أهم الاخبارإسرائيلياتمقالات

عناوين الصحف العبرية .. الملف اليومي الصادر عن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

الصحافة الإسرائيلية .. الملف اليومي // صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية

 

عناوين الصحف العبرية وتقارير

تعقيباً على خطة نتنياهو: «اليوم التالي» للحرب لا يزال بعيداً

بقلم: أنطوان شلحت

برهنت ردات الفعل المتواترة على الخطة التي طرحها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بشأن إدارة قطاع غزة بعد الحرب المستمرة ضده، بوساطة وثيقة خاصة عمّمها ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية مؤخراً، على ما يمكن توصيفه بأنه فتور ولا سيما في الولايات المتحدة، وكذلك في إسرائيل أيضاً.

وبإيجاز تنص خطة نتنياهو على أن يتمتع الجيش الإسرائيلي بحريّة غير محدودة للعمل في جميع أنحاء قطاع غزة من أجل منع عودة النشاط المسلح، وعلى أن إسرائيل ستمضي قدُماً في مشروع إقامة منطقة أمنية عازلة في الجانب الفلسطيني من حدود القطاع.

ووفقاً للخطة، ستبقى هذه المنطقة العازلة قائمة طالما كانت هناك حاجة أمنية إليها.

كما تشمل الوثيقة مجموعة مبادئ تحدّث عنها نتنياهو منذ بداية الحرب يوم 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، لكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تقديمها رسمياً إلى المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية – الأمنية (“الكابينيت”) للموافقة عليها.

وتدعو الخطة أيضاً إلى تعيين مسؤولين محليين ذوي خبرة إدارية، وغير مرتبطين بدول أو كيانات تدعم “الإرهاب”، لإدارة الشؤون المدنية في قطاع غزة بدلاً من حركة حماس، والتعاون مع مصر لوقف التهريب إلى غزة، وقيام دول عربية بتمويل إعادة إعمار القطاع، وإغلاق منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، كما تدعو إلى نزع سلاح قطاع غزة، وإلغاء “تطرّف” سكانها من خلال القيام بإصلاحات جذرية في جميع المؤسسات الدينية والتعليمية ومؤسسات الرعاية الاجتماعية في غزة.

وبمتابعة ما نُشر حتى الآن في شتى وسائل الإعلام الإسرائيلية يرجع سبب هذا الفتور إلى أسباب عديدة، منها أن خطة نتنياهو ليست سوى خلاصة لمؤتمرات نتنياهو الصحافية المتعددة، ولا تُعتبر مخططاً سياسياً، وأنها كتبت فقط من أجل تهدئة الأميركيين الذين يلحون عليها، ويسعى فحواها أكثر من أي شيء آخر إلى عدم إثارة غضب كل من الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، مثلما صرّح مصدر مسؤول في “الكابينيت” لقناة التلفزة الإسرائيلية 12.

بيد أن الأهم من ذلك كله هو إقرار الكثير من المحللين في إسرائيل، في سياق الكتابة الإسرائيلية التي تروم أن تصل إلى معنى، بأن ما يوصف بأنه “اليوم التالي للحرب” ليس قريباً كما يتصوّر البعض، حسبما أكد مثلاً المحلل العسكري لقناة 12 نير دفوري، والمراسل السياسي لهذه القناة يارون أبراهام (موقع قناة 12، 23/2/2024)، وكذلك الباحث ميخائيل ميلشتاين، الذي سبق له أن تبوأ مناصب رفيعة في شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” (“يديعوت أحرونوت”، 25/2/2024). فهؤلاء وغيرهم يقدمون قراءات لسير الحرب لا تتماشى مع التقارير الرسمية ولا تحتكم إلى المعايير الدعائية.

ويشدّد ميلشتاين على أن “اليوم التالي” ليس قاب قوسين أو أدنى، مثلما يمكن أحياناً أخذ الانطباع عنه من الخطاب الإسرائيلي السائد، ذلك أن يحيى السنوار لا يزال حيّاً، والقتال في غزة يتواصل، ناهيك عن أن قسماً مهماً من المنظومة العسكرية لحماس كُتب له البقاء، والحركة نفسها ما زالت لها سيطرة جماهيرية حتى في الأماكن التي عمل فيها الجيش الإسرائيلي وعلى رأسها شمال القطاع.

وباختصار ينبغي القول، على ما يؤكد الباحث نفسه، إن أهداف وثيقة نتنياهو التي نشرت لن تتحقق إلا مع تقويض حُكم حماس، وهو هدف لا يمكن حالياً تحديد متى وكيف سيتحقق.

بالتوازي مع ذلك، يشير دفوري وأبراهام إلى أن الحملة العسكرية الإسرائيلية على رفح في جنوب القطاع، والتي يتم التعويل عليها من جانب نتنياهو وحكومته بغية تقريب “اليوم التالي”، يبدو أنها لن تبدأ قبل نهاية شهر آذار المقبل، رغم محاولات رئيس الحكومة تسريع المخطط العسكري لهذه الحملة. وسبب التأجيل، برأيهما، هو أن حملة بهذا الحجم توجب تنسيقاً مع الأميركيين والتوصل إلى تفاهمات، إلى جانب التنسيق مع المصريين، وسلسلة من النشاطات داخل القطاع نفسه، فضلاً عن مسألة اللاجئين والإجلاء المطلوب للسكان المدنيين من المنطقة.

وثمة من يعتقد جازماً بأنه حتى تلك العملية في رفح لن تجعل ذلك اليوم قريباً.

ومثلما كتب المحلّل السياسي الإسرائيلي رفيف دروكر، فإن الجيش الإسرائيلي “نجح حتى الآن في إضعاف القدرات العسكرية لحماس عدة درجات. لكن ربع درجة إضافية قد يمكن إضافتها في رفح لن تشكل تغييراً كبيراً. والادعاء بأن السيطرة على محور فيلادلفيا (محور صلاح الدين) ستقطع الأكسجين عن حماس غير مقبول. فلقد سيطرنا على هذا المحور أعواماً طويلة، وبالرغم من ذلك استطاعت حماس تهريب الأدوات القتالية والسلاح، واستغلت وجودنا هناك لتنفيذ عمليات” (“هآرتس”، 23/2/2024).

عموماً، حتى لدى الإصغاء إلى ما يصدر عن خبراء إسرائيليين من تحليلات سنتبين أن ما يتطلع إليه نتنياهو هو ليس أكثر من الحفاظ على بقائه، وفي سبيل ذلك فهو يتمسك باستمرار الحرب من جهة، وائتلافه الحكومي مع اليمين المتطرف واليهود الحريديم من جهة أخرى.

وتتجه الأنظار في الوقت الحالي إلى الولايات المتحدة، إذ أثبتت بعض المستجدات أن حجم الدعم الدولي الذي تمنحه واشنطن إلى إسرائيل بات موضع مراجعة وإعادة نظر.

وبموجب ما تؤكد تحليلات كثيرة، بما فيها تلك الصادرة عن أصوات مقربة من نتنياهو، تتحدّث إدارة الرئيس جو بايدن الآن عن رئيس الحكومة نتنياهو بلهجة لم تُسمع في واشنطن حتى عندما صمم هذا الأخير على إلقاء الخطاب في الكونغرس، في العام 2015، ضد الاتفاق النووي مع إيران، رغم معارضة الرئيس، حينها، باراك أوباما.

ومع أن بايدن، الذي كان نائب أوباما آنذاك، مقرّب من إسرائيل أكثر من سلفه الديمقراطي في المنصب، فإنه يبدو أن صبر واشنطن إزاء كل ما يخص موقف نتنياهو وتصريحاته وألاعيبه بدأ بالنفاد (“هآرتس”، 23/2/2024).

———————————————

هآرتس 28/2/2024

عباس يستخدم الاستقالة كرافعة ضغط

على الولايات المتحدة وإسرائيل وحماس

بقلم: جاكي خوري

رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية قدم استقالته للرئيس الفلسطيني محمود عباس. معنى ذلك هو استقالة كل الحكومة. عباس وافق على الاستقالة وطلب من اشتية أن يعمل كرئيس حكومة انتقالية الى أن يتم تشكيل حكومة جديدة. حسب مصادر في رام الله فان عباس ينوي استخدام الاستقالة كرافعة ضغط على الولايات المتحدة وعلى اسرائيل وعلى حماس.

اشتية برر هذه الخطوة بالتحديات المستقبلية التي تواجه السلطة الفلسطينية على خلفية الحرب، التي حسب قوله تحتاج الى اتفاق وطني. “المرحلة القادمة مليئة بتحديات كثيرة، وهذا يحتاج الى تغييرات في السياسة والحكومة”، قال ذلك في مؤتمر صحفي عقده قبل تقديم استقالته “نحن سنحتاج الى الأخذ في الحسبان التطورات في الساحة الفلسطينية، وبالاساس في القطاع، والحاجة الى تحقيق اتفاق وطني فلسطيني” . وحسب قوله فانه قبل بضعة أسابيع ابلغ عباس بأنه ينوي اعادة التفويض اليه لتشكيل حكومة.

اعلان اشتية نشر على خلفية محاولة الولايات المتحدة الدفع قدما باصلاحات في السلطة الفلسطينية من اجل أن تستطيع تولي الحكم في قطاع غزة بعد الحرب، وعلى خلفية المفاوضات الكثيفة ل م.ت.ف من اجل ضم حماس والجهاد الاسلامي وتنظيمات اخرى الى صفوفها.

الآن يتوقع أن يحاول عباس التوصل الى موافقة واسعة على تشكيل حكومة جديدة – حسب جميع التقديرات هذه الحكومة ستكون حكومة تكنوقراط. في حماس وفي تنظيمات اخرى يضغطون كي يكون رئيس الحكومة القادم من القطاع أو أحد أبناء العائلات الغزية المعروفة. في يوم الخميس ستلتقي الفصائل الفلسطينية فى موسكو وستناقش دمج حماس والجهاد الاسلامي في م.ت.ف. بعد استقالة اشتية فانهم يرون في رام الله الدكتور محمد مصطفى المرشح الرائد لتشكيل الحكومة القادمة، الذي يترأس صندوق الاستثمارات الفلسطيني ويعتبر مقرب جدا من عباس، لكن ترشيحه للمنصب اصطدم في السابق بمعارضة داخلية في فتح.

“حتى لو قاموا بتعيين سوبرمان في وقت حصار اقتصادي واداري فانه لن ينجح في فعل أي شيء ، قالت جهات رفيعة في فتح.

في الساحة الفلسطينية في رام الله وفي القطاع ما زالوا يجدون صعوبة في التقدير بأي درجة سيسارع عباس الى تشكيل حكومة جديدة بدون موافقة واسعة، بالاساس من غزة ؛ لكنهم يقدرون أن هذا الامر لن يحدث بسرعة وأن عباس سينتظر التطورات من لقاء ممثلي الفصائل الفلسطينية في موسكو يوم الخميس القادم ، ورد حماس والجهاد الاسلامي على هذه الخطوة.

أول أمس نشر في “هآرتس” أنهم في رام الله يشترطون الاصلاحات في السلطة الفلسطينية، من بينها تشكيل حكومة جديدة، باعطاء ضمانات لانسحاب اسرائيل من القطاع، و”اتفاق وطني واسع بين جميع الفصائل” وخطوات اخرى. في السلطة يأملون أن وضع هذه الشروط سيجعل الولايات المتحدة ودول عربية مثل مصر والاردن، التي حسب بعض التقارير معنية ايضا بتغيير تشكيلة الحكومة الفلسطينية، تزيد الضغط على اسرائيل وجعلها تستجيب لطلبات الفلسطينيين.

في غضون ذلك، كما نشر في “هآرتس” فانهم في السلطة يخشون من أن حماس والقائد السابق في فتح محمد دحلان يسعون الى تشكيل حكومة تكنوقراط منفصلة في القطاع ، بصورة توسع الشرخ السياسي بين القطاع والضفة الغربية، وتقلص أي تأثير مستقبلي للسلطة في قطاع غزة. هذه الاقوال جاءت على خلفية التقارب والتنسيق بين دحلان وقيادة حماس الخارج. دحلان يعتبر الآن أحد بؤر التأثير في القطاع وقد التقى قبل اسبوعين مع رئيس المكتب السياسي لحماس، اسماعيل هنية.

———————————————

هآرتس 27/2/2024    

أيها الليبراليون تدفقوا الى صناديق الاقتراع

بقلم: أسرة التحرير

لا ينبغي التقليل من أهمية الانتخابات التي تجري اليوم. ففي الكفاح المتواصل ضد حكومة نتنياهو، التي تفسد كل قطعة طيبة في إسرائيل، فان للحكم المحلي محفوظ دور مركزي فالى جانب جهاز قضاء مستقل وعشرات الاف المواطنين الذين يحمون الديمقراطية باجسادهم.

إسرائيل هي الدولة الأكثر مركزية من بين الدول المتطورة، لكن السلطات المحلية لا تزال تتمتع بمجال عمل اعترف به أيضا في القرار القضائي. ليس صدفة أن حاولت الحكومة في ذروة الانقلاب السلطوي وكجزء منه، تقليص قوتها من خلال إجراءات مثل “صندوق الارنونا فحكم محلي ضعيف يصعب عليه لجم حكومة لا تتردد في خبط مواطنيها وتتباهى، حتى في هذه الأيام، بذرى جديدة من الفئوية وسلب الصندوق العام.

سلطات قوية، وبالتأكيد ليبرالية، يمكنها أن تثبت وتوسع سلسلة من التغييرات ذات تأثير حاسم على واقع الحياة سيكون من الخطأ الجسيم التخلي عن مثل هذه الامكانية للتغيير اصلاح الخطأ سيجبر على الانتظار لخمس سنوات. يمكن تصميم واقع آخر. قائمة جزئية لاهداف ينبغي للسلطات (والقوائم) الليبرالية ان تعمل عليها، حيث يمكن فقط تتضمن تفعيل مواصلات عامة في السبت ؛ حظر الفصل بين الجنسين في الحيز العام ؛ تسجيل الزوجات العرفي والازواج المثليين بحيث يكونوا هم أيضا يستحقون التخفيضات والخدمات البلدية؛ تشجيع التجارة والثقافة في العطل الأسبوعية ؛ إضافة ساعات تعليم وبرامج استكمالية توازن قليلا الدعوة القومجية في جهاز التعليم؛ رقابة متشددة على جمعيات دينية تدخل الى المدارس الرسمية ؛ ترتيب الدفن المدني ؛ فحص إمكانية تخصيص مقدرات بلدية لجمعيات دينية وتحويل ميزانيات

لاهداف دينية؛ دعم منظمات المثليين والتيارات غير الارثوذكسية وغيرها.

وحسب مراجعة قامت بها منظمة إسرائيل” حرة”، ففي السنوات الخمسة الأخيرة، اتسعت مشاريع المواصلات العامة الى 13 سلطة محلية، يعيش فيها اكثر من 1,5 مليون نسمة. هذا مثال جيد على أنه لا حاجة لانتظار الحكومة لاجل احداث التغيير في جبهة أخرى، فان بيان عشرات رؤساء السلطات في بداية ولاية الحكومة بانهم سيعارضون كل محاولة للنائب آفي ماعوز من كتلة نوعم للمس بالتعليم الرسمي، عرقل حملة السيطرة. والان توجد على جدول الاعمال الامكانية في أن يتلقى مندوبو عظمة يهودية المسؤولية عن ثلل التأهب البلدية وزملاؤهم المتدينون يدفعون قدما بنزعة التدين في المدارس العلمانية تحت حكومة المصيبة، وجد الجمهور الليبرالي ملجأ جزئيا في السلطات المحلية. الدمار الذي زرعه نتنياهو وعصبته لن يتوقف دون كفاح في اطاره محظور ترك الملعب البلدي على الجمهور الليبرالي ان يتجند في صالح قوائم تقاتل في سبيل نمط حياة حر في وجه حكومة التفوق اليهودي وفروعه المحلية.

——————————————–

معاريف – 28/2/2024

لن يتم حسم مسائل على جدول الأعمال دون انتخابات عامة… ولن تكون الانتخابات بلا ضغط من الشارع

بقلم: ران أدليست

الانتخابات المحلية هي أرض غير واضحة بين المصلحة المحلية والقطرية. هذه المرة يختلف الأمر. فالاستقطاب في البلاد كان ينبغي له أن يؤثر على المحلي أيضا. ولا يزال، اليوم، لا توجد صورة كيف سيؤثر هذا على الإطلاق. البحث أكثر تعمقا في نتائج الانتخابات للسلطات المحلية يفترض أن يفحص حدثين يمكن منهما استخلاص الاستنتاجات عن الانتخابات العامة، بخاصة عن وضع المنتخبين المتماثلين مع الاحتجاج ضد الحكومة.

الحدث الأول هو إذا كان لهؤلاء تأثير على انتخابهم بأي اتجاه كان. ففرضية العمل المقبولة تقول إنه في الانتخابات المحلية يفترض بالمرشحين أن يلبوا المصالح المحلية لجماعاتهم دون صلة بالبعد القطري أو حتى الحزبي. أما إذا ما تبين بعد تحليل أعمق في الوسط اليهودي بأن الاختيار لمرشح ما تضمن أيضا عنصر المعارضة للحكومة فإن هذا سيكون مؤشرا هاما كفيل بأنه يكون له تأثير أيضا على احتجاج متوقع وعلى المطالبة أيضا بانتخابات الآن وعلى نتائجها.

في الوسط العربي الصورة المحلية مختلفة مع إضافة ملاحظة. فسيطرة العشائر في بلدات صغيرة هي سيطرة ذات مغزى وأحيانا حتى في البلدات الأكبر. فتعلق الوسط العربي بمؤسسات الحكومة وقدرة الائتلاف اليميني أن يمس به اليوم أكبر من المس بالسلطات اليهودية غير متماثلة مع اليمين. تعلق يضع أمام الناخبين في الوسط العربي مشكلة في المناورة بين الكفاح ضد التمييز السياسي وبين الاحتياج للأموال من تلك الدولة، التي هي في حالتنا دولة بن غفير ومن لف لفه.

الحياة، كما تعلمنا أقوى من اعتبارات الأوجاع الأيديولوجية وينبغي الافتراض أن هذا لن يكون مختلفا جدا في الحوار بين الوسط العربي والدولة. في المدن الكبرى، بما فيها المختلطة، لا يوجد فرق بين تصويت محلي يهودي أو عربي باستثناء تصويت الهوية.

متابعة حرب الانتخابات في البلدات العربية الصغيرة تبين بأنه لا يوجد فرق كبير بين الصراع العشائري في البلدة العربية والصراع الحزبي – الهوياتي في البلدات اليهودية. هنا وهناك وزعت هدايا من أنواع مختلفة للمقربين من الصحن. أسمع عن جهد يسعى قبل الانتخابات بتخفيف حدة العنف الذي كان ينطوي على صراعات الانتخابات في الماضي – أو باختصار بدون إطلاق نار، وكذا الضغوط بما في ذلك من جهة عائلات الجريمة كانت جزءا من عملية الانتخابات وهنا أيضا كانت بلدات يهودية لم تتخلف كثيرا عن المزايا العربية. تسعة متنافسين يهود لرئاسة بلدية محلية هم ذوو ماض جنائي.

السؤال الحاسم بعد الانتخابات المحلية هو هل توجد للوسط العربي قدرة على أن يعرض في الانتخابات العامة نسب التصويت الكبيرة إياها مثلما كان في الانتخابات المحلية. واضح اليوم أنه في المستوى الوطني لن يكون حسم في مسائل على جدول الأعمال دون انتخابات عامة، ولن تكون انتخابات عامة من ناحية المعسكر الليبرالي – الديمقراطي دون ضغط في مستوى المظاهرات والإضرابات.

أمين عام الهستدروت ارنون بار دافيد يطلق اليوم أصوات ثوري الاريكة وربما ينجح في أن يشق الهستدروت ويأخذ جزء من الأعضاء إلى الإضراب، غير أن مفتاح نجاح إضراب قطري يشل الدولة يوجد في أيدي الوسط العربي. حملة بن غفير ضد الشيطان العربي هي مقدمة هامة قبيل إمكانية أن يقف الوسط إلى جانب المضربين. السؤال هو هل يمكن أن نفحص منذ اليوم، بعد الانتخابات المحلية الإمكانيات الكامنة للأمر الحاسم لمصير الدولة.

———————————————

يديعوت أحرونوت 28/2/2024

“جيش عالق في غزة ورئيس يراوغ شعبه”.. لنتنياهو: السنوار ينتظرك في رمضان

بقلم: روني بيرغمان

قبل ثلاثة أشهر بالضبط، في تشرين الثاني من العام الماضي، بدأت جساسات الاستخبارات الإسرائيلية تطلق إشارات تحذير. لدى حماس تردد حول استمرار مخطط الإطار لصفقة التبادل، قيل في التحذيرات. والبحث في مسألة ما ستربحه المنظمة من استمرار وقف النار، حيال تحرير نساء محجوزات في زنازين المنظمة أو في الشقق الخاصة التي أودعتهن فيها حماس وتشهد على أيام وليال من الكوابيس التي اجتزناها.

في وقت لاحق، أدى تردد حماس هذا إلى تفجير المفاوضات. من ناحية إسرائيل، تبقى في قائمة الصنف الذي لمسته الصفقة الأولى – نساء وأطفال، 15 امرأة وطفلان، أبناء عائلة بيبس.

في الليلة الأخيرة من كانون الأول، الليلة الأخيرة لوقف النار، تلقت إسرائيل القائمة الأخيرة من ناحية حماس، جثث قالت حماس إنها لعائلة بيبس (الموضوع لم يثبت)، أب العائلة الذي على قيد الحياة، وبضعة كبار في السن مرضى أو جرحى آخرين. أعلنت المنظمة أنها لا يمكنها تحرير باقي النساء، وادعت بأنهن لسن تحت سيطرتها. كان الجيش وأسرة الاستخبارات يعرفان بأنه كذب. حماس تخشى، هكذا حسب مصادر استخبارية مطلعة، مما سترويه تلك النساء مع عودتهن.

أصرت أسرة الاستخبارات على أنه لا يمكن ترك النساء، والانتقال إلى صنف آخر. وأعلنت إسرائيل بأن حماس تخرق الاتفاق، وعاد الوفد الإسرائيلي من الدوحة. خرق الطرفان وقف النار صباحاً. ليلة أول أمس، كشفت الـ “نيويورك تايمز” عن موافقة إسرائيلية في مؤتمر باريس الأسبوع الماضي على تنازلات واسعة في كل ما يتعلق بتحرير السجناء الفلسطينيين. قبلت إسرائيل الاقتراح الأمريكي بدلاً من نسبة 1 إلى 3، نسبة 1 إلى 10 – 40 مخطوفاً مقابل 397 سجيناً فلسطينياً، و15 يعتبرون ثقيلين. واتفق شفوياً بين المتفاوضين بأن تختار حماس أولئك الـ 15. 3 لكل مجندة محررة، “وينبغي الافتراض بأنهم لن يختاروا نشالين أو كتبة شعارات على الحيطان”، على حد قول مطلع على المفاوضات. ولن تكون مخاطرة الرهان على أن يكون هؤلاء هم الأسوأ بين القتلة، وبالتأكيد بعضهم من الرفاق المقربين للسنوار من قيادة حماس في السجن ممن لم يتحرروا في صفقة شاليط وقبّل أقدامهم عندما خرج من السجن ووعد بدموع حقيقية أنه سيفعل أي شيء لتحريرهم.

هؤلاء الـ 15 هم الذين جعلوا نتنياهو يشترط تحرير الثقيلين بالنفي إلى الدوحة. يفكر نتنياهو كيف سيشرح منظر القتلة، وسيحاول إيقاع الملف على أكتاف شريكته السابقة في تمويل حكومة حماس – قطر.

هذه الصفقة التي تضمن تحرير 40 إسرائيلياً، منهم 5 مجندات، مشكوك أن توافق حماس على البحث فيهن في هذه المرحلة، وإذا ما تحققت فستنقذ حياة 40 إسرائيلياً كل يوم يضع حياتهم بخطر شديد.

مرت ثلاثة أشهر من اللحظة إياها التي اتخذ فيها القرار الصعب، لكن كان يبدو في حينه معقولاً جداً، الأمر الذي ليس مؤكداً قوله عن كثير من القرارات التي اتخذت في الحكومة، ولاحقاً في جهاز الأمن أيضاً. في الأشهر الثلاثة المنصرمة، والتي تحطمت الكثير من الآراء، والأماني، إن لم تكن الخيالات الحقيقية، إلى جانب التزوير إن لم تكن الأكاذيب الحقيقية التي عرضت على الجمهور وكتبنا عنها غير مرة. في التحقيق الحقيقي للحرب، يجب أن يبقى مكان خاص لتلاعبات حرب المعلومات والأحابيل الإعلامية لدى محافل الحكم والأمن المختلفة على الجمهور الإسرائيلي، والشكل الذي كانت فيه محافل في وسائل الإعلام بوقاً لها.

الزمن ينقضي، ويتبين أنه لا يمكن هزيمة حماس وتحرير المخطوفين معاً، لا يمكن تحقيق هدفي الحرب، حتى تحرير المخطوفين لن يتحقق إلا من خلال صفقة وليس حملة على نمط عنتيبة. والأشهر تمر ويتبين أن المعادلة التي تقول إن الضغط العسكري وحده ما سيحقق الصفقة، تبين أنها معادلة خاطئة منذ البداية، بل تعمل بالعكس– كلما مر الوقت شدد السنوار شروطه، وفي هذه الأثناء يتعرض المخطوفون لخطر جسيم. في هذه الأثناء، أطلقت أكاذيب أخرى في الهواء. في وسائل الإعلام الدولية، وفي المناطق التي كانت بين القليلة التي أيدت نتنياهو في الانقلاب النظامي، قالوا إن إسرائيل قررت بالقطع في مفاوضات القاهرة بأن 50 مخطوفاً ليسوا على قيد الحياة. هذا الحدث لم يحصل قط، وهو مختلف جوهرياً عن الصورة الاستخبارية لدى إسرائيل، وينفيه المطلعون على ما جرى في القاهرة، كما أنه ليس معقولاً. إذاً، لماذا تساعد إسرائيل حماس في المفاوضات وتقول إن أحداً ما مات؟ حماس مسؤولة عن كل المخطوفين على قيد الحياة، هذا هو موقف إسرائيل.

إذن، لمصلحة من يروي للعالم عن وجود مخطوفون أقل على قيد الحياة، لتقليص حجم الصفقة وأهميتها؟ ولمصلحة من يروى بأن السنوار مضغوط لعقد صفقة قبل رمضان؟ مضغوط؟ بسبب العيد؟ لأنه لم يتمكن بعد من الطبخ وإجراء المشتريات قبل الصيام؟ إسرائيل مضغوطة بسبب رمضان خوفاً من انفجار أوسع، بما في ذلك في الحرم [المسجد الأقصى]. أما السنوار فتضغطه أمور أخرى، سرعان ما سنصل إليها. ولعل تلك الجهات المجهولة التي نشرت أنباء كاذبة عبر وسائل الإعلام عن تفاؤل شديد يسود بين المفاوضين، وأن هناك اختراقاً وأن الوضع جيد، لا لشيء إلا لتعود حماس مع جواب سلبي على اقتراح واضح أنها لن تقبله كما هو، وهكذا يمكن اتهامها بتفجير المفاوضات. من جهة، إسرائيل ستتهم حماس بأن كل شيء بسببها، ومن جهة أخرى حظر رئيس الوزراء على طاقم المفاوضات في باريس الأولى والقاهرة وفي باريس الثانية أن يجري مباحثات، بل عليه الاستماع فقط. وبعث حتى بأحد مساعديه الموالين، اوفير بالك، كي يراقب ويتأكد بأنه لا أحد من الإسرائيليين يبحث في التفاصيل.

من جهة ثالثة، تعتقد محافل مطلعة في محيط نتنياهو بأنه يفعل كل شيء كي يحبط الصفقة ويراوغ مع الرأي العام بكل الوسائل التي تحت تصرفه، وأنه حتى لو جاءت الصفقة فسيرفضها، وإذا ما سرب الأمر فسيعرض الجميع كمنهزمين ليسوا مستعدين لمحاربة حماس حتى النصر المطلق.

في السطر الأخير: الجيش الإسرائيلي عالق في غزة، والمخطوفون يذوون، والجمهور الإسرائيلي مغرق بمعلومات زائفة أو كاذبة.

———————————————

هآرتس 28/2/2024

خبراء: نحن على أعتاب كارثة بيئية في غزة تنتقل إلى إسرائيل

بقلم: نير حسون

من غير السهل حساب كمية ركام المباني الذي سيبقى في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب. كل متر مربع لشقة مدمرة يعني تقريباً 1.5 طن ركام. في القطاع تم تدمير وإصابة أو تضرر 50 في المئة على الأقل من المنازل، الأمر الذي يعني على الأقل 25 مليون طن من الركام. هذا دون حساب ملايين الأطنان الأخرى من المخلفات التي بقيت بسبب تدمير الشوارع والبنى التحتية والمباني العامة. وللمقارنة، يتم إنتاج نحو 7 ملايين طن من مخلفات البناء في السنة في إسرائيل كلها. من المهم متى وكيف ستنتهي الحرب. في السنوات والعقود القادمة، يجب على الغزيين مواجهة هذا التحدي الكبير – ماذا سيفعلون مع هذه الكمية الضخمة من أجزاء الجدران وقطع الباطون والحديد والحجارة؟

مشكلة مخلفات البناء هي إحدى المشكلات البيئية الكبيرة التي تسببت بها الحرب في غزة، لكن من غير المؤكد أنها الأكبر. في الفترة الأخيرة، يحاول الخبراء فهم التأثير البيئي للحرب في غزة، وهل سيكون بالإمكان ترميم الحياة والطبيعة في القطاع. معطيات كثيرة حتى الآن غير واضحة – كم عدد القنابل التي تم إلقاؤها؟ ما الأضرار التي لحقت بشبكة المجاري؟ ما تأثير مشروع ضخ مياه البحر إلى الأنفاق؟ وما الذي يمكن أن يتسبب به من أضرار كبيرة للمياه الجوفية؟ ولكن الكثيرين يتفقون على أن الحرب تسببت بكارثة بيئية ومناخية غير مسبوقة في هذه المنطقة للقطاع وسكانه. أول أمس، وافقت انغر اندرسون، وهي المديرة العامة للبرنامج البيئي التابع للأمم المتحدة، على طلب الحكومة الفلسطينية فحص الوضع البيئي في القطاع.

أشار الخبراء إلى عدد من المشكلات البيئية الرئيسية التي تسببت بها الحرب. الدمار الكبير للمباني، الذي أدى إلى مشاكل صعبة بسبب مخلفات البناء والتلوث الأرضي والجوي والبحري؛ والمس بالبنى التحتية لشبكة الكهرباء والمياه والمجاري؛ وتدفق مياه المجاري إلى المياه الجوفية بسبب تدمير البنى التحتية للمجاري؛ وخطر زيادة ملوحة المياه الجوفية؛ وتلوث الأرض بالمعادن والمواد الكيميائية والمواد المتفجرة؛ والإضرار الشديد بأراض زراعية واسعة، سواء بسبب قصف سلاح الجو أو بسبب شق الطرق للمركبات العسكرية في الحقول الزراعية منذ بداية العملية البرية.

“شاهدنا فترات من الدمار بسبب النزاع في غزة والمشكلات البيئية والصحية المتعلقة بالحصار. ولكنه مستوى مختلف من الدمار”، قال داغ فير للصحيفة، وهو مدير برنامج “الصراع والرقابة البيئية”، وهو معهد بريطاني يختص بالأضرار البيئية في مناطق القتال. “الضرر الكارثي للبيئة المبنية – مبان سكنية وتجارية وصناعية، أدى إلى انتشار مخلفات البناء ومواد أخرى قد تكون خطيرة. وهذا سيؤدي إلى تلوث الهواء والأرض، وتلوث المياه الجوفية عبر مياه الأمطار. جودة الهواء أيضاً تتأثر بالحرائق الكثيرة، والأراضي الزراعية تم تدميرها بسبب الحفر وحركة السيارات العسكرية”. وحسب أقواله، فأقرب مقارنة في العصر الحديث مع ما أضرار القطاع، هي التي ألحقها الروس بمدينة ماريوبول في أوكرانيا، والدمار الذي لحق بمدينة الموصل في العراق جراء المعارك ضد “داعش”. مع ذلك، المساحة الصغيرة للقطاع تضع تحديات صعبة في كل ما يتعلق بإعادة الإعمار. مثلاً، ثمة حاجة إلى مناطق واسعة لمعالجة الكمية الهائلة من مخلفات البناء. وهناك مشكلة أخرى معروفة من حروب سابقة، وهي العثور على عدد من القنابل التي لم تنفجر بين وداخل المباني شبه المدمرة، والتعامل غير الحذر معها قد يؤدي إلى عدد آخر من القتلى. أكد فير وغيره من الخبراء، أن المباني المدمرة لا تحتوي فقط على الباطون والحجارة، بل أيضاً على مواد خطيرة كثيرة مثل الإسبست، المعروف كمادة مسرطنة، والزجاج الصخري الذي يؤدي إلى أمراض الجهاز التنفسي.

الدكتورة غاليا ليمور – سغيف، من الكلية الأكاديمية للهندسة باسم سامي شمعون، والتي تبحث في الأزمات البيئية، أشارت إلى مشكلات أخرى يتوقع أن تتسبب بها الحرب. وقالت: “البنى التحتية لشبكة المياه والمجاري تضررت، ومياه المجاري ستتدفق في الشوارع. الأنقاض تحتوي على مواد تحللها سيلوث الهواء والتربة، إضافة إلى الركام الذي يستخدم كملجأ للحشرات التي ستبدأ بالتكاثر. منظومة جمع القمامة انهارت، وتأثير ذلك هو العيش قرب أكوام القمامة. ماذا يعني العيش في هذا المكان؟ هل يمكن أن تبني بيتاً في مثل هذا المكان؟ رياض أطفال؟ الزراعة داخل كل هذا التلوث مع تربة مليئة بالسموم؟ ربما يمكن مقارنة ذلك بالمدن التي تم قصفها في أوكرانيا أو بالزلازل، حيث دمرت بلدات بالكامل”.

حسب أقوال الدكتورة ليمور – سغيف، فإن الوجود العسكري معروف كعامل تلوث بشكل خاص، بسبب استخدام الوقود والمواد الكيميائية. “هذه ملوثات تحتاج إلى أجيال لتنقيتها. الدمار ليس لمخلفات البناء فقط التي هي بحد ذاتها قد تكون عامل تلويث، بل بنى تحتية من كل الأنواع مثل الشوارع وأنابيب المياه وأعمدة الكهرباء والمنشآت والسيارات وخزانات الصفيح وما شابه. ويجب الحديث أيضاً عن تدمير المشهد الطبيعي، والمواقع التراثية، والشوارع، والمباني العامة والمباني الدينية، وكل ما يتعلق بمنازل الأشخاص والمجتمع، وبالطبع حظائر الحيوانات والنباتات التي لا يمكن ترميمها بنجاح دائماً”. إضافة إلى ذلك، ذكرت الدكتورة بأن من لم يشعر بالرحمة تجاه سكان غزة فعليه القلق من الوضع البيئي هناك. “البيئة لا تعترف بالحدود مع غزة، والملوثات تنزلق، ووادي حنون في شمال القطاع، وفي منطقة بيت لاهيا، يجري من القطاع نحو إسرائيل وينقل معه كل أنواع النفايات والملوثات. وتلوث مياه البحر سينزل بسهولة كما حدث قبل بضع سنوات عندما تعطلت إحدى محطات التحلية في “أشكلون” [عسقلان] بسبب تلوث مياه البحر نتيجة تدفق مياه المجاري من قطاع غزة”.

معهد العربة، وهو معهد بحث ودراسات بيئية، يضم طلاباً إسرائيليين وفلسطينيين ودوليين، هو أحد المؤسسات الإسرائيلية الوحيدة التي حافظت على علاقة مع غزة حتى في فترة الحرب. هذا المعهد يعمل منذ سنوات مع منظمات في غزة ويساعد في مجال البيئة والطاقة. “نلتقي عبر الزوم. في البداية، معظم المحادثات كانت حول الوضع وكيف يتدبرون أمورهم. بعد ذلك، بدأنا شيئاً فشيئاً في التفكير معاً باليوم التالي”، قال الدكتور طارق أبو حامد، وهو مدير المعهد وأحد سكان شرقي القدس. ويبدو أنه هو من القلائل الذين يتجرأون على التفكير باليوم التالي.

“على المدى القصير، يجب الاهتمام بالمياه والكهرباء ومعالجة مياه المجاري. على الجميع استخدام تكنولوجيا منفصلة عن الشبكة؛ لأن البنى التحتية ستستغرق سنوات لترميمها”، قال. التكنولوجيا موجودة. مشكلة المياه الفورية يمكن حلها بواسطة الشبكة الإسرائيلية “ووتر جيم”، التي طورت تكنولوجيا “لاستخلاص” المياه من الرطوبة في الهواء. “هناك منشآت تنتج 5 آلاف لتر يومياً، وهذا قد يحل مشكلة مياه الشرب لخمسة آلاف شخص”، قال أبو حامد. “بخصوص الكهرباء، من الواضح أننا سنحتاج إلى الاعتماد على الطاقة الشمسية. لدينا أشخاص يمكنهم فعل ذلك”.

أبو حامد قصد أنه حتى اندلاع الحرب، كانت غزة إمبراطورية الطاقة الشمسية. حسب التقدير، فإن 25 في المئة من كهرباء القطاع كانت من الشمس، مقارنة مع 10 في المئة في إسرائيل. تعود سكان القطاع على الاعتماد على الألواح الشمسية التي كانت موثوقة أكثر من شبكة الكهرباء المتعثرة حتى قبل عمليات القصف الإسرائيلية. عشية الحرب، تم استكمال حقل الطاقة الشمسية الأكبر في القطاع في خان يونس، الذي كان ينتج 3 ميغاواط من الكهرباء، وتوفير احتياجات جميع المستشفيات في جنوب القطاع.

حسب أبو حامد، تم تدمير هذا الحقل بالكامل في عمليات القصف. وفي السنوات القادمة، سيضطر الغزيون إلى الاعتماد أكثر على الطاقة الشمسية. وستكون حاجة لإقامة مصانع لتدوير مواد البناء ولعلاج مخلفات البناء في القطاع. توجه طاقم معهد “العربة” إلى خبراء أتراك لفحص ما تم فعله هناك مع مخلفات البناء التي انهارت بسبب الزلازل في تركيا.

هناك حل محلي لتكرير مياه المجاري بواسطة منظومة “لغونا”، التي ترتكز على تحليل بيولوجي للملوثات الموجودة في مياه المجاري. ولكن مثل منظومات المياه والمجاري، فإن إقامة المنظومة يرتبط أولاً وقبل كل شيء بوقف القتال وإدخال المعدات إلى القطاع. “الأمر المقلق ليس التكنولوجيا، بل الجيل الجديد في غزة”، قال أبو حامد. “كيف سيتم إقناعه بإجراء حوار مع الجيران. على الصعيد التقني، يجب بناء كل شيء من جديد. نتحدث مع الشركاء حول تخطيط عصري قابل للحياة، لكن هناك صدمة في الطرف الثاني، ليس من ناحية ما حدث للغزيين فحسب، بل من ناحية استعداد الجيل القادم للتحدث مع الإسرائيليين. في هذا الوضع، تضاعف حماس قوتها – حتى الذين يكرهون حماس هم الآن يكرهون إسرائيل أكثر. محظور نسيان ذلك. وصلنا إلى 7 تشرين الأول بسبب القطيعة بين إسرائيل والغزيين. على إسرائيل الاستثمار في العلاقات معهم”.

———————————————

إلى مفتي الديار المصرية: أتذكر ما فعلتم في رمضان؟

 رمضان يقترب، وإسرائيل تتلقى تحذيرات من الداخل والخارج، كي توقف النار، خصوصاً في رفح. وأعجب لماذا. فقبل وقت قصير، اجتاح مخربو حماس بلدات في غلاف غزة، قتلوا، وذبحوا، واغتصبوا، واختطفوا مئات عديدة من المواطنين، وهو اجتياح فتح دائرة دموية ما زلنا في ذروتها. ولمن نسي، كان هذا في سبت فرحة التوراة، وإن لم يكن هذا يوماً مقدساً للمسلمين، فهو يوم عيد لليهود.

قبل نحو خمسين سنة، من 7 أكتوبر اللعين، اجتاحت جيوش مصر وسوريا إسرائيل، وفتحت حرب 1973. كان هذا في ذروة يوم الغفران، اليوم الأكثر قدسية في الرزنامة اليهودية. وكدنا ننسى – كان أيضاً في ذروة شهر رمضان. وبينما تسمى حرب 1973 عندنا حرب يوم الغفران، فإنها تسمى عند العرب “حرب رمضان”. ليست قدسية يوم الغفران ولا قدسية رمضان منعتا مصر، التي تقود الحملة لوقف القتال في شهر رمضان، من مهاجمة إسرائيل.

الفريضة الأساس في رمضان هي فريضة الصيام الذي يحل على كل مسلم راشد، تذكير بأن النبي محمد تلقى القرآن من الملاك جبريل في هذا الشهر، وفي تلك الأيام لم يأكل ولم يشرب من شروق الشمس حتى غروبها. وها هو في بث التقطته شعبة الاستخبارات في 4 أكتوبر 1973، عندما لم تفسر المؤشرات الأولى كما ينبغي، تلقى جنود الجيش المصري والسوري الأوامر لكسر الصيام. بالمناسبة، صدر أمر مشابه في الحرب العالمية الأولى.

وليست هذه حالة وحيدة؛ ففي كل سنة مع حلول شهر رمضان، يدعى المسلمون للحج إلى المسجد الأقصى كي يقاتلوا ضد “المحاولات الصهيونية للسيطرة على المسجد المقدس للإسلام”، بينما يأمر الزعماء الفلسطينيون الجمهور الفلسطيني أن “يحمي” الأماكن المقدسة، “ولا يهم حجم التضحيات”. وبالفعل، تتحول ساحة الحرم إلى ميدان معركة، حين يتزود الشبان الفلسطينيون بالحجارة والزجاجات الحارقة والقضبان الحديدية، ويتمترسون في المسجد ويرشقونها نحو الشرطة واليهود.

مع حلول شهر رمضان، وبخاصة مع حلول يوم الصيام العاشر من رمضان، يوم نشوب حرب يوم الغفران، يدعو رجال دين كبار بأن رمضان شهر الجهاد الذي تحققت فيه “الانتصارات الأكبر في التاريخ الإسلامي”.

طبيعة ما يبثه المفتي المصري، شوقي علام، في أثناء رمضان إذ يقول إنه “شهر عظيم، شهر جهاد. يشهد التاريخ على أنه شهر معارك وانتصارات للمسلمين. هذا شرف عظيم آخر لهذا الشهر الكريم، إضافة إلى شرف نزول القرآن فيه وبداية الدعوة الإلهية للنبي محمد. تحققت فيه انتصارات وفتوحات ومعارك كثيرة كانت حاسمة للدين وللأمة. منها: معركة بدر في 17 رمضان من السنة الثانية لهجرة النبي محمد؛ في 20 رمضان من السنة الثامنة للهجرة تحقق فتح مكة؛ وفي العصر الحديث أي 10 رمضان، انتصرت قواتنا في حرب في 1973… وحطم الجيش المصري العظيم أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يهزم، وأضاف بهذا النصر شرفاً عظيماً لهذه الأمة”. إذن، عندما نحذر من المس بقدسية رمضان ونُدعى إلى وقف النار، فخيراً نفعل إذا ما ذكّرنا العالم الإسلامي كيف تصرف في هذا الشهر.

———————————————

هآرتس 28/2/2024

مطلوب قرار حاسم بن غوريوني

 بقلم: اوري بار يوسف

تاريخ دولة إسرائيل مليء بالحالات التي كان مطلوبا فيها من القادة الاختيار بين التنازلات التي أضرت بقدرة الدولة على الدفاع عن نفسها، والترتيبات التي هدفت الى تقليص دافعية العرب لشن الحرب ضدنا. حتى العام 1967 التنازلات المطلوبة لإنهاء النزاع -الانسحاب إلى حدود التقسيم وإعادة اللاجئين العرب- كانت ضارة حقا بصورة وأمن الدولة. إسرائيل لم يكن بإمكانها قبولها. احتلال المناطق في حرب الأيام الستة منح إسرائيل ذخرا كبيرا، وكان يمكن مبادلتها باتفاقات سلام مع الدول العربية. خلال بضع سنوات، هذا الخيار تحول إلى خيار واقعي.

في الفترة الأخيرة، على خلفية الحرب التي أعادت القضية الفلسطينية إلى مركز المنصة، أخذت تتبلور خطة جديدة للولايات المتحدة، في مركزها لا يقف فقط وقف إطلاق النار وإعادة المخطوفين وإنهاء الحرب والتوصل إلى تسوية تمكن من إعادة السكان إلى بلدات الغلاف وإلى الحدود الشمالية، بل تشمل أيضا التوقيع على اتفاقات سلام مع دول عربية، على رأسها السعودية، وبلورة محور عربي-إسرائيلي برعاية أميركية أمام تهديد توسع إيران وحلفائها. هذه العملية هي الأكثر أهمية لأمن إسرائيل منذ التوقيع على اتفاق السلام مع مصر في 1979، وحجر الزاوية الأساسي لهذه العملية هو رفض بنيامين نتنياهو إظهار أي استعداد للتقدم نحو حل الدولتين.

من هنا، نريد العودة إلى القرارات المصيرية السابقة. في 1937، وافق دافيد بن غوريون على التنازل عن حلم أرض إسرائيل الكاملة، وأقنع أصدقاءه رغم معارضة اليمين واليسار الشديدة بالموافقة على خطة بيل، التي عرضت دولة يهودية على مساحة 20 % من البلاد، وذلك من أجل إنقاذ يهود أوروبا من كارثة على وشك الوقوع. في 1948، كان بن غوريون هو المسؤول عن اتخاذ قرار تاريخي، الإعلان عن إقامة الدولة، رغم الضغط الأميركي للانتظار، وتهديد غزو العرب، وأصدقائه في القيادة الذين قفزوا على هذين الأمرين. في 1978، قرر مناحيم بيغن التنازل عن كل شبه جزيرة سيناء والموافقة على خطة الحكم الذاتي في الضفة الغربية وقطاع غزة -التنازل المناقض لرؤيته، لكنه عزز أمن الدولة.

دولة إسرائيل آخذة في الاقتراب من وضع فيه سيكون مطلوبا اتخاذ قرار مصيري مشابه، قرار بن غوريوني. من جهة، إنهاء النزاع وتعزيز التحالف مع الأميركيين وإعطاء شرعية جديدة لإسرائيل في الرأي العام الدولي وإنهاء الاحتلال الذي يعد عبئا أمنيا من الدرجة الأولى. من جهة أخرى، استمرار الاحتلال بطابع الابرتهايد وزيادة قوة النزاع الذي أصبح ثمنه واضحا في الأشهر الأخيرة.

———————————————

توماس فريدمان: إسرائيل تخسر على 3 جبهات في وقت واحد

وفي تقرير له في صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، قال فريدمان إنّ “إسرائيل” تخسر السرد العالمي بأنها تخوض “حرباً عادلة”. وكذلك أشار إلى أنّها “ليس لديها خطة للخروج من غزة، لذلك ستغرق في نهاية المطاف في الرمال هناك مع احتلال دائم من شأنه بالتأكيد تعقيد العلاقات مع جميع حلفائها العرب وأصدقائها في جميع أنحاء العالم”.

أما الخسارة الثالثة فهي إقليمية أمام إيران وأقطاب محور المقاومة في لبنان وسوريا والعراق واليمن، الذين يضغطون على “إسرائيل” من الشمال والجنوب والشرق.

وبحسب الكاتب الأميركي فإنّ هناك حلاً واحداً من شأنه أن يساعد على الجبهات الثلاث، وهو “حكومة إسرائيلية مستعدة لبدء عملية بناء دولتين. فمن شأن هذا الأمر أنّ يعزز علاقات إسرائيل مع حلفائها العرب”.

وبفشلها في رؤية ذلك، فإنّ “إسرائيل تعرض للخطر عقوداً من الدبلوماسية لجعل العالم يعترف بحق الشعب اليهودي في تقرير مصيره”، بحسب فريدمان.

فريدمان وفي رسالة إلى الرئيس الأميركي والإسرائيليين قال إنّه يرى التآكل السريع المتزايد لمكانة “إسرائيل” بين “الدول الصديقة” – وهو مستوى من القبول والشرعية تم بناؤه بشق الأنفس على مدى عقود.

وتابع أنّه “إذا لم يكن بايدن حذراً، فإن مكانة أميركا العالمية سوف تتراجع تماماً مع مكانة إسرائيل”.

وأضاف قائلاً: “لا أعتقد أن الإسرائيليين أو إدارة بايدن يقدّرون تماماً الغضب الذي يتصاعد في جميع أنحاء العالم، والذي تغذيه وسائل التواصل الاجتماعي واللقطات التلفزيونية، بسبب مقتل آلاف المدنيين الفلسطينيين، وخاصة الأطفال، بالأسلحة التي توردها الولايات المتحدة”.

وأشار إلى أنّ دعوات منع “إسرائيل” من المشاركة في المسابقات أو الأحداث الأكاديمية والفنية والرياضية الدولية تتصاعد يومياً، كما لفت إلى أنّ حلفاء “إسرائيل” يصلّون من أجل وقف إطلاق النار حتى لا يضطروا إلى أن يسألهم مواطنوهم أو ناخبوهم وخاصة الشباب منهم عن الأسباب الكامنة وراء عدم مبالاتهم بهذا العدد الكبير من الضحايا.

فريدمان وفي ختام تقريره، أعرب عن تعاطفه مع المعضلة الاستراتيجية التي واجهتها “إسرائيل” في السابع من أكتوبر، مشيراً في المقابل إلى أنّه “مع تزايد أعداد الضحايا الفلسطينيين بدأت تبدو العملية وكأنها مفرمة لحم بشرية هدفها الوحيد هو تقليل عدد السكان حتى تتمكن إسرائيل من السيطرة على القطاع بسهولة أكبر”.

———————————————

القناة “12” – 18/2/2024

كابينيت الحرب الإسرائيلي يسحب الصلاحيات التي تخص القرارات في المسجد الأقصى من بن غفير ..

أفادت القناة “12” العبرية يوم الأربعاء بأن مجلس الحرب الإسرائيلي سحب الصلاحيات التي تخص القرارات في المسجد الأقصى من وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير.

وذكرت القناة “12” أنه لا تقييدات على دخول عرب 48 والقدس إلى المسجد الأقصى في رمضان. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد وافق على قرار وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي يقيد دخول فلسطينيي الداخل والقدس إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان.

وقالت القناة “13” العبرية حينها: “خلال المحادثات التي جرت في الأيام الأخيرة بشأن إمكانية الحد من دخول المسلمين إلى الحرم القدسي في رمضان، أرسل الشاباك تحذيرا حادا إلى المستوى السياسي إذا تقرر الحد من دخول فلسطيني الداخل (عرب 48) الذين يحملون بطاقات هوية زرقاء، فإن ذلك قد يؤدي إلى اضطرابات كبيرة”.

وأشارت القناة إلى أنه في المناقشات الأمنية تم لفت الانتباه إلى أنه “إذا تم منع العرب الإسرائيليين الذين يحملون بطاقات هوية زرقاء من دخول المسجد الأقصى في شهر رمضان، فإن ذلك قد يؤدي إلى انفجار عرب القدس الشرقية وعرب إسرائيل الأمر الذي سيكون أكثر أهمية مما سيحدث في الضفة الغربية”.

ويوم الجمعة الماضي، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن السياسة الأمنية الإسرائيلية لشهر رمضان وتحديدا السماح بدخول المصلين إلى القدس، يشكل معضلة ومصدر خلاف في حكومة بنيامين نتنياهو.

وأوضحت القناة 12، أن الشاباك وجيش الدفاع الإسرائيلي لا يمانعون في دخول الفلسطينيين (من الضفة الغربية) من سن 45 فما فوق، إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، فيما تقول الشرطة، إن المسموح لهم يجب أن يكونوا من سن 60 سنة فما فوق، والوزير بن غفير يطالب بمنع جميع المسلمين.

أما بخصوص دخول فلسطينيي الداخل (48) والقدس إلى الحرم القدسي، فالشاباك لا يضع أي قيود أو حدود، والشرطة تحدد الأشخاص المسموح لهم بالدخول من سن 45 سنة فما فوق، والوزير بن غفير يحددهم من عمر 70 عام فما فوق.

———————————————

حسابات نتنياهو السياسية ومستقبل حكومة الطوارئ في إسرائيل

تبنى نتنياهو في الأسابيع الأخيرة مواقف أكثر تشددًا في المفاوضات غير المباشرة، التي تجريها إسرائيل مع حركة حماس فيما يخص صفقة تبادل الأسرى؛ فهو يرفض تقديم أي تنازل يُفهم منه أن حماس فرضت إرادتها على إسرائيل، خصوصًا مطلب وقف الحرب.

المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات

بعد مرور أكثر من 140 يومًا على حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، لا تزال الحكومة والمعارضة السياسية والمؤسسة العسكرية والرأي العام في إسرائيل، تدعم كلها استمرار هذه الحرب حتى تحقيق أهدافها المعلنة؛ وهي القضاء على حكم حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وعلى قوتها العسكرية في قطاع غزة، واستعادة المحتجزين الإسرائيليين. لكن التباين أخذ يتسع في الأسابيع الأخيرة بين معسكر رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، اليميني المتطرف من ناحية، والمعسكر المناوئ له من ناحية أخرى، بشأن المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس، الذين يبلغ عددهم 136 محتجزًا، بمن فيهم 34 محتجزًا أعلن الجيش الإسرائيلي أنهم باتوا في عداد الموتى. ويعطي المعسكر المناوئ لنتنياهو عقد صفقة لتبادل الأسرى مع حماس أولوية، ويدعو إلى التوصل إليها قبل فوات الأوان، وذلك خلافًا لموقف نتنياهو ومعسكره الذي يُخضع مسألة المحتجزين لتحقيق هدف الحرب الرئيس المتمثّل في القضاء على حماس ومنعها من العودة إلى إدارة القطاع.

مزيد من التطرف

في سياق سعي نتنياهو لتحسين صورته، وتعزيز شعبية حزبه ومعسكره في المجتمع الإسرائيلي، والتي تضررت كثيرًا بعد عملية “طوفان الأقصى”، أخذ يطلق مواقف أكثر تطرفًا فيما يتعلق بأهداف الحرب في غزة، ومجمل القضية الفلسطينية. وفي هذا السياق، صار يتحدث عن تحقيق الانتصار المطلق هدفًا أساسيًّا للحرب، وهو ما يستدعي استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة شهورًا طويلة، وربما سنوات. وبعد مرور أكثر من أربعة أشهر، طرح نتنياهو تصوره لليوم التالي للحرب في وثيقة مقتضبة، أكدت مواقفه السابقة، وشددت على التمسك باستمرار السيطرة الأمنية على قطاع غزة تمامًا كما هي الحال في الضفة الغربية المحتلة، وعلى إقامة جدار أمني فوق الأرض، ويمتد داخل الأرض على الحدود بين القطاع ومصر، ورفض السماح بعودة السلطة الفلسطينية مهما كانت طبيعتها إلى القطاع، وتكريس الانقسام بين القطاع والضفة الغربية، وإنهاء نشاط وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى “الأونروا” في قطاع غزة، ومنع قيام دولة فلسطينية[1]. ويقاوم نتنياهو كل الضغوط الأميركية التي تدفع في اتجاه وضع مقاربة واقعية للتعامل مع كل هذه القضايا، ويقاوم أيضًا الضغوط، التي يقودها من داخل حكومته، شريكه في حكومة الطوارئ، أي “المعسكر الرسمي” بقيادة بيني غانتس.

ويستند نتنياهو، في سعيه لفرض أجندته ومواقفه السياسية، إلى عناصر قوة عديدة، أبرزها الصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها منصب رئيس الحكومة في النظام السياسي الإسرائيلي، وإلى انزياح المجتمع الإسرائيلي، لا سيما في أثناء هذه الحرب، إلى قيم اليمين، واليمين المتطرف والفاشي، ومواقفهما، وإلى الإجماع الإسرائيلي المستمر في تأييده للحرب والرغبة في الانتقام، وجعل الفلسطينيين يدفعون ثمن القيام بعملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023. ويستند نتنياهو أيضًا في تمسكه بمواقفه إلى استمرار تماسك معسكره خلفه، ودعم الولايات المتحدة الأميركية لاستمرار الحرب حتى تحقيق أهدافها، وإلى ضعف المواقف العربية وعدم استخدامها عناصر القوة التي تملكها للعمل على وقف الحرب.

مفاوضات تبادل الأسرى

تبنى نتنياهو في الأسابيع الأخيرة مواقف أكثر تشددًا في المفاوضات غير المباشرة، التي تجريها إسرائيل مع حركة حماس فيما يخص صفقة تبادل الأسرى؛ فهو يرفض تقديم أي تنازل يُفهم منه أن حماس فرضت إرادتها على إسرائيل، خصوصًا مطلب وقف الحرب. ويخشى أن يؤدي وقف القتال، وفق مراحل الصفقة المقترحة لفترة زمنية متواصلة تمتد عدة شهور، إلى خلق أوضاع إسرائيلية داخلية وأخرى دولية، بحيث تجعل استئناف القتال صعبًا، خاصة إذا ما عارضت الإدارة الأميركية ذلك. ويتخوف كذلك من انهيار ائتلافه الحكومي، إذا جرى التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى بخروج أحد الحزبين الفاشيين أو كليهما؛ القوة اليهودية بقيادة إيتمار بن غفير، والصهيونية الدينية بقيادة بتسلئيل سموتريتش.

ويقاوم نتنياهو الضغوط التي يمارسها الرئيس الأميركي، جو بايدن، لإبداء مرونة للتوصل إلى اتفاق يسمح بإطلاق سراح المحتجزين، بمن فيهم الأميركيون، والجهود التي يبذلها مساعدو الرئيس بايدن بهذا الخصوص بمن فيهم وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، ورئيس وكالة المخابرات المركزية “سي آي إيه”، بيل بيرنز. وقد تراجع نتنياهو عن اتفاق الإطار الذي جرى التوصل إليه في باريس في وقت مبكر من شباط/ فبراير 2024 لتبادل الأسرى[2]، ورفض مقترح الإطار لتبادل الأسرى الذي قدمه قادة المؤسسة العسكرية ورئيس المخابرات العامة “الشاباك” ورئيس الموساد[3]، كما منع وفدًا أمنيًا إسرائيليًا من السفر إلى القاهرة لمواصلة التفاوض حول النقاط الخلافية مع حركة حماس بشأن اتفاق إطار باريس[4]، وقلّص من صلاحيات وفد المفاوضات لتبادل الأسرى الذي أرسله إلى القاهرة، المؤلف من رئيسَي الشاباك والموساد، وسمح له بالاستماع فقط للمقترحات من دون الرد عليها[5].

وقد انفرد نتنياهو باتخاذ القرارات المتعلقة بمفاوضات الأسرى، ولم يتشاور في شأنها مع قادة حزب المعسكر الرسمي؛ وهو ما عُدّ خرقًا لاتفاق إقامة حكومة الطوارئ، ولم يستشر كذلك وزير الأمن، يوآف غالانت، ولا قادة المؤسستين العسكرية والأمنية.

غموض موقف المؤسسة العسكرية

يرفض نتنياهو اقتراح إطار المفاوضات الذي قدمته المؤسستان العسكرية والأمنية اللتان تؤيدان عقد صفقة لتبادل الأسرى، حتى إن كان الثمن هو وقف إطلاق النار لبضعة شهور؛ انطلاقًا من أن عدم التوصل إلى صفقة يزيد من تفاقم الشروخ في المجتمع الإسرائيلي. لكن قدرة هاتين المؤسستين على ممارسة الضغط في هذا الاتجاه تبدو محدودة؛ وذلك لخضوعهما للمستوى السياسي في عملية صنع القرارات التي تخص الأمن القومي. وعلى الرغم من أنهما مارستا تأثيرًا أكبر في الماضي على القيادة السياسية لحثها على قبول موقف معين في قضايا أمنية، بحكم الاختصاص، فإنهما لا تمارسان ضغطًا كافيًا على الحكومة لقبول صفقة تبادل الأسرى التي تشمل وقف إطلاق النار لبضعة شهور؛ لأن ذلك قد يفتح الباب على مصراعيه لإجراء تحقيقات متعددة بما في ذلك تشكيل لجنة تحقيق رسمية في الفشل الذي جرى في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وأيضًا لأن وقف إطلاق النار قد يقود تدريجيًا إلى استقالة معظم، إن لم يكن جميع، قادة المؤسستين العسكرية والأمنية، كما التزموا في حينه بتحمّل مسؤولية التقصير، والتزم بعضهم علنًا بالاستقالة عند انتهاء الحرب. وهذا يعني أن ثمة مصلحة مشتركة لقادة المؤسستين ورئيس الحكومة في إطالة أمد الحرب، لتحقيق أهداف الحرب وأقصى ما يمكن من إنجازات لعرضها أمام لجان التحقيق المختلفة، وكذلك للابتعاد أطول فترة ممكنة عن 7 تشرين الأول/ أكتوبر، من أجل تخفيف وطأة الفشل والتقصير.

العلاقة مع غانتس ومستقبل حكومة الطوارئ

شهد الأسبوعان الأخيران من شباط/ فبراير 2024 ارتفاع مستوى التوتر في العلاقة بين نتنياهو وشركائه في الحكم من قادة المعسكر الرسمي، بيني غانتس وغادي آيزنكوت. ويعود ذلك، على ما يبدو، إلى رغبة نتنياهو في دفع حزب المعسكر الرسمي للخروج من حكومة الطوارئ التي شُكّلت عقب عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/ أكتوبر. فبعد ثلاثة شهور على تشكيلها، بدأ نتنياهو بخرق الاتفاق الذي تأسست وفقه الحكومة، حينما أخذ يتفرد بعملية صنع القرار في ملف تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس. ويبدو أنه بات يعتقد أنه لم يعد في حاجة إلى هذه الحكومة ولا إلى المعسكر الرسمي لمنحه شرعية الاستمرار في الحرب على غزة، الذي يحظى بدعم غالبية ساحقة من اليهود الإسرائيليين، علاوة على أنه يريد التحلل من القيود التي يفرضها بقاء المعارضة في حكومته، ليكون له مطلق الحرية في تقرير وضع غزة في مرحلة ما بعد الحرب؛ وذلك لتعارض رؤيته مع رؤية كل من غانتس وايزنكوت الأقرب إلى الموقف الأميركي. ولنتنياهو حساباته الداخلية أيضًا بهذا الخصوص؛ إذ يرى أن بقاء المعسكر الرسمي في الائتلاف الحكومي يخدم سياسيًا وشعبيًا غانتس؛ غريمه ومنافسه الأساسي في انتخابات الكنيست المقبلة.

أخيرًا، يبدو أن نتنياهو يتجه إلى إقناع القيادي السابق في حزب الليكود، جدعون ساعر، وحزبه “أمل جديد” (تكفاه حدشاه) الذي خاض انتخابات الكنيست الأخيرة في إطار تحالف المعسكر الرسمي، وله أربعة مقاعد في الكنيست الحالية، وهو لا يقل يمينية وتطرفًا عن نتنياهو، بالبقاء في الائتلاف الحكومي بعد خروج المعسكر الرسمي، ليستند حينئذ الائتلاف إلى 68 عضوَ برلمان ويغدو في وضع أفضل داخل الكنيست مما كان عليه الحال قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر[6].

ويدرك قائدا حزب المعسكر الرسمي، غانتس وآيزنكوت، رغبة نتنياهو في دفعهما إلى الخروج من الائتلاف الحكومي وإنهاء حكومة الطوارئ[7]، وهما يقاومان ذلك في هذه المرحلة التي تستدعي منهما البقاء في الحكومة والمشاركة في اتخاذ القرارات لجني مكاسب سياسية. فالحرب على قطاع غزة لم تنته بعد، ولا تزال معركة خان يونس مستمرة، وتتجه حكومة الحرب إلى إطلاق معركة رفح التي يؤيدها غانتس ويدعو فيها إلى احتلال محور فيلادلفيا على الحدود مع مصر وبناء جدار أمني متين. وإذا لم يبادر نتنياهو نفسه إلى إقالة قادة المعسكر الرسمي، فإنه من المرجّح أن يبقوا في الحكومة، إلى أن يصبح وجودهم فيها غير مجدٍ سياسيًّا، وعندما يحصل ذلك (الخروج من الحكومة) سوف يجري على الأرجح بالتنسيق مع إدارة بايدن.

عقدة رفح

يسود شبه إجماع في إسرائيل على ضرورة استكمال العملية العسكرية في قطاع غزة، باحتلال رفح بعد الانتهاء من معركة خان يونس، والسيطرة على بعض المخيمات والبلدات الواقعة في المنطقة الوسطى من القطاع، مثل مخيم النصيرات ودير البلح. ولكن عقبات عديدة تواجه العملية العسكرية المزمعة في رفح التي يعيش فيها نحو 1.5 مليون فلسطيني، منهم نحو 1.2 مليون من المهجّرين من شمال ووسط القطاع ومن خان يونس. وقد يؤدي أي هجوم للجيش الإسرائيلي على رفح إلى إبادة واسعة النطاق للفلسطينيين في هذه الحرب التي راح ضحيتها حتى الآن نحو 30 ألف شهيد و7 آلاف مفقود و70 ألف جريح. وقد يؤدي هذا الهجوم أيضًا إلى تهجير واسع للفلسطينيين نحو سيناء، ويقود كذلك إلى قتل العدد الأكبر من المحتجزين الإسرائيليين، الذين تعتقد إسرائيل أن قسمًا كبيرًا منهم محتجز في رفح. بناء عليه، تسترعي أي عملية عسكرية في رفح اهتمامًا دوليًّا وإقليميًّا كبيرًا، خصوصًا من الجانبين المصري والأميركي.

لا تعارض الإدارة الأميركية قيام إسرائيل بعملية عسكرية لاحتلال رفح، ولكنها تشترط وجود خطة واضحة ومقنعة تضمن إخلاء أكثر من مليون فلسطيني من رفح إلى أماكن أخرى في قطاع غزة. واقترحت إسرائيل، التي تمنع المهجرين إلى رفح من العودة إلى ديارهم في شمال القطاع ووسطه قبل التوصل إلى صفقة تبادل الأسرى على الأقل، نقلَ أكثر من مليون فلسطيني من رفح إلى منطقة المواصي التي تقع على شاطئ البحر جنوب قطاع غزة إلى الغرب من خان يونس. بيد أن هذه المنطقة صغيرة، لا يمكنها استيعاب مئات آلاف من المهجرين. لذلك تعترض الإدارة الأميركية على هذه الخطة التي قدمتها إسرائيل إلى اللجنة الأميركية – الإسرائيلية المشتركة التي تجتمع يوميًا في تل أبيب لمناقشة الوضع في غزة، ولا تبدو متحمسة أيضًا للخطة التي شرحها قادة في الجيش الإسرائيلي للإدارة الأميركية في واشنطن[8]؛ ما يعني أن الخلافات بشأن عملية عسكرية إسرائيلية في رفح لم تحسم بعد، وقد تؤجّل شهورًا عديدة، إذا ما جرى التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى في الأسابيع القليلة المقبلة.

خاتمة

بعد أكثر من أربعة شهور على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، يجد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، نفسه في وضع يمكّنه من الاستغناء عن حكومة الطوارئ والتفرد بالسيطرة على عملية صنع القرارات المتعلقة باستراتيجية الحرب على غزة وعلى رسم سياسات إسرائيل عمومًا. وفي سياق سعيه للحفاظ على حكمه، يتجه إلى اتخاذ مواقف أكثر انسجامًا مع مواقف اليمين المتطرف واليمين الفاشي في معسكره. وهو يستند في ذلك ليس فقط إلى انزياح المجتمع الإسرائيلي في قيمه ومواقفه نحو اليمين واليمين المتطرف، وإنما أيضًا إلى ثقته بأن الإدارة الأميركية لن تتخذ مع انطلاق موسم الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة أي إجراءات للحدّ من توجهاته العدوانية والمتطرفة، كما يستند إلى مواقف الدول العربية التي لم يتخذ أكثرها أي إجراء جدي ضد إسرائيل، بل استمرت في علاقاتها العلنية والسرية معها، كأنها لا تشن حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

 

[1] يهونتان ليس، “نتنياهو طرح خطته لليوم التالي في قطاع غزة: نزع سلاح القطاع وتغيير الأونروا”، هآرتس، 23/2/2024، شوهد في 28/2/2024، في: http://tinyurl.com/45w7s9t7 (بالعبرية)

[2] عاموس هارئيل، “الانجازات التكتيكية في القطاع مثيرة، ولكنها بدون هدف سياسي تبقى رمزية”، هآرتس، 16/2/2024، شوهد في 28/2/2024، في: http://tinyurl.com/yck5rsmu (بالعبرية)

[3] بن كسبيت، “انتصار مطلق: بالتأكيد”، معاريف، 16/2/2024 (الطبعة الورقية). (بالعبرية)

[4] يهونتان ليس، “نتنياهو ألغى سفر الوفد للقاهرة، عائلات المحتجزين: يضحون بأعزائنا”، هآرتس، 14/2/2024، شوهد في 28/2/2024، في: http://tinyurl.com/ytswp3nn

[5] أهرون بارنياع، “بيبي لا لا”، يديعوت أحرونوت، ملحق السبت، 16/2/2024، الطبعة الورقية. (بالعبرية)

[6] بن كسبيت.

[7] ميخائيل هاوزر طوف، “في المعسكر الرسمي يعرفون رغبة نتنياهو المتزايدة لدفعهم للخروج من الحكومة حول مسألة المخطوفين”، هآرتس، 16/2/2024، شوهد في 28/2/2024، في: http://tinyurl.com/uyun579v

[8] عاموس هارئيل، “بالر غم من التصريحات لا الحكومة ولا الجيش متحمسون لعملية في رفح”، هآرتس، 18/2/2024، شوهد في 28/2/2024، في: http://tinyurl.com/5bhrnhbx

———————————————

“تورط واشنطن في إبادة غزة” السبب وراء حرق الجندي الأمريكي لنفسه

نشرت صحيفة “نيويورك بوست” اليميينة المملوكة لروبرت ميردوك، تقريرا بعنوان “الطيار الأمريكي آرون بوشنل ادعى أنه حصل على معلومات سرية عن القوات الأمريكية التي تقاتل في أنفاق غزة ليلاً قبل أن يشعل النار في نفسه”.

وقالت إن آرون بوشنل ادعى أن لديه معلومات سرية عن القوات الأمريكية التي تقاتل في أنفاق حماس تحت غزة – قبل ساعات فقط من إشعال النار في نفسه في “عمل احتجاجي شديد” ضد إسرائيل، حسبما قال صديق مقرب لصحيفة “واشنطن بوست”.

قال الطيار البالغ من العمر 25 عامًا – والذي خدم في الجناح السبعين للاستخبارات والمراقبة والاستطلاع (ISR) بالقوات الجوية ـ ولكنه تفاعل أيضًا مع الجماعات الفوضوية المتطرفة عبر الإنترنت، حسب زعم “نيويورك بوست” – إنه حصل على “تصريح سري للغاية” لبيانات المخابرات العسكرية في الولايات المتحدة.

وقال الصديق، الذي تأكدت صحيفة “واشنطن بوست” من علاقاته مع بوشنل: “أخبرني ليلة السبت الماضي أن لدينا قوات في تلك الأنفاق (في غزة)، وأن جنوداً أمريكيين يشاركون في عمليات القتل”.

وذكر أن آرون بوشنل كان في حالة ذهول عندما اكتشف أن القوات الأمريكية على الأرض في غزة تقتل الفلسطينيين.

وأضاف الصديق أن “وظيفة بوشنل الفعلية تنطوي على معالجة البيانات الاستخباراتية. وبعض ما كان يعالجه كان له علاقة بالصراع الإسرائيلي في غزة”.

وأكد الصديق: “أحد الأشياء التي أخبرني بها هو أن ما صادفته على مكتبه هو أن الجيش الأمريكي متورط في عمليات الإبادة الجماعية الجارية في فلسطين”، في إشارة إلى حرب إسرائيل ضد حركة حماس الفلسطينية في غزة.

وزاد: “أخبرني أن لدينا قوات على الأرض، كما تعلم، كانت هناك وتقتل أعدادًا كبيرة من الفلسطينيين”.

واستطرد الصديق: “هناك الكثير من الأشياء التي لا أعرفها، لكن يمكنني أن أخبرك أن نبرة صوته كانت تحمل شيئًا يخبرني أنه كان خائفًا.. لم أسمع قط تلك النغمة تخرج منه”.

وقالت “نيويورك بوست”: على الرغم من أن بوشنيل ادعى أنه كان ينقل معلومات سرية للغاية إلى صديقه، إلا أنه لا توجد وسيلة للتحقق من صحة ذلك.

وذكرت أن البيت الأبيض قال مرارا وتكرارا إنه لن يرسل قوات أمريكية على الأرض في غزة، وقال الرئيس بايدن إنه يأمل في التفاوض على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس هذا الأسبوع.

ولكن وفقا لصحيفة “نيويورك تايمز” فقد تم نشر قوات العمليات الخاصة الأمريكية في إسرائيل منذ الهجوم الذي نفذته حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، “للتعرف على الرهائن، بما في ذلك الرهائن الأمريكيون”، بعد أن احتجزت الحركة أكثر من 200 شخص خلال الهجوم.

وكانت القوات الخاصة أيضًا متواجدة للمساعدة في استراتيجية القوات الإسرائيلية في غزة، التي تقوم بملاحقة أعضاء حماس من شبكة الأنفاق تحت الأرض، لكن التقرير أشار إلى أن القوات “لم يتم تكليفها بأي أدوار قتالية”.

وأكدت القوات الجوية الأمريكية أن منصب بوشنيل هو فني خدمات الابتكار، لكنها لم تحدد التصريح الأمني ​​الذي حصل عليه.

وبحسب الصحيفة قال الصديق – الذي أشار إلى أنه لا “يدعم حماس بأي شكل” – إنه فوجئ لأن بوشنيل لم ينتهك تصريحه العسكري من قبل.

وقال الصديق عن محادثتهما: “لقد حصل على تصريح أمني منذ أربع سنوات، وهذه هي المرة الوحيدة التي، على حد علمي، خرق فيها البروتوكول وأعطى معلومات لا ينبغي له أن يحصل عليها”.

وأضاف الصديق عن بوشنل، الذي نشأ في مجمع ديني مثير للجدل في بلدة ساحلية صغيرة في ماساتشوستس: “لقد كان خائفًا”، لكن انتهى به الأمر بإشعال النار في نفسه أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن العاصمة، يوم الأحد حوالي الساعة الواحدة مساءً وهو يصرخ “فلسطين حرة”.

وفي الدقائق التي سبقت إشعال النار في نفسه، بث بوشنل خطابا قصيرا بالفيديو على الهواء مباشرة قال فيه إنه “لن يكون متواطئا بعد الآن في الإبادة الجماعية”.

وفي منشوره الأخير على فيسبوك، كتب بوشنل أيضًا: «يحب الكثير منا أن يسألوا أنفسهم… ماذا سأفعل إذا كانت بلادي ترتكب إبادة جماعية؟ الجواب هو أنك تفعل ذلك..الآن.”

وبحسب الصحيفة فقد تضمنت المنشورات غير المؤكدة على موقع Reddit والمرتبطة بحساب يبدو أنه ينتمي إلى بوشنيل تصريحات غاضبة ضد إسرائيل وتبرير هجوم حماس عليها.

وقال صديق بوشنيل إنه “لم يكن لديه أي فكرة عن أن المسيحي المتدين سوف ينتحر، خاصة وأن الطيار أخبره في وقت سابق أنه ضد ذلك”.

قال الصديق عن تعليقات بوشنل له في ذلك الوقت: “قال إن ذلك ضد خطة الله، هناك دائمًا حلول أفضل من الانتحار، الانتحار لن يصلح أي شيء”.

وأكد الصديق: «لذا، لكي يفعل آرون ما فعله، كانت هناك أشياء تجاوزت ذلك”.

واعتبر أن “المشاكل التي كان ينظر بوشنل إليها، لم يتمكن من حلها. كان سيتخذ هذا القرار لمحاولة اتخاذه حتى يتمكن شخص آخر من إصلاح المشكلة”.

وقال الصديق إنه عندما علم بحادثة الانتحار التي تم بثها مباشرة، “كان رد فعلي الأولي هو: “لا يمكن أن يكون هذا حقيقيًا.. الانتحار ليس شيئًا يمكن أن يفعله آرون”.

وأضاف أنه عندما ناقش الثنائي ما قال بوشنل إنه اكتشفه عن الحرب، “طلبت منه أن يتبع ضميره، فهذا قاده دائمًا في الاتجاه الصحيح من قبل”، على الرغم من أن بوشنل لم يلمح إلى ما سيفعله في النهاية في اليوم التالي… فقد كان آرون تحليليًا للغاية، وكان سيتخذ هذا النوع من القرار بعد التفكير مليًا فيه”.

وزاد الصديق: “يظهر آرون ظاهريًا باعتباره الشخص الأكثر هدوءًا وتماسكًا الذي ستعرفه على الإطلاق.. عندما تشاهد الفيديو الخاص به، وترى مدى هدوئه وتماسكه، وهذه هي شخصيته الطبيعية.. أكثر ما يمكن أن نراه منزعجاً على الإطلاق هو أنه كان يذهب ويمسك بفأس ويقطع الحطب”.

وكان الصديق، الذي يعرف بوشنل منذ أن كان مراهقًا، يريد في الأصل الانضمام إلى الجيش، ولكن بعد أن نظر الاثنان عن كثب إلى جميع فروع القوات المسلحة، قرر الشاب إما الانضمام إلى القوات الجوية أو البحرية.

وعلى مدى السنوات القليلة التالية، وجد بوشنيل – الذي كان “صادقًا” ومليئًا “بالنزاهة” و”سيفعل أي شيء لمساعدة أي شخص، في أي وقت” – نفسه يعاني من الالتزام المستمر بالخط العسكري، كما قال الصديق.

وأكد الصديق على أن “أي شخص يذهب إلى الجيش، ذي عيون لامعة مثل آرون وينخرط في أمور تتعلق باستخبارات الإشارة، سينتهي به الأمر في عقلية فيلق الإشارة أو سيغادر… ولم يقتنع آرون بعقلية فيلق الإشارة”.

وختم بالقول: أفضل وصف لهذه العقلية هو تقديم تنازلات بسيطة لثباتك الداخلي، بحيث لا تعود الشخص الذي اعتدت أن تكونه.. وآرون لا يستطيع.. هذا ليس بداخله”.

———————————————

ميدل ايست آي 28/2/2024

موقع بريطاني: الحديث عن اتفاق وشيك لوقف النار في غزة هو حرب نفسية

بقلم: أمينة الأشقر

تناول موقع ميدل ايست آي البريطاني ما يحكى عن إمكانية التوصل قريبا إلى اتفاق هدتة لوقف النار في غزة. وتقول كاتبة المقال أمينة الأشقر إنه “مع مرور كل يوم، يزداد الوضع في قطاع غزة، تدهورا على المستوى الإنساني والسياسي، وليس سراً أن المفاوضات بين حماس والحكومة الإسرائيلية وصلت إلى طريق مسدود، وتفتقر إلى الزخم اللازم لتحقيق اختراق كبير منذ إبرام اتفاقهما الأخير”.

وتضيف “يسلط هذا المأزق الضوء على التحديات المعقدة التي تواجهها حماس، في تأمين مطالبها من إسرائيل. فالحركة كثيراً ما تبادر إلى إطلاق عمليات تهدف إلى جلب إسرائيل إلى طاولة المفاوضات، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تقديم تنازلات. ويرجع هذا جزئياً إلى حالة الجمود التي تعيشها الساحة السياسية الفلسطينية منذ فترة طويلة، فضلاً عن الموقف المتقلب للقادة الإسرائيليين المتعاقبين على السلطة، تجاه حكم حماس في غزة. إذ إن هذا التضارب في التوجه الإسرائيلي يعكس التعقيدات الجيوسياسية والداخلية الأوسع التي ميزت الرؤية الإسرائيلية تجاه حماس منذ سيطرة الحركة على القطاع“.

وتعود الكاتبة بالذاكرة الى العام 2011، عندما وافقت إسرائيل على إطلاق سراح أكثر من 1000 أسير فلسطيني مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي أسرته حماس عام 2006، فقد دفعت هذه الصفقة التاريخية إلى إعادة تقييم استراتيجي داخل إسرائيل لما حصل، مما أدى إلى استصدار تشريع جديد عام 2014 يهدف إلى تقييد صفقات تبادل الأسرى مستقبلا”.

وبدافع المخاوف بشأن التكاليف الأمنية والاجتماعية والسياسية لمثل هذه التبادلات، مكّن القانون القضاة من منع إطلاق سراح الأسرى المدانين بارتكاب جرائم خطيرة. وجاء هذا التحول وسط جدل داخلي حول عملية تبادل شاليط، والذي وضع الضرورات الأمنية في مواجهة الالتزام الأخلاقي باستعادة الأسرى”. وتضيف الكاتبة بشأن الوضع الحالي “واليوم، يشير رد إسرائيل على أسر جنودها على يد حماس إلى تحول عميق في نهجها في التعامل مع مثل هذه المفاوضات، في حين يسلط الضوء على التحديات المتمثلة في تأمين إطلاق سراح الأسرى من دون الخضوع لمطالب الجماعات المسلحة ومفادها أن احتجاز الرهائن لن يسفر عن تحقيق مكاسب سياسية”.

وترى الكاتبة أن استحقاق حماس لا يقتصر على مواجهة إسرائيل فحسب، بل هي تتعامل أيضاً مع ديناميكيات إقليمية أوسع نطاقاً، بما في ذلك بين الدول التي لديها أسبابها الخاصة التي تجعلها ترغب في إضعاف نفوذ الحركة.

ثم تتحدث الكاتبة عن دور مصر على وجه الخصوص كلاعب محوري، إذ يعتبر معبر رفح في قطاع غزة، والذي تسيطر عليه مصر، بمثابة البوابة الرئيسية للقطاع إلى العالم الخارجي، إلى جانب معبر إيريز الذي تسيطر عليه إسرائيل. ولطالما نظرت مصر إلى غزة من خلال عدسة المخاوف الأمنية، وهو التركيز الذي تكثف في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي ينظر إلى ارتباط حماس بجماعة الإخوان المسلمين من خلال الرابط الأيديولوجي. وحتى في الحالات التي تعمل فيها مصر كوسيط بين حماس وإسرائيل، فغالبا ما يُنظر إليها على أنها متأثرة بمصالحها الأمنية الوطنية، مما يضع القاهرة كمشارك نشط في عملية التفاوض بدلاً من كونها ميسرا محايدا. وهذا يخلق حالة أخرى من التعقيد لحماس في تأمين الصفقات مع إسرائيل.

وتتطرق الكاتبة ايضا إلى التعقيدات داخل المشهد السياسي الفلسطيني، وترى “أن حركة فتح، باعتبارها المنافس الرئيسي لحماس، هي في وضع استراتيجي يسمح لها بالاستفادة من أي ضعف محتمل للحركة. فتاريخياً، كانت فتح حريصة على استعادة السلطة الفلسطينية السيطرة على غزة، مما يجعلها بديلا في مرحلة ما بعد الصراع. والتأكيد على أهمية السلطة الفلسطينية بالنسبة لحلفائها الغربيين. ولكن اليوم، بعد مرور ما يقرب من خمسة أشهر على حرب غزة، فإن الافتقار الواضح للاتصال المباشر بين قادة فتح وحماس البارزين يسلط الضوء على الانقسامات الداخلية العميقة، على الرغم من حقيقة أن حماس دعت خلال المراحل الأولى من الحرب إلى الوحدة الداخلية وشددت على أن اللحظة الراهنة هي اللحظة المناسبة لإنهاء الانقسامات الداخلية”.

وتوضح الكاتبة “أن التأثيرات المترتبة على انفصال السلطة الفلسطينية عن حماس تمتد إلى عملية التفاوض الأوسع. ومن شأن المشاركة المباشرة للسلطة الفلسطينية أن تغير الديناميكيات بشكل كبير، نظراً لوضعها باعتبارها الكيان الحاكم الوحيد المعترف به دولياً. ويؤدي غيابه إلى تعقيد الأمور بالنسبة لحماس، التي تنظر إليها إسرائيل والولايات المتحدة باعتبارها تفتقر إلى الشرعية والعلاقات الدبلوماسية. ومن شأن ضم السلطة الفلسطينية أن يجتذب دعماً دولياً أوسع وإطاراً معترفاً به للحوار.

ومع تفاقم الأزمة في غزة، فإن المفاوضات من أجل وقف إطلاق النار أصبحت ملحة للغاية. كما أن التهديد الذي يلوح في الأفق من جانب إسرائيل بشأن غزو بري لرفح ، من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الكارثة الإنسانية بشكل كبير، قبيل حلول شهر رمضان المبارك، وتهدف إسرائيل من ذلك الى الضغط على حماس لحملها على تقديم تنازلات. وفي الوقت نفسه، يتم استخدام المعلومات المضللة والتسريبات الإعلامية ، بما في ذلك تقرير وكالة رويترز عن مسودة اقتراح وقف إطلاق النار ـ والذي شككت حماس في دقته ـ للتلاعب بالمشاعر العامة وتعزيز التوقعات غير الواقعية بين الفلسطينيين في غزة”.

ومن الأمثلة الأخرى – تضيف الكاتبة – تصريح الرئيس الأمريكي جو بايدن بأن وقف إطلاق النار قد يتم الإعلان عنه في غضون أيام، في حين تقول حماس إنه لا تزال هناك قضايا رئيسية معلقة.

وتخلص الكاتبة إلى القول “تشير مثل هذه التقارير والتصريحات إلى التكتيكات النفسية التي تمارسها إسرائيل والولايات المتحدة بهدف استغلال رغبة الفلسطينيين في وضع حد للهجوم الإسرائيلي. وهكذا يتحول الصراع إلى معركة على الأرض وعلى قلوب الناس وعقولهم، وسط طوفان من المعلومات المضللة واليأس المتزايد”.

——————انتهت النشرة—