
الخليل – المسار: مع انتهاء الدوام المدرسي في مدرسة البادية في مسافر بني نعيم قضاء الخليل، تبدأ رحلة معاناة يومية لثمانية وثمانين طالب وطالبة في المدرسة.. أطفال يتكدسون في مركبات “مشطوبة غير قانونية” تعرض حياتهم للخطر من أجل الوصول الى تجمعاتهم السكنية المتناثرة في المسافر.. لكن الغالبية تضطر الى العودة مشيا على الأقدام.
رافقنا الطفلة أسماء في جزء قصير من مسيرها الإجباري اليومي في الطرق الوعرة، فحدثتنا عن جزء يسير من معاناتها..
” أمشي يوميا 7 كيلو صباحا ومثلها بعد الظهر من أجل التوجه الى المدرسة والعودة الى المنزل” وأضافت أسماء: في بعض الأحيان نتعرض لهجوم من الكلاب الضالة، وفي أحيان أخرى نضطر للمشي في ظل السيول أو الحر الشديد.
وتابعت: أقطع 3 جبال يوميا كي أتوجه الى المدرسة وتعلم القراءة والكتابة.
من جهته، قال الطفل محمد إننا نضطر للمشي في جماعات من الطلبة كي نستطيع الدفاع عن أنفسنا بوجه اعتداءات الكلاب الضالة.
ويشار الى أن مئة وواحد وثلاثين كيلومترا مربعا هي مساحة المسافر في بني نعيم، يعيش فيها ألفي مواطن حسب إحصاءات البلدية…
مدرستان فقط!
في المسافر مدرستان فقط للصف السابع، أبنية متهالكة وقديمة لا توفر مكانا صحيا آمنا للطلبة، تفتقد الى الكثير من الأدوات التعليمية ومختبرات الحاسوب وغيرها، كما أن الوصول إليها مهمة شاقة في ظل غياب المواصلات العامة، كما تفتقد المسافر الى روضة للأطفال، هذا ما أكده لنا مدير مدرسة البلدية اسماعيل مناصرة.
وتابع مناصرة: المشكلة الأساسية في وصول الطلاب وعودتهم الى المنزل في ظل أجواء الطقس القاسية.. هناك مركبة واحدة للدفع الرفع تتسع 4 أشخاص وفرتها وزارة التربية لكن هذا الأمر غير كاف على الإطلاق.
وشدد أن الغالبية العظمى من الطلبة يتركون التعليم بعد الصف السابع لعدم توفر صفوف أعلى في المدرسة، كما أن الكثير من الأهالي يفضلون عمل أطفالهم في الرعي نظرا لغياب أي أفق آخر، عدا عن مشكلة عدم كفاية البنايات الموجودة لاحتياجات التعليم.
مطالبات للبلدية والحكومة..
المجتمع المحلي في المسافر، يحمل البلدية ووزارة التربية والتعليم المسؤولية الكاملة عن حياة أطفالهم، وسط مطالبات بتطوير واقع التعليم في المسافر..
وقالت المواطنة لميس زيدات إننا نطالب منذ 8 أعوام بتغيير واقعنا للأفضل لكن دون أي فائدة، كل ما نطالب به خط مواصلات لطلبتنا كي يصلوا الى المدرسة، أو مدرسة قريبة من التجمعات السكنية.
ونوهت الى أن أهالي المسافر نظموا أكثر من احتجاج أمام مقر وزارة التربية والتعليم، حيث حصلنا على وعود فقط دون تطبيق فعلي لها.
وفي السياق ذاته، تذمرت المواطنة آمنة طرايره من تهالك الغرف الصفية من حيث البناء وانتشار الرطوبة والتعفن داخل الصفوف المدرسية، محذرة من تفاقم الوضع الصحي للأطفال نتيجة البيئة غير الصحية للمدارس، مطالبة بلدية بني نعيم ووزارة التربية والتعليم بوضع حد لكل المشكلات السابقة..
أزمة مالية..
وردا على ما سبق، قالت عضوة مجلس بلدي بني نعيم نعمة حميدات إن البلدية نجحت في تعبيد 20 الى 30 كيلو متر من الشوارع داخل المسافر من أجل تسهيل حركة المواطنين.
وتابعت: للأسف نعاني من مجموعة من المشكلات أهمها الواقع المالي الصعب الذي تمر به البلدية، هذا إضافة للانتشار الكبير للتجمعات السكانية في المسافر على مناطق متباعدة ما يصعب تقديم الخدمات بشكل كبير.
من جهته، قال الناطق باسم وزارة التربية والتعليم صادق الخضور إن الوزارة تبحث عن حلول لجميع المشكلات السابقة، وأحد الحلول التي تسعى الوزارة جاهدة لتوفيرها تتمثل في بناء مدارس جديدة، ما يتطلب تضافر جهود المجتمع المحلي معنا.
وتابع: في مسافر بني نعيم نوفر مركبة دفع رباعي للوصول الى أي طالب ضمن الطرق المتاحة، لكننا نسعى مع وزارة النقل والمواصلات الى توفير حلول.
وختم قائلا: أعدكم بأن ندرس هذه الشكوى وهي فرصة الآن لتقييم كل ما يرتبط بهذا الشأن قبل بدء العام الدراسي الجديد.
تمضي الأيام ثقيلة على أطفال مسافر بني نعيم، يفتقرون الى أدنى متطلبات الحياة الكريمة، لا مرافق رياضية أو ثقافية في المسافر، وينتظر معظمهم مصير لا يتعدى الزواج المبكر أو رعاية الحيوانات مع أسرهم في أحسن الأحوال..
المصدر : وطن للأنباء