إسرائيلياتالصحافة العبرية

الصحافة العبرية.. الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 الصحافة الاسرائيلية – الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

إسرائيل اليوم 18/11/2024

قادة جهاز الامن مع صفقة بثمن وقف النار

بقلم: شيريت أفيتان كوهن

في إسرائيل يشددون الضغط العسكري في الهجمات على لبنان وينتظرون الرد اللبناني على مسودة اتفاق وقف النار التي اقترحتها الولايات المتحدة. وقال مصدر سياسي لـ “إسرائيل اليوم” ان مقترح الوسيط عاموس هوكشتاين للبنان في الأيام القريبة القادمة سيبشر باختراق لاتفاق وقف النار. في إسرائيل يقدرون بان المبعوث الأمريكي لن يصل الى المنطقة دون استعداد لبناني للتوقيع عليه. 

والى ذلك، عقد رئيس الوزراء أمس اللجنة الوزارية الضيقة للبحث في موضوع الاسرى والمفقودين. وعرض رئيس الموساد دادي برنياع على الوزراء إمكانية جديدة لمنحى لتحرير المخطوفين. 

وقال مصدر إسرائيلي انه يوجد استعداد لمنحى جزئي لصفقة لاعادة جزء من المخطوفين دون التعهد بانهاء الحرب. 

قادة جهاز الامن يدفعون نحو صفقة حتى بثمن انهاء القتال وذلك في ضوء إصرار حماس في كل منحى على وقف نار وانسحاب القوات. بالمقابل، الوزراء ورئيس الوزراء يعارضون بشدة هذا المطلب ويطالبون باستنفاد الإمكانيات لصفقة على مراحل تتيح استمرار القتل حتى القضاء على حماس. 

أكدت مصادر إسرائيلية ان الصيغتين لصفقة المخطوفين اللتين اقترحهما المصريون وقطر رفضتهما حماس. في مداولات الكابنت الأخيرة أعرب رئيس الوزراء عن تشاؤم حول إمكانية منحى آخر الان إذ ان البدائل المحتملين للسنوار يطالبون بانهاء الحرب مقابل أي منحى ويريدون أن يثبتوا بانهم “سنوار أكثر من السنوار”.

وكان المستوى السياسي شريكا في الرغبة المصرية في “صفقة صغيرة” او صفقة على مراحل كما اقترح رئيس المخابرات الجديد في الدولة المجاورة والتي تستهدف إعادة بضعة مخطوفين مقابل أيام هدنة. لكن قيادة حماس رفضت سواء هذا المنحى أم تلك الصيغة التي كانت في القمة الأخيرة في قطر. 

في هذه اللحظة لا توجد أي مفاوضات مع الوسطاء بالنسبة لمنحى بديل. حماس، كما أسلفنا تصر على مطلبها لانهاء الحرب، بينما في إسرائيل يشددون بانه لن تتاح صفقة استسلام. الوزير بتسلئيل سموتريتش عبر عن هذا الموقف في مقابلة في استديو 12: “انا لن اسمح بوقف الحرب حين تكون حماس موجودة وتحكم في قطاع غزة. نحن سننهي الحرب حين تكون حماس مشطوبة، غائبة، مبادة”. 

هذا وكان وزير الدفاع إسرائيل كاتس التقى صباح امس مع رئيس قيادة الاسرى والمخطوفين اللواء احتياط نيتسان الون، اللواء احتياط يوآف مردخاي وغيرهما. وفي ختام اللقاء صد كاتس الادعاءات بقرارات سياسية في موضوع المخطوفين قائلا: “ان إعادة المخطوفين الى الديار هي هدفنا القيمي الأهم. لم تكن ولن تكون ابدا أي اعتبارات سياسية في الموضوع. كل لقاء مع عائلات المخطوفين ومع العاملين في المهمة لاعادتهم تفعمني بمزيد من الدافع – وأنا أتعهد بالعمل مع جهاز الامن في كل سبيل ممكن لاعادتهم الى الديار”.

——————————————–

هآرتس/ ذي ماركر 18/11/2024

الاخطار الاقتصادية غير المباشرة للحرب

بقلم: يردين بن غال هيرشهورن

الحرب تضر بالاقتصاد. وسيكون من الصعب ايجاد من ينفي هذه الفرضية. من جهة، التكلفة المباشرة في اعقاب الحاجة الى التسلح وايام الاحتياط، من جهة اخرى، التكلفة غير المباشرة في اعقاب فقدان المداخيل من المصالح التجارية التي تنبع من أن اسرائيل توجد في حالة حرب. ولكن هناك تكلفة اقتصادية كبيرة اخرى للحرب وهي سحب القوة البشرية الجيدة والمدربة من الاقتصاد لصالح الجهود الحربية، الامر الذي يمكن أن يؤثر على المدى البعيد – بالاساس انتاج الاقتصاد – حتى بعد صمت المدافع.

للوهلة الاولى، الانشغال بالمس بانتاجية العمل يبدو هامشيا مقارنة مع التحديات التي تواجه اسرائيل في هذه الاثناء. ولكن من اجل فهم معنى هذا الخطر بشكل افضل يمكن التعمق في تمرين قصير والعودة الى الوراء، الى فترة الحرب العالمية الثانية. في حينه الرجال الذين كانوا قوة العمل الاساسية في اوروبا تم سحبهم من الاقتصاد لصالح القتال. مصالح تجارية كاملة بقيت يتيمة، والطريقة الوحيدة لتشغيلها هي ايجاد قوة عمل جديدة اثناء استمرار الحرب. عمليا، السنوات التي اعقبت الحرب العالمية الثانية كانت سنوات نمو غير مسبوق، بالضبط بسبب اندماج كل الاشخاص الجدد في عالم الاعمال.

خلافا للوضع الحالي في اسرائيل، في حينه كان هناك مجموعات سكانية اخرى كان يمكنها تغطية من يخدمون، ودفع الاقتصاد قدما في السنوات التي اعقبت الحرب. قبل الحرب، تشغيل النساء في اوروبا كان ظاهرة هامشية، والحرب عمليا اوجدت ايدي عاملة لم تكن موجودة. في اسرائيل القدرة على دفع الانتاجية قدما في اليوم الذي سيعقب الحرب بسبب دمج مجموعات سكانية جديدة، التي تشغيلها حتى الآن لم يستنفد، هي أمر محدود. فنسبة تشغيل النساء الآن مرتفعة (75 في المئة)، وحتى بالنسبة للدول المتقدمة فان المجموعات السكانية الوحيدة التي توجد في نسبة تشغيل متدنية نسبيا هي النساء العربيات والرجال الحريديين – الذين طريقهم الى التشغيل الكامل هي طريق طويلة ومعقدة. 

من الذي سيملأ الفجوة؟

النتيجة هي أن الاقتصاد في اسرائيل، والأمن ايضا، مرهون بالاشخاص الذين يواصلون تحمل العبء. 

في هذه الاثناء الجيش يستولي على القوة البشرية في اقتصاد اسرائيل لصالح الجهود الحربية. وهكذا فهو يؤثر على قوة العمل في المستقبل وعلى انتاجية اسرائيل في السنوات القادمة. هاكم خمس طرق لحدوث ذلك.

زيادة ايام خدمة الاحتياط. الطريقة الاساسية والاكثر وضوحا لكل مشغل وعامل هي بالطبع الاحتياط. صحيح أنه حتى الآن، لأن قانون الاحتياط لم يتم تعديله بحيث يزداد عدد ايام التشغيل التي يمكن لكل من يخدم أن ينفذها في السنة، فان الجيش الاسرائيلي يمكنه استدعاء اشخاص في الاحتياط فقط بالأمر 8. حسب التقدير فانه في 2025 ايضا جزء ممن يخدمون في الاحتياط سيتغيبون عن العمل مدة 100 يوم في السنة. التوجه واضح: الوضع الذي فيه العامل الذي يخدم في الاحتياط يتم استدعاءه لتشغيل عملياتي لمدة اسبوعين مرة كل ثلاث سنوات هو أمر بعيد عنا. بسبب استخدام الامر 8 فقد تضررت قدرة العامل والمشغل على تخطيط غيابهم للمدى البعيد، وايجاد من يستبدلونهم في الوقت المناسب وتقليص الاضرار بالمصلحة التجارية، الناتج عن الغياب غير المتوقع للعامل مرة كل بضعة اشهر.

اذا تم تعديل قانون الاحتياط بحيث يتم زيادة ايام التشغيل التي يمكن لكل من يخدم تنفيذها في السنة فربما سيتم وقف استخدام الامر 8، لكن التأثير سيكون متشابه: عشرات آلاف الاشخاص الاساسيين سيتغيبون بشكل مباشر عن سوق العمل لعشرات الايام في السنة.

الغاء الاعفاء و”التطوع” للخدمة. يتبين أن من يخدمون في الاحتياط بشكل ناجع ليسوا الوحيدين الذين يمكن أن يتغيبوا عن سوق العمل في السنوات القريبة القادمة. مؤخرا تسلم عومر (اسم مستعار) (45 سنة)، الذي خدم لسنوات كجندي احتياط في سلاح المدفعية، وهو الآن معفي منذ خمس سنوات، تسلم بلاغ غامض من وحدته – “على ضوء الاهمية العالية لرجال الاحتياط في هذه الفترة، نحن نقوم بفحص التطوع من الاعفاء لافراد الوحدة”. 

عومر تفاجأ جدا، بالاساس لأنه لم يتسلم طلب لمثل “هذا التطوع” منذ بداية الحرب. المعنى هو أنه كلما استمرت الحرب فان غياب القوة البشرية والحاجة الى تخفيف العبء عن الذين يخدمون حاليا، فقط تزداد. “هذا الامر آلمني. عندما كانوا يقومون باستدعائي كنت دائما أمتثل. أنا متأكد أن هناك من سيتطوعون، لكن هذه الرسالة غريبة. هي تعني فقط أنهم بحاجة الى المزيد من الاشخاص، وكأنهم يرمون العصا امام الجميع ويفحصون من الذين سيمسك بها”.

في موازاة محاولة “دعوة التطوع” لمن يخدمون في جيل الاعفاء لزيادة عدد القوة البشرية، فان الجيش الاسرائيلي ايضا يقوم بالغاء اعفاء اعطي لرجال احتياط تحت سن الاعفاء. ينيف (اسم مستعار)، خدم في المدرعات وحصل على الاعفاء من الاحتياط قبل الحرب بثلاثة اشهر، ضمن امور اخرى، بسبب اصابة. عمليا، هو لم يخدم في الاحتياط منذ تسرحه من الخدمة النظامية. والآن هو حصل على بلاغ بأنه تم الغاء اعفاءه. “الجيش الاسرائيلي يوجد في حالة حرب منذ بضعة اشهر. بسبب الاحتياجات الامنية ولزيادة دائرة من يخدمون فان السبب الذي من اجله تم اعفاءك لم يعد قائما”. 

“خلال الحرب لم يقوموا باستدعائي. الآن حصلت على هذا البلاغ، هذا مضحك”، قال. “اذا لم يكن لديهم ما يكفي من القوة البشرية فمطلوب منهم وقف الحرب”. 

بالاجمال الجيش ارسل حتى الآن 15 ألف بلاغ الغاء للاعفاء لرجال في الاحتياط، الذين حصلوا على الاعفاء من الخدمة لاسباب مختلفة وهم في جيل تحت الاربعين، 3 آلاف منهم عادوا للخدمة، 6 آلاف منهم يوجدون قيد الاجراءات. المعنى هو أن هناك اشخاص مندمجين الآن في سوق العمل، في العمر المناسب للوظيفة مرتفعة الاجر، سيغيبون عنها بالفعل. 

الكثير من المسرحين يتغيبون عن سوق العمل بالفعل، لكن طريقهم الى سوق العمل في المستقبل ستتغير. هم يعزون انفسهم بأنهم يحصلون على الاقل على مبلغ جيد، ويواصلون النشاطات التي قاموا بفعلها حتى الآن بدون “رميهم في الحياة المدنية والبحث عن الذات”. ولكن من ناحية اخرى، يصعب عليهم التخطيط للمستقبل بسبب التسهيلات، حيث هناك كثيرون سجلوا لدورات اكاديمية، لكن بعضهم طلبوا استعادة الرسوم لأنهم ادركوا بأنه من غير المؤكد أنهم سيتمكنون من انهاء ذلك خلال الاحتياط، مع وجود الحرب في لبنان.

——————————————–

هآرتس 18/11/2024

يجب مصادرة المساعدات الانسانية من حماس، لكن بدون حلم الطرد والتجويع

بقلم: داني اورباخ

في التاريخ العسكري توجد امثلة كثيرة على خطط عسكرية ظهرت منطقة على الورق، لكنها فشلت وتلاشت لأنها كانت غير قابلة للتنفيذ من ناحية سياسية. في الحرب بين روسيا واليابان، في الاعوام 1904 – 1905 مثلا، خطط العسكري الروسي اليكسيه كوروبتكن الى جر اليابانيين الى العمق، واطالة خطوط التموين، وبعد ذلك تدميرهم في هجوم مضاد بعد أن يكونوا ضعفاء وجائعين ومتعبين. من ناحية نظرية لم يكن هناك أي شيء يمكن أن ينقذ اليابانيين من هذه الخطة البسيطة والذكية والوحشية. ولكن من ناحية سياسية كانت بيضة لم تفقص بعد ولن تفقص. 

القيصر نيقولا الثاني، الذي كانت له الكلمة الاخيرة، لم يكن يستطيع فهم لماذا دولة عظمى في اوروبا مثل روسيا ستنسحب امام اليابانيين الذين يحتقرهم. وكلما قام كوروبتكن بالانسحاب فقد القيصر الثقة برجله العسكري. في نهاية المطاف كوروبتكن دفع ثمن الانسحاب. فقد تمت اقالته من قبل القيصر قبل استنفاد خطته. هذا العسكري الروسي لم يعرف أنه في شؤون الحرب فان السياسة دائما لها الكلمة الاخيرة. 

هكذا ايضا هي خطة الجنرال (احتياط) غيورا آيلاند، “خطة الجنرالات” – التي تقضي بطرد سكان شمال القطاع وعزل المخربين الذين يوجدون هناك وتجويعهم، مع المواطنين الذين سيقررون البقاء – ظهرت خطة منطقية على طاولة التخطيط، لكنها فعليا خاطئة ومُضرة ومدمرة، لأنه لا توجد لها أي احتمالية سياسية، قانونية أو حتى اخلاقية. الاسوأ من ذلك هو أن تنفيذها بشكل جزئي يمكن أن يجعل اسرائيل تدفع الثمن دون الاستفادة من المزايا.

من ناحية عسكرية يوجد منطق كبير في اقوال ايلاند. فاسرائيل تعاني من النقص في القوة البشرية، وتآكل جهاز الاحتياط وفقدان الجمهور للصبر على مواصلة القتال والتضحية في قطاع غزة. هذا الصبر الذي هو مورد محدود، والاقتحامات المتكررة لنفس الاماكن التي “تم تطهيرها” في السابق، تستنفده. اخلاء المدنيين من منطقة معادية سيمكن اسرائيل من عزل مخربي حماس. وهكذا سيتمكن الجيش الاسرائيلي من السيطرة على نقاط رئيسية دون دفع الثمن، بالاموال وحياة البشر، الذي يحتاجه الدخول المتكرر، ومس حماس بالنقطة المؤلمة جدا لها، فقدان مناطق بشكل دائم. 

ايلاند محق بالاساس في قوله بان اسرائيل، بضغط من المجتمع الدولي، تقوم بتغذية حماس. هذه المنظمة الارهابية تسيطر على المساعدات الانسانية التي تدخلها اسرائيل الى القطاع، وهكذا ترسخ حكمها. وبدلا من تقصير الحرب فان اسرائيل تطيلها من خلال تغذية العدو بالغذاء والوقود، وهكذا تزيد معاناة جميع الاطراف. ايلاند محق ايضا في الادعاء الذي يقول بأن ادخال المساعدات الانسانية يبعد اعادة المخطوفين. يجب التذكر بأن حماس وافقت على الصفقة الاولى التي تم فيها تحرير حوالي نصف المخطوفين، ليس فقط بسبب الضغط العسكري، بل لأنه في ذلك الوقت قامت اسرائيل بخنقها بواسطة الحصار. وعندما بدأت تتدفق المساعدات فان دافعها لعقد صفقة التبادل انخفض.

مثلما في المثال الروسي فانه ليس كل ما هو صحيح من ناحية عسكرية، ايضا هو منطقي من ناحية اخلاقية، قانونية وسياسية. اسرائيل لا يمكنها تجويع آلاف المدنيين الذين لا يمكنهم مغادرة المناطق الخطيرة حتى لو تم تحذيرهم، بالاساس اذا لم يتم توفير بديل آمن لهم. القانون الدولي يسمح في الواقع باخلاء المدنيين بشكل مؤقت من مناطق المواجهة. ولكن طالما أن الخطر موجود، ليس بشكل دائم، وبالتأكيد لا يسمح بالمس بشكل متعمد بالمدنيين الذين بقوا هناك.

اضافة الى كل ذلك خطة ايلاند غير قابلة للتنفيذ من ناحية سياسية. فرغم أن قواعد وزارة الدفاع الامريكية تسمح بحصار منطقة معادية، والادارة الامريكية (الحالية على الاقل) لا تسمح لاسرائيل بالعمل بالمعايير المتساهلة التي تطبقها على نفسها. وحتى لو كانت ادارة ترامب ستسمح بذلك فان اسرائيل لا يمكنها السماح لنفسها باحراق الجسور التي بقيت لها مع اوروبا، مصر، الاردن، اتحاد الامارات والسعودية. 

أنا قمت بالدعوة عدة مرات لمد حدود صبر المجتمع الدولي لتحقيق هدف الحرب الاساسي، القضاء على حماس. ولكن المنع المطلق لادخال المساعدات الانسانية سيؤدي الى فقدان صبر المجتمع الدولي، الامر الذي سيضر بتزويد اسرائيل بالسلاح. التطبيق الجزئي لخطة ايلاند سيكون الخيار الاسوأ. فاسرائيل ستتعرض للانتقاد الدولي وفي نهاية المطاف ستخضع للضغط وستجبر على ادخال المساعدات ولن تنجح في تحقيق هدفها.

مع ذلك، يجب عدم تجاهل المشكلة التي يعرضها ايلاند وهي أن اسرائيل تقوم بتغذية العدو، وهكذا فهي تحافظ على وجود حماس في القطاع كعصابة ضعيفة وفوضوية، اذا لم تكن كدولة حقيقية. هذا الوضع يحتاج من الجيش الاسرائيلي أن يقتحم مرة اخرى المناطق التي قام بتطهيرها، وأن يستثمر الاموال والذخيرة، وبالاساس حياة الناس. الحل الوحيد لذلك هو توجيه المساعدات الانسانية الى المناطق التي توجد تحت سيطرة اسرائيل المطلقة وتوزيعها هناك تحت رقابتها.

يجب على اسرائيل خلق مناطق آمنة في شمال القطاع وفي جنوب القطاع وفي الوسط. هذه المناطق يجب اقامة معسكرات من الخيام فيها، وتزويدها بالغذاء والمياه والدواء، بادارة منظمات دولية ورقابة اسرائيلية. اسرائيل ستستدعي الى هناك المواطنين الغزيين، وهم سيمرون بعملية تصفية من قبل الشباك من اجل العثور على اعضاء حماس واعتقالهم. الجيش الاسرائيلي سيوجه بالتدريج المساعدات الانسانية التي ستدخل القطاع الى هذه المناطق على حساب المناطق التي توجد تحت سيطرة حماس. 

هكذا، ستقوم اسرائيل بواجبها كقوة محتلة، توفير المساعدات الانسانية للسكان ومنع حماس من السيطرة على المجتمع في غزة عن طريق توزيع المساعدات. بالتدريج اسرائيل يمكنها ايضا خلق قاعدة لحكم عسكري مؤقت، الذي سيتم استبداله فيما بعد بسلطة فلسطينية محلية تكون خاضعة لرقابة اسرائيلية أو دولية موثوقة، والبدء برحلة طويلة لتقويض سلطة حماس وراديكالية السكان في غزة. فقط هذا التقويض للراديكالية يمكن أن يكون الاساس للتعايش بين الاسرائيليين والفلسطينيين في المستقبل. والشرط لذلك هو أخذ السيطرة على المساعدات الانسانية من يد حماس بدون الغرق في حلم عبثي، الطرد والتجويع الجماعي.

——————————————–

يديعوت احرونوت 18/11/2024

في الطريق الى كارثة تاريخية

بقلم: عيناب شيف

بعد بضعة أيام من اغداقه الثناء بحنجرة مخنوقة على بطولة سكان نير عوز ومسؤوليته تجاههم في أعقاب زيارة الى المكان، كشف وزير المالية بان كل شيء كان خدعة، مناورة علاقات عامة عليلة وتهكمية: “لن اسمح بصفقة وقف الحرب”، قال أول امس لبن كسبيت وعميت سيغال في برنامج “التقِ الصحافة” (اخبار كيشت)، “ولا اعتقد انه سيكون احد ما من رفاقي في الحكومة وجهاز الامن يسمح بوقف الحرب. نحن سننهي الحرب هذه فيما تكون حماس مشطوبة، غائبة ومبادة”. هذه الاقوال، التي معناها الواضح هو ترك المخطوفين والمخطوفات لنزاع موت طويل ومهين والموت بعده، قالها فيما كان يضع شارة صفراء على طرف ردائه إذ ليس للحرب حدود ويتبين ان لا حدودا للوقاحة أيضا. لكن سموتريتش الذي لا ينفي أن امنيته هي ضم الضفة الغربية و(على الأقل) شمال قطاع غزة، يسمح لنفسه ان يعرف بان معظم الجمهور كف عن أن يهتم بالجبهة الجنوبية الا عندما تأتي اخبار رهيبة عن سقوط جنود. ما يجري هناك هذه الأيام يحصل عليه مستهلكو الالكترونيات في الغالب عبر مرشحات الناطق العسكري والصحافة المجندة. وحتى ما جاء من طفيف عن الواقع الفلسطيني مثلما في التقرير موضع الخلاف (من اليمين ومن اليسار) لـ “اوهاد حامو” في اخبار كيشت عن نفور اللاجئين واللاجئات من حكم حماس، لا يعنى بمسألة هدف القتال في هذه المرحلة، جدواه وبالطبع مسألة التزامه بقواعد واخلاق (عفوا عن التعبير) الحرب. باستثناء جمهور متظاهرين ومتظاهرات غير كبير فان المخطوفين والمخطوفات هم في مكان ما بين ذاكرة غامضة ووجع رأس. 

للكبت، النفي وحتى التوافق مع هذا الواقع توجد أسباب عديدة، بعضها شرعي وموضوعي. هذا بخلاف الوجه البشع واحادي البعد الذي يظهر في المرآة الشوهاء لليسار المتطرف في العالم (وبعضه في البلاد أيضا). لكن تعقيد الحقيقة لا يغير النتيجة التي لا يمكن الاختباء منها: إسرائيل توجد في طريق مؤكد لتحويل الكارثة الكبرى في تاريخها الى كارثة من نوع آخر – أخلاقية، سياسية واقتصادية. الحقائق على الأرض التي يثبتها الجيش الإسرائيلي في شمال القطاع (من خلال شق الطرق، بناء البنى التحتية وطرد السكان)، غياب افق لانهاء الحرب والغموض السلطوي بالنسبة لمستقبل القطاع تشتم كاحتلال وليس من النوع المؤقت. ان تعاظم الخطاب في اليمين عن إقامة مستوطنات، دون أي جهد من جانب رئيس الوزراء للايضاح بانه لن يكون، يعمق فقط الاشتباه بان إسرائيل اقرب لتحقيق إحلال سموتريتش من انهاء كابوس عيناب تسنغاوكر. 

وبينما حتى البابا (بالاجمال الشخصية الأهم على وجه الأرض بالنسبة لطائفة صغيرة من 1.4 مليار نسمة) يدعو الى الفحص فيما اذا كانت إسرائيل تنفذ إبادة جماعية في غزة، فان شاشة الجهل الإسرائيلي، التي تبدأ تشبه ما يحصل في روسيا، ناقص إخفاء معارضي النظام، أصبحت اكثر سمكا وغلاظة: بدون الصور التي تنتشر كالنار في الشبكات الإعلامية الأكبر، بدون رقابة جدية على سلوك الجيش، بدون محاسبة الأفعال التي تطرد إسرائيل من اسرة الشعوب، بترقب أن يدور دونالد ترامب وهو يحمل عصا كبيرة ويسمح لنا بكل شيء. وسواء كان هذا سيحصل ام لا، ستأتي اللحظة التي يضطر فيها جمهور وطني وصهيوني (نعم، صهيوني) لان يصرخ “ليس باسمنا”. هذه اللحظة تقترب بخطوات كبرى. احد لا يمكنه أن يقول “لم اعرف”. 

——————————————–

إسرائيل اليوم 18/11/2024

سوريا: نقطة انعطافة؟

بقلم: د. كفير تشوفا

خبير اقتصادي ومحاضر في الكلية الاكاديمية رمات غان

حين تكون روسيا مشغولة باوكرانيا والنظام السوري مضطرب تكون امام إسرائيل فرصة نادرة لقطع مسار السلاح الإيراني الذي يغذي حزب الله. 

في النزاع المتواصل بين ايران وحزب الله وإسرائيل توجد نقطة ارخميدية تتيح تغييرا جذريا للوضع الراهن وخلق واقع جديد. ففي السنوات الأخيرة نجحت ايران في تثبيت نفوذها على طول في المنطقة كالعراق، سوريا ولبنان فخلقت بذلك “طوق نار” حول إسرائيل. أعداء ايران مثل داعش، السعودية والعراق ضعفوا جدا او أوقفوا صراعهم ضدها مما سمح بتعميق سيطرتها في الشرق الأوسط. نقطة الانعطافة التي ساعدت في التوسع الإيراني كانت سقوط نظام صدام حسين في العراق. 

النظام السُني لصدام شكل فاصلا في وجه تطلعات ايران الشيعية، وبخاصة في ضوء خصومة تاريخية تمتد 1400سنة بين الشيعة والسُنة. صدام قاتل ايران ثماني سنوات، لكن بعد سقوطه فتحت امام ايران فرص جديدة: بدأت تعزز مكانتها في العراق ولاحقا وسعت نفوذها الى سوريا ولبنان أيضا في ظل التعاون مع حزب الله ونظام الأسد. 

الان، حين يكون الروس مشغولين بالمعارك في أوكرانيا، نظام الأسد متعلق بشعرة رفيعة، وإسرائيل التي تكاد توجد وحدها امام التوسع الإيراني يمكنها أن تضرب في اللحظة المناسبة. يحتمل ان يكون اسقاط نظام الأسد بالذات كفيلا بان يسمح لإسرائيل وحلفائها باضعاف سيطرة ايران في المنطقة وتقليص نفوذ حزب الله.

ان ضعف روسيا في الشرق الأوسط بالذات كفيل بان يكون فرصة ذهبية لإسرائيل. مناورة عسكرية إسرائيلية سريعة من هضبة الجولان الى دمشق واسقاط قوات النظام وبواقي الجيش السوري كفيل بان يحقق هذا – وبالتوازي، توريد السلاح والمال الى جماعات الثوار في جنوب سوريا وشمالها كي يقاتلوا القوات الإيرانية المتبقية في سوريا بمن فيهم حزب الله وميليشيات أخرى. 

ان قطع سوريا عن المحور الإيراني سيؤدي الى قطع أنبوب التنفس لحزب الله – مسار التوريد الذي يتضمن السلاح، المقاتلين والبضائع، التي تتدفق من سوريا الى لبنان. اذا تدخلت ايران كي تحمي نفوذها في سوريا في وجه قوات الثوار من شأنها أن تكون مطالبة بان تنقل قوات ومقدرات أخرى الى سوريا ما يقيد قدرتها على العمل بالتوازي ضد إسرائيل في ساحات أخرى. 

ينبغي التخطيط لمثل هذه الخطوة في ظل مراعاة رد فعل تركيا، التي توجد لها مصالح متضاربة في المنطقة: خصومة تاريخية مع روسيا وعدم استعداد لان تكون شريكا كاملا في خطوات إسرائيلية. بالتوازي فان دعما متزايدا لقوات سورية في العراق يمكنه أن يصل من دول الخليج وعلى راسها السعودية كفيل بان يشدد الضغط على ايران. 

ان اسقاط نظام الأسد كفيل أيضا بان يبعث أملا لدى جماعات مقموعة في المنطقة وبخاصة ايران نفسها. اضطراب مدني كفيل بان يضعضع استقرار النظام الإيراني والتصعيب عليه مواصلة تثبيت مكانة نفوذه في الخارج. 

ومع ذلك، يدور الحديث عن خطوة حساسة وذات مخاطر كبيرة تتطلب تخطيطا حريصا، إدارة مخاطر وتعاون وثيق مع حلفاء اقليميين ودوليين. فهل ستنجح إسرائيل حقا في استغلال الفرصة المميزة وتغير ميزان القوى ام ان هذا الرهان سيعقد المنطقة اكثر فأكثر؟ الجواب على ذلك هو ما سيصمم وجه الشرق الأوسط في السنوات القريبة القادمة.

——————————————–

هآرتس 18/11/2024

في الحرب ضد 20% من مواطنيها يمكن للحكومة منذ الان أن تعلن النصر المطلق

بقلم: جاكي خوري

تعريف مصطلح “النصر المطلق” الذي يكثير رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزراء الحكومة من استخدامه اثناء التطرق للحرب في غزة وفي لبنان اصبح تعريف مختلف عليه مع اطالة الحرب، دون معرفة هل ومتى ستحقق الهدف. بالتحديد في مجال آخر تحت مسؤولية الحكومة فان هذا التعريف يمكن أن يكون له معنى واضح اكثر عندما يكون النقاش بالاساس حول من هزم من – هل حكومة اسرائيل حققت النصر المطلق على 20 في المئة من مواطنيها، أو على المجتمع العربي، أو ربما بالتحديد منظمات الجريمة في المجتمع العربي هي التي حققت النصر المطلق على الحكومة.

تسلسل الاحداث في الاسابيع الاخيرة يدل على انهيار المجتمع العربي. في الاسبوع الماضي قتل مدير مدرسة في باقة الغربية في انفجار سيارته عندما كان في الطريق الى المدرسة، في اعقاب نزاع دموي بين عائلتين في المدينة. بعد بضعة ايام رئيس بلدية باقة وجد نفسه امام شخص مسلح هدده في المدرسة التي يديرها المدير الذي قتل. الحادثة نتج عنها احتجاج كبير في المدينة وحتى اضراب ليوم واحد في القرى العربية. ولكن بدلا من ان يغير هذا الاحتجاج جدول الاعمال اليومي فان التصعيد في الجريمة الجنائية قفز الى ابعاد مدهشة.

في نهاية الاسبوع، خلال 48 ساعة، قتل ثمانية اشخاص في عدد من القرى، من الجليل وحتى النقب (يصعب التعهد بأن هذا العدد لم يرتفع حتى وقت نشر هذه السطور). يجب اضافة الى الضحايا عدد من المصابين باصابات بالغة بسبب اطلاق النار وتفجير العبوات، بينهم نساء واطفال. في الوضع المعطى ورغم التصريحات عن برامج وجلسات يعقدها المفتش العام داني ليفي، ومدير مشروع مكافحة العنف في المجتمع العربي، روئي كحلون، فانه في المجتمع العربي لا يوجد أي توقع بأن يتحسن هذا المنحى، بل بالعكس.

“منظمات الجريمة هزمت الحكومة ولم تهزمنا”، قالت المحامية راوية حندقلو، وهي مديرة هيئة الطواريء لمكافحة الجريمة والعنف في اللجنة القطرية لرؤساء السلطات العربية. “الحديث يدور عن فشل وهزيمة، التحدي في المجتمع العربي الآن هو التصرف كمجتمع منظم يمكنه أن يقود نظام، وهذا لم ننجح بعد في بلورته حتى الآن، ولم ننجح في الدفع قدما بخطوات يمكن أن تشير الى منحى تحسن”.

العنف والجريمة المنظمة بالاساس أدت الى عدة محاولات للدفع قدما بنشاطات في اطار لجان المصالحة المحلية، التي تعمل برعاية لجنة المتابعة العليا التي يترأسها الشيخ رائد صلاح. مدقق الحسابات مجدي أبو الحوف، الناشط في لجان المصالحة والمسؤول عن الدعاية، قال إن اللجان تحاول تسوية النزاعات الداخلية. في بعض الحالات يوجد نجاح وفي بعضها يوجد نجاح أقل، هذا يتعلق بدرجة تعقيد النزاع ومستوى ارتباطه بنزاعات اخرى خارج حدود القرية، وما اذا كان قد تجاوز خطوط العائلة أو أن هناك جهة شخصية معينة تبحث عن الانتقام أو تطلب الاموال. “في بعض الحالات اعضاء هذه اللجان يواجهون ايضا التهديد من جهات اجرامية، واحيانا الشرطة تحاول ايضا احباط نشاطاتها بذريعة أن الامر يتعلق بتدخل في نزاع جنائي، وهكذا فان المهمة صعبة جدا ومعقدة، شرح. 

يجب الاعتراف بأن هذه المحاولات حتى لو نجحت في بعض القرى ومنعت القتل المؤكد أو الاضرار بالسكان، إلا أنها حتى الآن لا تنجح في بث الشعور بالأمان الشخصي في اوساط الجمهور العربي، لأن هذا الدور هو دور الدولة وجهاز انفاذ القانون. “لا يوجد بديل ناجع عن الدولة”، قال الدكتور وليد حداد، الخبير في الجريمة والادمان في المجتمع العربي، “في نهاية المطاف من يمكنه توفير الامن ومن يجب عليه مكافحة الجهات الاجرامية هو الدولة. لكن ذلك لا يحدث، بالعكس، الشعور الآن هو أن هناك منطقة حرام تسمى المجتمع العربي، ويد الجريمة المنظمة تصل الى الجميع. يكفي فحص مثلا قضية جمع القمامة من اجل الفهم بأن المجتمع العربي الآن غارق بمعان كثيرة في القذارة والجريمة”.

الجريمة هي فقط مشكلة من المشاكل التي يواجهها المجتمع العربي في السنة الاخيرة، في ظل الحكومة الحالية. بدءا من موجة التشريع التي تقضم ما تبقى في هوامش الديمقراطية من ناحية المواطنين العرب مثل التسهيلات في شطب مرشحين للكنيست وطرد عائلات وتسريع هدم البيوت، كما حدث في الاسبوع الماضي في أم الحين، حيث سرعت الدولة هناك هدم بيوت العرب لصالح اقامة مستوطنة لليهود. في المجلس الاقليمي للقرى غير المعترف بها يحذرون من أن الامر يتعلق بقرية واحدة من بين عشرة قرى سيتم اخلاءها في القريب، وقيادة المجتمع العربي تجد صعوبة في قيادة خطوات مضادة أو حتى احتجاج ناجع في اطار القانون.

المجتمع العربي – الفلسطيني هو مجتمع يتيم مزدود، سواء من ناحية الدولة أو من ناحية قيادته، قال الدكتور نهاد علي، وهو رئيس مجال “عرب – يهود – دولة” في مؤسسة شموئيل نئمان في التخنيون، وهو محاضر في دائرة علم الاجتماع والانثربولوجيا في الكلية الاكاديمية “الجليل الغربي”. وحسب قوله فان المجتمع العربي يرزح تحت عبء زائد في كل المجالات، في الامان الشخصي والامان بشكل عام، سواء بسبب الحرب أو بسبب الجريمة أو بسبب العبء الاقتصادي والاجتماعي. وكل ذلك يؤدي الى عدم الثقة المطلق بمؤسسات الدولة وجهات انفاذ القانون، وعدم الثقة بقيادة الدولة والقيادة المحلية، سواء رؤساء السلطات أو الاحزاب العربية، لذلك نشاهد التفكك بشكل واضح. “المجتمع العربي يتلقى الضرب ولا ينجح في المواجهة. نحن كباحثين نبحث عن نماذج في العالم الذي فيه اقلية، لا سيما اقلية قومية، نجحت في أن تواجه لوحدها الجريمة المنظمة، ولكننا لا نجد”، قال علي واضاف. “للاسف المجتمع العربي مهمل والمؤسسة تستغل ذلك كي يبقى المواطن العربي ينشغل بالامن الشخصي والاقتصادي والاجتماعي ليس أكثر”. 

70 شخص تقريبا قتلوا في مهاجمة مبان في بيت لاهيا

قوات الانقاذ في قطاع غزة نشرت صباح أمس أنه ليس اقل من 70 شخص قتلوا في هجوم استهدف مبان في بيت لاهيا في شمال القطاع. في الجيش الاسرائيلي قالوا إن الهجوم وجه لاهداف ارهابية. وزارة الاعلام التابعة لحماس قالت إنه في هجوم آخر في مخيم البريج ومخيم النصيرات في وسط القطاع قتل 24 شخص.

مدير عام وزارة الصحة في غزة التابعة لحماس، د. منير البرش، قال لوسائل اعلام فلسطينية بأنه في احد المباني التي هوجمت قتل حوالي 50 شخص، وأن تقريبا ثلث القتلى هم من الرضع. وحسب شهود عيان المبنى كان يتكون من خمسة طوابق وقد تم تدميره بالكامل فوق رؤوس سكانه.

حسب اقوال البرش فان عدد من العائلات كانت توجد في هذا المبنى، البعض منها عائلات نازحة انتقلت من مناطق تدمرت بالكامل ووجدت المأوى في المباني القائمة. البرش ادان “الصمت الصارخ للعالم” ودعا الى التدخل الدولي. ” لم يعد ما يحدث في القطاع مهم، حتى في الشمال، حتى لو أن الامر يتعلق بعشرات القتلى والمصابين كل يوم”.

المتحدث بلسان الدفاع المدني في القطاع، محمود باسل، قال إنه حتى الآن هناك الكثير من المفقودين تحت الانقاض والبعض مهم احياء. وقال ايضا بأن الطواقم وجدت صعوبة في الوصول الى مكان الهجوم ومشكوك فيه النجاح في الوصول الى اشخاص عالقين وهم على قيد الحياة بسبب نقص المعدات. وحسب قوله فان صراخ العالقين يسمع من بين الانقاض. في توثيق نشره في الشبكات الاجتماعية شخص من بيت لاهيا ظهر دمار كبير مع وجود قليل فقط لطواقم الانقاذ. شخص آخر قال إن المواطنين العاديين نجحوا في اخراج عدة جثث من بين الانقاض. 

في الجيش الاسرائيلي قالوا إنه “منذ فترة تحدث نشاطات ارهابية في بيت لاهيا. مساء أمس تم تنفيذ عدة هجمات على اهداف ارهابية هناك. ويجب الاشارة الى أنه في الفترة الاخيرة جرت جهود اخلاء للسكان المدنيين من اجل ابعادهم عن مناطق القتال، الى جانب جهود توسيع المنطقة الانسانية في المواصي”. وقد جاء ايضا بأن “وزارة الصحة في غزة تعمل كذراع اعلامي لحماس، كما ثبت في عدة احداث سابقة. وأن الجيش الاسرائيلي يعمل بشكل مركز ويبذل الجهود الكبيرة لتجنب المس بغير المتورطين”.

——————————————–

معاريف 18/11/2024

فخ غزة

بقلم: افرايم غانور

الأيام تمر.  مر أكثر من 13 شهرا على الحرب، 101 مخطوفا لا يزالون يذوون في أنفاق ظلام غزة. قائمة الشهداء والجرحى تواصل الامتداد. وفي الجمهور يتعاظم الإحساس بان ميل هذه الحكومة الهاذية هو دفع الجيش الإسرائيلي الى “الاستيطان” في القطاع، إدارة حكم مدني هناك واعادتنا الى السنوات اللعينة التي حكمنا فيها القطاع وأقمنا فيه مستوطنات بثمن دموي باهظ. 

ان الواقع الحالي في قطاع غزة الخرب هو أن حماس فقدت أكثر من 80 في المئة من قدراتها. اغلبية قادتها وترسانتها من السلاح صفيت على ايدي الجيش الإسرائيلي وهي لا تتصرف كجيش منظم. والقادة الميدانيين الذين نجوا في حماس يحاولون خوض حرب عصابات من خلال تجنيد شبان غزيين بدفع المال لهم في مهمة ستتعاظم كلما واصل الجيش الإسرائيلي البقاء في القطاع. معظم الشعب يتطلع الى وقف القتال والى بعض الهدوء. الحكومة تبث انها مستعدة للسير الى اتفاق مع حزب الله على خروج من لبنان مع إمكانية دخول متجدد في حالة خرق حزب الله للاتفاق. لكن في قطاع غزة، حيث لا توجد أي مشكلة للدخول مرة أخرى في حالة رفعت حماس الرأس الحكومة تعارض اتفاق وقف القتال الذي يعيد مخطوفينا أخيرا. 

مسموح السؤال “لماذا؟. اتفاق كهذا يفترض أيضا تحرير مخربين من السجون في إسرائيل، مما سيهدد بقاء الحكومة بسبب معارضة بن غفير وسموتريتش اللذين لم يكن المخطوفون في أي مرة في رأس اولوياتهما وبالتأكيد ليس مثل استئناف الاستيطان في غوش قطيف. الشتاء بات هنا والمعنى هو ترد إضافي في وضع المخطوفين ممن تمكنوا من النجاة 13 شهرا المنصرمة. كما أن الشتاء هو خطر على صحة مليوني غزة يسكنون في الخيام في ظروف صحية قاسية. وباء يسقط الاف الضحايا بين سكان غزة سيثير ضدنا غضبا هائلا في العالم، الذي يتهم بعضه إسرائيل منذ الان بالابادة الجماعية.

قطاع غزة ليس حماس والجهاد الإسلامي. توجد هناك منظمات جريمة ثقيلة ترتبط ارتباطا وثيقا بالمجرمين البدو في شمال سيناء ممن تعاونوا على مدى السنين وكانوا مسؤولين عن معظم التهريبات الى القطاع من مصر. من هنا فان استمرار تواجد الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة من شأنه ان يصطدم ليس فقط بارهاب حرب العصابات، الذي نرى شراراته منذ اليوم بل وأيضا بارهاب منظمات جريمة ستحاول استغلال هذا الواقع لتعزيز مكانتها داخل القطاع. على خلفية الضائقة الاقتصادية من شأن الامر ان يؤدي الى موجة كبيرة من جرائم الممتلكات في بلدات الغلاف. وهكذا سيضطر الجيش الإسرائيلي للدفاع عن بقائه داخل القطاع المعادي بقوات لا بأس بها بل وان ينصب قوات ذات مغزى حول القطاع كي يحمي بلدات الغلاف. ولم نذكر بعد الملايين التي ستستثمر لاجل توفير العلاج الطبي الاولي، التعليم الاولي، الكهرباء، المياه، النظام الأساس لمليوني غزة في منطقة واسعة معظمها مدمر. فهل أجرى احد ما في الحكومة هذا الحساب؟ 

نشر في “وول ستريت” مؤخرا بانه حسب مسؤولين فلسطينيين كبار، فان حماس وفتح توصلتا الى توافق على إقامة لجنة غير سياسية من التكنوقراط الفلسطينيين ممن لا ينتمون لاي من المنظمات لتدير قطاع غزة وتوزيع المساعدات الإنسانية. هذا هو الحل الأفضل في هذا الواقع. فهو سيسمح للجيش الإسرائيلي بان يدخل الى قلب القطاع في كل لحظة معطاة في كل حالة شذوذ، يعيد المخطوفين والجيش الى الديار. يتيح لنا إعادة تنظيم أنفسنا حول القطاع ويبقي الهاذين مع أحلام العودة الى غوش قطيف في أحلامهم. 

——————————————–

هآرتس 18/11/2024

فرصة لترامب

بقلم: ناحوم برنياع

لو كنت مواطنا أمريكيا لما كنت انتخبت دونالد ترامب. فلا شيء في هذا الرجل، في قيمه، في سيرته، في سلوكه، في تعييناته، يثير الحماسة فيَّ.  كمواطن فخور في دولة واحدة فقط أجدني معفيا من المعضلة، ما يشغل بالي هو التأثير المحتمل لولاية ترامب على مصير دولتي. رغم كل التحفظات فاني اقترح: أعطوا فرصة لترامب. 

قبل كل شيء، لان الامر حسم. فقد انتخب ترامب بأغلبية مبهرة، وجرف وراءه حتى مجلسي النواب. في السنتين القادمتين، وربما أيضا في السنتين ما بعدهما، يمكنه أن يفعل ما يريد. فهو يتحكم بلا جدال بحزبه، وحزبه يتحكم بلا جدال بالسلطة التشريعية. والاغلبية في المحكمة العليا له بفضل التعيينات التي اجراها في عهد ولايته السابقة، وجهاز القضاء ممنوع اللمس به. حرية عمله كبيرة على نحو خاص في السياسة الخارجية، مجال في التقاليد السياسية الامريكية متروك مسبقا في ايدي الرئيس. 

ماذا سيفعل ترامب بالقوة الهائلة التي أعطيت له أحد لا يعرف؛ مشكوك أن يكون هو يعرف. الاف الدبلوماسيين في كل العالم منشغلون في هذه الأيام بكتابة برقيات عاجلة لحكوماتهم تحلل نوايا الرئيس الوافد. والتقديرات مبنية بشكل عام على أربعة اقدام: تعييناته، الأشخاص المقربون من اُذنه؛ الغرائز الأساسية لديه؛ القيم التي له والتي ليست له. 

أقترح على القاريء الا يملي أهمية اكبر مما ينبغي للتعيينات؛ فترامب يرى في الخدمة الخارجية صندوقا صغيرا يدفع منع الديون التي راكمها في حملة الانتخابات. هو ليس الرئيس الأول الذي يتصرف على هذا النحو. مايك هكابي السفير المرشح لإسرائيل هو داعية افنجيلي متزمت. تعيينه يفترض أن يفرح الافنجيليين الذين صوتوا لترامب بجموعهم. ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص الى الشرق الأوسط هو ثري عقارات. في كون ترامب هو مؤيد متحمس ومتبرع. ليس له تجربة سياسية. 

كلاهما سيعانقان بكل القوة إسرائيل وحكومتها. قادة المستوطنين سيغرقانهما بدعواتهم الى السبت. كل هذا سيفرح الكثير من الإسرائيليين، لكن عندما يرغب نتنياهو في ان يفهم ما الذي يريده البيت الأبيض فانه سيبعث الى واشنطن برون ديرمر. 

القدم الثانية هي مقربوه. في هذه اللحظة البارز بينهم هو ايلون ماسك، الرجل الاغنى في العالم. ماسك يرقص كل الطريق الى البيت الأبيض. ليس واضحا ما الذي يفعله برأيه الخاص وما الذي يفعله برأي ترامب وكم من الوقت سيسلم ترامب بالاهتمام الذي يحصل عليه ماسك. قبل بضعة أيام التقى سرا السفير الإيراني. في إسرائيل تحفزوا: ما الذي يعنيه هذا بالنسبة لما سيأتي؟ 

غرائز ترامب قد تكون العنصر الأهم. فهي تجذبه الى الانعزالية، وهي توجد في قلب أمريكا أولا، شعار الحركة التي أقامها. أمريكا أولا – والعالم بعد ذلك. ترامب يتباهى في أنه في اربع سنوات ولايته في البيت الأبيض لم تكن أمريكا مشاركة في الحروب. هو لا يدقق في الحقائق ولكنه يدقق بالنوايا. هو سيفعل افضل ما يستطيع ليمنع مشاركة عسكرية أمريكية في النزاعات في العالم؛ على الرغب من ذلك هو يؤمن انه في اقصى طرف كل نزاع دولي توجد صفقة تنتظره وتنتظره هو فقط، صفقة القرن. حرب لا. صفقة نعم. مشوق ماذا سيكون تأثير هذا الفكر على الحربين اللتين تقلقان في هذه اللحظة العالم – تلك التي في أوكرانيا وهذه التي في الشرق الأوسط. بقوة الإدارة الامريكية ان توقفهما كلتيهما. 

في أوكرانيا كل ما يحتاجه ترامب هو أن يوقف تدفق السلاح والمساعدات. بوتين وهو سيتوصلان الى صفقة تبقي في ايدي روسيا قسما من المناطق التي احتلتها. استفتاءات شعبية مهندسة ستوفر ما يشبه الشرعية لنقل السيادة. هولندا، ليتا، فنلندا ودول أخرى ستعيد النظر في علاقاتها بالغرب، لكن الهدوء سيعود الى وسط أوروبا، لزمن ما على الأقل. 

نتنياهو يتمنى مشاركة أمريكية في هجوم على منشآت النووي في ايران. من بايدن ما كان له احتمال ان يتلقى جوابا إيجابيا. فهل يتلقى جوابا إيجابيا من ترامب الانعزالي؟ مشكوك جدا. معقول اكثر الافتراض بان ترامب سيبدأ في تشديد الضغط الاقتصادي على ايران وعندها يقترح على الإيرانيين صفقة. 

المحطة السابقة نذكرها جميعا: البيت الأبيض برئاسة ترامب حاكى مع نتنياهو وديرمر ما سمي صفقة القرن. الصفقة تضمن ضما لاجزاء من الضفة لإسرائيل. نتنياهو اعلن عن الضم كحقيقة ناجزة وعندها امتشق جارد كوشنير صهر ترامب صفقة بديلة مع الامارات، فاصبح الضم كأنه لم يكن. 

القدم التالية في فهم ترامب هي القيم. منذ قيام دولة إسرائيل يتباهى زعماء في الدولتين بالقيم المشتركة لامريكا وإسرائيل: الديمقراطية، العدالة، سلطة القانون، حقوق الانسان، التراث اليهودي – المسيحي؛ الكتب المقدسة. الواقع في الطرفين لم يؤكد دوما الأسطورة، لكن الأسطورة نجحت. كان حتى رئيس ما، يدعى بايدن، اسمى نفسه صهيونيا وصدق هذا.

كل هذا لا يهم ترامب. فهو لم ينتخب كي يدافع عن أنظمة ديمقراطية أو عن تراث مشترك. العكس هو الصحيح: الزعماء الأقوياء يسحرونه اكثر بكثير من الزعماء الديمقراطيين. ابسط التوصل معهم الى صفقة. عندما قال نتنياهو لكلينتون، أوباما وبايدن انه متأسف توجد له مصاعب في الائتلاف اقتنعوا وتركوه لحاله. اما عندما سيقول هذه الذريعة لترامب فان هذا سيهزأ به. ترامب الجديد، المنتصر الأكبر، يسخر من الزعماء الضعفاء. 

صفقة في لبنان، صفقة في غزة، صفقة في الرياض، صفقة في طهران، لعل هذا ما تحتاجه إسرائيل. ——————————————–

هآرتس 18/11/2024

مدير عام وزارة الصحة في غزة يستصرخ العالم: نباد أمامكم

بقلم: جاكي خوري

“صحة غزة”: الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 4 مجازر ضد عائلات في قطاع غزة وصل منها للمستشفيات 76 شهيدا و158 إصابة خلال 24 ساعة 

فرق  الإنقاذ في قطاع غزة أعلنت صباح أمس عن قتل من 70 شخصاً قتلوا في هجوم استهدف مباني في بيت لاهيا شمالي القطاع. وقال الجيش الإسرائيلي “إن الهجوم وجه لأهداف إرهابية”. وزارة الإعلام التابعة لحماس، أفادت بقتل 24 شخصاً في هجوم آخر استهدف مخيم البريج ومخيم النصيرات وسط القطاع.

مدير عام وزارة الصحة في غزة التابعة لحماس، د. منير البرش، قال لوسائل إعلام فلسطينية إن 50 شخصاً قتلوا في أحد المباني المستهدفة، وأن ثلث القتلى من الرضع. وحسب شهود عيان، كان المبنى يتكون من خمسة طوابق وتم تدميره بالكامل فوق رؤوس سكانه.

حسب أقوال البرش، فإن عدداً من العائلات كانت في هذا المبنى، منها عائلات نازحة انتقلت من مناطق تدمرت بالكامل ووجدت المأوى في المباني القائمة. البرش أدان “صمت العالم” ودعا إلى التدخل الدولي. ” لم يعد ما يحدث في القطاع مهماً، حتى في الشمال، حتى لو تعلق الأمر بعشرات القتلى والمصابين يومياً”.

المتحدث بلسان الدفاع المدني في القطاع، محمود باسل، قال إن هناك الكثير من المفقودين تحت الأنقاض حتى الآن وبعضهم أحياء. وقال أيضاً إن الطواقم وجدت صعوبة في الوصول إلى مكان الهجوم، ونجاح الوصول إلى أشخاص عالقين وهم على قيد الحياة بسبب نقص المعدات بدا أمراً صعباً. وحسب قوله، يسمع من بين الأنقاض صراخ العالقين. في توثيق نشره شخص من بيت لاهيا عبر الشبكات الاجتماعية، ظهر دمار كبير مع وجود قليل فقط لطواقم الإنقاذ. وقال شخص آخر إن المواطنين العاديين نجحوا في إخراج عدة جثث من بين الأنقاض.

قال الجيش الإسرائيلي إنه “منذ فترة، تحدث نشاطات إرهابية في بيت لاهيا. مساء أمس، تم تنفيذ عدة هجمات على أهداف إرهابية هناك. ويجب الإشارة إلى جهود جرت لإخلاء السكان المدنيين من أجل إبعادهم عن مناطق القتال، إلى جانب جهود توسيع المنطقة الإنسانية في المواصي”. وجاء أيضاً بأن “وزارة الصحة في غزة تعمل كذراع إعلامي لحماس، كما ثبت في عدة أحداث سابقة. وأن الجيش الإسرائيلي يعمل بشكل مركز ويبذل جهوداً كبيرة لتجنب المس بغير المتورطين”.

——————————————–

هآرتس 18/11/2024

حكومة نتنياهو تستغل “حادثة المنزل” لإتمام “مسلسل الانقلاب”

بقلم: أسرة التحرير

على مدار السنة الأخيرة، بخطى صغيرة وبهدوء، واصلت الحكومة المضي بالانقلاب النظامي بوسائل أخرى غير التي اتخذت في 2023: العمل على مشاريع قوانين تسكت حرية التعبير؛ إضعاف المحكمة العليا من خلال وقف تعيين القضاة ورئيس المحكمة العليا؛ المس بمكانة المستشار القانوني للحكومة ومستشاري الوزارة الحكومية (أمس أقرت الحكومة مشروع قانون لتحديد ولاية المستشارين القانونيين في الوزارة الحكومية لسبع سنوات)؛ الدفع قدماً بتشريع لشطب مرشحين وقوائم عربية للكنيست؛ محاولات السيطرة على وسائل الإعلام، وعلى رابطة المحامين و ديوان شؤون موظفي الدولة.

السبت قرر وزير العدل يريف لفين، “الركوب بالمجان” على حادثة الألعاب النارية في منزل رئيس الوزراء في قيسارية. الحادثة جديرة بالشجب، لكن الوزير أصر على الربط بين الحدث الذي تحقق فيه الشرطة و”الشاباك”، وبين إعادة خطته للسيطرة على جهاز القضاء. بتهكمية، أعلن لفين بأن الانقلاب مطلوب لوقف أعمال العنف التي ستؤدي إلى اغتيال رئيس الوزراء.

وحسب ادعاءاته غير المسنودة، فإن الشرطة وجهاز القضاء لا تفعل ما يكفي للدفاع عن رئيس الوزراء ضد التهديدات، ولهذا يجب تنفيذ خطته لإعطاء قوة مطلقة للائتلاف، بدون التوازنات والكوابح القائمة في الديمقراطية. هذه ديماغوجيا تهدف إلى إخفاء الهدف الحقيقي من وراء لفين والانقلاب: إزالة أي كابح يقف في وجه الأغلبية الائتلافية للعمل كما تشاء.

هدف لفين وعصبته هو إقالة المستشارة القانونية (التي هي المدعي العام في محاكمة رئيس الوزراء) ومن ثم تقويض سلطة القانون؛ وسن قوانين كما يشاؤون في موضوع عدم تجنيد الحريديم، وتمويل التملص دون رقابة محكمة العدل العليا؛ وتجاهل القانون بشأن شرعية الاستيطان في “المناطق” [الضفة الغربية]؛ وبشكل عام إزالة أي لجام متبق.

في هذه الإطار، بدأ الائتلاف المضي مرة أخرى بمشروع القانون الذي توقف في آذار 2023، في ذروة الاحتجاج الجماهيري الذي هو درة تاج الانقلاب: تحويل لجنة انتخاب القضاة من لجنة مهنية – سياسية إلى لجنة تتحكم بها الأغلبية السياسية تماماً. وحسب المشروع، فإن التعيينين الأولين للمحكمة العليا في ولاية ينتخبهما الائتلاف فقط، دون حاجة لمراعاة موقف أي شخص آخر. وكأنه غير كاف أن يعين الائتلاف رئيس المحكمة الذي يرغب فيه لفين.

مشروع القانون هذا لم يسحب، وهو “على مسافة يوم تصويتات في الكنيست” من الإقرار النهائي من القراءة الثانية والثالثة. إذا واصل الجمهور في إسرائيل الغرق في الحرب والبقاء اليومي ولم يوقف الخطوة، فسيستكمل لفين وشركاؤه في الانقلاب مدماكاً مركزياً فيه، وسيقربون نهاية إسرائيل كديمقراطية ليبرالية.

——————————————–

التهديد الأعظم الذي تواجهه “إسرائيل” الآن هو الحرب الداخلية

على الرغم من التفوق العسكري لـ “إسرائيل” إلا أنّ ذلك لم يؤدِ إلى فوزها بالحرب، وهو غير كافٍ لحسم حرب الاستنزاف الجارية مع محور المقاومة، وإضافة إلى ذلك “إسرائيل” تسير نحو الحرب الداخلية.

موقع “World Politics Review” ينشر مقالاً للكاتب والباحث الإسرائيلي يائير والاش، يتحدث فيه عن الحرب الداخلية التي تسير إليها “إسرائيل”.

على الرغم من التفوق العسكري الإسرائيلي الذي أثبتته “إسرائيل” في حربها على غزّة ولبنان، فإنّها لم تفز بالحرب. وكما لم تمنع الميزة العسكرية الإسرائيلية الضربة الهائلة التي تلقتها في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، فإنها أيضاً غير كافية لحسم حرب الاستنزاف الجارية بين إسرائيل و”محور المقاومة” في لبنان واليمن والعراق وإيران.

وتستمر الهجمات اليومية بالصواريخ والقذائف في إحداث الضرر، وقتل الجنود والمدنيين الإسرائيليين، وتعطيل الاقتصاد الإسرائيلي بشدة. وحتى إذا تم التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة وجنوبي لبنان قريباً، فمن غير المرجح أن يعيد الاستقرار النسبي، الذي تمتعت به “إسرائيل” بين عامي 2006 و2023.

منذ عام 2009، وفي ظل حكم نتنياهو في الغالب، رفضت “إسرائيل” المفاوضات ذات المغزى نحو إقامة دولة فلسطينية، وبدلاً من ذلك، سعت لـ”إدارة” الصراع في مواجهة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وحماس في غزة. ولفترة طويلة، بدا أنّ هذا النهج يعمل. لم تؤثر عمليات التصعيد العسكريةالتي قتلت الآلاف من الفلسطينيين في عامي 2014 و2021 بشكل كبير في الإسرائيليين. وكان اقتصاد “إسرائيل” مزدهراً طوال معظم هذه الفترة، التي أقيمت خلالها علاقات تطبيع مع عدد من الدول العربية الرئيسة. وبدا أنّ “إسرائيل” قادرة على إبقاء الفلسطينيين تحت الاحتلال والحصار إلى أجَل غير مسمى، بينما يتمتع الإسرائيليون بالأمن والازدهار.

لكن هذا الوهم انتهى في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. فمنذ هجوم حماس، انغمست “إسرائيل” في حرب بلا نهاية واضحة في الأفق، وتواجه عزلة دولية متزايدة وضغوطاً اقتصادية غير مسبوقة.

ومع ذلك، فإنّ التحدي الوجودي الحقيقي الذي تواجهه “إسرائيل” يكمن في الداخل. كانت الشقوق العميقة داخل المجتمع الإسرائيلي واضحة بالفعل قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر. والواقع أنّ التوترات القائمة منذ فترة طويلة اشتعلت على مدار السنوات السابقة وتحولت إلى أزمة حقيقية. وفي عام 2021، انتشر مقطع كوميدي، من برنامج ساخر شهير في التلفزيون الإسرائيلي، يدعو إلى حرب أهلية “لترتيب الأمور” أخيراً، وهو ما يعكس الشعور المتزايد بأنّ المواجهة العنيفة داخل المجتمع الإسرائيلي اليهودي لم تعد غير واردة. وتم تحديد خطوط الصدع هذه حول زعيم شعبوي مثير للجدل: رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

في عام 2022، وبعد الانتخابات الخامسة التي شهدتها إسرائيل في أقل من أربعة أعوام، نجح نتنياهو أخيراً في تأمين أغلبية قوية وشكل الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل. وسرعان ما أطلق تعديلاً قضائياً واسع النطاق، وصف بأنه “إصلاح” قضائي ــ كان من شأنه أن ينزع سلاح القضاء الإسرائيلي فعلياً كونه فرعاً مستقلاً من السلطة. وقوبل هذا “الانقلاب القضائي” بمقاومة غير مسبوقة فاجأت حتى منظميه. وتدفق مئات الآلاف من المحتجين إلى الشوارع كل عطلة نهاية أسبوع لشهور متتالية. وهدد آلاف الضباط في الوحدات العسكرية النخبوية، بمن في ذلك طيارو القوات الجوية، بالانسحاب من الخدمة الاحتياطية العسكرية، التي من المتوقع أن يقوم بها الضباط الإسرائيليون الذين خدموا في الجيش حتى سن 45 عاما.

وكانت الاحتجاجات بقيادة الطبقة الوسطى اليهودية الإسرائيلية المتعلمة والعلمانية إلى حد كبير، والتي عادة ما تحدد هويتها على أنّها وسطية سياسية. لقد وقفوا ضد الكتل الأساسية في حكومة نتنياهو الائتلافية: الليكود وحلفائه من القوميين اليمينيين المتطرفين، والمستوطنين المتدينين واليهود المتشددين، المعروفين باسم الحريديم، والذين يكنّون جميعاً استياءً عميقاً ضد “النخب الليبرالية” في “إسرائيل”.

وعلى الرغم من نجاح الاحتجاجات في البداية في عرقلة التغييرات الدستورية اللازمة للدفع بإصلاح القضاء، فإن حكومة نتنياهو لم تتخلَّ عن أجندتها. ولم يؤد الفشل العسكري المدمر في السابع من أكتوبر إلى انهيار الحكومة، كما افترض الكثيرون. وعلى العكس من ذلك، بعد الصدمة الأولية، عاد ائتلاف نتنياهو بقوة أكبر في عام 2024. وحافظ على مستوى مفاجئ من التماسك، بحيث اجتمعت عناصره المتعددة – القوميون المتطرفون والمستوطنون المتدينون والحريديم – حول برنامج سياسي قائم على الاستبداد والتفوق اليهودي وتوسيع المستوطنات.

وعزز وزير الأمن القومي إيتامار بن غفير – الذي خرج من حركة كاهانا اليهودية اليمينية المتطرفة – قبضته على الشرطة وحولها إلى أداة سياسية لإسكات المعارضة. وأطلقت الحكومة الآن حملة تشريعية بقوانين جديدة تهدد بطرد “المتعاطفين مع الإرهاب” وحرمانهم من حق التصويت وترحيلهم، وهو مصطلح يستهدف في المقام الأول المواطنين الفلسطينيين في “إسرائيل”، على الرغم من أنه يمكن توسيعه ليشمل اليساريين اليهود الإسرائيليين.

في البداية، حظيت الحرب في غزة بدعم شبه شامل بين الجمهور الإسرائيلي اليهودي. ولم يكن هناك أي معارضة تقريباً رداً على الدمار الذي لحق بغزة وسكانها المدنيين. لكن، في الوقت نفسه، ظلت حكومة نتنياهو غير شعبية على نطاق واسع. لقد أظهرت استطلاعات الرأي باستمرار أن معظم الإسرائيليين، أي 60% على الأقل في الشهر الماضي، لا يثقون بنتنياهو، الذي يحملونه المسؤولية عن هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر وفشله في تأمين إطلاق سراح الأسرى الذين لا يزالون محتجزين لدى حماس في غزة. وإذا دُعي إلى إجراء انتخابات مبكرة، فإنّ أحزاب الائتلاف لن تحقق الأغلبية.

ومع ذلك، لم تتمكن المعارضة من ترجمة هذا الغضب العام والألم إلى حملة فعالة من شأنها أن تجبر الحكومة على الرحيل.

وبين بعض الوسطيين، هناك إدراك متزايد، مفاده أن من المستحيل فصل الاستبداد المتزايد للحكومة عن أجندة اليمين المعادية للفلسطينيين، والتي تشمل عنف المستوطنين وضم الضفة الغربية، وخطط إبدال السكان الفلسطينيين النازحين في غزة بالمستوطنات الإسرائيلية اليهودية.

ولعل أقرب ما وصلت إليه البلاد من حرب أهلية كان في تموز/يوليو 2024، عندما اقتحم حشد مسلح قاعدتين عسكريتين إسرائيليتين في محاولة للإفراج عن جنود يشتبه في اعتدائهم جنسياً على سجناء فلسطينيين محتجزين هناك. وكانت الشرطة غائبة بشكل ملحوظ في وقت الحادث، وهو ما يؤكد انعدام الثقة العميق بين جهاز الأمن الداخلي في البلاد، والذي لا يزال في يدي مؤسسة الأمن القومي والشرطة تحت سيطرة بن غفير.

ولعل القضية الأكثر تفجراً بالنسبة لائتلاف حكومة نتنياهو هي إعفاء الحريديم من التجنيد العسكري. ولطالما كان العدد الكبير من الرجال الحريديم المعفيين من الخدمة العسكرية سبباً للاستياء بين مجموعات أخرى من الإسرائيليين اليهود. لكن، بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر، أصبح هذا الأمر مصدر قلق مُلحّاَ، بحيث يكافح “الجيش” الإسرائيلي للعثور على الموارد البشرية التي يحتاج إليها الآن في العمليات في غزة والضفة الغربية ولبنان.

ووفقا لصحيفة “هآرتس”، خدم ثلث جنود الاحتياط أكثر من 150 يوماً من الخدمة الفعلية منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر. ويفرض غيابهم أشهراً طويلة ضغوطاً هائلة على أسرهم وعلى أعمالهم وأعمال أصحاب العمل. وحتى عندما تنتهي الحرب، ستستمر “إسرائيل” في طلب جيش نظامي أكبر كثيراً مما كان عليه في السادس من تشرين الأول/أكتوبر 2023. وفي مثل هذه البيئة، فإنّ استمرار إعفاء الحريديم، والإعانات الحكومية التي يتلقونها، يثير غضباً متزايداً.

لقد أحبطت المحكمة العليا والمدعي العام حتى الآن محاولات نتنياهو استرضاء الحريديم والتوصل إلى “حل وسط” يترك الأمور كما هي، فضلاً عن المعارضة الداخلية داخل الائتلاف. وتظل هذه القضية هي القضية الرئيسة التي قد تؤدي إلى انهيار الحكومة.

لكن، إذا تساوت كل العوامل الأخرى، فإنّ الكتل المتعددة في الائتلاف ليس لديها أي مصلحة في إجراء انتخابات مبكرة أو في إنهاء الحرب. وبينما يشتعل القتال وتتساقط الصواريخ، وجدت الحكومة أن من السهل نسبياً درء الغضب العام. ومن المتوقع على نطاق واسع أن يتغير هذا عندما يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار. ومع ذلك، حتى مع تدمير غزة وإضعاف حماس بشدة، قاوم نتنياهو الضغوط من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لإنهاء الحرب. وأعلن الرئيس المنتخب دونالد ترامب عدة مرات رغبته في رؤية نهاية الحرب، لكن من غير الواضح ما إذا كان هذا سيترجَم ضغوطاً أكبر على إسرائيل عندما يتولى منصبه في كانون الثاني/يناير 2025.

وحتى مع إظهار “إسرائيل” تفوّقها العسكري ضد أعدائها المسلّحين في مختلف أنحاء المنطقة، فإنّها تواصل تنمية تهديد وجودي أعظم داخلها.

——————انتهت النشرة——————