تحليلات إسرائيلية: حرب الاستنزاف في غزة تضعف إسرائيل وتفاقم أزمتها الداخلية

بعد مرور نحو تسعة أشهر على الحرب التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزّة ردّاً على عملية طوفان الأقصى، أصبح من السهل على متابعي الشؤون الإسرائيلية أن يلاحظوا تزايد التحليلات الناقدة للمستويين السياسي والعسكري، والتي تطرح توقعات واقعية لمآل الحرب.

أكدت أغلبية هذه التحليلات ما أعلنه الجيش الإسرائيلي مؤخرًا، عبر الناطق باسمه، والذي أشار إلى أن التصريحات بشأن إخضاع حركة حماس أصبحت جوفاء. من بين هذه التحليلات، ما كتبه الجنرال احتياط يسرائيل زيف، القائد السابق لـ”فرقة غزّة”، حيث أشار إلى أن الوضع العام في إسرائيل يزداد خطورة، وأن إنجازات الحرب تتلاشى تدريجيًا، مع تزايد الضغط على جنود الاحتياط، وتضرر الاقتصاد بشكل كبير، وتفاقم الوضع الدبلوماسي، مما يجعل إسرائيل تبدو معزولة ومنبوذة. وأشار زيف أيضًا إلى تصاعد أزمة الثقة داخل المجتمع الإسرائيلي وانخفاض الروح المعنوية الداخلية، وهو ما تؤكده استطلاعات الرأي العام التي لا تحظى بتغطية واسعة في وسائل الإعلام الإسرائيلية.

وتواجه إسرائيل صعوبة في التعامل مع مشكلة النازحين من الجنوب والشمال، مع دخول الأميركيين مرحلة متقدمة من الانتخابات، مما يجعل الاهتمام بإسرائيل يشكل عبئًا عليهم في ظل غياب نتائج واضحة للحرب.

وفي سياق متصل، ذكر المؤرخ العسكري يغيل هنكين، من “معهد القدس للإستراتيجيا والأمن”، أن حرب الاستنزاف تهدف إلى استنزاف الطرف القوي نفسيًا، وليس ماديًا، مشيرًا إلى أن حركة حماس لا تسعى للقضاء على إسرائيل ماديًا، بل لتدفيعها ثمنًا نفسيًا ومعنويًا.

أما صحيفة “غلوبس” الاقتصادية، فقد أشارت إلى أن حرب الاستنزاف لها قواعدها الاقتصادية، حيث تواجه إسرائيل صعوبة في بناء التوقعات والنماذج الاقتصادية، مع تزايد العجز المالي الذي وصل حتى الشهر الماضي إلى 137.7 مليار شيكل، بنسبة 7.2% من الناتج المحلي، مقارنة بالهدف المحدد للقانون وهو 6.6% لنهاية 2024. كما تم تسجيل عجز متراكم بنحو 47.6 مليار شيكل منذ بداية العام الحالي، مقارنة بفائض 13 مليار شيكل في الفترة نفسها من العام الماضي.

تشير هذه التحليلات إلى أن الحرب المتعددة الجبهات التي تخوضها إسرائيل تستنزفها أكثر مما تقربها من الحسم، مما يزيد من تعقيد الوضع الداخلي والخارجي على حد سواء.