الصحافة العبرية … الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

عن “N12” 9/10/2024

«حزب الله» الذي عرفناه لم يعد موجوداً: يجب استغلال الفرصة

بقلم: زهار فالتي

11 يوماً في أيلول وبضعة أيام من تشرين الأول 2024 غيّرت التنظيم “الإرهابي” “حزب الله”، بعد الضربات الكبيرة التي تعرّض لها منذ قيامه.

لقد نشأ واقع غير مسبوق خسر فيه الحزب آلاف المقاتلين، وتضررت فيه منظوماته الاستراتيجية، ومن ضمنها آلاف الصواريخ والقذائف في بيروت وشتى أنحاء لبنان، وخسر زعيمه الكاريزماتي، حسن نصر الله، وأضحى دون سلسلة قيادته العملانية الرفيعة المستوى التي قُتلت كلها.

لقد كانت هذه القيادة مركزاً للمعرفة والعمل في بناء وتفعيل قوات الحزب طوال 30 عاماً وأكثر من القتال ضد إسرائيل.

حدث كل هذا نتيجة سلسلة من الأحداث التي أثبتت لـ “حزب الله” وللآخرين حجم الاختراق العميق للحزب، الذي من الصعب جداً فهمه في الوقت الحقيقي ومعرفة كيفية مواجهته.

لقد اعتُبر ما حدث ضربة قاسية لإيران، التي بنت هذا التنظيم طوال عقود، بالإضافة إلى خسارة الوجه العسكري لـ”حماس” في غزة. من هنا، نحن أمام فرصة يجب عدم تضييعها.

أجيال من الباحثين في الاستخبارات وفي “الموساد” والاستخبارات العسكرية في شأن “حزب الله” ولبنان خلال الـ35 عاماً الأخيرة، وضباط في “الموساد” وعناصر في الوحدة 504، ومترجمون، ومبرمجون، وعناصر فك الشيفرة وعناصر من السايبر قاموا بعمل مذهل، سيكون في الفترة القريبة غير ذي دلالة. ستتغير طريقة التفكير وفهم الحزب، ويجب أن تتأقلم معها أجهزتنا الاستخباراتية، ويتأقلم معها شركاؤنا وأصدقاؤنا في الاستخبارات في العالم.

سيكون هناك تساؤلات وحاجة إلى دراسة “حزب الله” من جديد، أكثر مما سيكون لدينا إجابات وصورة استخباراتية واضحة.

كان “حزب الله” برئاسة حسن نصر الله تنظيماً موحداً، والآن، سيكون حزباً مختلفاً تحت قيادة جديدة. فالحزب بحاجة فعلياً إلى بناء نفسه من جديد. وهذا يشكل تحدياً  للأجهزة الاستخباراتية لفهم ما تبقى من الحزب، وما هو سلّم الأولويات الجديد للحزب، ومَن هو الشخص، أو المجموعة التي ستدير الحزب بصورة جماعية، وما هو بروفايل الشخصيات التي ستديره، ومَن هو جيل القادة الجديد، ومَن يتخذ القرارات: هل هو شخص، أم مجموعة، أم دولة؟ هل سيظل الحزب مستقلاً كما كان حتى اليوم حيال إيران، في ظل الشخصية المميزة لنصر الله كزعيم، أم أن توجُّهه سيتغير، وسيصبح الحزب خاضعاً بصورة كاملة للوصاية الإيرانية، أو للحرس الثوري الذي يديره؟ إن فكرة خضوع الحزب لوصاية الحرس الثوري يجب أن تُقلق إسرائيل كثيراً، ويتعين عليها أن تفعل كل شيء لمنع حدوث ذلك والتصدي له.

من الصائب أن يواصل الجيش الإسرائيلي “تطهير” القرى في الجنوب اللبناني على طول منطقة محددة، وأن ينزع خلال وقت محدد بنى “حزب الله” عموماً، وقوات الرضوان خصوصاً، ويمنع إعادة تمركُزها من جديد، بالقرب من الحدود الشمالية. وذلك بهدف منح سكان الشمال الأعزاء الشعور بالأمان كي يتمكنوا من العودة إلى منازلهم.

أعدّ الجيش و”الموساد” طوال عقدين ما نراه الآن في لبنان. وقام الجيش بوساطة “أمان”، وخصوصاً جهازه لمحاربة “الإرهاب” وسلاح الجو، بعمل مذهل، ويجب أن ندرك أهمية هذا النجاح، ونستخدمه كرافعة في الوقت المناسب، كما يجب ألّا نتعثر ونعلق.

ومن الجيد أن نستنفد القدرة على مهاجمة أهداف “حزب الله” المتوفرة.

في المقابل، يجب أن نعمل مع المجتمع الدولي، لكن ضمن توقعات منخفضة بسبب التجربة مع اللبنانيين.

على اللبنانيين عموماً، وزعماء الطوائف خصوصاً، أن يدركوا الفرصة الذهبية المتاحة لهم دون تخطيط.

يجب أن نعرف إذا ما كانت كلمة مسؤولية موجودة في القاموس اللبناني، وهو ما سيتيح للبنانيين تحمُّل مسؤولية مستقبلهم، ففي الواقع، هذه المرة الأولى منذ ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي التي يستطيعون فيها التحرر من خناق حزب الله.

الآن، هناك فرصة أمام كل الطوائف في لبنان، وخصوصاً الطائفة الشيعية، لرفع رأسها، والمطالبة بقيادة وطنية مختلفة، وأن يقولوا إننا مواطنون لبنانيون، سنتعاون مع المسيحيين والسّنة والدروز من أجل استقرار الدولة اللبنانية.

الجيش اللبناني، الذي وظّفت فيه الولايات المتحدة وفرنسا الكثير في العقود الأخيرة، وحرصتا على إعداده لمثل هذا الوضع بقيادة الجنرال جوزف عون، الذي في إمكانه تحقيق السيادة اللبنانية، واتخاذ قرار بشأن نشر الجيش على طول الحدود مع إسرائيل… وهذا يمكن أن يتحقق من خلال تطبيق القرارين 1559 و1701، أو إذا قرر لبنان أن يكون دولة ذات سيادة تتحمل مسؤولية نفسها.

من المهم إبعاد حزب الله عن الحدود مع إسرائيل بمساعدة دولية وداخلية لبنانية، ونزع سلاحه. والحد الأدنى هو ابتعاده إلى ما وراء نهر الأولي.

ليس لدى إسرائيل أيّ مطامع إقليمية في لبنان، لا بل هي مستعدة لمساعدة لبنان على بناء نفسه. وليس لدى إسرائيل أيّ شيء ضد سكان لبنان، بل على العكس. لدى إسرائيل مشكلة واحدة فقط في لبنان، هي التنظيم “الإرهابي” “حزب الله”، الذي أخذ دولة بأكملها رهينة بحماية إيران، ورفع شعار القضاء على إسرائيل. وهذه فرصة ذهبية لنشوء لبنان آخر.

بيْد أن المشكلة هي أن الولايات المتحدة على مسافة شهر ونصف الشهر من الانتخابات، والشعور بأن عهد الإدارة الحالية يشارف على الانتهاء، وسيمر الوقت لكي تأتي إدارة جديدة تتأقلم مع الوضع. والأمل أنه خلال هذه الفترة الانتقالية بين الإدارتين، يمكن القيام بخطوة. فرنسا بتصريحاتها البشعة قبل يومين من 7 تشرين الأول، وضعت نفسها في مكان سيئ، وتحولت من دولة كبرى تحلّ النزاعات إلى دولة ثمة شك في قدرتها على العمل لتحقيق خطة شاملة لإعادة إعمار لبنان.

أيضاً العالم العربي فقد اهتمامه بالدولة اللبنانية منذ سنوات، وكان على قطيعة معها.

دون تدخُّل ومساعدة كبيرة من جانب أميركا وأوروبا ودول الخليج، لا توجد فرصة لإعادة إعمار حقيقية في لبنان، وسيبقى هذا البلد ضعيفاً، ومن دون مستقبل.

وبما أنه لا يوجد فراغ في الشرق الأوسط، يجب على إسرائيل الاستمرار في الاستثمار في استخبارات محدّثة والمحافظة على قدرات عملانية كبيرة طوال الوقت من أجل التصدي “للإرهاب”، وضد تعاظم قوة العناصر المعادية لها في لبنان.

يجب أن نتذكر ما تغيّر منذ الانتفاضة الثانية في الساحة الفلسطينية في الضفة الغربية (2000 – 2005) حتى اليوم، فالجيش الإسرائيلي هو الذي يتحرك ويقوم بمهمة التصدي المباشر لبناء القوة والهجمات “الإرهابية” في الضفة الغربية، وخصوصاً في المنطقة أ.

فيما يتعلق بلبنان، سواء وُجدت قوة فعالة، مثل الجيش اللبناني، للقيام بالمهمة أو لم توجد، من المعقول أن نأخذ في الحسبان تطبيق درس مماثل بعد 7 تشرين الأول في الساحة اللبنانية، وفي غزة. وأقصد عمليات إسرائيلية عملانية في المكانَين تقوم بها أجهزتنا الأمنية.

——————————————–

هآرتس 9/10/2024

إن مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية لن يزيل القنبلة النووية، بل سيصنعها بيديه

بقلم: افنير كوهين

بروفيسور افنير كوهين متخصص في شؤون الأمن العالمي، مركز “ميديلبري” للدراسات الدولية في مونتري، كاليفورنيا

فرضيتان اساسيتان حول البرنامج النووي الايراني تبعثان لدى الكثيرين في الجمهور في اسرائيل، وعلى ما يبدو في قيادتها ايضا، تأييدا جارفا لاستغلال هجمة الصواريخ الايرانية لاجل الهجوم على مواقعها النووية. لكن هذه فرضيات لا اساس لها تعبر عن سوء فهم. ففهم مواضع الضعف في هاتين الفرضيتين ستصب ماء باردا على حماسة الاسرائيليين في هذا الشأن.

حسب الفرضية الاولى فان البرنامج النووي الايراني هو مثابة مجال أو غرض يمكن تدميره أو تفكيكه بهجوم ناجح واحد أو اثنين – على نمط المفاعل العراقي الذي دمره سلاح الجو في تموز 1981، أو المفاعل السوري الذي دمر في ايلول 2007. وحسب الفرضية الثانية فان المسافة بين ايران والقنبلة تدل على أن الايرانيين لم يتمكنوا بعد من انهاء ما هو مطلوب لانتاجها. هاتان الفرضيتان مغلوطتان من اساسهما.

لا يمكن التفكير في البرنامج النووي الايراني بتعابير مجال وحيد. فالحديث يدور عن مشروع ضخم واخطبوطي نما على مدى عشرات السنين الى أن وصل الى حجومه اليوم. مع منشآت النووي الايرانية توجد نحو نصف دزينة من المواقع المركزية الكبيرة، وعدد من المنشآت الاصغر التي تنتشر في عشرات النقاط في ارجاء الدولة مترامية الاطراف (مساحة ايران اكبر بـ 74 ضعف من مساحة دولة اسرائيل). البرنامج النووي الايراني يشبه مشروع منهاتن في الولايات المتحدة، الذي كان منظما في عشرات المواقع، اكثر بكثير مقارنة بالمشروع النووي الاسرائيلي الذي كان يقوم في مجال مركزي واحد، ديمونة.

مواقع النووي الكبرى في ايران تتعلق بانتاج المادة المشعة – اليورانيوم المخصب – والمواقع الاصغر ترتبط بالبحث والتطوير المتعلق بمجموعة السلاح وغيرها من العناصر العسكرية. بعض من منشآت التخصيب مخبأة عميقا تحت الارض في نتناز وفي فوردو، فيما أن منشآت مجموعة السلاح متناثرة وقابلة للنقل بسهولة نسبية.

مع مراعاة نطاق البرنامج النووي، لا توجد قوة عسكرية في العالم، بما فيها الولايات المتحدة، يمكنها أن “تدمر” أو “تفكك” المشروع بهجوم واحد أو اثنين مهما كانا كبيرين وناجحين. فما بالك أن اسرائيل لا يمكنها فعل ذلك. صحيح أنها قادرة على توجيه ضربة ذات مغزى لاهداف نوعية في ايران، بما فيها اهداف نووية، لكن ليس بوسعها أن تصفي البرنامج النووي نفسه. في افضل الاحوال يمكن لاسرائيل، ربما، أن تضرب “اعناق زجاجة” حرجة للمشروع، لكن هنا ايضا لا ينبغي الوقوع في الاوهام. في احسن الاحوال وفي اكثر بكثير من هجوم واحد، يمكن لاسرائيل أن تكسب زمنا، لكن برأي خبراء عسكريين لا ينبغي التوقع لتأخير بأكثر من سنة، ربما سنة ونصف. أما ثمن كسب زمن كهذا فسيكون هائلا – حرب استنزاف بين اسرائيل وايران، ستتواصل لاسابيع، بل ربما لاشهر. فهل تريد اسرائيل أو هي قادرة على أن تدخل الى حرب كهذه؟.

إن ائتلافا حربيا واسعا برئاسة الولايات المتحدة وبادارتها فقط قادر، ربما، على أن يدمر عسكريا البرنامج النووي الايراني، في جهد قتالي هائل يتواصل لاسابيع وربما لاشهر. لكن من الصعب أن نرى زعيما في واشنطن – جو بايدن، كمالا هاريس أو حتى دونالد ترامب – يتفضل بالدخول الى مغامرة كهذه. لم تمنع الولايات المتحدة كوريا الشمالية من التحول الى نووية، ولا يبدو أنها ستمنع هذا عن ايران.

وبالنسبة للفرضية المغلوطة الثانية: يرى كثيرون في ايران دولة تقف على مسافة خطوة عن القنبلة لأنها لم تتمكن بعد من استكمال الاعمال اللازمة لانتاجها. من يرى الامور هكذا لا يفهم دينامية الفعل النووي في ايران. مخطيء من يعتقد أن الايرانيين لم يستكملوا انتاج القنبلة لأنهم لم يتمكنوا بعد من استكمال العمل الفني. ايران لا تزال مترددة – على خلفية سياسية، وربما دينية ايضا، بالنسبة لانتاج القنبلة وتحولها الى دولة نووية بكل معنى الكلمة. ايران ليست دولة نووية لأنها لم تحسم بعد اذا كان مجديا لها أن تكون كذلك. لو كانت تقرر وتريد أن تكون دولة نووية، لوصلت الى هذا الهدف قبل زمن طويل، لكنها فضلت ولا تزال تفضل أن تكون دولة حافة.

المعنى الدقيق لتعبير “دولة حافة نووية” بعيد عن أن يكون واضحا أو متفقا عليه بين الباحثين في المجال. ثمة باحثون، لعلهم الاغلبية، من ناحيتهم معنى تعبير “حافة نووية” هو المنطقة القريبة من انتاج كامل للقنبلة. بينما آخرون، وبينهم كاتب هذه السطور، يصفون الحافة بصفة نقطة: نقطة انتقال من يوجد الى لا يوجد. بتقديري، ايران قريبة من الحافة ليس فقط من ناحية قربها من كمية المادة المشعة اللازمة للقنبلة – بل قريبة من ذلك ايضا من ناحية استكمال معظم عمل مجموعة السلاح. بتقديري، ايران تقف اليوم على مسافة خطوة فقط عن القنبلة – اسابيع أو حتى ايام قليلة فقط الى أن تتمكن من تفجير قنبلة نووية.

ومن هنا ينبع التعليل الثاني والاهم ضد هجوم اسرائيلي على مواقع النووي الايرانية. هجوم كهذا لن يعيق كثيرا البرنامج النووي الايراني، وبالتأكيد لن يدمره أو يفككه. وليس هذا فقط، بل من شأنه أن يكون المسمار الاخير قبل الحسم السياسي الايراني لتصبح دولة نووية بكل معنى الكلمة. في حينه سبق أن اعلن الايرانيون بأنه اذا هاجمت اسرائيل فانهم سيخرجون من ميثاق منع انتشار السلاح النووي ليصبحوا دولة نووية. اقترح ألا نستخف باعلاناتهم.

المفارقة هي أن ما يشجع الاسرائيليين على الهجوم – الرغبة في منع ايران نووية – هو الذي سيضمن بالذات أن تجتاز ايران الحافة، تجري تجربة، وتصبح دولة نووية بكل معنى الكلمة. اسرائيل، على أي حال، سترد بخطوة مشابهة، وصراع اسرائيل مع المحور الايراني سيصبح نوويا. سيناريو كهذا لا يقل كارثية.

*بروفيسور افنير كوهين متخصص في الأمن العالمي، مركز “ميديلبري” للدراسات الدولية في مونتري، كاليفورنيا

——————————————–

هآرتس 9/10/2024

في كل ما يتعلق باتفاق مع السعودية، السنوار نجح

بقلم: امير تيفون

في 20 ايلول من السنة الماضية التقى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، والرئيس الامريكي، جو بايدن، في فندق “انتركونتننتال” في وسط منهاتن، لاول مرة منذ عاد نتنياهو الى الحكم في 2022. استغرق اللقاء وقتا اكثر من ساعة بقليل، والعنوان الرئيس الذي خرج منه كان القلق الذي اعرب عنه بايدن من الانقلاب النظامي. لكن في حديث ثنائي بين الزعيمين، بعد نحو سنة في اثنائها امتنع بايدن على نحو استعراضي عن دعوة نتنياهو الى البيت الابيض – برز موضوع مركزي آخر: التطبيع بين اسرائيل والسعودية.

في الايام ما قبل وما بعد هذا اللقاء كان يبدو أن اتفاق التطبيع مع المملكة السعودية هو مسألة وقت فقط، وأنه سيكون ممكنا تحقيقه في غضون بضعة اسابيع. وجدت وسائل الاعلام صعوبة في متابعة سلسلة العناوين والمنشورات التي تشهد على تقدم في الموضوع. وبالتوازي مع اللقاء بين نتنياهو وبايدن قال ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إن اتفاقا بين بلاده واسرائيل يمكن أن يكون “الاكبر منذ الحرب الباردة”. في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” قال ابن سلمان إنه “في كل يوم نحن نقترب” من تحقيق هذا الاتفاق – تصريح فاجأ حتى البيت الابيض ومكتب رئيس الوزراء في اسرائيل في مدى التفاؤل الذي عبر عنه.

في الغداة افادت “وول سترين جورنال” بأن نتنياهو يميل للموافقة على الشروط التي تطرحها السعودية في موضوع تخصيب اليورانيوم، رغم مخاوف كبار رجالات جهاز الامن في اسرائيل من تداعيات اقامة صناعة نووي في المملكة. مر يوم آخر ونتنياهو صرح، في خطاب امام الجمعية العمومية للامم المتحدة، بأن اسرائيل والسعودية توجدان “على شفا اختراق لاتفاق سلام تاريخي”.

موضوع واحد تقريبا كاد لا يظهر في هذه التقارير: المسألة الفلسطينية. بين رغبة نتنياهو في عرض انجاز ذي مغزى في المجال السياسي – بعد سنة من التوترات الداخلية الشديدة في اسرائيل – وبين رغبة ابن سلمان في تحقيق اتفاق دفاع متبادل مع الولايات المتحدة، كان يبدو أن الفلسطينيين تبقوا ليس اكثر من ملاحظة هامشية. في خطابه في الامم المتحدة العام الماضي قال نتنياهو إنه “محظور اعطاء الفلسطينيين حق الفيتو على مسيرة السلام مع الدول العربية”، فيما أن ابن سلمان اكتفى في المقابلة مع “فوكس نيوز” بقول عام عن الحاجة الى التسهيل على حياة “الفلسطينيين”، دون أي تعهد بدولة فلسطينية.

لم يختف تأثير الموضوع الفلسطيني على الاتصالات مع السعودية تماما عن جدول اعمال نتنياهو. ففور عودته الى اسرائيل في نهاية اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة، ركز على موضوع واحد كان يمكنه أن يلقي بظلاله على التطبيع المقترب: التوتر على طول حدود قطاع غزة. بالتوازي مع تواجده في الولايات المتحدة والعناوين المتفائلة التي كانت تنشر كل يوم في الموضوع السعودي كانت تجري في كل مساء مظاهرات كبرى على الجدار الحدودي بين غزة واسرائيل، بمشاركة آلاف الفلسطينيين. وسمعت في جهاز الامن تحذيرات من تصعيد محتمل.

وكان مسؤول اسرائيل كبير شارك في المباحثات في تلك الفترة قال لـ “هآرتس” بأن التخوف من تصعيد ذي مغزى في القطاع، كنتيجة لرد اسرائيل على موجة المظاهرات، طرح في عدة مداولات في السياق السعودي. وعلى حد قوله فانه “كان واضحا بأنه اذا تصاعد الوضع في غزة وتدهور يمكنه أن يبرد السعوديين ويزيد تركيزهم على العنصر الفلسطيني في التطبيع”. في محاولة لمنع هذا، حاولت الحكومة الوصول الى تفاهمات مع حماس على وقف المظاهرات مقابل امتيازات اقتصادية، مع التشديد على زيادة المنحة القطرية.

بالتوازي، واصل نتنياهو الضغط للتركيز على الموضوع الذي لا يزال يعتبر عائقا مركزيا وهاما امام تحقيق الاتفاق: الطلب السعودي لتخصيب اليورانيوم. في الاسبوع الثاني من اكتوبر 2023، فور “ما بعد الاعياد” كان يفترض أن تجرى سلسلة مداولات حاسمة في الموضوع بمشاركة نتنياهو، ديرمر وكبار رجالات جهاز الامن.

عندها بالضبط، حين بدا بأن الطرفين اقرب من أي وقت مضى من تحقيق امكانية الاتفاق عاد الموضوع الفلسطيني الى مقدمة الساحة الدولية، مع هجمة حماس في 7 اكتوبر. فالمذبحة التي قادها زعيم المنظمة في غزة، يحيى السنوار، امسكت بمفاجأة مطلقة ليس فقط اسرائيل، بل والسعودية ايضا. وكان الرد الاولي للمملكة على الهجمة بيانا من وزارة الخارجية في الرياض نشر في ذات اليوم في الساعة 15:00 بعد الظهر.

بعثت الصيغة خيبة أمل وغضب في اسرائيل، وعلى حد قول مسؤول اسرائيلي كان يمكن الاستنتاج منها الى أين تهب الريح في المملكة. فقد جاء في البيان بأن السعودية “تتابع عن كثب التطورات والوضع غير المسبوق بين عدد من الفصائل الفلسطينية وقوات الاحتلال الاسرائيلية، التي أدت الى مستوى عال من العنف في عدة جبهات. وتدعو المملكة الى وقف التصعيد فورا”. مصطلحات “حماس” و”ارهاب” لم تظهر في البيان.

امتداد الحرب واتساعها الى ساحات اخرى جعلا تطلع ادارة بايدن لتحقيق اتفاق تطبيع حتى قبل انتهاء ولاية الرئيس، متعذرا. وبالتوازي، في الجانب السعودي اصبحت الرسائل في الموضوع الفلسطيني اكثر وضوحا – وبرزت على المستوى الجماهيري. وزير خارجية المملكة، فيصل بن فرحان، نشر الاسبوع الماضي مقالا في صحيفة “فايننشال تايمز” اوضح فيه بأن المملكة ملتزمة باقامة دولة فلسطينية ولن تقيم علاقات مع اسرائيل دون أن يكون مسار واضح لاقامة مثل هذه الدولة.

في خطاب القاه بايدن بعد اسبوعين على هجمة حماس قال إنه عشية الهجمة “اراد السعوديون الاعتراف باسرائيل”، واضاف بأن “احد الاسباب التي جعلت حماس تهاجم كان معرفتهم بأننا سنجلس مع السعودية”. بعد سنة من الهجوم، يبدو أنه في هذا المجال على الاقل – نجح السنوار في تحقيق هدفه.

——————————————–

إسرائيل اليوم 9/10/2024

التصعيد الحالي يسمح بكسر استراتيجية الوكلاء الإيرانية

بقلم: البروفيسور آفي بار ايلي

البروفيسور آفي بار ايلي هو مؤرخ في جامعة بن غوريون في النقب

لو لم يكن يدور الحديث عن شؤون تتعلق بالحياة والموت لكان يمكن للمرء أن يتسلى لمشاهدة “السابقين” في جهاز الامن ممن ينتقلون بخفة من الانهزامية الى الكفاحية (وان كانت محدودة في آفاقها).

قبل لحظة ومن عمى لمصالح إسرائيل الحيوية الذي يحتاج الى تفسيرات نفسية – سياسية، صرخوا في الاستديوهات بانه يجب وقف الحرب في غزة وترك حماس واقفة على قدميها. طالبوا بـ “صفقة مخطوفين” خيالية وعديمة الأساس كانت ستدفن احياء عشرات مخطوفين في القطاع من أجل وقف المعركة في لبنان من خلال “ترتيب” خيالي بقدر لا يقل، قبل تصعيد الى حرب ضد ايران. اشاحوا عيونهم عن رؤية ان هذه الحرب قد نشبت منذ الان. معنى اقتراحاتهم كان استسلاما خطيرا لإيران ولذراعيها الاجراميين على حدود إسرائيل وتدهورا خطيرا في المعنويات.

لا يستطيع الضباط الكبار السابقون استخلاص استنتاجات واسعة من اخطائهم، فحرب ايران – إسرائيل التي نشبت في السنة الماضية ليست مناسبة لوحدة الآراء الجماعية التي تميزهم. فهي حدث تاريخي شاذ يحتاج الى تحليل يتجاوز ما هو معروف ومقبول لديهم حتى الان تحليل لا يغرق في المسلمات العادية.

حرب ايران – إسرائيل تحتاج التخلص من المنطق المشوه الذي وجه القيادة العسكرية والسياسية لإسرائيل في “جولات” جرت بينها وبين اذرع الخنق الإيرانية في نحو العقدين اللذين بين حرب لبنان الفاشلة في 2006 وبين حارس الاسوار في 2021. وهذا هو المنطق المشوه ذاته. “ضبط النفس” الاستراتيجي الذي غرس فينا قبل ذلك في التجلد على الإرهاب من أوسلو وما تلاه. وعندما يُسأل ما هو الأفق الاستراتيجي للخطوة الحالية في لبنان فهل السائل يقصد “استراتيجية” الهروب التي اتخذها باراك؟ “استراتيجية” الترتيبات لاولمرت ولفني؟ اتفاق الغاز للبيد؟

“الأفق الاستراتيجي” موضع البحث هذا غطاء لترك لبنان سائبا لإيران من خلال سوريا والطائفة الشيعية في لبنان. فالمبدأ الاستراتيجي الذي يجب ان يوجهنا هو صفر تسامح لتجمع جيوش الإرهاب على حدودنا او في داخلنا، في القطاع او في جبال يهودا، السامرة ولبنان. في لبنان يستوجب مبدأ صفر التسامح احتلال الجنوب كله، الى ما وراء الليطاني وتطهيره من البنى التحتية العسكرية، بعد اخلاء السكان الذي يجري هناك الان. ولن يسمح بعودة السكان الا بعد ان يستكمل قصف جيش حزب الله وقياداته في كل لبنان، وفقط على أساس اتفاق دولي لنزع سلاح هذا الجيش. إسرائيل لن تتحرك من جنوب لبنان الفارغ من سكان (بشكل مؤقت) وتتمترس على نهر الاولي، الى أن ينزع سلاح حزب الله عمليا.

ان تبادل الضربات مع ايران ينبع من تطبيق مبدأ صفر التسامح. وفي الحرب في إسرائيل وكذا بث قوة وتهديد من خلال المشروع النووي، هي اساسات نظامية في ايران. بدون حزب الله وامثاله يكون الخطاب اللاسامي للنظام فارغ من المضمون.

لقد استخدم النظام الجيش الصاروخي لحزب الله لحماية المشروع النووي. وتصفية حزب الله هي إذن ليست ضربة استراتيجية بل هي تضعضع النظام. وعليه فينبغي التوقع لهجمات من ايران طالما كنا نقصف حزب الله. لكن سحق حماس وحزب الله هو أمر قابل للتنفيذ في المدى الزمني القريب، بينما التصدي الحيوي لإيران هو موضوع طويل أطول واقسى. وهو يتطلب مناورة سياسية – عسكرية معقدة مع الولايات المتحدة، وذلك لان الولايات المتحدة حاليا لا تزال تتمسك بمصالحة فاشلة مع ايران، مثل فشل إسرائيل في “احتواء” حماس وحزب الله.

وعليه، فرغم المخاطر، فان التصعيد الحالي مع ايران يفيد المصالح الأمنية الحيوية لإسرائيل. تصعيد يسمح بكسر استراتيجية الوكلاء لإيران ويستوجب منها تحمل ثمن المواجهة معنا، مثلما حصل مع مصر الى أن اضطرت للتوقيع على اتفاق سلام. تصعيد يسمح بحمل الولايات المتحدة بالتدريج على الاعتراف بان التهديد الامبريالي الإيراني يستوجب تصفية مشروعه النووي وتقويض النظام الاجرامي. المناورة من أجل هذه الغاية هي جزء هام في اعتبارات نتنياهو الان، قبل الرد الإسرائيلي المرتقب في ايران.

——————————————–

معاريف 9/10/2024

لعدة اعتبارات إسرائيل ملزمة بخطوة سريعة وذات مغزى في لبنان

بقلم: افي اشكنازي

أدخل الجيش الإسرائيلي الى المعركة في لبنان في الليلة بين الاثنين والثلاثاء فرقة رابعة – فرقة 46 – التي انضمت الى فرق 36، 98 و 91 – ويحتمل أن يستخدم أيضا فرقة خامسة.

في حديث مع رؤساء البلدات في الشمال قال قائد المنطقة الشمالية اللواء اوري غوردن انه يقدر بانه في غضون نحو شهر سيتمكن السكان في الشمال من العودة الى بيوتهم. نجمة صغيرة: اللواء تناول في حديثه عدة بلدات في المرحلة الأولى وبعد ذلك بالتدريج – وفقا لانجازات الجيش في القتال.

اقوال اللواء غوردن هامة. فلاول مرة لا يرتبط موضوع عودة السكان باتفاق مع لبنان، حزب الله او أي جهة دولية أخرى، بل بالنجاحات التكتيكية للجيش الإسرائيلي في لبنان. والحقيقة هي انه توجد للجيش الإسرائيلي نجاحات مبهرة للغاية في الساحة الشمالية.

من هنا، الى الجدول الزمني الذي تقرر في الجيش الإسرائيلي. إسرائيل ملزمة بتنفيذ خطوة سريعة جدا في لبنان لعدة أسباب: الأول هو حالة الطقس. نحن في نهاية الثلث الأول من شهر أكتوبر، بداية الخريف. في حالة كهذه، ستعمل الظروف في صالح حزب الله. أيام وليال مع شباب سينزع التفوقات النسبية لسلاح الجو ولقسم من أجهزة الكشف وسيعرض القوات المناورة لعمليات حرب العصابات التي يقوم بها الطرف الاخر. لبنان غني بالمطر في الشتاء، ما يؤدي الى وحل يصعب فيه تحرك الدبابات والمعدات الثقيلة. حالة الطقس الباردة ودرجات الحرارة التي تراوح حول الصفر ستجعل من الصعب على المقاتلين التحرك بحرية وابداء مستوى جندية عالية.

العامل الثاني الذي يملي الجدول الزمني هو بالطبع الاسرة الدولية. في الولايات المتحدة حملة الانتخابات تدخل الى المصاف الأخير، وحرب في الشرق الأوسط لا تضيف للإدارة اللديمقراطية. في أوروبا أيضا ستتعاظم الأصوات التي تدعو الى وقف القتال كلما تفاقمت الازمة الإنسانية في لبنان. الأسباب الإضافية التي يتقيد فيها الجيش الإسرائيلي في الزمن هي شؤون إسرائيلية داخلية، والشأن الأول فيها هو الاقتصاد: الكلفة اليومية للحرب تثقل على الاقتصاد الإسرائيلية. كما يوجد أيضا الشأن الاجتماعي، مع التشديد على رجال الاحتياط وعائلاتهم، وبالطبع إعادة تأهيل سكان الشمال النازحين. وعليه فسيصعد الجيش الإسرائيلي اغلب الظن في الأيام القريبة القادمة الجهد الحربي في الشمال.

المجهول الوحيد في هذه اللحظة في المعادلة هو القتال ضد ايران. هذه المسألة يمكنها أن تجتذب الاهتمام العملياتي للجيش الإسرائيلي مما هو كفيل بان يشوش الجداول الزمنية. ومع ذلك، في قيادة المنطقة الشمالية مصممون على التقدم في خطوات القتال، الوصول الى هزيمة سريعة لحزب الله والى خلق واقع امني جديد في المنطقة.

——————————————–

يديعوت احرونوت 9/10/2024

سنة بدون استراتيجية

بقلم: رونين بيرغمان

لو كان هبط هنا، في دولة إسرائيل رجل فضاء، في اليوم التالي لذكرى سنة على بدء الحرب، وجمع الاحداث التي وقعت في اكثر من يوم بقليل من كتابة هذه السطور – لاصابه الدوار ولا بد كان سيسأل نفسه كيف يمكن للناس أن يعيشوا في مثل هذا الواقع.

بينما يستعد الجيش الإسرائيلي لرد ضد ايران يقول الجميع انه سرعان ما سيأتي وبعد كل هذا القدر من التصريحات سيكون صعبا على إسرائيل التراجع، حتى لو ارادت، وحتى لو تلقت تعويضا سمينا على نحو خاص من الولايات المتحدة – ايران، كما نشر، تضغط على حزب الله لقبول وقف النار الذي رفضت المنظمة ورئيسها الذي لم يعد حيا الموافقة عليه.

تراكضت اول امس شائعتان، وكلتاهما بدتا بلا أساس تماما. الأولى هي ان نتنياهو يتميز غضبا على الولايات المتحدة في انها تعمل عبر وزير الدفاع وانه سيستغل رحلة غالنت الى واشنطن كي يقطف الحظوة على الأوامر التي سيصدرها للجيش في غيابه. قليلا مثلما في محيط نتنياهو يشتبهون، بالخطأ بان هكذا فعل غالنت مع تصفية نصرالله حين كان رئيس الوزراء في الولايات المتحدة.

الشائعة الثانية تقول ان نتنياهو الذي نسقت الرحلة معه بشكل كامل ومطلق، سيوقفها في الثانية الأخيرة.

بالنسبة للاولى، حقا من الصعب التصديق. فبعد أن كان واضحا تماما بانه لا يمكن تنفيذ الخطة التي عرضها الجيش وسلاح الجو على الحكومة بدون تنسيق ومساعدة من الولايات المتحدة، ناهيك عن قوائم المشتريات واستكمال النواقص، دعا وزير الدفاع اوستن غالنت الذي ضم اليه رؤساء وزارة الدفاع ومسؤولين كبار في الجيش الإسرائيلي، الى ميراتون لقاءات في البنتاغون. والسبب، هكذا حسب مصدر مطلع على التفاصيل: “هكذا فقط يمكن الجلوس معا على خرائط ايران والتنسيق”.

لكن بعد أن غرد الحساب المتماثل مع مقربي وقريبي نتنياهو في الشبكة بان غالنت هو عميل امريكي، كان هناك في محيط غالنت من راهن على الامكانية الثانية، المغلوطة، بان نتنياهو سيأمره بالبقاء. آخرون قالوا لوزير الدفاع بانه لا يمكن لمثل هذه السخافة ان تحصل.

لكن رئيس الوزراء فجأة الغى رحلة وزير الدفاع بمعاذير مختلفة، لكن واضح ما الذي يغيظه حقا – بان الاتصال جرى عبر غالنت كريه روحه وليس عبره. وقد اشترط الرحلة بمكالمة مع بايدن، وفعل نوعا من الابتزاز على واشنطن.

لا غريب ولا رجل فضاء سيفهم هذا. ليس رجل الفضاء فقط بل وحتى في البنتاغون ينظرون الى إسرائيل ولا يفهمون البلاغ عن تأجيل رحلة غالنت.

والجيش الإسرائيلي، الذي يؤكد انه اكتشف نفقا يجتاز من لبنان الى إسرائيل بعد غير قليل من النفي للموضوع (في الجيش يقولون، وربما عن حق، انه بسبب الشكل السري الذي اكتشف فيه النفق وأجريت المتابعة له)، يؤكد بان ليس لديه معلومات عن انفاق أخرى لكنه لا يؤكد بانه لا توجد انفاق كهذه. وحرب إسرائيل في الشمال تستمر، وفي الجنوب، وهنا وهناك بيانات مريرة واحيانا قاسية جدا واحيانا قاسية حتى اكثر؛ رشقات صواريخ حزب الله تهز السماء (لكنها تلحق ضررا اصغر نسبيا مما توقع الجميع). وهنا وهناك صاروخ من اليمن، حيث يرفض الحوثيون المرة تلو الأخرى تعلم الدرس الذي وعد رئيس الوزراء بان يلقنهم إياه. والقصف في دمشق، المنسوب لإسرائيل حسب منشورات اجنبية، فيما ان الهدف هو الحاج سامر، مسؤول حزب الله عن نقل السلاح من سوريا الى لبنان.

وايران، التي تستعد للرد على الرد، وإسرائيل التي تستعد منذ الان للرد على الرد على الرد على الرد، وفي نفس الوقت، تخوض أيضا صراع جبابرة لمنع انفجار في الضفة الغربية وفتح جبهة أخرى.

وفي غزة – هل يمكن لاحد ما ان يشرح لرجل الفضاء ما الذي يحصل هناك؟ ما تفعله إسرائيل بالضبط ولماذا يواصل الجنود التعرض للقتل وكيف يفترض بهذا أن ينتهي.

والمخطوفون؟ أيتذكر احد ما المخطوفين؟ صحيح، في كل خطاب لمحفل رسمي او عسكري او سياسي، وكذا في وسائل الاعلام يحرصون على الحديث عنهم في كل مرة، لكن هل يعمل احد ما حقا في صالحهم في داخل المنظومة السلطوية؟ فقد سبق أن قالوا انهم في وضع رهيب، وعلى شفا الانهيار. وباستثناء التسريب من البحث الخاص الذي عقده نتنياهو في الموضوع واقوال لا بد من استيضاح صحتها بان مسؤولين كبار في اسرة الاستخبارات الإسرائيلية يقولون انهم لا يعرفون اذا كان السنوار استأنف الاتصال لكنه حرص فقط على نفسه وعلى ضمان حصانته. لا توجد اتصالات ولا توجد مفاوضات ولا توجد صفقة.

وترميم الغلاف؟ وترميم بلدات الشمال؟ ومعالجة المصابين؟

من احاديث مع مسؤولين كبار في جهاز الامن واسرة الاستخبارات ليس واضحا الى أين يسير كل هذا وماذا بالضبط يسعون لتحقيقه في الخطوة الهجومية الواسعة وكثيرة البؤر ضد ايران. تقدير اسرة الاستخبارات هو أنها سترد وعندها سيتعين على إسرائيل أيضا ان ترد. لتبادل الضربات هذه يوجد اسم – يسمونها حربا.

الفكاهي الأمريكي جون ستيوارت تفكه على الصحافي باراك رابيد الذي قال في الـ “سي.ان.ان” ان السياسة الإسرائيلية هي منع التصعيد من خلال التصعيد. هذه جملة غبية. لكن رابيد لم يفعل سوى أنه عكس بدقة السياسة الإسرائيلية التي حقا وبجدية شرحها مسؤولون إسرائيليون كبار لمسؤولين كبار في جيوش اجنبية هذا الأسبوع فقط.

يقول مسؤول امني كبير: “يمكن ان نصيغ هذا بشكل مختلف أيضا – النجاح من خلال الفشل. لقد خرجت إسرائيل الى حرب في غزة كي تحقق هدفين: تحرير المخطوفين وتفكيك قدرات حماس (ناهيك عن ابادتها في الانتصار المطلق والالهي. بعد ان لم تنجح في تحقيق أي من هذين الهدفين، اضيف هدف آخر في الجبهة الشمالية – إعادة السكان بأمان الى بيوتهم، وليس واضحا كيف ستحققه هو أيضا”.

هناك من يعتقد بانه يمكن اغلاق الجبهة الجنوبية عبر نصر في الجبهة الشمالية، “والان واثقون بانه اذا ما وجهنا ضربة قاضية على ايران فانها ستؤدي الى اغلاق الجبهة في الشمال وهذه ستغلق الجبهة في الجنوب. هكذا نحن نفتح مزيد فمزيد من الجبهات.

رجل الفضاء، لا يفهم كيف يمكن العيش هنا هكذا. لكن ربما الجواب هو “لان كل شيء مطبع، فان ما يبدو لنا وكأنه متعذر، لا يمكن أن يحصل – فجأة يحصل”، هكذا يقول مصدر امني كبير اقتبس هنا عدة مرات في الماضي في نظرته الواعية الى الواقع وتوقعاته، المتكدرة، التي للأسف تجسد نفسها كل مرة من جديد بالاسى والدم. “والكل يعتاد، وانعدام الاستراتيجية جراء الفجوة التي بين القدرات العسكرية والاستخبارية الرائعة للعثور على اهداف وتصفيتها وبين انعدام القدرة على ترجمتها الى سياسة واتفاقات وتسويات. ان انعدام الاستراتيجية هو عطل. وهذا هو الاستراتيجية، التي لا توجد فيها إدارة مرتبة ومنظومة واضحة ولا تؤدي الى شيء بل ببساطة الى نزوات قد تؤدي الى شيء خير ما. واذا لم تؤدي اليه فلا بأس، سنجرب شيء آخر.

——————————————–

هآرتس 9/10/2024

صراعات في إسرائيل حول تصعيد المواجهة مع إيران، ونتنياهو يسعى لإغلاق حساباته الشخصية

بقلم: عاموس هرئيلِ

في الأسبوعين الأخيرين، كان صناع القرار يتصارعون حول كيفية الرد على الهجوم الصاروخي الإيراني في بداية الشهر، لكن تأجيل نتنياهو زيارة غالانت إلى الولايات المتحدة سيجعل من الصعب على إسرائيل تنسيق تحركاتها مع الولايات المتحدة. ومع بايدن وبينما يحاول رئيس الوزراء تأسيس رواية النهضة، يبدو أن حكومته أهملت المختطفين

مرت الذكرى الأولى ليوم 7 تشرين الأول/أكتوبر باحتفالين فقط أحدهما وطني والآخر كوري شمالي، بل تم إطلاق عدة جولات من الصواريخ والقذائف على وسط البلاد من ثلاثة اتجاهات مختلفة: قطاع غزة في الصباح؛ اليمن ظهراً؛ ولبنان نحو منتصف الليل. ورغم أن أبواق نتنياهو كانت معدة مسبقاً لهذا الاحتمال وحذرت من أن اليساريين كابلانيين يصلون من أجل الحصول على رصاصة في المؤخرة، يبدو أن أغلبية كبيرة من الجمهور الإسرائيلي تدرك أن الصورة أكثر تعقيداً. وحتى بعد الفشل والمذبحة، وبعد التعافي التدريجي للجيش الإسرائيلي، والأضرار التي لحقت بحماس في قطاع غزة، وبعد سلسلة الضربات القوية التي تلقاها حزب الله في الشهر الأخير – فإننا لسنا قريبين من إنهاء الحرب.

ولا يبدو أن التسوية النهائية وشيكة في الوقت الحالي. ومن الممكن أيضاً أن يكون أعداء إسرائيل، الذين تخيلوا قبل بضعة أشهر فقط خطة لتدميرها، يستعدون الآن لنظام استنزاف طويل الأمد، يأملون فيه أن الثمن الذي سيأخذونه من السكان المدنيين والاقتصاد الإسرائيليين سوف يساعدهم. الإضرار بمكانتها لسنوات قادمة.

وهناك مسألة إيران. والجدل حول مدى نجاح الهجوم الصاروخي الباليستي، الذي ربما يكون الأكبر من نوعه على الإطلاق، في الأول من أكتوبر/تشرين الأول. أطلقت إيران 181 صاروخا. قُتل شخص واحد، وهو فلسطيني أصيب أثناء عملية اعتراض في أريحا، وأصيب عدد من المدنيين الإسرائيليين. وأصيبت منطقة هود هشارون بأضرار جسيمة جراء إصابة مباشرة بصاروخ. وقد لحقت أضرار إضافية، لم يتم تحديد طبيعتها، بعدة قواعد للجيش الإسرائيلي ومنشآت أمنية. ويصر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي على أنه لم تحدث أي أضرار وظيفية في قواعد سلاح الجو، التي كانت محور الهجوم.

ونشرت وسائل الإعلام الدولية تحليلات تعتمد على صور الأقمار الصناعية، والتي تظهر عددًا كبيرًا من الضربات في قاعدة نفاطيم الجوية في الجنوب، وعددًا أقل في تل نوف والمخيمات في منطقة جيليت. يمكن الافتراض أن هذا يرجع جزئيًا إلى سياسة اعتراض مدروسة: لم تكن القبة الحديدية مصممة للتعامل مع الصواريخ الباليستية، ويقع العبء الرئيسي على أنظمة الأسهم والعصا السحرية، التي تكون تكلفة الصاروخ الواحد كثيرة. أضعاف صواريخ القبة الحديدية الاعتراضية.

ومن المؤكد أن السياسة الدفاعية الصحيحة، وتحديد الأولويات الدفاعية، هي التي أملت طبيعة الرد الإسرائيلي مع المجازفة المحسوبة. النقطة المهمة هي أن النتيجة معلقة على خيط. ولحقت أضرار بنحو 500 منزل وشقة جراء الهجوم الصاروخي الوحيد في هود هشارون. فالسقوط المباشر على مبنى شاهق، بدلاً من السقوط في منطقة مفتوحة بالقرب من المنازل، كان من الممكن أن يؤدي إلى عمليات قتل جماعية.

قلد قائد القوات الجوية للحرس الثوري الإيراني، الجنرال علي حاجي زادة، هذا الأسبوع وسامًا خاصًا من المرشد الأعلى علي خامنئي، كعربون امتنان للهجوم الناجح. إيران مقتنعة بأنها أرسلت ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ والملاجئ، وتقول لنفسها إن النظام الصهيوني يخفي خسائره، وربما يعود ذلك أيضاً إلى رغبة خامنئي في إنهاء جولة الضربات قبل أن يحدث المزيد من الضرر وهذا هو الهجوم الثاني (الهجوم السابق وقع في أبريل/نيسان)، فهو يفضل التجاهل. وفي الوقت نفسه، من المرجح أن يكون النظام قد أهدر ما يقرب من ثلث مخزونه من الصواريخ الباليستية العاملة.

وبعد الهجوم الإيراني، أعلن نتنياهو أن ضربة قاسية ستتبعه. ويبدو أن المعلقين والجنرالات المتقاعدين، الذين صُدموا هذه المرة من اقتراب التهديد من منازلهم في المركز، تنافسوا مع بعضهم البعض في الاستوديوهات لنشر تهديدات قاسية ضد الإيرانيين. وتراوحت الوعود بين تدمير مواقع النفط الإيرانية والتدمير النهائي للبرنامج النووي وحتى الإطاحة بالنظام.

ومع مرور الوقت، تتزايد الشكوك في أن إسرائيل سوف تضطر إلى القبول ب بثمن أقل. الرئيس الأميركي جو بايدن تحدث مرتين عن الأمر وألمح بلطف لنتنياهو إلى أنه من الأفضل تجنب مهاجمة المواقع النووية والنفطية والتأكد من التنسيق مبكراً مع الإدارة. وتم استدعاء وزير الدفاع يوآف غالانت بشكل عاجل لزيارة البنتاغون في واشنطن اليوم.

وقدر معلقون أميركيون أن الرد الإسرائيلي سيتركز بالتالي على المواقع العسكرية، في محاولة لإيجاد حل وسط – إشارة أخرى لطهران حول قدرات سلاح الجو، إلى جانب محاولة إغلاق هذه الجولة. هذا هو النقاش الأساسي الذي يدور في إسرائيل في الأسبوعين الأخيرين، بين الرد «الإغلاق» والرد «الفتح»، أي الرد على التصعيد، في إيران ولبنان.

ولكن في هذه الأثناء ظهرت تعقيدات جديدة. الليلة الماضية، قرر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تأجيل رحلة غالانت إلى الولايات المتحدة في اللحظة الأخيرة، ويبدو أن وراء خطوة نتنياهو غير العادية نية مزدوجة: إجبار بايدن على التحدث معه عبر الهاتف بعد أن تجنبها الرئيس، حتى على الهاتف. ذكرى المذبحة – بالإضافة إلى إذلال غالانت مرة أخرى.

لقد قام نتنياهو بالفعل بممارسة مماثلة قبل بضعة أشهر، عندما نشر مقطع فيديو هاجم فيه الإدارة الأمريكية قبل أن يكون بايدن على وشك إطلاق شحنة من الأسلحة الجوية التي تحتاج إليها إسرائيل بشكل عاجل. غالانت، الذي كان أيضا في الولايات المتحدة وقت الحادثة السابقة، منزعج أيضا من حقيقة أنه بدون الزيارة سيكون من الصعب التنسيق مع الأميركيين لتفعيل العناصر الأساسية للدفاع عن إسرائيل.

وفي لبنان، اتجاه التصعيد واضح. هذا الأسبوع، انضمت فرقة رابعة، فرقة الاحتياط 146، إلى قوات المناورة التابعة للجيش الإسرائيلي في جنوب البلاد، لكن الخبراء في الولايات المتحدة الذين يعتمدون على تحليل الصور من المنطقة وصور الأقمار الصناعية، لديهم انطباع بأن الأرض العملية محدودة نسبيا.

ووفقا لهم، تركز قوات الجيش الإسرائيلي في الوقت الحالي على قرى منفردة ليست بعيدة عن الحدود، وعلى مسح المناطق المفتوحة ذات النباتات المتشابكة حيث أقام حزب الله مجمعات قتالية بالقرب من السياج، مقاومة حزب الله على الأرض حتى الآن قليلة. وأقل عدوانية مما كان يخشى الجيش الإسرائيلي في البداية. ولكن في الأماكن التي يفاجأ فيها الجيش الإسرائيلي، كما حدث لقوة من وحدة آغوز عشية رأس السنة العبرية، فإن تنظيمات حزب الله الباقية في جنوب لبنان لا تزال قادرة على إثارة المشاكل وقتل الجنود.

كان الأسبوعان الأخيران من شهر أيلول/سبتمبر، من وجهة نظر حزب الله، حدثين مشابهين إلى حد كبير لما حدث في 7 تشرين الأول/أكتوبر الذي تعرض فيه الجيش الإسرائيلي على يد حماس. وقد عانى التنظيم من سلسلة من الضربات المفاجئة وواجه صعوبة في التعافي منه إنه منظمة أصغر من الجيش الإسرائيلي، وركز جزء من الهجوم على أمينه العام حسن نصر الله) وكان الضرر أكثر خطورة، ولكن يومًا بعد يوم أصبح اتجاه التعافي المحلي واضحًا استؤنفت – في الوقت الحاضر، يتم إطلاق مئات الصواريخ على نطاق صغير في شمال البلاد (حتى حيفا جنوبًا)، مما يؤدي إلى تعطيل الحياة اليومية تمامًا.

والسؤال هو ما إذا كان الضغط العسكري الذي تمارسه إسرائيل الآن سيكون كافيا لإقناع الإيرانيين وحزب الله بتقليص الخسائر والسعي لإنهاء القتال، حتى بالثمن الذي سيسمح له ذلك لإسرائيل بتحقيق إنجازين رئيسيين: قطع الطريق على إسرائيل. العلاقة التي أنشأها نصر الله بين انتهاء القتال في غزة ووقف إطلاق النار في لبنان وعودة 60 ألف إسرائيلي يعيشون على الحدود الشمالية إلى منازلهم. أحد المخاطر من وجهة النظر الإسرائيلية هو تطور حرب الاستنزاف على مدى سنوات عديدة. إن إطلاق صاروخ أو صاروخين يومياً باتجاه المركز يكفي لتعطيل الحياة هنا وعمل الاقتصاد لفترة طويلة.

في شأن قرار اغتيال نصر الله، كان هناك شبه إجماع في القيادة الإسرائيلية. وبعد سنوات كان ينظر إليه كزعيم منضبط في ممارسة السلطة، رغم مواقفه المتطرفة، تغيرت الأمور في العام الذي سبق الحرب. وإصراره على مواصلة القتال بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، وعدم قدرته على إجبار السكان على العودة إلى الشمال، أدى أخيراً إلى اتخاذ قرار قتله. إن الضرر الذي لحق بحزب الله هائل ـ ومن المحتمل أن يمر وقت طويل قبل أن يجد الحزب زعيماً بمكانته. في المقابل، تبحث إسرائيل الآن عن عنوان: من صاحب القرار في لبنان ومن يجب الضغط عليه لإبرام صفقة معهم تنتهي بالحرب؟

ومثل هذه الصفقة يجب أن ترتبط بطريقة أو بأخرى بالجنوب. وفي الأسابيع الأخيرة تخلت الحكومة تماما عن المختطفين. تبدو وعود نتنياهو الفارغة بإطلاق سراحهم جوفاء أكثر من المعتاد (حتى أنه تفاخر هذا الأسبوع بنجاحه في إعادة 155 مختطفاً، ونسي أن يذكر أن حوالي 20% منهم عادوا جثثاً).

لكن هنا قد يكون هناك تطور معين في حالة يحيى السنوار، زعيم حماس في قطاع غزة. وبعد أسابيع من الشائعات، تم دحض التكهنات حول وفاة السنوار.

وقد أقام اتصالات غير مباشرة مع الوسطاء، من خلال رجاله في مقر حماس في الخارج، بحسب صحيفة نيويورك تايمز، وحتى قبل ذلك.

وتم العثور على أدلة على وجوده في الأنفاق في منطقة رفح، حيث قتل حراس حماس ستة رهائن إسرائيليين في وقت لاحق. والسؤال هنا هو ما إذا كانت الضربات العسكرية الأخيرة التي وجهت إلى حزب الله وحماس سوف تثني المنظمة بطريقة أو بأخرى عن آمالها في شن هجوم منتصر متعدد الساحات على إسرائيل وتقنعها بالعودة (من بعيد) إلى طاولة النقاش. وفي الوقت الحالي، بحسب تصريحات كبار مسؤولي حماس في الخارج، فإن هذا لم يحدث بعد.

وقبل حالة الكساد الجماعي التي أحدثتها ذكرى المجزرة يوم الاثنين، بدت حالة من النشوة الإعلامية في وسائل الإعلام على خلفية سلسلة النجاحات العسكرية والاستخباراتية التي حققتها إسرائيل. وكما جرت العادة، ينبغي التحذير من قانون العواقب غير المقصودة، الذي يعمل في الحرب لوقت إضافي. فلا إيران ولا حزب الله يرفرفان على الأرض الآن، في انتظار الانقلاب الإسرائيلي بخوف. قد تظل الأمور معقدة للغاية، بالتأكيد، عندما يتعلق الأمر بدولة ضخمة تستثمر عقوداً ومئات المليارات من الدولارات في الحملة التي تشنها ضدنا.

ويحاول نتنياهو الآن تأسيس رواية مفادها أن الحرب التي فوجئت بها إسرائيل تحت مسؤوليته هي في الواقع حرب القيامة. إنه لا يتناسب حقًا مع الحقائق، عندما يقابل تحسن النشاط العسكري عدم وجود أي إجراء سياسي من جانبه.

——————————————–

معاريف 9/10/2024

التطورات الأخيرة تسمح للرياض الدفع بتغييرات تؤثر بشكل دراماتيكي على المنطقة

بقلم: مايكل هراري

“الربيع العربي أحدث تغييرات دراماتيكية في المنطقة، آثارها واضحة حتى اليوم. احد التطورات المثيرة للاهتمام يتعلق بالفراغ الذي نشأ عقب ضعف اللاعبين العرب التقليديين، ودخل اليه السعودية (واتحاد الامارات)، واندمج مع السياسة الطموحة لولي العهد السعودي، والتي احد تعابيرها يتعلق بـ “التسكع” الذي جرى مع إسرائيل بتطبيع ممكن، بالطبع كجزء من اتفاق استراتيجي مع الولايات المتحدة. هذه الامكانية لم تشطب عن الطاولة، على الأقل ليس تماما وحتى في اثناء الحرب في غزة.

ان التطورات في الأسابيع الأخيرة، مع التشديد على تصفية نصرالله (ومعظم قيادة المنظمة)، مثلما أيضا في المواجهات المباشرة، غير المسبوقة، بين إسرائيل وايران خلقت شروطا جديدة من ناحية السعوديين. وتجدر الإشارة الى عدة خطوات هامة على نحو خاص من جانبهم: تصفية نصرالله والاعمال البرية الإسرائيلية في جنوب لبنان خلقت ظروفا جديدة كفيلة بان تساعد على تقدم خطوات معينة في الساحة السياسية اللبنانية، لم تكن متاحة من قبل. وعلى رأسها، انتخاب رئيس. هكذا، في الأيام الأخيرة يبرز نشاط دبلوماسي مكثف في بيروت تقوده الولايات المتحدة وفرنسا وبدعم حماسي من السعودية. الهدف، كما اسلفنا، هو استغلال ضعف حق الفيتو من جانب حزب الله لاجل الدفع قدما بانتخاب رئيس ما سيشق الطريق الى إقامة حكومة، وربما إعادة الثقة بالتدريج بمؤسسات الدولة. رئيس الحكومة المؤقتة ميقاتي أشار الى أن في نيته عمل ذلك، ونبيه بري، زعيم أمل الشيعية يحظى بمغازلات مكثفة لاجل الدفع بهذا قدما. المرشح المتصدر، المقبول من الغرب والسعوديين، هو قائد الجيش جوزيف عون. مفهوم من تلقاء ذاته بان هذه الخطوة تتعارض والمصلحة الإيرانية، وينبغي التوقع بان ترد طهران الحرب الصاع بالصاع في هذا السياق.

حيال إسرائيل، اطلق السعوديون ايضاحا لا لبس فيه بالنسبة للشرط المسبق والضروري لاقامة علاقات معها. فقد أوضح وزير الخارجية السعودي بان “السعودية ستعمل بلا كلل على إقامة دولة فلسطينية عاصمتها شرقي القدس، ولن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون تحقيق هذا الشرط”.

خطوة مشوقة بقدر لا يقل تلوح في مجال الطاقة. تقرير مشوق في “فايننشال تايمز” (26/9) يفيد بان السعودية تتوسط لزيادة انتاج النفط بمليون برميل آخر في اليوم، خطوة ستستكمل في كانون الثاني 2025. وهكذا تغير الرياض بشكل كاسح سياستها التي تطلعت للإبقاء على سعر برميل النفط في محيط مئة دولار. واضح من تلقاء ذاته ان هذا سيدخل مالا اقل في صندوق الدولة، لكن السعوديين يمكنهم ان يسمحوا لانفسهم بهذا سواء في ضوء وسائل مالية من مصادر أخرى، وكما اسلفنا ربما كجزء من تغيير اتجاه استراتيجي. فضلا عن ذلك، فان خطوة من هذا القليل ستمس بشكل جوهري بدول أخرى مصدرة للنفط مثل ايران وروسيا، والتي لا يمكنها أن تسمح لنفسها بانخفاض بسعر النفط. يدور الحديث عن إشارة واضحة لا مثيل لها نحو واشنطن.

كل هذا كفيل بان يشير الى الإمكانيات الجديدة التي نشأت في الرؤية السعودية لتحقيق عدة تغييرات كفيلة بان تؤثر بشكل دراماتيكي على المنطقة. ينبغي الافتراض بانهم في الرياض راضون عن الضربات التي تلقتها ايران وحلفائها في الأسابيع الأخيرة وان كانوا علنا لا يعبرون عن ذلك ويدعون الى وقف النار. ليس للسعوديين مصلحة لاشعال المنطقة. توجد مصلحة في اضعاف ايران. لا يمكن أن نعرف كم يمكن لهذه الخطوات أن تتوج بالنجاح، والكثير منوط بخطوات إسرائيل واهميتها للمدى البعيد اكثر من اليوم التالي. وبالطبع بنتائج الخامس من تشرين الثاني.

——————————————–

هآرتس 9/10/2024

من الصدمة الى الاكتئاب الى التكيف

بقلم: تسفي برئيل

في غضون سنة اجتازت اسرائيل كل مراحل الحزن في نموذج كوبلر – روس. النكران، الذهول والصدمة، في ضوء ما حصل لنا، استبدل بالغضب الذي تتميز به المرحلة الثانية، التي هي الاخرى خبت واخلت مكانها لمرحلة المساومة، التي اعتقدنا فيها أنه سيكون ممكنا خوض مفاوضات مع الحكومة على الاقل على عودة المخطوفين – ليسوا جميعا، ربما قسم منهم، تنازل ما، كي نتمكن من أن نتعايش مع انفسنا بسلام وأن نعرف بأننا فعلنا حقا ما بوسعنا.

لكن لا شيء. السائبون يعرفون المهمة، ويعرفون جيدا النظرية التي تقول إنه بعد مرحلة المساومة تأتي المراحل الرائعة التي تضمن مستقبل الحكومة. بداية الاكتئاب العميق، الذي يترافق ومشاعر الخجل والذنب. هذه هي المرحلة التي من الصعب فيها المواساة على ضربة الكارثة، التي حسب النموذج تترسب في احساس بأن لا معنى لأي شيء. وأخيرا، اذا كان ينجح في قطع نفسه عن قيود الاكتئاب سينتقل الى مرحلة القبول، التي يبدأ فيها الانسان أن يفهم بأن الواقع الجديد هو جزء من الحياة.

نظرية كوبلر – روس وإن كانت علما دقيقا رغم أنها موضع خلاف، لكن الواقع في اسرائيل يمكنه أن يوفر لها تعزيزات بل ويثبت بأن الحزن الوطني لا يختلف عن الحزن الخاص، وأن الأم الحزينة ليست معفية من مسار الحزن الذي يقرر سلوكها، وأكثر من هذا هويتها.

مرحلة الاكتئاب تستنفد نفسها. ايام الذكرى، النصب التذكارية، الطقوس الاحتفالية، الخطابات، الاعداد “الخاصة” في الصحف وبرامج البث التلفزيوني للذكرى، تشهد كلها على أنه يمكن الموصلة الى الامام، حتى بدون المخطوفين وبدون لجنة تحقيق. فهم على أي حال تحولوا من “مسألة” ومن “صفقة” الى قصة اعلامية سترافق الدولة الى أن تختفي وتؤدي الدور المخصص لها في الذاكرة الجماعية. نحن بتنا في مرحلة القبول، التي يتعين فيها علينا أن نعتاد على العيش بدونهم.

والآن تأتي المرحلة الاخطر، التي يتثبت فيها الاحساس بأنه لا معنى حتى في التنفيس على بنيامين نتنياهو وعلى حكومته. هم ايضا، مثل المخطوفين يبدون كقدر لا يمكن تغييره. إذ يبدو الآن أن الجمهور في اسرائيل، الذكي، الواعي، النشط، الوطني، القومي، المتكاتف، لا يختلف عن الجمهور الفلسطيني في غزة أو عن المواطنين اللبنانيين. فوجئنا دوما من سلبية السكان الفلسطينيين الذين اعتادوا على الحياة تحت حماس دون أن يثوروا ودون ثورات. سألنا بخيبة امل مريرة لماذا لم يخرج سكان لبنان ضد حزب الله.

معاذ الله بالطبع أن نشبه. في غزة وفي لبنان تسيطر منظمات ارهاب، أما في اسرائيل فلا تسيطر إلا عصابة اجرام انتخبت في انتخابات ديمقراطية. صحيح، كانت مظاهرات في لبنان، ومواطنوه حتى نجحوا في طرد السوريين في 2005، وكانت ايضا مظاهرات في غزة ضد حماس قبل الحرب، وبالفعل ايضا في كابلان كانت مظاهرات نجحت في أن توقف بضع تشويهات مريضة للحكومة. ولكن هذا هو. توجد حرب، لا توجد رحلات جوية، ينبغي الاهتمام بمكان العمل. فرنسا ضدنا وكذا شركات التصنيف الائتماني، العدو الايراني على الحدود، الجنود يُقتلون، والمخطوفون، آه، سبق أن ذكرناهم، هذا ليس الوقت للخروج الى الشوارع، بل ومحظور، إذ توجد صواريخ.

وفضلا عن هذا، نحن للتو سننتصر. سحقنا القدرات العسكرية لحماس، صفينا قيادة حزب الله بما فيها الامين العام، ونحن للتو سنسحق منشآت النووي الايرانية. هذا ليس الزمن لثورة اكتوبر. وصلنا الى اليوم التالي، الكارثة هي أننا سنبدأ على الاعتياد. خوف تقشعر له الابدان يتسلق الى اعلى الظهر ويهدد بخنق الروح. هذا ليس رعب الحرب القادمة مع ايران، أو الفهم بأن الحرب حرب لبنان الثالثة ليست حملة اخرى قصيرة الموعد. إنه الاعتراف في أنه في دولة اسرائيل ستواصل الحكم العصابة المغرضة التي نجحت في تحويل الكارثة الاكثر رعبا في تاريخ الدولة الى اكسير حياة لها، وبفضل جرائمها، التي ادت الى 7 اكتوبر، ستحظى بحياة جديدة لتقود بفخار الدولة الى اكتوبرات اخرى.

——————————————–

 هآرتس 9/10/2024

أعادت النشر فاعتقلوها.. لـ”شرطة بن غفير”: ما حال ديمقراطيتكم بعد “رقصة حجازي”؟

بقلم: أسرة التحرير

الاعتقال المغطى إعلامياً للمدرسة انتصار حجازي، من بلدة طمرة، يجسد استسلام شرطة إسرائيل لتعليمات الوزير بن غفير. هكذا يبدو التحقيق السياسي تحت حكم التفوق اليهودي: مقاطع مصورة قبل سنة تنشر على الإنترنت، عديمة السياق ومع تفسير مشوه، وتحظى بآلاف المشاركات في الشبكات الاجتماعية. ولاحقاً، يحول وزير الأمن القومي بشكل مباشر، بخلاف القانون، المواد إلى الشرطة التي تسارع إلى اعتقال المرأة الشابة في ساعات الليل، وتصورها ويداها مكبلتان وعيناها معصوبتان بقطعة قماش، وكأنها مخربة أمسك بها في ساحة عملية. غير أن العملية الحقيقية هي بحق الديمقراطية الإسرائيلية الهشة؛ والمسؤولان عنها هما: بن غفير ونتنياهو.

حجازي مرشدة في مدرسة في الناصرة. سجلها الشخصي في إحدى الشبكات الاجتماعية مليء بمقاطع من الأغاني والصور مع حيوانات تنشرها في إطار عملها مع الأطفال. الشريط الذي تبدو فيه وهي ترقص كان قد صور قبل سنة، في ساعات الصباح المبكرة من 7 أكتوبر، ونشر مجدداً الآن. في منظمة “تقرير زائف” مروا على مئات الأشرطة لحجازي بالعبرية وبالعربية. لم يعثر فيها على أي تلميح بالانشغال في مسائل وطنية باستثناء ثلاثة أشرطة تتضمن إعراباً عن أسف على الحرب، وتأبيناً لإحدى المغدورات في “بيري”، ونشر تعليمات قيادة الجبهة الداخلية. يبدو أن في الشرطة لم تتكبد عناء إجراء فحص أساسي، بل فضلت إرجاء الوزير المسؤول. وكان هذا هو الهدف من نشر صور حجازي المهينة وهي في سيارة الدورية من خلف الشبك الحديدي وأمام علم إسرائيل مع شعار “معاً ننتصر”.

إن سرعة عمل الشرطة تصرخ إلى السماء، على خلفية انعدام إنفاذ تام للقانون في حالات ليهود يحرضون ضد العرب، بل ويقتحمون قواعد الجيش الإسرائيلي. في الساعة 8 صباحاً، تباهى بن غفير بأنه نقل الفيلم إلى الطاقم الشرطي “لمعالجة التحريض في الشبكة” بخلاف قرار محكمة العدل العليا التي يحظر على الوزير التدخل في عمل الشرطة. لكن ما لبن غفير والقانون؟ “لا تسامح مع التحريض ومؤيدي الإرهاب”، كتب يقول. التحقيق في مخالفات التحريض يستوجب إذناً مسبقاً من النيابة العامة، لكن شرطة بن غفير السياسية لا وقت لها. ولهذا فقد تذاكوا وادعوا بأن سبب الاعتقال هو “سلوك قد ينتهك سلامة الجمهور”. بائس رد فعل وزير التعليم. فبعد أن هنأ “شرطة إسرائيل على العمل المصمم”، سعى يوآف كيش، الراقص الهاوي في ساحات العمليات، بأن “الحديث لا يدور عن معلمة في وزارة التعليم، بل عن مرشدة خارجية”، وأنه “ما دام الاستيضاح جارياً في قضيتها، فإن قدمها لن تطأ جهاز التعليم بعد الآن”.

لقد مدد اعتقال حجازي حتى الخميس، كما هو جدير باعتقال استعراضي يشكل إفلاساً أخلاقياً وديمقراطياً. يجب إطلاق سراحها فوراً.

——————————————–

هآرتس 9/10/2024

7 أكتوبر.. أكبر فشل في تاريخ “إسرائيل”

بقلم: عاموس هرئل

لقد كان عاماً فظيعاً بدأ بفشلٍ رهيب، يعدّ أكبر إخفاق في تاريخ “إسرائيل”، لكن القصة بعيدة عن أن تنتهي.

إنّ الفشل الرهيب في 7 أكتوبر سيستمر في مرافقة “إسرائيل”، وكذلك ستفعل الحرب التي يمكن أن تستمر لسنوات.

نكاد نعتاد على الأخبار اليومية: قذائف صاروخية على الجليل، صواريخ على منطقة حيفا والأغوار، جنائز قتلى المعارك الأخيرة، وصفر تقدم في المفاوضات حول صفقة الأسرى.

لقد كان عاماً فظيعاً بدأ بفشلٍ رهيب، يعدّ أكبر إخفاق في تاريخ “إسرائيل”، لكن القصة بعيدة عن أن تنتهي. الحرب ستستمر عميقاً إلى عامها الثاني، والواقع الإقليمي الجديد والعاصف سيؤثر في كل الشرق الأوسط في السنوات القادمة.

وليس فقط أنّ “إسرائيل” لم تحلَّ المشكلات التي انبثقت في أعقاب هجوم حماس، وفي المقام الأول مصير الأسرى الـ 101 في قطاع غزة، بل إن المخاطر والتعقيدات تزداد، فالحرب ضد حزب الله لم تضمن استقرار الوضع الأمني بما يسمح بعودة السكان إلى منازلهم على طول الحدود اللبنانية.

كذلك، إنّ المواجهة المباشرة، الأولى من نوعها، مع إيران، يمكن أن تحث الأخيرة على التقدّم بالبرنامج النووي، وعلى الأقل الوصول إلى تصنيف إيران دولة عتبة نووية.

وفي تناقض صارخ لهراءات النصر المطلق التي يطلقها أحياناً رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المسؤول الرئيسي عن الكارثة التي وقعت خلال سنوات حكمه الطويل، فإن “إسرائيل” لا تقترب من حسم المواجهة مع أعدائها.

إنّ مواجهة الضربة التي تلقيناها في السابع من تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي استهلت بفشل ذريع قد يستغرق التعافي منه عقوداً كثيرة.

إنّ المنطقة الجنوبية وفرقة غزة احتفظتا بحد أدنى من القوة القتالية بالقرب من السياج بسبب ازدرائهما للفلسطينيين. وعندما وصلت التسونامي، على شكل آلاف من المسلحين تبعتهم حشود من غزة، انهارت منظومة “الجيش” الإسرائيلي في غضون دقائق.

تم اختراق السياج، وجرفت الأمواج المواقع في موجات تلو الأخرى، وانخرطت القوات في دفاع يائس عن النفس، بدلاً من مساعدة المواطنين. وفي المستوطنات، انتظر الإسرائيليون ساعات طويلة حتى وصول التعزيزات وقوات الإنقاذ من “الجيش” الإسرائيلي، وحتى ذلك الوقت، لم ينهَر خط الدفاع فحسب، بل انهارت أيضاً الثقة بالسلطة.

ويشكّل الهجوم المميت الذي وقع في بئر السبع خلال الأيام الأخيرة، إشارة أخرى مثيرة للقلق. إنّ العمليات في الضفة الغربية هي الأكثر حدة منذ الانتفاضة الثانية. لقد تسبب السنوار في أكبر ضرر للإسرائيليين؛ سواء في انعدام الثقة الواضح الذي نشأ في قدرة السلطات على مساعدتهم، وهذا أيضاً يتجلى في المعالجة الفاشلة لأزمة النازحين، أو في تكيفنا مع تدهور المعايير القتالية لـ “الجيش” الإسرائيلي، على خلفية فظائع المجزرة والحرب المستمرة في غزة.

——————————————–

“ذي غارديان”:

ما هي الفظاعة التي يجب على “إسرائيل” أن ترتكبها حتى يكسر قادتنا صمتهم؟

بقلم: أوين جونز

صحيفة “ذي غارديان” البريطانية تنشر مقالاً للكاتب أوين جونز يتحدث فيه عن جرائم “إسرائيل” في قطاع غزة، وصمت المملكة المتحدة والغرب إزاءها.

للانتقام من أحداث السابع من أكتوبر، يتم التسامح مع الجرائم من جميع الأنواع. ولكن، يتعين على الساسة أن ينتبهوا إلى أنّ الجمهور البريطاني لا يتفق مع هذا الرأي.

ولنتأمل هنا عالمين متوازيين؛ الأول هو غزّة، مسرح بعض أسوأ الفظائع التي ارتكبت في القرن الحادي والعشرين، إذ يقدّم لنا الهياج الإبادي الإسرائيلي تذكيراً جديداً بقدرة جنسنا البشري على الانحراف. ووفقاً لبحث أجرته منظمة “أوكسفام” الخيرية، فإنّ عدد النساء والأطفال الذين قتلوا على يد “الجيش” الإسرائيلي في العام الماضي “أكثر من عددهم في الفترة المعادلة لأي صراع آخر على مدى العقدين الماضيين”.

وما يجعل هذا الأمر أكثر إزعاجاً هو أنّ الأرقام متحفظة: فالأطفال البالغ عددهم 11355 طفلاً و6297 امرأة الذين تم إدراجهم على أنهم قتلوا بعنف هم فقط أولئك الذين تم التعرف عليهم رسمياً، ولم يتم تسجيل العديد من القتلى بهذه الطريقة، ولا سيما الآلاف الذين دفنوا تحت الأنقاض، أو تم إدراجهم في عداد المفقودين، أو أحرقتهم الصواريخ الإسرائيلية، ولم يتركوا أيّ أثر.

كما أدّى تدمير “إسرائيل” لمستشفيات غزّة إلى إهدار نظام الإبلاغ عن الوفيات. ولم يتم قتل هذا العدد الكبير من النساء والأطفال في العراق وسوريا مثلاً في فترة زمنية قصيرة مثلما حصل في غزة، على الرغم من أن عدد سكان هذين البلدين كان أكبر بكثير من عدد سكان القطاع.

ثم، هناك كشف جديد عن محاولة “إسرائيل” المتعمدة لتجويع سكان غزة. ففي الأسبوع الماضي، أفادت وكالة التحقيقات الأميركية “بروبابليكا” أنّ الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وهي إدارة حكومية، قدّمت تقييماً مفصّلاً إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، خلصت فيه إلى أنّ “إسرائيل” كانت تتعمّد منع تسليم الغذاء والدواء إلى غزة. ووصفت الوكالة “إسرائيل” بأنّها “تقتل عمال الإغاثة، وتدمّر المنشآت الزراعية، وتقصف سيارات الإسعاف والمستشفيات، وتحتل مستودعات الإمدادات وتمنع بشكل روتيني الشاحنات المحمّلة بالطعام والدواء”. وفي مثال صارخ بشكل خاص، تم تخزين الغذاء على مسافة تقل عن 30 ميلاً عبر الحدود في ميناء إسرائيلي، بما في ذلك الدقيق الكافي لإطعام معظم سكان غزة لمدة خمسة أشهر؛ وقد تم حجبه عمداً.

كما خلصت وكالة اللاجئين التابعة لوزارة الخارجية إلى أنّ “إسرائيل” كانت تتعمد منع المساعدات، وأوصت باستخدام التشريع الأميركي الذي يفرض تجميد شحنات الأسلحة إلى الدول التي تمنع المساعدات التي تدعمها الولايات المتحدة. ولكن بلينكن رفض هذه التقييمات، ووافقت الحكومة الأميركية للتو على حزمة مساعدات عسكرية أخرى بقيمة 8.7 مليار دولار أميركي لـ “إسرائيل” التي خلصت وكالات واشنطن إلى أنّها تتعمّد تجويع سكان غزة.

والآن، انقل نفسك إلى عالم آخر: عالم النخبة السياسية البريطانية. اقترح مرشحان لزعامة حزب المحافظين جعل الولاء لـ “إسرائيل” سمة أساسية للهوية البريطانية. ويعلن المرشح الأوفر حظاً، روبرت جينريك، أنّه يجب عرض “نجمة داوود” عند كل نقطة دخول إلى بريطانيا لإظهار “أننا نقف مع إسرائيل”. وتعلن كيمي بادينوخ أنّها مندهشة “من عدد المهاجرين الجدد إلى المملكة المتحدة الذين يكرهون إسرائيل”، مضيفة أنّه “لا مكان لهذه المشاعر هنا”. وفي الوقت نفسه، بعد الهجوم الصاروخي الباليستي الإيراني على “إسرائيل”، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بحماس في خطاب رسمي “الوقوف مع إسرائيل”.

ولكن، لحسن الحظ، أنّ موقف الجمهور البريطاني مختلف، إذ أصبح لدى ثلثي الناخبين الآن وجهة نظر غير مواتية لـ “إسرائيل”، مقارنة بـ 17% اختاروا وجهة نظر مواتية: وهو أدنى مستوى على الإطلاق. ويعتقد سبعة من كل عشرة بريطانيين، أنّ “إسرائيل” ارتكبت جرائم حرب، في حين يعتقد 54% أنّه يجب إصدار مذكرة اعتقال بحق بنيامين نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

ولكن هذا الموقف تجاه “إسرائيل” والتفاني لها من قبل حكامنا، لم ينجُ من الفظائع التي لا توصف، والرأي العام الذي يزداد اشمئزازاً. وفي عالم عقلاني، فإنّ الدعوة إلى تحالف صادق مع دولة متورطة في مثل هذه الفوضى القاتلة من شأنها أن تتركك في عار من الحياة العامة؛ وبالتوازي تتم شيطنة المعارضين باعتبارهم متطرفين حاقدين.

ما الذي يُفترض أن تفعله “إسرائيل” بالضبط لتغيير هذا الوضع؟ لقد ارتكبت “إسرائيل” أسوأ مذبحة للأطفال في عصرنا، من إطلاق النار على رؤوس الأطفال إلى ذبح الأسر المذعورة في سياراتها، والآن أصبح من الواضح أنها تعمدت تجويع شعب بأكمله، وهي متهمة باغتصاب المعتقلين من الذكور والإناث على حد سواء، في حين تدين منظمة “أنقذوا الأطفال” الجنود الإسرائيليين لاعتداءاتهم الجنسية على الأطفال الفلسطينيين في السجون.

لقد قتلت “إسرائيل” ما لا يقل عن 885 من العاملين في مجال الرعاية الصحية، وتركت النساء يخضعن لعمليات ولادة قيصرية والأطفال يخضعون لعمليات بتر من دون تخدير. ويدفع جنودها الجثث الفلسطينية من فوق الأسطح. وفي الوقت نفسه، يتنافس الوزراء والسياسيون وضباط “الجيش” والجنود والصحفيون الإسرائيليون على الخطاب القاتل والإبادة الجماعية المروّعة.

إن كانت هناك دولة معادية للغرب مذنبة بارتكاب جرائم بهذا القدر من الفظاعة، لكان هناك إجماع واسع النطاق على أنّ هذه الفظائع كانت من أعظم الجرائم في عصرنا. ولكن، كما تقول المحامية الفلسطينية ديانا بوتو: “يقول لنا العالم إنّ لا شيء يمكن أن يبرر السابع من أكتوبر، ومع ذلك، فإن كل ما فعلته إسرائيل يمكن تبريره بالسابع من أكتوبر”. ومن السهل أن نركز على أشد المشجعين تطرفاً لأفعال “إسرائيل”، ولكن هناك أيضاً كثيرون، من المعلقين إلى الشخصيات العامة، الذين ظلوا صامتين، على الرغم من تورط بلادهم في حمام الدم الذي لا ينتهي هذا، وخاصة من خلال استمرار مبيعات الأسلحة.

ما الذي يتطلبه الأمر حقاً؟ ما الفظائع التي قد ترتكبها “إسرائيل” قبل أن يصبح الدفاع عن تحالفنا مسألة عار عام؟ هل توجد عتبة أصلاً؟ وما الحصاد الرهيب الذي سيحصده الغرب، لأنّه أظهر للعالم أنّه لا يرى أي قيمة لهذه الأرواح العربية التي أزهقت؟

——————————————–

إسرائيل هيوم 9/10/2024

إسرائيل مستعدة لصفقة

بقلم: شيريت افيتان كوهن

تكثر المؤشرات على أن الائتلاف يمهد الطريق لصفقة مخطوفين بدفعة واحدة فقط. ومنذ كان في الأمم المتحدة اعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بان إسرائيل مستعدة لصفقة يعود فيها كل المخطوفين وتنتهي الحرب. كما ان منسق الاسرى والمفقودين العميد احتياط غال هيرش قال هذا مؤخرا أيضا وأمس نُشر كتاب رفعه جمع من الحاخامات في الصهيونية الدينية يعربون عن تأييدهم للصفقة. فقد كتبوا يقولون “اننا، نحن حاخامات إسرائيل من المدينة ومن الاستيطان نسمع صوت اخوتنا واخواتنا المخطوفين يصرخون الينا من انفاق حماس، معذبين في الجوع وفي العار. نحن نشد على يد الحكومة كي تشدد اعمالها بتصميم، بلا ابطاء لإعادة كل المخطوفين، بكل وسيلة ممكنة وحتى بقدر ما هو ممكن في اتفاق مسؤول أيضا”.

وتعد هذه أصوات لم يسبق أن سمعت من حاخامات التيار المركزي للصهيونية الدينية. وقد كتب الحاخامات في كتابهم يقولون ان “انقاذ المخطوفين هو واجب يهودي، أخلاقي وقومي من الدرجة الأولى، لهم، لعائلاتهم ولشعب إسرائيل”.

مقاطع جديدة انكشفت تشير الى عمق الشرخ بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وحسب اقتباسات نشرت في كتاب “حرب” لبوب وود ورد، الصحفي الشهير في البيت الأبيض، فإن الرئيس بايدن وصف نتنياهو بانه “رجل سيئ جدا”.

“هذا، بيبي نتنياهو، هو رجل سيئ”، قال الرئيس في حديث خاص مع احد موظفيه في اثناء اشهر ربيع العام 2024، في اطار مداولات عن الحرب في غزة. وقد نشرت هذه الاقوال بعد أن حصلت شبكة الاخبار “سي.ان.ان” على نسخة من الكتاب، قبل اكثر من أسبوع من موعد نشره المرتقب في 15 أكتوبر.

——————انتهت النشرة——————