مطالبات حثيثة في فرنسا بوقف التجارة مع المستوطنات

دعا تجمع لرؤساء منظمات غير حكومية وشخصيات منخرطة في الدفاع عن احترام القانون الدولي، في عريضة بصحيفة ”لوموند” الفرنسية، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والبرلمانيين الفرنسيين إلى وضع حد للتجارة مع المستوطنات الاسرائلية، واستيراد السلع والخدمات المنتجة في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية المحتلة.

واعتبروا أنه بينما تنظر محكمة العدل الدولية، منذ نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي في الإبادة الجماعية ضد السكان المدنيين في قطاع غزة، يجب على فرنسا اتخاذ تدابير ملموسة لتقييد دولة إسرائيل لمعالجة الأسباب الجذرية لدوامات العنف المتكررة. المرتبطة بالاستيطان الإقليمي والاقتصادي للأرض الفلسطينية المحتلة. ويجب عليها حظر التجارة مع المستوطنات الإسرائيلية.

وأكدوا أنه “قد تبدو مسألة استعمار الأراضي المحتلة في الضفة الغربية بعيدة عن الكارثة الإنسانية في قطاع غزة. ومع ذلك، فإن الاستيطان، الذي يشكل جريمة حرب بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، يقع في قلب دوامة التوترات والعنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين. واليوم، يقيم حوالي 700 ألف مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية، بما في ذلك أكثر من 225 ألف مستوطن في القدس الشرقية، على حساب، على وجه الخصوص، الاستيلاء على الأراضي والممتلكات من السكان الفلسطينيين والعنف والتهجير القسري، ونظام غير متكافئ للوصول إلى الأراضي و الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء وحتى النقل”.

واعتبر الموقعون على العريضة أن الاستيطان بالإضافة إلى كونه عاملاً من عوامل العنف، يجعل النتيجة السياسية بين الشعبين غير قابلة للتحقيق من خلال حرمان الفلسطينيين من حقوق متساوية قادرة على السماح لهم بالتفاوض على حل سلمي عادل ودائم.

وذكّروا أنه في عام 2016، اعترف قرار مجلس الأمن رقم 2334، الذي اعتمده الأعضاء الدائمون بالإجماع، بعدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. وبالتالي، فهو يطالب دولة إسرائيل بالوقف الفوري والكامل “لجميع أنشطتها الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية و يطلب من جميع الدول التمييز، في تبادلاتها بشأن هذه المسألة، بين أراضي دولة إسرائيل والأراضي المحتلة منذ عام 1967″.

وأضافوا أنه بعد ذلك بعامين، في عام 2018، يشير قانون الدولة الإسرائيلية إلى أن “الدولة تعتبر تطوير المستوطنات اليهودية قيمة وطنية وتعمل على تشجيع وتعزيز إنشائها وتعزيزها”. ويدل تسارع الاستيطان في الضفة على الإفلات من العقاب الذي تتمتع به دولة إسرائيل وعدم وجود إرادة لدى الدول الغربية، بما في ذلك فرنسا، لفرض القانون الدولي”.

وشدد هذا التجمع لرؤساء المنظمات غير الحكومية والشخصيات الملتزمة باحترام القانون الدولي الرئيس على أن استيراد فرنسا للمنتجات والخدمات من المستوطنات يشجع في الواقع على ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في الاستيطان والعنف المصاحب لها ضد الفلسطينيين.

ففي عام 2022، استوردت فرنسا بضائع إسرائيلية بقيمة 1.5 مليار يورو، جاء جزء منها من المستعمرات. ويتعلق هذا بشكل خاص بالفواكه والخضروات المزروعة بكثافة في وادي الأردن والتي تباع في فرنسا.

وأكد الموقعون أن “التجارة مع منتجات المستوطنات، دورًا لا يمكن إنكاره في الحفاظ على الاستيطان وتوسعه. وبالإضافة إلى ذلك، فإن العديد من الشركات الفرنسية لها أنشطة في المستوطنات، كما هو حال مجموعة كارفور، التي أقامت شراكات مع شركات مرتبطة بالاستيطان، وتقوم بتوزيع المنتجات المختومة بشعارها في المتاجر الموجودة في المستعمرات”.

واعتبر الموقعون على العريضة أن تطوير علاقة اقتصادية بين فرنسا وإسرائيل حول النشاط الاستيطاني ينتهك أيضًا التزام الدول بعدم الاعتراف وعدم تقديم المساعدة للحفاظ على وضع غير قانوني مثل الاستعمار، ومبدأ التمايز الذي يهدف إلى استبعاد الأنشطة. والمنظمات المرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية من العلاقات الثنائية مع إسرائيل، والتي تذكرها الدبلوماسية الفرنسية بانتظام.

كما رأوا “أنه من خلال حظر استيراد السلع والخدمات من المستوطنات المقامة على أراضيها، توافق فرنسا على إعلاناتها العديدة التي تدين الاستعمار الإسرائيلي للضفة الغربية، وستلعب دورًا رائدًا داخل الاتحاد الأوروبي لضمان احترام القانون الدولي، ووقف الاستعمار”.

وستُظهر فرنسا أيضًا – بحسبهم- تماسكًا سياسيًا، من خلال إرسال رسالة واضحة إلى دولة إسرائيل مفادها أن النظام الدولي القائم على القانون الدولي وحقوق الإنسان هو النظام الوحيد القادر على خلق مستقبل من السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.