الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

معهد السياسة والاستراتيجية (IPS) 26/10/2025 

نهاية حرب غزة: عصر جديد من الفرص والتحديات؟

بقلم: عاموس جلعاد

فرص استثنائية تلوح في الأفق أمام إسرائيل؛ أولها وأهمها استكمال عملية إعادة جميع الرهائن الذين بقوا في غزة. وتوسيع اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، وربما لبنان وسوريا، بالإضافة إلى الدول الإسلامية الكبرى. قد تؤدي هذه الاتفاقيات إلى تغيير في بنية الشرق الأوسط، وتشكل قوة سياسية وأمنية واقتصادية مضاعفة في مواجهة التهديد متعدد الأبعاد من إيران. إن انتهاء الحرب يفتح الباب أمام استعادة العلاقات الاستراتيجية مع مصر والأردن.

في الوقت نفسه، تم التخلي عن جميع أفكار إخلاء السكان الفلسطينيين من غزة، وتجديد الاستيطان، وفرض الحكم العسكري في القطاع. قد تؤدي هذه العمليات أيضًا إلى ترسيخ وتعميق العلاقات المميزة مع الولايات المتحدة، واستعادة مكانة إسرائيل الدولية، وخفض مستوى الكراهية المعادية للسامية في العالم الغربي. كل هذا، إلى جانب الأضرار الجسيمة التي لحقت بإيران والحزام الناري الذي بنته حول إسرائيل على مدى العقدين الماضيين.

كما أن انتهاء الحرب يُهيئ الظروف لاستخلاص الدروس الاستراتيجية والأمنية والعسكرية وتطبيقها وفقًا لذلك. هذا إلى جانب التخفيف المتوقع للأعباء الثقيلة على أفراد الخدمة الاحتياطية والنظامية.

المخاطر والتحديات

يُشكّل اتفاق إنهاء الحرب تحدياتٍ كبيرةً لإسرائيل، حتى لو ضمن فترةً طويلةً من الهدوء. يفتقر الاتفاق إلى آلياتٍ للتنفيذ والإنفاذ، كما يتضح من تباطؤ حماس في إعادة جميع الأسرى القتلى، وقد يؤدي حتى إلى نشر قواتٍ عربية وإسلامية في غزة، بعضها معادٍ لإسرائيل. قد يكون لهذا تأثيرٌ كبيرٌ على حرية عمل الحيش الاسرائيلي في غزة. ومن المُرجّح ألا تكون هذه القوات، وخاصةً تركيا وقطر، مستعدةً للتحرك بفعاليةٍ للقضاء على حكم حماس وإضعاف قوتها. هذا في حين تُواصل حماس، من جانبها، التزامها بالهدف الأسمى المتمثل في الحفاظ على وجودها ومكانتها في غزة، بل واستعادتهما.

الدولتان الأكثر استفادةً من التطورات في غزة هما تركيا وقطر. ويعكس استعداد الرئيس ترامب لتقديم ضماناتٍ أمنيةٍ لقطر، والمحادثات لبيع أنظمة أسلحةٍ متطورةٍ لتركيا، بما في ذلك طائرات إف-35 المقاتلة، هذا التوجه  يُشكّل تحديًا لإسرائيل في الحفاظ على التفوق النوعي لجيشها.

من المتوقع أن تحتل القضية الفلسطينية مكانة محورية على الأجندة العالمية والإقليمية. وسيتعين على إسرائيل قريبًا التعامل مع الحاجة الى الرد على حل الدولتين كإطار للحل الدائم، وشرط للتقدم في عمليات التطبيع مع المملكة العربية السعودية ودول أخرى في المنطقة. وقد اشترطت هذه الدول بالفعل مشاركتها في عمليات إعادة إعمار غزة، بما في ذلك استعدادها لاستثمار عشرات المليارات من الدولارات اللازمة لإعادة إعمار القطاع، بمنح السلطة الفلسطينية مكانة في غزة، كما يتضح من مشاركة أبو مازن في القمة الدولية في شرم الشيخ. إن تجاهل إسرائيل لوضع السلطة الفلسطينية، واستمرار مساعيها لتقويض استقرارها، وتغيير الواقع في الضفة الغربية بشكل أحادي الجانب، قد يؤدي إلى مزيد من الإضرار بمكانة إسرائيل، بل وحتى إلى توترات مع إدارة ترامب. (انتبهوا إلى تصريح الرئيس ترامب المثير للجدل حول قضية تحرير البرغوثي من السجن).

لقد تلقت إيران ضربة موجعة خلال العام الماضي، نتيجة الأضرار الجسيمة التي لحقت بقدراتها وحزامها الناري الذي شيدته حول إسرائيل. من ناحية أخرى، ما دام النظام الحالي في طهران قائمًا، فسيُظهر تصميمًا على تحقيق رؤيته الأيديولوجية المتمثلة في تدمير دولة إسرائيل يومًا ما. ونتيجةً لذلك، أعطت إيران الأولوية لاستعادة قدراتها الهجومية والدفاعية، وإعادة تموضعها، على الأقل، كقوة نووية صاعدة. هذا، مع إظهارها موقفًا حازمًا في مواجهة إملاءات الرئيس ترامب، وخاصةً في كل ما يتعلق بمطلب عدم التخصيب. ومع ذلك، يبدو أن إيران ستتوخى الحذر في خرق القواعد واتخاذ خطوات جريئة، مثل الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، حتى لا تُعطي إسرائيل ذريعةً لبدء حرب أخرى. وبالمثل، يتبنى حزب الله الاستراتيجية الإيرانية، ويعمل تدريجيًا على استعادة مكانته السياسية في لبنان وقوته العسكرية، مع الحذر من جر إسرائيل إلى المعركة.

 اتفاقية دفاعية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية – تعكس التقارير التي تفيد بأنه خلال الزيارة المقررة للولايات المتحدة الشهر المقبل لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ستوقع الدولتان اتفاقية دفاعية الدور الخاص للمملكة العربية السعودية في الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط. هذه هي أول زيارة لابن سلمان للولايات المتحدة منذ العام 2018. إن إضفاء الطابع المؤسسي المتوقع على العلاقات الأمنية بين الدولتين يحمل فرصًا لتعزيز الاصطفاف المؤيد لأمريكا في الشرق الأوسط. من ناحية أخرى، هناك أيضًا خطر كبير يتمثل في تراجع جاذبية الترويج لاتفاقيات السلام مع إسرائيل مقابل فوائد أمنية واقتصادية من الولايات المتحدة. من المهم الإشارة إلى أن المملكة العربية السعودية أكدت مرارًا وتكرارًا منذ اندلاع الحرب أنها لا تزال مستعدة لتعزيز التطبيع مع إسرائيل. ومع ذلك، فقد وضعت العائلة المالكة السعودية شرطين لذلك – إنهاء الحرب والتقدم على طريق إقامة دولة فلسطينية. علاوة على ذلك، هناك شك فيما إذا كان ولي العهد سيكون على استعداد للترويج لاتفاقيات التطبيع في عام انتخابي في إسرائيل.

توصيات سياسية

إعادة جميع الأسرى القتلى ركيزة أساسية في عمليات إعادة إعمار المجتمع الإسرائيلي.

التحقق السياسي للإنجازات العسكرية. ولتحقيق ذلك، من الضروري وضع استراتيجية لإضعاف قوة حماس كأساس لإخراجها من غزة، من خلال تشكيل حكومة فلسطينية بديلة بدعم من الدول العربية ومساعدة الولايات المتحدة. كما ينبغي على إسرائيل معارضة أي تدخل تركي أو قطري في عمليات إعادة إعمار غزة، ومنع تواجدهما الدائم فيها. وفي الوقت نفسه، ينبغي على إسرائيل استئناف علاقاتها الاستراتيجية مع مصر والأردن، ودراسة سبل دمجهما في عمليات إعادة الإعمار في القطاع، وتجنب اتخاذ خطوات أحادية الجانب ضد السلطة الفلسطينية، والتي قد تؤثر بشكل مباشر على المملكة الأردنية الهاشمية.

في مواجهة التهديد الإيراني، لا بد من رد استخباراتي وعملاني، يهدف إلى منعها من استعادة قدراتها، وإعادة بناء حزامها الناري، وإعادة ترسيخ وجودها كدولة نووية. في فهمنا، هذا هو الوقت المناسب لاستغلال الصعوبات الداخلية التي تواجهها إيران والضرر الذي لحق بقدراتها الهجومية لوضع خطط عمل لتقويض استقرار النظام الدموي في طهران.

حيال الولايات المتحدة، من الضروري تعزيز التحالف الاستراتيجي، من خلال الحفاظ على التفوق النوعي لجيش الدفاع الإسرائيلي، مع تعميق التنسيق الاستراتيجي والأمني ​​والعسكري بين البلدين. إلى جانب ذلك، ينبغي استغلال انتهاء الحرب في غزة لوضع خطة عمل متعددة السنوات لمعالجة الضرر الجسيم الذي لحق بسمعة إسرائيل لدى الرأي العام الأمريكي، وخاصة لدى مؤيدي الحزب الديمقراطي وشباب الحزب الجمهوري.

على الصعيد الداخلي، ينبغي على الحكومة الإسرائيلية تشكيل لجنة تحقيق رسمية تُجري تحليلاً موضوعياً لأخطر إخفاق تاريخي منذ قيام الدولة، وتوصي بسبل منع تكرار كوارث مماثلة. وفي الوقت نفسه، من الضروري وقف جميع التحركات نحو الانقلاب، وصياغة وإقرار قانون تجنيد إلزامي في الحيش الاسرائيلي يُطبق على الجميع بالتساوي. إن عدم القيام بذلك قد يُشكّل تهديدًا حقيقيًا لطبيعة المجتمع الإسرائيلي وطابعه.

——————————————

هآرتس 26/10/2025

مصر حققت لترامب موافقة فلسطينية، وهي تفحص الآن دورها في القطاع

بقلم: تسفي برئيل 

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يمكنه أن يكون راضيا. خطته الاصلية، التي عرضت في شهر شباط الماضي، آخذة في التطور لتصبح الغلاف الفعلي الذي بحسبه سيتم تشكيل أجهزة إدارة لقطاع غزة. في يوم الخميس الماضي، بعد نقاشات جرت تحت رعاية وإدارة رئيس المخابرات المصرية، حسن رشاد، اتفقت الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها فتح وحماس، على نقل إدارة قطاع غزة الى لجنة تكنوقراط، التي سيتم تشكيلها “من أبناء قطاع غزة”. معنى هذا الاتفاق هو انه على الأقل في كل ما يتعلق بمكوناتها المدنية فان خطة ترامب تحظى بشرعية فلسطينية جارفة، مؤسسية وتنظيمية. هذا من شانه في المستقبل ان يعطي شرعية مشابهة أيضا للخطوات العسكرية، التي تتضمن وضع قوة متعددة الجنسيات بعد ان اشترطت الدول العربية مشاركتها فيها بـ “استدعاء” أو تحديد مصدر صلاحية فلسطيني لنشاطاتها في القطاع.

هذا النبأ هو استمرارية للتصريح الذي صدر قبل أسبوعين عن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، حول اتفاق بخصوص قائمة الـ 15 شخص الذين سيتواجدون في مجلس الإدارة المدنية بعد التشاور مع الفصائل الفلسطينية، ومن بينها حماس. ولكن في هذه المرة الحديث يدور عن بيان فلسطيني وليس مصري. ومن المهم الانتباه الى انه في النقاشات في مصر شارك حسين الشيخ، نائب محمود عباس (أبو مازن)، وماجد فرج رئيس المخابرات الفلسطينية كممثلين عن السلطة الفلسطينية، وليس كممثلين لفتح أو م.ت.ف. هكذا، برعاية مصر تشكل حماس والسلطة الفلسطينية والفصائل الأخرى اطار سياسي مواز، نوع من “مجلس فلسطيني اعلى”، الذي من شانه ان يملي طريقة وطابع نشاطات الأجهزة الإدارية على الأرض وتشكيلتها.

هذا الاطار يتجاوز بالفعل الشروط الأساسية في خطة ترامب، وموقف إسرائيل والدول العربية، التي بحسبها حماس لن تكون شريكة في الحكم وفي إدارة القطاع، وأن حماس التي عند نشر الخطة المصرية في بداية السنة أعلنت بانها تتبناها وانها مستعدة للابتعاد عن إدارة القطاع (مقابل عباس الذي رفضها خوفا من ان تقلص صلاحيات السلطة وتؤدي الى فصل القطاع عن الضفة الغربية)، لن تكون في الواقع شريكة رسمية في “لجنة التكنوقراط”، لكنها الان جزء من التشكيلة التي ستمنح هذه اللجنة الشرعية. هكذا، هي أيضا ترسخ مكانة السلطة الفلسطينية كعامل حاكم في القطاع.

يجب أيضا الانتظار ورؤية كيف ان هذا الاتفاق الفلسطيني سيجد تعبيره على الأرض، خاصة عندما ستبدأ “لجنة التكنوقراط” وتاخذ بيدها الميزانيات، لكن بالنسبة لمصر فقد مهدت الطريق لتدخلها المباشر في القطاع. خلال سنين سعت مصر الى تأسيس موافقة فلسطينية واسعة، بالأساس بين حماس وم.ت.ف. في 2017 نجحت حتى في تأسيس حكومة اتفاق وطنية، لكن هذه الحكومة تحطمت خلال اقل من سنة. أيضا الان الحديث لا يدور عن مصالحة سياسية او أيديولوجية بين م.ت.ف وحماس. في المحادثات في مصر لم تتم مناقشة مسالة انضمام حماس لـ م.ت.ف او إقامة اطار سياسي مشترك يكون بديل عن السلطة الفلسطينية. “الاتفاق الفلسطيني” الان هو لبنة أساسية في جهود مصر للحفاظ على مكانتها كـ “مسؤولة” عن الملف الفلسطيني في المنطقة كي تضمن لنفسها ان القوة متعددة الجنسيات التي ستأتي الى القطاع، اذا جاءت، لن تضر بمصالحها الأمنية – وعلى راسها منع هجرة مئات آلاف الغزيين الى مصر.

هذا التهديد من شانه ان يتطور ليس فقط اذا قامت إسرائيل باستئناف الحرب، بل أيضا اذا بدأت القوة متعددة الجنسيات بالاشتباك مع قوات حماس والتنظيمات الأخرى. الطريقة لضمان سيطرة مصر على الأرض هي بواسطة قيادة القوة متعددة الجنسيات، التي ما زالت تتلمس طريقها. حتى الآن من غير المعروف من هي الدول التي ستشارك في هذه القوة، وكم هو عدد الجنود الذين سترسلهم كل دولة وماذا ستكون مهمتهم ومن سيكون مصدر الصلاحيات لنشاطاتهم.

أيضا مصر متردد بشان وحول كيفية المشاركة العسكرية في القطاع. ان ارسال قوات مصرية وقيادة مصرية الى القوة متعددة الجنسيات – احتمالية تم التحدث عنها في عدد من وسائل الاعلام – يمكن ان يضع مصر في وضع ستعتبر فيه “قوة محتلة” أو على الأقل قوة تخدم مصالح إسرائيل والولايات المتحدة. بالأحرى، اذا اقتضت هذه القوة الاشتباك مع قوات فلسطينية مسلحة. المخرج المحتمل لهذه المعضلة يمكن أن يوفره قرار لمجلس الامن، الذي سيحدد هدف هذه القوة. في هذا الشأن يبدو انه يوجد تنسيق بين مصر وبين الفصائل الفلسطينية. يجب الانتباه الى صيغة بيان الرد لحركة فتح على هذا الاتفاق. لقد جاء فيه، ضمن أمور أخرى، “الامن في القطاع هو من مسؤولية أجهزة الامن الفلسطينية الرسمية، وعلى كل قوة دولية، اذا وجدت مثل هذه القوة، ان تعمل على حدود القطاع وليس في داخله، وفي ظل تفويض واضح ومحدد من مجلس الامن. بخصوص السلاح الفلسطيني فان المعالجة الجذرية لهذه القضية يجب ان تكون في اطار رؤية وطنية ترسخ سلطة واحدة وسلاح واحد وقانون واحد”.

هذا الموقف يؤيد موقف مصر، التي تطمح الى الحصول على رعاية من مجلس الامن، لكن في نفس الوقت هو أيضا يتساوق مع موقف حماس، التي أوضحت بان نزع سلاحها سيتم فقط في اطار إقامة الدولة الفلسطينية. في كل الحالات لا يوجد في البيان أي تطرق لنزع فوري لسلاح حماس.

أيضا السعي الى الحصول على قرار من مجلس الامن غير خال من الألغام. هل ستكون هذه “قوة حفظ للسلام”، التي مهمتها فقط الاشراف ومراقبة تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار؟ أو “قوة تنفيذ سلام”، التي ستعمل حسب الفصل 7 في ميثاق الأمم المتحدة، الذي يمنح الصلاحيات لاستخدام الوسائل العسكرية من اجل تطبيق السلام؟ أو قوة عسكرية هدفها مساعدة قوات شرطية محلية على “استقرار” امن القطاع؟. خطة ترامب التي كانت تطمح الى تطبيق في البداية صفقة إعادة المخطوفين، اكتفت بصياغة غامضة وغير مفصلة بخصوص تحديد مهمات القوة. بهذا هي تجنبت تحديد من سيكون المسؤول عن نزع سلاح حماس، وهكذا أبقت هامش واسع للتفسيرات.

الان تقترب المرحلة التي فيها لن يكون هناك مناص من ترجمة تطبيق الخطة حتى مستوى صياغة تعليمات فتح النار، والخضوع القيادي، وتوزيع قطاعات العمل لكل قوة سياسية وطريقة تمويل هذه القوات. مصر كانت تتطلع حتى الآن الى ان تعتبر فقط “قوة مساعدة”، ستعمل الى جانب قوات الشرطة الفلسطينية التي تجتاز التدريب في مصر والأردن، وتنسيق نشاطات المساعدات الإنسانية وبعد ذلك تحصل على حصة مناسبة في مشروع إعادة اعمار القطاع. ولكن مؤخرا مصر غيرت رايها وادركت انها لن تكتفي بدور “تمثيلي” اذا ارادت ضمان حصتها ومكانتها في القطاع. في هذا السياق يبدو انها تتفق مع إسرائيل بشان عدم مشاركة القوات التركية في القوة متعددة الجنسيات، خشية ان يجعل هذا التدخل تركيا هي “صاحب البيت” العسكري في القطاع، الامر الذي سيؤدي الى تنحية مصر.

——————————————-

هآرتس 26/10/2025

ممارسات المستوطنون بحماية الجيش ضد الفلسطينيين في الضفة بحاجة الى تدخل دولي

بقلم: جدعون ليفي

 في الضفة الغربية لم يسمع أي احد عن وقف اطلاق النار في غزة، سواء في الجيش أو في اوساط المستوطنين أو في الإدارة المدنية، وبالطبع، الثلاثة ملايين فلسطيني الذين يعيشون تحت ديكتاتوريتهم. هم لم يشعروا بأي انتهاء للحرب. من جنين وحتى الخليل لا يوجد أي وقف لاطلاق النار. سنتان من نظام الرعب برعاية الحرب في غزة، التي تستخدم كذريعة مشكوك فيها وستارة دخان، وليس هناك أي إشارة على أنها ستنتهي في الضفة. كل الاحكام القاسية التي فرضت على الفلسطينيين في 7 أكتوبر بقيت على حالها، بعضها ازداد شدة؛ عنف المستوطنين يتواصل ومعه تدخل الجيش والشرطة في اعمال الشغب. في غزة اصبحوا يقتلون ويطردون بدرجة اقل، لكن في الضفة كل شيء يتواصل وكأنه لا يوجد وقف لاطلاق النار.

أيضا الإدارة الامريكية، الحازمة جدا والناشطة في غزة، تغض النظر وتخدع نفسها بخصوص الضفة. يكفيها وقف الضم. “لا تهتموا بخصوص الضفة الغربية. إسرائيل لن تفعل هناك أي شيء”، هدأ في الأسبوع الماضي دونالد ترامب، في الوقت الذي فيه من وراء ظهره إسرائيل تفعل وتفعل – ما مقدار ما تفعله إسرائيل في الضفة الغربية من تدمير وسلب ومعاملة سيئة ومنع إمكانية الحياة؟. أحيانا يبدو ان ما يفعله قائد المنطقة الوسطى، آفي بلوط، وهو شخص مخلص ومطيع للوزير المسؤول عنه بتسلئيل سموتريتش، بالتعاون مع المستوطنين والشرطة، هو تجربة على بني البشر: تعالوا نرى كم يمكن التنكيل بهم الى ان ينفجروا. لقد تبددت الامال في ان يهدأ شغفهم بالانتهاكات في خضم القتال في غزة. لم تكن الحرب هناك سوى ذريعة. عندما تبتعد وسائل الاعلام عن الضفة الغربية، ولا يكترث معظم الإسرائيليون بما يحدث هناك، ولا يكترث الامريكيون أيضا، عندها يمكننا الاستمرار.

 7 أكتوبر كان وبحق فرصة تاريخية للمستوطنين ومؤيديهم لفعل ما لم يتجرأوا عليه طوال سنين. لم يعد بالإمكان ان تكون فلسطيني في الضفة. هي ليست مدمرة مثل غزة، ولا يوجد فيها عشرات آلاف القتلى، لكن الحياة هناك أصبحت امر غير محتمل. تصعب رؤية هذا التضييق الحديدي لإسرائيل يتواصل لفترة أطول بدون انفجار عنيف، وهذه المرة سيكون مبرر.

 150 – 200 الف فلسطيني من الضفة الغربية، الذين عملوا في إسرائيل عاطلين عن العمل منذ سنتين. سنتان بدون دخل ولو حتى شيكل واحد. كما تم تخفيض رواتب عشرات آلاف موظفي السلطة الفلسطينية بشكل كبير، بسبب غلظة إسرائيل في تحصيل الضرائب المستحقة لهم. الفقر والمشقة في كل مكان، وترافقها نقاط تفتيش لم يكن مثلها من قبل، وبالتاكيد ليس من فترة طويلة. المئات منها تنتشر الآن، ولا توجد قرية واحدة بدون بوابة حديدية مغلقة، أو مفتوحة ومغلقة بالتناوب. لا احد يمكنه معرفة ما المفتوح وما المغلق منها، وبالاساس متى. كل ذلك يتم بصورة تعسفية. كل ذلك تحت ضغط المستوطنين الذين اصبح جيش الدفاع الإسرائيلي الخادم المطيع لهم. هذا يحدث عندما يكون سموتريتش هو وزير الضفة الغربية.

 120 بؤرة استيطانية جديدة، تقريبا جميعها عنيفة، تمت اقامتها منذ 7 أكتوبر الملعون، وسيطرت على عشرات آلاف الدونمات، وكل ذلك بدعم الدولة. لا يوجد أسبوع بدون بؤر استيطانية جديدة ومعها التطهير العرقي الذي هو هدفها، وبحجم غير مسبوق: هاجر شيزاف كتبت امس في “هآرتس” بانه منذ الحرب سكان 80 قرية فلسطينية هربوا للنجاة بأنفسهم خوفا من رعب المستوطنين الذين سيطروا على أراضيهم.

  الضفة الغربية تغير الآن وجهها كل يوم. أنا أرى ذلك في العيون المندهشة. ترامب يمكنه التفاخر بانه أوقف الضم، لكن الضم ترسخ مثلما لم يترسخ في أي يوم. من مقر الهيئة الذي أقامه في كريات غات ربما يرى غزة، لكنه لا يرى كريات اربع. ليس اقل من غزة، الضفة تصرخ من اجل تدخل دولي مستعجل. وليكن هؤلاء جنود امريكيون، أوروبيون، اماراتيون وحتى اتراك. يجب على احد ما ان يدافع عن السكان العاجزين. يجب على احد ما ان يخلصهم من مخالب الجيش والمستوطنين. فقط يجب علينا تخيل جندي اجنبي على حاجز وهو يوقف زعران المستوطنين وهم في الطريق الى تنفيذ مذبحة. هذا مجرد حلم.

 ——————————————

يديعوت احرونوت 26/10/2025  

الضم هو المفهوم المغلوط الجديد

بقلم: د. ميخائيل ميلشتاين 

لقد أثار العمل على قانون قرض السيادة وتصريح الوزير سموتريتش الفظ الذي أدان فيه السعوديين ضجةً في إسرائيل، مع التركيز على تداعياته على العلاقة مع الولايات المتحدة والسياسة الداخلية. تعكس هاتان الدراماتان جوانب أعمق تتعلق بالاستراتيجية التي تُوجّه إسرائيل وكيفية تحديدها، وكذلك بفهم صانعي القرار للوضع من حولنا، وما إذا كان هذا الفهم قد تحسّن بعد 7 أكتوبر أم لا يزال محدودًا.

إن تصريحات سموتريتش، التي نصح فيها السعوديين بركوب الجمال في الصحراء بدلًا من الترويج للتطبيع، تُجسّد احتقارًا مُفرطًا لمجتمعات المنطقة، إلى جانب قدرٍ لا بأس به من الجهل. ويتجلى صدى هذه العقلية أيضًا في تصريح ضابط مخابرات فرقة غزة، عندما عُرضت عليه خطة “جدار أريحا” قبل السابع من أكتوبر، بأنه “أرض قاحلة للعرب”، وكذلك في “خطاب الشباشب لنتنياهو”.

في الخلفية، يقف مفهوم مغلوط جديد مفاده أن الظروف مهيأة لخطوات الضم. يستند هذا المفهوم إلى عدة حجج: أن ترامب سيقف دائمًا إلى جانب إسرائيل في أي سيناريو؛ وأنه يمكن الترويج لضم “مخفف”، على سبيل المثال لغور الأردن، وهو ما سيكون سهلًا على واشنطن وحتى بعض الدول العربية استيعابه؛ وأنه حتى مع الترويج لخطوات الضم، سيكون من الممكن تحقيق التطبيع مع العالم العربي، الذي يُزعم أنه “سئم من الفلسطينيين”.

 لقد انهارت هذه التقييمات، أحيانًا بطريقة قاسية، كما تجسد في تصريحات ترامب ونائبه فانس الأسبوع الماضي، والتي بموجبها “لا يُخوّلان إسرائيل بالضم”. وفي الوقت نفسه، وُجهت انتقادات لاذعة حول غباء العمل على قانون السيادة خلال زيارة نائب الرئيس للبلاد، بل ذهب ترامب إلى أبعد من ذلك عندما أعلن أنه يدرس قضية مروان البرغوثي (!)، الذي حكمت عليه محكمة إسرائيلية بخمسة أحكام بالسجن المؤبد. مهما تلقّى متعصبو السيادة من صفعاتٍ وخيبات أمل، كما حدث عام 2020 عندما تخلّوا عن الفكرة لصالح العمل على ـ”اتفاقيات إبراهيم”، فإنّ حماسة الإيمان بإمكانية تحقيق هذه الرؤية تبقى دائمًا، ويُظهرون قدرةً ضئيلةً على الفهم ومعدومةً على التغيير.

مفاهيم جديدة انهارت

ليس من المُستغرب أن يكون مُبتكرو مفهوم 7 أكتوبر هم من روّجوا لفكرة تعزيز فرصة تطبيق السيادة، وفي خضمّ ذلك، ولّدوا أيضًا مفاهيم جديدة انهارت في غزة، وعلى رأسها مشروع صندوق التنمية العالمي الذي بدّد مليارات الشواكل؛ وتشجيع الهجرة الطوعية لسكان غزة، مصحوبًا بإنشاء إدارةٍ نافلة في وزارة الدفاع؛ ووهم رعاية الميليشيات والعشائر كبديلٍ لحماس، والذي ينتهي حاليًا بمقتل واعتقال أعضائها.

وبما أن فشل السابع من أكتوبر لن يُحقق فيه، فلا أحد يرى حاجةً لتحليل فشل الأوهام التي انتشرت في غزة، وخاصةً خلال الأشهر الستة الماضية، مع عودة إسرائيل إلى القتال. علاوةً على ذلك، يشعر المسؤولون عن جميع الإخفاقات بالراحة في إثارة أوهام جديدة، مثل خطة بناء “غزة على نوعين” – نوع مزدهر تحت السيطرة الإسرائيلية والدولية، وآخر متخلف ومدمر تحت سيطرة حماس، والتي يُفترض أن يكون بديلاً للمنظمة وتيضعفها. وهكذا، مرةً أخرى، تعود الخطط المفعمة بالثقة بالنفس في القدرة على هندسة الواقع والوعي، بناءً على نقص الفهم للجانب الفلسطيني، وتُؤدي إلى إعادة إنتاج جميع أخطاء الماضي، بالطبع دون التحقيق والمسؤولية ومحاسبة النفس المطلوبة من صانعي القرار.

المفهوم الجديد أقوى من مفهوم 7 أكتوبر. ليس هذا فجوةً مفاهيميةً أو خطأً في تقدير الواقع، بل هو تعبيرٌ عن اعتقادٍ مُشبعٍ بالأوهام والأهواء، يُوجّه جزءًا كبيرًا من تصرفات الحكومة الإسرائيلية اليوم، ويُروّج له بالدرجة الأولى التيار الصهيوني الديني في ضوء مفهوم “لن يُؤخذ غير اليهود في الحسبان”. يُدرك مُروّجو المفهوم الجديد الضرر الجسيم الذي يُسببه، على سبيل المثال التوتر الذي نشأ الأسبوع الماضي مع الإدارة الأمريكية عقب إقرار قانون السيادة، لكنهم يرون فيه “عثراتٍ صغيرةً على طريق الخلاص”، وليس إخفاقاتٍ تتطلب نقدًا ذاتيًا وتصحيحًا.

ان قادة المفهوم الجديد، بقيادة سموتريتش، لا يتهمهم العزلة الدولية أو العقوبات، ولا يُولون أهميةً للثمن الذي سيُدفع مقابل الاستيلاء على المزيد من الأراضي (“إنهم لا يخشون حكمًا عسكريًا في غزة”)، ويتمسكون بالقيم التوراتية لإبادة العماليق في العالم، ويحركهم إدراك للواقعٍ يخلٍو من التعقيد، ويُسوّقونه للعامة على أنه “استراتيجية” (لا سيما مزاعم “العرب لا يفهمون إلا عندما تُنتزع منهم الأراضي”، و”حيث يوجد استيطان، يختفي الإرهاب”). في الخلفية، ثمة تصور ذاتي لمجموعة ترى أنها بارعة في استخلاص دروس فشل 7 أكتوبر (الذي كانوا شركاء في صنعه)، وتتولى مهمة تاريخية تتمثل في استغلال “عصر المعجزات” الذي وُضع لتغيير الواقع الجغرافي والديموغرافي والسياسي بين البحر والنهر.

على الجمهور الإسرائيلي أن يدرك الضرر الاستراتيجي الذي يسببه المفهوم الجديد، والذي لا يمكن تبريره بإجماع داخلي، وأن يدرك أيضًا أنه يُغير صورة الدولة تدريجيًا. ويعود ذلك، من بين أسباب أخرى، إلى الدفع الواعي نحو الاندماج مع الضفة الغربية بهدف إنشاء دولة واحدة، والتي ستكون في الواقع كيانًا بلقانيًا دمويًا يعيش فيه شعبان متعاديان دون حاجز. ليس هذا خلافًا حول أساليب العمل والأهداف الاستراتيجية، بل حول هوية إسرائيل وقيمها ومستقبلها: هل هي جزء من الأسرة الدولية ولها علاقة متطورة مع محيطها، أم أنها قلعة معزولة متمسكة برؤية دينية متعصبة، ويصر قادتها على تجاهل التاريخ اليهودي، وخاصةً كيف تؤدي هذه المواقف إلى الدمار.

——————————————

هآرتس 26/10/2025

يا سموتريتش، الاستخفاف بالسعودية هو استخفاف بمستقبل إسرائيل في الشرق الاوسط

بقلم: يوئيل غوزانسكي

التصريح المشبع بالسخرية والاحتقار الذي وجهه وزير المالية بتسلئيل سموتريتش للسعودية، باقتراحه على السعوديين العودة الى “ركوب الجمال في الصحراء اذا ايدوا فكرة الدولتين” – هو ليس فقط وقاحة، بل هو أيضا يمس بشكل مباشر بمصالح إسرائيل. السعودية 2025 ليست مجرد كاريكاتير صحراوي، بل هي احدى اكثر الدول تاثيرا في العالم العربي والإسلامي. وهي قوة اقتصادية وعضوة بارزة في مجموعة الدول العشرين الكبرى.

السعودية تمر في ثورة عظيمة – اقتصادية، اجتماعية وتكنولوجية. في اطار حلم 2030 للحاكم الفعلي محمد بن سلمان، هي تستثمر مئات مليارات الدولارات في الطاقة المتجددة وفي السياحة وفي البحث العلمي والتكنولوجي. السعودية تتطلع الى تنويع اقتصادها والانفتاح على العالم وتثبيت نفسها كلاعبة عالمية رائدة. هذه عملية مثيرة للاهتمام ويمكن لإسرائيل، بل يجب عليها، ان تكون شريكة فيها اكثر من أي دولة أخرى في المنطقة.

بدلا من ان نعتبر السعودية عدو أو خصم، يجب علينا ان نفهم بانها المفتاح لاستقرار إقليمي جديد. في السنوات الأخيرة تحول السعوديون الى عامل رئيسي في عمليات الوساطة بين العالم العربي والغرب. هم يمتلكون قوة مالية، دبلوماسية ودينية، لا بديل لها – خاصة في كل ما يتعلق بقدرتها على منح شرعية للتطبيع مع إسرائيل. تحسين العلاقات مع الرياض لا يشكل فقط انجاز سياسي – معناه هو تغيير فكري في الشرق الأوسط.

ان توجيه تصريحات مستخفة للسعوديين، في الواقع لا تجعلهم يغيرون مواقفهم، لكنها تجعلهم يبتعدون عن إسرائيل. كل العالم العربي يتابع عن كثب الخطاب الداخلي في إسرائيل، وفي هذه الفترة الحساسة – حيث الاتصالات للتطبيع تخضع لاختبار متواصل – يجب الحرص بشكل خاص على الحذر في التصريحات، والحرص على حساسية ثقافية.

على مدى سنين نجحت إسرائيل في تحقيق إنجازات في علاقاتها مع الدول العربية بواسطة دمج القوة السياسية، الحكمة الدبلوماسية والاستعداد لاظهار الاحترام تجاهها، وهذا الدمج هو الذي أدى الى تحقيق اتفاقات إبراهيم، وهذه هي الطريق الوحيدة التي يجب أن توجه نظرة إسرائيل للسعودية، اذا كانت معنية بالوصول الى اتفاقات مع المملكة، التي أيضا تدير الاقتصاد الأكبر في المنطقة، وأيضا مسؤولة عن حماية الأماكن المقدسة الإسلامية. ان تصريحات استفزازية من النوع الذي اسمعه سموتريتش ستصعب على الجهود الدبلوماسية الإسرائيلية وستضع إسرائيل في موقف اعتذار بدلا من موقف الريادة. الان من اجل إعادة ثقة السعوديين فانه يجب على إسرائيل ان تبذل الجهود لترميم الحوار. مبادرات دبلوماسية مباشرة، رسائل علنية تعبر عن احترام متبادل وتعزيز القنوات الأمنية والاقتصادية – كل ذلك يمكن ان يساعد في إعادة الزخم لعملية التطبيع.

السلام مع السعودية ليس مكافأة لدولة عربية، بل عملية استراتيجية يمكن ان تعيد تشكيل وجه الشرق الأوسط. التطبيع سيفتح امام إسرائيل أسواق الخليج، وسيعزز التحالف ضد ايران وسيخلق جسر غير مسبوق بين القدس وواشنطن والرياض. الى جانب ذلك هو سيمنح شرعية إقليمية كبيرة لاستمرار اندماج إسرائيل في المنطقة.

لذلك، من يستخف بالسعودية فانه يستخف فعليا بمستقبل إسرائيل في الشرق الأوسط. يقع على عاتق القيادة الإسرائيلية مسؤولية التعبير عن رايها بصورة تحترم بيئتها والتحلي بضبط النفس وفهم ان اقوال المسؤولين المنتخبين لا تقال في فراغ. انها تسمع في الرياض وفي أبو ظبي وفي واشنطن، وهي التي تحدد الكيفية التي ترى فيها اسرائيل في العالم.

——————————————

هآرتس 26/10/2025  

ترامب يروج لمعارضة الضم في الضفة الذي يجري على الأرض

بقلم: جاكي خوري

الإدارة الامريكية – من الرئيس دونالد ترامب وحتى وزير الخارجية ماركو روبيو – خرجت عن اطوارها من اجل ان توضح معارضتها للضم الرسمي للضفة الغربية. الإدارة حذرت وادانت ومارست الضغوط وأكدت مرة تلو الأخرى بان الضم من قبل إسرائيل بتشريع أو بالإعلان سيشكل تجاوز لخط احمر. ولكن السؤال الحقيقي هو الى أي درجة ستغير هذه المعارضة الواقع على الأرض؟.

ما يحدث في الضفة الغربية يتجاوز منذ فترة طويلة حدود التصريحات. مئات الحواجز والبوابات تقيد حرية حركة الفلسطينيين. المستوطنون يقتحمون مرة تلو الأخرى القرى ويعتدون على السكان وممتلكاتهم، وعلى الكثير من قاطفي الزيتون – أحيانا بموافقة أو بغض النظر من قبل قوات الامن. أراضي خاصة تسرق، بؤر استيطانية غير قانونية تحظى بتشريع، السيطرة الإسرائيلية تتوسع بدون تصويت في الكنيست وبدون خطاب احتفالي. ضم فعلي يجري يوميا، خطوة تلو أخرى، في ظل نظام ابرتهايد وحشي يعمق الفصل ويرسخ السيطرة.

في الوقت الذي فيه تتفاخر الإدارة الامريكية في واشنطن بموقفها المبدئي، فانها تقريبا لا تفعل أي شيء من اجل صد هذا التوجه فعليا. يوجد لإسرائيل يد حرة في كل ما يتعلق بمجال حياة الفلسطينيين – بما في ذلك سرقة أموال الضرائب للسلطة الفلسطينية، ووقف الدفعات والقضاء على كل إشارة يمكن ان تؤدي الى بارقة امل لعملية سياسية حقيقية. الإدارة في الواقع أوقفت مشروع قانون الضم، لكنها تشرعن كل شيء آخر: لا توجد عصوبات، لا توجد خطوات عقاب حقيقية، وحتى لا توجد اقوال واضحة عن حقوق الفلسطينيين كشعب موجود تحت الاحتلال.

منع الضم الفعلي ليس فقط شعار دبلوماسي؛ هو يقتضي خطوات واضحة وشجاعة سياسية – بالتحديد من الإدارة الحالية في الولايات المتحدة. من حقا يريد منع استمرار الضم في الضفة الغربية يجب عليه تحرير أموال الضرائب المجمدة للسلطة الفلسطينية، ويطالب بوقف الخطط لتوسيع المستوطنات، واحياء عمليات سياسية أساسية مثل فتح قنصلية أمريكية في شرقي القدس، او استئناف نشاطات مكاتب م.ت.ف في واشنطن. هذه الخطوات، التي كان يجب ان تكون الحد الأدنى من الثقة ودعم العملية السياسية، تبدو الان بالنسبة للفلسطينيين كحلم بعيد، تقريبا كوهم.

هكذا حدثت مفارقة متواصلة: الرئيس ترامب وادارته يمكنهم الترويج لـ “معارضة الضم” والقول انهم يحافظون على الوضع الراهن، لكن فعليا – الواقع يواصل التدهور بدون عائق. الأرض تتغير – تلة وراء تلة، شارع وراء شارع – في الوقت الذي يكتفي فيه الامريكيون بتصريحات وبلقاءات مهذبة.

هذه السياسة تسمح لإسرائيل بمواصلة السيطرة على كل جانب من جونب الحياة الفلسطينية – على الامن، على الاقتصاد، على المعابر وعلى الأراضي، بدون دفع ثمن دبلوماسي. هذا الواقع الراهن ربما يخدم مصلحة استقرار مزيف، لكن فعليا هو يعمق الحصار، الفقر واليأس. لا يوجد تقريرا حديث عن امن الفلسطينيين وعن مستقبلهم أو عن حريتهم.

اذا يمكن ان نشكر إدارة ترامب – أو أي إدارة أخرى – على موقفها الحازم ضد الضم الرسمي، ولكن الشكر لا يكفي. لانه على الأرض يجري نظام يفصل، يصادر الحقوق ويوسع السيطرة بالقوة – ولا توجد حاجة الى قانون من اجل الفهم بان الامر يتعلق بضم. ضم لم يوقع في وثيقة، بل يتم حفره في كل بوابة أو حاجز مغلق، على كل شجرة زيتون اقتلعت، وفي كل قرية يتم عزلها باسم “الاعتبارات الأمنية”.

——————————————-

إسرائيل اليوم 26/10/2025  

الدولة الفلسطينية حسب ترامب

بقلم: ايال زيسر 

اتفاق وقف النار الذي فرضه الرئيس ترامب على إسرائيل وعلى حماس منحنا إنجازا حقيقيا وذا مغزى – تحريرا فوريا لكل مخطوفينا وإعادة ضحايانا، التي ستنتهي (هكذا كما ينبغي الامل) في الأيام القريبة القادمة. يدور الحديث عن المرحلة الأولى والسهلة من الصفقة التي حاولتا حماس حتى ان تخرقها، وفقط بسبب ضغط امريكي جسيم – بالذات على إسرائيل – منع تحطيم القواعد.

المشكلة هي بالطبع في المراحل التالية من الاتفاق – اتفاق مليء بالثقوب ليس واضحا على الاطلاق كيف ومتى سيخرج الى حيز التنفيذ. يمكن بالطبع الضغط في المراحل التالية على إسرائيل – لتنسحب من أجزاء أخرى من القطاع وتسمح بدخول قوات عسكرية من تركيا او من قطر، لكن كل من يؤمن بان حماس ستنزع سلاحها طوعا أو أن تكون قوة عربية مستعدة لان تفرض عليها نزع سلاحها، يعيش في الأوهام.

غير أن ترامب، الذي يعيش في السحب، يسعى لان يجعل بهراء لسان اتفاق هدنة مؤقت ومهزوز اتفاق سلام على الأرض بين إسرائيل وبين العالم العربي والإسلامي كله. ليته يتبين ان الحق معه.

لكن يخيل أن القسم الاشكالي من الاتفاق من ناحية إسرائيل ليس التصدي لحماس في القطاع بل الالتزام الأمريكي المخفي فيه لاقامة دولة فلسطينية كفيلة واشنطن بان تفرضها على إسرائيل.

هل في واشنطن اقام الرئيس ترامب الدولة الفلسطينية؟ ظاهرا هذه هي غاية الاتفاق. لكن مشكوك أن يكون هذا ما قصده الرئيس الأمريكي حقا، والمؤكد هو انه دون صلة بمسألة ما الذي يريده الامريكيون وبالتأكيد الأوروبيون – فان دولة فلسطينية لن تقوم وكل خطوة تسعى لان تفرضها ستشجع فقط العنف وسفك الدماء، ليس فقط بين الفلسطينيين والإسرائيليين بل وأيضا بين الفلسطينيين انفسهم.

ان موقف ترامب من إسرائيل، وفي واقع الامر عموم الإدارات الامريكية قبله هو موقف التزام عميق وتماثل وجداني مع القضية الصهيونية. بالمقابل، في كل ما يتعلق بالفلسطينيين لا يظهر أي تماثل أو التزام، لا في لغة الاتفاق ولا في تصريحات ترامب نفسه، وقد أجاد في التعبير عن ذلك حين شرح بان كل ما يسعى اليه هو صفقة يوافق الجميع عليها، ومن ناحيته لا يهم اذا كانت هذه دولتين، إسرائيلية وفلسطينية – ام دولة واحدة، إسرائيل. أقواله عن الفساد، العنف والإرهاب كسيماء للسلطة الفلسطينية ولحماس تفيد بما يفكر به عن قدرة الفلسطينيين على إقامة الدولة والإبقاء عليها.

يجدر بالذكر ان الهوس في إقامة دولة فلسطينية في أوساط كثير من دول العالم، يكمن – الى جانب الرغبة في مناكفة إسرائيل (مثابة “اضرب اليهود”) – في الوهم بان دولة فلسطينية ستحل أيضا ليس فقط النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني بل عموم مشاكل الشرق الأوسط، والى جانب ذلك أيضا في الوهم بان ما يمنع إقامة مثل هذه الدولة هو فقط وحصريا إسرائيل.

كل هذا ليس حقيقة. إذ انه على مدى 19 سنة منذ حرب الاستقلال وحتى حرب الأيام الستة سيطرت مصر والأردن في غزة وفي الضفة ولم تفكرا ابدا بإقامة دولة فلسطينية. فضلا عن ذلك، فان اتفاق أوسلو فتح امام الفلسطينيين إمكانية لاقامة كيان سياسي يسيطر على حياتهم ويديرها. غير أن هذا الكيان سرعان ما تحول الى دكتاتورية فاسدة ملتزمة باحلام وخيالات مثل “العودة الى فلسطين”. فيما أن البديل الذي قام لهذا الكيان هو حماس، حركة إسلامية راديكالية ملتزمة بالتطرف الديني، العنف والإرهاب.

خطوة تجربة وتضليل بإقامة دولة يمكن العمل عليها في ليبيا او في الصومال – حيث لا يهتم احد ما يحصل فيهما. لكن هنا يدور الحديث عن مستقبل وأمن إسرائيل – وعن هذين محظور المساومة.

وبعد كل هذا، بخلاف عادتنا، محظور على إسرائيل ان تثق بالفلسطينيين ان يفسدوا على ترامب العرض ويخربوا كل محاولة لتحقيق السلام، مثلما فعلوا في الماضي. عليها الا تثق بأحد غير نفسها وان تدفع قدما بشكل مبادر ببدائل سياسية تزيل الظل المهدد لدكتاتورية فاسدة تشكل دفيئة لتطرف ديني، عنف وإرهاب يسعى البعض لان يقيمها في حارتنا وعلى حسابنا.

 ——————————————

معاريف 26/10/2025  

يتحدثون عن غزة، ينظرون الى القدس

بقلم: آنا برسكي

يمكن لنا أن نقول منذ الان ان المرحلة الثانية من خطة ترامب لغزة انتقلت من الشعارات الى الدبلوماسية القاسية. فلم تعد فقط صور المصافحات والوعود بـ “غزة جديدة”. ما تبقى على الطاولة هو مباراة شطرنج إقليمية يشد فيها كل طرف باتجاهه – وإسرائيل، مرة أخرى، تحشر في الزاوية.

ينبغي الإشارة – وهذا هام في القراءة الصحيحة للصورة العامة – الى أن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو لم يصل حاملا “رسالة أمريكية جاهزة” ضد التموضع التركي في قطاع غزة بل جاء ليقر نتيجة الإصرار الإسرائيلي في هذا الشأن. فبعد جولة احاطات، ضغوط وخطوط حمراء طرحت على واشنطن، حدد روبيو هنا الامر ببساطة: الولايات المتحدة تتبنى موقف القدس من عدم تواجد تركي في غزة.

انجاز دبلوماسي لإسرائيل – نعم. فهل هو مستقر؟ – تماما لا. كل شيء جد غير ثابت حول الخطة الامريكية لغزة، وفي هذه الدينامية على إسرائيل ألا تتجاهل ما يجري وان تكون كل الوقت في داخل الحدث، والا – من شأننا أن نجد انفسنا في وضعية تغييرات وقرارات لم نكن جزءاً منها.

بالتوازي تطرح السعودية شرطا احد في القدس لا يريد أن يسمعه. فالرياض معنية بان تشارك مشاركة نافذة ونشطة في اعمار القطاع، لكنها لم تفتح محفظتها قبل أن تقوم في غزة حكومة تكنوقراط فلسطينية برعاية فتح وم.ت.ف. وفي عالم المال السعودي فيه هو جزء من “اليوم التالي”، فان هذا اعلان قادر – ربما ليس لتجميد، لكن بالتأكيد لتأخير الخطوة كلها. من ناحية السعوديين، فان دولة فلسطينية في حدود 1967 مع القدس الشرقية عاصمة لها ليست شعارا بل شرط للدفع قدما بالتسوية الإقليمية. من ناحية نتنياهو – خط احمر. وهكذا، مرة أخرى الشرق الأوسط يدخل الى نقطة غليان قديمة – جديدة. الكل يتحدث عن غزة، والاجندة الحقيقية هي القدس.

من يدخل الان عبر باب جانبي هي تركيا. الى جانب قطر، تعمل أنقرة من خلف الكواليس على خطوة لاعادة تأهيل حماس: إقامة حزب جديد، اسم جديد، شعار جديد – والمضمون؟ يبقى. اردوغان وامير قطر المحا منذ الان للقيادة في غزة بان هذا هو الوقت لتبديل التصنيف وليس الطريق. لعل هذا يسمع كحيلة، لكن في إسرائيل يشخصون هنا خطرا واضحا: حماس المتخفية تبقى حماس، ومع قناع عسير على الصراع.

في اطار هذا – مصر، ولها توجد خطوات خاصة بها. فهي مرة أخرى في دور الخطابة القومية. القاهرة تحاول العمل على صلح، إجراءات مصالحة بين فتح وحماس بالضبط مثلما حاولت في 2005. المصلحة واضحة: حدود مستقرة، سيطرة في رفح ومكانة وسيط لا يمكن تجاوزه.

اذا ما حاكمنا الأمور وفقا لوتيرة الاحداث – فاننا نقترب من سيناريو 2005 لكن بصيغة HD. محاولة لخلق حكومة فلسطينية “معتدلة” في غزة يجلس فيها الجميع معا ويتوزعون المسؤولية، من شأنها أن تنتهي في المكان ذاته: حكم حماسي بمغلف مدني، ائتلاف متفكك وساعة انذار على حائط الصالون الإسرائيلي التي تعود لتدق. المؤشرات هنا، الأسماء تتبدل.

السيناريو البديل والمتفائل – ذاك الذي تعول عليه القدس – ببساطة على الورق: ان تحبط واشنطن كل محاولة لتبييض حماس في داخل حكومة غزة الجديدة؛ ان يتحقق التجريد من السلاح؛ وفي هذه الاثناء – “تحصد” إسرائيل الفتات المتبقى في كل مكان تظهر فيه. فخ صغير: بدون حكومة مدنية لا يكون عنوان، بدون عنوان لا يكون إعمار؛ بدون إعمار نعود الى نقط الانطلاق. دائرة مغلقة.

في نهاية كل الخطوات التصريحات والقمم يتبين أن السؤال الحقيقي ليس من يدير غزة بل من ينجح في السيطرة على الواقع المتغير حولها. وإسرائيل، اذا ما ارتكبت أخطاء، فستجد نفسها مرة أخرى ترد بدلا من أن تقود.

——————————————-

هآرتس 26/10/2025 

لترامب والعالم: ماذا بقي من الضفة الغربية لتمنعوا الضم؟

بقلم: أسرة التحرير

بينما يمنع ترامب الضم الرسمي للضفة الغربية، يحدث تطهير عرقي في المنطقة طوال الوقت. سلوك إسرائيل ينتهك اتفاقية جنيف والقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن. ووفقًا لتحقيق أجرته صحيفة “هآرتس”، فإنه منذ بداية الحرب، طُردت العشرات من التجمعات الرعوية من منازلهم، وأصبحت المساحات الشاسعة التي كانوا يعيشون فيها أو يرعون فيها، أماكن لا يجرؤون على الاقتراب منها، وامتلأت المساحة بعشرات البؤر الاستيطانية غير القانونية. الهدف واضح: تطهير المنطقة ج من الفلسطينيين، ودفعهم إلى المدن، في المرحلة الأولى (هاجر شيزاف، 24.10). هذا الواقع معروف للجميع منذ بداية الحرب، سواء للجيش والشرطة والإدارة المدنية و”الشاباك” ووزراء الحكومة ورئيسها. وكل عامل منها يتحمل مسؤولية الوضع؛ وزراء الحكومة اليمينية المتطرفة مسؤولون عن توفير الدعم المالي والسياسي للبؤر الاستيطانية، وعلى رأسهم سموتريتش، المسؤول عن الطفرة غير المسبوقة في البناء غير القانوني، وتآكل آليات التنفيذ القليلة التي لا تزال قائمة، وإخضاع مؤسسات التخطيط لمصالح المستوطنين الحصرية.

والجيش مسؤول عن التطبيع الكامل للبؤر الاستيطانية الزراعية؛ فلا راض عن إنشاء البؤر، ويسمح للجنود بحراستها، وفي الوقت نفسه لا يحمي الفلسطينيين من الهجمات، بل يطردهم ويمنعهم من الوصول إلى أراضيهم. أما الشرطة فلا تقدم لوائح اتهام، ولا تحقق كما ينبغي، وتتجاهل أنماط العنف والطرد، ثم تتعامل في الوقت نفسه مع اتهامات كاذبة ضد نشطاء اليسار والفلسطينيين. أما الإدارة المدنية فتخضع لسلطة سموتريتش ولا تفرض القانون على البناء غير القانوني أو فتح الطرق بين البؤر الاستيطانية، وها هو جهاز الأمن العام (الشاباك) يتجاهل كلياً استمرار هذه الأعمال التخريبية.

وكما وصف يوناتان بولاك وماتان جولان نهاية هذا الأسبوع في مقالين في صحيفة “هآرتس” تناولا موسم الحصاد، فإن طرد تجمعات الرعاة ليس سوى جزء من صورة أوسع. فقد بلغ عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين ذروة غير مسبوقة في الأشهر الأخيرة، وهو موجه ضد كل من القرى في المنطقتين “ب” و”أ” وضد أولئك الذين يحاولون ممارسة حقهم في زراعة أراضيهم. مذبحة تلو الأخرى على مدى أشهر. وقد أدت هذه الأخيرة إلى تفاقم الوضع في الضفة الغربية، ويواجه الفلسطينيون الآن خطرًا أكبر من أي وقت مضى. والخوف على حياة أولئك الذين سيخرجون للحصاد في الأسابيع المقبلة حقيقي للغاية.

الجيش يخون واجبه. فقد وُثِّق مراراً كيف يمنع الجنود -إثر عنف المستوطنين وتهديداتهم للفلسطينيين- استمرار حصاد الفلسطينيين لثمار أراضيهم، وهكذا يعاقبون الفلسطينيين على ما يمارسه المستوطنون من عنف ضدهم.

إن تركيز الخطاب العام على مسألة ضمّ الضفة الغربية رسمياً أمر يُغفل الواقع على الأرض. فمهمة المهتمين بإسرائيل الديمقراطية هي معارضة التطهير العرقي في الأراضي المحتلة، وضمان ألا يقتصر المطلب على حدود الخط الأخضر.

——————————————

N 12- 26/10/2025

بينيت: هكذا سنطيح بنتنياهو وائتلافه ونحقق 62 مقعداً من دون العرب ومع “ضم”

بقلم: بن كاسبيت

يبدو أن رئيس الوزراء الأسبق نفتالي بينيت، يستعد لخوض انتخابات جديدة لرئاسة الوزراء، وقد ألقى مؤخرًا كلمة في لقاء مغلق ألمح فيه ما ستكون عليه حملته الانتخابية، وكشف عن بعض خططه، ووصف ادعاءاته بأن كتلة معارضي نتنياهو، دون الأحزاب العربية، ستحقق الأغلبية، وانتقد الحكومة بشدة لتغلغل الإدارة الأمريكية في منظومة صنع القرار في دولة إسرائيل.

وقال بينيت: “نحتاج إلى المعارضة الصهيونية الليبرالية لحصد 62 مقعدًا. كيف نفعل ذلك؟ لقد أجرينا تحقيقات مكثفة خلال العام الماضي حول المقاعد العشرين التي صوّتت (في الانتخابات الأخيرة) لأحزاب الائتلاف، وهي غير راضية تمامًا. وفي وقت ما خلال السنوات الثلاث الماضية، قالوا إنهم لا يريدون التصويت”.

ما علينا فعله لإقناعهم، أولاً: أنهم غير راضين عن الحكومة الحالية، وهذا ما نناقشه (يضحك الجمهور). ثانياً، نحتاج إلى بديل، يجب أن يكون مقبولاً وليس بعيداً عنهم أيديولوجياً. ووفقاً له، هؤلاء هم “ناخبو الليكود الذين يعيشون في الوسط، يمينيون سياسياً، ولكن ليسوا يمينيين متطرفين. تقليديون عموماً. حتى الآن، كان نتنياهو في مواجهة يساريين.

بينيت: “أنا من صقور اليمين، لكنني ليبرالي. عندما تُقدّم لهم بديلاً – شخصًا كان رئيس وزراء جيدًا، يمينيًا ولن يُقيم دولة فلسطينية لنا، فإننا نريد مساعدته”

“هنا يأتي دوري”، يُتابع بينيت. “أنا من صقور اليمين، لكنني ليبرالي. عندما تُقدّم لهم بديلاً – شخصًا كان رئيس وزراء جيدًا، يمينيًا ولن يُقيم دولة فلسطينية لنا، فإننا نريد مساعدته. في حالة بينيت ونتنياهو، بمجرد أن تصبح معركة، نعرف كيف نفوز. الشعب يريد التغيير، لكن لا تضعوه في مأزق التخلي عن الأيديولوجية”. قد تُقنع كلمات بينيت الناخبين في كتلة نتنياهو المعارضة بالتصويت له وليس لمرشح يسار الوسط، لذا من الواضح سبب مصلحته في قولها، بغض النظر عن صحتها.

حول الحكومة: “القيادة سيئة للغاية؛ لقد أصبحنا دولة تابعة إلى حد ما”

هاجم بينيت الحكومة بشدة: “قيادة إسرائيل سيئة للغاية. يستيقظون صباحاً، يفكرون في كيفية جعل هؤلاء الناس يتقاتلون مع أولئك الناس. إنهم يُلقون شيئًا في الهواء. اليوم سنطبق القوانين الدينية. اليوم سنلعن، شيئًا ما كل يوم، المهم أن نكافح ونتجنب زحمة السير وغلاء المعيشة. “إنهم (الائتلاف) يتحدثون عن خفض الحد الأدنى. بالمناسبة، لست متأكدًا من أن ذلك يضرّ الكتلة الليبرالية، لكن الأمر ليس مرتبطًا بذلك. لا تغيروا الوضع في منتصفه. غيّروه في الفترة القادمة.”

وأضاف بينيت: “لقد وصلنا إلى وضع أصبحنا فيه دولة تابعة تقريبًا. لقد أنشأوا حاليًا قاعدة عسكرية أمريكية في “كريات جات”، ومنها يصدرون الأوامر للجيش الإسرائيلي، هكذا تسير الأمور. قبل ساعة أو ساعتين، أعلن ترامب التخلي عن السيادة كلها، حتى في الأماكن التي فيها إجماع إسرائيلي. نجحت هذه الحكومة في جعل أكثر الرؤساء تعاطفًا في تاريخ دولة إسرائيل ينكر ولو شبرًا واحدًا من السيادة.”

لقد خسرنا معظم العالم الغربي، وخسرنا الديمقراطيين، وخسرنا نصف الجمهوريين”، أضاف بينيت. “بشكل عام، يعتمد كل شيء على حسن نية الرئيس ترامب، الذي يستحق كل الثناء، بفضل الرهائن في الداخل، لكن إسناد كل شيء إلى انعزالي واحد أمر غير مسؤول”.

مهاجماً بن غفير: “بسبب برامجه، تعرض الرهائن للضرب”.

استعرض رئيس الوزراء الأسبق أرقام الجريمة في المجتمع العربي، وأظهر كيف تدهورت بشكل ملحوظ خلال فترة بن غفير. وقال: “ها هو وزير الشرطة، الذي يُربك العقول طوال اليوم بفيديوهات تيك توك”. “قُتل ضعف عدد الإسرائيليين في عام 2023 مقارنة بعام 2022. لقد حلّ الفريق (الذي شكلته حكومة التغيير للتعامل مع الجريمة في المجتمع العربي) ويُربك العقول.

أنت مُستفز، ولكن لأنك تُروّج لمسرحيات عن سجناء في السجن، وتضرب رهائننا”، تابع. “العار العار، كان يعلم ذلك. وهذا أمر طبيعي، ولكن عندما لا تعرف كيف تؤدي مهمتك الأساسية في خفض معدلات الجريمة؟ عد إلى منزلك. أنت أكثر وزير شرطة فاشل في تاريخ البلاد.”

أول ثلاثة قرارات سيتخذها إذا انتُخب

حول سؤال عما سيفعله إذا انتُخب، قال بينيت: “هناك عدة مهام حاسمة للأيام الأولى للحكومة. القرار الأول هو تشكيل لجنة تحقيق حكومية للتحقيق في أحداث 7 أكتوبر. القرار الثاني، اقتراح آلية صنع قرار لفترة ولاية رئيس الوزراء. والقرار الثالث، وضع دستور في إسرائيل يُحدد قواعد اللعبة وكيفية عملها.”

قال أيضًا: “لقد غيّرتُ موقفي بشأن تحديد مدة الولاية والدستور. في الماضي، لم أكن أعتقد أن ذلك ضروري، واليوم أعتقد أنه ضروري لإيصال رسالة للمواطنين بأن هذه ليست مسألة عبثية، كيف تُسنّ القوانين؟ كيف تُبطل المحكمة العليا قانونًا، وكيف يُعيّن القضاة؟ لإضفاء جو من الهدوء على وجود دستور”. وفيما يتعلق بمسألة تجنيد الحريديم، قال: “يجب أن نُلزم إخواننا الحريديم بالخدمة العسكرية. لا يوجد في المصادر اليهودية أي ذكر لإعفاء مجموعة كاملة من الخدمة”. وتحدث بينيت عن رؤيته لحكومة مهنية، وأوضح أنه في أول اجتماع حكومي تحت قيادته، سيتم تشكيل لجنة تحقيق رسمية، وتحديد فترات الولايات المختلفة، وسيُطرح دستور للتصويت “يُحدد قواعد اللعبة”، على حد تعبيره.

——————————————

هآرتس 26/10/2025

المخطط الإسرائيلي الخطير لقطاع غزة

بقلم: ياغيل ليفي 

كان تدمير غزة وإعادة سكانها محملين بالحقد والرغبة في الثأر وصفة لانفجار جديد -ليس من منظور أمني فحسب، بل أيضاً من منظور أخلاقي. وأمام هذا الواقع، لم تُبحث بجدية سوى بدائل شكلية، فيما تم تجاهل الخيار الوحيد الذي قد يحمل أملاً -ولو كان محدوداً. ذلك هو مشروع سلام فياض.

* * *

اعتمدت إسرائيل خطة خطيرة تقوم على ما يلي: تحويل قطاع غزة إلى منطقة بلا سيادة، تخضع جزئياً لسيطرة قوة دولية متعددة الجنسيات تكون مهمتها تفكيك حركة “حماس”.

لا يوجد في العالم كله نموذج ناجح لمثل هذا المخطط. وقد نجحت التجارب الدولية في تفكيك جماعات مسلحة معادية فقط في ظروف استثنائية: ضمن اتفاق سلام شامل (إيرلندا الشمالية)؛ أو من خلال تحفيز المتمردين على تسليم أسلحتهم (موزمبيق)؛ أو مقابل اندماج سياسي (السلفادور)؛ أو بعد استسلام كامل (ألمانيا).

أما في غزة، فلا يتوافر أي من الشروط اللازمة لنجاح هذا النموذج الأميركي: لا يوجد اتفاق شامل، ولا إطار دولة مستقرة، وحركة “حماس” لا تملك حافزاً حقيقياً للتخلي عن سلاحها. وبذلك لا يكون “نموذج ترامب” أكثر من طرح نظري، بلا أي صلة بالواقع.

خلال الأشهر المقبلة، سيعود مئات الآلاف من الغزيين إلى بيوتهم المدمرة -مرهقين، وراغبين في الهدوء- لكن كثيرين منهم أيضاً تغمرهم مشاعر الغضب والرغبة في الانتقام. سوف يجد هؤلاء الناس أنفسهم في مواجهة قوة متعددة الجنسيات، مكلفة بنزع سلاح “حماس” ومنع إعادة التسلح المحلي. لكن من غير المرجح أن يخضع سكان غزة لسلطة لم يختاروها، خصوصاً في ظل غياب ضمانات أمنية واضحة، وإقصاء السلطة الفلسطينية -الجهة الوحيدة التي تملك شرعية نسبية- عن العملية إلى أن تجتاز سلسلة من الاختبارات التي ستفرضها عليها التحالفات الأميركية.

في الأثناء، سوف يُطلب من الغزيين الاكتفاء بلجنة تكنوقراطية تخضع لمفوض أجنبي أعلى -ربما توني بلير- والتي تعمل ضمن نظام إداري أشبه بالوصاية، فيما تبقى أجزاء من السيطرة الميدانية بيد إسرائيل على المدى الطويل، ضمن ما يعرف بـ”محيط السيطرة”.

احتمال أن تتعاون “حماس”، التي ما تزال قائمة، مع مثل هذا المخطط شبه معدوم. وحتى لو أبدت بعض المرونة، فثمة احتمال كبير في أن تنشأ تحتها ميليشيات مسلحة مستقلة لا تعترف بأي اتفاقات. إن المطروح هو نموذج كلاسيكي من نماذج “الهندسة السياسية-الاجتماعية” التي يؤمن بها بعض المخططين الأميركيين -لكنه وصفة محفوفة بالمخاطر: مطالبة شعب من مليوني إنسان، جُردوا من إنسانيتهم ومن سيادتهم، بالخضوع لحكم أجنبي.

من منظور أمني، سيكون هذا سيناريو لكارثة مؤكدة: إنشاء حدود مع إقليم معاد عديم السيادة، يخضع لقوة دولية تفتقر إلى الإرادة السياسية للمواجهة. وحين تعجز هذه القوة عن نزع سلاح “حماس” أو الجماعات الأخرى، ستجد إسرائيل نفسها أمام معضلة خطيرة -إما التغاضي، وإما استئناف الحرب ضد مناطق تنتشر فيها قوات أجنبية، لتتحول تلك القوات إلى حاجز يفصلها عن الفلسطينيين.

في الحقيقة، كان تدمير غزة وإعادة سكانها محملين بالحقد والرغبة في الثأر وصفة لانفجار جديد -ليس من منظور أمني فحسب، بل أيضاً من منظور أخلاقي. وأمام هذا الواقع، لم تُبحث بجدية سوى بدائل شكلية، فيما تم تجاهل الخيار الوحيد الذي قد يحمل أملاً -ولو كان محدوداً.

ذلك هو مشروع سلام فياض، رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق، الذي دعا إلى دمج حركة “حماس” ضمن منظمة التحرير، وتشكيل حكومة فلسطينية جديدة أكثر شرعية تتولى إدارة قطاع غزة.

كانت مثل هذه السلطة لتشكل قاعدة لبناء دولة فلسطينية مستقبلية. وقد رأى فياض أن أي التزام فلسطيني بعدم العنف لا يمكن أن يكون ذا مصداقية ما لم تكن “حماس” جزءاً من الحل.

لكن إسرائيل، بدلاً من أن تتبنى هذا المسار أو أن تفكر فيه على الأقل، ترفض حتى القيام بخطوة عقلانية تخدم مصلحتها الأمنية -الإفراج عن مروان البرغوثي، الزعيم السياسي الأكثر شعبية في غزة، بحسب استطلاع رأي أجري عشية السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، والذي ربما كان قادراً على قيادة عملية سياسية واقعية. بدلاً من ذلك، تختار إسرائيل مساراً يهدد أمنها أكثر من أي خيار آخر مطروح.

*ياغيل ليفي Yagil Levy: عالم اجتماع وسياسي إسرائيلي بارز، يشغل منصب أستاذ في قسم علم الاجتماع والعلوم السياسية في الجامعة المفتوحة في إسرائيل.

يُعرف بأبحاثه النقدية حول العلاقة بين الجيش والمجتمع في إسرائيل، ودورهما في تكريس أو تحدي البنية الاستعمارية والعسكرية للدولة.

تناولت مؤلفاته قضايا مثل عسكرة السياسة، والتفاوتات الطبقية والإثنية في الخدمة العسكرية، وتأثير الاحتلال على الثقافة السياسية الإسرائيلية. من بين أبرز كتبه: “هرم الموت في إسرائيل”، و”مَن يستحق الحياة أكثر”. يعد من الأصوات الأكاديمية القليلة في إسرائيل التي تقدم قراءة تفكيكية نقدية للمؤسسة العسكرية بوصفها أداة للسيطرة الاستعمارية على الفلسطينيين ولإعادة إنتاج الامتيازات داخل المجتمع الإسرائيلي ذاته.

—————–انتهت النشرة—————–

Share This Article