هنري ليفي يصدر كتابا يدعو فيه لدعم دولة الاحتلال.. ومحلل جيوسياسي يعتبره وثيقة لتبرير جرائم حرب الإبادة

أصدر بيرنارد هنري ليفي، الذي يتم تصنيفه كأحد أبرز الأسماء في “المركب العسكري- الإعلامي” الغربي، كتابا جديدا هذه الأيام بعنوان “عزلة إسرائيل”، يقدم فيه رؤية لأحداث طوفان الأقصى ويدعو إلى دعم الكيان الصهيوني. من جهته، اعتبر المحلل الجيوسياسي، باسكال بونيفاس، الكتابَ بأنه وثيقة لتبرير جرائم إسرائيل الوحشية.

يحاول الكتاب جعل الحرب ضد أوكرانيا وإسرائيل في كفة واحدة، بمعنى الدفاع عن العالم الغربي الحر، ويروج لتآمر دول غير ديمقرطية مثل تركيا والصين وإيران وروسيا وحركات متطرفة مثل حماس، لضرب الديمقراطيات الغربية، بينما تشكل إسرائيل القلعة الحصينة لمواجهة هذه المخططات في الشرق الأوسط. ولا يتردد في تبرير جرائم الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين تحت ذريعة الدفاع عن النفس.

ويكفي الاطلاع على الصفحات الأولى للكتاب، ليتبين أنه أقرب الى برنامج الأحزاب المتطرفة التي تؤمن بالتفوق الأبدي للثقافة الغربية منه إلى كتاب يحمل أطروحة فكرية متناسقة.

وخصص المحلل الجيوسياسي المعروف باسكال بونيفاس، حلقة خاصة بالكتاب، أمس الإثنين، في برنامجه على يوتوب، وعنّونها بـ”خدمات ما بعد البيع لجرائم الحرب”، قائلا: “سنرى افتتاحيات الصحف وبلاتوهات التلفزيون تحتضن هنري ليفي للترويج للكتاب، في وقت لم يعد الجمهور يهتم به”.

ويشير إلى أن الهدف الرئيسي للكتاب وصاحبه، هو إضفاء الشرعية على ما تقوم به إسرائيل، وطمأنة مؤيدي الدولة العبرية أن جيش الاحتلال لا يرتكب جرائم الحرب، بل هو في موقع دفاع. ويرى أن أفكار هنري ليفي في هذا الكتاب تقوم على “النفي” أي نفي وقوع جرائم حرب وضد الإنسانية.

ويستغرب كيف يقوم الكاتب بنفي مقتل 30 ألفا من الضحايا الفلسطينيين، وينسب الرقم إلى التيارات الإسلامية واليسارية المتطرفة، في حين أن البنتاغون بنفسه يعترف بوقوع 25 ألف ضحية في تقرير سابق له.

ويخاطب هذا المفكر المعروف بالبروباغاندا للحروب والدفاع عن جرائم إسرائيل، كيف ينفي وقوع وفيات في صفوف الأطفال، في وقت تتحدث الأمم المتحدة والجمعيات الحقوقية الغربية عن جرائم حرب، وأنه سقط من الأطفال قتلى في هذه الحرب أكثر من باقي النزاعات خلال الأربع سنوات الأخيرة. ويتعجب كذلك من فكرة أنه يجب دعم إسرائيل رغم أنها تخرق منذ عقود الشرعية الدولية.

ويتساءل باسكال بونيفاس بنوع من السخرية عن أفكار هذا المفكر الذي يروج للحروب بادعائه أن روسيا والصين وإيران وتركيا وحركات إرهابية في مواجهة إسرائيل، وتناسى أن دولا مثل جنوب أفريقيا، وهي دولة ديمقراطية، رفعت دعوى ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، ودول أخرى ديمقراطية مثل البرازيل هي التي قارنت بين ما يجري في قطاع غزة من إبادة، وما جرى ضد اليهود خلال الحرب العالمية الثانية.

وبعد تعداد أخطاء الكاتب، ينتهي باسكال بونيفاس إلى قيام فكر بيرنارد هنري ليفي على قاعدة “الكيل بمكيالين” التي تهدد العلاقات الدولية، وأنه تحول بكتابه هذا وتبريره للجرائم إلى مؤيد لحكومة التطرف اليميني في إسرائيل بينما يدعي أنه يساري.

ويُعتبر هنري ليفي، الذي يحل ضيفا على بعض الأنظمة العربية التي تسعى لودّه، من المفكرين الذين يروجون لثقافة صراع الحضارات والتفوق الغربي في كتبه ومقالاته، ويعد كذلك من أبرز المدافعين عن إسرائيل.

وكان المؤرخ والمحلل الجيوسياسي الفرنسي بيير كونيسا قد وصفه بأنه من رواد “المركب العسكري- الإعلامي” الذي يروج للحروب والفوضى في العالم خاصة العالم الثالث.

ويقدم هنري ليفي نفسه على أنه فيلسوف، وكان قد أثار موجة من السخرية في فرنسا سنة 2010 عندما ألّف كتاب “الحرب في الفلسفة” واستند إلى فيلسوف يسمى جان بابتيست بوتول، ليتين لاحقا أن الأمر يتعلق بشخصية خيالية ذكرها فريدريك باجيس في إحدى ملفاته إبان التسعينات، ولا وجود لهذا الفيلسوف.