المسار : عقدت “الجمعية التشريعية لولاية بارانا” البرازيلية، السبت، جلسة عامة بعنوان “أصوات صامتة” حول الأزمة الإنسانية وانتهاكات حقوق الإنسان في قطاع غزة والضفة الغربية. جاءت اللجسة بطلب من لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في نقابة المحامين البرازيلية – ولاية بارانا، جنوبي البرازيل، بالتعاون مع عدة منظمات حقوقية ومدافعين عن السلام والعدالة.
تحديات حقوق الإنسان في غزة والضفة الغربية
شهدت الجلسة مداخلات من شخصيات بارزة في مجال حقوق الإنسان والسياسة، حيث تناولت المداخلات الأوضاع الإنسانية الصعبة في الأراضي الفلسطينية، لاسيما في قطاع غزة والضفة الغربية. المحامي البرازيلي أندريه سالمازو بوبيل، رئيس لجنة حقوق الإنسان في نقابة المحامين، أكد في كلمته على ضرورة مواجهة انتهاكات حقوق الإنسان في المنطقة، مشيرًا إلى أن القضية الفلسطينية لا تزال تمثل واحدة من أكبر أزمات حقوق الإنسان في العالم. كما أشار إلى معاناة الفلسطينيين في ظل العنف المستمر والظروف المعيشية القاسية.
المداخلات والتحليل القانوني
تطرق المستشار القانوني، فرانسيسكو ريزيك، وزير العلاقات الخارجية السابق وعضو المحكمة الدولية في لاهاي، إلى دور القانون الدولي في إدارة النزاعات الإنسانية، مشيرًا إلى الفشل المتكرر للأمم المتحدة في معالجة القضية الفلسطينية بفعالية. وأوضح ريزيك في مداخلته أن المجتمع الدولي، بما في ذلك القوى الكبرى، يتحمل جزءًا من المسؤولية تجاه ما يجري في غزة من انتهاكات حقوق الإنسان. وركز على ضرورة أن يتم تطبيق قانون حقوق الإنسان الدولي بشكل محايد، وأكد أن الحلول السياسية لا يمكن أن تُنجز دون تطبيق العدالة.
التحليل الإعلامي للنزاع
من جهته، قام الصحفي البرازيلي بريمو ألتمان، مؤسس موقع ” أوبرا موندي” والناشط السياسي البارز في القضية الفلسطينية، بمداخلة تناول فيها دور الإعلام في تغطية جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين.
ألتمان أكد في كلمته أن وسائل الإعلام الغربية تقوم بتوجيه (السرد) بما يخدم مصالح القوى الغربية، مما يعمق معاناة الفلسطينيين ويجعل من معاناتهم غير مرئية في الغرب. وأضاف ألتمان أن الكثير من الصحف والقنوات الإعلامية تتجنب الإشارة إلى أن ما يحدث في غزة هو إبادة جماعية، رغم ما يشير إليه المحللون الحقوقيون من أنها إبادة جماعية واضحة.
الدور الفعّال للمجتمع المدني
أما وليد رباح، رئيس اتحاد المؤسسات العربية الفلسطينية في البرازيل “فيبال”، فركز في مداخلته على أهمية دور المجتمع المدني في تحفيز الضغط الدولي على الحكومات لدعم حقوق الفلسطينيين. وأشار إلى أن دور المجتمع المدني كان محوريًا في تسليط الضوء على القضية الفلسطينية على مر السنين، في ظل تجاهل الحكومات الغربية. كما شدد رباح، على ضرورة مواجهة السياسات الاستعمارية التي تهدف إلى إبادة الشعب الفلسطيني، ووصفها بأنها جزء من “مشروع استعماري طويل الأمد”.
التضامن الدولي
من الناحية السياسية، ركزت الجلسة على ضرورة أن يتخذ المجتمع الدولي إجراءات حازمة ضد الاحتلال الإسرائيلي. وفي هذا السياق، شدد وليد رباح، رئيس اتحاد المؤسسات العربية الفلسطينية في البرازيل (فيبال)، على أهمية الضغط الدولي الفعّال على الحكومات الغربية من أجل تحقيق سلام عادل في فلسطين. وأشار رباح إلى أن السياسات الدولية الحالية قد فشلت في معالجة الأزمة بشكل جذري، مؤكدًا أن السلام لن يتحقق دون تحرك حاسم يتجاوز البيانات التي تصدر للتنديد بالشجب.
التحديات الإنسانية
فيما تحدثت الأستاذة بريسيلا كانيبارو، أستاذة القانون الدولي، بشكل خاص عن الانتهاكات الواضحة للقانون الدولي في قطاع غزة، مشيرة إلى أن هجمات الاحتلال على المدنيين والمرافق الحيوية كالمستشفيات والمدارس تتعارض تمامًا مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي. كما أوضحت كانيبارو أن الحصار المفروض على غزة هو جزء من سياسة جماعية تهدف إلى إبادة الشعب الفلسطيني بشكل غير مباشر.
دعوة للعدالة الدولية
وفي الختام، أكدت اللجنة المنظمة على ضرورة تفعيل آليات العدالة الدولية، مشيرة إلى أن إسرائيل لا يمكنها أن تواصل ارتكاب هذه الانتهاكات دون رادع. من جهة أخرى، شدد المتحدثون على أن المسار السياسي الذي تم اتخاذه منذ اتفاق أوسلو لم يعد صالحًا، مؤكدين أن الحل الوحيد هو في احترام حقوق الفلسطينيين ومساواتهم في الحقوق.
الختام والتوصيات
في الختام، أشادت لجنة حقوق الإنسان في نقابة المحامين البرازيلية بمشاركة جميع المحاضرين والمتحدثين، مشيرة إلى أهمية رفع الوعي الدولي حول القضية الفلسطينية. كما دعت اللجنة إلى مزيد من الضغط على الحكومات الغربية لمحاسبة إسرائيل على جرائمها، وطالبت بتفعيل الحلول العادلة التي تضمن حقوق الشعب الفلسطيني.
يُذكر أن البرلمان البرازيلي عقد جلسة عامة ضمن لجنة “التشريع التشاركي”، منتصف تشرين الثاني/أكتوبر ، ناقش خلالها دور البرازيل في الوساطة الدولية لتحقيق وقف إطلاق نار دائم وإعادة الإعمار الإنساني في قطاع غزة وتم التأكيد على الدور القيادي للبرازيل في السعي لتحقيق حل سلمي ومستدام للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، بما يتماشى مع التزامها التاريخي بالسلام والتضامن الدولي. بالتزامن مع ذلك احتضن مجلس بلدية “ساو ليوبولدو”، في ولاية “ريو غراندي دو سول” جنوبي البرازيل، جلسة استماع عامة تحت عنوان “فلسطين حرة”، خُصصت للتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني ومناقشة ما وصفه منظموها بـ “الإبادة الجماعية المتلفزة ضد سكان قطاع غزة”.
ويُشار إلى أن الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا فأعرب عن تفاؤله بخصوص اتفاق وقف إطلاق النار بين دولة الاحتلال وحركة “حماس” في قطاع غزة، معتبراً أن هناك “إمكانية حقيقية لأن يتحول الاتفاق إلى سلام دائم”، مؤكداً في الوقت نفسه أن الخلاف القائم بين بلاده و”إسرائيل” مرتبط بشخص رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وليس بالدولة الإسرائيلية نفسها.
وقال دا سيلفا، خلال مؤتمر صحفي عقده في العاصمة الإيطالية روما، في 13 تشرين الثاني/أكتوبر، عقب مشاركته في منتدى الغذاء العالمي الذي تنظمه منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو): “يبدو أن هناك فرصاً حقيقية لأن يكون الاتفاق نهائياً. لا يمكننا إعادة حياة الملايين الذين ماتوا، لكن يمكننا أن نعيد للناس حقهم في العيش بسلام، دون خوف من قنبلة أو من سقوط مبنى فوق رؤوسهم”.

