المسار الاخباري: بين مطرقة الحرب وسندان الحصار، عشرات آلاف المرضى في قطاع غزة ينتظرون الموت بسبب الإغلاق المستمر لمعبر رفح البري، وسط صمت مخزٍ ومناشدة صُمّت عنها الآذان.
وتشير المعطيات الصحية إلى وجود 14 ألف مريض في قطاع غزة بحاجة للعلاج بالخارج في ظل الإغلاق الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على معبر رفح البري منذ شهر مايو/ أيار الماضي، ومنع إدخاله المستلزمات الطبية والأدوية.
بالأرقام..
ومن بين هؤلاء المرضى، 10 آلاف مريض بالسرطان بحاجة لاستكمال علاجهم، منهم 4200 سيدة ونحو 750 طفلاً مصاباً بالسرطان وأمراض خطيرة أخرى، ذلك في الوقت الذي يتم تشخيص نحو 200 حالة مرضية شهرياً بالسرطان.
واستناداً لمعطيات نشرتها وزارة الصحة فإنه حتى نهاية شهر يوليو/ تموز 2024، توفي 436 مريضاً بالأورام، فيما توفي 650 مريض من أصل 1400 مريض بالكلى، بعد عدم تمكنهم من إجراء عمليات الغسيل الكلوي، وعدم تحويلهم للعلاج بالخارج.
ويرقب ما لا يقل عن ألفي مريض بأمراض أخرى ورود أسمائهم ضمن قوائم المرضى المسموح لهم بالسفر إضافةً إلى الآلاف من جرحى العدوان الحربي المستمر، منهم نحو 5 آلاف مصاب يحتاجون لزراعة أطراف علوية أو سفلية.
ومع اندلاع الحرب الإسرائيلية في أكتوبر 2023، منعت قوات الاحتلال آلاف المرضى من السفر عبر معبر بيت حانون “إيرز” للعلاج أو لاستكمال العلاج في مستشفيات الضفة الغربية، بما فيها مدينة القدس، ما تسبب بتدهور أوضاعهم الصحية.
وقد تمكن عدد محدود من المرضى يقدر بـ 4895 مريضاً من السفر عبر معبر رفح وفق آلية كانت تتحكم بها القوات الإسرائيلية قبل سيطرتها عليه وإغلاقه بشكل كلي في شهر مايو من العام الحالي.
وتتبع سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الراهن، آلية سفر عقيمة، حيث سمحت خلال الشهور الخمسة الماضية بسفر 216 مريضاً فقط، رافقهم 318 من ذويهم إلى دول عربية كالإمارات ومصر والأردن، بحسب بيان سابق للمرصد الأورومتوسطي.
ويعتبر هذا العدد ضئيل جداً مقارنة بعدد المرضى ممن هم بحاجة للعلاج في الخارج، ما يعني أن آلاف المرضى والجرحى يفقدون فرص نجاتهم الوحيدة خلال انتظارهم الموافقة البطيئة والمحدودة من قوات الاحتلال.
حالات مرضية..
وظهر ذوي عشرات المرضى في مقابلات مصورة يناشدون بضرورة رفع الحصار عن قطاع غزة وفتح معابره ليتسنى لهم العلاج في الخارج.
فهذه السيدة فاطمة الداعور مريضة سرطان الغدة، وتعاني من غضروف في الظهر والقدم، تقول لـ”وكالة سند للأنباء” إنه كان من المقرر أن تسافر إلى الأردن لتلقي العلاج، لكن إغلاق معبر رفح حال دون ذلك.
أما السيدة عزيزة محمد تعاني من مرض السرطان إذ كانت تحصل على جرعات علاجية مستمرة في القدس قبل بداية الحرب، علماً أنها لم تحصل على أي جرعة علاجية منذ بداية الحرب.
وتطورت حالة “محمد” بسبب عدم حصولها على الجرعات إضافة إلى عدم توفر الغذاء المناسب لها.
تحرك عاجل..
وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في تصريحات سابقة تابعتها ، إن قطاع غزة يسجل يوميا العديد من حالات الوفاة نتيجة الحصار التعسفي الذي تفرضه “إسرائيل” على قطاع غزة، ومنعها المتواصل لإدخال المستلزمات الطبية، بما في ذلك الأجهزة الطبية والأدوية الضرورية، بعد أن دمرت بشكل منهجي وواسع النطاق القطاع الصحي طوال عام من الحرب.
وأكد الأورومتوسطي أن ذلك يستوجب أكثر من أي وقت مضى، التحرك العاجل لرفع الحصار عن قطاع غزة، وإدخال المواد الطبية لإنقاذ حياة المدنيين المرضى والجرحى، وضمان حق السفر للعلاج للأشخاص التي تستدعي حالاتهم الطبية ذلك.
ويتلقى الأورومتوسطي عشرات الشكاوى اليومية من فلسطينيين بحاجة لسفرهم، أو سفر ذويهم لتلقي العلاج خارج قطاع غزة، بسبب عدم توفر العلاج الملائم أو الأدوية والأجهزة الطبية، وخروج غالبية المستشفيات عن الخدمة.
واقعاً كارثياً..
من جانبه، يستنكر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان حرمان آلاف المرضى والجرحى من حقهم في السفر لتلقي العلاج خارج قطاع غزة، مؤكداً أن منع الحالات الحرجة من السفر الفوري تسبب بوفاة المئات منها بصمت مؤلم بعد رحلة عذاب داخل أروقة المرافق الصحية المنهارة.
وخلفت الحرب الإسرائيلية والحصار السابق المفروض على قطاع غزة واقعاً كارثياً وبيئة غير إنسانية تقتل مرضى غزة بلا رحمة، وذلك عن سبق إصرار وترصد؛ تكريساً لسياسة العقاب الجماعي، والتي تعتبر جريمة حرب وفقاً لميثاق، وفقاً للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.