أحمد الصفدي يتساءل …لماذا رفح ؟

تتضارب الانباء والتوقعات حول سيناريو الحرب القادم في غزه . بعضها يتنبأ بان نتنياهو المدعوم امريكيا (بالغمز واللمز) واليائس داخليا مضطر للحفاظ على بقائه من خلال المزيد من البطش بالدم الفلسطيني.

الحرب هي أكسير الحياه لنتنياهو كما يقولون .

وهناك آخرون يرون انه لن يقتحم رفح ويهاجمها او انه سيهاجم بشكل ممركز وانتقائي عملياتيا

فما هي حكاية رفح ؟ وما هي اهميتها ؟ ولماذا رفح ؟

رفح هي الان اخر منطقة تجميع ومحشر مكثف للمدنيين في القطاع . مساحه حدوديه صغيره عدد سكانها الطبيعي هو ١٥٠ الف وتضم ضمن محافظتها مخيم لاجئين تل السلطان . وقد اصبحت الان في ظل الحرب كارثة انسانيه مشهوده . حاليا تضم رفح مليون و٢٠٠ الف الى مليون ونصف انسان معدمين بلا اية مقومات . امامهم الحدود المصريه المدججة بالعوائق العملاقه البشعه ومن ورائها توام رفح الفلسطينيه السيامي: رفح المصريه .ومن ورائهم الجند الغزاه ونيرانهم وعلى يسارهم الحدود الاسرائيليه المدججة وعلى يمينهم مياه البحر المتوسط .

وكأن كل القضيه والحكايه الفلسطينيه قد تكثفت بين ليلة وضحاها في كينونة رفح الصغيره هذه .

اسرائيل تدرك الان ان تهجير سكان القطاع المحشورين بالقوه الخبيثه الى مصر سيخلصها من غالبية سكان القطاع اي حرمان المقاومه من البيئه الحاضنه . وتمكين اسرائيل من احكام السيطره على كل القطاع ذلك لان رفح الان عباره عن منطقه اقرب لل X-territorial وهو مصطلح يطلق على مناطق ضمن دول لكنها ذات استقلاليه خارج السياده . احتلال القطاع وعدم دخول رفح سيبقي كيانية القطاع حية ترزق برموزها كلها : السكان ، الحدود والمساحه الوكاله واللجوء ، المقاومه الخ ..

احتلال رفح سيمكن اسرائيل من انهاءالكيانيه الغزاوية “الحامية الراس” في القطاع ويفتح الباب امام اعادة احتلال القطاع واعادة تشكيله وتعريفه وتدويره بل وضمه لاسرائيل واستغلاله بحساسيته الموقعيه وغازه وشطآنه المتوسطية ويحول دون ابقاء جذوة المقاومه التي تتغذى من بيئة الفقر الغزاوية المحاصره ويمكن من تطهير القطاع من خلايا المقاومه المحاصره والمفصولة عن حاضنتها وشريان سلاحها المركزي (رفح الحدوديه )ويمكن الجزار نتنياهو من الادعاء بانه قد فعل كل شئ بحثا عن جند الله ولم يخشى لومةلائم وتحدى كل العالم دفاعا عن الوطن اليهودي المهدد وجوديا …..

اسرائيل تدرك انها ليست وحدها وليست محاصره ومنبوذه سياسيا رغم مذابحها الجماعيه الموصوفه ،فمعها دول الغرب المسانده والدول العربيه الخيانيه ومعها السلطه الفلسطينيه المتواطئة ومعها بعض القطاعات المتامركه في الدول العربيه الملوثة الادمغة ( نصف لبنان المتامرك/ ثلثي العراق او اقل / نصف تونس/ ثلث سوريا / قطاعات واسعه من الاردن والخليج والمغرب الخ) وهي تدرك ان لها عزوه سريه ورديف داخلي عربي وخارجي ولذلك نراها تتصرف بوقاحه وصلف وتتحدى القانون الدولي والحراك الشعبي العالمي الغاضب .

اسرائيل نظام فاشي لا تردعه عتبة الاخلاقيات وهو مدعوم ومكلف وظيفيا من الامبرياليه والرجعيه العربيه والرجعيه الفلسطينيه للقضاء على المقاومه والتصدي لمحورها المقاوم حتى تبقى اوطان العرب مستباحه … كلهم مجتمعين يريدون راس رفح وراس المقاومه حتى وان صرحوا خلاف ذلك…..

رفح الان هي ترميز مكثف لمعركة الإجهاز على الوطن العربي وتصفية القضيه ومن سوء حظها انها المدينه الاهم جغرافيا عند تقاطع البحر ومصر واسرائيل وفلسطين .

لهذا كله يعتبر سيناريو اقتحام رفح ات لا محاله ببساطه لان مكاسبه اكبر بكثير من خسائره .

ولكن وبطبيعة الحال ليست حسابات الحقل متناغمة دائما مع حسابات البيدر . فالمقاومة العنيده العصيه ومحورها الصادق والمعادله الدوليه الهشه والرخوه في مواسم الانتخابات وغيرها من المتغيرات قد تقلب السحر على الساحر …

احمد الصفدي كاتب وصحفي مقدسي