جدعون ليفي: قاموا للصلاة فذبحوا مثلما في حالة باروخ غولدشتاين، هذه المرة على يد الجيش

مرة اخرى هذا كان بدون قصد. ومرة اخرى هذا ليس ابادة جماعية. في كل الحالات ليس ابادة جماعية، لأن الابادة الجماعية تحددها النية وليس فقط عدد القتلى المثير للاشمئزاز. ايضا هنا لم تكن توجد نية، عندما قتل حزب الله قبل اسبوعين تقريبا 12 طفل وفتى في مجدل شمس وصرخت اسرائيل “مذبحة”، “قتل”، “وحشية لم يقم بها الشيطان”. هل حقا اعتقد أي أحد في اسرائيل بأن حزب الله كان ينوي قتل 12 طفل درزي في هضبة الجولان المحتلة؟. لكن بخصوص حزب الله فان مسألة النية لا يتم طرحها أبدا. دائما هي نوايا قاتلة. اذا قتل 12 طفل درزي فان هذا دليل على أن حزب الله كان ينوي قتلهم. الجيش الاسرائيلي هو قصة مختلفة. فسلاحه طاهر، وهو ليس قاتل. ولكن القتلى أمس في مدرسة التابعين في مدينة غزة قتلوا بالضبط كما قتل الاطفال في مجدل شمس في ملعب كرة القدم، وتهمة القتل متشابهة.

في الايام العشرة الاخيرة قصف الجيش الاسرائيلي 8 مدارس وقتل في كل واحدة منها عدد يتكون من خانتين من النازحين. فجر أمس تم تسجيل رقم قياسي عندما قتل 100 شخص تقريبا استيقظوا في الفجر لأداء الصلاة في المسجد قرب المدرسة. عدد من القتلى هربوا الى هناك قبل فترة قصيرة من المأوى السابق الذي هو ايضا تم قصفه. هناك من فقدوا جزء من العائلة، والآن هذه العائلة تم محوها نهائيا. الصور في قناة “الجزيرة” كانت صادمة، نساء صرخن عند مشاهدة جثث آبائهن، بطانيات ملونة فيها اشلاء ملفوفة فيها. قاموا للصلاة فذبحهم الجيش مثل باروخ غولدشتاين، لكن تقريبا ضعف العدد.

المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي نشر ما يكرره في العادة، الذي لم يعد أحد في العالم يشتريه: “قبل الهجوم تم اتخاذ خطوات كثيرة لتقليص اصابة عدد كبير من المدنيين، بما في ذلك استخدام سلاح دقيق ووسائل تنبؤ ومعلومات استخبارية. اذا كان قتل 100 شخص بعد كل هذه الخطوات المثيرة التي اتخذها الجيش الاسرائيلي فتخيلوا كم كان سيقتل لو أنه لم يتم اتخاذ هذه الاجراءات. ايضا محاولة الادعاء بأن “الفلسطينيين يبالغون في العدد” لأن وزارة الصحة الفلسطينية تتحكم بها حماس،  هي محاولة تثير الشفقة. وزارة الصحة في اسرائيل تسيطر عليها شاس. ماذا في ذلك؟ الجيش لم ينجح في أي يوم في دحض بيانات وزارة الصحة الفلسطينية بشكل ملحوظ. هذه الهراءات لم يعد بالامكان تصديقها، لا سيما عندما تكون هذه هي المدرسة الثامنة خلال عشرة ايام. ايضا الرواية حول تواجد قيادات حماس في المدارس يصعب تقبلها. فالجيش لم يعرض حتى الآن أي دليل ملموس على وجود قيادة في مراكز الايواء الثمانية التي تم قصفها. هذا بالطبع لا يهم اسرائيل، هي تبرر كل شيء مسبقا، وكل ما تفعله هو اخلاقي، لكن لا أحد غيرها مستعد لتقبل ذلك.

يجب القول بأنه “حتى لو كانت توجد قيادة”، وهذا مفهوم غامض، فانه لا يوجد أي مبرر لقتل عشرات النازحين العاجزين الذين لا يلوون على شيء والخائفين والمصدومين وبينهم عدد كبير من الاطفال. ليس كل “قيادة”، التي هي احيانا يمكن أن يكون شرطي في حماس يختبيء، تبرر القتل الجماعي. في الحقيقة هذا ليس له أي تبرير أبدا. عندما يحدث ذلك ثماني مرات خلال عشرة ايام فانه من الواضح أنه توجد هنا سياسة متعمدة لارتكاب جرائم حرب.

احتمالية انهاء الحرب الزائدة والاكثر اجرامية، تدفع الحكومة ولا سيما الجيش الى بذل جهود أخيرة لقتل اكبر عدد ممكن بدون تمييز أو ضبط للنفس. ثماني مدارس في غضون عشرة ايام هي موضوع مستعجل في لاهاي. لم يولد بعد رجل القانون الذي يمكنه دحض هذه التهمة.

في العام 1996 في عملية “عناقيد الغضب” في لبنان، قتل الجيش الاسرائيلي 102 نازح في ملجأ للامم المتحدة في قانا. ايضا في حينه حاولت اسرائيل نفي ذلك وترديد التبريرات، وبعد بضعة ايام اضطرت الى انهاء العملية. للدهشة القتل أمس لم يؤد الى نتيجة مشابهة. اسرائيل اصبحت دولة اخرى، ومثلها ايضا الجيش. قلبها فظ ومنغلق، ومثلها ايضا قلوب معظم الاسرائيليين.