ندوة سياسية في الناصرة حول الحرب على غزة وأزمة إسرائيل

نُظمت في مركز “ليوان” الثقافي في البلدة القديمة بالناصرة، مساء أمس الأربعاء، ندوة سياسية تحت عنوان “الحرب على غزة في شهرها الثامن – أزمة إسرائيل وسياساتها الداخلية والخارجية” شارك فيها الباحث والخبير في الشؤون الإسرائيلية أنطوان شلحت، والمستشارة القانونية والمحامية عبير بكر، والباحث في مركز “مدى الكرمل” د. إمطانس شحادة، وأدارت الندوة مديرة مركز “مدى الكرمل” د. عرين هواري.

وافتتحت البرنامج هواري بالحديث عن عنوان الندوة، وتطرقت إلى “ما ترتكبه إسرائيل من مجازر وقتل بلا توقف”.

وقالت إن “العالم كله يرى، اليوم، ما كنا نراه نحن ومن هي إسرائيل التي على الرغم من همجيتها في القتل وارتكاب المجازر فإنها تعيش أزمات سياسية وأمنية وإستراتيجية وأخلاقية داخلية وخارجية، ومقاطعة ومحاكمة دولية”.

وكانت المداخلة الأولى في الندوة للباحث شلحت، تحت عنوان “بماذا تختلف الحرب الأخيرة على غزة عن سائر حروب إسرائيل”، تحدث فيها عن “التغيرات التي طرأت على العقيدة الأمنية الإسرائيلية، وركائزها واستخلاص العبر من كل الحروب التي خاضتها”.

وقال إن “العقيدة الأمنية الإسرائيلية تعتمد على ثلاث ركائز أساسية هي الردع، والإنذار المبكر، والحسم، ولاحقا أضيفت إليها ركيزة رابعة هي الدفاع والتي بدأت منذ حرب الخليج الثانية، الحرب على العراق عام 1991، حين تم قصف تل أبيب بصواريخ (سكود) وتحولت تل أبيب في حينه لمدينة أشباح”.

وأشار شلحت في سياق حديثه إلى “بعض الاستنتاجات والعبر والتحولات التي طرأت على العقيدة الأمنية الإسرائيلية بعد كل حرب أو عدوان خاضته”، وأكد أن “هذه الأسس والمبادئ تقتضي ضرورة نقل المعركة إلى أرض الخصم، والحسم السريع، وإقامة أحزمة أمنية ومناطق عازلة في أرض العدو، وكل هذه المبادئ والأسس انهارت في هذه الحرب”.

وقدمت المحامية كر مداخلة تحت عنوان “أثر مقاضاة إسرائيل دوليا في توجهات المحكمة العليا الإسرائيلية”، تحدثت فيها عن “تواطؤ المؤسسة القضائية الإسرائيلية منذ بداية الحرب وامتناعها عن إصدار قرارات في قضايا إنسانية تتعلق بحياة المدنيين، ومنع الجيش من إخلاء وقصف مستشفيات لأسباب تقنية دون أن تنظر في جوهر الالتماسات. كذلك قدمت بعض المؤسسات التماسات للعليا بشأن الإخفاء القسري لأعداد من المعتقلين، بينهم صحفيون، في بداية الحرب، وقد ردت المحكمة العليا هذا الالتماس لأسباب تقنية أيضا”.

وعن الدعوى التي قدمتها جنوب إفريقيا إلى محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل بوصفها “تقوم بتنفيذ إبادة جماعية” قالت إنها “خطوة حكيمة في غاية الحنكة والذكاء، وإن كانت إسرائيل لم توقع على وثيقة روما التي تمنع الإبادة الجماعية وارتكاب المجازر بحق الأطفال والنساء والمدنيين، إلا أن دولة فلسطين التي تقع على أرضها هذه المجازر هي بين الدول الموقعة على الوثيقة وبذلك يحق لمحكمة العدل الدولية التدخل”.

وأكدت بكر أنه “على الرغم من أن إسرائيل لم تلتزم بالقرارات الاحترازية الصادرة عن المحكمة، ولم توقف الحرب على غزة، إلا أن لهذه القرارات أهمية كبيرة، وهو ما جعل المحكمة العليا الإسرائيلية تغير من توجهها، خاصة وأن هذه المحكمة لم تفتح أي تحقيق ضد أي من الوزراء والمسؤولين الإسرائيليين الذين دعوا إلى القتل والإبادة والحرق وإلقاء القنابل النووية على غزة. لطالما لا تقوم المحكمة العليا بفتح تحقيق ضد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، يرآف غالانت، بتهم قتل المدنيين ومنع المساعدات الإنسانية فإن محكمة الجنايات الدولية ستواصل ملاحقتهما”.

وكان د. شحادة، آخر المتحدثين في الندوة حول “تعامل إسرائيل مع المشهد العالمي: الاحتجاج الطلابي ومحكمة العدل الدولية”، وقال إن “تداعيات حرب الإبادة على غزة ومحاولة تهجير سكانها كان واضحا منذ اليوم الأول، لكنها لم تحقق حتى الآن من أهداف الحرب سوى القتل والتدمير وتحويل غزة لمنطقة غير قابلة للحياة بدافع الانتقام، وهذا ما ينعكس على المشهد الدولي، وحركة الاحتجاجات والمقاطعة”.

ووصف التحولات على المشهد الدولي بأنها “مثيرة جدا وغير مسبوقة، لكن المثير أكثر هو تعامل إسرائيل مع هذه الاحتجاجات الطلابية والمقاطعة الأكاديمية والثقافية والفنية لإسرائيل في الدول الأوروبية والولايات المتحدة”.

وختم شحادة بالقول إن “إسرائيل منزعجة جدا من هذه المقاطعة وإلغاء الكثير من اتفاقيات التعاون الأكاديمي مع دول الاتحاد الأوروبي التي تعتبر هي جزء منه ولها مكانة خاصة فيه”، مُعددا “البرامج البحثية التي قد تحرم منها إسرائيل بسبب حربها على غزة وتقدر بمئات ملايين الدولارات”.

وفي نهاية الندوة تم فتح المجال أمام الحضور لتوجيه أسئلة وتقديم مداخلات.