الصحافة العبرية … الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

معاريف 30/5/2024

صرنا جزءاً من “الحارة”

بقلم: ميخال كوهن

إسرائيل التي كانت ذات مرة مستعدة لأن تفعل كل شيء، لكن كل شيء، من اجل مواطنيها، وبالتأكيد من أجل أفضلهم واكثرهم إخلاصا ممن دافعوا عن حدود بلادنا. إسرائيل ذات مرة ما كانت لتضع قيمة الثأر فوق قيم التكافل المتبادل، إنقاذ الحياة وفريضة فداء الأسر.

لكن إسرائيل، التي كانت عملية عنتيبة بالنسبة لها علامة طريق ورمز البطولة الصهيونية، أصبحت دولة يتعين فيها على أبناء عائلات مخطوفين أن يستجدوا لقاء ما مع زعماء في البلاد ويروا نزعة الحيونة والإدارة البطيئة والزاحفة للمفاوضات لإعادتهم. والى أي درجة بات الوضع فيها خطيرا يمكن لنا أن نتعرف من يأس اللواء نيتسان الون من طاقم المفاوضات والذي أعرب عن رأيه بالنسبة لاحتمال تحرير المخطوفين في وضعية الحكومة الحالية.

إسرائيل التي كانت ذات مرة ما كانت لتقبل بسكينة حقيقة أن جيل المؤسسين يصرخ من أنفاق “حماس” – “داعش”، “لا تتركونا في شيخوختنا”، صرخت هيرش الحلو، ابن الـ 22 مقطوع اليد أو مشهد مجندات الرقابة الخمس الداميات اللواتي مصيرهن ليس واضحا. إسرائيل ذات مرة أيضا ما كانت لتنتقل بعد الشريط إلى برامج الطبخ، الرقص، الغناء وغيرها.

إسرائيل ذات مرة ما كانت لتتهم قيادة عائلات المخطوفين التي انتجت إعلاما غير مسبوق في نجاعته في فترة أصبح الإعلام الجيد فيه مقدرا هزيلا وشحيحا. كانت ستهنئ متطوعي هذه القيادة الذين يحاولون توفير سند للعائلات التي خرب عالمها عليها وتوقفت حياتها عن السير.

إسرائيل ذات مرة ما كانت لتقبل بسكينة اعتقالات وعنف تجاه عائلات المخطوفين وعائلات الثكلى مثلما رأينا في الاعتداء على غادي كديم أو إصابة شقيقة متان سنغاكر، نتالي وأبناء عائلات آخرين ينتظرون بيأس استرجاع أعزائهم وهم على قيد الحياة.

إسرائيل ذات مرة ما كانت لتتمسك، مثلما في حارتنا، بحكم ملوكي طويل السنين، كل عمل فيه يقاس بمسألة هل يخدم هذا المليك وليس هل يخدم هذا المملكة.

السنوار يمكنه أن يرى دولة قيمة حياة الإنسان فيها تتردى. إسرائيل ما قبل عقد، قلبت العوالم من اجل جندي واحد. أما، اليوم، فالعالم يسير على عادته وبقاء الحكم يسبق كل شيء.

لقد كان للشعب اليهودي قيم أخلاقية مختلفة. فقدان هذه القيم وترك جرحى في الميدان هما من هزائم 7 أكتوبر. بأسف شديد يمكن أن نقول، إننا اندمجنا في الحارة.

——————————————–

معهد بحوث الأمن القومي (INSS): 30/5/2024

عنوان مدني بديل في قطاع غزة

بقلم:  تمير هايمن

على الرغم من الأضرار الجسيمة التي لحقت بحماس، فمن المتوقع أن تقوم بتجنيد الإرهابيين لتجديد صفوفها. ولا تزال القيادة الإسرائيلية تناقش ما إذا كانت ستقبل بالقرار، وهو القرار الذي سيحدد فعليا مصير الحرب بعد نحو ثمانية أشهر. ومع ذلك، وعلى هذه الخلفية، تطرح أسئلة كبيرة بالفعل: ما هي مزايا وعيوب سيناريو الحكم العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة، وما هي عواقب هذا السيناريو على قدرات جيش الدفاع الإسرائيلي، وما هي التداعيات حول مقترح دول الخليج لليوم التالي للحرب؟

في الأيام القليلة الماضية، لم يعد من الممكن تأجيل مناقشة مسألة “اليوم التالي”، تلك القضية التي، رغم أنها تآكلت في إطار خطاب متواصل – ولم يُتخذ قرار بشأنها بعد.

لقد نشأ النقاش بكامل قوته بعد تصريح وزير الدفاع يوآف غالانت الذي ذكر أن هذا الأمر يجب أن يُحسم في أسرع وقت ممكن، وأن عدم اتخاذ قرار سيؤدي إلى عودة حماس إلى السلطة (وبالتالي ضمناً إلى هزيمة عسكرية إسرائيلية). ولقي البيان العديد من ردود الفعل المضادة، أغلبها سياسية، أما المهنية فكانت:

1 – عدم قدرة السلطة الفلسطينية على العودة للسيطرة على غزة، وذلك على خلفية الادعاء بعدم وجود فرق جوهري بينها وبين حماس.

2 – بدون إضعاف حماس، فإن أياً من العناوين البديلة التي تم ذكرها في الأشهر الأخيرة لن يكون لديه فرصة لترسيخ وجوده – حماس سوف تقضي عليه كما فعلت مع السلطة الفلسطينية في عام 2007، لذلك يجب القضاء عليها أولاً وبعد ذلك سيكون من الممكن القيام بإجراء مناقشة ملموسة حول هوية البديل.

لماذا يجب أن تتعجل وتقرر الآن؟

إن ادعاءات الحق في الانتظار “لليوم التالي” تتجاهل الطريقة التي يعمل بها “جهاز المقاومة” الفلسطيني (التنظيمات الإرهابية) في قطاع غزة بشكل خاص، والنظام الفلسطيني بشكل عام. ومع ذلك، إذا تم تأجيل القرار، كما تفعل الحكومة الإسرائيلية منذ حوالي ثمانية أشهر، فإن الهزيمة الإستراتيجية لإسرائيل، والفشل في تحقيق أهداف الحرب، واستمرار حكم حماس في قطاع غزة ستكون مضمونة.

من ناحية أخرى، إذا نظرنا إلى قطاع غزة في “اليوم التالي” – فمن المهم للغاية الترويج لبديل حكم مدني في نفس الوقت الذي يتم فيه النشاط العسكري، وذلك لأربعة أسباب:

1 – إن نقل السلطات المدنية إلى سكان غزة هو كابوس لزعيم حماس يحيى السنوار وهزيمة سياسية للمنظمة الإرهابية ولقطر.

2 – إن العنوان المدني البديل سيعفي إسرائيل من مسؤولية الاهتمام بالاحتياجات الأساسية للمليونين من سكان قطاع غزة. إن إنشائها لن يعفي من المسؤولية القانونية، بل سيسهل إلى حد كبير من الناحية التشغيلية.

3 – ومن دون خطاب مدني يؤمن بتوزيع المساعدات الإنسانية، فإن حماس سوف تتخلى عن الهيئة التي تقوم بذلك. بهذه الطريقة، ستعزز المنظمة مكانتها وسلطتها أمام الجمهور الفلسطيني وتخلق رواية “النصر الكامل” على إسرائيل.

4 – حماس تقوم على “فكرة المقاومة”. ومن أجل هزيمتها لا بد من تفكيكها بهجوم عسكري، وفي الوقت نفسه إضعاف الدعم للفكرة التي توجهها من خلال خلق عنوان مدني بديل، والذي سيطرح فكرة بديلة ويقوض قاعدة  الدعم الشعبي لها.

مصدر “التجديد” لحماس

يتكون نظام مقاومة الإرهاب الفلسطيني في قطاع غزة من طبقتين: الطبقة العليا – الذراع العسكري لحماس، وتكوينها العسكري: منظمة يبلغ عددها حوالي 30 ألف إرهابي، منظمين في خمسة ألوية و24 كتيبة. ويستمد هذا التنظيم العسكري قواته من السكان المدنيين، الطبقة الدنيا، التي تشكل درعاً بشرياً ومصدراً لتجديد صفوف مقاتليه. وطالما أن هناك دافعا بين الشباب الفلسطيني لمعارضة إسرائيل، مقابل كل إرهابي يقتل سيكون هناك عدد من المتطوعين لإكمال الصفوف. وفي هذا السياق من المهم أن نتذكر أن سكان غزة يتكون معظمهم من الشباب. ما يقرب من 40 في المئة من سكان قطاع غزة البالغ عددهم حوالي مليوني نسمة هم من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 0-14 عامًا، و30 في المئة إضافية هم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15-29 عامًا – وهي نسب عالية للغاية (استنادًا إلى بيانات كتاب حقائق العالم لوكالة المخابرات المركزية). لنفترض، ولو من أجل المناقشة فقط، أن نصفهم فقط يؤيدون حماس، فإن المنظمة لن تجد صعوبة في تجنيد حوالي 15 ألف إرهابي جديد لمدة ستة أشهر تقريبًا – وهو معدل الاستنزاف الذي تمكن جيش الدفاع الإسرائيلي من إنتاجه حتى الآن

وفكرة المقاومة هي الفكرة الوحيدة في غزة اليوم، كما يتضح من استطلاعات الرأي العام الأخيرة التي أجراها معهد الاستطلاعات برئاسة الدكتور خليل الشقاقي، والتي تشير إلى دعم واسع لحركة حماس ونضال عنيف ضد إسرائيل. وهذا الدعم هو مصدر قوة حماس، لأنه يمكّنها من البقاء.

الانتفاضة الثانية نموذجا

درس شخصي: في الانتفاضة الثانية، تولى كاتب هذه السطور قيادة لواء إقليمي (حتمار) في يهودا والسامرة. وكان عدد الإرهابيين الذين قتلهم واعتقلهم الجيش الإسرائيلي هائلا. ولكن، طالما كان ياسر عرفات على رأس السلطة الفلسطينية ودفع إلى فكرة المقاومة، استمرت “ينبوع” الإرهابيين في التدفق وملء البرميل بمعدل أسرع من المعدل الذي كان جيش الدفاع الإسرائيلي”يشطب” منه.

لقد حدث التحول بعد وفاة عرفات وتعيين محمود عباس (أبو مازن) رئيساً للسلطة الفلسطينية. واقترح عباس فكرة بديلة للمقاومة المسلحة: “المقاومة اللاعنفية”، ثم طرح فكرة “بناء الوطن وتعزيز مؤسساته”. أتاحت هذه الأفكار للعديد من الشباب تحقيق اعتزازهم الوطني ونضالهم ضد إسرائيل عبر مسارات أخرى تنافست مع فكرة المقاومة المسلحة. انخرط العديد من الشباب في قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، وركز آخرون على استثمار الموارد في بناء سلطة فلسطينية، ولا يزال بعضهم منهمكين حتى اليوم في محاولات الاستيلاء على “المنطقة ج”.

وهكذا، وفي عملية استمرت نحو عامين، انقلب الاتجاه وبدأ إفراغ “برميل الرعب”. وكانت نسبة استنزاف الإرهاب لدى جيش الدفاع الإسرائيلي، الذي واصل العمل بكل قوة ضد الإرهاب، أعلى من قدرة منظمات المقاومة المسلحة على تجنيد الإرهابيين. وهذا بالضبط ما يفتقده قطاع غزة اليوم.

ومن هنا الاستنتاج: يمكن لقوات الجيش الإسرائيلي أن تعود عشرات المرات إلى جباليا والزيتون والشجاعية، في عمليات عسكرية شجاعة ومهنية، وفي كل مرة تقتل مئات الإرهابيين. لكن من دون بديل أيديولوجي لـ«المقاومة»، سيكون الإنجاز مؤقتاً وستتفاجأ إسرائيل بالاكتشاف بأنها لو اتخذت حكومة إسرائيل قراراً بإدخال عنوان مدني بديل للقطاع، على شكل سلطة فلسطينية. سلطة تمر بإصلاحات هيكلية تحت رعاية وسيطرة دول عربية معتدلة، بما فيها دول الخليج، لكان هناك تنافس على فكرة المقاومة من جانب حماس.

من المؤسف أن الحكومة الإسرائيلية لا تفعل ذلك. ويواصل الجيش الإسرائيلي جرد الطبقة العسكرية لحماس ويسمح لها بالتجدد، مرة بعد مرة، من بين الطبقة المدنية. صحيح أن السلطة الفلسطينية هي سلطة فاسدة تعمل ضد إسرائيل، وهي أضعف من أن تهزم حماس ولن تتحرك ضدها عسكريا أبدا. إلا أنه لا بد من وضعها كجهة حكومية بديلة لحكومة حماس في قطاع غزة في عملية طويلة، ستستمر لسنوات، وستعمل خلالها إسرائيل ضد نظام المقاومة الفلسطينية برمته وسيكون مطلوبا منها أيضا أن تقوم بمعالجة نقاط الضعف والقصور فيه.

وفي الوقت نفسه لا بد من الالتفات إلى الأمل المعروض على إسرائيل من خلال مبادرة دول الخليج، والتي تتناسب تماماً مع الخطة الأمريكية لليوم التالي للحرب، والتي تعتمد على التعاون العربي والدولي:

ستخضع السلطة الفلسطينية لإصلاحات كبيرة تحت قيادة وسيطرة تحالف عربي يتألف، من بين دول أخرى، من الإمارات العربية المتحدة ومصر والأردن والبحرين.

ستكون الإصلاحات متنوعة، بدءاً بتغيير المناهج الدراسية في المدارس، وانتهاءً بتعيين مسؤولين آخرين على رأسها.

سيكون الحافز للتغيير هو اشتراط الأموال المخصصة لإعادة إعمار قطاع غزة على تنفيذ الإصلاحات.

سوف تقوم السلطة الفلسطينية بتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة بدلاً من حماس، وبالتالي البدء في تطبيق حكمها، تحت رعاية التحالف العربي الذي سوف يمول وينشر قوات القانون والنظام (نعم، بما في ذلك قتال حماس من خلال شركات الأمن المدنية).

حماس ستكتشف أن أجزاء من القطاع ليست تحت سيطرتها، وأنها فقدت سيادتها عليها، التي كانت فخرها في السنوات الأخيرة.

سيكتشف الجمهور في قطاع غزة خيار عمل بديل في إطار إعادة تأهيل القطاع.

سيواصل الجيش الإسرائيلي العمل ضد كبار أعضاء الجناح العسكري لحماس، بالتنسيق الجزئي مع السلطة الفلسطينية المتجددة في غزة، تماما كما يحدث بشكل روتيني في يهودا والسامرة.

وماذا عن الحكم العسكري؟

محق من يدعي أن الحكم العسكري هو حل أفضل من التردد والوضع الحالي. فالحكم العسكري سيحسن القدرة على العمل ضد الجناح العسكري لحماس وسيكون بديلاً وظيفياً للجوانب المدنية للسكان. والمشكلة هي أن الحكم العسكري لن يكون بديلاً إيديولوجياً. تثبت تجربة الماضي أنه لا يمكن إنهاء حكم عسكري دون مواجهة عسكرية أخرى على غرار الانتفاضة الأولى، أو عملية سياسية لنقل السلطات إلى سلطة فلسطينية متجددة على غرار اتفاق نهاية الانتفاضة الثانية.

وفي كلتا الحالتين، فإن مثل هذا الحل سيتطلب الكثير من الوقت والكثير من الموارد، وهذا من شأنه أن يقلل من قدرة الجيش الإسرائيلي على العمل في ساحات أخرى. وقد تجد إسرائيل نفسها في وضع يسمح لها بتمديد غطاءها القصير أصلاً نحو غزة، حتماً على حساب التحديات الأمنية الملحة الأخرى، وفي الوقت الذي تتفاقم فيه العزلة الدولية التي تضيق عليها. كل هذا، إضافة إلى الأسعار الداخلية – المدنية والاقتصادية والاجتماعية – التي ستفرضها إدارة الحكم العسكري على المجتمع الإسرائيلي، والتي يجب أن تأخذوها بعين الاعتبار.

الخلاصة

لا يوجد وقت. كان ينبغي للحكومة الإسرائيلية أن تتخذ هذا القرار قبل ستة أشهر. هذه عملية تشكيل طويلة ومعقدة، ويجب أن تبدأ بسرعة. ومن دون التحرك المتزامن ضد البنية التحتية الأيديولوجية لحماس على المستوى المدني، إلى جانب العمل ضد القدرات العسكرية، لن تُهزم حماس، حتى لو استمرت الحرب عدة سنوات أخرى.

لا بد من مبادرة إسرائيلية تقبل وتحتضن رغبة دول الخليج في المشاركة في مسؤولية «اليوم التالي» في قطاع غزة. ولابد أن يتم هذا حتى لو كان الثمن هو الموافقة الإسرائيلية على إنشاء سلطة فلسطينية محسنة في غزة.

إن التوصل إلى صفقة كبيرة تؤدي إلى إطلاق سراح المختطفين أمر بالغ الأهمية ويتكامل بشكل جيد مع الترويج لعنوان بديل لحماس. لا بد من طرح صفقة شاملة “كل شيء مقابل كل شيء” وفي خطوة واحدة فقط. إن وقف الأعمال العدائية في قطاع غزة، والذي ستلتزم به إسرائيل، سيسرع التحرك المقترح على المستوى المدني، وعلى المستوى العسكري ستنتقل إسرائيل من الحرب إلى مكافحة الإرهاب – عمليات مستمرة تهدف إلى الحصول على معلومات استخباراتية دقيقة لاعتقال أو القضاء على الإرهابيين داخل الأراضي الفلسطينية.

*مدير معهد دراسات الأمن القومي حاليا، شغل سابقا منصب رئيس مديرية المخابرات العسكرية، قائدًا للفيلق الشمالي، وقائدًا للكليات العسكرية في الجيش الإسرائيلي.

——————————————–

هآرتس 30/5/2024

ايزنكوت طرح بشكل مفصل بنود لائحة الاتهام العامة الامنية والسياسية

بقلم: يوسي فيرتر

منذ شهر شباط الماضي، بعد شهرين تقريبا على قتل ابنه غال في القطاع، اصبح غادي ايزنكوت كيس اللكمات الافضل في الشبكات الاجتماعية، التي تعبر عن الروح البيبية. الهجوم العنيف والمسموم ضده (الذي بنيامين نتنياهو ومن يسيرون في اعقابه لم يكلفوا انفسهم عناء ادانته)، ركز على أنه أب ثاكل. “هو في حالة اكتئاب، وليس في وضع يسمح له باتخاذ القرارات. يجب عليه الاستقالة من الكنيست والجلوس في البيت”، كتب شخص ما. في الشهر الماضي بدأ يتلقى اللكمات ايضا من اليسار. “مسيح كاذب، كذاب وجبان”، اطلق عليه في هذه الصحيفة. ايزنكوت يستحق الانتقاد مثل أي سياسي، لكن التوقعات منه دائما كانت اعلى.

خطابه أمس في مؤتمر مئير دغان للامن والاستراتيجية في كلية نتانيا سيتم تذكره كالانعطافة الاكثر اهمية في فترة حكومة الطواريء، حتى اكثر من خطاب “خط النهاية” لبني غانتس في منتهى السبت قبل اسبوعين. ايزنكوت لم يقيد فقط المعسكر الرسمي بالانسحاب قريبا، بل هو قدم بالتفصيل بنود لائحة الاتهام العامة، الامنية والسياسية، ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، التي هو وغانتس سيقومون بقيادتها من الخارج. هذه طريق لا رجعة عنها.

العملية بدأت بوزير الدفاع يوآف غالنت واستمرت الى غانتس ووصلت في النهاية الى ايزنكوت. الآن نحن نعرف موقف الجنرالات الثلاثة في مجلس الحرب من القائد ودوافعه والمصالح الغريبة التي تحركه. ايزنكوت طلب تشكيل لجنة تحقيق رسمية في اسرع وقت. وباستقامة هو قال بأنه يجب عليها فحص الامور منذ عقد، حتى فترة رئاسته للاركان.

إن طلبه اجراء الانتخابات بين أيلول – كانون الاول القادم، يتساوق مع مواقف معظم الجمهور، لكن ليس مع رغبة عصابة الـ 64 التي ستصمم على البقاء حتى بعد مغادرة المعسكر الرسمي. فقط تطور يبدو في هذه الاثناء خيالي، مثلا انسحاب الحريديين في الفترة القريبة القادمة اذا اصدر الجيش الاسرائيلي أوامر تجنيد لآلاف طلاب المعاهد الدينية، يمكن أن يؤدي الى اجراء الانتخابات في الربع الاخير من هذه السنة. بني غانتس خطط للاستقالة من الحكومة في الاسبوع الذي سينتهي في الغد. ولكن لسبب ما قرر الانتظار. هذا رغم أن طلباته الستة من نتنياهو في 18 الشهر الحالي تم رفضها برمشة عين من قبل مكتب رئيس الحكومة.

ربما هو سيفعل ذلك في جلسة الحكومة التي ستعقد في بداية الاسبوع القادم، بعد أن يتم رفض اقتراحه تشكيل لجنة تحقيق رسمية من قبل نتنياهو. وحتى لو كانت لديه افكار مختلف عليها، فان خطاب ايزنكوت وضع حد لكل هذه النوايا. حزب المعسكر الرسمي تآكل في الاستطلاعات. فخلال شهرين فقد 10 – 14 مقعد. هذه الاستقالة مطلوبة من غانتس واصدقائه ايضا في محاولة لوقف استمرار الهبوط.

بدونهم ستبقى الحكومة بدون الدرع الواقي. العالم، لا سيما الادارة الامريكية، سيتعامل بنفاد صبر وتشدد اكبر مع رئيس الحكومة عندما لا يكون غانتس وايزنكوت الى جانبه. بالنسبة لنتنياهو هذه بشرى سيئة. وبالنسبة للدولة هذه بشرى جيدة، وقد حان وقتها.

———————————————

هآرتس 30/5/2024

نتنياهو وغانتس هما المسؤولان عن الاهمال، معا هزما اسرائيل

بقلم: اوري مسغاف

في 7 تشرين الاول حماس هزمت اسرائيل. في هجوم في وضح النهار وهم يركبون في سيارات التندر ويحملون بنادق الكلاشينكوف. منذ 8 تشرين الاول اسرائيل تهزم نفسها بقيادة حكومة نتنياهو – غانتس. مع الزحف نحو خط النهاية المثير للشفقة، الذي وضعه بني غانتس وحدده في 8 حزيران القادم، حان الوقت لحساب الاضرار:

أولا، يجب التذكير بالمفهوم ضمنا، غانتس وجدعون ساعر ايضا قاما بالاسراع مع رجالهم نحو الحكومة كمن يتخبطهم الذعر. حتى قبل تشخيص ودفن جثث القتلى والجنود. هم اجروا مفاوضات سريعة مع نتنياهو لتوسيع الحكومة. يتملكهم جنون العظمة وشهوة الحكم، اقنعوا انفسهم بأنهم هم فقط يمكنهم انقاذ اسرائيل. عمليا، كما هو متوقع، هم انقذوا فقط حكم نتنياهو. باظهار جمالهم الورع فانهم حتى تنازلوا عن المناصب ومراكز النفوذ (وزارات)، وتطوعوا لتسلم موقع المراقب، وبذلك منعوا عن انفسهم من القدرة على التأثير في كل مجال حياة الاسرائيليين. أي انهم ايضا وفروا لنتنياهو في وقته الاصعب ائتلاف خيالي من حيث الحجم والاستقرار، وأهملوا مصير المدنيين، وتركوا ميري ريغف وايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش واسحق غولدكنوفف وغيرهم يستمرون في التنكيل.

الفساد والسرقة استمرا، وحتى ازدادا، بروحية ايام بومباي الاخيرة. ميزانية لسنتين مرت، وعلى الفور سيمر ايضا التهرب من الخدمة في الجيش. في حين أن الاحتجاج المدني وجد صعوبة في مراكمة الزخم لأنه يصعب اخراج الجمهور الى الشوارع في فترة حرب لا تنتهي، تحت واجهة “حكومة طواريء” أو “حكومة وحدة”، حيث أن بعض معارضي نتنياهو ومساعديه يشاهدون ممثليهم يتعاونون معهم. ربما سيتم تذكر ذلك بأنه الخيانة الاكبر في المعسكر الديمقراطي – الليبرالي في اسرائيل.

في المجال الامني – السياسي قادت حكومة نتنياهو – غانتس اسرائيل نحو هزيمة سنكون بحاجة الى سنوات من اجل النهوض منها، هذا اذا نهضنا. هذه هي الحكومة الاولى في تاريخ الدولة التي انسحبت من حدود العام 1948. في حين أن الحرب في غزة هي فشل عسكري يعارض كل عقيدة الامن الاسرائيلية. كما هو متوقع فقد دخلت الى مرحلة لبننة متسارعة، وفقط الانباء السيئة ستستمر في المجيء من هناك.

حكومة نتنياهو – غانتس هي المسؤولة عن التخلي عن المخطوفين ليموتوا بآلامهم. أي صفقة لتبادل الاسرى مشروطة بوقف القتال. وحكومة نتنياهو – غانتس ترفض ذلك بشدة. هي تضحي ليس فقط بالمخطوفين، بل ايضا بالجنود الذين يموتون ويواصلون الموت في الحرب التي لم يتم وضع اهداف لها، باستثناء الهراءات مثل “النصر المطلق” و”تصفية الكتائب الاربعة لحماس في رفح”. اضافة الى ذلك فان شركاء نتنياهو يرسخون خطاب كارثي يتمثل بـ “حرب الاستقلال الثانية” (غانتس)، و”الحرب ضد حماس في غزة ستستمر سنوات” (غادي ايزنكوت). ولأنهم لم يخلعوا الزي العسكري فانهم يكثرون هم وغيرهم من تشويش الجمهور بصياغات من قاموس هيئة الاركان وهيئة الامن القومي (“انجاز متراكم”، “المرحلة تعززت بالقتال”، “الواجب هو تشكيل صورة مختلفة للواقع”).

مغسلة الكلمات وبلادة الاحاسيس تعمل لساعات. هجوم جوي على مبنى قريب من خيام اللاجئين يتم عرضه بأنه “خطأ مأساوي”، عشرات الآباء والاولاد القتلى والمحروقين هم اشخاص “غير مشاركين”. سبب موتهم هو “شظايا اصابت خزان للوقود”، ويفضل “انفجار مخزن للسلاح”.

العالم ينظر بعدم التصديق لهذا الجنون. التعاطف ورصيد الاخلاق مع 7 تشرين الاول ضاع. الاعتماد الذي اعطي لنا لشن حرب دفاعية مبررة، نفد منذ زمن. اسرائيل اصبحت معزولة ومنبوذة أكثر من أي وقت مضى. ومع مذكرات اعتقال وفرض عقوبات اصبحت اسرائيل الآن متهمة، لشديد الخجل، بالتجسس والابتزاز والتهديد ضد المدعين العامين في لاهاي. لقد هزمنا نتنياهو وغانتس بدون قيد أو شرط.

——————————————–

هآرتس 30/5/2024

معبر رفح قد يكون فتحة خروج إسرائيل من قطاع غزة

بقلم: تسفي برئيل

التعليمات التي وصلت الى وسائل الاعلام المصرية كانت واضحة، “عدم تضخيم قتل الجندي المصري”، الذي قتل في مواجهة مع الجيش الاسرائيلي قرب معبر رفح. هكذا فان التقرير في وسائل الاعلام الرسمية كان مقتضب بشكل استثنائي. موقع غير حكومي كلف نفسه عناء احصاء عدد الكلمات، 30 – 45 كلمة، تم تخصيصها في وسائل الاعلام للجندي. وحتى أن الجيش المصري لم يصادق على نشر اسم هذا الجندي، عبد الله رمضان. عمليا، اسم الجندي نشر في “اكس” من قبل جهات مناوئة للحكومة.

في جنازته أول أمس في قرية العجمين في محافظة الفيوم لم يشارك ضباط كبار في الجيش، فقط قائد الشرطة المحلي وضابط برتبة متوسطة جاءوا للرقابة. حسب التقرير في “اكس” فقد شارك في الجنازة آلاف الاشخاص واطلقوا الشعارات ضد اسرائيل. وكما هو متوقع لم يتم نشر أي شيء من كل ذلك في قنوات التلفاز المحلية. ولكن التعليمات لوسائل الاعلام بـ “تمويت” الحادثة لم تطمس تهديدها. مصادر رفيعة في الجيش الاسرائيلي وفي الشباك وفي الادارة المدنية والمستويات الرفيعة في مصر سارعت الى اجراء محادثات كثيفة خوفا من تطور المواجهات المحلية الى حدث سياسي يعمل على تغيير الواقع، وأن يضر باتفاق السلام بين اسرائيل ومصر. لجان تحقيق اسرائيلية ومصرية تم تشكيلها على الفور، وقد تم ايضا اتخاذ قرار مشترك بالابلاغ عن نتائج التحقيق.

حسب مصادر في اسرائيل فان اسرائيل تعهدت بالحرص على عدم حدوث ذلك مرة اخرى، واضافة الى ذلك فان واشنطن تنوي ارسال في القريب وفد رفيع من مجلس الامن القومي لمناقشة الترتيبات التي ربما ستسمح باعادة فتح معبر رفح.

أول أمس كان يمكن للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن يسافر بهدوء الى الصين للمشاركة في المنتدى العربي – الصيني الذي يتم عقده منذ عشرين سنة، وأن يستقبل باحترام من قبل الحرس العسكري في الصين، من اجل اجراء محادثات مع الرئيس الصيني، والتوقيع في يوم الاربعاء على عدة اتفاقات تعاون اقتصادي مع الصين، التي استثمرت في مصر في 2023 اكثر من 14 مليار دولار. ايضا اتفاقات كامب ديفيد اجتازت عقبة خطيرة اخرى.

وزير خارجية الاتحاد الاوروبي، جوزيف بوريل، نشر في يوم الاثنين الماضي بأن وزراء خارجية الاتحاد منحوه “ضوء اخضر سياسي” كي يستخدم مرة اخرى قوة المساعدات الاوروبية. ولكنه اوضح بأن هذه الخطوة يمكن تنفيذها فقط عند وقف الحرب، وهي تخضع لتفاهمات مع السلطة الفلسطينية ومصر واسرائيل، الشركاء في اتفاق المعابر الاصلي. “نحن لا ننوي أن نكون هناك لوحدنا، أو أن نكون المصدر الخارجي للأمن على الحدود. نحن لسنا شركة حماية”، قال بوريل.

حسب اتفاق المعابر فان مراقبين من الاتحاد الاوروبي عملوا هناك وكانت مهمتهم هي الرقابة على تنفيذ بنود الاتفاق، وتأهيل موظفي السلطة الفلسطينية من اجل ادارة المعبر حسب المعايير الدولية. عمليا هم كانوا نوع من ستار أمامي فصل بين موظفي السلطة الفلسطينية الذين أداروا المعبر في الطرف الغزي بالتنسيق مع مصر وبين رقابة اسرائيل، التي توجد في معبر كرم أبو سالم وتحصل في الوقت الحقيقي على صور من المعبر. وكانت لديها ايضا صلاحية المنع أو المصادقة على عبور الاشخاص أو البضائع.

بعد سيطرة حماس على قطاع غزة في 2007 وطرد موظفي السلطة الفلسطينية، خرج ايضا المراقبون الاوروبيون وقوة المساعدات توقفت عن العمل. بعد عشر سنوات تقريبا في 2017، في اطار اتفاق المصالحة بين حماس وفتح بوساطة مصر، عاد موظفو السلطة الى العمل في معبر رفح. اسرائيل لم تعارض فتح المعبر رغم أن ذلك تم بالتعاون بين حماس والسلطة الفلسطينية. وهي ايضا لم تصمم على اعادة مراقبي الاتحاد الاوروبي حسب ما نص عليه اتفاق المعابر. بالنسبة لها كان فتح المعبر أمر حيوي من اجل تعزيز التعاون مع مصر، عرابة اتفاق المصالحة، والسماح بالنشاطات الاقتصادية في القطاع حتى لو كان ذلك يعني مكاسب اقتصادية وسياسية لحماس. ولكن خلال سنتين تقريبا تحطم اتفاق المصالحة بين حماس وفتح، وفي العام 2019 أمر رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، رجاله بالخروج من القطاع.

إن استئناف اتفاق المعابر الآن هو قصة اكثر تعقيدا. فمصر تحاول منذ اشهر كثيرة الدفع قدما باعادة السلطة الفلسطينية الى معبر رفح. ايضا السلطة الفلسطينية مستعدة مبدئيا لادارة المعبر في الطرف الغزي، شريطة الحصول على صلاحية ادارة كل القطاع في اطار عملية سياسية واسعة، تفسيرها لين، التي ستضع الاساس لحل الدولتين.

ادارة معبر رفح بشراكة مصرية ودولية يمكن أن تكون المحك الاول في الرحلة الطويلة التي ستعفي اسرائيل من السيطرة المدنية في غزة، والانجرار الى الاحتلال الكامل، الذي يشمل ايضا المسؤولية المباشرة عن حياة السكان في القطاع. ولكن الآن اسرائيل هي التي تضع العائق الذي لا يمكن تجاوزه امام اعادة السلطة الفلسطينية، من خلال الرفض المطلق لتليين المسلمة السياسية التي بحسبها لن يكون في قطاع غزة أي موطيء قدم لـ “سلطة الارهاب”.

لكن حتى الآن لا يوجد لادارة المعبر ويبدو أنه لن يكون، أي بديل عربي، دولي أو فلسطيني، عن السلطة الفلسطينية أو حماس. وطالما أن اسرائيل تتمسك بهذا الموقف فانه لا يوجد أي سبب للنقاش في ترتيبات السيادة والادارة والدفاع، الحيوية لتشغيل المعبر. النتيجة هي أن اسرائيل تسيطر على معبر اشباح لا توجد فيه أي نشاطات لأن مصر غير مستعدة للتعاون معها، وايضا لا توجد لديها أي خطة عمل لحل قضية المعبر، رغم أنه واضح لجميع الاطراف بأنه لن يكون مناص من تشغيله بالكامل في الفترة القريبة القادمة، من اجل التغلب على الكارثة الانسانية التي اصبحت عامل استراتيجي رئيسي يملي استمرار الحرب، وبعد ذلك من أجل أن يخدم سكان القطاع بعد السماح لهم بالعودة الى بيوتهم والبدء في اعمارها.

——————————————–

يديعوت 30/5/2024

الفلسطينيون بين العدوانية وادعاء الضحية

بقلم: ميخائيل ميلشتاين

يوم النكبة، الذي أحياه الفلسطينيون في 15 أيار، وصفه هذه السنة الكثيرون منهم كاستمرار لمصيرهم التاريخي الدائم، الذي في أصله نزوح، لجوء، قتل وخراب. وكان حتى من ادعى بان المعركة الحالية في غزة هي النكبة الأكبر، التي تفوق في نطاقها الضرر الذي وقع بالفلسطينيين، في النكبة الاصلية في العام 1948.

لكن وجه الشبه بين الماضي والحاضر يوجد أيضا في “ظلال” عديدة لا يعنى بها الفلسطينيون وعلى رأسهم: غياب قيادة وطنية: (في 1948، كانت هي اول من هرب، وهي اليوم تختبيء تحت الأرض دون حديث مع الجمهور). الى جانب الفجوة الدائمة في اجندة وطنية مرتبة واهداف واقعية بدلا من الأوهام والشعارات. وهكذا، خيام الفلسطينيين تبقى رمزا للمصير الفلسطيني وهي تحظى “بعلاوة حديثة” وفي شكل شاحنات المساعدات وملاحقة الجماهير للرزم التي تنزلها الطائرات بالمظلات.

يصف الفلسطينيون تكرارات تاريخية مأساوية تفرض عليهم لكنهم يمتنعون عن الاعتراف عن ان هذا نتيجة الخيارات الاستراتيجية التي يتخذها الجمهور والقيادة معا. في هذا الاطار يبرز الرفض للاعتراف بالعلاقة التي بين السبب والنتيجة (رفض مشروع التقسيم في 1947 ومذبحة أكتوبر التي بدأت الحرب الحالية)، الى جانب التمسك بالصورة المزدوجة التي يكون فيها الفلسطينيون الضحية الخالدة وإسرائيل هي “الشر المطلق”. كل هذا في ظل الامتناع عن حساب النفس واتخاذ موقف السلبية والحتمية امام الكوارث النابعة من القرارات الوطنية المسبقة. الميل لادعاء الضحية، إبقاء التعلق المطلق بالعالم والفرار من المسؤولية ومن النقد الذاتي يحل إذن محل الاستراتيجية الوطنية المرتبة والقابلة للتحقق.

بعد 67 سنة بعد نكبة 1948 توجد هوية وطنية فلسطينية لكن تحوم علامة استفهام كبيرة فوق وجود مجتمع مدني فلسطيني. هذه جماعة لم تحتج حتى الان على الكارثة غير المسبوقة التي اوقعتها عليها حماس وأجزاء واسعة منها (كما اتضح من استطلاعات الرأي العام الفلسطيني، تؤيد هجمة 7 أكتوبر، تؤيد حماس وترفض التصديق بان الفلسطينيين ارتكبوا جرائم حرب. هذا تعبير عن ثنائية قطبية قديمة: الثناء على أعمال العدوان العنيفة المغلفة بالتعبير البطولي لـ “المقاومة” و “الصمود” ومن الجهة الأخرى الانطواء في ادعاء الضحية.

بشكل مفعم بالمفارقة، فان قوة الحركة الوطنية الفلسطينية خارج الساحة الفلسطينية هي اليوم اكبر من تلك التي توجد بين النهر والبحر. من داخل مظاهرات التأييد في الجامعات ولدت، عمليا، الحركة الوطنية الافتراضية الأولى في العالم التي تستخدم رمز ثقافة الجيل الـ Z. مؤيدو الكفاح الفلسطيني يتمسكون بشعارات عمومية، سياسة الهوية، الموضة القائمة في رمز الكوفية وتنطوي على قدر اقل من التعقيد والمعرفة. وهذه توجد مثلا في فهم الطابع المناهض لليبرالية لدى حماس او معرفة الفساد والقمع السياسي الذي تتميز به الساحة الفلسطينية كلها.

لقد بعثت الحرب في غزة ذكريات المحرقة والنكبة من قعر الوعي الجماعي في الجماعتين الاهليتين، الى جانب شك وعداء غير مسبوقين. في مثل هذا الوضع ليس معقولا الامل بالمصالحة. في الخلفية تحتدم الصعوبة لتنمية حوار مثمر بين جماعة أهلية تختص بالجلد الذاتي وبين أخرى ترفض في معظمها الاعتراف بمعاناة “الاخر” وبقدرة أعضائها على ارتكاب جرائم حرب. بين مجتمع يتمسك برواية ذات بعد واحد وثنائية القطبية تتمثل بالصراع بين الملائكة والشياطين والثانية فيها نقد ذاتي واحتجاج ضد القيادة بما في ذلك في اثناء الحروب.

احداث الأسبوع المنصرف في رفح تجسد الفجوة الموصوفة. فالاصابة القاسية للمواطنين الفلسطينيين – التي اصلها، كما يبدو، في انفجار ذخيرة لحماس وليس في غارة الجيش الإسرائيلي – نقلت انباؤها بتوسع في إسرائيل ويجري تحقيق عميق في شأنها. اما حماس بالمقابل فقد قفزت على الحدث كذخر دعائي وفي أوساط الجمهور الفلسطيني برزت تساؤلات ضعيفة جدا في مسألة من المسؤول عن خراب نسيج الحياة الذي كان قائما حتى 7 أكتوبر، دون افق لانهاء المعاناة. بين البدائل السيئة للموضوع الفلسطيني على إسرائيل أن تختار الأقل سوءاً والأكثر واقعية. فتعميق الاتصال بين الشعبين في الضفة وفي غزة هو الأسوأ الذي من المعقول ان يولد سيناريو بلقانيا داميا حتى اكثر من ذاك الحالي، الى جانب اثمان باهظة في المجالات السياسية، الاقتصادية والأمنية والاجتماعية. المخرج الضروري لجماعتين اهليتين معاديتين وذاتي اختلاف قيمي وثقافي عميق بهذا القدر هو الانفصال الجسدي. مع ذلك، يترافق الامر ومعضلة حادة في ضوء انعدام نضج الفلسطينيين للسيادة، الذي تنطوي عليه حقيقة انه حين كانوا قد اختبروها، بعد الانسحاب من غزة في 2005 – ركزوا على الجهاد وليس على التنمية الذاتية.

ان زعماء إسرائيل مطالبون بان يسووا بين القطبين: من جهة انفصال والى جانبه قرارات حاسمة أليمة لكن من الجهة الأخرى الا يخاطروا بتهديدات وجودية، مثلا في اعقاب إقامة دولة فلسطينية مستقلة. احد اتجاهات التفكير الواجبة هو خلق حدود مادية، مع إبقاء بوابات السلطة الفلسطينية في ايدي إسرائيل – في غور الأردن ومحور فيلادلفيا. هذا الى مدى زمني غير محدد، في اثنائه ينبغي الامل، ودون التعلق بالاوهام، تترسخ قيادة فلسطينية مستقرة وواعية ويقل العداء المتجذر لإسرائيل.  في هذه اللحظة فان معقولية مثل هذا السيناريو ملفوف بالغموض لكن مجرد طرح الفكرة هو امر حيوي لاجل تطوير نقاش واقعي وعديم المفاهيم المغلوطة من النوع الذي تفجر بشكل مأساوي في 7 أكتوبر.

——————————————–

هآرتس 30/5/2024

في الضفة يسود استقرار محدود والتهديد بالاشتعال يأتي الآن بالذات من إسرائيل

بقلم: عاموس هرئيلِ

جنديان اسرائيليان قتلا أمس على المدخل الجنوبي لنابلس في عملية دهس من قبل سيارة فلسطينية. في الجيش يعتقدون أن الامر يتعلق بعملية متعمدة، وفي المنطقة بدأت مطاردة لسائق السيارة التي نفذت عملية الدهس. مع ذلك، خلال ثمانية اشهر الحرب في غزة تقريبا بقيت الضفة الغربية ساحة ثانوية للقتال. الجيش الاسرائيلي نشر فيها قوات كبيرة وبدأ في عمليات هجومية واسعة في جنين ونابلس وطولكرم. ورغم أنه حدثت في المناطق عمليات اطلاق نار كثيرة والفلسطينيون تكبدوا مئات القتلى في الاحداث، إلا أنه يبدو أن الوضع في الضفة الغربية بقي على بعد خطوة من نقطة الاشتعال الشامل. سيطرة السلطة الفلسطينية في رام الله بقيت مستقر نسبيا رغم التماهي الكبير للجمهور في الضفة مع حماس ومع المذبحة في غلاف غزة. ورغم الفساد الكبير والصراع على وراثة الرئيس العجوز محمود عباس، بقيت درجة من السيطرة على الوضع.

النتيجة حتى الآن، من ناحية اسرائيل، كانت اقل خطرا مما ظهر في 7 اكتوبر. وبمعان كثيرة فان السلطة والاجهزة الامنية الفلسطينية تواصل العمل كمقاول من الباطن لاسرائيل لصالح الامن في الضفة. وخوف السلطة الفلسطينية وحركة فتح من حماس، لا سيما الخوف من محاولتها احتلال بالقوة السلطة في الضفة، يفعل فعله. حتى الآن فان الاجهزة تواصل اعتقال اعضاء حماس والجهاد الاسلامي، وهناك درجة من التعاون الاستخباري الذي يؤدي الى احباط العمليات الارهابية ضد الاسرائيليين.

لكن حتى هذا الاستقرار المحدود يمكن أن يتضعضع في الاشهر القريبة القادمة، بالتحديد ازاء خطوات تخطط لها اسرائيل. ومثل عدد كبير من الصعوبات الاستراتيجية التي تعرضنا لها في حرب الاستنزاف المستمرة مع حماس وحزب الله فان سبب ذلك ينبع من الوضع السياسي الداخلي في الائتلاف. هذا يتعلق بالخطط الطموحة لوزير المالية والوزير في وزارة الدفاع بتسلئيل سموتريتش، الذي منذ عشر سنوات على الاقل لا يخفي أن هدفه هو تقويض حكم السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. في الفوضى الحالية هو يلاحظ فرصة ويحاول دفع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، الى هذا الاتجاه، وايضا يعمل ضد الاجماع الاستثنائي لكبار قادة الاجهزة الامنية. هذا سيكون نجاح مزدوج بالنسبة لأنه بذلك هو يأمل منع سيناريو آخر يخشى منه اليمين، وهو تدخل السلطة الفلسطينية في ترتيبات اليوم التالي في قطاع غزة (التي تبدو الآن بعيدة لأن حماس لم تهزم بعد).

سموتريتش حاول تمرير قرارات تؤدي الى انهيار السلطة قبل سنة تقريبا، في ذروة فترة الانقلاب النظامي. في حزيران 2023 تم عقد الكابنت الامني ومنع اتخاذ قرار حول تغيير السياسة تجاه السلطة والسعي العلني لتقويضها. نتنياهو رغم ضغط اليمين لم يستسلم في حينه لشركائه. الظروف الآن مرة اخرى هي اكثر صعوبة، ايضا على خلفية الوضع الامني. المتغير الاكثر حسما هو قرار الحكومة منع دخول العمال الفلسطينيين للعمل داخل اسرائيل منذ المذبحة في الغلاف. من بين الـ 150 ألف عامل الذين عملوا في البلاد حتى المذبحة فانه فقط 8 آلاف عامل فلسطيني في وظائف حيوية مثل فرع الغذاء والدفن والنظافة، مسموح لهم الدخول الآن (في المقابل، في اعقاب ضغط المستوطنين، تمت المصادقة في مرحلة مبكرة على دخول 10 آلاف عامل من الضفة الى المناطق الصناعية في المستوطنات رغم المخاطرة).

نسبة البطالة في الضفة تبلغ الآن 30 في المئة. وفي اسرائيل الحكومة تناقش خطة لاحضار عشرات آلاف العمال من الخارج، بالاساس لفرع البناء، كبديل دائم للعمال الفلسطينيين. ايضا الحركة بالاتجاه المعاكس محظورة. فقط مؤخرا تقرر السماح بدخول عرب اسرائيل الى الضفة الغربية للتسوق، وهذا عامل حاسم للاقتصاد الفلسطيني، بالتأكيد عندما يكون العمل داخل حدود الخط الاخضر محظور.

في الفترة القريبة القادمة ستتم مناقشة والدخول الى حيز التنفيذ عدة خطوات التي يمكن أن تزيد الاضرار بالسلطة الفلسطينية. في مركز هذا الموضوع يوجد دعم السلطة للسجناء الفلسطينيين الامنيين في السجون الاسرائيلية. هذا طلب قديم لاسرائيل، وقف هذا الدعم، الذي يرتكز الى الادعاء بأن السلطة الفلسطينية تستخدم بهذه الطريقة طريق التفافية لمساعدة الارهاب والتشجيع عليه. الآن هي تحصل على التعزيز على خلفية المذبحة في بلدات الغلاف – لكن تطبيقها سيفاقم الازمة الاقتصادية في مناطق السلطة الفلسطينية. اسرائيل سبق لها واتخذت عدة خطوات لتجميد اموال الضرائب (خصم اموال الضرائب للعمال الفلسطينيين ردا على دعم السجناء وتحويل الاموال الى القطاع). مؤخرا تم العثور على مسار التفافي، تحويل الاموال عبر النرويج، لكن اسرائيل ترفض مواصلة ذلك بذريعة أن النرويج اعترفت هي ودول اوروبية اخرى بالدولة الفلسطينية.

في نهاية السنة يمكن أن تصل السلطة الى عجز يبلغ 30 مليار شيكل (الميزانية السنوية لها هي 19 مليار). السلطة ستجد نفسها غير قادرة على تسديد الديون ولن تتمكن من دفع الرواتب. هكذا تعود الموظفون العامون، بدء برجال الامن وانتهاء بالمعلمين، على التسلم في السنة الاخيرة فقط نصف الراتب في الشهر. في المؤتمرات الاخيرة للدول المانحة لم يتم التوصل الى تفاهمات، وفي هذه الاثناء لا يلوح في الافق أي انعطافة في الوضع الاقتصادي للسلطة الفلسطينية.

في بداية شهر حزيران القادم يمكن أن يدخل الى حيز التنفيذ قانون تعويض جديد للمصابين في العمليات العدائية، الذي سيمكن كل مصاب في عملية ارهابية من الحصول بشكل تلقائي تقريبا على تعويض من اموال السلطة (10 ملايين شيكل لعائلة القتيل و5 ملايين شيكل لعائلة المصاب). عبء الاثبات بأن الامر لا يتعلق بعملية ارهابية سيكون على السلطة. في موازاة ذلك اسرائيل تقوم بخطوات تصعب على السلطة مواصلة علاقاتها مع البنوك الاسرائيلية. لكل هذه الاسباب التي جزء كبير منها اقتصادي فان السلطة الفلسطينية تقف على شفا الهاوية. في هذه الاثناء يبدو أن الحكومة الاسرائيلية مترددة بين دفعها بعدة خطوات الى الامام رغم تحذير جهاز الامن.

في غضون ذلك تثور عاصفة عامة صغيرة على خلفية اطلاق نار ممنهج لمخربي حماس في طولكرم على مستوطنة بيت حيفر، التي توجد وراء جدار الفصل غرب خط التماس. هذه المستوطنة تعاني من محاولات متكررة لاطلاق النار، وسكانها يشتكون من ضعضعة الشعور بالأمن، على خلفية الخوف من أن المذبحة في 7 اكتوبر ستتكرر ايضا في مستوطنات عيمق حيفر. الجيش الاسرائيلي الذي عمل في الاشهر الاخيرة بشكل عنيف في مخيمات اللاجئين القريبة، طولكرم ونور شمس، يجد صعوبة في هذه الاثناء في مواجهة ما يظهر كتهديد غير معقد بشكل خاص. سموتريتش بالمناسبة، يتعهد بحل بسيط. فقد هدد أمس بتحويل طولكرم الى غزة اذا لم يسد الهدوء.

عبء اكثر ومساواة أقل

طالما أن الحرب في غزة وعلى الحدود مع لبنان ترتدي صورة حرب الاستنزاف، فانه هكذا تتضح تأثيراتها الكبيرة على المجتمع وعلى الاقتصاد. مؤخرا النفوس هائجة بعد أن قام الجيش باستدعاء مئات الفتيات ومجندات احتياط خدمن الخدمة النظامية في الضفة الغربية وتقريبا لم يتم استدعاءهن منذ ذلك الحين للخدمة في الاحتياط، لمهمة حراسة مخربي حماس في السجون الاسرائيلية. الجيش الاسرائيلي القى هذه المهمة مع مهلة قصيرة للفتيات اللواتي لم يجتزن الاعداد المناسب لهذه المهمة.

الاقل اغضابا من ذلك هو النظرة لجنود الوية الاحتياط الذين تم استدعاءهم مع مهلة لمدة اسبوع أو اسبوعين للخدمة في قطاع غزة. في هيئة الاركان يبدو أنه تم ارتكاب خطأ في التخطيط، وفي اعقاب ذلك تبين أنه للواء المشاة “كرميلي”، الموجود على ممر نتساريم في وسط القطاع، لم يتم اعداد أي بديل عندما سيتم تسريحه المخطط له (القصة نشرها للمرة الاولى المراسل شاي ليفي في موقع “ماكو”). وقد ثارت ضجة كبيرة في اعقابها تسلم آلاف الجنود في الوية مختلفة الأمر 8 للمثول السريع للخدمة. ايضا بعد أن تم الغاء جزء من هذه الاوامر نشأ وضع فيه كتائب خدمت في السابق لاشهر كثيرة في غزة وفي منطقة الشمال، التي ينتظرها تشغيل عملي آخر في الصيف، حصلت الآن على أمر الامتثال للخدمة.

هناك وحدات تتأرجح بدون تخطيط من مكان الى آخر. مؤخرا ظهرت ظاهرة غريبة اخرى، التي فيها الضابطات في السكرتاريا يبحثن في الفيس بوك عن متطوعين لوظائف معينة تنقص الوحدات، منها سائقون وموظفو تكنولوجيا ومعلومات.

الجيش الاسرائيلي يستخدم الآن في القطاع تقريبا ربع القوات التي عملت هناك في ذروة الحرب. ايضا القوات على الحدود مع لبنان تم تقليصها. هذا العبء تتحمله الآن وحدات قليلة نسبيا، وضغوط كثيرة وتخطيط سيء يصعب على توزيع متساوي ويضر بدافعية الجنود في الخدمة. ويضاف الى ذلك الشكاوى المتجددة، وحتى المتزايدة، على نقص المعدات المناسبة لجنود الاحتياط. متطوعون يعملون في الدعم اللوجستي في الوحدات، الوسائل القتالية والمعدات منذ اليوم الاول للقتال، قاموا بجمع عدة طلبات لوحدات التي تم دمجها مؤخرا لخدمة اخرى في القطاع وفي منطقة الشمال وفي الضفة الغربية. من بين هذه الطلبات فان القادة يبحثون لوحداتهم عن مئات الخوذات التكتيكية والستر الواقية والزي المضاد للحريق لطواقم الدبابات والحوامات.

في الاشهر الاولى للقتال قال الجيش الاسرائيلي دفاعا عن نفسه بأنه تفاجأ من سيناريو فيه مئات آلاف الجنود تم استدعاءهم للخدمة دفعة واحدة، وكان يتوقع أن يكون نقص محلي، الذي تم حله بعد فترة معينة. الآن عندما اصبح من الواضح أنه ما زالت تنتظرنا حرب استنزاف طويلة فانه يجب الأمل بأن الجيش سينزل الى عمق هذه الادعاءات ويعرض حلول على الارض. هذه ليست مشكلات لا يمكن للمواطنين المتطوعين وجنود الاحتياط حلها بأنفسهم.

——————————————–

يديعوت 30/5/2024

ساعة رمل ائتلافية: الساحة السياسية قريبة من نقطة الغليان

بقلم: يوفال كارني

المعسكر الرسمي على شفا الانسحاب وتهديد عضو الكابنت غادي آيزنكوت كان المؤشر الاوضح على ذلك. قانون التجنيد يهدد الائتلاف بسبب الحريديم ومعارضة نواب في الليكود؛ رئيس لجنة المالية النائب موشيه جفني يهدد بأزمة خاصة به بسبب الميزانيات للتعليم الحريدي؛ والمعارضة المنقسمة قررت إقامة غرفة عمليات هدفها اتخاذ خطوات سياسية وبرلمانية لاسقاط الحكومة. هدفها: خمسة أصابع لنواب من الليكود يحطموا الاواني – حكومة إسرائيل مهددة من الداخل ومن الخارج.

عضو الكابنت آيزنكوت قال أمس في خطاب حاد ونقدي ما قاله حتى وقت غير بعيد أعضاء المعسكر الرسمي في الغرف المغلقة: نتنياهو فشل، هو يوجد في حملة انتخابية، يبيع شعارات عابثة للجمهور الإسرائيلي والحرب لا تزال بعيدة عن النهاية. عنصر مشوق: رئيس هيئة الامن القومي تساحي هنغبي هو الاخر قال أمس انه حسب التقديرات فان الحرب ستستمر لسبعة اشهر أخرى على الأقل.

“النصر المطلق هو شعار جذاب”. هذه أوهام عابثة”، قال امس آيزنكوت في مؤتمر لذكرى رئيس الموساد الأسبق مئير داغان. وأعطى لنتنياهو علامة “فاشل” وشرح: “الهدف الأول كان كبح البرنامج النووي الإيراني، لا حاجة للمرء أن يكون مطلعا على تقرير الاستخبارات بان ايران توجد في المكان الأكثر تقدما وتهديدا منذ ان بدأت هذا البرنامج؛ الهدف الثاني كان السعي الى السلام مع السعودية، كان يخيل أننا على مسافة “خطوة” من هناك، اما اليوم فيبدو هذا بعيدا جدا؛ الثالث – الحفاظ على الاقتصاد وتخفيض غلاء المعيشة، واضح ان الميول سلبية الان والمستقبل المتوقع ليس مزهرا؛ الهدف الرابع كان إعادة الامن والحوكمة، لا حاجة لاضافة الكلام – واضح أن الحكومة فشلت فشلا ذريعا”. كما ان الحجة بان الضغط العسكري القوي على حماس سيؤدي الى تحرير المخطوفين: “من يزرع الأوهام باننا سنعالج الكتائب في رفح وعندها نعيد المخطوفين، فانه يزرع اوهاما عابثة”، أضاف آيزنكوت.

في الليكود سلموا منذ الان بالتقدير بانه في الأسبوعين القريبين سينسحب وزيرا المعسكر الرسمي من الحكومة. “آيزنكوت وغانتس سيبحثان عن معاذير لانهاء الحرب دون تحقيق أهدافها، والانسحاب من الحكومة في ذروة الحرب”، قالوا في الليكود. “بدلا من الاهتمام بالسعي الى النصر فهما يعنيان بسياسة صغيرة”. في المعسكر الرسمي ردوا: “بدلا من العمل على تحقيق إنجازات في اعقاب المناورة في ميدان المعركة، نتنياهو يناور بين الألغام السياسية ويمتنع عن اتخاذ القرارات من اجل الدولة. في الشعارات لا ينتصر الناس في الحروب. شعب الخلد لا يخاف الطريق الطويلة”.

من ينتظر انسحاب غانتس وايزنكوت هم ثلاثة رؤساء أحزاب المعارضة لبيد، ليبرمان وساعر. امس التقى الثلاثة في اعقاب مبادرة ليبرمان لاقامة غرفة عمليات لاسقاط الحكومة. الهدف هو ان ينضم غانتس أيضا الى غرفة العمليات لاجل تحديد خطوط واضحة بين نتنياهو وحكومة اليمين مليء مليء بين المعارضة ومعارضي نتنياهو. أمس اتفقوا على “خطة عمل” لتغيير الحكومة من اجل مستقبل دولة إسرائيل. ودعوا بيني غانتس للانسحاب من الحكومة والانضمام الى المنتدى لتغييرها.

المعارضة غير المنسجمة التي لم تنجح حقا في التعاون قررت “تنسيق خطوات لاسقاط الحكومة”. وادعى مصدر كبير في منتدى الثلاثة بان المهمة المتحدية هي محاولة كسر الليكود وجلب أربعة – خمسة نواب غير راضين عن نتنياهو وسلوك الحكومة للانسحاب لاجل تقديم موعد الانتخابات أو باحتمال ادنى لتغيير الحكومة بدون انتخابات في الكنيست الحالية.

لكن هذه ليست المشاكل الوحيدة للحكومة وللائتلاف. قانون التجنيد هو تهديد حقيقي وأمس جاء تهديد داخلي إضافي: رئيس لجنة المالية موشيه جفني، الذي هدد بانه اذا لم تحول حتى الأول من حزيران الميزانيات للتعليم الحريدي – فانه سيترك منصبه. وجاء في بيان يهدوت هتوراه ان جفني سيستقيل من رئاسة لجنة المالية اذا لم يتم تحويل الأموال للتعليم الحريدي.

وكان جفني نفسه قرر رفع المواجهة حول الموضوع الى مستوى “الحرب الدينية” وليس اقل من ذلك. إذ ان هذا برأيه ليس موضوعا ماليا بل “حرب دينية” تستهدف منع الحريديم من التعليم.

——————————————–

هآرتس 30/5/2024

هل تم اختطافنا من قبل منظمة جريمة؟  بالتأكيد لا، نحن استسلمنا..!

بقلم: يوسي كلاين

ذات صباح عندما استيقظ ج من احلامه الهستيرية، رأى أنه اصبح شخص لديه رسالة وهي انقاذ الدولة. في تشرين الاول هو لم يتم تجنيده (بسبب مرضه)، لكن بعد فترة قصيرة وصل الى مؤخرة العدو، الى ميدان المخطوفين، كي يمسك أحد ما ويشوه مظهره. كان يعرف أن الركلة لها ثمن. وأنه في الشبكات الاجتماعية سيسمى “الازعر” و”الغوغاء”. ماذا في ذلك؟ ليقولوا ما يريدون.

ج. شعر بأنه كوماندو من شخص واحد، يفعل ما يخشى الآخرون أن يفعلوه. كان على ثقة بأنه يمتثل لأوامر كان يجب اعطاءها ولكن لم يتم ذلك. هو جاء مستعد. الفشل في حياته الخاصة جعله يبحث عن ثغرة خروج في الحياة الوطنية. كان لديه الكثير من الوقت. أنا لست مجرد أزعر، غبي وعنيف، قال لنفسه مرة تلو الاخرى، أنا أقدم للدولة التي لا تقدم لي أي شيء.

ج. ليس ظاهرة نادرة. فالزعران مثله يوجد منهم في أي دولة وفي أي زمن. هم “الحفنة” و”الاعشاب الضارة”، هم اليكس من “البرتقالة الميكانيكية” وبريتس من “اس.إي” واوليئيل من دوما ومحلوق الرأس من تشيلسي. جميعهم أخوة، جميعهم زعران. جميعهم يعتبرون أنفسهم وطنيون. جميعهم يبحثون عن طريقة لتقبلهم في المجتمع الذي يلفظهم. في مجتمع مستقر هم في الهامش. في مجتمع ينهار هم في الحكومة.

الحكومة التي يجلس فيها الزعران هي منظمة جريمة. هذه حكومة تتبنى معايير عائلة جريمة. قبل أي شيء الاخلاص للرئيس وابناء عائلته وبعد ذلك للاصدقائه. هي حكومة سخية ومبذرة. هل ينقصك أي شيء؟ رصيف امام البيت؟ مطار؟ فقط قل ما الذي ينقصك. كيف تتحول حكومة منتخبة وشرعية الى منظمة جريمة؟ تضع مجموعة معيارية لغرفة الخزنات وتضع المفاتيح في جيبها. وتحيطها بحراس عتبة كسالى وناخبين لامبالين وسترى كيف أنه بعد عشرين سنة ستجدهم يوزعون على مقربيهم الاموال التي ليست لهم. يشارك في ذلك حتى من لم يأخذوا، من يشاهدوا ويصمتوا. المقربون يعرفون ما الذي يريده الرئيس، حتى لو أنه لم ينبس ببنت شفة. من اجله هم يقلبون شاحنات المساعدات. من اجل هم يركلون المتظاهرين. بدلا منه هم يثيرون اعمال الشغب في المناطق. احتراما له هم يخلقون الفوضى. في الفوضى تزدهر نماذج القمصان باللون البني والوشم والاهداب. خذوا ج. من ركلات عائلات المخطوفين وألبسوه قميص بني وتخيلوه في الـ 33 وسترون كيف أنه سيضرب اليهود وكأنه ولد من اجل ذلك. لغة الزعرنة هي لغة عالمية. دائما ستكون حاجة الى من يعرف كيفية ضرب الرأس وكسر الارجل. في الحكومة يستمرون في الركل والكسر، فقط بشكل اكبر. هم لم يتغيروا. نفس الشعور بالدونية والغطرسة التي تغطي على عدم الشجاعة. لا يوجد لديهم ما يخسرونه. خارج الحكومة لا ينتظرهم أي شيء. هم جاءوا من الشارع، وهم جلبوا الشارع الى الحكومة. يجلس في الحكومة ازعر مع شهادة. انظروا كيف أن الجميع حوله يتبولون على أنفسهم.

هل تريدون أن أبقى فقط معهم؟ هدد نتنياهو. ليهدد. منذ زمن لم نعد نصدقه. نحن لا نصدق أي شيء يقوله. لا نصدق أن المخطوفين الذين تمت اعادة جثامينهم قد قتلوا في الغلاف قبل ثمانية اشهر، أو في الانفاق مؤخرا. نحن لا نصدق التصريحات حول “الالتزام باطلاق سراحهم”. نعم نصدق أنه ستأتي لحظة سيعلن فيها أن المخطوفين هم أموات “قدّيسين” شريطة نزول المزعجين اللحوحين من عائلات المخطوفين عن ظهره.

إن عدم الثقة عابر للفترات. لن نصدق ما وعدنا به الآباء والمعلمون والقادة والزعماء الذين قالوا إننا اذكياء واقوياء. لقد تبين أننا ضعفاء ونعتمد على الآخرين. لن نصدق ايضا “لا يوجد لنا أي مكان لنذهب اليه”. بالتأكيد يوجد لنا: الاماكن التي لا يقتل فيها اليهود، ولا يكون دين معين شرط للعيش فيها. ستتفاجأون، توجد مثل هذه الدول.

هل تم اختطافنا من قبل منظمة جريمة؟ بالتأكيد لا، نحن استسلمنا. قمنا بالاقصاء والتناسي. منذ ثمانية اشهر يزعجنا سؤال ماذا سيكون في قطاع غزة في “اليوم التالي”. هذا سؤال جيد، لكن لماذا نحن نصمت منذ 57 سنة، ولم نسأل ما الذي سيكون في اليوم التالي في المناطق؟ اذا لم تكن دولة فلسطينية في اليوم التالي فماذا سيكون؟ واذا لم تكن دولة ابرتهايد فماذا سيكون؟ لم نطلب أي اجابة، والسياسيون كانوا سعداء بعدم اعطائها. نحن أدمنا على “ادارة النزاع”، والآن نحن نوجد في أزمة.

——————————————–

لواء احتياط إسرائيلي: استمرار الحرب قد يؤدي لانهيار إسرائيل

قال اللواء احتياط في الجيش الإسرائيلي إسحاق بريك إن إسرائيل لا تملك القدرة على كسب الحرب ضد حماس أو ضد حزب الله اللبناني، محذرا من أن استمرار الحرب قد يؤدي إلى انهيارها.

وفي تصريحات تناقلتها وسائل الإعلام الإسرائيلية اليوم الخميس أضاف بريك أن الجيش الإسرائيلي صغير ومهترئ وليس لديه فائض في القوات، وكل يوم تتواصل فيه الحرب يزداد الوضع سوءا.

وتابع أن قادة الحرب في إسرائيل على المستويين السياسي والعسكري لا يريدون الاعتراف بالحقائق الصعبة التي يتحملون مسؤوليتها، بل يقودون إسرائيل إلى الهاوية، حسب تعبيره.

واعتبر أن إسرائيل خسرت الحرب منذ اللحظة الأولى للهزيمة التي وصفها بالمهينة، والتي منيت بها في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قائلا إنه كان يتعين عليها العمل على تعويض هذه الخسارة وفق سلم أولويات واضح بدلا من الحديث عن انتصار مطلق.

وتابع أن عدم إنهاء إسرائيل الحرب سيحولها إلى حرب استنزاف تستمر لسنوات، وستؤدي في النهاية إلى انهيارها مع وجود احتمال الحرب الإقليمية، مشيرا إلى أنها ستتعرض مع مرور الوقت إلى مزيد من العزلة العالمية.

من جهة أخرى، كشفت حركة “يوجد حد” الإسرائيلية اليسارية أن عدد رافضي الخدمة العسكرية في صفوف قوات احتياط الجيش الإسرائيلي خلال الحرب الجارية على قطاع غزة ارتفع بشكل غير مسبوق.

ومنذ بداية العملية البرية في قطاع غزة في 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي تتكبد قوات الاحتلال خسائر فادحة في الأرواح والعتاد مع استمرار عمليات فصائل المقاومة.

وأعلن جيش الاحتلال مقتل 642 عسكريا وإصابة 3643 آخرين منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، منهم 291 قتلوا و1831 أصيبوا خلال العملية البرية المستمرة في غزة، في حين ترجح مصادر إسرائيلية أن الأرقام الحقيقية أكبر من ذلك.

——————————————–

لباحث الكندي إيريك والبيرغ: لعنة قابيل تلاحق “إسرائيل”.. و”الهجرة العكسية” تؤكد قرب زوالها

يهود متدينون يهاجرون من إسرائيل

أكد الباحث الكندي إيريك والبيرغ أن العالم يشهد معركة كبيرة بين الرأي العام الدولي والصهيونية العالمية، مشيراً إلى أن الأخيرة بدأت تخسر هذه المعركة، مع قيام نصف مليون إسرائيلي بـ “اليريدة” (مصطلح عبري يعني هجرة اليهود من إسرائيل)، بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وهو “ما يبدّد الحلم الصهيوني المتمثّل في جمع كل يهود العالم في إسرائيل باعتبارها ملاذاً آمناً”.

ويعتبر والبيرغ من أبرز الباحثين المنتقدين للرأسمالية العالمية والدعم الغربي لإسرائيل، حيث ألّف عدداً من الكتب في هذا المجال، على غرار: “العلاقة بين كندا وإسرائيل”، و”إمبريالية ما بعد الحداثة: الجغرافيا السياسية والألعاب الكبرى”، و”من ما بعد الحداثة إلى ما بعد العلمانية: إعادة ظهور الحضارة الإسلامية”.

وقال، في حوار صحفي: “لقد باءت كلُّ محاولات إسرائيل لطرد الفلسطينيين قسراً إلى بلدان أخرى بالفشل، فنحن لسنا في عام 1948، أي قبل عصر التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي، ولن تقع أي دولة عربية فريسة للمخططات الإسرائيلية الرامية إلى تفريغ فلسطين من الفلسطينيين، كما أن أزمة اللاجئين العالمية لن تترك مجالاً لملايين الفلسطينيين الذين حوّلتهم إسرائيل إلى لاجئين (بعد قصف قطاع غزة)”.

وأضاف: “لقد بدأ يتضح كيف سيكون رد فعل جيران إسرائيل. حيث شارك الأردن في مرافعة شفوية أمام “محكمة العدل الدولية”، في فبراير/شباط، (بشأن الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة)، كما انضمت مصر، الجارة الأكثر إخلاصاً لإسرائيل، إلى قضية جنوب إفريقيا أمام “محكمة العدل الدولية”، في إبريل/نيسان، (بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة)، ورفضت (مصر) طلب إسرائيل إيواء سكان غزة “مؤقتاً”. كما يواصل “حزب الله” اللبناني هجماته ضد المستوطنين الإسرائيليين، وتستمر سوريا في حربها لاستعادة مرتفعات الجولان وإعادة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم. وهناك إرادة جديدة بينهم لوضع نهاية نهائية لـ 75 عاماً من الإرهاب في إسرائيل”.

حلّ الدولتين انتهى

وفي ذات السياق، يرى والبيرغ أن حلّ الدولتين “انتهى منذ فترة طويلة. حيث يعيش أكثر من 500 ألف مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية، و220 ألف مستوطن في القدس الشرقية، و20 ألف مستوطن في مستوطنات مرتفعات الجولان، وهو ما يمثل 10% من سكان إسرائيل. ومنذ 7 أكتوبر، تم إجلاء 253 ألف مستوطن من الشمال، ويرفض 80% منهم العودة حتى يصبح الوضع آمنًا. ويتطلب حلّ الدولتين زعزعة استقرار هؤلاء المستوطنين غير الشرعيين، وترك مجتمعاتهم المسورة وراءهم. لنتذكر الإخلاء القسري للمستوطنين من غزة. هذه ليست صورة جميلة!”.

كما أشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “يرفض مناقشة فكرة إقامة دولة مستقلة للفلسطينيين، ويصرّ على السيطرة الإسرائيلية على فلسطين بأكملها. وإذا وافقت إسرائيل في النهاية على إجراء مفاوضات صادقة، فإن النتيجة الأفضل والوحيدة القابلة للتطبيق ستكون حل الدولة الواحدة (نموذج جنوب أفريقيا)”.

والبيرغ أكد أن إسرائيل “لا تزال عازمة على محو الفلسطينيين، لكن الأحداث تتحرك بسرعة (وبشكل معاكس)، ولن يستغرق الأمر الكثير من الوقت قبل أن ندرك أن الحفلة انتهت، وأننا يجب أن نواجه أخيراً العواقب المروّعة لـ 75 عاماً من الإفلات من العقاب. فقد قام بالفعل نصف مليون إسرائيلي بأداء “اليريدة”، في الأشهر الستة الماضية، وهو عكس “عاليا”، التي تعني هجرة اليهود إلى إسرائيل.

لقد انهار أخيراً الحلم الصهيوني المتمثل في جمع كل يهود العالم في إسرائيل باعتبارها (ملاذاً آمناً)”.

وأضاف: “لقد أصبحت “كتابة بيلشاصر على الحائط” مرئية للجميع. يذكّر دانيال (حماس) بيلشاصر أن أباه نبوخذنصر، عندما تكبّر (على الله)، سقط حتى علم أن الله له السيادة على مملكة الناس”، في إشارة إلى سفر النبي دانيال في التوراة الذي تنبأ بسقوط بابل.

ومن جهة أخرى، انتقد والبيرغ طلب المدعي العام لـ “الجنائية الدولية”، كريم خان، مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت وقادة “حماس” بتهمة “ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”، مشيراً إلى أن القرار، رغم أنه متأخر للغاية، إلا أنه يساوي بين إسرائيل وحركة “حماس”.

قرار “الجنائية الدولية” تأخر 10 سنوات

وأضاف: “نعم، لقد ارتكبت إسرائيل جرائم حرب، لكن هذا الحكم (قرار المدعي العام) كان ينبغي أن يصدر قبل عشر سنوات على الأقل، عندما غزت إسرائيل غزة (عام 2014)، ما أسفر عن مقتل 2310 أشخاص، 70% منهم من المدنيين. ومن المفترض أن يكون الغرض من تهمة جرائم الحرب هو منع المزيد من القتل. ولو تحركت “المحكمة الجنائية الدولية” في وقت مبكر، لكان من الممكن تجنّب يوم السابع من أكتوبر، وهو اليوم الذي يرمز إلى الأمل بالنسبة للفلسطينيين، والكارثة بالنسبة لإسرائيل”.

واستدرك بالقول: “أما بالنسبة للتهم الفعلية، فإن أخطر الجرائم التي ترتكبها إسرائيل- التعذيب والإبادة الجماعية- لم يتم ذكرها حتى الآن، لأن القرار لا يزال مجرد طلب، ويمكن توجيه المزيد من الاتهامات إليه.

إن الدليل الفظيع على قطع أيدي المعتقلين بشكل فظيع بسبب التعذيب، واستعراض المعتقلين الآخرين بالملابس الداخلية أمام المستوطنين المتعطشين للدماء، سيبقى في أذهاننا حتى نموت. هذا هو الإجرام الذي يرتقي لجرائم النازية.

إن إفلات إسرائيل من العقوبات الدولية لم يؤدِّ إلا إلى جعلها تتصرف بشكل إجرامي أكثر فأكثر، كما أن إسرائيل والولايات المتحدة ترفضان الاعتراف بالمحكمة الجنائية الدولية”.

وأكد والبيرغ أن التهم التي ستوجهها “المحكمة الجنائية الدولية” لقادة إسرائيل “سيتم تجاهلها من قبل الولايات المتحدة وأقرب حلفائها في “الغرب الجماعي”، على الرغم من أنه يتعين على نتنياهو وغالانت توخي الحذر من المرور عبر دول أخرى في رحلاتهم إلى الخارج. وهذا هو أفضل شيء يمكن أن يحدث لنتنياهو وغالانت لإعادتهما إلى رشدهما”.

واعتبر أن حركة “حماس” “تمكّنت من توجيه ضربة قاتلة للمحتل، ولكن بتكلفة مروعة. وعلى الرغم من أن الفلسطينيين بالكاد يستطيعون البقاء على قيد الحياة الآن تحت السيطرة الإسرائيلية، إلا أنهم ما زالوا قادرين على المقاومة، ما ألْهَمَ حركات المقاومة في جميع أنحاء العالم، ودفع الآلاف إلى اعتناق الإسلام”.

وأضاف والبيرغ: “ما تتجاهله إسرائيل هو أن هناك ستة ملايين فلسطيني في المنفى، لا يزال العديد منهم يملكون مفاتيح منازلهم المحتلة، وأن هناك موجة تعاطف دولي كبيرة وتتصاعد مع الفلسطينيين، فضلاً عن علامة قايين (أو لعنة قابيل) التي وصم بها إسرائيل”.

وتابع بالقول: “لقد زادت إسرائيل -بلا خجل- إجرامها أمام العالم، والمعركة الآن بين الرأي العام العالمي والصهيونية العالمية. ولن يكون لحكم “محكمة العدل الدولية” أيّ تأثير على التصرفات الإسرائيلية، وبالتالي فإن حكم المحكمة لن ينهي الخوف والقتل في المستقبل القريب”.

ديمقراطية الغرب الزائفة

ومن جهة أخرى، اعتبر والبيرغ أن الهجوم الذي شنته “حماس” وفصائل المقاومة الأخرى في 7 أكتوبر، هو رد فعل طبيعي على الاحتلال الإسرائيلي، مؤكداً أن معظم القتلى قضوا بـ”نيران صديقة” عبر الدبابات والطائرات الإسرائيلية، وفق بروتوكول حنبعل.

وأكد أن قوات الاحتلال الإسرائيلي “تقوم الآن بأعمال انتقامية خالصة عبر استهداف النساء والأطفال (بدلاً من مقاتلي “حماس”)، ومن الواضح أن القصد هو الإبادة الجماعية، أي القضاء على النساء والأطفال لتسريع القضاء على الفلسطينيين في المستقبل. ولو كانت إسرائيل جادة في إيجاد طريقة للعيش بسلام مع السكان الأصليين (الفلسطينيين)، فإنها لن تقوم بقتلهم وتعذيبهم بشكل عشوائي.

ولا يمكن بأي حال المساواة بين ما تقوم به إسرائيل وما يقوم به الفلسطينيون، والذين لهم لحق في مقاومة الاحتلال بموجب ميثاق الأمم المتحدة”.

وأضاف والبيرغ: “لقد ابتزّت إسرائيل السلطة الفلسطينية طوال الوقت لمنعها من اللجوء إلى “المحكمة الجنائية الدولية”، معتبرة أن ذلك سيكون “عملاً عدائيًا” وستكون له “عواقب”. وقد تعرضت “المحكمة الجنائية الدولية” للسخرية بسبب إصدارها مذكرات باعتقال بوتين وزعماء أفارقة، وخاصة أن هذا الأمر كان له دوافع سياسية واضحة. لكنها، ببساطة، لا تستطيع الآن تجنّب اتهام نتنياهو (بارتكاب جرائم حرب) استناداً إلى عشرات الآلاف من جرائم الحرب الموثقة. يبدو أن الحقيقة تظهر أخيرًا، مهما كانت الوسائل ملتوية”.

وحول التناقض الكبير بين موقف الشعوب والأنظمة الغربية في الموقف مما يحدث في غزة، قال والبيرغ: “مع استمرار المذبحة واستمرار تدفق الأسلحة إلى إسرائيل، معظمها من الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، أقام الطلاب اليائسون مخيمات احتجاج على أراضي جامعاتهم، وزادت مجموعات الدعم الفلسطينية من دعواتها لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات عليها.

 وقد حاول الغرب وقف ذلك؛ وهاجمت الدول المنتجة للأسلحة بشكل خاص المتظاهرين وحاولت تفريق خيامهم، واعتقلت وضربت الآلاف. كما فرضت إدارات الجامعات عقوبات على الطلاب، وطردتهم، كما تعرّضَ أعضاء هيئة التدريس المتعاطفين معهم في لموجة من الضغط النفسي، لكنهم انضموا بشجاعة إلى الطلاب، رغم أنهم مهددون بفقدان وظائفهم”.

وختم: “إن الانفصال بين النخب الحاكمة والجماهير، أو ديمقراطية الغرب الزائفة، لم يكن أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، ولكن الحركات الشعبية في مختلف أنحاء العالم تحرّك الجبل الإسرائيلي. الدراما تتكشف في الوقت الحقيقي” .

————–