لبنان: أورتاغوس إلى بيروت وحزب الله لا يستبعد احتمال الحرب

المسار : ينتظر لبنان الزيارة التي ستقوم بها الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس إلى بيروت قادمة من تل أبيب، خصوصاً على وقع تصاعد كبير في عمليات الاحتلال الإسرائيلي بقاعاً وجنوباً، وارتفاع منسوب تهديداته بمواصلة ضرب حزب الله، ومنعه من إعادة بناء بنيته التحتية العسكرية وفق مزاعمه. ويسود الترقّب الأجواء التي ستحملها أورتاغوس خلال زيارتها لبنان بعد جولتها أمس الأحد على الحدود برفقة وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس، واستماعها خلالها إلى إحاطة عسكرية حول أنشطة حزب الله والعمليات الإسرائيلية، والتي تزامنت مع شنّ جيش الاحتلال سلسلة غارات على الجنوب والبقاع أسفرت عن سقوط ثلاثة شهداء.

واستبقت إسرائيل زيارة أورتاغوس إلى بيروت لتوجه مرّة جديدة رسائل بالنار للضغط على المسؤولين اللبنانيين لنزع سلاح حزب الله سريعاً، خصوصاً أنّها تحوز على ضوء أخضر أميركي بمواصلة اعتداءاتها بلا أي رادع، وذلك في وقتٍ يواصل فيه لبنان التحرّك دبلوماسياً ويدرس خياراته في ظل قلقه من التصعيد الإسرائيلي، في حين رأى حزب الله على لسان أمينه العام نعيم قاسم، أمس الأحد، أن “احتمال اندلاع الحرب موجود، لكنه غير مؤكد”، وأكد جهوزيته لمقاومة أي عدوان محتمل.

وبينما اقتصرت آخر زيارتين لأورتاغوس في سبتمبر/ أيلول الماضي إلى لبنان على المشاركة باجتماع لجنة الإشراف على وقف الأعمال العدائية (ميكانيزم) في الناقورة، من دون أن تشمل لقاءات مع المسؤولين اللبنانيين، قالت مصادر رسمية لبنانية لـ”العربي الجديد”، إنه “لا مواعيد حُدّدت حتى اللحظة مع أورتاغوس، لكن من المتوقع أن تكون هناك لقاءات غداً الثلاثاء، من دون أن تُحسَم بعد، على أن تنضمّ يوم الأربعاء إلى اجتماع الميكانيزم”. وأشارت المصادر إلى أنه “لا أجواء عما إذا كانت أورتاغوس ستحمل مقترحات معينة معها أم لا، خصوصاً أن المقترحات كلها تُسقطها إسرائيل في ظلّ إصرارها على مواصلة اعتداءاتها، ولكن سننتظر لنرى نتائج زيارتها تل أبيب، علماً أن المواقف اللبنانية باتت معروفة لدى الأميركيين، وترتكز على ضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية ليبدأ مسار التفاوض، ولبنان منفتح على النقاشات، وليس هو الطرف الذي يضع العراقيل”.

ولفتت المصادر إلى أن “لبنان سيواصل مطالبته أميركا وفرنسا بالدرجة الأولى، كونهما رعاة اتفاق وقف إطلاق النار، بالضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها، وتكثيف هذا الضغط خصوصاً في ظلّ التصعيد الإسرائيلي الخطير في الأيام الماضية، ويطالب بأن تلعب لجنة الميكانيزم دوراً في هذا الإطار، خصوصاً أنّ هناك جدية لُمِست من خلال لقاءات رئيسها الجنرال الأميركي جوزيف كليرفيلد مع المسؤولين اللبنانيين الخميس الماضي، وتأكيده أن الاجتماعات ستكون دورية للعمل على تثبيت وقف الأعمال العدائية في الجنوب”.

كما أشارت المصادر إلى أن “واشنطن لم تُبلّغ لبنان بمهلة زمنية محدّدة لحصر السلاح وإلا التصعيد الإسرائيلي، لكنها تحدثت عن ضرورة الإسراع في إنجاز الملف، وبأقرب وقتٍ، ولبنان يكرّر تأكيد جديته في مضيه بذلك، وخطواته التي بدأها تؤكد هذا المسار، لكن هناك عراقيل تحول دون التطبيق الكامل لخطة الجيش اللبناني، على رأسها استمرار الخروقات الإسرائيلية واحتلال أجزاء من الجنوب”، لافتة إلى أن “المناقشات الداخلية مستمرّة للتوافق على آلية أي تفاوض مقبل، رغم تمسّك رئيس البرلمان نبيه بري بلجنة الميكانيزم، لكن المباحثات قائمة، لأن لبنان لا يريد الحرب ويريد تجنّب أي سيناريو كبير”.

نعيم قاسم: احتمال اندلاع الحرب موجود

على صعيدٍ متصل، ومع مرور عام على توليه الأمانة العامة لحزب الله، أطلّ نعيم قاسم في حوار شامل عبر شاشة قناة المنار مساء أمس الأحد، تناول فيه أبرز المحطات والتحديات. وقال قاسم إن “احتمال اندلاع الحرب موجود لكنه غير مؤكد، ويتوقف على حسابات وموازين القوى في الميدان”، ناصحاً قادة الاحتلال بضرورة الالتزام بالاتفاق الذي تم التوصل اليه، مؤكداً أن تطبيقه يصبّ في صالح جميع الأطراف، مضيفاً “إن لم تطبقوا الاتفاق، فلن تحصلوا على نتيجة، ونحن سنبقى على جهوزية لمقاومة أي عدوان محتمل”، مجدّداً التأكيد أن “الكيان الإسرائيلي غير قادر على تحقيق أهدافه في لبنان، وعلى إسرائيل أن تكتفي بما حصل وإلا فنحن جاهزون للدفاع”.

وتابع الأمين العام لحزب الله: “المقاومة خيار لا يمكن التخلّي عنه في مواجهة العدوان، مهما بلغ مستوى التعافي أو قوة الإمكانات، ونحن نقول أمام العالم كلّه إننا سنبقى مقاومة حتى لو لم يتبقَّ لنا سوى الأظافر أو عصا، ولن نتوقّف”، مؤكداً أن “حزب الله جاهز للدفاع، لا للمبادرة بمعركة أو شنّ هجوم، ولا قرار لدينا ببدء قتال، ولكن إذا فُرضت علينا معركة فلن ندع الكيان الإسرائيلي يمرّ، وسنقاتله حتى الرمق الأخير، وهذا قرار راسخ مهما كانت الظروف”، ولفت إلى أن “من يعتدي ويقود لبنان للخيارات الصعبة هم إسرائيل وأميركا”، مضيفاً: “لسنا من افتعل الأزمة أو دفع نحو الخيارات الخطيرة، بل هم من يعتدون ويحرّضون، وقد ارتضينا في حزب الله أن نلتزم بما هو أنبل وأشرف موقف حين وافقنا على الاتفاق مع الدولة اللبنانية، والتزمنا به عشرة أشهر دون أي ضربة، رغبة في إراحة البلد ومنع الذرائع، لكن العدو بقي دون أن يتوقف”.

ورأى أن “استمرار الأميركي والإسرائيلي في التصعيد، يهدف إلى الضغط السياسي لأخذ مكاسب لم تتحقق بالحرب”، موضحاً أن “القدرات الردعية المتوفرة اليوم قد لا تمنع اندلاع الحرب، لكنها تحول دون تحقيق إسرائيل أهدافها المرجوة مهما بلغ حجم المواجهة”. ودعا قاسم الدولة اللبنانية “للقيام بواجباتها الوطنية”، قائلاً “مرّت عشرة أشهر من الاتفاق ولم تتحرك الدولة، يجب أن تضغط وتصرخ وتتحمل مسؤوليتها، فهذه تجربة علنية أمام الجميع”، وعلى الجميع استخلاص الدروس من هذا النموذج من الالتزام. ولم يستبعد قاسم “تغير الظروف وأن تبحث الدولة اللبنانية يوماً ما في صيغة تفاهم جديدة مع المقاومة حول آليات الرد على الكيان الإسرائيلي. هذا، ولفت قاسم إلى أنه “بعد مرور سنة على الاتفاق الأخير، لا يزال التنسيق بين الحزب ورئيس البرلمان نبيه بري في أوج قوته، وهو محل حسد من الآخرين”، مشدداً على “توافق وجهات النظر، والتقاطعات في الحرص على الطائفة والوطن والمقاومة”.

Share This Article