| افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
معهد بحوث الأمن القومي (INSS) 24/11/2025
حرب “الأسد الصاعد” وتداعياتها على الأمن القومي الإيراني
بقلم: راز تسيمت
كانت حرب الاثني عشر يومًا بين إيران وإسرائيل في حزيران 2025 أول مواجهة مباشرة وشاملة بين البلدين. ورغم قصر مدتها نسبيًا، تُعتبر حدثًا صادمًا للغاية في الجمهورية الإسلامية، لا سيما في ضوء الضربة الافتتاحية التي شنتها إسرائيل، وانضمام الولايات المتحدة إلى الحملة، وحجم الأضرار التي لحقت بالأنظمة النووية والصاروخية الإيرانية. منذ انتهاء الحرب، دأبت إيران على استخلاص الدروس من الثغرات الكبيرة التي كُشفت في قدراتها على الردع والدفاع.
لم تغفل القيادة الإيرانية عن الحاجة إلى تحسينات وتعديلات في مفهوم الأمن القومي، ولكن يبدو أن هذا لا يكفي حاليًا لإحداث تغيير جذري في الاستراتيجية العامة. يبدو أن إيران تُفضل إجراء بعض التعديلات على سياستها في إطار المفهوم الحالي، مع إيجاد حلول ممكنة للثغرات التي كُشفت، بدلًا من إحداث تغييرات جوهرية في القضايا الاستراتيجية الجوهرية. على أي حال، يتسم الواقع الجديد الذي خلقته الحرب بعدم الاستقرار، ومن المشكوك فيه أن يدوم الوضع الراهن طويلًا، لا سيما في ظل تزايد احتمالات سوء التقدير بين إيران وإسرائيل، واتخاذ إيران قرارات محفوفة بالمخاطر، لا سيما في المجال النووي.
تهدف هذه المذكرة إلى دراسة الدروس التي استخلصتها إيران من الحرب وتداعياتها في أربعة مجالات رئيسية: المجال النووي، والمنظومة العسكرية الاستراتيجية، والساحة الإقليمية، والساحة الداخلية، وكيف أثرت على مفهوم الأمن القومي الإيراني. بالإضافة إلى ذلك، تتضمن المذكرة سلسلة من التوصيات السياسية الرامية إلى كبح، أو على الأقل تأخير، جهود إيران لاستعادة قدراتها الاستراتيجية، وفي مقدمتها برنامجها النووي، والمحور الموالي لإيران في المنطقة، والحد قدر الإمكان من خطر تجدد القتال.
ملخص تنفيذي
شكّلت حرب الاثني عشر يومًا بين إيران وإسرائيل في حزيران 2025 أخطر ذروة حتى الآن للصراع الدائر بين البلدين. ورغم قصر مدتها نسبيًا، تُعتبر حدثًا صادمًا للغاية في الجمهورية الإسلامية، لا سيما في ضوء الضربة الافتتاحية المفاجئة التي وجهتها إسرائيل، وانضمام الولايات المتحدة إلى الحملة، ومدى الضرر الذي لحق بالمنظومات الاستراتيجية الإيرانية، وفي مقدمتها البرنامج النووي ونظام الصواريخ بعيدة المدى. وتتجلى شدة الصدمة في الاسم الذي أُطلق على الحرب في إيران – “الحرب القسرية” – وهو مصطلح يُستخدم لوصف حرب السنوات الثماني بين إيران والعراق في ثمانينيات القرن الماضي. وكما شكّلت الحرب الإيرانية العراقية التصور الأمني والوعي الوطني لإيران، فمن المرجح أن تترك حرب “الأسد الصاعد” أيضًا أثرًا حقيقيًا في المجالات العسكرية والأمنية والسياسية والإقليمية والمحلية…
مقدمة
من الصعب التقليل من أهمية حرب الاثني عشر يومًا بين إيران وإسرائيل. لم تُمثّل هذه الحرب أخطر ذروة في الصراع الدائر بين البلدين حتى الآن فحسب، بل كانت أيضًا الحدث الأكثر صدمةً لإيران منذ نهاية الحرب الإيرانية العراقية عام 1988. كما فاقمت الحرب، وخاصةً وابل الصواريخ الثقيلة التي أُطلقت من إيران على إسرائيل، من شعور الخوف والقلق في إسرائيل، عقب مذبحة السابع من أكتوبر والحملة المستمرة على سبع جبهات. كما أثارت الحرب جدلًا حول عواقبها. وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نتائج الحرب مع إيران بأنها “نصر تاريخي سيبقى لأجيال”. وأعلن أن إسرائيل نجحت في إزالة تهديدين وجوديين مُلحّين: خطر الفناء بالقنابل النووية، وخطر الفناء بعشرين ألف صاروخ باليستي، وأن إسرائيل وجهت أيضًا “ضربات ساحقة للنظام الإيراني الشرير”…
الفصل الأول: بين “سردية النصر” و”التحول الجذري”
كانت حرب “الأسد الصاعد” بين إسرائيل وإيران، التي استمرت من 13 إلى 24 حزيران 2025، أول مواجهة مباشرة شاملة بين البلدين. اندلعت بمبادرة إسرائيلية، على خلفية فشل المفاوضات بين طهران وواشنطن في محاولة التوصل إلى اتفاق نووي مُحسّن؛ وتطورات مُقلقة في “محور التسلح” ضمن البرنامج النووي الإيراني، مما أثار مخاوف من إمكانية تقصير طهران الوقت اللازم لإنتاج أول قنبلة نووية؛ والتقدم السريع في مشروع بناء القوة في برنامج الصواريخ الإيراني؛ وفرصة تاريخية فُتحت بعد قرار حزب الله في صيف 2024، وانهيار نظام الأسد، وتدمير أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية في الهجوم الإسرائيلي أواخر أكتوبر 2025، وظروف عملياتية أخرى.
الفصل الثاني: الغموض النووي على مفترق الطرق
عشية الحرب، كانت إيران دولةً على أعتاب امتلاك السلاح النووي، قادرةً على استكمال تخصيب اليورانيوم الذي تمتلكه بنسبة 90 في المئة – وهي مادة انشطارية بالمستوى اللازم للأسلحة النووية – في أقل من أسبوعين من اتخاذ القرار، وعلى ما يبدو بعد بضعة أشهر من تحقيق قدرة نووية عسكرية أولية. كان الهدف من هذه القدرة توفير ردعٍ لها ضد أعدائها، وتوفير ضمانٍ لبقاء النظام. إلا أن قائد إيران امتنع عن إصدار أوامر بتطوير الأسلحة، خوفًا على ما يبدو من الانجرار إلى حملة عسكرية ضد إسرائيل، والأسوأ من ذلك – ضد الولايات المتحدة. لسنوات، فضلت إيران التقدم في المسار النووي تدريجيًا وأكثر أمانًا على المسار الأسرع…
الفصل الثالث: إعادة بناء المنظومات العسكرية الاستراتيجية
من وجهة نظر طهران، عززت التصريحات المتكررة لإسرائيل والولايات المتحدة حول استعدادهما لمهاجمة إيران مجددًا الحاجة إلى تحسين جاهزيتها لسيناريو أي هجمات أخرى ضدها في المستقبل. منذ انتهاء الحرب، كثّفت إيران جهودها لإعادة بناء وتطوير منظوماتها العسكرية، وخاصةً منظومات الصواريخ والدفاع الجوي، في إطار تحسين جاهزيتها في ضوء احتمال تجدد القتال. وقد مكّنها تسليح إيران في العقود الأخيرة بمنظومات عسكرية استراتيجية، بما في ذلك الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، من تعويض ضعفها في مجال الأسلحة التقليدية، إلى جانب شبكة وكلائها، واستخدامها للإرهاب، وقدراتها السيبرانية. يُعدّ برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني المتنوع نتيجةً للحرب الإيرانية العراقية، التي أبرزت الحاجة إلى تحسين الردع والاعتماد على الذات. وترى إيران أن الصواريخ الباليستية تُوفّر وسيلة سهلة وسريعة وفعالة لردع خصومها، وإبراز قوتهم، ومعاقبتهم.
الفصل الرابع: إيران في الساحة الإقليمية بعد الحرب
على الرغم من أن محدودية قدرة إيران على إدارة الشبكة الإقليمية التي نسجتها لسنوات كانت جليةً في الأشهر التي سبقت حرب الأيام الاثني عشر، وخاصةً منذ هزيمة حزب الله أمام إسرائيل وانهيار نظام الأسد في سوريا، إلا أن الحرب أوضحت بشكل أكبر انهيار مفهوم الوكلاء. إن مفهوم “الدفاع الأمامي”، الذي كان يهدف إلى احتواء التهديدات للأمن القومي الإيراني بعيدًا قدر الإمكان عن حدودها من خلال تشغيل الوكلاء، لم يمنع في نهاية المطاف إسرائيل والولايات المتحدة من مهاجمة إيران مباشرة. تُعدّ شبكة الوكلاء ركنًا أساسيًا من أركان مفهوم إيران الأمني، وإحدى الوسائل الرئيسية المتاحة لها لردع أعدائها، وتعزيز عمقها الاستراتيجي، وتوسيع نفوذها وقوتها خارج حدودها.
الفصل الخامس: الساحة الداخلية في إيران بعد الحرب
يُعدّ ضمان بقاء النظام في وجه التهديدات الداخلية والخارجية هدفًا أساسيًا للجمهورية الإسلامية، وعاملًا أساسيًا في تشكيل مفهومها الأمني. لذلك، ورغم أن التطورات على الساحة الداخلية في إيران خلال الحرب وبعدها لا ترتبط ارتباطًا مباشرًا بتغييرات الاستراتيجية الإيرانية، إلا أنه لا يمكن تجاهلها حتى في إطار مناقشة مفهوم الأمن القومي للجمهورية الإسلامية. لم تضع إسرائيل إسقاط النظام الإيراني هدفًا لها في الحرب، التي كانت تهدف أساسًا إلى إلحاق ضرر حقيقي بالبرنامج النووي ومنظومة الصواريخ الباليستية، وتقليصهما بشكل ملحوظ.
ملخص وتوصيات
عشية عيد العرش 2025، أثار وزير الدفاع الاسبق أفيغدور ليبرمان ضجةً طفيفة عندما حذّر من نوايا إيران بمهاجمة إسرائيل. ففي تغريدة نشرها على حسابه على شبكة إكس، كتب ليبرمان أن من يعتقد أن الحادث مع إيران قد انتهى مخطئ ومضلل، وأن الإيرانيين يعملون بالفعل بجد لتعزيز قدراتهم العسكرية. ودعا المواطنين الإسرائيليين إلى توخي الحذر الشديد خلال العيد والبقاء بالقرب من المناطق المحمية. وعقب تصريحاته التي أثارت الذعر، أوضح مصدر أمني أنه لا يوجد أي تغيير في الإرشادات، وأنه لا يُتوقع وقوع أي حادث غير عادي قريبًا مع الإيرانيين. واتهم مصدر إسرائيلي آخر ليبرمان بإثارة الذعر دون أساس، بهدف جذب الانتباه فقط. وحتى لو كانت تحذيرات ليبرمان مبالغًا فيها، فلا شك أن طبيعة الواقع الجديد الذي نشأ في أعقاب حرب الأيام الاثني عشر بعيدة كل البعد عن الاستقرار…
——————————————-
هآرتس/ ذي ماركر 24/11/2025
هؤلاء هم الاسرائيليون الذين يفحصون ترك البلاد
بقلم: سامي بيرتس
المجتمع الحريدي يواجه منذ بداية الحرب ضغط شديد لتجنيد شبابه في الجيش، ويخوض صراع شرس ضد هذه النية، بما في ذلك التهديد بترك البلاد، كما سمعنا من الحاخام الاكبر السابق اسحق يوسف. مع ذلك، عند فحص نية ترك البلاد في اوساط الحريدين المتطرفين، يتبين أن قلة فقط توجد لهم هذه النية. استطلاع جديد اجراه مركز فيتربي لابحاث الراي العام والسياسة في معهد الديمقراطية الاسرائيلي، يكشف ان 39 في المئة من العلمانيين يفكرون بمغادرة البلاد، مقارنة مع 24 في المئة من التقليديين غير المتدينين، و19 في المئة من التقليديين المتدينين، و14 في المئة من المتدينين، و3 في المئة من الحريديين.
حسب الاستطلاع 30 في المئة من العرب يفكرون بالمغادرة، و26 في المئة من اليهود. فئة “من يفكرون بالمغادرة بجدية”، الحديث يدور عن 9 في المئة من العرب و6 في المئة من اليهود.
خطاب المغادرة الذي تطور منذ محاولة الانقلاب في كانون الثاني 2023 لا يتجلى فقط بالمشاعر، بل ايضا باتجاهات راسخة، ميزتها بيانات المكتب المركزي للاحصاء، التي وجدت انه في 2023 – 2024 غادر البلاد 143 ألف شخص. ومنذ تشكيل الحكومة الحالية غادر البلاد تقريبا 200 ألف شخص، وعاد حوالي 69 ألف شخص. الا ان المكتب المركزي للاحصاء لم يقدم بيانات واضحة بشان هوية المغادرين أو بيانات عن نوايا الاسرائيليين الذين لم يغادروا بعد.
الشباب يغادرون بنسبة اعلى
استطلاع فيتربي الذي اجري على عينة تشمل 720 يهودي و187 عربي، فحص النوايا المستقبلية للاسرائيليين لمغادرة البلاد، الخصائص الديمغرافية، اعتبارات الرغبة في المغادرة، مجالات الدخل ومستوى التعليم. وفقا للاستطلاع تظهر نسبة كبيرة من اصحاب الدخل العالي والتعليم العالي: 29 في المئة من الحاصلين على التعليم العالي يفكرون بالمغادرة، مقابل 22 في المئة من الذين ليس لهم تعليم اكاديمي. هذه النسبة تزداد بين العرب، حيث يفكر 38 في المئة من الحاصلين على تعليم اكاديمي بالمغادرة، مقابل 22 في المئة من الذين ليس لهم تعليم اكاديمي.
كما اظهر الاستطلاع بان هناك ميل اكبر للتفكير في المغادرة في اوساط المهنيين اصحاب القدرة على الحركة (الهايتيك، الطب والاموال). وقد زادت احتمالية مغادرة البلاد من قبل الشباب والعلمانيين، الامر الذي سيعكس شعور هذه الفئة بتضييق الخناق عليها منذ تشكيل الحكومة الحالية، وذلك بسبب طبيعة الحكومة الاقل ليبرالية، وعبء الخدمة العسكرية الثقيل اثناء الحرب، اضافة الى الدفع قدما بقوانين التهرب من الخدمة العسكرية للشباب الحريديين. ويظهر الاستطلاع بوضوح ان نسبة اكبر من الناخبين اليساريين (42.5 في المئة) يفكرون بالمغادرة مقابل 19 في المئة من الناخبين اليمينيين.
الاعتبار الرائد: غلاء المعيشة
رغم بروز اصحاب الدخل العالي والتعليم العالي في اوساط من يفكرون بالمغادرة، يظهر الاستطلاع ان تكلفة المعيشة في المجتمع اليهودي هي العامل الرئيسي للمغادرة، والاعتبارات التالية هي كما يلي بالترتيب: عدم وجود مستقبل جيد للاولاد، الحرب والوضع الامني، الوضع السياسي ونوعية الحكومة، عدم المساواة في العبء الامني. في اسفل هذه الاعتبارات ياتي البعد او الاغتراب عن الثقافة الاسرائيلية. في المجتمع العربي الاعتبارات مشابهة، لكن في اعلى القائمة ياتي عدم وجود مستقبل جيد للاولاد وبعده ارتفاع غلاء المعيشة.
في اوساط من لا يفكرون في المغادرة وجد ان الاسباب الرئيسية هي الرغبة في البقاء قرب عائلاتهم وتربية اولادهم كاسرائيليين، اضافة الى الشعور بالامان المتبادل في اسرائيل. اما الاعتبار الاقل ازعاجا بالنسبة لهم فهو صعوبة التكيف مع دولة اخرى. الامر المفاجيء في الاستطلاع هو الوجهة التي يرغب من يفكرون في المغادرة بالانتقال اليها. التفضيل الاساسي والابرز في اوساط العرب واليهود هو الدول الاوروبية، بمعدل ضعف معدل من يفكرون بالانتقال الى امريكا أو كندا. التفسير المحتمل لذلك هو ان الكثير من الاسرائيليين يحملون الجنسيات الاوروبية، الامر الذي سيسهل عليهم الانتقال.
الاستطلاع اجري بقيادة الدكتور ليئور يوحناني والبروفيسور تمار هيرمان واينا اورلي سابوجنيكوف. التحليلات الاحصائية اجراها يارون كابلان وماكسيم كابلان.
——————————————
هآرتس 24/11/2025،
بلدية الخليل ستفقد صلاحيات البناء في الحرم الابراهيمي
بقلم: متان غولان
الادارة المدنية صادقت امس على نقل اليها صلاحية بلدية الخليل في تركيب مظلات في منطقة الصلاة لليهود في الحرم الابراهيمي. هذه الصلاحية منحت قبل سريان أمر المصادرة، وهي ستسمح رسميا لاسرائيل باجراء تغييرات في منطقة صلاة اليهود بدون موافقة الفلسطينيين. ويتوقع ان تتم هذه الخطوة في الفترة القريبة القادمة اذا تم رفض الاعتراضات عليها. الجهة المبادرة للخطة هي قسم الهندسة والبناء في الادارة المدنية في وزارة الدفاع. في كتاب المصادرة تمت الاشارة الى ان رئيس الادارة المدنية، العميد هشام ابراهيم، “اقتنع بان نقل ملكية الارض هو للمصلحة العامة لغرض تركيب المظلات، الامر الذي يوفر استجابة للاحتياجات العامة لتحسين ظروف خدمة المصلين”.
المساحة التي يتوقع اقامة المظلات فيها هي ساحة داخلية تبلغ مساحتها 200 متر مربع، وهي تحتل 10 في المئة من مساحة الحرم الابراهيمي. امس اجتمعت للمصادقة على الخطة اللجنة الفرعية للتخطيط والترخيص، وهي لجنة تعمل كلجنة فرعية في الادارة المدنية. في شروحات خطة البناء جاء ان السبب الرئيسي لتركيب المظلات هي مشكلة تصريف مياه الامطار في المكان، حيث انه في ساحة الصلاة تحدث انسدادات للمياه في اشهر الشتاء. المهندس المشرف على المشروع اشار الى ان السقف سيتم دعمه بواسطة المباني القريبة.
السطح الذي يتوقع ان يستند اليه السقف، المبني من الفولاذ والزجاج يوجد على جدران تدعم قبر ليئا وقبر يعقوب، بالقرب من قبر سارة وقبر ابراهيم. حتى الان لم يتم نشر أي وثيقة موقعة من مهندس تشمل الالتزام بان جدران المباني القديمة ستكون قادرة على تحمل وزن السقف، ولم يتم نشر وزنه المتوقع. اضافة الى ذلك لا تشمل الخطة توقيع المهندس، ولا تشير الى اجراء حسابات ثابتة (من اجل التحقق من ثبات وسلامة الهيكل)، وهي شروط اساسية من المستحيل بدونهما الموافقة على خطة البناء في اجراءات التخطيط في اسرائيل.
الاوقاف الاسلامية في الخليل وبلدية الخليل ولجنة اعمار البلدة القديمة في الخليل وادارة السياحة والاثار، جميعها ارسلت للادارة المدنية والمستشار القانوني ليهودا والسامرة رسالة اعتراض على هذه الخطوة. “وضع السقف سيضر بصورة كبيرة بالمكان المقدس. الحديث يدور عن مكان مهم جدا على وجه الكرة الارضية من ناحية هندسية واثرية”، كتب في الرسالة. المحامون الذين مثلوهم في النقاشات، المحاميان علاء محاجنة والمحامي سامر شحادة، قالا ان مجرد مناقشة اعطاء الترخيص هو امر غير قانوني وجرى بدون صلاحيات، لان مناقشة الاعتراضات على المصادرة لم تتم المصادقة عليها بعد. محاجنة قال ان الامر يتعلق بـ “سباق على الصلاحيات من اجل وضع حقائق على الارض”. المحاميان اعترضا على وضع السقف المقترح من ناحية جمالية وطالبا بايجاد حل لمشكلة مياه الامطار، يتسبب بأقل ضرر للمبنى.
مغارة الماكفيلا والحرم الابراهيمي الشريف (مسجد الجوالي) في الخليل يعتبران موقف تراث في قائمة اليونسكو للتراث العالمي. وقد صرح المحامي شحادة في جلسة اللجنة بانهم يتشاورون مع اليونسكو والمجلس الدولي للاثار والمواقع (ايكوموس)، وهو منظمة دولية تهدف الى الحفاظ على المواقع الاثرية وحمايتها، من اجل ايجاد حل يرضي جميع الاطراف. وقد ارفقت برسالة الاعتراض وثيقة بتاريخ تموز الماضي تشير فيها جهات الحفاظ على المواقع الاثرية وحمايتها الى انه لا توجد معارضة شاملة لتركيب المظلات، لكن يجب فحص السقف المقترح من حيث ملاءمته للحفاظ على المبنى.
في الجلسة قال ممثل الادارة المدنية بان رئيس الادارة عقد في السنة الماضية لقاءات مع محافظ الخليل وبلدية الخليل حول بناء السقف، ولم يظهرا أي معارضة لدعم هذه الخطوة. الا انه في اللقاء بين ابراهيم والاوقاف الاسلامية، الاخيرة عبرت عن معارضتها ولم تغير رايها حتى في لقاء آخر جرى بينهم. ممثلو الادارة المدنية قالوا ايضا بان مديرية التنسيق والارتباط الفلسطينية في الخليل عارضت المشروع في شباط الماضي، الامر الذي يثبت ان الادارة المدنية اضطرت الى انتزاع الصلاحيات من الفلسطينيين للدفع قدما بالبناء لنفسها.
في حركة “السلام الآن” قالوا للصحيفة ان “قرار مصادرة المنطقة المفتوحة من اجل بناء سقف في الحرم الابراهيمي هو سابقة خطيرة. وقد بدأت عملية التغيير في الموقع بقرار بناء مصعد قرب الحرم، وهي تستمر الان بمصادرة والاستيلاء على الموقع الاكثر قدسية وحساسية في الضفة الغربية. ما بدأ ببناء سقف في الحرم الابراهيمي لا يتوقع ان يتوقف داخل حدود الموقع نفسه. قرار الادارة المدنية عدم محاولة التوصل الى تفاهمات واتفاقات مع بلدية الخليل يشير الى استمرار سياسة تجاهل الفلسطينيين واتخاذ اسرائيل قرارات احادية الجانب. حكومة نتنياهو – سموتريتش تواصل تغيير الوضع الراهن وتصعيد التوتر الى مستويات جديدة”.
قبل سنتين ونصف تقريبا قامت اسرائيل بمصادرة صلاحيات مشابهة من اجل وضع مصعد في منطقة مغارة الماكفيلا. المصعد الذي تم اعداده من اجل السماح بالوصول الى المغارة لذوي الاحتياجات الخاصة استدعى الانتقاد، سواء من اليهود أو من الفلسطينيين. المحامي شحادة قال في حينه للصحيفة بان الامر يتعلق بمس خطير بموقع ديني وثقافي في البلدة القديمة في الخليل. “مبنى المصعد يقف هناك مثل نبتة غريبة، لا تناسب ولا تندمج مع طبيعة وقيم المكان”، قال شحادة. “ان مصادرة صلاحية التخطيط والتنفيذ من يد البلدية هو مس آخر بالسكان الفلسطينيين المحليين”.
من منسق اعمال الحكومة في المناطق جاء: “وفقا لتوجيهات ومصادقة المستوى السياسي فانه تجري في هذه الاثناء الاعمال على هذا الامر. الخطة في مرحلة متقدمة، وهي تهدف الى التمكين من وضع مظلات في الحرم الابراهيمي لمصلحة جميع المصلين هناك”.
——————————————
هآرتس 24/11/2025
لمنع الكارثة يجب الانضمام الى حلف المعتدلين، والسير للتسوية وترميم أمن اسرائيل
بقلم: يائير غولان
هناك لحظات التي فيها كل من ينشغل بامن اسرائيل يشعر بان الارض تتحرك تحت اقدامه. في لحظة كهذه يمكن رؤية تقريبا في الوقت الحقيقي، كيف يتم اتخاذ القرار الذي سينفجر في وجوهنا بعد بضع سنوات. في 2018 كنا في مثل هذه اللحظة بالضبط عندما قرر بنيامين نتنياهو ان يرسل بصورة ثابتة حقائب الاموال لحماس. كثيرون في جهاز الامن حذروا مرة تلو الاخرى من هذا الخطر، لكن نتنياهو تجاهل ذلك. جميعنا نعرف كيف انتهى ذلك.
الآن نحن نقف امام علم اسود آخر، من الواضح انه لا يقل عن ذلك العلم. بيع طائرات اف 35 للسعودية ليس “صفقة سلاح اخرى”، لم تنقل في أي يوم تكنولوجيا متقدمة جدا التي تهدد بصورة صارخة جدا تفوقنا الجوي، واسرائيل حتى ليست شريكة في بلورة هذا الاتفاق. من غير المستبعد رؤية لاحقا بيع سلاح متقدم لتركيا رجب طيب اردوغان، أو ان تصبح السعودية دولة نووية برعاية الولايات المتحدة. التفوق العسكري النوعي لاسرائيل في المنطقة، الذي كان ذات يوم قدس الاقداس بالنسبة لاسرائيل وامريكا الغي بجرة قلم.
لكن القصة الحقيقية ليست فقط المعنى الامني، رغم ان هذا بعيد المدى. اسرائيل تفقد الذخر الاستراتيجي الاكثر اهمية: المكانة الخاصة لها في واشنطن. حتى اليوم كانت الطريق الى واشنطن تمر عبر القدس. لم يكن في أي يوم أو في أي ولاية لاي رئيس امريكي شك فيمن هي الشريكة الاكبر لها في المنطقة. الآن في افضل الحالات، دونالد ترامب يرى في اسرائيل شريكة اقليمية اخرى، وفي اسوأ الحالات اسرائيل نتنياهو تعتبر عائق امام طموحات الولايات المتحدة في المنطقة، وتهديد للاستقرار الاقليمي. اتفاق الدفاع بين الولايات المتحدة وقطر، الذي وقع في اعقاب الهجوم الفاشل لاسرائيل في الدوحة، يوضح اننا اصبحنا تهديد يجب الدفاع ضده.
بعد سنتين من الحرب مع نجاحات عسكرية باهرة، اسرائيل كان يجب عليها ان تكون في وضع مختلف كليا. ايران تم ضربها، وحلقة النار التي بنتها حولنا انهارت. حماس فقدت قوتها العسكرية. واذا اخذنا في الحسبان كل هذه الامور لكان يمكننا ان نكون جزء من حلف المعتدلين الاقليميين، وان نكون في ذروة عملية التطبيع مع السعودية، حيث الصفقة الضخمة مع الولايات المتحدة تستغل كمهر، وان نحتل مكانة القيادة الى جانب الولايات المتحدة في بلورة الاتفاق لانهاء الحرب وتاسيس حكم بديل لحماس. الى جانبنا كان يجب ان يقف الشركاء الطبيعيون: السعودية، دولة الامارات، مصر والاردن.
في الواقع السعودية تحصل على السلاح بدون التطبيع. بدلا من حلف اقليمي الولايات المتحدة تتعهد بالدفاع عن دول المنطقة، بالتحديد منا. اليوم التالي في غزة يتم دفعه قدما من غيرنا. وفي موقع القيادة تجلس قطر وتركيا اللتان تؤيدان حماس. في تشكيل الاتفاقات الاكثر اهمية بالنسبة لامننا، اسرائيل ببساطة غير موجودة في الغرفة.
هذا التوجه ما زال يمكن تغييره. من اجل وقف التدهور الامني يجب على اسرائيل ان تعطي موافقة مبدئية لاعتراف مستقبلي بدولة فلسطينية منزوعة السلاح. اليوم هذا هو العائق الرئيسي امام التطبيع وتدخل السعودية الضروري في استقرار قطاع غزة والمنطقة. معظم مواطني اسرائيل يعرفون ان هذه هي الطريقة الوحيدة لامن بعيد المدى، شريطة ان يتم الدفع به قدما في اطار اتفاق اقليمي. حتى الرئيس ترامب يضع الدولة الفلسطينية كهدف مستقبلي وفقا لشروط ملزمة. ولكن نتنياهو الذي يخاف على سلامة ائتلافه اكثر مما يقلق بخصوص مصالح الدولة، يرفض رفض مطلق. النتيجة هي ان العالم يتقدم من غيرنا.
الفشل الذي اوصلنا الى 7 اكتوبر يجرنا الان الى ازمة اخرى. الشخص الذي اضعف السلطة الفلسطينية ومول حماس لمجرد تجنب التسوية، يقودنا الان الى فقدان التفوق العسكري والسيطرة على العلاقات الاقليمية.
بعد بضع سنوات اذا واصلنا هذا المسار سنجد انفسنا في لحظة تشبه اللحظة التي مررنا فيها في 7 اكتوبر. عندما تنفجر العواقب الوخيمة امامنا سينهض جيل كامل ويسأل: أين كانت القيادة؟ كيف لم تروا الكارثة القادمة؟.
هناك فقط طريقة واحدة لوقف هذا التدهور قبل الكارثة القادمة. يجب علينا الانفصال عن نتنياهو، الذي هو غير مؤهل لقيادة اسرائيل، وبعد ذلك اعادة اسرائيل الى المسار: الانضمام الى حلف المعتدلين، والسير معا على مسار التسوية وترميم أمن اسرائيل.
——————————————-
هآرتس 24/11/2025
ما حدث في غلاف غزة لا شيء مقابل ما سيحدث في الحرب الاقليمية القادمة
بقلم: اسحق بريك
هذه صلافة وعدم خجل. هذه المستويات فقدت الشعور بالخجل والخضوع، وهم يتصرفون بوقاحة وفساد وتهرب من المسؤولية بدون خوف من الرأي العام أو القانون. هناك شعور بالتدهور الاخلاقي والاداري في اعلى مراتب صنع القرار، لأنه يفضل القادة الاعتبارات الشخصية أو الشعبوية على القيادة المسؤولة والشجاعة.
بدلا من ان يتولى القادة السياسيون وكبار الضباط العسكريين القيادة، ويتخذون قرارات جريئة، ويضعون رؤية واضحة (حتى لو لم تكن شعبية)، يبدو انهم يسيرون قدما، لكنهم ينظرون باستمرار الى الخلف (الى الاستطلاعات او وسائل الاعلام او الراي العام او الاعتبارات السياسية الضيقة)، ليروا الى اين يريد الشعب أو “القائد” ان يصل. النتيجة هي أن القيادة تصبح مقادة وتتميز بعدم الشجاعة والخوف من رسم مسار والعيش في اللحظة الراهنة بدون رؤية المستقبل.
هذا الوضع يعرض للخطر دولة اسرائيل. الدولة الاكثر تهديدا في العالم. الجيش البري موجود في الوضع الاصعب له منذ قيام الدولة. ما حذرت منه خلال سنين فيما يتعلق بعدم جاهزيته انفجر في وجهنا في هجوم حماس على سكان الغلاف في 7 تشرين الاول 2023. في السنتين الاخيرتين، منذ بدات حرب “السيوف الحديدية” لم يتم استخلاص أي درس، والجيش يواصل التدهور بوتيرة متسارعة. هو غير قادر على حماية مواطني الدولة في الحرب الاقليمية القادمة (التي ستندلع آجلا أم عاجلا)، وايضا هو لا يستطيع ان يحسمها حتى في جبهة واحدة.
الوضع خطير الى درجة ان ضباط بايديهم الكثير من السلاح، يمكنهم الخروج الى الشوارع في المدن وفي البلدات وان يجرون فيها المحاكمات. المشاغبون يمكنهم ايضا الدخول الى معسكرات الجيش البري ومعسكرات سلاح الجو، التي هي غير محمية، ويمكن الافتراض بانه لن يكون بامكاننا وقفهم. كل ذلك لانه لم يتم انشاء حرس وطني، وليس هناك قوات للدفاع عن معسكرات الجيش. وهذا حتى قبل ان ناخذ في الحسبان الحرب التي من شانها ان تندلع على طول حدود الدولة.
جنود الاحتياط الذين يخدمون في معسكرات الجيش يرسلون لي مقاطع فيديو يصورونها، والتي تظهر الخراب الذي لا يصدق في المعسكرات وفي المستودعات. الذخيرة والمعدات متناثرة في كل زاوية، بدون حراسة (لا يوجد تقريبا أي ضباط او جنود في مستودعات الطواريء بسبب التخفيض الهائل في القوة العاملة المهنية في السنوات الاخيرة، التي اجريت من اجل تقليص الرواتب). المعسكرات بدون حراسة والاسوار مخترقة وتنتشر سرقة السلاح والذخيرة على نطاق واسع، وبالكمية الهائلة من السلاح في ايدي البدو في الجنوب يمكن تشكيل فرقتين.
المستوى السياسي منفصل تماما والمستوى العسكري يكذب ويخفي الحقيقة عن الجمهور. ما حدث وراء الابواب المغلقة لا يقارن بما سيحدث في الحرب الاقليمية القادمة.
في ظل هذه الظروف نحن نعيش في زمن مستقطع، وليس لدينا من نتحدث معه. الجمهور في معظمه غير مكترث، مثلما حدث للشعب اليهودي قبل تدمير الهيكل الاول والهيكل والثاني، ومثلما لم يستمع اليهود الى التحذيرات الجدية قبل المحرقة. هناك متغطرسون كثيرون ومتبجحون الذين كل ما يقولونه عن تحذيراتي هو: “لا تخوفوننا”. لا يهمهم الواقع والحقائق، وبسلوكهم هذا يعرضون الدولة للخطر.
اذا واصل الجمهور اللامبالاة وسمح لهذه القيادة المستخذية بالاستمرار في قيادته الى نقطة اللاعودة فان حياتنا في هذه الدولة ستكون محدودة، الى درجة عدم القدرة على البقاء في هذا المكان.
——————————————-
إسرائيل اليوم 24/11/2025
رسالة إسرائيل: لن نسمح بإعادة بناء عسكري حتى بثمن حرب
بقلم: مئير بن شباط
في نقطة الزمن الحالية، حين يكون الغبار من هجوم الجيش الإسرائيلي في بيروت لم يترسب بعد، لا يزال غير واضح اذا ما، متى وكيف سيختارون في حزب الله الرد على تصفية هيثم علي طبطبائي، رئيس الذراع العسكري للتنظيم؟ الواضح أن إسرائيل تنجح في الايضاح للتنظيم ولكل من ينبش في القدر الشرق اوسطي، بانها مصممة على منع إعادة بنائه حتى بثمن اشتعال القتال.
بعد نحو سنة من دخول اتفاق وقف النار مع لبنان حيز التنفيذ وبعد إشارات عصبية الى عدم استعدادها للتسليم بجهود تموضع حزب الله وجر ارجل الحكم اللبناني تجاهه، هاجمت إسرائيل بشكل موضعي ومركز الجهة العسكرية الأعلى في التنظيم، المسؤول عن عملية إعادة بناء قوته.
لقد أخذت إسرائيل كامل المسؤولية عن ذلك، لم تتلعثم ولم تعتذر. كما انها لم تغير الروتين في الجبهة الداخلية، الخطوة التي كان يمكن أن يفسرها العدو كتفهم من جانبها لوجود معادلة رد على الأقل على تصفية بمثل هذا المستوى.
قبل كل شيء، يدور الحديث عن انجاز استخباري وعملياتي للجيش الإسرائيلي، حتى بعد سياقات التعلم التي جرت في السنة الأخيرة في حزب الله ورغم الدروس التي استخلصها في اعقاب الحرب. إسرائيل توضح بان الان أيضا هي قادرة على ملاحقة نشطاء الإرهاب، العثور على شقق اختبائهم وتنفيذ هجمات دقيقة في داخل احياء سكنية، في العاصمة اللبنانية.
ان الاستعداد لتنفيذ العملية بعد بضعة أسابيع من تحذير نعيم القاسم علنا بان “استمرار العدوان لا يحتمل، ولكل شيء يوجد حد” – يوضح بان إسرائيل لا تخشى حتى من إمكانية ان تؤدي خطواتها الى استئناف القتال.
هذه الرسالة تطلقها على ظهر طبطبائي، ليس فقط للمخربين الاخرين في حزب الله بل وأيضا لحماس في غزة، للقيادة الإيرانية في طهران، للحكومة اللبنانية في بيروت، لاحمد الشرع في دمشق ولسلسلة الدول المرتبطة بالتسويات في الساحتين، تركيا وقطر حتى مصر والسعودية.
بهذه العملية تعطي إسرائيل مفعولا بالتزامها للعمل بقوة على نزع سلاح اعدائها، اذا لم تؤدي التسويات السياسية لذلك.
صحيح ان قادة حزب الله سيحاولون استخدام الهجوم الإسرائيلي كي يرصوا صفوف القوى اللبنانية حول المقاومة لإسرائيل، لكن بالمقابل فان هذا الهجوم يمكنه بالذات ان يعطي مفعولا لمطالب الحكم اللبناني من حزب الله وفوق كل شيء، مطالبته بحصر السلاح في الدولة.
اسناد (على الأقل) صامت
وفي النهاية، يوضح الهجوم في بيروت بان مجال عمل إسرائيل بقي محفوظا حتى في السياسة الحالية لادارة ترامب، الذي وان كان غير معني باستئناف القتال الشديد، لكنه يبدي تفهما بل وربما يمنح اسنادا لعمليات موضعية تنفذها إسرائيل، بعد استنفاد الجهود الأخرى لمنع تعاظم القوة العسكرية لاعدائها.
يحتمل ان تكون الإدارة الامريكية تقدر بان مثل هذا الهجوم ليس فقط لا يفضل الجهود في القناة السياسية بل لعله حتى يساعد في دفعها قدما.
مثلما في حالة حماس في غزة، لحزب الله أيضا الخطوات الإسرائيلية تدفعهم الى نقطة الحسم، وكل الخيارات ليست جيدة. التجلد والاحتواء يشجعان إسرائيل على مواصلة تصفية نشطاء التنظيم والى جانبهم ما تبقى من كرامتهم المحطمة. رد شديد بالنار سيجبي من التنظيم ثمنا ويعطي مفعولا لمطالب معارضه في لبنان. رد رمزي يجسد خوفه من إسرائيل ويقرر تعرفة متدنية لرؤوس كبار مسؤوليه.
في حزب الله وفي حماس لا يملكون اليوم مواقع قوة تتيح تقييد ايدي إسرائيل او جباية ثمن منها يلجمها في اعمالها.
عيون على الضفة
ان المحاولة لاشعال ساحة الضفة ومن خلالها الاثقال على سلوك إسرائيل وجباية اثمان منها، لم تتوقف منذ بداية الحرب. وقد تعلم جهاز الامن كيف يتصدى لهذا التحدي واعماله بشكل عام تمنع العدو من تحقيق الأثر الذي يرجوه. يمكن الافتراض بان حزب الله يفحص أيضا إمكانية تنفيذ عمليات في الخارج، مع او بدون مساعدة من جهات إيرانية أخرى. هذا السيناريو هو الاخر يوجد على جدول أعمال جهاز الامن.
السيناريو المتحدي الذي يحتاج الى انتباه خاص من جانب المنظومات في إسرائيل هو عملية اختطاف. في حماس يشعرون جيدا بالفوارق بين الواقع الذي سبق تحرير المخطوفين الاحياء وبين ذاك الذي يسود الان، رغم الاتفاق. الاغراء لذلك – كبير. المعطيات في قطاع غزة من شأنها أن تخلق فرصا لكن ليس فقط في هذه الساحة.
هذا هو الوقت لتشديد اليقظة والجهود الاستخبارية والاحباطية في كل الجبهات للسماح لقوات الجيش الإسرائيلي باتخاذ سياسة نار عدوانية في حماية المناطق التي تحت سيطرتها في نطاق القطاع ومنع قدرة وصول الغزيين الى هذه المناطق، وتشديد الجهود الهجومية ضد مخربين ذوي معرفة وتجربة ذات صلة في الضفة وفي شرقي القدس. الرسالة يجب أن تكون حادة وواضحة: عدم السماح باختطاف إضافي. ولا بأي ثمن.
——————————————-
يديعوت احرونوت 24/11/2025
عقيدة السلام لدى ترامب
بقلم: سيفر بلوتسكر
في الأسبوع الماضي نُشرت خطة الـ 28 نقطة لادارة ترامب لانهاء الحرب في أوكرانيا. الرسالة الناشئة عنها: مع اقتراب السنة الرابعة للقتال، على أوكرانيا ان تعترف بدونيتها العسكرية والسياسية امام روسيا وتوقع على كتاب استسلام. عليها أن تتخلى عن خُمس أراضيها (أراض سبق لروسيا ان احتلتها وتخطط لاحتلالها)، ان تقلص الى النصف جيشها، وتتنازل الى الابد عن العضوية في الناتو وتتعهد احتفاليا الا تثير أعصاب المعتدي الروسي. روسيا من جهتها، لا تحتاج لان تتنازل عن أي شيء، هي فقط ستقتطف ثمار سياسية واستراتيجية لذيذة. الرضى الروسي انعكس بوضوح في تصريح الرئيس بوتين الذي رحب بالخطة بحماسة.
لقد أثار نشر الخطة مداولات حثيثة في وزارات الخارجية والدفاع في أوروبا. وعبرت عن هذا الإحساس صحف بولندا، الدولة الغارقة منذ الان في مواجهة متعددة الساحات حيال روسيا (مؤخرا فقط منعت فيها باعجوبة عملية إرهاب روسية على سكة القطار). ولم توفر في الكلمات: ترامب يطلب من رئيس أوكرانيا زلنسكي “استسلام مطلق” للدكتاتور بوتين، هكذا اتهمت وبذلك يكرر الخطأ التاريخي للحلفاء الليبراليين في اتفاق ميونخ مع النازيين في 1938، الاتفاق الذي صفى استقلال تشيكوسلوفاكيا. كارثة.
أوكرانيا نفسها رفضت بالطبع الخطة الامريكية ذات الـ 28 نقطة، لكنه ليس رفضا جارفا: فقد اختار زلنسكي بعناية أقواله. هذه لحظات درك اسفل في حكمه: كل بضعة أيام تنكشف في أوكرانيا فضائح فساد جديدة يتورط فيها مقربو الرئيس. الحكم العسكري الذي اعلن في الدولة في شباط 2022 يرتدي شكل حكم مطلق، يكم الافواه، يعين الأشخاص في مناصب أساسية ويقمع كل نقد. من مقاتل حرية شجاع تحول زلنسكي ليصبح شخصية عنيد وطاغية على الطريق. تأييد الرأي العام الأوروبي للمطالب الأوكرانية لانهاء الحرب – انسحاب روسي من المناطق المحتلة وإعطاء الحرية للدولة الأوكرانية السيادية للانضمام الى الناتو – يقل بسرعة. والى هذا ينبغي أن تضاف الديون الثقيلة لدول الاتحاد الأوروبي والنقص في العتاد العسكري المتطور، الامرين اللذين يقلصان حجوم المساعدة لاوكرانيا.
عندما سُئل الرئيس ترامب في المؤتمر الصحفي ماذا سيكون اذا رفضت أوكرانيا خططه، أجاب بغضب: أي بديل آخر يوجد لها، ان تنزف حتى ما لا نهاية؟ ثمة محللون لترامب يعتقدون، على أساس تصريحاته تلك وغيرها، بان دافعه الأساس في إدارة السياسة الخارجية هو المال، التمويل. انه يرى العلاقات الدولية من خلف سعر البتكوين. في وارسو حيث كنت مؤخرا يطرح محللون رواية أخرى لا تحظى بالاهتمام في مطارحنا: الرئيس الأمريكي، يقولون هناك، يضغط بكل قوته قبل كل شيء لانهاء النزاعات العسكرية على وجه المعمورة. وهو يطالب الأطراف بالتوقف عن القتل والدمار والتعهد بالهدنة فورا. وهكذا يأمل في أن “يخلي منطق الحرب مكانه لمنطق السلام”. الدينامية ستتغير والافق السياسي يبدأ بالبروز من بين الأنقاض، الى جانب الجرافات والرافعات. هذا هو جوهر خطة الـ 21 نقطة لغزة التي أقرها مجلس الامن، وخطة الـ 28 نقطة لاوكرانيا؛ المرحلة الأولى فيهما هي الحاسمة. “توقفوا عن القتل وابدأوا بالتجارة”، لخص النهج نائب الرئيس جيدي فانس.
ترامب لا يتأثر من أن حماس وحزب الله لن ينزع سلاحهما ولا يرى في ذلك إذنا لإسرائيل لاستئناف القتال. في أحاديث مغلقة ينتقد إسرائيل على انها لم تستغل الانتصارات في لبنان وفي سوريا كي توقع على اتفاقات سلام او تطبيع دون الإصرار على نزع السلاح أولا. الان “ليس لها هذا ولا ذاك”، الفرصة ضاعت.
ان عقائد الامن لدى ترامب ونتنياهو توجد بالتالي في مسار صدام، مثل تلك لدى ترامب وزلنسكي. هناك حاجة لفنان أوهام كي لا يعرف يد من ستكون هي العليا.
——————————————
يديعوت احرونوت 24/11/2025
الرسالة من خلف عملية التصفية في لبنان
بقلم: رون بن يشاي
أكد الجيش الاسرائيلي رسميًا اغتيال رئيس أركان حزب الله، هيثم علي طبطبائي، وأن الغارة الجوية في بيروت، التي تحملت مسؤوليتها أعلى المستويات في إسرائيل، سياسيًا وأمنيًا، كانت تهدف إلى تحقيق هدفين. أولًا، توجيه رسالة إلى الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني، وخاصةً إلى حزب الله، مفادها أن إسرائيل لن تُسلم أو “تحتوي” الجهود المتزايدة مؤخرًا من جانب حزب الله لإعادة التأهيل العسكري له. والرسالة الثانية هي تقليص القوة العسكرية للتنظيم وهز سلسلته القيادية.
تلاحظ الاستخبارات الإسرائيلية انتشار هذه الجهود وكثافتها، ليس فقط في جنوب لبنان، بل أيضًا في المناطق الشمالية، وخاصة في منطقة البقاع حيث يتلقى حزب الله تهريبًا لمكونات أنظمة سلاح وأسلحة من سوريا وعبر البحر، ويحاول استئناف التدريب وإنتاج الصواريخ الدقيقة كما فعل قبل الحرب.
تُثير جهود حزب الله لإعادة الإعمار العسكري قلقًا في إسرائيل، كما تصطدم بمبدأ جديد في مفهوم الأمن القومي – مبدأ الوقاية. ينص هذا المبدأ على أن إسرائيل لن تسمح للأعداء الذين يشكلون تهديدًا عمليًا وملموسًا لدولة إسرائيل، وخاصة لسكان المناطق الحدودية، بتعزيز قوتهم والاستعداد لاقتحام أراضينا. هذا المبدأ هو درس مباشر من أحداث 7 أكتوبر في الجنوب.
لقد تم تنفيذ الهجوم بعلم وتنسيق مسبق مع القيادة المركزية الأمريكية، وبالتالي يمكن الافتراض بثقة أنه كانت هناك موافقة ضمنية من إدارة واشنطن على هذه الخطوة. التنسيق والتعاون مع إدارة ترامب والبنتاغون بشأن لبنان ممكنٌ نتيجةً لتقارب مصالح البلدين، وإن لم تكن بالضرورة متطابقة. لإسرائيل مصلحةٌ في قطع رأس قائدٍ رفيع المستوى وذي خبرةٍ واسعة في حزب الله، قاد عمليات المحور الشيعي في اليمن وسوريا والعراق، وكان قائد الجبهة الجنوبية لحزب الله في الحرب الحالية، بعد تصفية قائد الجبهة الجنوبية السابق، علي كركي، في صيف عام 2024.
لقد عُيّن طبطبائي مؤخرًا رئيسًا لأركان حزب الله، بعد أن حلّ محلّ محمد حيدر الأقل خبرة في الشؤون العسكرية. كان حيدر هو من حلّ محلّ فؤاد شكر، الذي كان رئيسًا لأركان حزب الله والذراع اليمنى لنصر الله حتى تمّت تصفيته في تموز من العام الماضي. يبدو أن حيدر لم يُوفّق في مهمته، فقررت قيادة حزب الله مؤخرًا تعيين طبطبائي المخضرم، القائد السابق لقوة الرضوان، لقيادة الجناح العسكري للمنظمة.
لذلك، لم تكن تصفيته مجرد إشارة على نفاد صبر إسرائيل بسبب تزايد قوة حزب الله، بل كان أيضًا، وربما بالدرجة الأولى، جزءًا من جهدٍ مُمنهجٍ لتقويض القوة العسكرية للمنظمة وسلسلة قيادتها. طبطبائي هو القائد العسكري الكبير رقم 175 الذي تُقصيه إسرائيل منذ بدء الحرب قبل أكثر من عامين. تشير الخبرة المُكتسبة إلى أن غياب أي قائد كبير ومتمرس يُقصى، حتى لو عُيّن بديل، يُضرّ، ولو مؤقتًا، بفعالية الأداء العسكري للمنظمة. إن الاهتمام الأمريكي، الذي يُمكّن إسرائيل من الحصول على دعم واشنطن لتصعيدها التدريجي في لبنان، ينبع من رغبة الرئيس ترامب في أن يُنظر إليه على أنه صانع سلام في الشرق الأوسط، وربما أيضًا من رغبته في الفوز بجائزة نوبل للسلام. ولذلك، يُطالب ترامب ومبعوثوه إلى لبنان الآن الحكومة اللبنانية ليس فقط بأن تكون أكثر حزمًا في عملية تفكيك القدرات العسكرية لحزب الله، بل أيضًا بالدخول في مفاوضات سياسية مباشرة مع إسرائيل بشأن اتفاق يُنهي القتال، وربما يُعزز السلام أو على الأقل الهدوء على الحدود الشمالية.
يواجه الرئيس اللبناني جوزيف عون وقائد الجيش اللبناني صعوبة متزايدة في القضاء على البنية التحتية المستقلة لحزب الله ومنع إعادة إعمارها، وذلك أساسًا خوفًا من مواجهة مع حزب الله، وإدراكًا منهم أن الجيش اللبناني يضم العديد من المقاتلين والقادة الشيعة، وأن مثل هذه المواجهة قد تكون عنيفة وتُشعل حربًا أهلية.
لكن الرئيس ترامب لم يُعجبه هذا، وأصدر إنذارًا نهائيًا للحكومة اللبنانية لإتمام عملية نزع سلاح حزب الله بحلول نهاية هذا العام. حتى أن ترامب هدد بأنه إذا لم يدخل لبنان في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل ولم ينزع سلاح حزب الله، فلن تتصرف الولايات المتحدة بشكل استباقي لمساعدة لبنان على التعافي من الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي يمر بها منذ عدة سنوات. يعترف الرئيس عون علنًا بضرورة التفاوض مع إسرائيل، لكنه يخشى القيام بذلك خشية رد فعل محتمل من حزب الله.
يهدف هجوم اليوم في بيروت إلى كسر الجمود العنيف الذي ساد على الجبهة اللبنانية مؤخرًا. قد يؤدي الاغتيال إلى رد من حزب الله بإطلاق النار باستخدام طائرات مسيرة، وربما حتى صواريخ باليستية على الجبهة الداخلية الإسرائيلية والمستوطنات الشمالية. لذلك، يجب على سكان هذه المنطقة البقاء في حالة تأهب قصوى. لكن حزب الله يعلم أنه إذا ضرب مدنيين إسرائيليين، فإنه يخاطر بفقدان معظم ما لديه.
يعلم حزب الله جيدًا أن الجيش الإسرائيلي يستعد، إذا اتضح أن حزب الله يواصل تسليح نفسه وإعادة بناء بنيته التحتية، لعملية قد يفقد فيها حزب الله القليل المتبقي من قدراته العسكرية. ولذلك فإن هذه الحقيقة توازن بلا شك رغبة التنظيم في الانتقام من إسرائيل بسبب الهجوم على قلب الدولة اللبنانية النابض، العاصمة بيروت.
——————————————
معاريف 24/11/2025
وفد حماس في القاهرة، الولايات المتحدة تستعد لـ “مجلس السلام”
بقلم: افي اشكنازي
فريق المفاوضات من حماس، برئاسة خليل الحية وصل أمس الى القاهرة لعقد لقاءات مع محافل في المخابرات المصرية بهدف البحث في التطورات الأخيرة في التصعيد الأمني في قطاع غزة.
وحسب تقارير في قناتي “العربية” و “الحدث”، فان الفريق سيلتقي أيضا بممثلي وسطاء اقليميين ودوليين، بهدف البحث في مواصلة تنفيذ الاتفاق الى المرحلة الثانية في غزة. وكان خطط للزيارة مسبقا كجزء من الجهود السياسية المتواصلة، لكن سيبحث فيها أيضا التوتر والعنف المتواصلين في القطاع، هكذا حسب “العربية”.
بالتوازي، يضغط الامريكيون لتنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق في غزة، والتي تتضمن إقامة “مجلس السلام” حسب قرار مجلس الامن للأمم المتحدة. وحسب احد التقارير، فقد افاد مندوبون امريكيون بان الولايات المتحدة بدأت بتخفيض تواجدها العسكري في المركز الخاص في غزة المسؤول عن الاشراف على وقف النار، ادخال المساعدات وتحييد السلاح. تشكل هذه الخطوة تمهيدا لنقل المسؤولية الى مجلس السلام.
وبالتوازي مع التطورات الدبلوماسية، كشفت “وول ستريت جورنال” النقاب عن الخطة الامريكية التي هدفها إعادة تقسيم غزة. وتتضمن الخطة خلق “منطقة خضراء” تقام فيها مساكن مؤقتة للفلسطينيين مع كل الاحتياجات الأساسية – السكن، التعليم والخدمات الطبية. وحسب التقرير، ستخطط طواقم هندسية البناء وستزال الأنقاض والقذائف التي لم تنفجر. كما افيد بان البناء بالفعل لم يبدأ بعد. المساكن المؤقتة ستبقى على الأرض الى أن يتاح بناء دائم في اطار خطط الاعمال الواسع. ويقدر الامريكيون بان تنفيذ الخطة هو السبيل الوحيد لبدء اعمار قطاع غزة الى أن تترك حماس الحكم في القطاع.
وكما أسلفنا، حسب خطة الولايات المتحدة لليوم التالي في غزة، فانه لاجل منع الجمود وللحفاظ على الزخم يعمل الامريكيون على خطة “جماعات أهلية بديلة آمنة” في المنطقة التي يسمونها “المنطقة الخضراء” – المنطقة التي تحت سيطرة إسرائيلية منذ أكتوبر، والتي تشكل نحو نصف قطاع غزة. التجمعات الاهلية الجديدة مخصصة لاسكان فلسطينيين نزحوا من بيوتهم في اثناء الحرب وتزويدهم بالسكان، المدارس والمستشفيات الى أن يتاح بناء دائم اكثر. النموذج يفترض أن يجتذب السكان بعيدا عن المنطقة التي تواصل حماس السيطرة فيها وهكذا تقليص نفوذها على مدى الزمن.
رغم ارتفاع ما في شعبية حماس منذ وقف النار – بفضل إجراءات “إعادة النظام” وصورة صمود امام إسرائيل – لا يزال الكثيرون من سكان غزة معنيين بالابتعاد عن حكمها. المرحلة الأولى مخطط لها في رفح، التي خربت تماما تقريبا في اثناء القتال. الاستعدادات لا تزال أولية وعلى الأرض يوجد أيضا خطر امني مع تقديرات في إسرائيل بان نحو 100 نشيط من حماس لا يزالون يختبئون في الانفاق من تحت المدينة.
——————————————-
هآرتس 24/11/2025
لو تشكلت “لجنة تحقيق”: أيهما سيحاسب الآخر.. قضاتها “المذعنون” أم “حكومة سديه تيمان”؟
بقلم: أسرة التحرير
إن رفض الحكومة تشكيل لجنة تحقيق رسمية هو رفض للاعتراف بالدولة نفسها، أي فكرة وجود سيادة عامة مشتركة، ضمن مساحة واحدة لدولة إسرائيل، تسبق الحكومة، وتختلف عنها، بل وتُلزمها.
يكفي أن نتخيل أن السابع من أكتوبر قد حدث في عهد حكومة التغيير. هل يظن أحدٌ جدياً أن المعارضة بقيادة نتنياهو وبن غفير وسموتريتش كانت ستكتفي بسلسلة من التحقيقات الداخلية و”لجنة تفتيش” عيّنت الحكومة أعضاءها؟ السيناريو الحقيقي عكس ذلك تمامًا: في اليوم التالي للمجزرة، كانوا سيتظاهرون نحو الكنيست، إن لم يكن بالمذاري، فبمئات الآلاف من المتظاهرين، مطالبين بتشكيل لجنة تحقيق رسمية هنا والآن. كان كل خطاب لنتنياهو ينتهي بمطلب واحد: القضاة هم من يحددون من يُحقق ومن يُحقق معه.
في نقاش الأربعين توقيعًا في الكنيست، والذي تناول تشكيل لجنة تحقيق رسمية، قال نتنياهو إن “الأغلبية الساحقة من الشعب لا تؤمن بلجنة رسمية”. وحسب قوله، فإن المعارضة “تهتف بـ “لجنة تحقيق رسمية”، لكن شريحة واسعة من الشعب لن تقبل بتشكيلة المحققين”. في الخطاب نفسه، قارن نتنياهو التحقيق في التستر في قضية “سديه تيمان” بالتحقيق في أحداث السابع من أكتوبر، موضحًا أن “السؤال الجوهري هو من سيكشف الحقيقة”. بمعنى آخر، يقول نتنياهو صراحةً: ما فائدة لجنة تحقيق إن لم نسيطر عليها؟ وإن لم نسيطر عليها، فلن تُنشأ. هذا المنطق هو نفسه المنطق المريض الذي يميز نتنياهو وشركاءه السياسيين. ميري ريغف تساءلت: “ما قيمة الشركة إن لم نسيطر عليها؟”. هذا السؤال مُقتبس ببساطة من برنامج إذاعي عام للتحقيق في فشل وطني. وبالفعل، أعلنت الحكومة عن تشكيل لجنة تحقيق غير رسمية للتحقيق في أحداث 7 أكتوبر. ستُحدد لجنة وزارية من تشكيلها وصلاحياتها وجدول أعمالها، أما من يخضعون للتحقيق فعليًا فيُعيّنون محققيهم بأنفسهم. بلدٌ تُعطي فيه الحكومة الأولوية على المملكة.
من الصعب تخيل حدث في تاريخ البلاد أكثر ملاءمة للتحقيق بموجب قانون لجان التحقيق من يوم قُتل فيه الآلاف واختُطفوا وجُرحوا، وانهارت الحدود، وتُركت التجمعات الأهلية دون حماية، وفشلت الدولة في دورها الأساسي. منذ المجزرة، تم فصل أو استقالة كل من تحمل المسؤولية المباشرة تقريبًا: وزير الدفاع السابق، ورئيس الأركان، ورئيس جهاز المخابرات، ورئيس الشاباك، وغيرهم. الشخص الوحيد الذي لم يتحمل المسؤولية هو رئيس الوزراء.
يرفض نتنياهو تشكيل لجنة تحقيق رسمية، لأنه يخشى أن تحدد ما هو واضح: أنه الشخص الرئيسي المسؤول عن إخفاق 7 أكتوبر. ولكن بصفته شخصًا كان يدير آلة السم لسنوات ومهمته تعزيز السياسة البغيضة والسامة، فإن سحق الدولة هدف في حد ذاته. من وجهة نظره، هذا يقتل عصفورين بحجر واحد.
—————–انتهت النشرة—————–

