أهم الاخبارعربي

ممثل الجزائر مخاطبا مجلس الأمن: صمتنا يمنح الإحتلال رخصة للإستمرار في تجويع الفلسطينين وقتلهم

جدّدت الجزائر دعوتها لمجلس الأمن بتحمل مسؤولياته في فرض وقف لإطلاق النار على قطاع غزة، واعتبرت على لسان مندوبها السفير عمار بن جامع، أن “صمتنا بمثابة منح رخصة لتجويع وقتل السكان الفلسطينيين”.

وجاءت الجلسة التي عقدت مساء الثلاثاء بطلب من الجزائر رفقة غويانا وسويسرا وسلوفينيا، لمناقشة حالة الأمن الغذائي بغزة في ظل الكارثة الإنسانية التي يعيشها القطاع، جراء العدوان الصهيوني المتواصل منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

وأكد بن جامع وهو الممثل الدائم للجزائر لدى منظمة الأمم المتحدة، في الجلسة التي حملت عنوان: “حماية المدنيين في النزاعات المسلحة: الأمن الغذائي في قطاع غزة”، أن الوضع في غزة يبعث على الجزع ومعاملة الاحتلال للسكان لا إنسانية، مذكرا بما قاله الرئيس الجزائري: “عندما تفقد أمنك الغذائي، تفقد كرامتك”.

وقال السفير إنه “بينما يعتمد سكان غزة على المساعدات الإنسانية، فإن الاحتلال يستخدم التجويع كأداة حرب”، مشددا على أن استخدام التجويع عمدا وبشكل ممنهج، “انتهاك فاضحا للقانون الدولي لأنه ينوي الدفع بسكان غزة إلى اليأس وفقدان الكرامة”.

وبلغة الأرقام حول الأزمة الإنسانية التي تسبب فيها العداون الصهيوني، أوضح بن جامع أن التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي يشير إلى أنه وبحلول نهاية شهر شباط/ فبراير 2024، فإن جميع سكان غزة- وعددهم 2.2 مليون نسمة-، سيواجهون مستويات خطيرة من انعدام الأمن الغذائي الحاد وهو ما يمثل أعلى مستوى في العالم بأسره.

وأبدى الدبلوماسي الجزائري أسفه لكون جهود العاملين في المجال الإنساني والقرارات النادرة التي يتخذها المجلس، لم تحسن الوضع لأن وقف إطلاق النار لم يتم التوصل إليه. وأشار في ذات السياق إلى أن مؤشرات التغذية في شمال غزة تؤكد أن 15.6 في المئة من الأطفال الذين هم دون السنة الثانية، يعانون من سوء التغذية الحاد، ومن المرجح أنه في ظل بيانات شهري يناير وفبراير، فإن الأوضاع ستتفاقم خصوصا في شمال القطاع الذي لا يمكن الوصول إليه في الوقت الراهن.

وفي نفس النقطة، واصل السفير قائلا: “كما يشتكي 90 بالمائة من الأطفال الذين هم دون سن الخامسة، من مرض أو أكثر في ظل حمية ضعيفة جدا، ضف إلى ذلك أن الأطفال والحوامل والأمهات المرضعات والمسنين يواجهون مستويات مرتفعة من خطر الوفاة بسبب شح الغذاء”.

وبخصوص معاناة الأطفال استشهد بن جامع بما صرح به الصحافي الفلسطيني أنس الشريف من غزة، والذي قال: “استيقظت على صوت أطفال يصرخون لأنهم يتضورون جوعا التهم أجسادهم (…) لقد فطرت صرخاتهم قلبي”.

وعقّب على ذلك بالقول، إن هذا “الواقع مرير والمعضلة مروعة” لأن الفلسطينيين وأطفالهم في غزة مكرهون بين خطر الموت تحت القصف أو الموت البطيء بسبب الجوع. وأمام هذه المأساة الفظيعة- يضيف المتحدث- يجد المجتمع الدولي نفسه عاجزا ويائسا، مشيرا إلى أن تدفق المساعدات حاليا بعيد جدا على الاستجابة للمستوى المطلوب إلى جانب كون الأنشطة التجارية مشلولة تماما.

وتحدث في هذا السياق، عن وقف برنامج الأغذية العالمي إيصال المساعدات إلى شمال غزة لأسباب أمنية، كما اعتبر القرارين 2712 و2720 غير فعالين في الميدان وأثرهما محدود، مؤكدا أنه في حال لم يتوقف العدوان، “فإن ضمان إيصال مساعدات إنسانية بالمستوى المطلوب يظل هدفا لن يتحقق”.

وبحديث يخاطب الضمائر، قال الدبلوماسي إن العدوان الجاري على غزة هو “عقاب جماعي مفروض على الشعب الفلسطيني”، منهيا بالقول: “صمتنا بمثابة منح رخصة لتجويع وقتل السكان الفلسطينيين، وعلى هذا المجلس أن يطالب بوقف إطلاق النار بشكل عاجل لأن جمودنا هو بمثابة تواطؤ في ارتكاب هذه الجريمة”.

وهذه المرة الثالثة في ظرف أسبوعين التي تتوجه فيها الجزائر لمجلس الأمن من أجل الحديث عن معاناة غزة. وكان نسيم قاواوي، وهو ممثل دائم مساعد للجزائر لدى الأمم المتحدة قد جدّد نهاية الأسبوع الماضي، مطلب الجزائر بضرورة “وقف فوري ودائم لإطلاق النار لوضع حد لهذه المأساة الإنسانية”، مبرزا أن هذا “المطلب أضحى ضرورة ملحة ومستعجلة اليوم مع تفاقم الأوضاع وتدهورها”.

واسترعى ممثل الجزائر انتباه أعضاء المجلس إلى “الأوضاع في غزة التي باتت على شفا الانهيار”، مستشهدا “بقرار برنامج الأغذية العالمي وقف عملياته بشمال القطاع الذي يعد دليلا آخر على المصير المحتوم الذي ينتظر حوالي 300.000 ألف شخص لا يجدون ما يسد رمقهم”.

وأكدت البعثة الجزائرية بالمناسبة “دعمها المتجدد للأونروا ولكل وكالات الأمم المتحدة والعاملين الإنسانيين في وجه الحملات المغرضة التي تستهدفهم”، وهي، كما قال، “محاولات بائسة تحاول أن تهدم أسباب صمود الفلسطينيين على أرضهم”. واعتبرت الجزائر أن التلويح بمهاجمة رفح ومنع دخول المساعدات بحجج واهية إمعانا في الانتقاص من كرامة الفلسطينيين ودفعهم لمغادرة أراضيهم، “مرفوضة وغير مقبولة تماما”، مجددة رفض “أي مخطط يستهدف التهجير القسري للفلسطينيين”.

وتلّح الجزائر بصفتها عضوا غير دائم في مجلس الأمن على مسألة وقف إطلاق النار في غزة، خاصة بعد إفشال الولايات المتحدة الثلاثاء ما قبل الماضي، مشروع القرار الذي تقدمت به البلاد لوقف العدوان الجاري.

وكان ممثل الجزائر في الأمم المتحدة السفير عمار بن جامع بعد إسقاط مشروع القرار الجزائري في غزة، قد وعد بالعودة من جديد لدق أبواب المجلس حتى تتوقف الحرب، وقال في كلمات لاقت رواجا واسعا على مواقع التواصل عقب الفيتو الأمريكي: “قبل أن أختم أقول إننا سندفن شهداءنا هذا المساء بفلسطين، وأن الجزائر ستعود غدا باسم الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم ومعنا أرواح الآلاف من الأبرياء التي أزهقها المحتل الإسرائيلي من دون حساب ولا عقاب، ستعود الجزائر لتدقّ أبواب المجلس وتطالب بوقف حمام الدم في فلسطين ولن نتوقف حتى يتحمل هذا المجلس كامل مسؤولياته ويدعو لوقف إطلاق النار فإن لنا نفوسا لا تمل وعزيمة لا تكل”.