نائب إسرائيلي: خطاب ترامب في الكنيست مسرحي ونقترب من إبادة بالضفة

المسار : وصف النائب الإسرائيلي عوفير كسيف حديث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمام الكنيست بأنه كان “عرضا مسرحيا”، وناشد المجتمع الدولي عدم الانتظار حتى بدء إبادة جماعية إسرائيلية جديدة في الضفة الغربية المحتلة.

وقال اليساري كسيف، في مقابلة مع الأناضول: “أناشد المجتمع الدولي، انتظرتم طويلا قبل أن تتدخلوا ضد الإبادة الجماعية في (قطاع) غزة، فلا تنتظروا سيناريو مماثلا في الضفة الغربية لأننا نقترب منه”.

وبدعم أمريكي، قتلت إسرائيل 68 ألفا و519 فلسطينيا وجرحت 170 ألفا 382 في قطاع غزة، معظمهم أطفال ونساء، ودمرت 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية، في إبادة جماعية بدأتها في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 واستمرت سنتين.

وأضاف كسيف، وهو نائب عن الحزب اليهودي العربي “الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة: “لا تنتظروا حربا أهلية داخل إسرائيل لأننا نقترب منها”.

وتابع: “افعلوا كل ما في وسعكم لوقف هذين الخطرين، فهي مخاطر على الفلسطينيين والإسرائيليين والمنطقة والعالم”.

كلمة ترامب

في 20 أكتوبر الجاري طرد أمن الكنيست النائبين كسيف وأيمن عودة من قاعة البرلمان، لمطالبتهما بالاعتراف بدولة فلسطين أثناء كلمة ألقاها ترامب.

وقال كسيف، الحاصل على شهادة الدكتوراه بالفلسفة والسياسة: “لم يكن هناك خطابا، بل كان عرضا مسرحيا لثلاثة من المهووسين بعظمة الذات، خاصة (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو وترامب وإلى حد ما رئيس الكنيست (أمير أوحانا) أيضا”.

وأضاف: “كان عرضا للمداهنة. كان مقززا جدا. لم يكن له أي محتوى حقيقي سوى التباهي ببعضهم البعض”.

كسيف تابع: “لم تكن هناك أي صلة على الإطلاق بالضحية الرئيسية في العامين الماضيين”، في إشارة إلى حرب الإبادة بغزة.

وأردف: “بالإضافة إلى الأسرى والجنود الإسرائيليين الذين ضحت بهم الحكومة، فإن عشرات آلاف الفلسطينيين ذُبحوا في غزة، بمَن فيهم آلاف الأطفال والنساء ولم يشر أحد إليهم”.

وعن طرده هو وعودة لرفعهما ورقة مكتوب عليها “الاعتراف بفلسطين”، قال كسيف: “يجب أن يفهم الجميع أن الحل الوحيد للصرع ولوقف سفك الدماء والتدمير ومعاناة الفلسطينيين والإسرائيليين هو الاعتراف بفلسطين”.

وشدد على أنه يجب “إقامة دولة فلسطينية مستقلة حقيقية ذات سيادة إلى جانب إسرائيل، وهذه كانت رسالتنا”.

وتعترف بدولة فلسطين ما لا يقل عن 160 دولة من أصل أعضاء الأمم المتحدة الـ193.

كسيف أكد أن ترامب نفسه كان متورطا في التضحية بالأسرى الإسرائيليين ومجزرة الفلسطينيين، فلقد دعم حكومة إسرائيل في مارس/ آذار الماضي عندما انتهكت الاتفاق مع حركة “حماس” واستأنفت الإبادة.

وأضاف أن الاتفاق “الذي كان مطروحا على الطاولة كان يمكن أن ينقذ آلاف الأرواح من الفلسطينيين والأسرى والجنود. ترامب جزء من المشكلة، وليس المنقذ”.

“أيمن عودة وأنا حملنا لافتة كُتب عليها: الاعتراف بفلسطين. هذا كل شيء. لم نصرخ. لم نتحدث. لم نقل شيئا، فقط تلك اللافتة. كان الأمر ضروريا”، كما تابع كسيف.

استكمال الانقلاب

وبشأن الدورة الشتوية للكنيست التي بدأت في 20 أكتوبر ويتوقع أن تكون الأخيرة للبرلمان الحالي، قال كسيف: “لا شك أن هناك أمرين رئيسيين ترغب الحكومة في إنجازهما في الأشهر القليلة المقبلة سواء أُجريت الانتخابات كما هو مخطط لها في أكتوبر المقبل أو في وقت أبكر، مثل يونيو/ حزيران أو حتى قبل ذلك”.

وتابع: “أولا يريدون (أعضاء الحكومة) مواصلة الانقلاب، عبر ما يُسمى بالإصلاح القضائي (سنّ وتعديل قوانين)، وهو ليس إصلاحا ولا قضائيا، هذا انقلاب فاشيّ”.

واستطرد: “هذا انقلاب ديكتاتوري يهدف أولا إلى القضاء التام على استقلال النظام القضائي والإعلام، وأنا أنتقد القضاء والإعلام بشدة، والحكومة تريد تدميرهما”.

و”ثانيا، تريد الحكومة القضاء تماما على الحقوق المدنية القليلة المتبقية، سواء النظام القضائي أو النائب العام أو الإعلام أو المجتمع المدني والمواطنين الأفراد، إنهم يريدون استكمال الانقلاب الفاشي”، بحسب كسيف.

ضم الضفة

وبخصوص مصير الضفة الغربية المحتلة، قال: “شهدنا في الأيام القليلة الماضية مستوى مروعا من العنف في الضفة الغربية المحتلة، وخاصة ضد الفلسطينيين والناشطين الذين يقطفون الزيتون”.

وتابع: “طردتهم قوات الاحتلال من أراضيهم لإتاحة الفرصة للمستوطنين الإرهابيين، ليس فقط لضرب الفلسطينيين والاعتداء عليهم، بل أيضا لسرقة الطعام والسيطرة على الأرض الفلسطينية”.

وحذر من أن “هذا جزء من خطة الضم. إنها ليست مجرد حشد فاشي يعمل ضد حكومة إسرائيل وسياساتها، هذا جزء من السياسة”.

ويقول الفلسطينيون إن تل أبيب، وبموازاة الإبادة في غزة، كثفت جرائمها في الضفة الغربية، ولا سيما تهجير الفلسطينيين وتوسيع البناء الاستيطاني، تمهيدا لضم الضفة إلى إسرائيل.

والأربعاء الماضي، صدق الكنيست بقراءة تمهيدية على مشروع قانون لضم الضفة الغربية، في خطوة لاقت إدانات وانتقادات إقليمية ودولية عديدة.

ومن شأن هذ الضم أن ينهي إمكانية تنفيذ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية) المنصوص عليه في قرارات صدرت عن الأمم المتحدة.

مَن يكون نتنياهو القادم؟

وبالنسبة للمعارضة في إسرائيل، قال كسيف: “هي معارضة اسمية وليست حقيقية، فالغالبية العظمى ممَّن يُسمون معارضة يتحالفون مع الحكومة والائتلاف (الحاكم)”.

وتابع: “إنهم لا يطرحون بديلا سياسيا بل بديلا شخصيا، ويبدو أن الصراع بين ما تُسمى معارضة والائتلاف هو على مَن سيكون نتنياهو القادم”.

ومحليا يُحاكم نتنياهو بتهم فساد تستوجب سجنه حال إدانته، ودوليا تطلب المحكمة الجنائية الدولية اعتقاله بتهمتي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.

كسيف أضاف: “هذا أمر يجب ألا نقبله أبدا. سنخوض نضالنا كما فعلنا من قبل. سنواصل النضال ضد الإبادة الجماعية في غزة، كما سنواصله فيما يتعلق بالضفة الغربية والانقلاب الفاشي”.

لا احتلال خلال سنوات

وعن التغيير في إسرائيل خلال السنوات الماضية، قال كسيف: “هو سلبي 100 بالمئة، إنه يدمر المجتمع على حساب الإسرائيليين والفلسطينيين، وحوّل إسرائيل إلى نظام فاشي”.

وأضاف: “في ظل الإبادة الجماعية (في غزة)، وهي جريمة بحد ذاتها، والتطهير العرقي في الضفة الغربية وفظائع أخرى، فمن الواضح أن التغيير سلبي”.

واستدرك: لكن “يبدو التغيير (على المدى البعيد) إيجابيا أيضا، إذا سهّل تأسيس دولة فلسطين، وإنهاء الاحتلال، وحتى دمقرطة إسرائيل”.

وتابع: “في المستقبل القريب الأمر سلبي تماما، لكن في المستقبل البعيد سنرى نتائج إيجابية. الاحتلال سينتهي خلال بضع سنوات، (ستٌقام) دولة فلسطينية مستقلة، وهذا يعني تحرير الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي”.

“هناك أمل، يجب أن نكون متفائلين، لكن يجب أن نناضل ونكافح، ونحن بحاجة إلى المجتمع الدولي إلى جانبنا، يجب أن يكون هناك مزيجا بين نضالنا الداخلي والنضال الدولي”، كما استطرد كسيف.

مخطط “العصابة”

وبالنسبة للانتخابات المقبلة وفرص نتنياهو فيها، قال كسيف: “هناك قضيتان رئيسيتان هنا. أولا، افتراض إجراء الانتخابات، فلو كان الأمر متروكا لنتنياهو ومتعصبيه الفاشيين داخل الائتلاف، لفعلوا كل ما في وسعهم لإلغائها أو تأجيلها”.

وأضاف: “ولكن إذا أُجريت الانتخابات في موعدها أو قبله، فإن الائتلاف وأنصاره المتعصبين خارج البرلمان يخططون لتحويلها إلى خدعة وانتخابات ظالمة ومنحازة”.

وأوضح أنهم “يفعلون ذلك بمحاولة تمرير مشاريع قوانين ستمنعنا مثلا من المشاركة في الانتخابات، هناك خطة لذلك، وقد بدأوا بالفعل”.

وتابع: “لم تعد الشرطة موجودة، لقد تحولت إلى ميليشيا خاصة في أيدي الحكومة عموما، وفي أيدي المتعصب الفاشي، المدان بالإرهاب، (وزير الأمن القومي إيتمار) بن غفير خصوصا”.

واستطرد: “هناك ميليشيات خاصة مسلحة من الفاشيين تنتظر فقط أمرا، سواء من بن غفير أو نتنياهو أو غيرهما من العصابة، لمنع المواطنين الفلسطينيين واليساريين من التصويت. لذا أتوقع انتخابات ظالمة”.

وحذر من أنه “إذا حدث ذلك، فسيكون فوز اليمين الفاشي أسهل، لكن دعونا لا ننسى أن 50 بالمئة من السكان تحت حكم إسرائيل محرومين حتى من حق التصويت، وأعني الفلسطينيين في الأراضي المحتلة”.

واستدرك: “ولكن إذا تجاهلنا هذا الأمر جدلا ونجحنا في نضالنا ضد تلك النوايا (بشأن الانتخابات)، فلن تكون هناك فرصة لفوز الفاشيين”.

غير أنه استدرك مجددا: “لكنني أخشى أن نشهد بعض العنف، سواء قبل أو في يوم الانتخابات، وربما حتى بعد إعلان النتائج”.

وختم بالقول: “كما تعلمون، في الولايات المتحدة، عندما فاز جو بايدن على ترامب في 2021. رأينا ما حدث هناك (عنف أنصار ترامب). أخشى أننا سنشهد شيئا مشابها جدا وقد يكون أسوأ”.

(الأناضول)

Share This Article