تحولت منازل العديد من الفلسطينيين ببلدة حوارة شمال الضفة الغربية إلى ما يشبه السجون، على خلفية قيامهم بتعزيز وسائل الحماية لها وسط تصاعد هجمات المستوطنين الإسرائيليين بالآونة الأخيرة.
وفي مارس/ آذار 2023، شن مئات المستوطنين هجوما على حوارة أسفر عن مقتل فلسطيني، وإحراق مئات من السيارات والمحال التجارية والمنازل.
ومنذ ذلك الحين، تعاني هذه البلدة اعتداءات متواصلة للمستوطنين، تصاعدت بشكل كبير بالتزامن مع بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
** “منزلي أشبه بسجن مجدو”
يقول الفلسطيني رومل السويطي (61 عاما)، لوكالة الأناضول، إن منزله في حوارة “بات أشبه بسجن مجدو”، وهو سجن شديد الحراسة شمال إسرائيل، اعتقل فيه عدة مرات سابقا.
ويضيف السويطي، وهو صحفي متقاعد، أن تصاعد هجمات المستوطنين الإسرائيليين في السنوات الثلاث الأخيرة، وخاصة بعد الـ7 من أكتوبر، دفعه إلى زيادة وسائل الحماية فوق سور حديقة منزله.
إذ نصب الستيني الفلسطيني كاميرات مراقبة على سور الحديقة ووضع أسلاكا شائكة لعلها تحمي المنزل أو تعرقل دخول المستوطنين إليه حتى يتسنى له الدفاع عن نفسه.
ورغم أن وقوع المنزل بالقرب من الشارع العام الحيوي في حوارة قد يكون ميزة، فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى السويطي.
فموقع المنزل جعله عرضة لهجمات المستوطنين المتكررة إذ يمرون عليه أثناء قدومهم من مستوطنات شيدت على قمم جبال مدينة نابلس القريبة.
** خطر قادم من أعالي الجبال
وبينما يجلس السويطي برفقة أحفاده في حديقة منزله، فإن القلق لا يبارحه حيث يشاهد أعمال البناء المتسارعة بالمستوطنات المشيدة على قمم الجبال.
ويقول: “ما شهدناه في السنوات الأخيرة من عمليات وهجمات للمستوطنين ضد المدن والبلدات الفلسطينية في الضفة، والتي تصاعدت بعد 7 أكتوبر أمر خطير للغاية”.
وفي هذا الصدد، يشير إلى أن منزله ومنازل أخرى لجيرانه وأشقائه تعرضت مؤخرا لهجوم نفذه نحو 150 مستوطنا، وشمل أعمال حرق وتكسير للعديد من السيارات.
ويضيف: “في ظل هذا الوضع كان لا بد لي من العمل وبجهد شخصي على توفير الحماية لمنزلي ولأسرتي وأحفادي من هجمات المستوطنين”.
شمل ذلك كاميرات مراقبة ووضع أسلاك شائكة بارتفاع مترين فوق سور حديقة المنزل الأسمنتي، والذي يزيد ارتفاعه هو الآخر على مترين.
ويتابع: “من المفترض أن تجلس في حديقة المنزل لتشعر براحة نفسية، لكننا في الواقع نشعر وكأننا في سجن حقيقي”.
** “عصابات منظمة”
ويصف السويطي سلوك المستوطنين عند مهاجمة حوارة بـ”غير المعقول”، معتبرا أن “هؤلاء ليسوا بشرا، بل عصابات منظمة”.
ويشير إلى أن الهجمات ينفذها عادة عشرات المستوطنين، مشيرا إلى أن “هذا عمل منظم، وتبادل أدوار مع القوات الإسرائيلية وشرطتها”.
ويلفت إلى أن القوات الإسرائيلية “تقف متفرجة عند تنفيذ المستوطنين هجماتهم، وإذا ما شعرت بخطر قد يصيبهم تتدخل لحمايتهم”.
ومشيرا إلى مستوطنات قريبة من منزله، يقول الستيني الفلسطيني: “الخطر يلتف بنا من كل جانب”.
ويستطرد: “هذه الأسلاك الشائكة قد لا تحمي المنزل من خطر وهجمات المستوطنين، لكنها تعمل على تأخير وإعاقة دخولهم إليه لحين الاستعداد والصعود على سطح المنزل والدفاع عنه وعن عائلتي”.
** “ندافع بأجسادنا العارية”
وعن سبل الدفاع بمواجهة هجمات المستوطنين، يقول السويطي: “ندافع بأجسادنا العارية، وأكثر ما يمكن أن نملكه هو الحجارة في مواجهة مستوطن مسلح بأسلحة نارية ويحمل عبوات حارقة، ويحميهم الجيش والشرطة”.
ويضيف: “نحن هنا في رباط وجهاد ونعيش معاناة يومية حيث لا أمن ولا أمان”.
حال منزل السويطي تنطبق على منازل أخرى في الحي الشمالي من حوارة، والتي عمل القاطنون فيها على تعزيز وسائل الحماية علها تحميهم من هجمات المستوطنين حتى لو تحولت إلى ما يشبه السجون.
وفي 18 أغسطس/ آب الجاري، قال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية (حكومية) مؤيد شعبان، إن 18 فلسطينيا في الضفة الغربية قتلوا برصاص مستوطنين فيما أصيب 785 آخرون، منذ 7 أكتوبر 2023.
وأضاف، في بيان، أن 26 تجمعا بدويا تم تهجيره بفعل اعتداءات المستوطنين في الفترة ذاتها، لافتا إلى أن الهيئة رصدت إشعال مستوطنين نحو 273 حريقا في ممتلكات المواطنين الفلسطينيين وحقولهم.
المصدر : وكالة الأناضول