العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية ” في رسالة للاحزاب والمنظمات الدولية حول الإبادة التعليمية إسرائيل تستهدف كافة مقومات التعليم، وسندافع عن حاضرنا ومستقبلنا بكافة اشكال المقاومة

في إطار مواكبتها لحرب الابادة الشاملة التي يرتكبها جيش الاحتلال الاسرائيلي، واصلت “دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين” رصدها لابرز الانتهاكات التي طالت كافة مقومات الحياة في قطاع غزه، فبعثت برسالة موجزة الى الاحزاب العالمية والى منظمات دولية وغربية حول استهدافات اسرائيلية متعمدة طالت قطاع التعليم وصفت من قبل الامم المتحدة بـ “الابادة التعليمية”. ونستعرض فيما يأتي ابرز ما جاء في هذه الرسالة.

بدأ مصطلح “الإبادة التعليمية” يتردد على نطاق واسع، منذ ان استخدمته مجموعة من خبراء الأمم المتحدة في تقرير لها نشر في شهر نيسان الماضي. وقد حدد الخبراء المقصد من هذا المصطلح كونه “جهد متعمد لتدمير نظام التعليم الفلسطيني بشكل شامل، وهو عمل يعرف باسم الإبادة التعليمية”، وهو يعبر عن “المحو المنهجي للتعليم من خلال اعتقال أو احتجاز أو قتل المعلمين والطلاب والموظفين، وتدمير البنية التحتية التعليمية.

ومنذ عام 1948 وضعت العصابات الصهيونية، التي لعبت دورا أساسيا في تهجير المدنيين من مدنهم وقراهم بقوة الإرهاب والمجازر، التعليم كهدف مباشرلها، عبر استهداف المدارس ودور العلم التي كانت منتشرة في المدن والبلدات الفلسطينية، وعملت على تدميرها ونهبها وتحويل بعضها الى مراكز عسكرية كما حصل في مدارس يافا ودير ياسين والطنطورة.

وفي الوقت الحالي، لم تسلم المدارس والجامعات من جرائم الاحتلال، ويسجل السجل الاجرامي للاحتلال اقتحام مئات المدارس والجامعات واعتقال طلبة وأعضاء من الهيئات التدريسية، ناهيك عن تدمير بعضها ومحاصرة بعضها الآخر، كما حصل عام 1992 عندما تم محاصرة جامعة النجاح الوطنية لمدة 4 أيام وبداخلها اكثر من 5000 طالب ومعلم وعامل.

ان حرب الاحتلال على التعليم ازدادت وتيرتها منذ العام 2011 حين بدأت عملية تحريف للمناهج الفلسطينية المعمول بها في شرق القدس، وشنت حملة دعائية ضد هذه المناهج، مدعية أنها تحرض على الارهاب والعنف والكراهية. وخاض الاحتلال على هذا الأساس حروباً عديدة في المحافل الدولية ضد المناهج الفلسطينية، كما وضعت مناهج وكالة الغوث في دائرة الاستهداف المباشر في حملة تحريض لم يسبق ان شهدنا مثلها، مما ادى الى تساوق بعض الدول المانحة مع الروايات الإسرائيلية الكاذبة، وجعل امر التمويل مرهونا بشروط سياسية.

وخلال الأعوام السابقة، هدم الاحتلال العديد من المدارس في الضفة والقدس، وسجلت حالات اعتداء على الطلاب عند نقاط التفتيش، إضافة الى الهجوم على المدارس والجامعات ورميها بالغازات المسيلة للدموع، واقتحامها مراة عدة وتخريب مساكن الطلاب والصفوف ومكاتب الكتل الطلابية، وملاحقة الطلاب واسر الآلاف  منهم وهم في منازلهم او على مقاعد الدراسة، كما قام الاحتلال برفض إعطاء رخص ترميم المدارس الا بشرط اعتماد مناهج الاحتلال في كافة المراحل التعليمية.

كان من نتيجة حرب الابادة التي تشنها قوات الاحتلال على التعليم في قطاع غزة المحاصر منذ (18 عاما)، حرمان اكثر من 630 الف طالبا من الدراسة خلال العام الحالي (88 الف منهم طلاب جامعات). بعد ان دمر الاحتلال اكثر من 400 مؤسسة تعليمية من مدارس وجامعات ومعاهد في غزة، متخذا من بعض مباني الجامعات ثكنات عسكرية له. وسجل استشهاد اكثر من 400 أستاذ جامعي (20 منهم يحملون درجة البروفسور و59 يحملون درجة الدكتوراه)، وضمن حرب الإبادة الجامعية استشهد ما يقارب من عشرة آلاف طالب مدرسي وجامعي.

ووفقا لخبراء فان العملية التعليمية في قطاع غزة لن تعود كما كانت ويحتاج الامر الى جهود كبيرة، بسبب حجم الدمار والتخريب الذي لحق بالمؤسسات التربوية التي تقّصد الاحتلال تخريبها وتدميرها. وقد وصف عدد من الخبراء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عدوان الاحتلال بأنه “يمثل نمطاً ممنهجاً من العنف يهدف إلى تفكيك أسس المجتمع الفلسطيني”.. وعندما يتم تدمير المدارس، يتم تدمير الآمال والأحلام كذلك”، اليس ما يحدث ينسجم بحرفيته مع التعريف الذي قدمته الامم المتحدة لمصطلح “الابادة التعليمية، بل ان ما حدث على ارض الواقع يكاد يتجاوز في فاشيته التعريف السابق.

ان ما يقوم به الاحتلال الاسرائيلي من عدوان ممنهج وحرب شاملة تستهدف كل مقومات الحياة والمستقبل في قطاع غزة بما فيها التعليم والثقافة، هو امر نضعه اولا بين ايدي المنظمات الدولية المعنية بقضايا التعليم والطفولة والمجتمعبل المعنية بقضايا الانسانية، وثانيا بين ايدي الدول المتحالفة مع إسرائيل والتي ما زالت تدعي الدفاع عن الانسان وحقوقه بما فيها حقه في الحصول على التعليم.

ان عملية “طوفان الأقصى” وما سبقها من عمليات وما سيتبعها من اشكال مقاومة ورفض فلسطيني، انما يأتي في اطار الدفاع عن حاضر ومستقبل الشعب الفلسطيني وحقه في ارضه ومنازله ومدارسه وجامعاته ومستشفياته.. حقه في اللجوء الى كل اشكال المقاومة من اجل أن يبقى حرا ابيا يقرر مستقبله بعيدا عن الاحتلال والاستعمار والتبعية.. ففلسطين التي كانت حرة ابية عبر التاريخ، ستبقى مناضلة من اجل حريتها رافضة لكل اشكال الخنوع والعبودية.

 

22 آب 2044