماضيين: بدءاً من لجنة تحقيق حكومية في جذور المؤامرة وفشل السابع من أكتوبر، من خلال تسليط الضوء على المشاكل الأساسية التي تم الكشف عنها في الحرب، مثل العلاقة بين الدولة والحريديم والتجنيد في جيش الدفاع الإسرائيلي، وانتهاءً بعملية الإصلاح والشفاء التي تعتبر ضرورية للغاية لمجتمع كان على قطار جبال من حرب مستمرة بلا هوادة لمدة عامين، ولم يهضم صدمة السابع من أكتوبر، ويحتاج إلى إعادة صياغة رؤيته وأهدافه الاستراتيجية، ويفضل أن يكون ذلك مع تغيير القيادة.

——————————————-

معاريف 5/10/2025 

“أمرك سيدي”.. هكذا أدخل نتنياهو إسرائيل في الكمين ومسح البصقة عن وجهه: ماذا لو لم يفز ترامب بـ “نوبل”؟

بقلم: بن كسبيت

إحدى الميزات البارزة لعصر دونالد ترامب هي أنه حتى عندما تقع الاحداث التي يصعب فهمها وتفاجيء الجميع، لا يمكن ان نقرر بيقين فيما اذا كان هذا شرا أم خيرا، وهل ينبغي لنا أن نكون الان متفائلين أم متشائمين والاهم اذا كانت هذه نهاية تامة أم انه بعد يومين او أسبوعين سينقلب هذا مرة أخرى رأسا على عقب.

عموما، اعلن الرئيس الأمريكي امس عن نهاية الحرب. اما بالتفاصيل، فاذهب لتعرف اذا كان هذا سيحصل. احدى نظريات المؤامرة تعتقد أن عيني ترامب لا ترنوان الى غزة، الدوحة أو أنقرة بل الى أوسلو – هناك يفترض ان يعلنوا في نهاية الأسبوع القادم عن الفائزين في جائزة نوبل، وبالتالي استغل ترامب نهاية الأسبوع هذه كي يدرأ الشك. السؤال هو ماذا سيحصل اذا تبين له، لا سمح الله، انه لم يفز، فهل في مثل هذه الحالة سيعلن مرة أخرى الحرب؟

موجز الاحداث الأخيرة يمكن أن يبعث على الدوار حتى لسائق سباق متمرس. ففي يوم الجمعة، قبل وقت قصير من دخول السبت، بدا ترامب كفاحيا اكثر من أي وقت مضى واعلن عن انذار جديد: حماس ملزمة بان تعطي جوابا على مخططه حتى الليلة التي بين الاحد والاثنين. والا، وتخمينكم صحيح، ستفتح بوابات الجحيم.

في ذات الوقت تقريبا تحدث رجال ترامب ورجال نتنياهو انهم لن يقبلوا بجواب متملص. لن يكون “نعم ولكن”. كما لن تكون مفاوضات متجددة. على حماس أن تأخذ القرار. خذه او دعه. هكذا ببساطة.

وعندها ردت حماس بـ “نعم ولكن” الذي هو اقرب الى “لا”، وذلك رغم أنهم يوافقون على البدء بتحرير المخطوفين وفقا لمخطط ترامب “ليس الجميع وليس في غضون 72 ساعة”، لكنهم لا يوافقون على تجريد القطاع، لا يوافقون على قوة متعددة الجنسيات ويريدون أن يخوضوا مفاوضات على كل هذه التفاصيل.

وماذا يفعل ترامب؟ يعلن عن نصر تاريخي وسلام أبدي. “لا” لحماس ترجمت من العربية الى انجليزية ترامبية وأصبحت “نعم”. فقد سارع ترامب بالتهنئة على المنجز وتبكير المتأخر، وعلى الطريق أمر إسرائيل بوقف القصف في غزة. اما إسرائيل، أي نتنياهو، فمسح البصاق عن وجهه وأطاع.

من السابق لاوانه ان نعرف الى اين سيفضي كل هذا. واضح ان ترامب استنفد العرض ويريد التخلص منها. واضح أن قطر هي الحليف الأهم والاكبر للامريكيين في الشرق الأوسط، بكثير. واضح انه في المكان الثاني بعدها توجد تركيا، واضح أن رون ديرمر الذي يحظى في الآونة الأخيرة بتيجان كثيرة ويوسف كـ “عبقري الجيل” عاد الى حجمه الطبيعي. واضح أنه يحتمل ان نكون وصلنا أخيرا الى “النصر المطلق” – لكن هذا ليس بفضل النصر، بل لان ترامب قرر.

واضح أيضا أن شيئا من وعود وهذيانات اليمين المتطرف ونتنياهو لن يحصل حقا على الأرض: لن تكون ريفييرا في غزة، لن يكون ضم، لن تبنى مستوطنات جديدة في غزة، لن يكون تهجير طوعي او قسري، لن نلاحق مخربي حماس حتى آخرهم، إذ ليس لاحد ما يكفي من الوقت لهذا. على إسرائيل أن تعود الى ارض الواقع، ويحتمل أن يكون دونالد ترامب اعادها اليها.

تدل المؤشرات على أن ترامب يعمل بوظيفة كاملة لدى القطريين منذ زمن بعيد لكن هذه طلت في نهاية الأسبوع من على كل شاشة وبرزت على كل حائط. مكالمة ترامب وأمير قطر الهاتفية في يوم الغفران بشرت بحلول الربيع، او الشتاء (هذا منوط بزاوية النظر الى ذلك). حقيقة أن قطر وتركيا سارعتا لنشر بيانات تأييد لرد ترامب على رد حماس تدل على أن كل شيء مخطط. اما إسرائيل فقد دخلت الى كمين زرع بعناية ووجدت نفسها في ساحة الغام اعدت مسبقا. وتراوح المحور المنفذ بين واشنطن والدوحة وأنقرة. من يملى عليه في هذه المراسلات هو الرئيس المصري السيسي كشريك صغير.

السؤال هو، أين نحن. اين النفوذ العظيم لديرمر على البيت الأبيض، كيف يحتمل ان قبل نصف دقيقة من حصول كل هذا كنا نعلن بثقة بالنفس لانه “لن تكون مفاوضات” وان خطة ترامب هي منتج نهائي لا جدال فيه وما شابه وهلمجرا، ونصبح نكتة بعد دقيقة. إذ غدا سيسافر الى القاهرة وفد المفاوضات الإسرائيلي الأكبر منذ 7 أكتوبر.

الحرج والدهشة في أوساط نتنياهو ورجاله مساء الجمعة، بعد نشر بيان الرئيس ترامب (“حماس اختارت السلام”) لم يكن لهما ثمن. في صالح رئيس الوزراء ينبغي أن يقال انه انتعش بسرعة وقام بالفعل الصحيح: اطاع ترامب، قال “نعم”، لم يضع مصاعب، وبعد ذلك، كعادته، حاول ان يلي الخريطة لصالحه. “كل شيء منسق، نصر عظيم لرئيس الوزراء”، قال لمن قال له على مدى السبت.

أتدرون؟ فليكن. حسنا. نصر عظيم. بيروس يتقلب في قبره. المهم انك فهمت بانه يجب انهاء الحرب، إعادة المخطوفين (بترتيب معاكس) والفهم بان لا، لا يمكن ان تشطب حماس من على الخريطة. غزة يمكن، اما حماس فأقل. وحان الوقت لوقف النزيف ومحاولة البدء بترميم ما ابقيت من العلامة التجارية “إسرائيل”.

ولا يمكن بدون بضع كلمات عن تركيا. الى جانب قطر هي العراب الرئيس للحدث. هذا لن يقال في صالحنا. رجب طيب اردوغان ليس محبا لصهيون. هو كاره لإسرائيل. هو يفعل كل ما يمكنه كي يضيق على خطانا في كل مجال وفرع ومنطقة في المحيط. هو يوشك على أن يحصل على قاذفات الشبح من الأمريكيين وهو احد العناصر الذين حثوا ترامب على الخطوة الحالية وحماس على جوابها المتملص. هذا الائتلاف للاخوان المسلمين، من الدوحة عبر أنقرة، دمشق وغزة هو المحور الجديد الذي أقامه نتنياهو هنا حولنا، بعد ان نظف المحور الشيعي.

لو كان نتنياهو أخذ المسؤولية عن 7 أكتوبر لكان ممكنا أن نعطيه بسرور الحظوة على إنجازات الحرب. ليس في هذا حاجة حقيقية، فالتاريخ سيفعل هذا أيضا. السؤال هو ما الذي سيولده اليوم. الى اين ستأخذنا هذه الاحداث الان واساسا ماذا سيكون مصيرنا بعد عصر ترامب (الذي سينتهي في اقصى الأحوال بعد ثلاث سنوات). في هذه الاثناء الأهم هو الاجتهاد الا نفجر بالون الفرصة الحالية، الا نضيف مصاعب الى الترهات وان نعيدهم الى الديار. الان.

———————————————

هآرتس 5/10/2025

قطر استغلت علاقتها مع ترامب للدفع قدما بالصفقة، نتنياهو حشر في الزاوية

بقلم: حاييم لفنسون

 من غير المستبعد أنه في المستقبل القريب اذا لم يتغير أي شيء، فان المخطوفين الموجودين منذ سنتين في غزة سيكونون في الطريق الى البيت. الرئيس الامريكي، دونالد ترامب، بالتنسيق مع قطر، مصر وتركيا، سيفعل كل ما في استطاعته لانهاء الصفقة وانهاء الحرب.

التغيير الكبير الذي حدث في الفترة الاخيرة هو ان قطر نجحت اخيرا في اقناع حماس بأن طريقة انهاء الحرب هي اطلاق سراح المخطوفين وليس الاحتفاظ بهم. في الدوحة شرحوا لحماس بان المخطوفين ليسوا ذخر، بل عبء؛ وانهم ذريعة نتنياهو لمواصلة الحرب الى ما لا نهاية، وانهم ليسوا الضمانة لوقفها. حتى الآن حماس رفضت اطلاق سراح جميع المخطوفين بدون الاتفاق مسبقا على كل شروط وقف الحرب. موقف قطر هو أنه اذا تم اطلاق سراح جميع المخطوفين فسيكون بالامكان الثقة بترامب بانه سيكون وقف اطلاق نار ثابت ومستمر، وهناك ستتم مناقشة التفاصيل حول ترتيبات انهاء الحرب مع اذن صاغية للرئيس الامريكي. بالنسبة لهم فانه عندما لا يكون يوجد مخطوفين اسرائيليين في غزة، فان اسرائيل في وضعها السياسي اليائس لا يمكنها مواصلة الحرب.

بسبب عيد الغفران فقد تملصت من تحت الرادار في اسرائيل مكالمة هاتفية اجريت بين ترامب وامير قطر، التي هدفت الى الدفع قدما بالصفقة. الامير عاد واكد لترامب بأنه سيوصل حماس الى افق ايجابي، ومصدر في الدوحة اعتبر المحادثة “ممتازة”. ترامب فهم ان الوقت غير مناسب لتدقيق زائد في كل بند، بل هذا الوقت المناسب للنظر الى الصورة الكبيرة، اخذ موافقة حماس المبدئية (التي كتب عنها في “هآرتس” قبل اسبوع)، وابقاء لدول الوساطة مهمة اغلاق التفاصيل الصغيرة. ان قلب ترامب قاسي تجاه تفاصيل من هذا النوع، هو يحلم بالتقاط صورة مع المخطوفين المحررين في البيت الابيض. فهناك يمكنه ان يشرح كيف نجح في المكان الذي فشل فيه بايدن.

نتنياهو أمل مساء أمس اقناع ترامب في رؤية الـ “لا” اكثر من رؤية الـ “نعم”. ولكن في موازاة محور الوزير رون ديرمر في البيت الابيض، ايضا قطر قامت بعمل تحضيري واهتمت بأن يرى ترامب الـ “نعم” أكثر من الـ “لا”. نتنياهو تفاجأ من الاعلان السريع، الاحتفالي والحازم لترامب، الذي رأى أن حماس وافقت على الصفقة. بعد ليلة طويلة من الرفض في القدس، اصدر نتنياهو بيان داعم ولاذع، لدعم ترامب. رئيس الوزراء لا يملك المال الكافي للعب لعبة البوكر هذه.

الفرق الرئيسي بين ولاية الرئيس الامريكي الاولى والثانية هو صعود نجم قطر كلاعبة رئيسية في الشرق الاوسط. هذا وجد تعبيره ايضا في زيارة ترامب في الدوحة، وهي الدولة التي قفز عنها في جولته في الشرق الاوسط في ولايته الاولى، ايضا في الامر الرئاسي الذي نشر في هذا الاسبوع، الذي اعلن فيه ترامب بان أي هجوم على قطر سيعتبر هجوم على الولايات المتحدة. يجب اضافة الى ذلك الصداقة الشخصية والحميمة بين رئيس حكومة قطر والمبعوث الامريكي الخاص ستيف ويتكوف، التي اضيفت اليها ايضا التقارير عن العلاقات الاقتصادية الوثيقة بين عائلة ويتكوف والقطريين. خلافا لعالم القناة 14، هناك نتنياهو يوصف بأنه القادر على كل شيء في واشنطن، يوجد لاعبون آخرون في الساحة، نجحوا في حشر نتنياهو في الزاوية. الآن بصورة فعلية، هناك وقف لاطلاق النار في غزة، الذي مثل وقف اطلاق النار مع ايران اعلن عنه في تغريدة للرئيس الامريكي. اليوم أو غدا ستذهب بعثة الى القاهرة من اجل تنسيق خطوط الانسحاب الاولى، التي ستمكن من انطلاق صفقة المخطوفين. حسب اقوال الوسيط الاسرائيلي غرشون باسكين، الذي كان مشارك في صفقة شليط وله علاقة مع رؤساء حماس، فان هناك تفاهم مسبق على خطوط الانسحاب هذه، بحيث ان اسرائيل ستجد صعوبة في التشويش عليها بخلافات عبثية. اضافة الى ذلك فانه مقابل اطلاق سراح المخطوفين حماس ستتسلم 250 من السجناء الفلسطينيين المحكومين بالمؤبد. تحرير السجناء الفلسطينيين يحتاج الى مصادقة من الحكومة.

نتنياهو فقد الوزراء الحريديم الذين ايدوا تلقائيا موقفه. في الحكومة يوجد الآن 26 وزير، ستة من بينهم يبدو أنهم سيصوتون ضد، وزراء “قوة يهودية” و”الصهيونية الدينية”. ايضا الوزير امسالم والوزير شيكلي عارضا في التصويت على الصفقة السابقة. ولكن حتى لو لم تكن الصفقة شعبية لدى القاعدة فانه تصعب رؤية امكانية ان يكون هناك ستة وزراء آخرين سيقفون ضد موقف نتنياهو. بقي يومان على 7 اكتوبر، والنهاية تبدو أقرب من أي وقت مضى.

——————————————

هآرتس 5/10/2025 

مبادرة ماكرون السياسية استقبلت بالاستخفاف لكنها تنعكس في مخطط ترامب

بقلم: ليزا روزوفسكي

في الواقع ما زال من السابق لاوانه القول بان الحرب في غزة على وشك الانتهاء وأن المخطوفين على وشك العودة. ولكن الان يمكن اعطاء الفضل لزعيم واحد تعرض بالاساس الى الاهانة في اسرائيل وهو الرئيس الفرنسي عمانويل ماكرون. المبادرة الفرنسية – السعودية، التي انطلقت في نهاية السنة الماضية، ظهرت كمشروع اخرق ومثير للضجة، ولا توجد فيه أي اهمية عملية. الاهانات التي حصل عليها ماكرون من بنيامين نتنياهو لم تساعد في تحسين الوضع.

يبدو ان الدبلوماسية الفرنسية الكثيفة، سواء من وراء الكواليس أم أمامها، اسفرت عن نتائج غير متوقعة. الخطة الامريكية التي تتكون من 20 نقطة تستند الى اعلان نيويورك، الناتج عن المبادرة الفرنسية – السعودية، في اكثر من بند: نشر القوة الدولية في غزة، الامر الذي ظهر كخيالي قبل بضعة اسابيع، اصبح الآن واقعا ينتظر التنفيذ. ايضا خطة نزع التطرف من المجتمعين، الاسرائيلي والفلسطيني، مستمد ايضا من الوثيقة الفرنسية – السعودية. ووعد محمود عباس الملموس والشامل لاجراء اصلاحات في السلطة الفلسطينية، وهو شرط البيت الابيض لنقل الحكم في غزة للسلطة الفلسطينية، جاء كرد ومقابل على اعتراف الغرب بالدولة الفلسطينية الذي قاده ماكرون.

حسب اقوال الدكتورة مورييل اسبورغ، زميلة كبيرة في قسم الشرق الاوسط وافريقيا في المعهد الالماني لشؤون الخارجية والامن (اس.دبليو. بي)، فان انجازات المبادرة لا تقتصر على ذلك. “يمكن الاشارة الى ثلاث نقاط فيها اوصلت المبادرة ادارة ترامب الى المكان الذي لم تكن فيه في السابق”، قالت للصحيفة. “أولا، وهم الريفييرا في غزة، الذي كان سيؤدي الى الطرد القسري لسكان القطاع، ازيل بشكل رسمي عن طاولة النقاشات. ثانيا، المبادرة اجبرت الدول العربية على العمل معا بدلا من الجر نحو اتجاهات مختلفة. ثالثا، المبادرة جعلت الدول الغربية، ومحمود عباس ايضا، تدين بشكل علني فظائع 7 اكتوبر، والقول بانه لا يوجد مستقبل مع حماس”.

المعارضة الحازمة لادارة ترامب للاعتراف بفلسطين اخذت تضعف، بضغط عربي – اسلامي كثيف. في نهاية المطاف حلم الدولتين اندمج ايضا بخطة الـ 20 نقطة – ربما هذا هو الانجاز الاكبر والمفاجيء اكثر لماكرون، الذي يظهر القوة في صياغة أي حلم، مهما كان عام وغير واضح لليوم التالي. الضم غير وارد في المستقبل المنظور. ايضا يصعب تصور اتخاذ اسرائيل “اجراءات مضادة مماثلة” ضد فرنسا وبريطانيا.

الدول الاوروبية من ناحيتها ستتحمس من وجود فرصة للبدء في تحسين العلاقات التي تدهورت في الاشهر الاخيرة ووصلت الى حضيض غير مسبوق. عمليا، هي بثت طوال الوقت لاسرائيل بأنها مستعدة للمصالحة من اللحظة التي سيعطى لها سبب جيد لذلك، ولكن هذا لن يحدث بدون شروط. وثيقة السياسات التي نشرت في هذا الاسبوع، والتي كانت اسبورغ من المبادرين اليها، تعرض على حكومة المانيا تبني سياسة جديدة في كل ما يتعلق بالشرق الاوسط، والتوقف عن تفضيل الدعم لاسرائيل، الذي شاهدناه في العقود الاخيرة، ويتم عرضه كقيمة اساسية لالمانيا، حسب التزامات قانونية واخلاقية – بالتحديد على خلفية ماضيها. من بين الاقتراحات العملية التي تظهر في الوثيقة فرض حظر شامل اكثر على اسرائيل، ودعم المانيا لتعليق اتفاق الشراكة معها والغاء الاعفاء من تاشيرات الدخول الى اوروبا لسكان المستوطنات. المانيا في الواقع لمحت مؤخرا بانها توجد على شفا تغيير سياستها في كل ما يتعلق بصد مبادرات مناهضة لاسرائيل في الاتحاد الاوروبي. الآن، عندما يبدو ان اسرائيل مستعدة للتقدم فان احتمالية ذلك ضعفت بشكل كبير.

مع ذلك، التغيير الكبير في الرأي العام الاوروبي ضد اسرائيل سيكون من الصعب اصلاحه. استطلاع اجرته شركة “يوغوف” لعينة شملت 2000 مستطلع الماني، اظهر ان 60 في المئة من المصوتين لتحالف الاحزاب المحافظة سي.دي.يو/ سي.اس.يو (الذي انتخب المستشار الحالي فريدريك ميرتس)، يعتقدون انه يمكن وصف عمليات اسرائيل في غزة بأنها ابادة جماعية. في اوساط مصوتي الخضر، حزب اليسار دلنكا والحزب الاشتراكي الديمقراطي، النسبة اعلى بكثير. في اوساط مصوتي حزب ايه.اف.دي اليميني المتطرف، الذي معه حتى حكومة اسرائيل الحالية لم تطبع العلاقات، فان 56 في المئة يعتقدون ان اسرائيل ترتكب ابادة جماعية في غزة.

هذا التوجه يتوقع ان يؤثر على استعداد الدول الاوروبية لاعادة علاقاتها مع اسرائيل الى سابق عهدها. “الحكومات، لا سيما حكومة المانيا، ستكون مسرورة من تحسين علاقاتها مع اسرائيل عندما تتوقف المذابح”، قال اسبورغ واضافت. “لكن هذا يتعلق هل حكومة اسرائيل ستعتبر شريكة في التقدم نحو الحل الشامل للنزاع بين اسرائيل والفلسطينيين”. في اوروبا يئسوا من نتنياهو وحكومته منذ زمن. ولكنهم يحرصون على التوضيح بان هذا اليأس لا يسري على كل الاسرائيليين. انهاء الحرب سيكفي من اجل وقف هذا الانجراف، لكن الدول تفضل كما يبدو بناء العلاقات من جديد مع شريك آخر.

——————————————

هآرتس 5/10/2025 

غزة اصبحت مثل هيروشيما، لكن روحها حية

بقلم: جدعون ليفي

نحن بحاجة الى تفاؤل كبير كي لا نفقد ماء الوجه ازاء الاتفاق ونفسد الاحتفال، ولكن الامر ممكن، لان فيه جوانب مشرقة. فهو ليس اتفاق سلام بين اسرائيل وغزة، الذي كان سيكون افضل بكثير، بل هو اتفاق فرضته الولايات المتحدة على اسرائيل، لكن من الواضح منذ فترة طويلة ان الاتفاق القسري وحده هو الكفيل باحداث التغيير في اسرائيل. ها هو يحدث. بادرة امل لاستمرار سياسة الاكراه الامريكية التي بدونها لن يتحرك أي شيء.

كثيرون جدا تم انقاذهم من الموت في نهاية الاسبوع الماضي، وخوف وجوع ومرض ومعاناة اكثر من مليوني شخص ربما تصل بالتدريج الى النهاية. هذه الليلة هم على الاقل سينامون للمرة الاولى بدون الخوف من القصف فوق رؤوسهم المكشوفة. ايضا حرية مئات الآخرين ستعاد اليهم. الـ 20 مخطوف اسرائيلي الاحياء، والـ 250 سجين مؤبد فلسطيني، والـ 1800 غزي معتقل الذين في معظمهم ابرياء. نعم، دفعة واحدة. ايضا المعتقلون الفلسطينيون لهم عائلات امضت اشهر وسنين من الخوف وعدم اليقين ازاء مصيرهم. لا أحد من الـ 1800 معتقل من غزة الذين سيحررون سيتم تقديمه للمحاكمة. هم ايضا مخطوفون. ومن الافضل عدم المقارنة بين ظروف الاعتقال لدينا ولديهم. هي ظروف كانت مخيفة في الطرفين. لذلك، تحريرهم هو سبب للفرح، فرحنا جميعا. جميع المخطوفين وكل العائلات.

هذا الاتفاق يعيد النظام الى العلاقات بين الولايات المتحدة واسرائيل. اسرائيل هي دولة رعاية، والولايات المتحدة هي الدولة العظمى الراعية. في السنوات الاخيرة هذه التعابير تم طمسها حتى اصبحت غير واضحة، واحيانا كان يبدو، لا سيما في فترة الرئيس براك اوباما والرئيس جو بايدن، ان اسرائيل هي الدولة العظمى والولايات المتحدة هي دولة الرعاية لها. اخيرا وجد رئيس امريكي تجرأ على استخدام الرافعة العظيمة التي في يده كي يملي على اسرائيل خطواتها. الخطوات التي املاها ترامب هي جيدة لاسرائيل رغم ان قلائل يعترفون بذلك.

وقف الحرب هو جيد بالطبع لغزة، لكنه جيد ايضا لاسرائيل. هذا ليس الوقت المناسب لاحصاء كل الاضرار المصيرية لهذه الحرب على اسرائيل، وبعض هذه الاضرار غير قابلة للاصلاح. العالم لن ينسى بسرعة الابادة الجماعية، وستمر اجيال الى ان تنسى غزة. وقف الحرب الآن هو اقل الشرور بالنسبة لاسرائيل التي ضلت الطريق. في الاشهر الاخيرة كانت على شفا ابادة اخلاقية واستراتيجية. العم دونالد اعادها الى حجمها، وربما ايضا يضعها على طريق اخرى.

اسرائيل كان يمكنها تجنب هذه الحرب، التي فقط اضرت بها، لكن ايضا نهايتها كان يمكن ان تقوم بها بشكل مختلف. مفاوضات مباشرة مع حماس وبادرات حسن نية ربما كانت ستغير اللعبة. الانسحاب من كل القطاع واطلاق سراح جميع السجناء كانت ستشير الى بداية جديدة. ولكن اسرائيل اختارت كالعادة التصرف بشكل مختلف، تنفيذ فقط ما يفرض عليها.

غزة، وحماس، تنهي هذه الحرب وهي واقفة على ارجلها. متعبة، نازفة، مصدومة، يعوزها كل شيء. ومع ذلك هي ما زالت واقفة على ارجلها. غزة اصبحت هيروشيما، لكن روحها ما زالت حية. القضية الفلسطينية تم ابعادها كليا عن جدول الاعمال الدولي – بعد لحظة، السلام مع سوريا كان سيحول الفلسطينيين الى الهنود الحمر في المنطقة – وجاءت الحرب ووضعتها على رأس القائمة. العالم اصبح يحبهم ويتعاطف معهم. سكان غزة الذين دفعوا ثمن لا يمكن وصفه، لا يوجد أي شيء يعزيهم. ويمكن ايضا ان العالم سينساهم مرة اخرى، لكن للحظة اصبحوا في قمة العالم.

هذه اللحظة يجب استغلالها لتغيير المزاج هنا: هذا هو الوقت المناسب للاسرائيليين كي يفتحوا عيونهم ويشاهدون مع فعلته ايديهم. ربما لا احد يبكي على الحليب الذي سكب، لكن على الدماء التي سفكت نعم. هذا هو الوقت المناسب لفتح غزة امام وسائل الاعلام والقول للاسرائيليين: انظروا، هذا ما قمنا بفعله. هذا هو الوقت المناسب للتعلم بان الاعتماد فقط على القوة العسكرية يؤدي الى الدمار. هذا هو الوقت المناسب للفهم بأننا في الضفة نقوم بالاعداد لغزة اخرى. هذا هو الوقت المناسب للنظر مباشرة والقول: نحن اخطأنا، تعدينا وأجرمنا.

——————————————

يديعوت احرونوت 5/10/2025 

فازت إسرائيل بالمعركة، لكنها خسرت الحملة

بقلم: بن درور يميني

يجدر النظر إلى العامين الماضيين من منظور شامل. ففي الأسابيع الأخيرة، كادت إسرائيل أن تنهار تمامًا. ليس عسكريًا، بل سياسيًا واستراتيجيًا. فقد نجحت حماس في جرّ إسرائيل إلى الانهيار. وبدأت المقاطعة الاقتصادية تُلحق الضرر بالواردات والصادرات. لم يثبت المفهوم الإسرائيلي القائل إن “الضغط العسكري سيؤدي إلى تنازلات” جدواه خلال العامين الماضيين. بل على العكس. كان من الممكن أن يدفع الضغط الدولي، الناجم عن النشاط العسكري، إسرائيل من انهيار إلى انهيار. وجاء الاتفاق في لحظة حرجة. اذ أن إعلان إسرائيل عن وقف الأعمال العدائية، حتى لو استمر لأغراض دفاعية فقط، هو مثابة إنقاذ من الانهيار.

يمنح الاتفاق، الذي نأمل أن يُنفذ، إسرائيل جميع أهداف الحرب. ومع ذلك، لم يوقع نتنياهو اتفاقًا يتضمن “تقرير مصير” الفلسطينيين، أي دولة، بمحض إرادته. وقّع لأنه وُجه مسدس الى رأسه. على أي حال، تكمن المشكلة في تراكم الأضرار. انتصرت إسرائيل في المعركة، لكنها خسرت الحملة. جميع الإنجازات الاستراتيجية، بالغة الأهمية، ضد إيران وحزب الله، بدأت تتلاشى بسبب الضرر المتزايد الذي لحق بمكانة إسرائيل الدولية. قد يؤدي رفض عمال الموانئ المتزايد تحميل البضائع لإسرائيل إلى أزمة اقتصادية غير مسبوقة. خطوة أخرى على طريق الانهيار. وبالفعل، لم تصل المعدات العسكرية والحيوية إلى إسرائيل. الاتفاق، الذي نأمل أن يُنفذ، لن يوقف العداء تجاه إسرائيل بين عشية وضحاها. لكنه يُكبح جماحه. الآن، ستكون المهمة الصعبة المتمثلة في استعادة المكانة السياسية لإسرائيل ضرورية. من المشكوك فيه أن الحكومة الحالية قادرة على تحقيق هذه المهمة. إنها مهمة طويلة الأمد.

لم يكن رد حماس بنعم تمامًا. ولكن إليكم مفارقة أخرى: لا يهم ما تقوله حماس. لقد وضع نتنياهو نفسه في موقفٍ لا يُهم فيه سوى ما يقوله ترامب. أعلن ترامب أن هذا ردٌّ إيجابي، وحوّل حماس أيضًا إلى حركة سلام. في غضون ساعات قليلة، أُجبر نتنياهو، بالقوة مجددًا، على إصدار أمر بوقف القتال.

لماذا لم تبادر إسرائيل بأي إجراء؟ فبدلاً من وقف القتال قسراً، كان بإمكان إسرائيل، مراراً وتكراراً، المبادرة بالمزيد والمزيد من وقف إطلاق النار، ليتضح أن حماس هي من تريد الحرب، وليست إسرائيل. ففي النهاية، لم ينتصر سلاح حماس في جباليا أو رفح. بل انتصرت حماس على الساحة الدولية. في الجامعات، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الصحف، وفي النقابات العمالية. كما حدث التغيير في الرأي العام الأمريكي، الذي تحول من دعم إسرائيل إلى دعم الفلسطينيين. وكان من الواضح أن هذا هو بالضبط ما سيدفع ترامب إلى وضع السلاح على الطاولة. لكن نتنياهو كان أعمى. فكل ما كان بإمكان إسرائيل فعله ويجب عليها فعله لكسب النقاط، اضطر نتنياهو إلى فعله، بعد أن خسرت إسرائيل المزيد والمزيد من النقاط. ومن المشكوك فيه أن يكون ترامب هو الرجل المناسب لإنقاذ إسرائيل من نفسها. لكنه الآن، على الأقل الآن، هو الرجل المناسب.

——————————————

إسرائيل اليوم 5/10/2025 

بين اتفاقات أوسلو وخطة ترامب

بقلم: ايال زيسر 

خطة الرئيس ترامب لقطاع غزة والتي اعتمدها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أيضا وترحب بها دول العالم بما فيها الدول العربية هي انجاز هام لإسرائيل في الطريق الى تحقيق ثلاثة اهداف مركزية ليس هناك الان اهم منها:

الأول تحرير فوري وغير مشروط لمخطوفينا الذين تحتجزهم حماس في غزة، منذ المرحلة الأولى من الخطة. الثاني، انهاء القتال في غزة والذي يتواصل منذ اشهر طويلة دون أي جدوى أو هدف عسكري محدد قابل للتحقيق مثلما يكرر ويشرح لها قادة الجيش – الامر الذي يؤدي الى مس شديد في مكانة إسرائيل الإقليمية والدولية. وأخيرا خطة ترامب تضمن استمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل وهو الذخر الهام الأخير الذي تبقى في أيدينا اليوم.

من المؤسف فقط ان نكتشف بان الخطة كانت موضوعة على الطاولة منذ اشهر طويلة، وفقط الان – بضغط الرئيس الأمريكي – من شأنها أن تخرج الى حيز التنفيذ بعد أن تلقت مباركة إسرائيل ومباركة الدول العربية.

لكن الى جانب الثناء ينبغي الاعتراف بصدق بان عناصر غير قليلة في الخطة ينبغي أن تشعل عندنا أضواء تحذير.

أولا، يدور الحديث عن خطة دولية فرضتها الولايات المتحدة على إسرائيل باسناد الاسرة الدولية والعالم العربي، او على لسان الرئيس ترامب – صديقيه العزيزين، أمير قطر ورئيس تركيا اردوغان. هدف الخطة مذكور فيها صراحة – إقامة دولة فلسطينية، هدف يبدي الرئيس ترامب التزاما كاملا به، وهذه هي المرة الأولى التي يبدي فيها رئيس امريكي التزاما بهدف كهذا. وتجدر الإشارة الى أنه على مدى سنوات طويل ادعت إسرائيل بان السبيل الوحيد لتحقيق السلام هو من خلال اجراء مفاوضات مباشرة بيننا وبين العرب وليس من خلال “سلام مفروض” يفرضه علينا العالم ولا يأخذ بالحسبان مصالحها الأمنية والقومية.

ثانيا، تدعو الخطة الى نشر قوات دولية بل وعربية في قطاع غزة يفترض بها ان تضمن أمننا، الامر الذي عارضناه هو أيضا بشدة في الماضي. بعد كل شيء، لقوات دولية، مثل اليونيفيل في لبنان وقبل ذلك قوة الأمم المتحدة على حدود غزة قبل حرب الأيام الستة، توجد طبيعة للاختفاء عندما نحتاجها. وفضلا عن ذلك، وجودها يشكل عائقا في وجه الجيش الإسرائيلي يصعب عليه معالجة تهديدات على أمننا في المناطق التي تعمل فيها هذه القوات الدولية.

يمكن بالطبع الاستخفاف بكل الموضوع والامل في أن تنفذ حماس بنود الخطة او ان تستغرق خطوة إقامة سلطة فلسطينية جديدة تتحدث عنها الخطة سنوات، هذا اذا كانت ستتحقق. لكن لا يمكن التنكر لحقيقة أن الخطة تضع خريطة طريق نحو هدف واضح لم يذكر ابدا حتى في اتفاق أوسلو – إقامة دولة فلسطينية. من هذه الناحية تشكل حتى تراجعا عن صفقة القرن لترامب من العقد السابق والتي اعترف فيها بضم أجزاء هامة من يهودا والسامرة لإسرائيل. الان لا توجد عن هذا كلمة وترامب حتى اعلن بانه سيعارض أي ضم كهذا.

اتفاق أوسلو بكل اخفاقاته كان اتفاقا ابقى على المبادرة والتحكم الكامل في الميدان وبسياق الاحداث في ايدي إسرائيل. اما الان فالمفتاح في يد رئيس الولايات المتحدة وسلسلة من الدول لا تعد أي منها مع أصدقائنا.

لكن من اللحظة التي أعطت فيها إسرائيل موافقتها على الخطة فهذا لم يعد في أيدينا. يمكن فقط ان نندم على الخطيئة في اننا على مدى السنتين الأخيرتين امتنعت الحكومة عن الدفع قدما لمخطط لليوم التالي في غزة بشروط مريحة لإسرائيل.

ينبغي إذن التركيز على نصف الكأس الملأى والتأكد من أن سياسة تسامح واحتواء لخروقات الاتفاق ونشوء متجدد للارهاب مثلما حصل بعد اتفاق أوسلو لن تكرر نفسها هذه المرة أيضا. وبالاساس ينبغي استغلال الهدنة في المعارك لترميم مكانة إسرائيل الاقليمية والدولية واساسا لترميم المجتمع الإسرائيلي والجيش الإسرائيلي بعد ثلاث سنوات من الخلاف والتدمير الذاتي.

——————————————

يديعوت احرونوت 5/10/2025

نظام ترامب الوحيد الذي لديه فرصة للنجاح في الشرق الأوسط

بقلم: ناحوم برنياع

المفاوضات التي ستُفتتح في شرم الشيخ اليوم أو غدًا تُبشر بأن تكون أشبه برحلة ملاهي في ديزني لاند: المسار مظلم، والعربات تتحرك يمينًا ويسارًا، وفي كل منعطف يقفز منه شيطان عملاق يُرعب الركاب. من الناحية الإيجابية، الإيجابية جدًا، بدأ القطار يتقدم أخيرًا. فيما يتعلق بإعادة الرهائن وإنهاء الحرب، ربما وصل إلى نقطة اللاعودة.

إذا كان هذا هو الاتفاق، فهذا يكفي؛ وإذا ما أُقيم، بالإضافة إليه، نظام في قطاع غزة لا يريد ولا يستطيع تهديد إسرائيل، فسيكون ذلك مكافأة. إذا اندمجت إسرائيل في الشرق الأوسط الذي يطمح إليه ترامب، فستكون المكافأة مضاعفة. لكننا ما زلنا في البداية.

يبدأ بعض القادة عملية اتخاذ قراراتهم من القاعدة إلى القمة. بعد التحقق من التفاصيل، يصلون إلى القرارات. كان إسحاق رابين واحدًا منهم؛ ويبدأ بعض القادة عملية اتخاذ قراراتهم من القمة إلى القاعدة: يبدأون بقرار، ويُسوّقونه كأمر واقع، ويتركون التفاصيل للآخرين. دونالد ترامب قائد من النوع الثاني. بدلاً من إقناع شركائه بالنزول عن الشجرة، يُسقطها عليهم. لا يسأل، لا يُجادل، لا يُساوم: يُملي عليهم رأيه، ويهددهم فورًا بالجحيم إن لم يقبلوه. قد تكون طريقة ترامب كارثة على الأمريكيين، وعلى ديمقراطيتهم، وقد تكون هراءً مُطلقًا في نظر الروس والأوكرانيين والكوريين الشماليين والصينيين، لكنها في الشرق الأوسط هي الطريقة الوحيدة التي لديها فرصة للنجاح. إنه لا يستحق جائزة نوبل للسلام فحسب، بل يستحق أيضًا جائزة نوبل في الكيمياء. لقد وجد طريقةً لتعديل الحمض النووي لحكام إحدى أكثر مناطق العالم سُمّا.

بالنظر إلى الماضي، يبدو الأمر بسيطًا لدرجة يصعب معها فهم لماذا لم يتصرف أسلافه مثله. حماس منظمة إرهابية تعتمد على المال والدعم السياسي وكرم الضيافة من دول إسلامية مثل قطر وتركيا ومصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. كل هذه الدول تعتمد في أمنها على الولايات المتحدة. بعضها (السعودية، قطر، الإمارات) استثمر مليارات في ترامب وعائلته، وهو مستثمرٌ فيها. هذا استثمارٌ لا يريدون خسارته. عند الاختيار بين رئيس الولايات المتحدة وما تبقى من حماس، سيفضلون رئيس الولايات المتحدة.

إسرائيل أكثر اعتمادًا على الولايات المتحدة: على عكسها، ليس لديها بدائل، لا في الصين، ولا في روسيا، ولا في إيران. ولا بدائل لها في أمريكا أيضًا: لقد وجّه نتنياهو والحرب ضربة قاصمة لدعم الديمقراطيين لإسرائيل، ولدعم جزء مهم من حركة ترامب والحزب الجمهوري. هذا ما يحدث لدولة تضع كل بيضها في سلة برتقالية واحدة.

ترامب لا يهدد نتنياهو: إنه يأمره. أوضحت الليلة بين الجمعة والسبت الوضع للجميع. عقد نتنياهو اجتماعًا أمنيًا على أمل تقديم رد حماس على أنه سلبي ومواصلة تقدم القوات في مدينة غزة. غرّد ترامب بأن حماس منفتحة على اتفاق، وانقلب كل شيء رأسًا على عقب على الفور. أمر رئيس الأركان على الفور القوات في القطاع بالتوقف في مكانها والتحرك للدفاع ووقف إطلاق النار. ليس من المؤكد أن نتنياهو كان سعيدًا بالسرعة التي تم بها نقل أمر ترامب إلى الميدان، ولكن تم إثبات الحقائق: لأول مرة، ستتفاوض إسرائيل مع حماس دون رافعة إطلاق النار. الرافعة الوحيدة المتبقية هي ترامب: رافعة قوية للغاية، لكنها ليست في أيدينا.

يمكن لحماس أو إسرائيل أن تكون سعيدة بتضييق هامش المناورة لديهما. هذا هو القاسم المشترك بين حكومة نتنياهو وقيادة حماس.

في شرم الشيخ، ستتجادل إسرائيل والوسطاء حول التفاصيل، ولكن في الوضع الذي نشأ، ستجري المفاوضات الحقيقية على مستوى مختلف: إسرائيل ضد ترامب. الوسطاء ضد ترامب؛ فهو الزعيم

كان خطاب نتنياهو الذي ألقاه على التلفزيون الليلة الماضية يهدف إلى إقناع الإسرائيليين بصحة كل ما قاله: فبعد عامين من الانتصارات، يقترب من النصر النهائي في غزة. من صدقوه سابقًا سيستمرون في تصديقه بعد الخطاب. أما من لم يصدقوه سابقًا فلن يغيروا رأيهم. كلاهما يدرك أن النصر، إن وُجد، فهو لترامب. إسرائيل تُنهي الحرب، إن انتهت، جريحة ومنبوذة ومقودة. ورغم إنجازاتها العسكرية، فقد تراجعت مكانتها. اما قطر، التي وصفها نتنياهو قبل أيام قليلة فقط بالدولة النازية، فقد رُقّيت إلى مرتبة الحليف. تركيا تطهرت من ذنوبها. السعودية درة التاج. إسرائيل هي الأخ الصغير الذي يُجبر الأخ الأكبر الأطفال على اللعب معه. أما فيما يتعلق بالعلاقات بين أمريكا وإسرائيل، فقد ولّى عهد بلطجة الحارة.

لعائلات الرهائن الحق في تشكيكها في الأخبار الواردة من القدس. شيء واحد يعرفونه: مظاهرات ساحة المخطوفين وتغطيتها على القنوات التلفزيونية الأمريكية أقنعت ترامب بضرورة اتخاذ إجراء. وعلى النقيض من ذلك، أقنعته الفيديوهات القاسية من غزة. كانت مظاهرة الليلة الماضية ضخمة. لم يعد أمام العائلات خيار سوى زيادة الضغط.

—————–انتهت النشرة—————–

Share This Article