حقوقيون يحذرون من جريمة تهجير سكان شمال غزة: تطهير عرقي ممنهج

حصار وقتل وتجويع منذ 13 يومًا..

المسار الاخباري: حذر حقوقيون من خطة تطهير عرقي ممنهجة يتعرض له شمال قطاع غزة منذ أسبوعين، على ضوء الاجتياح البري لمخيم جباليا للاجئين والمناطق المحيطة به، وسط حصار مطبق وتجويع، وتحت قصف دموي مستمر.

ومنذ 13 يومًا بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية جديدة في محافظة شمال القطاع، وأطبق حصاره على منطقة جباليا، مانعا سكانها من النزوح إلى مدينة غزة، وأمرهم بالنزوح فقط عبر شارع صلاح الدين الممتد على طول شرقي القطاع من شماله إلى جنوبه.

واستنادًا لبيانٍ صادر عن الدفاع المدني الفلسطيني فإنّ 200 ألف فلسطيني في مخيم جباليا يعيشون بلا طعام أو شراب أو دواء منذ أسبوعين، فيما تستمر غارات الاحتلال التي تدمر المباني والبنية التحتية في شمال القطاع”.

فيما لا يزال “عشرات الفلسطينيين الذين استشهدوا تحت الأنقاض وفي الشوارع دون أن يتمكن أحد من انتشالهم بسبب استمرار هجمات الاحتلال واستهداف أي جسم متحرك.

ويأتي هذا العدوان العنيف على جباليا، تنفيذًا لما يُعرف بـ “خطة الجنرالات” التي يسعى الاحتلال من خلالها، فصل شمال قطاع غزة عن جنوبه وحصار وتجويع الناس لدفعهم إلى الاختيار بين الموت والاستسلام.

في هذا الإطار وصف المدير العام لمؤسسة الحق “القانون من أجل الإنسان” شعوان جبارين، ما يحدث في شمال غزة بأنه “صادم ومرعب” للقانون الدولي ومن يفترض بهم العمل على حمايته من مؤسسات ومحاكم دولية.

وقال جبارين في تصريحٍ خاص ، إنّ هذه الجرائم تعاظم المسؤولية تجاه دور هذه المؤسسات، وتجاه صمتها وعجزها في تحقيق القانون الدولي والعدالة للإنسانية التي تباد في شمال القطاع.

وأوضح أنّ “إسرائيل” ترتكب عمليًا ما يزيد عن 15 جريمة من تلك التي تُصنف بأنها “ضد الإنسانية وتخالف القانون الدولي ومواثيق جنيف الأربعة”، فهي تقتل المدنيين وتمنع عنهم الطعام والشراب، وتمنع عمل طواقم الطبية وفرق الإنقاذ، مشيرًا: “ما يحدث هو أكبر من وصف مأساة ونكبة”.

وتابع جبارين أنّ هذه الجرائم تتم تحت مرأى ومسمع العالم الذي يقف عاجزًا بمؤسساته تجاه هذه الجرائم، ولا تزال تتحكم به الإدارة الامريكية المنحازة للاحتلال، وتوفر الغطاء السياسي والقانوني لحرب الإبادة التي يشنها على الفلسطينيين، علاوة عن الدعم العسكري وبقية أنواع الدعم المفتوح لقواته.

ورأى أنّه من الضرورة وجود دور فلسطيني وعربي أكبر تجاه المؤسسات القانونية في المحافل المختلفة؛ لحثها القيام على دورها في تحريك كل القضايا التي من شأنها محاصرة “إسرائيل” قانونيا في المحافل القضائية الوطنية بأوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية، وفي المحافل الدولية أيضًا والضغط على المحكمتين العليا والجنايات؛ لإدانة قادة دولة الاحتلال ووصف ما يحدث بالإبادة.

من جانبه قال رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في لندن محمد جميل، إنّ ما يرتكبه الاحتلال من جرائم بشعة شمال القطاع؛ هي حرب إبادة وتطهير عرقي؛ محملا المجتمع الدولي المسؤولية الكاملة عن فشله في ردع الاحتلال وثنيه عن جرائمه.

ولفت في حديثٍ له إلى وجود مؤشرات على أن جيش الاحتلال بدأ فعليًا بتطبيق غير معلن لـ “خطة الجنرالات”، التي تدعو إلى نقل قسري لجميع سكان شمال القطاع بواسطة تشديد الحصار على المنطقة وتجويع السكان.

وعلى ضوء ذلك، أكد أن هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المجتمع الدولي والعالم أجمع، لمنع جرائم التجويع والتهجير القسري للسكان.

وتطرق جميل في حديثه للتصريحات الأخيرة لوزيرة الخارجية الألمانية حول فظائع “إسرائيل” ضد المدنيين في غزة، معتبرًا إيها جريمة حرب ضد الإنسانية، وتعبير عن الموقف الرسمي لبلادها الداعمة لحرب الإبادة والقتل ضد الأطفال والنساء.

وذكر أن هذه التصريحات اعتراف واضح بأنّ الاحتلال يحصل على ضوء أخضر غربي؛ بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين، ويكشف التعمد الإسرائيلي بارتكاب مجازر القتل والتنكيل بحق السكان المدنيين، واستخدام الأسلحة المحرمة في التنكيل بهم.

وفي السياق، قال رئيس مجلس جنيف لحقوق الإنسان أنور الغربي، إنّ الموقف الذي صرحّت به الوزيرة الألمانية الداعم لقتل الأطفال والنساء، تأكيد بأن هذه حرب إبادة يشترك فيها دول غربية وبدعم أمريكي كامل.

وأكد الغربي أنّ ما يقوم به الاحتلال من مجازر وحصار وسياسة تجويع ممنهجة في شمال القطاع، يحوز على ضوء أخضر من عدة دول، ما يعني أنها جريمة دولية ترتكب بحق الفلسطينيين بغزة.

وأضاف أن أغلال يد العدالة الدولية في ملاحقة دولة الاحتلال عبر تهديد المحاكم الدولية، ومنعها من عملها، يُفقد النظام الدولي بكامله مصداقيته ويجعله مساندًا لآلة الحرب والإجرام.

وبيّن الغربي أنّ صمود الشعب الفلسطيني في شمال القطاع، يوجه صفعة مدويّة لكل الذين يتشدقون بالإنسانية، ويواجه بالمعنى الفعلي حرب الإبادة التي يمارسها الاحتلال بحقهم.

وشددّ على ضرورة الاستمرار في تطوير السردية الفلسطينية والعربية عموما تجاه ما يجري من حرب إبادة، وعدم اليأس من عدالة هذه القضية؛ التي ستجبر الجميع في نهاية المطاف للرضوخ للمطالب الإنسانية المحقة.

وأوضح أن أكبر المتضررين من هذه الحرب الدائرة التي وصلت وشملت لبنان ودول أخرى في المنطقة، هي المنظومة الدولية التي بدأت تفقد الثقة في عناوينها الرئيسية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن والمحكمة الدولية، وغيرها من تلك العناوين؛ التي باتت تمثل محافل لاستعراض الموقف الإسرائيلي في إبادة القرن بحق الشعب الفلسطيني.

يُذكر أنه عملية التطهير والإبادة شمال قطاع غزة قتل جيش الاحتلال أكثر من 400 فلسطيني خلال 13 يوما، وما زال هناك عشرات الجثامين والمفقودين تحت الأنقاض.

وبهذا الشأن أكد مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إسماعيل الثوابتة، أن جيش الاحتلال يرتكب أبشع المجازر في شمال القطاع بهدف تحويل المنطقة الى أرض خراب، مضيفا أنه يسعى لتنفيذ أكبر وأخطر مخطط تهجير أميركي إسرائيلي في القرن الـ 21.

فيما أعربت مقررة الأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في منشور على منصة “إكس”، عن شعورها بالذهول إزاء ما تفعله سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين في غزة، دون أن يستطيع أحد إيقافها.

وقالت إن “القوات الإسرائيلية ترتكب في هذه الأثناء مذابح في شمال غزة وجباليا بأسلحة غربية، وعلى يد إسرائيليين قبلوا أن يكونوا جزءا من خطة إبادة جماعية”.