بقلم: يردين بن غال هيرشهورن
المسار الاخباري : الحرب تضر بالاقتصاد. وسيكون من الصعب ايجاد من ينفي هذه الفرضية. من جهة، التكلفة المباشرة في اعقاب الحاجة الى التسلح وايام الاحتياط، من جهة اخرى، التكلفة غير المباشرة في اعقاب فقدان المداخيل من المصالح التجارية التي تنبع من أن اسرائيل توجد في حالة حرب. ولكن هناك تكلفة اقتصادية كبيرة اخرى للحرب وهي سحب القوة البشرية الجيدة والمدربة من الاقتصاد لصالح الجهود الحربية، الامر الذي يمكن أن يؤثر على المدى البعيد – بالاساس انتاج الاقتصاد – حتى بعد صمت المدافع.
للوهلة الاولى، الانشغال بالمس بانتاجية العمل يبدو هامشيا مقارنة مع التحديات التي تواجه اسرائيل في هذه الاثناء. ولكن من اجل فهم معنى هذا الخطر بشكل افضل يمكن التعمق في تمرين قصير والعودة الى الوراء، الى فترة الحرب العالمية الثانية. في حينه الرجال الذين كانوا قوة العمل الاساسية في اوروبا تم سحبهم من الاقتصاد لصالح القتال. مصالح تجارية كاملة بقيت يتيمة، والطريقة الوحيدة لتشغيلها هي ايجاد قوة عمل جديدة اثناء استمرار الحرب. عمليا، السنوات التي اعقبت الحرب العالمية الثانية كانت سنوات نمو غير مسبوق، بالضبط بسبب اندماج كل الاشخاص الجدد في عالم الاعمال.
خلافا للوضع الحالي في اسرائيل، في حينه كان هناك مجموعات سكانية اخرى كان يمكنها تغطية من يخدمون، ودفع الاقتصاد قدما في السنوات التي اعقبت الحرب. قبل الحرب، تشغيل النساء في اوروبا كان ظاهرة هامشية، والحرب عمليا اوجدت ايدي عاملة لم تكن موجودة. في اسرائيل القدرة على دفع الانتاجية قدما في اليوم الذي سيعقب الحرب بسبب دمج مجموعات سكانية جديدة، التي تشغيلها حتى الآن لم يستنفد، هي أمر محدود. فنسبة تشغيل النساء الآن مرتفعة (75 في المئة)، وحتى بالنسبة للدول المتقدمة فان المجموعات السكانية الوحيدة التي توجد في نسبة تشغيل متدنية نسبيا هي النساء العربيات والرجال الحريديين – الذين طريقهم الى التشغيل الكامل هي طريق طويلة ومعقدة.
من الذي سيملأ الفجوة؟
النتيجة هي أن الاقتصاد في اسرائيل، والأمن ايضا، مرهون بالاشخاص الذين يواصلون تحمل العبء.
في هذه الاثناء الجيش يستولي على القوة البشرية في اقتصاد اسرائيل لصالح الجهود الحربية. وهكذا فهو يؤثر على قوة العمل في المستقبل وعلى انتاجية اسرائيل في السنوات القادمة. هاكم خمس طرق لحدوث ذلك.
زيادة ايام خدمة الاحتياط. الطريقة الاساسية والاكثر وضوحا لكل مشغل وعامل هي بالطبع الاحتياط. صحيح أنه حتى الآن، لأن قانون الاحتياط لم يتم تعديله بحيث يزداد عدد ايام التشغيل التي يمكن لكل من يخدم أن ينفذها في السنة، فان الجيش الاسرائيلي يمكنه استدعاء اشخاص في الاحتياط فقط بالأمر 8. حسب التقدير فانه في 2025 ايضا جزء ممن يخدمون في الاحتياط سيتغيبون عن العمل مدة 100 يوم في السنة. التوجه واضح: الوضع الذي فيه العامل الذي يخدم في الاحتياط يتم استدعاءه لتشغيل عملياتي لمدة اسبوعين مرة كل ثلاث سنوات هو أمر بعيد عنا. بسبب استخدام الامر 8 فقد تضررت قدرة العامل والمشغل على تخطيط غيابهم للمدى البعيد، وايجاد من يستبدلونهم في الوقت المناسب وتقليص الاضرار بالمصلحة التجارية، الناتج عن الغياب غير المتوقع للعامل مرة كل بضعة اشهر.
اذا تم تعديل قانون الاحتياط بحيث يتم زيادة ايام التشغيل التي يمكن لكل من يخدم تنفيذها في السنة فربما سيتم وقف استخدام الامر 8، لكن التأثير سيكون متشابه: عشرات آلاف الاشخاص الاساسيين سيتغيبون بشكل مباشر عن سوق العمل لعشرات الايام في السنة.
الغاء الاعفاء و”التطوع” للخدمة. يتبين أن من يخدمون في الاحتياط بشكل ناجع ليسوا الوحيدين الذين يمكن أن يتغيبوا عن سوق العمل في السنوات القريبة القادمة. مؤخرا تسلم عومر (اسم مستعار) (45 سنة)، الذي خدم لسنوات كجندي احتياط في سلاح المدفعية، وهو الآن معفي منذ خمس سنوات، تسلم بلاغ غامض من وحدته – “على ضوء الاهمية العالية لرجال الاحتياط في هذه الفترة، نحن نقوم بفحص التطوع من الاعفاء لافراد الوحدة”.
عومر تفاجأ جدا، بالاساس لأنه لم يتسلم طلب لمثل “هذا التطوع” منذ بداية الحرب. المعنى هو أنه كلما استمرت الحرب فان غياب القوة البشرية والحاجة الى تخفيف العبء عن الذين يخدمون حاليا، فقط تزداد. “هذا الامر آلمني. عندما كانوا يقومون باستدعائي كنت دائما أمتثل. أنا متأكد أن هناك من سيتطوعون، لكن هذه الرسالة غريبة. هي تعني فقط أنهم بحاجة الى المزيد من الاشخاص، وكأنهم يرمون العصا امام الجميع ويفحصون من الذين سيمسك بها”.
في موازاة محاولة “دعوة التطوع” لمن يخدمون في جيل الاعفاء لزيادة عدد القوة البشرية، فان الجيش الاسرائيلي ايضا يقوم بالغاء اعفاء اعطي لرجال احتياط تحت سن الاعفاء. ينيف (اسم مستعار)، خدم في المدرعات وحصل على الاعفاء من الاحتياط قبل الحرب بثلاثة اشهر، ضمن امور اخرى، بسبب اصابة. عمليا، هو لم يخدم في الاحتياط منذ تسرحه من الخدمة النظامية. والآن هو حصل على بلاغ بأنه تم الغاء اعفاءه. “الجيش الاسرائيلي يوجد في حالة حرب منذ بضعة اشهر. بسبب الاحتياجات الامنية ولزيادة دائرة من يخدمون فان السبب الذي من اجله تم اعفاءك لم يعد قائما”.
“خلال الحرب لم يقوموا باستدعائي. الآن حصلت على هذا البلاغ، هذا مضحك”، قال. “اذا لم يكن لديهم ما يكفي من القوة البشرية فمطلوب منهم وقف الحرب”.
بالاجمال الجيش ارسل حتى الآن 15 ألف بلاغ الغاء للاعفاء لرجال في الاحتياط، الذين حصلوا على الاعفاء من الخدمة لاسباب مختلفة وهم في جيل تحت الاربعين، 3 آلاف منهم عادوا للخدمة، 6 آلاف منهم يوجدون قيد الاجراءات. المعنى هو أن هناك اشخاص مندمجين الآن في سوق العمل، في العمر المناسب للوظيفة مرتفعة الاجر، سيغيبون عنها بالفعل.
الكثير من المسرحين يتغيبون عن سوق العمل بالفعل، لكن طريقهم الى سوق العمل في المستقبل ستتغير. هم يعزون انفسهم بأنهم يحصلون على الاقل على مبلغ جيد، ويواصلون النشاطات التي قاموا بفعلها حتى الآن بدون “رميهم في الحياة المدنية والبحث عن الذات”. ولكن من ناحية اخرى، يصعب عليهم التخطيط للمستقبل بسبب التسهيلات، حيث هناك كثيرون سجلوا لدورات اكاديمية، لكن بعضهم طلبوا استعادة الرسوم لأنهم ادركوا بأنه من غير المؤكد أنهم سيتمكنون من انهاء ذلك خلال الاحتياط، مع وجود الحرب في لبنان.