ينتظر الغزيون بفارغ الصبر في مثل هذا الوقت من كل عام لجني حصاد موسم الزيتون، لكنهم وللموسم الثاني على التوالي يحرمون من هذه البهجة والفرحة التي تؤكد تشبثهم بأرضهم وإرثهم؛ جراء استمرار حرب الإبادة الجماعية وارتكاب المجازر تلو المجازر، ما حوّل تلك البهجة لألم وحسرة تعتصر قلوب المزارعين.
وتقدّر كمية الزيتون في قطاع غزة قبيل اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين أول من العام الماضي بنحو 40 ألف طن تحتوي على نحو مليون شجرة زيتون، تعرضت معظمها للتلف والتدمير بفعل قصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الزراعية، خاصة التي تقع في المناطق الحدودية الشرقية من القطاع.
وحددت وزارة الزارعة بداية الموسم للعام الحالي في محافظات الضفة الغربية بتاريخ 6 أكتوبر/تشرين أول 2024 لأصحاب المعاصر، والعاشر من نفس الشهر للمزارعين، فيما لم يتم تحديد موعد للقطف في قطاع غزة بسبب أوضاع الحرب وصعوبتها.
موسم صعب
ويقول المزارع إبراهيم عادل، إن موسم العام الحالي سيكون صعباً كما العام السابق، نظراً للأسعار الخيالية التي بات يطلبها أصحاب الأراضي عند “التضمين”، وكذلك لقلة أشجار الزيتون التي باتت سليمة بعد تعرض العديد من الأراضي للقصف الإسرائيلي أو التجريف.
ويضيف عادل في حديثه، توجهت قبل أيام للبحث عن أشجار لأتضمنها فوجدت الأسعار خيالية حيث يطلب أصحاب الأراضي مبلغ 4-5 دنانير أردني ثمن لكل رطل زيتون على الشجرة، مشيراً إلى أن هذا السعر سيضاف عليه أجرة العمال وأجرة النقل للمعصرة وكذلك أجرة العصر التي أصبح سعر عصر الرطل بـ2 شيكل، بعد أن كان سابقاً بشيكل واحد فقط بسبب ارتفاع سعر السولار.
خسائر فادحة
وفي السياق، يقول المزارع سلامة محمد إنه تعرض لخسائر فادحة عقب تجريف الاحتلال لأرضه الواقعة شرق مخيم البريج بالمحافظة الوسطى، والتي كانت تضم حوالي 40 شجرة زيتون، وكانت بمثابة مصدر رزق له ومصروف على مدار العام يقدر بـ6 آلاف دينار أردني.
ويضيف سلامة في حديثه، أن موسم العام الحالي سيكون غير صالحاً وسيلحق أضراراً كبيرة بالمزارعين، حيث أنه بالإضافة لأشجار الزيتون التي كانت في أرضه، كان يتضمن أيضاً ما يقارب حوالي 100 شجرة أخرى على مساحة 5 دونمات ولكنها جرفت جميعها خلال الاجتياح البري لمخيم البريج.
ويشير، إلى أن بعض الأشجار التي بقيت متوفرة لدى أصحاب الأراضي يرفض أصحابها كذلك تضمنيها، وذلك رغبة منهم في جني الموسم لعائلاتهم وأقاربهم نظراً لقلته هذا العام، لافتاً إلى أن التوقعات لهذا العام أن تصل سعر تنكة الزيت إلى 1000 شيكل على أقل تقدير، مشيراً كذلك إلى ارتفاع سعر الجالون من 7 شواكل إلى 45 شيكل.
ويلفت سلامة، إلى أن بعض المواطنين في قطاع غزة اضطروا بسبب الحرب وانقطاع غاز الطهي إلى قطع أشجار الزيتون لاستخدامها في عمليات الطبخ والتدفئة بسبب نفاذ الوقود كذلك.
مخاطرة بالأرواح
ويوضح سلامة، أن جني الزيتون لهذا العام خاصة في المناطق الشرقية الحدودية يعتبر مخاطرة بالأرواح، نظراً لكثرة القصف المدفعي في تلك المناطق التي يعتبرها الاحتلال مناطق عسكرية ويمنع الوصول إليها.
ويشير، إلى أن الكثير من العمال يرفضون الذهاب للعمل في الأراضي الحدودية خوفاً من القذائف المدفعية، وكذلك طائرات “الكواد كابتر” التي لا تكاد تفارق المكان، مما ساهم أيضاً بارتفاع أجرة العامل اليومية.
لا توقعات دقيقة لنسبة الإنتاج
من جانبه، يقول مدير عام مجلس الزيتون والزيتون الفلسطيني فياض فياض إن التوقعات للموسم الحالي في قطاع غزة ضبابية جداً ولا يوجد أي توقعات دقيقة حول الكميات التي سيتم انتاجها للعام الحالي بسبب صعوبة التقديرات لظروف الحرب، لافتاً إلى أنه في كل عام يكون متوسط إنتاج القطاع 3000 آلاف طن.
ويلفت فياض في حديثه ، إلى أن موسم الزيتون العام الماضي أيضاً لم يكن بالشكل المطلوب، حيث أن ما تم إنتاجه في فترة الأيام السبع ما قبل بداية الحرب هو 300 طن فقط، ومن ثم بدأت الحرب ولم يتمكن المزارعين من قطف الأشجار.
ويوضح، أن الزيتون في قطاع غزة للعام الحالي لم يُخدم ولم يستطع أهالي القطاع إعطائه حقوقه ككل عام، بسبب أوضاع الحرب، حيث تشتهر غزة بخدمة الزيتون والاهتمام به بطريقة مثالية.
ويشير فياض، إلى أن المعلومات المتوفرة حتى اللحظة تفيد بأن أربعة معاصر ستعمل في قطاع غزة للعام الحالي من أصل 40 معصرة.
وينوّه، إلى الخطورة الصحية من العبوات البلاستيكية المعاد تصنيعها حالياً في قطاع غزة للعام الحالي وهو ما كان يتم رفضه كل عام، وكذلك ارتفاع سعر الجالون من 7 شواكل إلى 45 شيكل للجالون الواحد بسبب ارتفاع سعر السولار وتكلفة المواد الخام.
خطة لإنقاذ الزيتون ما بعد الحرب
ويبين فياض، أن هناك خطط جاهزة لإعادة زراعة الزيتون بغزة، ما بعد الحرب ودعم قطاع الزيتون بمجالاته الأربعة وخاصة المنتجين أصحاب المشاتل التي دمرت، وكذلك أصحاب المعاصر، لافتاً إلى أن هناك بعض المزارعين لم يتم تعوضيهم منذ حرب عام 2014.
ويضيف، أنه سيتم تكثيف زراعة أشجار الزيتون من نوع “k18“، في قطاع غزة ما بعد الحرب نظراً للتربة الرملية وتوفر المياه، وحالياً يتم العمل مع منظمة “أوكسفام” لتقديم مساعدات لبعض المزارعين في القطاع، وكذلك جمعية الإغاثة الزراعية، ومركز معا.
المصدر: سند للأنباء