الصحافة الاسرائيلة – الملف اليومي
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
يديعوت 31/10/2024
مَن يحلم بالاستيطان في غزة وبالسيطرة حتى الليطاني يعش في عالم غير واقعي
بقلم: يديديه ياعر
بعد سنة من الحرب الدموية، يمكن القول، إن ميزان القوى في الميدان تغيّر تغيّراً جوهرياً.
في تشرين الأول 2023، بدت إسرائيل كأنها غير مستعدة لسيناريو متعدد الجبهات. مثلما حدث في “يوم الغفران”، قبل 50 عاماً، وعلى الرغم من كل الألم والصدمة، فإن الجيش الإسرائيلي تمكن من التعافي من الكارثة، ودمّر “حماس” عسكرياً في الجنوب، وهو يدمر الآن “حزب الله” في الشمال. ولا يمكن الحديث عن النصر، ما دام المخطوفون في غزة، لكن يمكن بالتأكيد الحديث عن هزيمة. لقد ذهبت عقود من الجهد الاستراتيجي الإيراني أدراج الرياح، ومُنيت بفشل ذريع. فالسلاح الإيراني الحاسم، والصواريخ والمُسيّرات، جرى تحييدها بأكملها تقريباً من خلال الدفاع الجوي المتعدد الطبقات. وبقي تأثير هذا السلاح هامشياً بكل المقاييس، على الرغم من الإصابات المؤلمة، والقوات التي بنَتها إيران في الميدان هُزمت. ولا يستطيع حلفاؤها الحوثيون والعراقيون أن يحلوا محلها. فشل المحور الإيراني، حتى لو كنا لا نزال أمام سلسلة ضربات، وضربات مضادة، وعلى الرغم من وضع إسرائيل السيئ في العالم، أكثر من أيّ وقت مضى.
في مثل هذا الوضع، من الطبيعي أن يكون التوجه في تحديد الإنجاز العسكري بالبقاء في كل نقطة وصلنا إليها في غزة، وفي الجنوب اللبناني. “كيف تعيدون لهم الأرض، بعد كل التضحيات والقتلى، بتسوية سياسية؟ لقد سبق أن شهدنا ذلك، في غزة، وفي لبنان”. هذه هي المواقف التي نسمعها من كل اتجاه. وما يجري الحديث عنه هنا هو تجربة الماضي المؤلم، وفي نهاية الأمر، هذه هي تجربتنا. لكن بحسب وجهة نظر أينشتاين، فإن تكرار الخطأ عينه يؤدي إلى النتيجة عينها، وحدّد أحدهم التجربة بأنها السير قدماً من خلال النظر في المرآة إلى الخلف.
لقد خرجنا من لبنان، بعد 18 عاماً من احتلال بيروت. ومن غزة، بعد 38 عاماً من احتلالها، بعد حرب “الأيام الستة”. يصبح الدفاع عن جيوب ومناطق فصل مكلفاً، بمرور الزمن، ويغدو ثمن القتلى من الجنود والمدنيين كبيراً. من جهة أُخرى، يمكن تحسين التسويات السياسية، على الرغم من الندوب على أجسادنا، عبر الاستفادة من دروس الماضي، ومن خلال نظرة جدية إلى المستقبل. وفي جميع الأحوال، ليس لدينا خيار آخر.
مَن يحلم بالسيطرة على منطقة فاصلة حتى الليطاني، مع حُكم عسكري ومستوطنات في غزة، والدفاع عن المستوطنات في الضفة الغربية، بالإضافة إلى القوات المطلوبة في هضبة الجولان، وفي وادي الأردن، والجبهات المتوقعة في مواجهة الميليشيات العراقية، يعش في عالم موازٍ للواقع. ليس لدينا ما يكفي من الفرق العسكرية، حتى لو ارتدى كل طلاب اليشيفوت الزي العسكري، وهذا لن يحدث. ولن نجد لبنانياً واحداً مستعداً لكي يتجند في “جيش لبنان الجنوبي” مرة أُخرى، كذلك، لن نجد فلسطينياً سيتجرأ على التعاون مع حُكم عسكري إسرائيلي. وسيقع كل العبء على قوات الاحتياط. وليس لدى إسرائيل القدرة على تحمُّل هذا العبء. هذه الأحلام واهية.
من جهة أُخرى، يشكل التغيير الدراماتيكي في ميزان القوى العسكرية فرصة لتسويات ثابتة، أو محسّنة على الأقل. غزة مدمرة تدميراً جذرياً. وستستغرق إعادة بنائها أعواماً طويلة. هناك آليات تسمح لنا بالتصدي لإعادة تنظيم قوات “حماس” العسكرية، وكلّ مَن يحاول بناء مثل هذه القدرة. وقبل كل شيء، لقد تعلمنا درس 7 تشرين الأول بدماء عشرات الآلاف. لم يبقَ في لبنان مَن يلقي خطابات، ويتحدث فيها عن خيوط العنكبوت. الدمار في بيروت والجنوب أكبر من الدمار في مستوطناتنا الشمالية. وستكون لهزيمة “حزب الله” أصداء أُخرى، وسيطرة الحزب على الدولة ضعفت. لقد نضجت الأرضية من أجل تسويات جديدة. ومثلما قلنا، لا يوجد خيار آخر، الغزيون واللبنانيون باقون هنا، وكذلك نحن.
لا تزال الطريق طويلة. سيتآمر نظام الملالي على أيّ تسوية نصل إليها مع جيراننا. نحن بحاجة إلى وقوف الأميركيين إلى جانبنا بشكل فعال. وهذا سيكون له ثمن، السير على طريق “دولتين لشعبين”، سواء مع ترامب، أو مع هاريس. لكن ما دامت إيران آمنة، فلن يتحقق الأمن هنا. ستستمر المواجهة مع الإيرانيين، لكن يجب أن تنتهي الحرب في الجبهة القريبة بشكل يمكن من خلاله إعادة كل المخطوفين والتفرغ لإعادة بناء “غلاف غزة” والشمال. إذا لم تعلن إسرائيل حتى اليوم كيف ستفعل ذلك؛ الآن، حان الوقت لكي تفعل ذلك، بينما تقوم قواتها بـ”تنظيف” الجنوب اللبناني من “حزب الله”، وتطارد بقايا “حماس” في غزة، وهذا ضروري.
——————————————–عن “N12” 31/10/2024
ترجمة النجاحات العسكرية الإسرائيلية إلى إنجازات سياسية
بقلم: إسرائيل زيف
أزاح الهجوم الإسرائيلي على إيران الستار عن صورة تهديد النظام الإيراني، وهو يشكل منعطفاً في إضعاف محور المقاومة، وفي تغيير موازين القوى الاستراتيجية في المنطقة.
فبعد الهجوم أضحت إيران مكشوفة من دون غطاء جوي، بعد الضرر الجسيم الذي أصاب صناعتها العسكرية وقدراتها الصاروخية (صواريخ أرض – أرض). إن مجرد حقيقة سيطرة سلاح الجو الإسرائيلي مدة 3 ساعات على الأجواء الإيرانية، وأن يفعل ما يشاء مع هذا العدد الضخم من الطائرات، كشف العجز الإيراني وتدنّي قدراته، مقارنةً بالتفوق الجوي الإسرائيلي.
بعد الهجوم، تبدلت صورة إيران من دولة كبرى في المحور الإقليمي ذات مكانة دولية إلى دولة مُحرجة وذات صورة ضعيفة. لقد فكّك الجيش الإسرائيلي أغلبية محور الأذرع الذي بدأت إيران ببنائه منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي، وبقوة أكبر في العقد الأخير. ليس فقط أن الأذرع لم تدافع عنها، بل رأى هؤلاء من موقعهم كيف أن مصدر قوتهم الذي اعتمدوا عليه يُضرب، وهو في حالة ضعف تشير إلى أنه لم يعد لديهم مَن يعتمدون عليه.
امتازت الضربات في إيران أيضاً، إلى جانب التنفيذ الممتاز عبر اختيار الأهداف، بحيث تكون مخجلة لطهران، وفي الوقت نفسه لا تذلّها داخلياً. لم تترك الضربات أرضاً محروثة خلفها، بل تركت لنظام الملالي هامشاً من الإنكار والإخفاء بشكل يسمح له بتصوير الضرر على أنه صغير، ويقلل من معاني الضربة وإسقاطاتها، وهذا ما يسمح للجمهور في إيران بالتعايش معها، ويسمح أيضاً لإيران بالامتناع من الرد، وخصوصاً أن النظام الإيراني يعرف أن لدى الجيش الآن حرية عمل كاملة، وهم أكثر انكشافاً للأضرار والضربات الخطِرة في حال حدوث تصعيد.
لا تدار الحرب بالقرارات العسكرية فقط
حققت إسرائيل إنجازاً استراتيجياً مهماً جداً، والسؤال المركزي الآن هو ما الذي يجب أن نقوم به مع هذا الإنجاز؟
منحت سياسة الحكومة الجيش، حتى الآن، حرية العمل والوقت غير المحدود من أجل المبادرة والعمل كيفما يريد، وتقريباً من دون قيود. وبعكس جميع الحكومات السابقة التي كانت تضغط لتقليل وقت الحرب بسبب التداعيات الأفقية، فإن الحكومة الحالية، ولأسباب سياسية، لا تضغط لإنهاء الحرب، حتى إنها تمتنع من وضع أهداف واضحة للحرب وجدول زمني. الحكومة نفسها تضغط من أجل إطالة أمد الحرب، على الرغم من الأثمان الكبيرة من الضحايا، وفي الساحة الدولية والاقتصادية، والاستنزاف الداخلي العام. يستغل الجيش ورئيس هيئة الأركان هذا الوضع، ويحققان إنجازات عسكرية في غزة ولبنان واليمن وإيران. وتتعالى القيادة العليا للجيش على وزراء الحكومة والناطقين بأسمائهم، والذين لا يتوقفون عن طعن رئيس هيئة الأركان في الظهر، مثلما يطعنون الضباط وطياري الجيش، بحسب الفيديو الأخير الذي نُشر في القناة 14. لا يتوقف الضباط الملتزمون عن الدفع قدماً بإنجازات القتال العسكري الكبيرة على جميع الصعد. إسرائيل في مكان آخر مختلف كلياً عن المكان الذي كانت فيه قبل عام، على الصعد العسكرية والتكتيكية والاستراتيجية.
المشكلة الأساسية هي أنه على الرغم من عدم وجود استراتيجيا محددة مسبقاً، فإن الحكومة لم تتخذ أيّ قرار سياسي أبعد من المصادقة على الخطوات العسكرية، ومراكمة مزيد ومزيد من الإنجازات العسكرية، الخطوة تلو الأُخرى. عملياً، لا يوجد أيّ رؤية، أو عقيدة، أو تحديد، للأهداف الاستراتيجية – السياسية، تسمح بترجمة هذه النجاحات وتحويلها إلى إنجازات وترتيبات مستدامة واتفاقيات تسمح بإعادة الاستقرار إلى كل مكان. الحقيقة أنه لا يمكن الاستمرار في القتال طوال الوقت، والاعتقاد أننا ننتصر، لأن ثمن الحرب وثقل الاستنزاف الكبير يثقل على مجالات الحياة كافة، وعلى جميع الفئات، هذا من دون الحديث عمّن يتحمل الثقل الأساسي – جنود الاحتياط الذين يدفعون أثماناً شخصية كبيرة جداً، ولا يحصلون على مقابل لائق.
الإنجازات العسكرية مؤقتة بطبيعتها، وتتراجع فاعليتها بمرور الوقت. وفرصة استغلالها لأهداف دبلوماسية قصيرة، وأيضاً يتعافى العدو دائماً من جديد. عندما يرى العدو أنه ينجح في النهوض من جديد والنجاة، تتراجع رغبته في التوصل إلى اتفاق، وتضيع الفرصة، وخاصة عندما يكون المقصود عدواً أيديولوجياً متديناً وجهادياً.
حتى الآن، النجاح في غزة لم يحقق أهداف الحرب، على الرغم من الضرر الكبير الذي لحِق بـ”حماس” هناك: لم يتم استبدال حكم “حماس”، ولا إعادة الرهائن. الثمن الذي ندفعه هناك من الدماء كبير جداً، ويكبر مع الوقت. ويزداد عدد العائلات التي تنضم إلى العائلات الثكلى. أمّا في لبنان، فالإنجاز العسكري في المناورة البرية وصل إلى هدفه، لكن “حزب الله” ينهض من جديد. هناك أيضاً ندفع أثماناً من الدماء، وتزداد بمرور كل يوم، وإذا لم نصل إلى ترتيبات، فإن الفرصة ستضيع.
تمنحنا الضربة في إيران فرصة أُخرى لترتيب جميع الجبهات من جديد. كانت إيران الأمل الأخير للتنظيمات “الإرهابية”، والآن، يعرفون أن الخلاص لن يأتي من هناك. وفي الوقت نفسه، فإن جرّ إسرائيل إلى حرب استنزاف طويلة يمكن أن يكون هدفاً انتقامياً في جميع الجبهات، وسيؤدي إلى فشل إسرائيل في إعادة البناء والعودة إلى روتين الحياة الطبيعية، ما سيشكل ضرراً استراتيجياً خطِر جداً بالنسبة إليها.
الكرة في ملعب إسرائيل إلى حد بعيد جداً، والسؤال المنطقي الآن، أكثر من أيّ وقت مضى، هو عمّا إذا كانت هذه الحكومة تعرف كيف تتخذ قرارات أبعد من الضربات العسكرية. بما معناه اتخاذ قرارات سياسية شجاعة تستغل الإنجازات العسكرية وتترجمها كي تغدو نتائج على شكل ترتيبات. هذا سيسمح لإسرائيل بإعادة تأهيل نفسها، بعد الأثمان الغالية والكبيرة والمؤلمة التي دفعتها خلال العام الماضي.
الخيط الرابط ما بين جميع الجبهات
بالنسبة إلى غزة، يعود السؤال عن الترتيبات وإعادة المخطوفين إلى النقطة التي كنا فيها. هناك إمكانية لاستبدال سلطة “حماس” بسلطة مدنية غير “حمساوية”، مع وجود واسع للشرطة. الخطة مدعومة، أميركياً وإقليمياً، وخطوة كهذه، يمكن أن تدفع “حماس” إلى صفقة مع مخرج واحد لاستمرار وجودها بشكل غير عسكري في مقابل الرهائن. إنها أداة ضغط قوية امتنعت إسرائيل من استخدامها حتى الآن، وهي فعالة في مقابل “حماس”، لكن رؤية سموتريتش بشأن الضم وضعف نتنياهو يجعلانني أشك فيما إذا كان هذا القرار ممكناً. أغلب الظن أن إسرائيل ستقف مرة أُخرى في طريق مفاوضات من دون مخرج مع “حماس” – كارثة مجنونة تقوى، المرة تلو الأُخرى، والعدو الذي نحاول تفكيكه بيد، نقوّيه باليد الأُخرى. فمن وجهة نظر “حماس”، ستطلب مرة أُخرى وقف الحرب وانسحاب الجيش، حتى لو كان ذلك من دون السنوار. سترى إسرائيل في ذلك “شرطَ خضوعٍ”، ولن تسمح الأنا المتضخمة لدى الحكومة بالتنازل في هذا المجال. النتيجة واضحة: استمرار الانجرار خلف “الانتصار المطلق” – بكلمات أُخرى، احتلال مستمر لقطاع غزة، وموت المخطوفين، واستمرار دفع الأثمان من الدماء الكثيرة أعواماً عديدة. عمليات الجيش في شمال القطاع تقتل “مخربين”، لكنها لا تؤثر في صفقة تبادُل الأسرى، وخطوات نقل السكان، ستقرّب فقط العقوبات ومذكرات الاعتقال الدولية.
أمّا في لبنان، فبدلاً من وضع شروط، يجب على إسرائيل أن تضع خطة مفصلة على الطاولة، مع جدول زمني لنشر الجيش اللبناني في البلدات والمدن الواقعة جنوب نهر الليطاني. يجب أن يجري هذا على مرحلتين، أو ثلاث، في موازاة خروج الجيش من هذه المناطق. وفي المرحلة النهائية، سيبقى لدينا حزام أمني نظيف مساحته 2-3 كيلومترات عدة أعوام، مع إمكان مراقبة فعالة للجيش في المنطقة. من المهم التوضيح أن الجيش اللبناني سيسيطر على لبنان بكامله من أجل نزع السلاح. إن إرسال عاموس هوكشتاين، المرة تلو الأُخرى، من دون خطة في اليد هو تضييع للوقت وخسارة للفرص.
أمّا بشأن إيران، فهذا هو الوقت الذي يمكن فيه للأميركيين دفعها نحو ترتيبات محسّنة بشأن النووي، وضمنها الامتناع من إرسال شحنات أموال للتنظيمات “الإرهابية” في مقابل تسهيلات جزئية في مجال العقوبات. الأميركيون سيُسعدون بالمضي قدماً نحو خطوة كهذه، ويمكن أن تكون منسّقة قبل يوم الانتخابات. كلا المرشحين سيُسعد بالتلويح بإنجاز كهذا، عشية الانتخابات، وسيضمن رئيس الحكومة مكانته لدى المرشحين، بعد النجاح الأخير لإسرائيل في إيران، والذي سيساعدهم كثيراً.
إنها لحظة الحقيقة بالنسبة إلى الحكومة. الآن، سيتضح إذا ما كانت قادرة على تحقيق نتائج دبلوماسية وتصويب سلسلة الأخطاء وإعادة توحيد الشعب من جديد، أساساً عبر قانون التجنيد الموجود أمامها. وسيتضح إذا ما كانت الحكومة تدعم الجيش فعلاً، وليس فقط تحصل على رصيد بسبب عملياته. وذلك من خلال عدم تمرير قانون التهرب من الخدمة الذي يضرّ بشكل خطِر بالمقاتلين الذين يضحّون بأنفسهم، وبحياة عائلاتهم ومسيراتهم المهنية، في الوقت الذي يتهرب آلاف الحريديم من واجبهم. إذا شرّعت الحكومة قانوناً كهذا، فلن يكون لها حق في الوجود يوماً إضافياً واحداً. السؤال هو عمّا إذا كان لدى أيّ من الوزراء شجاعة أخلاقية للوقوف إلى جانب وزير الدفاع ضد هذا القانون المشين.
——————————————–
هآرتس 31/10/2024
مسودة الاتفاق لوقف النار: الجيش الإسرائيلي يمكنه أن يعمل ضد حزب الله داخل لبنان
بقلم: يونتان ليس
مسودة اتفاق وقف اطلاق النار بين اسرائيل ولبنان، التي بلورتها الولايات المتحدة وتم نقلها لاسرائيل في اطار النقاشات حول الخطة النهائية، تشمل تفويض واسع لاسرائيل بالهجوم على طول الحدود داخل اراضي لبنان لاحباط تهديدات حزب الله أو منظمات اخرى. وحسب المسودة فانه في كل حالة تشخص فيها اسرائيل وجود تهديدات عليها في عمق اراضي لبنان، من بينها انتاج السلاح وتخزينه ونقل السلاح الثقيل والصواريخ البالستية أو صواريخ للمدى المتوسط أو البعيد، سيسمح لها بالعمل عسكريا، هذا فقط اذا فشلت الحكومة اللبنانية أو أي جسم رقابة آخر يتم تأسيسه برعاية امريكا في محاولة احباط هذه التهديدات. اضافة الى ذلك جاء في المسودة أن اسرائيل يمكنها الاستمرار في القيام بطلعات جوية عسكرية في سماء لبنان لاهداف استخبارية وتعقب.
الوثيقة الامريكية التي تم نقلها لاسرائيل كجزء من النقاشات حول وقف اطلاق النار وكشف عنها في “كان” تنص على أن الجيش اللبناني سيكون القوة المسلحة الوحيدة، اضافة الى قوة اليونفيل التي سيسمح لها العمل في اراضي لبنان. الجيش اللبناني سيعطى توجيهات بمنع ادخال سلاح أو وسائل قتالية غير مرخصة في المعابر الحدودية وسيعمل على تفكيك مصانع وبنى تحتية لانتاج السلاح والذخيرة التي اقامتها المنظمات المختلفة في لبنان. الوثيقة تتضمن ايضا تصريح امريكي فيه أنه بعد انسحاب قوات الجيش الاسرائيلي من لبنان سيكون لاسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، حسب القانون الدولي، والحفاظ على الامن على طول الحدود في الشمال، بما في ذلك القيام بنشاطات ضد تهديدات على أمن اسرائيل. الاتفاق يحدد منطقة في اراضي لبنان على طول خط الحدود، فيها الولايات المتحدة تعترف بحق اسرائيل في “العمل للدفاع الفوري عن النفس”.
المسودة لا تحدد الموعد الذي سيدخل فيه وقف اطلاق النار الى حيز التنفيذ. ولكن من لحظة الاعلان ستحدد فترة ستين يوم من اجل تطبيق الاتفاق بالكامل. حسب الخطة اسرائيل ستقوم بسحب قواتها من لبنان في فترة لا تتجاوز الاسبوع منذ وقت دخول الاتفاق الى حيز التنفيذ. والجيش اللبناني سينشر قواته على طول حدود الدولة. الولايات المتحدة، اسرائيل ولبنان، سيقومون بانشاء آلية مشتركة للرقابة وتنفيذ الاتفاق، التي ستتأكد من تطبيق بنود الاتفاق، ويمكن لاسرائيل ولبنان ابلاغ الجسم المراقب على أي خرق للاتفاق.
الاتفاق يطالب بتطبيق القرار 1701، الذي ينص على أن “الولايات المتحدة تؤكد دعمها لاسرائيل في تطبيق القرار الذي سيضمن أن حزب الله وقوات مسلحة اخرى لن تستخدم قوتها مجددا أو السلاح والبنى التحتية في جنوب لبنان”. المسودة تنص ايضا على أن اسرائيل والولايات المتحدة ستتشاركان في المعلومات الاستخبارية الحساسة فيما يتعلق بالخروقات أو الاشتباه بخرق الاتفاق من الطرف اللبناني. المعلومات ستنقل الى الحكومة اللبنانية أو جهاز رقابة بديل كي يعمل ضد الخروقات. في المسودة كتب أن الادارة الامريكية ملزمة بالعمل مع اسرائيل وشركاء آخرين ضد جهود ايران لتقويض الاستقرار في لبنان ومنع ايران ووكلاءها من السعي الى تقويض خطة وقف اطلاق النار.
ردا على التقارير حول المسودة قالوا في البيت الابيض “هناك تقارير ومسودات كثيرة يتم تداولها. وهي لا تعكس وضع المفاوضات الحالية”. مبعوثا الرئيس الامريكي، جو بايدن، الى المنطقة، عاموس هوخشتاين وبيرت ماكغيرك، يتوقع أن يصلا اليوم الى اسرائيل في محاولة لاستكمال المحادثات حول وقف اطلاق النار على الحدود الشمالية. مصادر مطلعة على هذه الزيارة اشارت الى أن قدومهما يدل على التقديرات في الادارة الامريكية بأن اسرائيل ولبنان ناضجين لاستكمال الاتصالات. رئيس الحكومة الانتقالية في لبنان، نجيب ميقاتي، قال في مقابلة اجريت معه في قناة “الجديد” اللبنانية بأنه بعد المحادثة مع هوخشتان هو يأمل، مع الحذر المطلوب، التوصل الى وقف لاطلاق النار مع اسرائيل خلال بضع ساعات أو بضعة ايام.
ميقاتي اضاف بأن حزب الله كان يجب عليه أن يقطع الصلة بين غزة وجبهة لبنان، في مرحلة ابكر. وقال ايضا بأن لبنان يضمن تطبيق القرار 1701 بدون أي اضافة، وأن الجيش اللبناني سيصل مباشرة الى الجنوب بشكل تدريجي. وأن الشرط الاول لتطبيق وقف اطلاق النار من ناحية بيروت هو دخول الجيش اللبناني وانتشاره في موازاة انسحاب الجيش الاسرائيلي.
مصدر اسرائيلي رفيع مشارك في النقاشات حول الصفقة قدر بأن طريقة تطبيق الاتفاق بالكامل ما زالت بعيدة. وحسب قول هذا المصدر فانه “مشكوك فيه اذا كان يمكن استكمال النقاشات حتى موعد الانتخابات الامريكية. وحتى اذا تم التوصل الى الاتفاق في الايام القريبة القادمة فانه تطبيقه سيحتاج الى بعض الوقت. وانتشار الجيش اللبناني أو ترتيب تفويض جديد ومهم لقوة دولية ستوضع على طول الحدود ستحتاج الى الاستعداد”.
في اسرائيل يتعاملون مع الاتفاق الآخذ في التبلور كعلامة مهمة على الطريق لاعادة سكان الشمال المخلين الى بيوتهم. “لا أحد سيعود الى بيته اذا لم يعرف بأن هذا الاتفاق يوفر له الامن ويضمن قدرة اسرائيل على التعامل بعدة طرق عندما يتم تقويضه من جديد من قبل حزب الله أو جهات اخرى”، قال نفس المصدر الاسرائيلي.
الادارة الامريكية تواصل في موازاة ذلك الدفع قدما بالجهود الدبلوماسية لوقف اطلاق النار بين اسرائيل وحماس في القطاع واطلاق سراح المخطوفين المحتجزين هناك في يد هذه المنظمة الارهابية. هذه العملية يقودها رئيس الـ سي.آي.ايه وليام بيرنز، الذي يجري محادثات في هذا الشأن مع شخصيات رفيعة في اسرائيل، قطر ومصر، استمرارا للقاء الذي اجراه في بداية الاسبوع مع رئيس الموساد دافيد برنياع ورئيس الحكومة القطرية.
مصدر امريكي يشارك في النقاشات في هذا الشأن قال للصحيفة بأن هناك مسألة رئيسية لم يتم حلها بعد وهي هل أي اتفاق مع لبنان سيكون مقبول على حزب الله طالما أن الحرب في غزة مستمرة، مع التأكيد على نشاطات الجيش الاسرائيلي في شمال القطاع، التي تعرض في العالم كمحاولة اسرائيل نقل بالقوة السكان الفلسطينيين من هذه المنطقة الى جنوب القطاع. هذا المصدر حذر ايضا من أنه رغم التقدم في صياغة مسودة الاتفاق بين اسرائيل ولبنان، إلا أن هناك خطر في أنه بسبب الفشل في التوصل الى وقف لاطلاق النار في غزة فان الاتصالات حول الساحة الشمالية ايضا ستواجه أزمة.
الادارة الامريكية لديها قنوات دبلوماسية موازية للساحتين، وهي لا تربط بينهما بشكل رسمي. في مسودة الاتفاق لوقف اطلاق النار في لبنان لا يوجد أي ذكر مفصل لقطاع غزة، لكن قرار ارسال هوخشتاين لجولة محادثات اخرى مع اسرائيل والحكومة اللبنانية، وفي موازاة ذلك مواصلة المحادثات حول اتفاق على تحرير المخطوفين ووقف الحرب في غزة، يعكس اعتراف غير رسمي بأن العلاقة بين ساحاتي القتال لم يتم قطعها بعد.
اضافة الى ذلك من غير الواضح اذا كان حزب الله رغم الضربات الشديدة التي تكبدها في الاشهر الاخيرة والتأكيد على فقدان معظم مستويات القيادة وجزء كبير من ترسانة صواريخه، سيوافق على طلب اسرائيل، حرية العمل في لبنان ازاء ما تعتبره اسرائيل خروقات للاتفاق. المصدر الامريكي قال إن هذا البند يمكن أن يثير معارضة من قبل حزب الله، إلا اذا تم وضع آلية منظمة لتحديد هذه الخروقات.
——————————————–
هآرتس 31/10/2024
المفاوضات في لبنان تتقدم لكن صفقة المخطوفين لا تزال بعيدة
بقلم: عاموس هرئيلِ
مثلما يحدث في كل شهر أو شهرين فانه مرة اخرى تم اغراق قنوات التلفزيون في الايام الاخيرة بتنبؤات متفائلة جدا حول انعطافة متوقعة في المحادثات حول وقف اطلاق النار في لبنان وفي قطاع غزة. في الخلفية يوجد الأمل بأنباء جيدة أخيرا في قضية المخطوفين. ولكن الواقع مشجع ومفرح أقل.
المبعوثون في الحقيقة يأتون ويذهبون في ارجاء الشرق الاوسط، والادارة الامريكية تبذل جهود أخيرة قبل الانتخابات للرئاسة بعد خمسة ايام، وفي اسرائيل يتم عقد مشاورات دراماتيكية في الليل. ولكن عمليا، رغم الرأي الحاسم لجهاز الامن لصالح عقد اتفاق حول الجبهتين، التي نشر عنها هنا أمس، فانه حتى الآن لا يوجد أي تحرك حقيقي في الاتصالات غير المباشرة مع حماس. في قضية لبنان الاحتمالية تبدو افضل، لكن ما زال مطلوب القيام بعمل كبير. حدوث أي تقدم قبل الانتخابات الامريكية سيكون مفاجئا بشكل ايجابي.
موقف الجيش الاسرائيلي المدعوم في معظمه من قبل اجهزة الامن الاخرى، هو أن هناك حاجة حقيقية لعقد اتفاقات، وأن هناك نضوج متزايد لذلك. اسرائيل حققت معظم انجازاتها العسكرية التي ارادت تحقيقها في لبنان وفي قطاع غزة. والآن يجب عليها استباق ساعات موقوتة – في غزة ازاء الظروف القاسية التي يتم فيها احتجاز المخطوفين منذ 13 شهر ويزداد الخطر على حياتهم. في لبنان سيكون في القريب الشتاء وهو الامر الذي سيصعب القتال. في الجيش الاسرائيلي يحاولون استكمال العمليات الاخيرة – أمس تم تقديم طلبات اخلاء لعشرات آلاف السكان في البلدة الشيعية بعلبك في البقاع اللبناني قبل هجوم جوي ثقيل – لكن في الاساس الجيش يفضل انهاء القتال في القريب، اذا كان يمكن التوصل الى اتفاق.
حزب الله اعلن رسميا عن تعيين الشيخ نعيم قاسم، نائب حسن نصر الله، كأمين عام للحزب. الرسائل التي يرسلها حزب الله للخارج تواصل كونها صلبة وعنيفة. هذا ايضا ما قاله نعيم قاسم في خطابه أمس قبل قطع البث، ربما بسبب هجوم سايبر. عمليا، يقدرون في اسرائيل وفي امريكا بأن ما تبقى من قيادة حزب الله يفضلون العمل على انهاء الحرب ازاء الخسائر والضربات التي تكبدوها.
هذا الامر يعني أنه في سيناريو متفائل فان احتمالية محددة للفصل، للمرة الاولى، بين الساحات – التوصل الى وقف لاطلاق النار في لبنان في حين أن القتال في غزة ما زال مستمرا. ربما يمكن ايضا حدوث مرونة ما في لبنان بخصوص طلبات اسرائيل، انشاء آلية تنفيذ ورقابة وثيقة وناجعة اكثر. هناك وزن ثقيل لموقف ايران، ويبدو أنها تعمل على انهاء الحرب، في الوقت الذي ما زالت تهدد فيه اسرائيل بالرد على هجوم سلاح الجو في 26 تشرين الاول الحالي.
في الولايات المتحدة نشر أن عاموس هوخشتاين، المبعوث الامريكي الذي سيصل اليوم الى المنطقة بهدف استئناف جهود الوساطة، قال إن “ايران بقيت بالفعل عارية”. وتطرق الى نتائج الهجوم الذي شل كل منظومة دفاعاتها الجوية الاستراتيجية. النظام في طهران سيضطر الى الاخذ في الحسبان بأنه مكشوف لرد آخر من قبل اسرائيل؛ امكانية أن استمرار الحرب في لبنان سيستدعي المزيد من الخسائر في اوساط المقاتلين وقدرات حزب الله.
رئيس الحكومة الانتقالية في لبنان نجيب ميقاتي قال إنه يأمل “مع الحذر المطلوب” في أن يتم التوصل الى وقف لاطلاق النار مع اسرائيل في غضون “بضع ساعات أو بضعة ايام”. وحتى الآن فان التوصل الى الاتفاق في الشمال سيكون معقد بسبب العدد الكبير من المسائل التي بقيت مفتوحة، وبسبب الدول والتنظيمات الكثيرة التي تشارك في الحل. في غزة، رغم احياء جهود الوساطة الامريكية والقطرية والمصرية، فان الصورة معقدة اكثر. القرارات في حماس يتم اتخاذها بشكل بطيء، ولكن ليس رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أو شركاءه في الحكومة من اليمين المتطرف يظهرون الاستعجال لعقد الصفقة رغم الخوف على سلامة المخطوفين.
غياب توزيع تحمل العبء
اطالة الحرب والعدد الكبير من خسائر الجيش الاسرائيلي في الشهر الاخير، تظهر لهيئة الاركان الحاجة الى السعي الى انهاء الجبهتين. هذه المشكلات المتواصلة يتم التعبير عنها ايضا في نقاشات صاخبة حول العبء الكبير على جنود الاحتياط وغياب المساواة في تحمل العبء، بالاساس جهود الائتلاف لترتيب تشريع يعمل على شرعنة اعفاء الحريديين من الخدمة في الجيش لاجيال. المشاعر العامة حول ذلك تغيرت. فقد وجد شرخ ظاهر بين الحريديين والمتدينين القوميين، القطاع الذي تكبد في القتال خسائر كثيرة، أكثر من نسبته في عدد السكان.
ضابط رفيع قال للصحيفة بأن “عبء الخدمة بارز في كل مكان. في أي زيارة في لبنان أو في غزة نلتقي مع جنود خدموا 200 – 300 يوم أو اكثر في الاحتياط منذ بداية الحرب”. اقوال الجنود المتدينين وزوجاتهم حول الخطر وتقاسم العبء موجهة الآن بشكل مباشر الى نتنياهو وشركائه في الحزبين القطاعيي، الوزير بتسلئيل سموتريتش والوزير ايتمار بن غفير. وزراء الصهيونية الدينية، الذين مواصلة فترة الحكومة هي أمر حاسم لتحقيق اهدافهم، يواصلون صد الادعاءات بواسطة حرف الانظار، مثل التركيز على أن الجيش الاسرائيلي قام بتسريح، بدون أي حاجة، عشرات آلاف جنود الاحتياط في سن مبكرة. هذا حدث وبحق، ولكن جهود الجيش لاعادتهم الآن تحصل على نجاح جزئي. وفي كل الحالات الارقام لا تقترب من عدد الشباب الحريديين، وهم شباب ومعافين، ولم يخدموا في حياتهم حتى يوم واحد في الجيش أو في الخدمة المدنية.
نتنياهو يخشى على استقرار حكومته. سموتريتش تتم مهاجمته من قبل ناخبيه، وهو يراوح في المكان في الاستطلاع تحت نسبة الحسم، وهو يبكي في جلسات قائمته بسبب العدد الكبير من القتلى في قطاعه. الجيش الاسرائيلي يقلق من مسائل اخرى. فنسبة الامتثال للخدمة في وحدات الاحتياط في لبنان وفي غزة اقل مما يتم الاعلان عنه. وهناك وحدات (بالاساس في قطاع غزة) القادة فيها يحتاجون الى الاعيب مثيرة من اجل تجنيد القوى العاملة المطلوبة. ما يدل على قلق الجيش هو الاستطلاع الذي اجراه قسم علوم السلوك والذي نشر مؤخرا في اوساط رجال الاحتياط. من بين اسئلة الاستطلاع: ما هو حجم الدعم الذي حصلت عليه من عائلتك ومن مكان عملك عندما ذهبت الى الخدمة في الاحتياط؟ هل ستمتثل للخدمة اذا طلب منك ذلك في القريب؟ وكم هو عدد اصدقائك في الوحدة سيصلون هم ايضا في مثل هذه الحالة؟.
في هذه الاثناء يحاولون في الائتلاف ايجاد حلول غير مباشرة لازمة التجنيد، ازاء طلب القوائم الحريدية لتسوية الاعفاء بشكل قانوني. الجيش الاسرائيلي الذي في هذا الشأن لا يعمل بدون توجيهات من وزير الدفاع يوآف غالنت، يتصرف في هذه الاثناء بخطوات محسوبة ومنضبطة جدا. حتى الآن تم اصدار 3 آلاف أمر تجنيد لمجموعة سكانية فيها 60 ألف شاب حريدي في سن التجنيد. فقط بضع عشرات من بين الذين تم استدعاءهم امتثلوا للامر. وتم اصدار 700 أمر اعتقال للرافضين (لكن لا يوجد أي توجيه لتنفيذ هذه الاوامر). بعد ذلك، بدون حل الازمة، استعد الجيش الاسرائيلي لاصدار 5 آلاف أمر تجنيد آخر للحريديين. هذا لا يبدو مسار سيثمر نتائج بسرعة. توجد فجوة كبيرة بين توقعات الجمهور في هذه المسألة وبين الواقع، الذي فيه الحريديون تقريبا لا يتجندون. وكل ذلك في الوقت الذي يقولون فيه في هيئة الاركان بأن هناك حاجة ملحة الى آلاف الجنود.
——————————————–
معاريف 31/10/2024
روليتا أمريكية
بقلم: شلومو شمير
لا يمكن ومحظور الاستخفاف باللقاء – الحديث الذي اجري بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الأمريكي انطوني بلينكن، ولا سيما حين أصبحت طلات بلينكن الى المنطقة ولقاءاته في إسرائيل شبه عادة. لزيارات وزير الخارجية الأمريكي يوجد معنى سياسي. حتى وان لم يكن ملموسا على الفور. ما لم يأخذه بلينكن في الحسبان، بتقديري، في لقائه الأخير مع رئيس الوزراء هو أن نتنياهو يفكر ويصمم خطط المستقبل، لوضع يكون فيه برأيه، دونالد ترامب في البيت الأبيض.
سلوك نتنياهو تجاه الرئيس الأمريكي، جو بايدن في الأشهر الأخيرة والذي تضمن ابداء الاستخفاف والاستهتار كان ولا يزال غير مسبوق في تاريخ العلاقات بين الدولتين. ينبغي الاستماع باهتمام لمحللين قدامى في واشنطن ودبلوماسيين كبار في مركز الأمم المتحدة. في كل حديث معهم تُسمع مع تشديد خاص ملاحظات شجب لما يسمونه “موقف نتنياهو الاستهتاري تجاه الرئيس بايدن”. كما أن يهودا بارزين ومقدرين في الجالية في الولايات المتحدة يشتكون جدا من أن أيا من رؤساء الوزراء الذين تولوا المنصب في إسرائيل لم يتجرأوا على أن يتعاطوا، حسب وصف احدهم بـ “عدم اكتراث” كهذا تجاه الرئيس.
رئيس منظمة يهودية مركزية أضاف في حديث يقول: رئيس الوزراء نتنياهو هو الوحيد من بين رؤساء الدول الغربية الذي يبقي على اتصال مع دونالد ترامب.
مسموح لرئيس الوزراء نتنياهو ان يعطف على مرشح جمهوري للرئاسة ويأمل أن يتولى المنصب في البيت الأبيض رئيس جمهور، وهذا ليس مفاجئا أيضا. ما لا يعيه نتنياهو تماما، ولعله لا يريد ان يعيه، هو ان ترامب اليوم وترامب الكفيل بان يتولى منصب الرئيس ليسا الشخص ذاته الذي يعرفه ويتذكره نتنياهو. اذا كان نتنياهو مقتنعا بان ترامب الرئيس التالي يكون هو ذات “الصديق العظيم”، فهذا ليس فقط وهما واملا عابثا. هو رهان خطير وجسيم. “يبدو لي ان نتنياهو الذي هو رجل حكيم وذكي، لا يتابع وليس معنيا بشخصية مرشح منفلت العقال، عديم كل كوابح، مخيف ومهدد، مثلما يبدو دونالد ترامب حين يكون يتعزز ويتعاظم كل يوم”، قال رئيس منظمة يهودية.
تقدير سائد في أوساط المحللين في واشنطن هو اذا ترامب سيفوز بالفعل في الانتخابات وينتخب كالرئيس التالي، في الأشهر الأولى من ولايته سيكون منشغلا ومركزا على أمر واحد: حملة عقاب ثأر وملاحقة ضد الخصوم، السياسيين والشخصيات العامة الذين هاجموه، سخروا منه وعرضوه كغير مناسب لمنصب الرئيس. “لديه قائمة سوداء، طويلة – طويلة، لرجال ونساء يعتزم التخلص منهم وتصفية مكانتهم”، قال محلل كبير في العاصمة الامريكية. “هو سيكون، كما وعد، دكتاتور ليوم واحد، وهذا اليوم سيستمر لاكثر من 24 ساعة”.
رئيس الوزراء نتنياهو يتجاهل التقديرات السائدة في أوساط المحللين والخبراء المطلعين في واشنطن وفي نيويورك. الرئيس ترامب لن يكون ذاك الذي يأمل به نتنياهو، يتوقعه ويؤمن بان يكون. وإسرائيل ستكون من الدول الأولى، بين أصدقاء الولايات المتحدة التي ستعاني من الولاية الثانية للرجل في البيت الأبيض.
——————————————–
معاريف 31/10/2024
فرصة متعددة الساحات
بقلم: ميخائيل هراري
تركزت السياسة الخارجية الإيرانية في السنوات الاخيرة على تحقيق نفوذ في عدة ساحات في المنطقة كي تكون في ايديها أوراقا عديدة ومحسنة تجاه إسرائيل. المنطق من ناحيتها اعتقد بان التهديد على إسرائيل من عدة ساحات كفيل بان يمنعها عن مهاجمة منشآت النووي. وتتوجت هذه السياسة بنجاح لا بأس به: حزب الله كان رأس الحربة، حماس تبنت “التوجه الإيراني” (وان كان اقل من نظيرها في لبنان)، الحوثيون في اليمن تبينوا كشريك مصداق. هذه السياسة تحققت في 8 أكتوبر، باشكال مختلفة في الجبهات المختلفة. ساحتان اخريتان أدتا دورا اقل مركزية: العراق وسوريا.
في الأسابيع الأخيرة ضربت إسرائيل ضربة ذات مغزى لمعظم الساحات. ليس هذا فقط بل ان الخصمين إسرائيل وايران – انتقلا الى المواجهة المباشرة، آخرها في نهاية الأسبوع الماضي. فما الذي تغير إذن؟
في لبنان: تصفية قيادة حزب الله، والنشاط العسكري البري في جنوب لبنان مسا مساً شديدا في المنظمة. لبنان يحاول استغلال ضعف حزب الله لترتيب الأمور في الداخل، سواء بانتخاب رئيس لا يكون متعلقا بحزب الله ام بالعودة الى صيغة التسويات مع إسرائيل على نمط 1701. في غزة: الضربة لحماس، بما في ذلك للقيادة، قاسية وذات مغزى. الجيش الإسرائيلي بقي في المنطقة، لكن في هذه الاثناء بدون سياسة خروج منها؛ في اليمن: الحوثيون تبينوا كشريك هام من ناحية طهران. فقد نجحوا في ازعاج إسرائيل حتى الضربة الشديدة في ميناء الحديدة، لكن أساس مساهمتهم تتعلق بتشويش النقليات البحرية في بات المندب؛ في العراق: الميليشيات المؤيدة لإيران في الدولة ساهمت بنصيبها بشكل أضاف جبهة لإسرائيل؛ في سوريا: “مفاجأة السنة. نظام الأسد أوضح بانه غير معني بالانضمام الى الاحتفال والمس بمساعيه (الناجحة) في السنوات الأخيرة في تطبيع علاقاته مع الدول العربية، بقدر معين مع الغرب.
صورة الوضع تشكل تحديا لطهران. الضربة الأشد هي لحزب الله، الذي شكل الدرة في التاج في استراتيجية “وحدة الساحات”. تسعى ايران بان تمنع ضربة إضافية لقوته ومن ناحيتها من الأفضل الدخول الى خطوة سياسية تنهي القصة في لبنان.
حماس هي قصة أخرى. التوجه الإيراني الذي تبنته سيخضع للاختبار بعد تصفية السنوار وقسم من القيادة خارج القطاع. تبقى أن نرى كيف ستصمم المنظمة طريقها. الكثير يتعلق بالطريقة التي تختار فيها إسرائيل التعاطي مع الساحة الفلسطينية بعامة.
تحاول ايران جر العراق الى تدخل اعمق، لكنها تصطدم بانعدام الحماسة من جانب الحكم في بغداد. سوريا، كما اسلفنا توضح عدم رغبتها بان تمس بما يراه النظام طريق العودة الى الاجماع الإقليمي.
وماذا من ناحية إسرائيل؟ الضربات العسكرية على حماس وحزب الله غيرت إيجابا صورة الوضع في الساحتين، وفتحت إمكانية لمنحى محسن، اذا ما تمكنت إسرائيل من عمل ذلك. المواجهات المباشرة مع ايران، التي تستند الى دعم امريكي اعادت إحساسا هاما بالثقة بالنفس. الاغراء الذي تقف امامه إسرائيل، وللنزاهة، يقف امامه كل لاعب في ظروف مشابهة، يتعلق بمسألة متى وكيف ينبغي ترجمة النجاح العسكري الى عملة سياسية واستراتيجية. هل ثمة حاجة “لمزيد من الضغط العسكري”، أم يكفي ما تحقق؟ العقل ولاسفنا التاريخ أيضا، يثبتان بان اللاعبين لا يصمدون امام اغراء “خطوة عسكرية اخرى”. امام إسرائيل فرصة لتصميم واقع جديد، محسن، وان لم يكن كامل الاوصاف، في ثلاث ساحات: في لبنان، السعي الى منحى معزز من 1701 وربما أيضا انتخاب رئيس مستقل؛ في غزة، “عناق” الجاهزية الدولية لاعمار القطاع واطلاق مسيرة سياسية تثبت ضعف حماس؛ وفي سوريا، تشجيع الأسد على محاولة تحرره من ايران.
——————————————–
معاريف 31/10/2024
غزة أولا
بقلم: يوسي هدار
افتتاح الدورة الشتوية للكنيست أثبت ما كلنا نعرفه ونشهده كل يوم بان لا جديد تحت الشمس: الجيش الإسرائيلي ينتصر والشعب يضحي باغلى ما لديه والحكومة تمارس السياسة المغرضة والمخادعة. لحكومة الخراب لا توجد رؤيا، ورئيس الوزراء عديم الاستراتيجية، عديم الإقلاع، عديم المبادرة وأساسا عديم القيم والمسؤولية. ولعلنا يمكن ان نرى هذا بشكل مختلف أيضا: لنتنياهو توجد استراتيجية، بكلها وكليلها بقاء في الحكم وبكل ثمن. الطريقة هي التسويف في الزمن قدر الإمكان، اقعد ولا تفعل شيئا، تعزيز مخادع للائتلاف، وبالاساس إطفاء حرائق. ليس هكذا تقاد الدول.
مع افتتاح الدورة هذا الأسبوع، حين يكون كل يوم تقريبا “مسموح بالنشر” الرهيب اكثر من أي شيء آخر وحين يذوي في غزة 101 مفقودا فان الامر الأهم للحكومة كان الدفع قدما بقانون التملص من الخدمة لاجل إرضاء احد المتفرغين السياسيين من بين اكثر السياسيين اعتدادا، غولدكنوف، ورفاقه الحريديم. وعندما فاض الكيل وفي الائتلاف فهموا بانهم لن ينجحوا مرة أخرى بخداع الجمهور جربوا ابتكارا آخر: تمويل التملص من الخدمة من خلال تشريع يقرر بانهم حتى وان كانوا لا يتجندون للجيش، فان الشبان الحريديم سيحصلون على دعم حكومي للحضانات لابنائهم. عار يلاحق عارا. واذا كان لا يكفي هذا، فبموجب تقاليد الانقلاب النظامي يواصلون في الائتلاف الدفع قدما بقوانين كل هدفها هو تصفية الديمقراطية، المس بالحريات الفردية وبحرية التعبير والسعي المتسارع نحو الطغيان. هكذا مثلا قانون مستوى التغطية الإعلامية. فلا تكفي نتنياهو قنوات الدعاية خاصته في التلفزيون وفي الراديو، يسعى الان من خلال رسله لان يجيز قانونا يصادر قياس التغطية الإعلامية وينقله الى الحكومة، ليس أقل. اصبحنا برافدا، وتشبهنا ببوتين.
لنعد الى الاستراتيجية غير الموجودة. الان، بعد تصفية كبير القتلة السنوار وبعد الإنجازات الهائلة للجيش الإسرائيلي في كل الجبهات، لم يعد ممكنا إطالة الحرب في غزة. إسرائيل لا يمكنها أن تسمح لنفسها بحرب طويلة، تتواصل منذ اكثر من سنة. حان الوقت لترجمة الإنجازات العسكرية لاغلاق الساحة الغزية أولا، بما يسمح لاعادة المخطوفين الى الديار أخيرا. على إسرائيل أن تتوصل الى اتفاقات هادئة مع الأمريكيين في أن يواصل الجيش الإسرائيلي العمل في غزة بقدر ما تثور الحاجة الى ذلك، بالضبط مثلما نعمل حيال الإرهاب الفلسطيني في الضفة. ومع ان هذا هو المنطق الاستراتيجي، السليم والقيمي، يبدو أن ثمة من هو معني باطالة الحرب اكثر فأكثر لمصالح شخصية وسياسية. التسوية في غزة أولا، فيما يد إسرائيل هي العليا وان كانت تنطوي على اثمان باهظة مقابل إعادة المخطوفين، لكنها ستحرر الدولة، الجيش والاقتصاد.
بالمقابل، في لبنان علينا أن نصر ونتأكد من أن كل الأراضي جنوبي الليطاني ستجرد تماما من السلاح، مثابة قرار 1701 محسن. اذا لم يستجب حزب الله لمثل هذه التسوية، فان علينا أن نواصل القتال هناك ونشدد فيه من ضرباتنا بلا رحمة. بالنسبة لإيران اذا قررت هذه الا ترد، فسيكون ممكنا اغلاق هذه الدولة، حاليا، لكن نستعد لضربة حاسمة لاحقا، لتصفية النووي الإيراني، بلا تردد. اما اذا اختارت ايران الرد، فيبدو أنه سيتعين علينا أن نبكر بالهجوم على منشآت النفط ومواقع النووي. في كل حال، فان اغلاق الساحة الغزية سيسهل بالتأكيد في هذا الشأن.
غير أن الحكومة تواصل عمل ما تعرف كيف تفعله الأفضل، أقعد ولا تفعل شيئا. كل هذا يحصل في ظل استمرار الانقسام والانشقاق الذي يحدثه المتفرغون والابواق. مؤسف جدا أن نرى ماذا الذي حصل لليكود الفاخر بقيادة مناحم بيغن، الذي باستثناء أفراد قليلين جدا في داخله، تحول الحزب الى قطيع من الامعات البيبية والكهانية. الليكود الذي غير قليل من أعضائه يروجون للفكرة الهاذية للاستيطان في غزة اصبح عمليا عظمة يهودية رقم 2. على خلفية الضعف الهائل والفضائحي للمعارضة، ينبغي الامل ان ينهض أخيرا بضعة أولياء في اليمين لا يمكنهم أن يتحملوا هذا العار اكثر من ذلك وينقذونا من الحكومة الاكثر فظاعة في تاريخ إسرائيل. اذا كانت الدولة محبة للحياة، فان عليها أن تسعى الى انهاء الحرب وان تقيم بعدها في اقرب وقت ممكن لجنة تحقيق رسمية تحقق مع الجميع في القصورات في الجيش واوامر المستوى السياسي.
——————————————–
يديعوت احرونوت 31/10/2024
مسار مباشر لطغيان الاغلبية
بقلم: بن درور يميني
ماذا سيحصل، سألونا في الدرس الأول في القانون الدستوري، اذا قررت الأغلبية سحب حقوق الشكر؟ هل هذا قرار ديمقراطي فقط لان الأغلبية تؤيده؟ هل قرار مشابه، لنفترض في استفتاء شعبي، يصبح ديمقراطيا فقط لان الأغلبية تؤيده؟ التاريخ، كما حاججت محاضري، لا يثبت بان القضاة أفضل من المشرعين. هكذا بحيث أن هذه الذريعة، للفاعلية القضائية الساحقة، كانت جيدة للبروفيسورات وغيرهم من المدرسة التي تحتقر المشرعين وتفضل نقل الحكم الى القضاة.
غير أن الائتلاف الحالي يصر على ان يثبت بانه يقترب، قربا خطيرا، من ذاك الوضع الخطير لطغيان الأغلبية. طغيان كله بكليله مس بحقوق الأقلية. حسب القانون الجديد، سيرفض الترشيح للكنيست حتى لو كان الحديث يدور عن تأييد موضعي، لمرة واحدة، لعملية إرهاب. لنفترض لهذا الغرض ان هذا على ما يرام. فهنا لا يوجد تمييز. حسب هذا المعيار كل مرشح من الجناح اليميني المتطرف من شأنه أن يرفض، بسبب التأييد او ما يفهم كتأييد، لمخربين يهود. فقد سبق ان كنا في هذا الفيلم. النائبة سون هار ميلخ وصفت كـ “ولي قديس” عميرام بن اوليئيل الذي ادين بقتل عائلة دوابشة في العام 2015. يمكنها أن تنفي الف مرة ومرة من أنها كانت تقصد القتل نفسه. لكن ها هنا توجد لنا علة للشطب. كما أن التأييد لمحو حوارة أو اعمال رد ضد العرب هي مثابة علة للشطب. وعليه فقد كان يمكن الادعاء بان كل شيء رائع. يدور الحديث عن قانون متساوٍ. التأييد الموضعي للارهاب – والعقاب الفوري هو الشطب. غير أن هذه ليست القصة. لان مشروع القانون الجديد يوضح بان القرار بشأن الشطب لن يكون قضائيا. سيكون هذا قرارا سياسيا، للجنة الانتخابات المركزية. اليوم أيضا الصلاحيات هي للجنة إياها. غير أن القانون اليوم يسمح للاستئناف. اما مشروع القانون الجديد فلا يسمح بالاستئناف. هيئة قضائية سياسية، توجد فيها اغلبية تلقائية للائتلاف الحالي، او كل ائتلاف في المستقبل هي التي ستتخذ القرار النهائي. الادعاء هو القضاء أيضا.
المعنى هو ان هذا قانون تمييزي. لا يوجد أي احتمال في أن يشطب أي مرشح يهودي، حتى لو كان مؤيدا للارهاب لكن يوجد تخوف من ان كل مرشح عربي سيشطب.
حقيقة أنه يوجد في إسرائيل ائتلاف تعسفي لا تعفي النخبة القضائية من المسؤولية عن مشروع القانون الخطير. لانه نظريا لا حاجة لتشريع إضافي. التشريع الحالي، المادة 7 أ من القانون الأساس الكنيست يحدد علل شطب القوائم والمرشحين: “رفض وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية؛ التحريض على العنصرية؛ التأييد للكفاح المسلح لدولة معادية أو لمنظمة إرهاب ضد دولة إسرائيل”. المشكلة هي ان المرة تلو الأخرى سحقت المحكمة العليا القانون حين أقرت لمرشحين مثل عزمي بشارة، حنين الزعبي، جمال زحالقة، عوفر كسيف وايتمار بن غفير التنافس للكنيست. الفكرة كانت بالطبع هي الحفاظ على الديمقراطية وحرية التعبير. اما عمليا فقد تسببت قرارات المحكمة بالتطرف، سواء للجمهور العربي او للجمهور اليهودي. فماذا يساوي التشريع الصريح جدا اذا كان بمساعدة “التفسير” يعطل، وعمليا يسحق، القانون.
إسرائيل توجد في أيام هي تحت مجهر العالم الديمقراطي والهيئات القضائية الدولية. يوجد هناك الكثير من الازدواجية. توجد معايير مزدوجة. توجد اغلبية تلقائية ضد إسرائيل تقريبا في كل محفل دولي. ولا يزال هذا لا يعني أننا ملزمون بان نثبت للعالم باننا، بكلتي يدينا نمس بالديمقراطية. لا يزال يوجد لإسرائيل اصدقاء. فهل نحن نصر على ان نفقدهم؟
في هذه اللحظة هذا لا يزال مشروع قانون. البحث الذي اجري أمس في الكنيست تحول الى عرض بشع من الصراخ والعويل، ليس فقط بين الائتلاف والمعارضة بل وبين أعضاء الائتلاف أنفسهم. هم سيصبحون هيئة قضائية؟ لم نصل بعد الى وضع تنزع فيه الأغلبية حقوق الشكر. مع الائتلاف الحالي، نحن نقترب من هناك.
——————————————–
هآرتس 31/10/2024
تحذير اسرائيل: التشريع ضد “الاونروا” سيؤثر على الاجراءات في المحكمة في لاهاي
بقلم: امير تيفون
الولايات المتحدة ودول اوروبية رائدة حذرت اسرائيل من أن القوانين التي تمس نشاطات وكالة اغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الاونروا”، التي تمت اجازتها أمس في الكنيست، يمكن أن تزيد احتمالية اصدار قرارات قانونية ضدها في الاجراءات القانونية التي تجري في المحاكم الدولية في لاهاي. ضمن امور اخرى، اسرائيل تم تحذيرها من أن المس بنشاطات الاونروا سيشجع المحكمة الدولية على اصدار حكم بأنها تتبع سياسة التجويع ومنع المساعدات في قطاع غزة.
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو نشر أمس، بعد فترة قصيرة من اجازة هذه القوانين بالقراءة الثالثة في الكنيست، بيان باللغة الانجليزية اعلن فيه بأن المساعدات الانسانية يجب أن تستمر في الوصول الى قطاع غزة (الآن وفي المستقبل ايضا). دبلوماسي غربي كان مشاركا في الحوار في هذا الموضوع قال للصحيفة بأنه حسب تقديره فان بيان نتنياهو هو رد مباشر على التحذيرات التي حصلت عليها اسرائيل قبل المصادقة على القانون بشأن التداعيات القانونية الدولية التي يمكن أن تكون له.
دبلوماسي آخر، حكومته حذرت اسرائيل قبل المصادقة على التشريع من تداعياته، اوضح للصحيفة بأنه “يوجد لاسرائيل التزام بتوفير المساعدات للمدنيين في القطاع”. وحسب قول هذا الدبلوماسي فان “المحاكم الدولية تتابع عن كثب هذا الامر. واذا كان هناك أي انخفاض آخر في حجم المساعدات بسبب ذلك فان المحاكم يمكن أن تستخلص الدروس من ذلك، وبالنسبة لاصدقاء اسرائيل سيكون من الصعب الدفاع عنها.
اسرائيل تتعرض لانتقادات دولية متزايدة في الفترة الاخيرة بسبب حجم المساعدات التي تدخل الى القطاع، لا سيما شمال القطاع، كل ذلك وفي الخلفية تعبر الدول عن قلقها ممن نشاطات الجيش الاسرائيلي في مخيم جباليا في شمال القطاع، وتخشى من أن اسرائيل تحاول نقل بالقوة مئات آلاف الفلسطينيين من المخيم الى جنوب القطاع. في ظل هذا الانتقاد فقد امرت الحكومة الجيش الاسرائيلي بزيادة عدد شاحنات المساعدات التي تدخل كل يوم الى القطاع. ولكن بعض الدبلوماسيين الغربيين الذين تحدثوا مع “هآرتس” مؤخرا قالوا بأنه حتى بعد هذه التعليمات فان كمية المساعدات التي تدخل الى المنطقة لا تكفي لتلبية الاحتياجات الانسانية.
هناك اجراء قضائي ضد اسرائيل في محكمة العدل الدولية، في اعقاب الدعوى التي قدمتها جنوب افريقيا، والتي تم الادعاء فيها بأن اسرائيل تنفذ ابادة جماعية في القطاع. حجم المساعدات المدنية التي دخلت الى القطاع هو أحد المعايير الاساسية التي استخدمتها اسرائيل لصد الادعاءات ضدها في اطار الدعوى. في نفس الوقت محكمة الجنايات الدولية في لاهاي طلب منها اصدار قرار هل توافق على طلب المدعي العام كريم خان اصدار اوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير الدفاع غالنت. ايضا في هذا الاجراء القانوني، موضوع المساعدات الانسانية يوجد في مركز النقاش. خان يعتقد أن نتنياهو وغالنت اتبعا سياسة التجويع المتعمد في غزة، وأن اسرائيل ترفض الادعاء من خلال الاشارة الى حجم المساعدات التي تدخل الى هناك.
خلال ذلك، بعض الحكومات التي تؤيد اسرائيل، من بينها الولايات المتحدة، عبرت بشكل علني في اليوم الاخير ضد القوانين التي تمس بنشاطات الاونروا، وحذرت من أن القوانين الجديدة يمكن أن تدهور بشكل اكبر المواجهة بين اسرائيل والفلسطينيين.
القلق الرئيسي لدى الدول هو أن المس بنشاطات الاونروا سيؤدي الى وضع لن يحصل فيه مئات آلاف الفلسطينيين على خدمات التعليم والرفاه، الامر الذي سيؤدي الى اندلاع موجة عنف جديدة في القدس وفي المناطق، وازمة انسانية كبيرة في القطاع.
الادارة الامريكية حذرت من أنه سيكون لاجازة القوانين “تداعيات من ناحية القانون الامريكي”، ذلك بعد أن ارسلت جهات رفيعة في الادارة قبل اسبوعين رسالة لاسرائيل حذرتها فيها من أنه أذا لم تقم بزيادة المساعدات الانسانية بشكل كبير التي تدخل الى القطاع فان الولايات المتحدة ستضطر الى وقف تزويدها بالسلاح.
الاونروا تلعب دور رئيسي في توزيع الغذاء والمساعدات الانسانية في القطاع، والادارة الامريكية تخشى من أن المس بنشاطات هذه المنظمة سيضر بشكل حقيقي بحجم توزيع المساعدات، وسيلزم الولايات المتحدة بتطبيق التهديد الذي ظهر في الرسالة.
رئيس الحكومة البريطانية نشر أمس بيان جاء فيه أن حكومته تشعر بـ “القلق الكبير” على خلفية تمرير قوانين ضد الاونروا، وتخشى من المس غير المسبوق بخدمات التعليم والصحة التي توفرها الاونروا في الضفة الغربية. اضافة الى ذلك، حذر من أن القوانين تعرض للخطر كل منظومة المساعدات الانسانية للقطاع. واضاف بأن الوضع الانساني في القطاع هو ببساطة “غير مقبول”.
——————————————–
هآرتس 31/10/2024
دولة اسرائيل لن يتم تدميرها، بل ستتغير
بقلم: يوسي كلاين: دولة اسرائيل لن يتم تدميرها، بل ستتغير
نتنياهو هزمنا. نحن نستلقي على ظهورنا. نركل بالأرجل ونسمح له بفعل ما يريد بنا. نحن لا نحبه، لا نثق به ولا نقدره. نحن نعرف أنه يقودنا نحو كارثة، لكننا لا نستطيع مقاومته. الشلل يتملكنا. عقولنا مجمدة. وقوفنا أمامه ثابت مثل المعكرونة التي طهيت اكثر من اللزوم.
نحن نرفض الاعتراف بحالتنا. يسيطر علينا التوق الى الطبيعية. نتجاهل الخطر ونأمل أن يمر من تلقاء ذاته. نحن نحاول ادخال حياتنا غير الطبيعية الى قالب طبيعي. نتحدث عن “ما بعد الحرب” أو “لجنة تحقيق” وكأن ذلك قريب جدا. نحن نقوم ببناء غرفة اسمنتية في شقة ونثق بأن هذا شيء طبيعي، وننهي محادثتنا بـ “ليعد المخطوفون الآن”. نعم، هذا هو القدر الاعلى الذي نحن مستعدون لفعله.
نحن لن نعرض حياتنا للخطر، أو حريتنا، من اجل دولة افضل.
نحن نتعلم الآن فصل في التاريخ باسم “كيف أن الشعوب القوية والمتنورة والكبيرة تخضع لحفنة من الفاسدين، وتوافق على سيادتهم، وحتى تضحي بأبنائها من اجلهم، وخلال ذلك هي تقوم بافعال فظيعة لم يخطر ببالها أن تفعلها تحت قيادة عقلانية. في النهاية يأتي الندم، لكنه دائما يأتي متأخر جدا، ولا يعفي من ندموا من الذنب. الجميع، حتى الممتنعون والصامتون، سيتحملون عواقب ذلك. يمكن فهم العجز. نحن قلائل جدا، ضعفاء جدا ونؤمن بقدرتنا على تدبر امورنا بطريقة معينة أو الهرب في الوقت المناسب. نحن تجاهلنا حقائق كانت ستدفعنا للتحرك لو أننا لم نتجاهل وجودها. الانكار هو ترياق الحياة بالنسبة لنا، هو يمكننا من الاستمرار في العيش. نحن ننكر الجنون الذي يوجد في الحرب التي استمرت اكثر من اللزوم، والتي تدمر الاقتصاد وتفكك المجتمع، والتي كان يمكن منعها.
نحن قمنا بانكار فشل القبضة الحديدية في حل كل المشكلات. نحن تجاهلنا حقيقة أن الجيش الاقوى في الشرق الاوسط لا يتغلب على عصابة من المخربين، لا توجد لديهم دبابات أو طائرات. نحن نسينا وتجاهلنا وعدنا للحلم بقبضة يوجد لها دولة. القوة هي مرة اخرى نظرية. ديانة. ذاكرة 7 اكتوبر تلاشت وتم طمسها. نحن نقول مرة اخرى “أنا قوي، اذا أنا موجود”.
ذات يوم كانت لنا احلام اخرى. امام انظارنا هذه الاحلام تلاشت وتحطمت. نحن تنازلنا عن “الجيش والرتب مقدرة جدا. لكن يجب أن لا تتدخل في شؤون الدولة”، كما قال هرتسل. وتنازلنا عن “حرية اجتماعية وسياسية كاملة لكل المواطنين…”، كما جاء في وثيقة الاستقلال. هل حتى الآن يوجد أي أحد يريد أن يكون “منارة للاغيار”؟. الاحلام رميت في سلة القمامة. تم اتهامها بأنها يسارية وهلامية، اشكنازية جدا. الآن أي حلم هو جزء من حلم آخر. حلم “الدولة اليهودية” هو جزء من حلم “الدولة الديمقراطية”.
لن يتحقق أي حلم. لن يتم اقامة الهيكل هنا. ولن تكون هنا ايضا دولة ديمقراطية.
لن تكون هنا ديمقراطية لأن حراس العتبة هربوا. ولأن جهاز التعليم أدخل الى عقولنا بأن الاحتلال هو ديمقراطية. وأن المراسلين في التلفاز ينظرون الى دورهم كمسؤولين عن المعنويات، ولا يبلغونا بما يحدث في غزة، أو عن عدد القتلى المدهش (777 حتى 30/10). لقد قاموا بخيانتنا. لقد تحولوا من مراسلين الى طاقم للتسلية.
ماذا يجب أن يحدث كي ننتفض.
أنا لا أعرف. لا توجد لدينا أي فكرة لماذا نحن نحارب ولماذا يُقتل الجنود. الى الأبد “سنبقى على حد السيف”، كما وعد نتنياهو. هذا هو حلمه. نحن فهمنا. أي نوع من الاحلام هو الذي يقدس الحرب بدون معرفة الهدف؟ هل من اجل “الردع” المضحك؟ هل من اجل “الكرامة الوطنية” المشكوك فيها؟ الجنود يُقتلون كي يثبتوا للقاعدة بأنه يوجد لبيبي اكثر مما يوجد لبن غفير. في هذه الحرب نحن فقط نخسر. بعدها سيقتل أحدنا الآخر.
الدولة لن يتم تدميرها، بل هي ستتغير. ستقوم هنا دولة يهودية متوسطة بروحية درعي – غفني. الشباب المثقفون سيغادرونها ويهود الشتات سيمولونها. الاطباء سيخرجون من هنا بسرعة لتدبر أمرهم مع السادة. قبل قرن تقريبا كتب ستيفن تسفايغ “بعد 2000 سنة، حرثنا فيها بدمائنا وافكارنا العالم، نحن لا يمكننا العودة وتقييد انفسنا وأن نكون دولة صغيرة في زاوية عربية”.
——————————————–
هآرتس 31/10/2024
حرب اليمين المتطرف الاولى
بقلم: جدعون ليفي
عندما يبكي بتسلئيل سموتريتش يمكن فقط الضحك بشكل مرير. عندما اوريا بن نتان يبكي على قبر شقيقه شوفال ويقوم بتأبينه يجب استدعاء الشرطة من اجل اعتقاله. عندما تستمر حرب وحشية جدا ولانهائية بسبب سموتريتش وبن نتان وامثالهم، فانه لا يمكن مشاركتهم في حزنهم. عندما يصبح الحداد تحريض مريض على المزيد من جرائم الحرب فانه لا يمكن المرور مر الكرام، حتى عندما يدور الحديث عن شقيق فقد الآن شقيقه. الصواب السياسي يجب أن يتوقف هنا، ومعه مقولة “لا يجب لوم شخص في حالة حزن”. حزنهم ليس حزني. وحزنهم ليس حزن جميع الاسرائيليين.
وزير المالية اجهش بالبكاء في هذا الاسبوع في جلسة قائمته في الكنيست على “ابناء حكماء، ابناء توراة ابرار، الذين سقطوا وهم يدافعون عن الدولة”. إن من يدفعون الى مواصلة الحرب وتوسيعها ويمنعون حتى الآن انهاءها بقوة ابتزاز الائتلاف، لا يستحقون المشاركة في حزنهم. سموتريتش يأسف بشكل رئيسي على ثمن الدماء التي دفعتها الصهيونية الدينية في الحرب، وهو ثمن لا يناسب نسبة هذا القطاع في السكان. ولكن لا يمكن تجاهل دور هذا القطاع في اذكاء الحرب واستمرارها المجرم.
هذه حرب قطاع سموتريتش. هذه حرب اليمين المتطرف الاولى. اسرائيل لم تمنع في أي يوم حرب اثر اليمين الكهاني بشكل كبير على سيرها. في الواقع الاغلبية الساحقة من الاسرائيليين أيدوا ويؤيدون الحرب، في الواقع هي لا تدار من قبل شبيبة التلال، في الواقع معظم جرائم الحرب يرتكبها قادة، طيارون وجنود، ممن يؤيدون اليسار الصهيوني والوسط. صحيح ايضا أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، يتحمل بالاساس المسؤولية والذنب عن الحرب. ولكن لم يكن لاسرائيل حرب، كان للمستوطنين ومن يساعدوهم فيها تأثير حاسم على سيرها. لذلك، عندما يبكي شخص رفيع في هذا القطاع فهو لا يثير أي تعاطف أو رحمة في قلب من يعارضون الحرب. بسبب سموتريتش وامثاله يوجد الآن ملايين الاشخاص الذين يبكون بلا توقف، من بيروت وحتى رفح، بما في ذلك في اسرائيل. بسببهم اصبحت اسرائيل دولة منبوذة، التي أي رحمة وانسانية تجاه الآن ليس فقط غريبة عليها، بل هي تعتبر فيها خيانة.
سموتريتش قام بالبكاء على القتلى من قطاعه (ذكر ايضا الآخرين)، برعايته ودعمه وتشجيعه وتمويله ازداد عدد القتلى من امثال شوفال. الجندي شوفال بن نتان قتل في الاسبوع الماضي في لبنان، وهو من سكان مستوطنة رحاليم. جنازته التي كانت في جبل هرتسل، وشارك فيه آلاف الاشخاص، تحولت الى استعراض للتحريض والعنف اللفظي غير المسبوق في اسرائيل. برعاية الحداد والثكل تمت ازالة القناع الاخير. في جبل هرتسل خرج المارد من القمقم، المارد الذي هو عنيف وعنصري ومجرم ويحب المذابح ونازي جديد. السموتريتشيون شجعوا هذا المارد.
“شوفي الحارق” كان لقب بن نتان بسبب عادة له، وهي احراق البيوت من اجل خلق جو. اصدقاؤه تحدثوا عن ذلك في جنازته باعجاب ومحبة. قبل سنة تم اعتقاله بتهمة قتل فلاح فلسطيني، كان يقطف الزيتون ببراءة. بن نتان تم اطلاق سراحه بسرعة، الذي تم بروحية فترة سموتريتش.
هكذا قام شقيقه اوريا بتأبينه: “أنت دخلت الى قطاع غزة من اجل الانتقام بقدر الامكان، كي تقتل النساء والاطفال وكل من تراه، بأكبر قدر ممكن، هذا ما أردته… نحن اعتقدنا أننا سنذبح العدو، سنذبح الجميع، سنطردهم جميعهم من البلاد… وكل شعب اسرائيل سيحظى بالانتقام لك… انتقام دموي وليس انتقام باحراق البيوت أو احراق الاشجار أو احراق السيارات. انتقام لدماء عبيدك التي سفكت”. في لحظة ظهرت الشخصية الحقيقية للمستوطنين العنيفين، الذين في ظل الحرب لا يهيجون فقط في غزة، بل ايضا في الضفة الغربية، مثلما لم يهيجوا في أي يوم، وذلك برعاية من سموتريتش.
من نافل القول تخيل ماذا كان سيحدث لو أن شقيق فلسطيني ثاكل قال اقوال مشابهة على قبر شقيقه. هذا أمر زائد لأن جثة المخرب الفلسطيني، خلافا لجثة المخرب اليهودي، لم تكن لتتم اعادتها الى عائلته.
——————————————–
هآرتس 31/10/2024
تسعى لشرعنة رفض خدمة الحريديم وتغدق عليهم بالامتيازات.. ما أوقح الحكومة!
بقلم: أسرة التحرير
تستوجب الحرب تجنيداً عسكرياً واقتصادياً على حد سواء؛ غير أن القطاع الحريدي لا يرفض التجنيد للجهد الحربي فحسب، بل يعد لنفسه الآن قانوناً يسمح له بالاستمتاع بميزانيات الدولة رغم تملصه من الخدمة في الجيش الإسرائيلي.
مشروع ميزانية الدولة – الذي وزع أمس على وزراء الحكومة وسيكونون مطالبين بالتصويت عليه في جلسة الحكومة هذا المساء – يتضمن تقليصات مالية وارتفاعات في الضرائب بسبب الحرب، هي الأكبر التي يشهدها مواطنو إسرائيل. خدمات الحكومة، بما في ذلك مجال الرفاه والصحة، ستتقلص بمئات ملايين الشواكل وستمس بخدمة المواطن. بالتوازي، سيدفع المواطنون ضرائب أكثر بكثير، وستتآكل بعض المخصصات بحدة. بتعابير واقعية، ستتضرر حتى شرائح تعتمد على المخصصات مثل الشيوخ، المعوقين، الناجين من الكارثة والعائلات الثكلى بما في ذلك عائلات من سقطوا في القتال في السنة الأخيرة، بآلاف الشواكل في السنة.
في ضوء ذلك، لا حدود لوقاحة الحكومة التي تدفع قدماً بالتوازي بالقانون لدعم الحضانات لأبناء طلاب الدين المتملصين من الخدمة العسكرية. القانون، الذي رفعه النائب إسرائيل آيخلر من “يهدوت هتوراة” كمشروع قانون خاص، يستهدف السماح بدعم حكومي لعائلات طلاب الدين الملزمين بالخدمة العسكرية، وكلفته المباشرة على صندوق الدولة أكثر من 200 مليون شيكل. يتضمن القانون تغييراً لاختبار الدعم وفقاً لعمل الأم فقط وليس لعمل الوالدين، ويفترض أن يرفع لإقرار اللجنة الوزارية لشؤون التشريع. وتشترط الكتل الحريدية تأييدها لميزانية الدولة لإقرار القانون.
الدعم الحكومي للحضانات النهارية لعائلات طلاب الدين المتملصين من الخدمة أوقف مع قرار محكمة العدل العليا التي قضت بأن التسوية لعدم تجنيد الحريديم ليست قانونية، ويفترض أن تنتهي في تشرين الثاني. فطلاب الدين الذين لا يستجيبون لأمر التجنيد الذي تلقوه هم مجرمون. رغم هذا، تسعى الحكومة لتمويل عائلات طلاب الدين أولئك بنحو 17 ألف شيكل في السنة لكل طفل في الحضانة.
هذا القانون إذا ما أجيز، لا يضر فقط باستعداد طلاب الدين أولئك للخدمة في الجيش، بل يمس أيضاً بالاقتصاد كونه أحد الحوافز السلبية الأهم لخروج الرجال الحريديم إلى العمل. هذه خطوة مرفوضة في الأيام العادية، فما بالك في زمن الحرب!
بدلاً من ابتكار قوانين مشوهة تخلد التمييز بين الدم والدم، حان الوقت لفرض التجنيد على الجميع بشكل متساوٍ. كل شاب ابن 18 – علمانياً أو دينياً أو حريدياً – يجب أن يتجند للجيش، دون أي مسارات التفافية، خاصة أو منسقة.
هذه خطوة كان من الصواب اتخاذها قبل الحرب، ومنذ 7 أكتوبر أصبحت ضرورية وملحة.
——————انتهت النشرة——————